المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌113 - باب ترك رد السلام عند قضاء الحاجة - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌109 - بَابُ صِيَانَةِ الْيَمِينِ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ عند البول والاستنجاء

- ‌110 - بَابُ ما رُوِي في النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ: (أَهْرَقْتُ الْمَاءَ) بَدَلَ (أَبُولُ)

- ‌111 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌112 - بَابُ ما رُوِي في الرخصة في ذلك للنساءِ

- ‌113 - بَابُ ترك رَدِّ السَّلَامِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌114 - باب التبوأ للبول

- ‌115 - بَابُ التَّوَقِّي مِنَ الْبَوْلِ

- ‌116 - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ

- ‌117 - باب ما جاء أَنَّ أكثر عذاب القبر من البول

- ‌118 - ما رُوِي أَنَّ الْبَوْلَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ فِي الْقَبْرِ

- ‌119 - ما رُوِي في ضم سعد بن معاذ في قبره من أثر البول

- ‌120 - الاستبراء من الْبَوْلِ

- ‌121 - بَابُ الْوَتْرِ فِي الِاسْتِجْمَارِ

- ‌122 - بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

- ‌123 - بَابُ ما رُوِي في كَيْفِيَّةِ الِاسْتِجْمَارِ

- ‌124 - بَابُ ما رُوِي في الِاسْتِنْجَاءِ بِالتُّرَابِ والأعواد والنواة ونحوها

- ‌125 - باب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ

- ‌126 - بَابُ وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلاءِ

- ‌127 - بَابُ مَا رُوِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}

- ‌128 - باب ما رُوِي في اتباعهم الحجارة الماءَ

- ‌129 - باب ما رُوِي في الاستنجاء بالماء ثلاثا

- ‌130 - بَابُ ما رُوِي أنَّ إِنْقَاء الدُّبُرِ يَذْهَبُ بِالْبَاسُورِ

- ‌131 - باب ما رُوِي في أَنَّ الاستنجاء بالماء أطهر منه بالحجارة

- ‌132 - باب: ما رُوِي في الاستنجاء من الريح

- ‌133 - بَابُ مَا لَا يُسْتَنْجَى بِهِ

- ‌134 - بَاب: ما رُوِي أنَّ الرَّوْثَ وَالْعَظْمَ لَا يُطَهِّرَانِ

- ‌135 - بَابُ تَنْظِيفِ الْيَدَيْنِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌136 - بَابُ مَنْ بَالَ، وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

الفصل: ‌113 - باب ترك رد السلام عند قضاء الحاجة

‌113 - بَابُ ترك رَدِّ السَّلَامِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

723 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلًا مَرَّ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبُولُ، فَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ [السَّلَامَ]» .

[الحكم]:

صحيح (م).

[الفوائد]:

قال الترمذي عقب الحديث: "وإنما يكره هذا - يعني رد السلام - عندنا إذا كان على الغائط والبول، وقد فسر بعض أهل العلم ذلك".

وقال ابن خزيمة: "قد يجوز أَنْ يكون إنما كره ذلك إذ الذكر على طهر أفضل، لا أَنَّ ذكر الله على غير طهر محرم؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يقرأ القرآن على غير طهر، والقرآن أفضل الذكر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه على ما روينا عن عائشة رضي الله عنها، وقد يجوز أَنْ تكون كراهته لذكر الله إِلَّا على طهر ذكر الله الذي هو فرض على المرء دون ما هو متطوع به، فإذا كان ذكر الله فرضًا لم يؤد الفرض على غير طهر حتى يتطهر ثم يؤدي ذلك الفرض على طهارة؛ لأن رد السلام فرض عند أكثر العلماء فلم يرد صلى الله عليه وسلم وهو على غير طهر حتى تطهر ثم رد السلام، فأما ما كان المرء متطوعًا به من ذكر الله ولو تركه في حالة هو فيها غير طاهر لم يكن عليه إعادته فله أَنْ يذكر الله

ص: 59

متطوعًا بالذكر وإن كان غير متطهر" (صحيح ابن خزيمة عقب حديث رقم 221).

وقال النووي: "قوله (يبول فسلم فلم يرد عليه): فيه أَنَّ المسلم في هذا الحال لا يستحق جوابًا، وهذا متفق عليه، قال أصحابنا: ويكره أَنْ يسلم على المشتغل بقضاء حاجة البول والغائط فإن سلم عليه كره له رد السلام، قالوا: ويكره للقاعد على قضاء الحاجة أَنْ يذكر الله تعالى بشيء من الأذكار"(شرح مسلم 4/ 65).

[التخريج]:

[م 370 "واللفظ له"/ د 16 / ت 91، 2914 / ن 37 / جه 357 / خز 78/ عه 644 / ش 26250 / بز 5985/ طوسي 73 / جا 37 / هق 487 / هقع 790 / تجر (ص 149) / سراج 18 / مسخ 868 / دمياط (الثالث 7) / عصم 97 / فكر (1/ 202)].

[السند]:

قال مسلم: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا سفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر، به.

سفيان: هو الثوري، وقد رواه عنه جماعة:

فرواه أبو داود (16) من طريق عمر بن سعد، عن سفيان، به بنحو رواية مسلم.

وأما الزيادة:

فرواها الترمذي (2914) وابن خزيمة (78): من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان، به.

ص: 60

وتوبع الزبيري عليها:

فرواها النسائي في (الصغرى 37) من طريق زيد بن الحباب وقبيصة، عن سفيان، به.

قال الترمذي عقب الحديث: "هذا حديث حسن صحيح،

وهذا أحسن شيء رُوِي في هذا الباب".

وقال ابن مَنْدَهْ: "هذا إسناد صحيح، (خرج) الجماعة إِلَّا البخاري للضحاك بن عثمان"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 241).

* * *

رِوَايَةُ: أَوْ يَتَوَضَّأُ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ أَوْ يَتَوَضَّأُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ» .

[الحكم]:

شاذٌّ بهذا اللفظ، والصحيحُ:«وهو يبول» ؛ مِن غير شك.

[التخريج]:

[عه 645 "واللفظ له" / حما 152 / هقع (1/ 327 / 789، 791)]

[السند]:

أخرجه أبو عوانة في (مستخرجه 645) قال: وحدثنا أحمد بن عصام قال: ثنا أبو أحمد الزبيري [(ح) وحدثنا الحسن ابن عفان أيضًا، حدثنا زيد بن حباب]

(1)

، قالا: ثنا سفيان، عن الضحاك بن عثمان من ولد

(1)

ما بين المعقوفين سقط من طبعة دار المعرفة.

ص: 61

حكيم بن حزام، عن نافع، عن ابن عمر، به.

ورواه أبو الحسن الحمامي، كما في (مجموع مصنفاته 152)، والبيهقي في (معرفة السنن والآثار 1/ 327): من طريق علي بن محمد بن الزبير القرشي قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا زيد بن حباب قال: حدثنا سفيان، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، عدا الضحاك بن عثمان فـ"صدوق يهم" كما في (التقريب 2972).

إِلَّا أَنَّ قوله: (أو يتوضأ) غير محفوظ، فقد رواه الثقات الأثبات عن الثوري بلفظ:(يبول) بدون شك، كما سبق عند مسلم وغيره.

وخالفهم أبو أحمد الزبيري، وزيد بن الحباب؛ فروياه عن الثوري بالشك.

وكلاهما متكلم في روايته عن الثوري، انظر:(التقريب 6017، 2124).

قلنا: وقد رواه النسائي (37) عن محمود بن غيلان عن زيد بن الحباب، به بذكر البول فقط بلا شك.

وكذا رواه محمد بن بشار ونَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، كما عند الترمذي (91).

ومحمد بن يحيى الذهلي، كما عند البزار (5985)، ثلاثتهم: عن أبي أحمد الزبيري به بذكر البول فقط بلا شك، فالله أعلم.

وأما قول ابن أبي الفوارس - في تعليقه على أحاديثه الحمامي -: "هذا

ص: 62

حديث صحيح من حديث سفيان الثوري، عن الضحاك بن عثمان. أخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن سفيان".

فلم يُردْ هذه اللفظة وإنما أراد أصل الحديث، ولهذا عزاه إلى مسلم. والله أعلم.

* * *

رِوَايَةُ: حَتَّى أَتَى حَائِطًا فَتَيَمَّمَ:

•وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ فِي آخِرِهِ: «فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى أَتَى حَائِطًا فَتَيَمَّمَ» .

[الحكم]:

شاذ بهذه الزيادة.

[التخريج]:

[طح (1/ 85/ 546)]

[السند]:

قال الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 85/ 546): حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أَنَّ رواية أبي أحمد الزبيري عن الثوري فيها مقال، قال الإمام أحمد:"كثير الخطأ في حديث سفيان"(الميزان 3/ 595)، ولذا قال الحافظ:"ثقة ثبت، إِلَّا أنه قد يخطئ في حديث الثوري"(التقريب 6017).

ص: 63

وقد تفرد بذكر التيمم في هذا الحديث، وقد خالفه: ابن نمير وعمر بن سعد وزيد بن الحباب وأبو داود الحفري والفريابي وغيرهم فرووه عن الثوري به بدون هذه الزيادة.

وعليه: فهي زيادة شاذة، والله أعلم.

* * *

رِوَايَةُ: حَتَّى مَسَّ الْحَائِطَ

•وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى مَسَّ الْحَائِطَ» .

[الحكم]:

منكر بهذه الزيادة.

[التخريج]:

[مسن 815 / حداد 341 / دمياط (الثالث 8) / فكر (1/ 202)]

[السند]:

أخرجه أَبُو نُعَيْمٍ في (المستخرج على مسلم 815) - ومن طريقه أبو نعيم الحداد في (جامع الصحيحين 341)، والدمياطي في الجزء الثالث من (معجم شيوخه)، وابن حجر في (النتائج) - قال: أخبرنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ثنا الفريابي

(1)

محمد بن يوسف، ثنا سفيان. (ح)

(1)

وقع بعدها في المطبوع خطأ (ثنا)، والصواب بدونها، كما في (النتائج)، والفريابي هو محمد بن يوسف.

ص: 64

وحدثنا أبو بكر الطلحي ثنا عبد الله بن محمد بن حفص ثنا أبو عبيدة ابن أبي السفر ثنا يزيد بن هارون أنبأ سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ رواه أبو نعيم من طريقين عن سفيان؛

أما الطريق الأول؛ ففيه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم؛ قال عنه ابن عدي: "يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل"، ثم ذكر له جملة من الأحاديث، وقال:"وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم هذا إما أَنْ يكون مغفلًا لا يدري ما يخرج من رأسه، أو متعمدًا، فإني رأيت له غير حديث مما لم أذكره أيضًا ههنا غير محفوظ"(الكامل 7/ 77 - 79).

قلنا: وهذا من روايته عن الفريابي، وقد خالفه الإمام الحافظ محمد بن يحيى الذهلي، فرواه عن الفريابي بدون ذكر مس الحائط. كذا أخرجه الترمذي (2915) وابن الجارود (37) عن الذهلي، به.

بل رواه البيهقي في (الكبرى 487) عن علي بن أحمد بن عبدان، عن سليمان بن أحمد (الطبراني)، به دون هذه الزيادة، فيظهر أَنَّ العمدة فيها الطريق الثاني، عن يزيد بن هارون، والسند إليه ضعيف أيضًا؛ فيه علتان:

الأولى: عبد الله بن محمد بن حفص؛ ترجم له الحازمي في (مشتبه النسبة 1022)، والحافظ في (تبصير المنتبه 2/ 492) وقال:"شيخ لأبي بكر الطلحي"، ولم نقف على من وثقه، والله أعلم.

الثاني: أبو عبيدة ابن أبي السَّفر واسمه أحمد بن عبد الله، قال عنه النسائي:"ليس بالقوي"، وقال أبو حاتم:"شيخ"، وذكره ابن حبان في (الثقات). (تهذيب

ص: 65

التهذيب 1/ 49). وقال الحافظ: "صدوق يهم"(التقريب 60).

وذكر ابن حجر في (النتائج) أَنَّ الترمذي وابن الجارود رويا الحديث عن محمد بن يحيى الذهلي، عن محمد بن يوسف الفريابي، قال:"ولم يقع في رواية واحد منهم الزيادة التي نقلتها من رواية أبي نعيم، ولم يبين أبو نعيم هل هي من زيادة يزيد أو الفريابي"(نتائج الأفكار 1/ 203).

* * *

رِوَايَةُ: فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّلامَ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: أَن رَجُلا مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وهُو يُهْرِيقُ الْمَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّلامَ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّمَا رَدَدْتُ عَلَيْكَ السَّلامَ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ: سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ [السَّلامَ]، فَإِذَا رَأَيْتَنِي هَكَذَا فَلا تُسَلِّمْ عَلَيَّ؛ [فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ] فَإِنِّي لا أَرُدُّ عَلَيْكَ السلام» .

[الحكم]:

شاذ بهذا السياق، وأشار لذلك البيهقي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن الأثير، وغيرهم. وقال الذهبي:"منكر".

[التخريج]:

[بز 5984 "واللفظ له" / سراج 21 "والزيادتان له ولغيره" / جا 36 / شف 37 / أم 105 / هقع 788 / خط (4/ 233 - 234) / بشن 256 / هلال (ديوان 2/ 216) / فكر (1/ 203 - 204) / شذا (قانع ق 160/ب - 161/أ)]

ص: 66

[السند]:

قال البزار: حدثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، حدثنا أبو بكر رجل من ولد عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به.

ورواه السراج في (مسنده 21) - ومن طريقه الحافظ في (النتائج) -: عن (أبي حاتم الرازي) محمد بن إدريس الحنظلي حدثنا عبد الله بن رجاء قثنا سعيد بن سلمة قال: حدثني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن نافع عن عبد الله بن عمر، به.

ورواه ابن الجارود في (المنتقى 37) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا سعيد - يعني ابن سلمة -، قال: حدثني أبو بكر - هو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب -، عن نافع، به.

وكذا رواه ابن بشران في (الأمالي)، وأبو هلال العسكري في (ديوان المعاني): من طريق عبد الله بن رجاء، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا عبد الله بن رجاء وسعيد بن سلمة؛

فأما عبد الله بن رجاء؛ فقال فيه الحافظ: "صدوق يهم قليلًا"(التقريب 3312).

وأما سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، قال عنه الحافظ:"صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ من حفظه"(التقريب 2326).

ص: 67

وقد توبع؛

* فرواه الشافعي في (الأم 105)، و (المسند 37) - ومن طريقه البيهقي في (معرفة السنن والآثار 1/ 327): عن إبراهيم بن محمد عن أبي بكر بن عمر، به.

ورواه الخطيب في (تاريخه 4/ 233) من طريق ابن المبارك، عن إبراهيم بن محمد، به.

ولكن إبراهيم هذا هو ابن أبي يحيى الأسلمي: متروك متهم، كما تقدم مرارًا.

* ورواه أبو علي ابن شاذان في "جزء من حديث ابن قانع وغيره"(ق 160/ب): عن ابن قانع، عن محمد بن أحمد البراء، عن المعافى بن سليمان الجزري، عن عيسى بن يونس، عن ( ..... )، عن نافع، عن ابن عمر، به.

وشيخ عيسى غير واضح بالنسخة الخطية، وهذه صورته:

وعلى كلِّ حالٍ فالسند إلى عيسى، فيه ابن قانع، وقد تُكُلِّم فيه من جهة حفظه، انظر:(لسان الميزان 4538).

* وظاهر هذه الرواية يخالف الرواية المتقدمة عند مسلم وغيره: من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع، عن ابن عمر، وفيه: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد

ص: 68

عليه السلام.

وفي هذا الرواية أنه رد عليه السلام.

ولهذا قال البيهقي - عقبها -: "كذا في هذه الرواية، والصحيح: عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر .... "، فذكره، ثم قال:"ويحتمل أَنْ يكون المراد به: فلم يرد عليه حتى تيمم، ثم رد عليه"(معرفة السنن والآثار 1/ 327).

وقال عبد الحق الإشبيلي: "وأبو بكر فيما أعلم هو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، روى عنه مالك وغيره لا بأس به، ولكن حديث مسلم أصح؛ لأنه من حديث الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر، والضحاك أوثق من أبي بكر، ولعل ذلك كان في موطنين

(1)

" (الأحكام الوسطى 1/ 131 - 132).

وقال ابن الأثير: "هكذا جاء في الحديث؛ في هذه الرواية، والصحيح أنه سلم عليه فلم يرد عليه، ويحتمل أَنْ يكون المراد به: فلم يرد عليه حتى تَيَمَّمَ ثم رد عليه"(شرح مسند الشافعي 1/ 182).

وقال مغلطاي - معلقًا على سند الشافعي -: "وهذا لو صح إسناده، وسلم من إبراهيم لكان مخالفًا للأول - يعني رواية الضحاك -، ولكنه عُدِمَ الصحة، وقد وقع لنا من طريقٍ سالمة من إبراهيم، ذكرها البزار في مسنده

" فساقه ثم قال: "فصح الحديث والمخالفة"، وأجاب عن هذه المخالفة فقال: "وأما المعارضة فيحتمل أَنْ يكون الرد كان بعد التيمم، كما جاء في رواية غير أبي بكر عن نافع" (شرح ابن ماجه 1/ 242 - 243).

(1)

ولكن هذا مستعبد؛ لاتحاد مخرج الحديث عن نافع عن ابن عمر.

ص: 69

وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن، أخرجه البزار عن عبد الله بن إسحاق.

وابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى، كلاهما عن عبد الله بن رجاء.

ولم ينسب أبو بكر إلى أبيه في رواية البزار، بل وقع عنده: حدثني أبو بكر رجل من ولد ابن عمر، فقال عبد الحق في (الأحكام): أبو بكر هذا أظنه ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، فإن يكن هو فالحديث صحيح، لكن حديث الضحاك أصح. ثم قال: يمكن أَنْ يحمل على واقعتين.

وتعقب ابن القطان تصحيحه بأن أبا بكر لا يُعرف

(1)

، وسكتا جميعًا عن سعيد بن سلمة الراوي عنه، وهو المعروف بابن أبي الحسام، وهو صدوق فيه مقال، أخرج له البخاري تعليقًا، ومسلم مستشهدًا، وقد تابعه إبراهيم بن يحيى عن أبي بكر بن عمر.

أخرجه الشافعي عن إبراهيم، فقويت رواية أبي بكر، وصدق ظن عبد الحق في نسبة أبي بكر، وتعين الحمل على ما أشار إليه من تعدد الواقعة، ويحتمل الجمع بتأويل لا يخلو عن تكلف، والله أعلم" (نتائج الأفكار 1/ 204).

أما الذهبي فقال في (الميزان): "أبو بكر العمري. لا يدري من ذا. وله خبر منكر في مسند البزار من رواية سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، عن أبي بكر هذا، عن نافع، عن ابن عمر: ((أَنَّ رَجُلًا سَلَّم عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ

(1)

انظر: (بيان الوهم والإيهام 5/ 120).

ص: 70

يُصَلِّي فَرَدَّ))، وَقَالَ:((خَشِيتُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ)).

فهذا يخالفه ما روى الضحاك بن عثمان - وهو صدوق - عن نافع عن ابن عمر أنه ما رد عليه كما أخرجه مسلم" (ميزان الاعتدال 10031).

وتعقبه الحافظ فقال: "وهذا الرجل معروف ثقة مشهور وهو: أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، فقد جزم بذلك عبد الحق في الأحكام وتعقبه ابن القطان ومنه أخذ الذهبي. وما قاله عبد الحق هو الصواب فقد جاء مصرحًا به في الحديث المذكور بعينه

، ولا معارضة بين الحديث المذكور وبين الحديث الذي في صحيح مسلم لاحتمال أَنْ يكونا واقعتين وحتى لو تعذر الجمع لكان تعليله بسعيد بن سلمة بن أبي الحسام أولى فإن فيه مقالًا.

وأبو بكر بن عمر المذكور أخرج له الشيخان وغيرهما، وليس من شرط هذا الكتاب ولولا أَنَّ كلام الذهبي يوهم أنه غيره لم أذكره".

قلنا: وما ذهب إليه الحافظ وغيره من حمل الحديث على تعدد الواقعة بعيدٌ، لاسيما مع اتحاد المخرج، فمدار الروايتين على نافع عن ابن عمر.

فلعل هذه الرواية مما رواه سعيد بن سلمة من حفظه فأخطأ، وأما ما ذكر من متابعات فهي واهية، لا تغني ولا تسمن من جوع، والله أعلم.

* * *

ص: 71

724 -

حَدِيثُ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ:

◼ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، [فَلَمَّا تَوَضَّأَ رَدَّ عَلَيْهِ]، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ:«إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عز وجل إِلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ» .

[الحكم]:

إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وعبد الحق الإشبيلي، والنووي، وابن حجر، والعيني، والألباني. وجوّده ابن مفلح الحنبلي، وأبو زرعة العراقي.

[الفوائد]:

قال الشيرازي في (المهذب) فيما يكره عند قضاء الحاجة: "ويكره أَنْ يرد السلام أو يحمد الله إذا عطس أو يقول مثل ما يقول المؤذن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: سلم عليه رجل فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم قال: «كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ تعالى إِلَّا عَلَى طُهْرٍ» "(المهذب ص 56).

قال النووي: "وهذا الذي ذكره المصنف من كراهة رد السلام وما بعده متفق عليه عندنا، وكذا التسبيح وسائر الأذكار،

ثم هذه الكراهة التي ذكرها المصنف والأصحاب كراهة تنزيه لا تحريم بالاتفاق" (المجموع شرح المهذب 2/ 88 - 89).

[التخريج]:

[د 17 "واللفظ له" / ن 38 "والزيادة له" / كن 38 / مي 2671/ حب 799/ ك 602 / ش 26249 / طب (20/ 329/ 780) / سراج 19 مختصرًا / تخث (السفر الثاني 2283) مختصرًا / حسن (فكر 1/ 207) / تطبر (كبير 22/ 185)، (كنز 25737) / منذ 19، 292 / قا (3/

ص: 72

59) / سخ (ص 121) / خل 161 / صحا 6214، 6215 / قطر (الثالث والعشرون 69) / أسد (5/ 267) / بغ 312 / نبغ 242 / كما (28/ 578 - 579) / مسخ 871 / مض 19 / ضياء (منتقى ق 135/أ، 136/ ب) / دمياط (الثالث 9) / فكر (1/ 205 - 206)]

[التحقيق]:

هذا الحديث مداره على الحسن البصري، واختلف عليه؛

فرواه هشام الدستوائي وشعبة وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن الحضين بن المنذر عن المهاجر، به.

أما رواية هشام؛ فأخرجها الدارمي (2671). والحسن بن سفيان في "مسنده" - كما في (نتائج الأفكار 1/ 207)، ومن طريقه أبو نعيم في (الصحابة 6214) -. وابن المنذر في (الأوسط 19، 292): عن علي بن الحسن.

ثلاثتهم: عن إسحاق بن إبراهيم (ابن راهويه).

والطبراني في (الكبير 20/ 780) عن عبد الله بن أحمد عن عبيد الله بن عمر القواريري.

وأبو نعيم في (الصحابة 6214): من طريق محمد بن عبد الله المخرمي.

كلهم: عن معاذ بن هشام، عن أبيه.

وأما رواية شعبة؛ فأخرجها الحاكم في (المستدرك 602): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الله بن خيران، حدثنا

ص: 73

شعبة

(1)

.

وأما رواية سعيد بن أبي عروبة؛ فأخرجه (النسائي 38) عن محمد بن بشار عن معاذ بن معاذ. وأبو داود (17): عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى.

كلاهما: عن سعيد بن أبي عروبة.

ثلاثتهم: (هشام وشعبة وسعيد) عن قتادة، عن الحسن، عن الحضين، عن المهاجر، به.

وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رجال الصحيح عدا صحابي الحديث.

إِلَّا أَنَّ قتادة قد خولف فيه؛

فرواه حميد الطويل، كما في (مسند ابن أبي شيبة 671).

وجرير بن حازم، كما في (مصنف ابن أبي شيبة 26249).

(1)

كذا في (إتحاف المهرة 17035)، وأصول المستدرك الخطية، كما ذكر محققو طبعة التأصيل، ومع هذا أثبتوه:(سعيد)! ، وادعوا أَنَّ ذلك هو الصواب! . والصواب أنه:(شعبة)، كما جاء في الأصل والإتحاف، وذلك لأن عبد الله بن خيران، إنما يعرف بالرواية عن شعبة، كذا ذكر كل من ترجم له، ولم يذكر واحد منهم في شيوخه سعيد بن أبي عروبة، بل إننا جهدنا أن نعثر له على رواية عن سعيد بن أبي عروبة فلم نجد. فتأكد ما ذكرنا. ولعل الذي غرّ محققو طبعة التأصيل، كون الحاكم قرن هذا الإسناد بإسناد آخر عن عبد الأعلى عن سعيد، وتحرف أيضًا إلى (شعبة)، فظنوا أَنَّ الخطأ في الموضعين، وليس كذلك، وقد نبه الحافظ في (الإتحاف 17035) و (نتائج الأفكار 1/ 206) أَنَّ الحاكم رواه من طريق عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة، فأصابوا في تصويبه في هذا الموضع دون الآخر، والله أعلم.

ص: 74

وزياد الأعلم، كما في (معجم ابن الأعرابي 1757).

ويونس بن عبيد، كما في (مساوئ الأخلاق للخرائطي 808).

وعبد الله بن المختار، كما في (معرفة الصحابة لأبي نعيم 6215).

كلهم عن الحسن عن المهاجر بن قنفذ به، بدون ذكر حضين بن المنذر.

ولكن قتادة أتقن وأحفظ من كل من خالفه، وقد زاد في سنده راوٍ، فهي زيادة من ثقة حافظ، يجب قبولها، ولذا قال الدارقطني - بعد ذكر الخلاف -:"حديث قتادة أصحها"(العلل 3431).

ولهذا قال ابن أبي خيثمة - عقب رواية حميد -: "ولم يسمعه الحسن من المهاجر"(التاريخ - السفر الثاني عقب رقم 2282).

وقال ابن أبي حاتم: "مهاجر بن قنفذ، روى عنه الحسن، مرسل"(الجرح والتعديل 8/ 259).

وقال أبو نعيم: "رواه عن الحسن، عن المهاجر جماعة، منهم: حميد الطويل، ويونس بن عبيد، وزياد الأعلم، وجوده هشام، عن قتادة، عن الحسن، فأدخل حصين بن المنذر بينه وبين المهاجر"(معرفة الصحابة 5/ 2577).

وقال ابن دقيق: "وقد روى هذا الحديث حماد بن سلمة عن حميد وغيره، عن الحسن، عن المهاجر، وهو منقطع ما بين الحسن والمهاجر، يتبين برواية قتادة عن الحسن"(الإمام 2/ 434).

وقال الحافظ: "ورواه حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن المهاجر بدون ذكر أبي ساسان، وهكذا رواه زياد الأعلم ويونس بن عبيد وعبد الله بن

ص: 75

المختار كلهم عن الحسن، وليست هذه العلة بقادحة، فإن قتادة أحفظهم، وقد جوده وصوب روايته ابن السكن وغيره.

لكن في السند علة أخرى، وهي أَنَّ سعيدًا وشيخه وشيخ شيخه وصفوا بالتدليس في الإسناد وقد عنعنوه، ولم أره في شيء من الطرق تصريحًا من واحد منهم بالتحديث، وقد انجبر رواية سعيد برواية هشام" (نتائج الأفكار 1/ 207).

قلنا: وقد انجبرت عنعنة قتادة برواية شعبة عنه كذلك، وعنعنة الحسن عن التابعين يغض الطرف عنها.

قال الشيخ الألباني عن تدليس الحسن: "الظاهر أَنَّ المراد من تدليسه إنما هو ما كان من روايته عن الصحابة دون غيرهم؛ لأن الحافظ في "التهذيب" أكثر من ذكر النقول عن العلماء في روايته عمن لم يلقهم وكلهم من الصحابة، فلم يذكروا ولا رجلًا واحدًا من التابعين روى عنه الحسن ولم يلقه، ويشهد لذلك إطباق العلماء جميعًا على الاحتجاج برواية الحسن عن غيره من التابعين بحيث إني لا أذكر أَنَّ أحدًا أعلَّ حديثًا ما، من روايته عن تابعي لم يصرح بسماعه منه"(الصحيحة 2/ 488).

ولذا صححه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين".

وقال الحافظ: "هذا حديث حسن صحيح"(نتائج الأفكار 1/ 205). وقال متعقبا الحاكم: "وتعقب بأنهما لم يخرجا للمهاجر ولا خرج البخاري لأبي ساسان، وعذر من صحح الحديث كثرة شواهده، وإلا فغاية إسناده أَنْ يكون حسنًا"(نتائج الأفكار 1/ 208).

ص: 76

وصححه أيضًا: النووي في (الخلاصة 1/ 159)، و (المجموع 2/ 88، 3/ 105)، والعيني في (نخب الأفكار 2/ 191)، والألبانيُّ في (الصحيحة 834)، و (صحيح أبي داود 13).

وذكره عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 131) ساكتا عنه مصححًا له.

وقال ابن مفلح الحنبلي وأبو زرعة العراقي: "إسناده جيد"(الآداب الشرعية 1/ 355)، (شرح منظومة العراقي في الصور التي يستحب فيها الوضوء ص 25).

* وأعله الزيلعي، فذكره فيما يشكل على أحاديث التسمية عند الوضوء، ثم قال: "والجواب عنه من وجهين: أحدهما أنه معلول. والآخر: أنه معارض، أما كونه معلولًا؛ فقال ابن دقيق العيد في الإمام: سعيد بن أبي عروبة، قد اختلط بآخره، فيراعى فيه سماع من سمع منه قبل الاختلاط، قال ابن عدي: قال أحمد بن حنبل: يزيد بن زُرَيْعٍ سمع منه قديمًا.

قال: وقد رواه النسائي من حديث شعبة عن قتادة به، وليس فيه: «إنه لم يمنعني

» إلى آخره.

ورواه حماد بن سلمة عن حميد، وغيره عن الحسن عن المهاجر منقطعا، فصار فيه ثلاث علل" (نصب الراية 1/ 5).

قلنا: وكلامه فيه نظر من وجوه؛

فأما ما ذكره من اختلاط سعيد، فقد رواه عنه قدماء أصحابه، منهم يزيد بن زُرَيْعٍ، وعبد الأعلى وعبد الوهاب وغيرهم.

ص: 77

وأما قوله (رواه النسائي

) ففيه نظر من وجهين:

الأول: عزوه للنسائي من حديث شعبة، فإنما رواه النسائي في (الصغرى والكبرى) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وليس شعبة، وقد سبقه لذلك ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 433).

فلعلهما اعتمدا على نسخة مصحفة، فقد تصحف (سعيد) إلى (شعبة) في عديد من نسخ (السنن الصغرى) كما ذكر محققو طبعة التأصيل (1/ 242/ حاشية 1)، بل قال الحافظ:"وقع في أصولنا من سنن النسائي رواية ابن السني: (شعبة)، وهو تصحيف؛ فقد رواه أحمد في (مسنده) عن محمد بن جعفر عن سعيد بن أبي عروبة"(النكت الظراف 8/ 514).

الثاني: كون النسائي لم يرو الزيادة، فقد رواها غير واحد من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، فلا معنى لإعلال رواية الجماعة برواية الفرد.

وأما رواية حميد الطويل وغيره عن الحسن عن المهاجر، فهي منقطعة كما قال، ولكن بيّن قتادة في روايته عن الحسن الواسطة، فصح الحديث موصولًا. والله أعلم.

* * *

ص: 78

رِوَايَةُ "وَهُوَ يَتَوَضَّأُ" بدل "يبول":

• وفي رِوايةٍ: عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ [السَّلامَ] حَتَّى تَوَضَّأَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ:«إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ» .

• وفي رواية: «لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ» .

[الحكم]:

صحيح المتن إِلَّا لفظة: «وهو يتوضأ» فشاذة، الصواب:«وهو يبول» .

[التخريج]:

[جه 354 "والزيادة له"، (زوائد أبي الحسن القطان عقبه) / حم 19034 "واللفظ له"، 20760 "والرواية له"، 20761 / خز 218 / حب 796 / ك 6153 / طب (20/ 329/ 781) / سعد (6/ 80) / سراج 20 / مث 673، 674 / هق 430 / صحا 6213 / طح (1/ 27/ 110)، (1/ 85/ 542) / طاهر (تصوف 48) / ضياء (منتقى ق 136/ ب) / كما (28/ 578)].

[التحقيق]:

مدار هذه الرواية على سعيد ابن أبي عروبة إِلَّا أنه اختلف عليه في لفظه؛

فرواه أحمد (19034، 20761): عن محمد بن جعفر غندر.

ورواه أحمد (20760). وابن ماجه (354): عن إسماعيل بن محمد الطلحي وأحمد بن سعيد الدارمي. ثلاثتهم: عن روح بن عبادة.

ورواه أحمد (20761): عن عبد الوهاب بن عطاء مقرونًا بغندر.

ورواه الطبراني في (الكبير 20/ 781)، والحاكم (6153): من طريق

ص: 79

العباس بن طالب، عن يزيد بن زُرَيْعٍ.

ورواه أبو الحسن القطان في (زوائده على سنن ابن ماجه عقب رقم 354): من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري.

خمستهم (غندر، وروح، وعبد الوهاب، ويزيد، والأنصاري): عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، به، بلفظ:«أَتَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يَتوضَّأُ» .

وكذا رواه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 6213) من طريق عِمْرَان بن مُوسَى، عن محمد بن سواء، عن سَعِيد، به

(1)

.

وخالفهم معاذ بن معاذ؛ فرواه عن سعيد به، بلفظ:«وهو يبول» . أخرجه النسائي في (الصغرى 38) و (الكبرى 38): عن محمد بن بشار عن معاذ، به.

وكذا رواه ابن حجر في (نتائج الأفكار 1/ 205) من طريق يحيى بن جعفر عن عبد الوهاب، ومن طريق الحسن بن مكرم عن روح بن عبادة، كلاهما عن سعيد به بلفظ:«وهو يبول» .

ولكن المحفوظ عن روح وعبد الوهاب بلفظ: «وهو يتوضأ» . كذا رواه الإمام أحمد وغير واحد عن روح وعبد الوهاب، كما تقدم آنفًا.

ورواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد، واختلف عليه؛

فأخرجه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 673) قال: حدثنا يحيى بن

(1)

إلا أنه سقط من سنده (الحسن)، وكذا وجدناه في النسخة الخطية (ق 200/أ)، ويظهر أنه وهم من الناسخ. وإلا فوهم من ابن سواء، وقد خالفه الثقات الأثبات من أصحاب سعيد، والله أعلم.

ص: 80

خلف.

ورواه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 673). وابن خزيمة (218)، ومن طريقه ابن حبان (796) وقرن ابن المثنى بخالد بن النضر.

ثلاثتهم: عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر، عن المهاجر بن قنفذ، به بلفظ:«وهو يتوضأ» .

وأعاده ابن حبان (799) بنفس الإسناد، عن ابن خزيمة وخالد بن عمرو به بلفظ:«وهو يبول» .

وكذا رواه أبو داود (17): عن محمد بن المثنى، به.

وكذا رواه أبو الشيخ في (أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 161)، والمزي في تهذيب الكمال 28/ 579) من طريق ابن فورك، كلاهما: عن ابن أبي عاصم عن محمد بن المثنى، به بلفظ:«وهو يبول» .

فيظهر أَنَّ الاحتلاف فيه من محمد بن المثنى نفسه، وعليه فترجح رواية «وهو يتوضأ» ؛ لموافقتها رواية الجماعة عن سعيد.

فيكون المحفوظ عن سعيد بن أبي عروبة في هذا الحديث بلفظ: «وهو يتوضأ» .

ولكن خالفه هشام الدستوائي وشعبة، فروياه عن قتادة به بلفظ:«وهو يبول» ، كما في الرواية السابقة.

وكذا رواه ابن أبي شيبة في (مصنفه 26249) عن زيد بن الحباب عن جرير بن حازم عن الحسن عن المهاجر، به.

ص: 81

ورواه حماد بن سلمة عن حميد الطويل وزياد الأعلم عن الحسن عن المهاجر بلفظ: «يَبُولُ، أَوْ قَدْ بَالَ» . كما سيأتي.

ومع أَنَّ حمادًا شك فيه، إِلَّا أَنَّ فيه دلالة على صحة رواية الجماعة بذكر البول، دون الوضوء.

وعليه: فيكون الراجح في الحديث بلفظ: «وهو يبول» ، وأما بلفظ:«وهو يتوضأ» فشاذ، والله أعلم.

* * *

رِوَايَةُ: كَانَ يَبُولُ، أَوْ قَدْ بَالَ:

• وَفِي رِوَايَةٍ بِالشَّكِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبُولُ، أَوْ قَدْ بَالَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ» .

[الحكم]:

صحيح المتن بلفظ «وَهُوَ يَبُولُ» بدون شك.

[التخريج]:

[حم 20762 / مش 671 / طب (20/ 329/ 779) / سعد (6/ 80) / طح (1/ 85/ 543) / معر 1757]

[السند]:

أخرجه أحمد (20762)، وابن أبي شيبة في (مسنده 671)، وابن سعد في (الطبقات 6/ 80)، وابن أبي خيثمة في (تاريخه - السفر الثاني 2282) كلهم: عن عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن المهاجر بن قنفذ، به.

ص: 82

ورواه الطبراني في (المعجم الكبير 20/ 329/ 779)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار (1/ 85/ 543) من طريق عن حماد بن سلمة، عن حميد، وغيره، عن الحسن، به.

ورواه ابن الأعرابي في (معجمه 1757) عن طريق أبي الوليد الطيالسي، عن حماد بن سلمة، عن يونس وزياد الأعلم، عن الحسن، عن المهاجر، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات؛ إِلَّا أَنَّ الحسن البصري، لم يسمعه من المهاجر، بينهما حضين بن المنذرن كما تقدم بيانه في الرواية السابقة.

ولهذا قال ابن أبي خيثمة عقبه: "ولم يسمعه الحسن من المهاجر".

ثم إن المحفوظ في متنه: «أَنَّهُ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يبول» . بدون شك.

كما تقدم بيانه قريبًا.

* * *

ص: 83

رِوَايَةُ: (وقَدْ بَالَ) بلا شك:

• وفي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ بَالَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ» .

[الحكم]:

صحيح المتن إِلَّا لفظة: «وَقَدْ بَالَ» فشاذة، الصواب:«وَهُوَ يَبُولُ» .

[التخريج]:

[مسخ 808]

[السند]:

قال الخرائطي في (مساوئ الأخلاق 808): حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا أبو سلمة التبوذكي، ثنا وهيب بن خالد، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن المهاجر بن قنفذ، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات؛ إِلَّا أَنَّ الحسن البصري، لم يسمعه من المهاجر، بينهما حضين بن المنذر، كما تقدم بيانه.

ثم إن المحفوظ في متنه: «أَنَّهُ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يبول» . وقد تقدم بيان ذلك أيضًا.

* * *

ص: 84

رواية فَدَعَا بِوَضُوءٍ:

• وفي رِوايةٍ: عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ قَالَ: سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُمْتُ مَهْمُومًا فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ وَرَدَّ عَلَيَّ، وَقَالَ:«إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذَكُرَ اللَّهَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذا السياق.

[التخريج]:

[قا (3/ 59 - 60) "واللفظ له"]

[السند]:

قال ابن قانع في (معجم الصحابة): حدثنا السري بن سهل النيسابوري، نا عبد الله بن رشيد، نا أبو عبيدة مجاعة، والحسن بن دينار، عن الحسن، عن مهاجر بن قنفذ، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد واهٍ؛ فالحسن بن دينار، متروك، وكذبه غير واحد من الأئمة، انظر:(تهذيب التهذيب 2/ 275 - 276).

ومجاعة بن الزبير: ضعيف، انظر:(لسان الميزان 6/ 463).

وعبد الله بن رشيد، مختلف فيه، كما تقدم بيانه في حديث أبي هريرة من باب:"البول قائمًا".

* * *

ص: 85

725 -

حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ:

◼ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((فسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى مَسَّ مَاءً)).

[الحكم]:

إسناد منكر، وأعله الدارقطني.

[التخريج]:

[علقط 3431 معلقًا]

[السند]:

علقه الدارقطني في (العلل 3431) فقال: ورواه عباد بن ميسرة، عن الحسن، قال: حدثني رجل من قريش - لم يسمه -

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ عباد بن ميسرة، قال عنه الحافظ:"لين الحديث"(التقريب 3149).

والمحفوظ عن الحسن، عن حضين بن المنذر، عن المهاجر بن قنفذ، به. كذا رواه قتادة عن الحسن. كما تقدم.

ولهذا قال الدارقطني: "حديث قتادة أصحها".

* * *

ص: 86

726 -

حَدِيثُ الْحَسَنِ مُرْسَلًا:

◼ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ)).

وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ عَلَى طَهَارَةٍ.

[الحكم]:

صحيح المتن بما تقدم، وإسناده مرسل.

[التخريج]:

[طهور 62]

[السند]:

أخرجه أبو عبيد في (الطهور 62): حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن (أبي الأشهب)

(1)

، عن الحسن، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات؛ إِلَّا أنه مرسل، فالحسن البصري تابعي.

ولكن قد صح الحديث عنه موصولًا عن حضين بن المنذر عن المهاجر، كما تقدم.

* * *

(1)

في المطبوع: "أبي الأشمص"، واستظهر محققه أَنَّ الصواب "عن أبي الأشهب"، وهو كما قال، فلا يعرف من يكنى بأبي الأشمص، وأما أبو الأشهب وهو جعفر بن حيان العطاردي، فهو المعروف بالرواية عن الحسن البصري، وروايته عنه في الصحيحين. والله أعلم.

ص: 87

727 -

حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فـ[لمْ يَردّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ]، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ؛ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ، لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ» .

[الحكم]:

منكر من هذا الوجه، وأشار إلى إعلاله أبو حاتم الرازي، وابن عدي، وجزم به ابن القيسراني، وأما متنه فيشهد له ما تقدم، وقد حسنه مغلطاي، وابن الملقن، والبوصيري، وابن حجر.

[التخريج]:

[جه 356 "واللفظ له" / بز (شبيل 1/ 370) "والزيادة له" / عل (فكر 1/ 208)، (مصباح الزجاجة 1/ 52) / عد (10/ 351) / دلائل 62 / متشابه (2/ 765 - 766) / فقط (أطراف 1586) / ضحة (ق 23/ب) / علحا 68 معلقا / تطبر (كبير 19/ 647)، (كنز 25721)].

[السند]:

قال ابن ماجه: حدثنا سُوَيد بن سعيد قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن هاشم بن البريد، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ، عن جابر بن عبد الله، به.

ورواه البزار في "مسنده" - كما في (الأحكام الكبرى 1/ 370) -: عن نصر بن علي، عن عيسى بن يونس، به.

ورواه ابن عدي في (الكامل): من طريق نصر بن علي والحكم بن

ص: 88

موسى، عن عيسى، به.

ورواه الخطيب في (تلخيص المتشابه): من طريق محمد بن مهران، عن عيسى، به.

ومداره - عند الجميع -: على عيسى بن يونس، عن هاشم بن البريد

(1)

، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ، به.

قال أبو حاتم الرازي: "لا أعلم روى هذا الحديث أحدٌ غيرُ هاشم بن البريد"(علل الحديث 68).

وقال ابن عدي: "وهذا لا أعلم رواه عن عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ إِلَّا هاشم"(الكامل 7/ 116).

وقال الدارقطني: "تفرد به هاشم بن البريد، ولا أعلم حَدَّثَ به عنه غير عيسى بن يونس"(أطراف الغرائب والأفراد 1586).

[التحقيق]:

هذا إسناد منكر؛ فيه عبد الله بن محمد بن عَقِيلٍ؛ والجمهور على تليينه، انظر:(تهذيب التهذيب 6/ 13 - 15)، وقال الحافظ:"صدوق في حديثه لين ويقال تغير بأخرة"(التقريب 3592).

وفي الصحيحين من طريق عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَقَدْ قَضَيْتُهَا،

(1)

إلا أنه وقع في (الدلائل للسرقسطي 1/ 133): "هشام بن يزيد بن زياد". وهذا تصحيف، فقد نص غير واحد من الأئمة، أَنَّ هاشم بن البريد متفرد به، ثم إننا لم نجد لهشام بن يزيد هذا ترجمة، فتأكد ما ذكرنا. والله أعلم.

ص: 89

فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ عَلَيَّ أَنِّي أَبْطَأْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَشَدُّ مِنَ المَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ، فَقَالَ:«إِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي» . أخرجه البخاري (1217 "واللفظ له")، ومسلم (540/ 38).

ورواه مسلم (540/ 36) من طريق الليث عن أبي الزبير، عن جابر، نحوه.

فنخشى أَنْ يكون ابن عَقِيْلٍ دخل له حديث في حديث.

وقد تفرد برواية الحديث عن ابن عَقِيْلٍ هاشم بن البريد، كما قال أبو حاتم وابن عدي والدارقطني.

وهاشم "ثقة" كما في (التقريب 7252)، لكن اختلف عليه في إسناده؛

فرواه عيسى بن يونس عن هاشم عن ابن عَقِيْلٍ عن جابر، كما في هذه الرواية.

وخالفه محمد بن عبيد الطنافسي - عند أحمد (17597) وغيره -، وعلي بن هاشم - عند البيهقي في (الشعب 2152) -، كلاهما عن هاشم بن البريد، عن ابن عَقِيْلٍ، عن عبد الله بن جابر، بنحو حديث جابر مطولًا، وفيه زيادة في فضل سورة الفاتحة، وسيأتي عقب هذا.

فإن كان هاشم حفظه عن ابن عَقِيْلٍ على الوجهين، فهو دليل على سوء حفظه، أو يكون الاضطراب فيه من هاشم نفسه، فمدار الحديث عليه.

وقد أشار إلى إعلال الحديث بهاشم أبو حاتم الرازي، فسئل عن هذا الحديث، فقال:"لا أعلم روى هذا الحديث أحدٌ غيرُ هاشم بن البريد"

ص: 90

(علل الحديث 68).

وذكره ابن عدي في ترجمة هاشم، وقال:"وهذا لا أعلم رواه عن عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ إِلَّا هاشم"، ثم ختم الترجمة بقوله:"مقدار ما يرويه لم أر في حديثه شيئًا منكرًا، والمناكير تقع في حديث ابنه علي بن هاشم"(الكامل 10/ 351 - 352).

وقال ابن طاهر المقدسي: "رواه هاشم بن البريد الكوفي: عن عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ، عن جابر. وهذا كان من الغلاة، والحديث غير محفوظ عن ابن عَقِيْلٍ، ولا يرويه عنه غيره"(ذخيرة الحفاظ 1183).

وأما المتن فيشهد له ما سبق في الباب، ولعل لذلك تساهل فيه بعض أهل العلم فقووه، لاسيما وقد غضوا الطرف عما ذكرناه من علل:

فقال مغلطاي: "هذا حديث إسناده لا بأس به؛ هاشم: وثقة ابن معين وابن حبان، وقال الإِمام أحمد: لا بأس به. وابن عَقِيْلٍ: تقدّم ذكره، وأن جماعة كانوا يحتجون بحديثه منهم: أحمد، وإسحاق، مع ما عضد حديثه من المتابعات والشواهد، والله أعلم"(شرح ابن ماجه 1/ 241).

وقال ابن الملقن: "رَوَاهُ ابْن ماجه بِإِسْنَاد جويد؛ لأجل سُوَيْد بن سعيد الحدثاني"(تحفة المحتاج 1625).

قلنا: سُوَيد تابعه جماعة، ولذا قال البوصيري:"هذا إسناد حسن؛ لِأَن سُوَيدًا لم ينْفَرد بِهِ فَلهُ متابع عَن عِيسَى بن يُونُس فِي مُسْند أبي يعلى وَغَيره"(مصباح الزجاجة 1/ 52).

وقال ابن حجر: "سنده حسن"(نتائج الأفكار 1/ 208).

* * *

ص: 91

728 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَابِرٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيّ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي، وَأَنَا خَلْفَهُ، حَتَّى دَخَلَ رَحْلهُ، وَدَخَلْتُ أَنَا إِلَى الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا، فَخَرَجَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [و] قَدْ تَطَهَّرَ، فَقَالَ:«عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِخَيْرِ (بِأَخْيَرِ) سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ؟ » قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«اقْرَأِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَخْتِمَهَا» .

[الحكم]:

منكر بهذا السياق، ولبعض فقراته شواهد.

[التخريج]:

[حم 17597 "واللفظ له" / صحا 4055 "والزيادة والرواية له وللضياء" / ضيا (9/ 129/ 112)]

[السند]:

أخرجه أحمد في (مسنده) - ومن طريقه أبو نعيم في (الصحابة)، والضياء في (المختارة) - قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا هاشم - يعني ابن البريد -، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ، عن ابن جابر، به.

وعبد الله بن جابر هذا: هو الأنصاري البياضي.

[التحقيق]:

هذا إسناد منكر؛ لأجل سوء حفظ ابن عَقِيْلٍ، وتفرد هاشم بن البريد عنه

ص: 92

به، والاختلاف عليه في إسناده. وقد تقدم بيان ذلك كله في الحديث السابق.

ولم يلتفت إلى ما ذكرناه بعض أهل العلم، مع شيء من التساهل في حال ابن عَقِيْلٍ، فقوو الحديث:

فقال ابن كثير: "هذا إسناد جيد، وابن عَقِيْلٍ تحتج به الأئمة الكبار"(التفسير 1/ 105).

وقال الهيثمي: "رواه أحمد، وفيه عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ، وهو سيئ الحفظ، وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات"(المجمع 10807).

وقال السيوطي: "وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند جيد

"، وذكره. (الدر المنثور 1/ 16). ورمز لحسنه في (الجامع الصغير 2851).

وتبعه المناوي فقال: "إِسْنَاد حسن أَو صَحِيح"(التيسير 1/ 395).

* * *

ص: 93

رِوَايَةُ: وَهُوَ يَبُولُ:

• وفي رواية: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جابر، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، ثُمَّ قُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، ثُمَّ قُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، قَالَ: وَنَهَضَ، وَدَخَلَ بَعْضَ حُجَرِهِ، قَالَ: فَمِلْتُ إِلَى أُسْطُوَانَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهَا وَأَنَا كَئِيبٌ حَزِينٌ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ، قَالَ: فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ:«عَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ، وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ، عَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ» ، ثُمَّ قَالَ:«يَا عبدَ اللهِ بنَ جَابِر، أَلا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟ » قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«فَاتِحَةُ الْكِتَابِ» ، قَالَ عَلِيٌّ

(1)

: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: «فِيهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» .

[الحكم]:

منكر بهذا السياق.

[التخريج]:

[شعب 2152]

[السند]:

قال البيهقي في (شعب الإيمان 2152): أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا موسى بن الحسن الصقلي، حدثنا محمد بن الجنيد الضبي، حدثنا علي بن هاشم، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ، عن عبد الله بن جابر، به.

(1)

هو علي بن هاشم أحد رواة الخبر.

ص: 94

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ما تقدم بيانه من علل في الرواية السابقة.

وفيه أيضًا: موسى بن الحسن الصقلي، ترجم له الخطيب في (تاريخه 15/ 43)، وابن عساكر في (تاريخه 60/ 404)، والذهبي في (تاريخ الإسلام 6/ 632)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ومحمد بن الجنيد الضبي، لم نعرفه، ولعله محمد بن الجنيد الإسفراييني، المترجم له في (تاريخ الإسلام 6/ 170) فهو من نفس الطبقة، وهو مجهول الحال، فلم يذكره الذهبي بجرح ولا تعديل. والله أعلم.

* * *

ص: 95

729 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» .

[الحكم]:

صحيح المتن من حديث ابن عمر، وهذا إسناده ضعيفٌ، وضعفه ابن عدي، وابن طاهر، وابن حجر.

[التخريج]:

[طش 2100 "واللفظ له" / عد (6/ 269)].

[السند]:

رواه ابن عدي في (الكامل) قال: حدثنا محمد بن جعفر بن يزيد المطيري، حدثنا علي بن زكريا وأحمد بن أشرس الحافظان، قالا: حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، حدثنا الصلت بن الحجاج عن محمد بن جحادة عن رجاء بن حيوة، عن أبي العجفاء، عن عبد الله بن عمرو، به.

ورواه الطبراني في (مسند الشاميين) قال: حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج، ثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني، ثنا الصلت بن الحجاج، عن محمد بن جحادة، عن أبي العجفاء، عن عبد الله بن عمرو، به.

كذا في المطبوع، بإسقاط (رجاء بن حيوة) من سنده، وكذا في الأصل (ق 416)، والصواب إثباته، فقد ذكره الطبراني في ترجمة (رجاء عن ابن عمرو).

ولكن مما يشكل أيضًا، أننا لو أثبتناه بين محمد بن جحادة وأبي العجفاء كما عند ابن عدي، سيكون من رواية رجاء عن أبي العجفاء عن ابن عمرو،

ص: 96

وليس من رواية (رجاء عن ابن عمرو) كما ترجم له الطبراني. فالله أعلم.

وعلى كلِّ حالٍ فالحديث مداره على الصلت بن الحجاج عن محمد بن جحادة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ مداره على الصلت بن الحجاج؛ وقد ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 4/ 304)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 4/ 440). وذكره ابن حبان في (الثقات 6/ 471، 472) على قاعدته.

وذكره ابن عدي في (الكامل 932) وقال: "في حديثه بعض النكرة"، ثم ذكر له جملة من الأحاديث، ختمها بهذا الحديث، وقال - عقبه -:"وهذا عن ابن جُحَادة لا يرويه غير الصلت. وللصلت غير ما ذكرت من الحديث، وليس بالكثير، وفي بعض أحاديثه ما يُنكر عليه، بل عامته كذلك، ولم أجد للمتقدمين فيه كلاما فأذكره". وتبعه ابن الجوزي في (الضعفاء 1702)، والذهبي في (ميزان الاعتدال 3905)، وابن حجر في (اللسان 3935).

وقال الذهبي أيضًا: "له مناكير أوردها ابن عدي"(تاريخ الإسلام 4/ 656)، وقال في (ديوان الضعفاء 1969):"عامة حديثه مناكير".

وقال ابن طاهر: "وهذا عن محمد بن جحادة يرويه الصلت هذا، وهو منكر عن ابن جحادة"(ذخيرة الحفاظ 1157).

وقال الحافظ: "وأما حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه ابن عدي في الكامل بسند ضعيف"(نتائج الأفكار 1/ 212).

* * *

ص: 97

730 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:«مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ ضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ فَتَيَمَّمَ، ثُمَّ رَدَّ عليه السلام» .

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده ضعيفٌ جدًّا، وضعفه ابن عدي، وابن طاهر، ومغلطاي، والبوصيري، وابن حجر. واستغربه الدارقطني.

[التخريج]:

[جه 355 "واللفظ له" / طس 3641 / عد (9/ 471) / فقط (أفراد 5683)].

[السند]:

قال (ابن ماجه): حدثنا هشام بن عمار، حدثنا مسلمة بن علي، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

ومداره - عندهم -: على هشام بن عمار، عن مسلمة بن علي، به.

قال الطبراني - عقبه -: "لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إِلَّا مسلمة بن علي، تفرد به هشام بن عمار".

وقال الدارقطني: "غريب من حديث يحيى عن أبي سلمة، ومن حديث الأوزاعي عنه، تفرد به مسلمة بن علي، عنه"(أطراف الغرائب والأفراد 5683).

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ واهٍ؛ مسلمة بن علي بن خلف الخشني، قال عنه الحافظ:

ص: 98

"متروك"(التقريب 6662).

وذكر ابن عدي هذا الحديث في ترجمته مع جملة من أحاديثه، ثم قال:"وكل أحاديثه ما ذكرته وما لم أذكره كلها أو عامتها غير محفوظة"(الكامل 9/ 481).

وقال ابن طاهر: "رواه مسلمة بن علي الخشني: عن الأوزاعي

، ومسلمة ليس بشيء" (ذخيرة الحفاظ 4968).

وقال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف مسلمة بن علي"(مصباح الزجاجة 1/ 52).

وبه أيضًا ضعفه: مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 240)، وابن حجر في (نتائج الأفكار 1/ 212).

* * *

ص: 99

731 -

حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ:

◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ: «وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ

(1)

».

[الحكم]:

ضعيفٌ بهذا السياق، وضعفه العيني.

[التخريج]:

[طب (2/ 228/ 1945) "واللفظ له" / طس 5402 / فكر (1/ 211)].

[السند]:

أخرجه الطبراني في (الأوسط) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال: ثنا الفضل بن أبي حسان قال: نا عمرو بن حماد بن طلحة القناد قال: ثنا أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، به.

وأخرجه الطبراني في (الكبير) - ومن طريق ابن حجر في (النتائج) -: عن الحسين بن إسحاق التستري، عن الفضل بن أبي حسان، به.

وقال الطبراني: "لا يُرْوى هذا الحديث عن جابر بن سمرة إِلَّا بهذا الإسناد، تفرد به: الفضل بن أبي حسان"(الأوسط).

(1)

في مطبوع (المعجم الكبير): "وعليكم السلام وعليكم السلام"، وكذا في أصله (96/ ب)، ولكن رواه الحافظ من طريقه، بلا تكرار، وكذا رواه الطبراني في (الأوسط)، وكذا عزاه للمعجمين الهيثمي في (المجمع)، فيظهر أَنَّ ما في (المعجم الكبير) سهوًا من ناسخه، والله أعلم.

ص: 100

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه: أسباط بن نصر؛ وهو مختلف فيه، قال عنه الحافظ:"صدوق، كثير الخطأ، يغرب"(التقريب 321). وقد تكلم في روايته عن سماك بن حرب خاصة، قال الساجي:"أسباط بن نصر؛ روى أحاديث لا يُتابَع عليها عن سماك بن حرب"(تهذيب التهذيب 396).

قلنا: وقد تفرد بهذا الحديث عن سماك بن حرب، فمثل لا يقبل منه التفرد، لاسيما وأن سماكًا تغير بأخرة، فربما تلقن، وأسباط ليس من قدماء أصحابه.

ولذا ضعفه العيني في (عمدة القاري 4/ 15).

وأما قول الحافظ: "هذا حديث حسن"(النتائج 1/ 211). ففيه نظر، والله أعلم.

وأما الهيثمي فقال: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وقال: تفرد به الفضل بن أبي حسان. قلت: ولم أجد من ذكره"! (المجمع 1506).

قلنا: ذكره الخطيب في (تاريخ بغداد 14/ 329) وقال: "وكان ثقة". ولعله الفضل بن أبي حسان أبو العباس التغلبي المترجم له في (الجرح والتعديل 7/ 61) فهو من نفس الطبقة، وسئل أبو حاتم عنه فقال:"كتبت عنه، وهو صدوق".

* * *

ص: 101

732 -

حَدِيثُ ابْنِ الصِّمَّةِ:

◼ عَنِ ابْنِ الصِّمَّةِ، قَالَ:«مَرَرْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، حَتَّى قَامَ إِلَى جِدَارٍ فَحَتَّهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعَهُ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْجِدَارِ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ» .

[الحكم]:

منكر بهذا السياق، وضعفه الأثرم، والبيهقي، والخطابي، وابن دقيق العيد، وابن حجر.

[التخريج]:

[أم 44 مختصرا، 103 مختصرا، 106 / شف 38 "واللفظ له"، 88، 89 / خشف 76 / منذ 538 / هق 1007 / هقع 1528، 1530 / بغ 310 / بغت (1/ 436) / نبغ 502 / مغلطاي (2/ 347 - 348)].

[السند]:

رواه الشافعي في (الأم) و (المسند) و (اختلاف الحديث) - ومن طريقه الباقون - قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث (عبد الرحمن بن معاوية)، عن الأعرج، عن ابن الصمة، به.

ابن الصمة: هو أبو الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري.

[التحقيق]:

هذا إسناد تالف؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى شيخ الشافعي؛ "متروك" كما في (التقريب 241). بل وكذبه غير واحد من الأئمة. انظر: (تهذيب التهذيب 1/ 158 - 161).

ص: 102

وبه أعله الأثرم، فقال:"أما حديث أبي جُهيم، فإنما هو من حديث إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك"(الإمام لابن دقيق 3/ 155).

الثانية: أَبو الْحُوَيْرِثِ عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث، قال عنه الحافظ:"صدوق سيء الحفظ رمي بالإرجاء"(التقريب 4011).

وبه أعله ابن دقيق في (الإمام 3/ 155).

الثالثة: الانقطاع؛ بين الأعرج وابن الصمة؛ فأصل الحديث في الصحيحين وغيرهما من طرق عن عبد الرحمن الأعرج، عن عمير مولى ابن عباس، عن أبي الجهيم، لكن بغير هذا السياق، وسيأتي في "كتاب التيمم".

وأعله البيهقي بالعلل الثلاث، فقال: "هذا منقطع؛ عبد الرحمن بن هرمز الأعرج لم يسمعه من ابن الصمة، إنما سمعه من عمير مولى ابن عباس عن ابن الصمة.

وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وأبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية، قد اختلف الحفاظ في عدالتهما" (السنن الكبرى عقب رقم 1007).

ثم إن المحفوظ في متن هذا الحديث: أنه سلم على النبي بعدما قضى حاجته وأقبل، وليس فيه حت الجدار بالعصى، ولا مسح الذراعين. كذا رواه البخاري (337)، ومسلم (369 تعليقًا)، وغيرهما، وسيأتي تخريجه برواياته في كتاب "التيمم".

فالحديث بالسياق المذكور منكر.

ولذا قال الخطابي: "حديث أبي الجهيم في مسح الذراعين لا يصح" (فتح

ص: 103

الباري لابن رجب 2/ 233).

وقال الحافظ: "والثابت في حديث أبي جهيم أيضًا بلفظ: «يديه»، لا «ذراعيه»؛ فإنها رواية شاذة، مع ما في أبي الحويرث وأبي صالح من الضعف"(الفتح 1/ 350).

ومع هذا قال البغوي: "هذا حديث حسن"!! (شرح السنة 2/ 115)، وأقره مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 347 - 348). وهذا تساهل ظاهر.

* * *

ص: 104

733 -

حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ:

◼ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عليه السلام حَتَّى فَرَغَ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق، وضعفه أبو نعيم، والحافظ.

[التخريج]:

[طس 7706 "واللفظ له" / فكر (1/ 209)].

[السند]:

أخرجه الطبراني في (الأوسط) - ومن طريق ابن حجر في (نتائج الأفكار) - قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو السائب ثنا أحمد بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب حدثني بكر بن سوادة أبو عبيدة الناجي عن الحسن عن البراء بن عازب، به.

قال الطبراني - عقبه -: "لا يُرْوى عن البراء إِلَّا بهذا الإسناد؛ تفرد به زيد بن الحباب".

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه: أبو عبيدة الناجي بكر بن الأسود: "متروك"، كما قال الذهبي في (ديوان الضعفاء 634)، وقال الحافظ ابن حجر:"واهٍ"(لسان الميزان 9/ 117).

وقد خالفه أصحاب الحسن؛ فرروه عنه من حديث المهاجر، كما تقدم قريبًا.

ولذا قال أبو نعيم الأصبهاني: "ورواه أبو عبيدة الناجي، عن الحسن، عن

ص: 105

البراء بن عازب، فخالف أصحاب الحسن، وأبو عبيدة ضعيف مضطرب الحفظ" (معرفة الصحابة 5/ 2577).

وقال الحافظ: "أبو عبيدة الناجي بالنون والجيم بصري ضعيف، وقد شذّ في قوله عن البراء، والمحفوظ عن الحسن ما تقدم عن أبي ساسان عن المهاجر"(نتائج الأفكار 1/ 209).

قلنا: وقد اضطرب أبو عبيدة الناجي في متنه أيضًا؛ فقال مرة (وهو يبول) كما هنا، وقال مرة:(وهو يتوضأ) كما عند الخرائطي في (مكارم الأخلاق 857) و (مساوئ الأخلاق 870). وسيأتي في كتاب الوضوء.

وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفه"! (المجمع 1505).

* * *

ص: 106