الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
124 - بَابُ ما رُوِي في الِاسْتِنْجَاءِ بِالتُّرَابِ والأعواد والنواة ونحوها
820 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مَرَّ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ التَّغَوُّطِ؟ «فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَنَكَّبَ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَقْبِلَهَا، وَلا يَسْتَدْبِرَهَا، وَلَا يَسْتَقْبِلَ الرِّيحَ (أَنْ يَسْتَعْلِيَ
(1)
الرِّيحَ)، وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ حَثَيَاتٍ مِنْ تُرَابٍ».
[الحكم]:
إسنادُه ساقط بهذا السياق، وضعفه الدارقطني - وأقره البيهقي، والغساني، وابن دقيق، وابن الملقن -، وابن عدي - وأقره ابن القيسراني -، وعبد الحق الإشبيلي.
والنهي عن استقبال القبلة، والاستنجاء بثلاثة أحجار، ثابت من حديث سلمان وغيره، كما تقدم، أما النهي عن استقبال الريح، والاستنجاء بالأعواد والتراب، فلم يأت من طريق صحيح، فهو منكر.
(1)
تحرفت في طبعة دار الفكر من "الكامل" إلى: "يستفلي"، وهي على الصواب في طبعتي:(الرشد، والعلمية).
[التخريج]:
[قط 154 "واللفظ له" / هق 544 "والرواية له ولغيره" / عد (10/ 10) / خلال (أمالي 87)]
سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، وَاسْتِدْبارِها عِندَ قَضاءِ الحاجَةِ".
* * *
821 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ حَاجَتَهُ فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ بِثَلَاثِ حَثَيَاتٍ مِنَ التُّرَابِ» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وضعفه الدارقطني - وأقره ابن الجوزي وأبو بكر الغساني، وابن دقيق العيد، وابن حجر -، والبيهقي.
[التخريج]:
[قط 155 "واللفظ له" / علج 541].
سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، وَاسْتِدْبارِها عِندَ قَضاءِ الحاجَةِ".
* * *
822 -
حَدِيثُ طَاوُسٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْبَرَازَ فَلْيُكْرِمْ قِبْلَةَ اللَّهِ تعالى؛ فَلَا يَسْتَقْبِلْهَا وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا، ثُمَّ لِيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثِ حَثَيَاتٍ مِنَ تُرَابِ، ثُمَّ لِيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي، وَأَمْسَكَ عَلَيَّ مَا يَنْفَعُنِي» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وإسناده مرسل ضعيف، وضعفه البيهقي، وابن القطان، ابن الصلاح، والعراقي، وابن حجر، والسيوطي، والألباني.
[التخريج]:
[ش 12، 30528 "مقتصرًا على الدعاء" / طع 371 "مقتصرًا على الدعاء" / قط 156 "واللفظ له"، 157، 158 / ...... ]
سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، وَاسْتِدْبارِها عِندَ قَضاءِ الحاجَةِ".
* * *
823 -
حَدِيثُ عُمَرَ:
◼ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَالَ، فَـ[لما فرغ] 1 مَسَحَ ذَكَرَهُ
(1)
بِالتُّرَابِ، [ثم توضأ] 2 ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:«هَكَذَا عُلِّمْنَا» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعفه الإمام أحمد وابن عدي وأبو نعيم وابن القيسراني، وابن دقيق ومغلطاي والهيثمي.
[التخريج]:
[طس 4584 "واللفظ له" / مصفار (الإمام 2/ 552) "والزيادة الأولى له" / عد (4/ 552) "والزيادة الثانية له"، (8/ 513) / حل (4/ 354)]
[السند]:
رواه الطبراني في (الأوسط 4584)، وابن عدي في (الكامل 8/ 513) - والسياق للطبراني- قالا: حدثنا عبدان بن أحمد قال: نا هشام بن عَمَّارٍ، وَدُحَيْمٌ، قالا: نا الوليد بن مسلم قال: نا روح بن جناح، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.
ورواه أبو نعيم في (الحلية 4/ 354) عن محمد بن عبد الله بن سعيد، قال: ثنا عَبْدَانُ
…
، به.
ثم قال: "حدثناه سليمان عن عبدان، وقال الوليد: عن مروان بن
(1)
وقع في المطبوع من (الكامل 5/ 364): "يده"! ، والمثبت هو الصواب كما في بقية المراجع، وهو كذلك في الموضع الثاني من (الكامل) وهو بنفس الإسناد.
جناح"! .
وسليمان: هو الطبراني وقد سبق عنده من رواية روح، وليس من رواية أخيه مروان! ! .
وتوبع عليه عبدان:
فرواه ابن عدي في (الكامل 4/ 552) عن جعفر بن أحمد بن عاصم وعبدان قالا: ثنا هشام بن عمار ثنا الوليد ثنا أبو سعد روح بن جناح ثنا عطاء بن السائب، به.
ورواه أحمد بن عبيد في مسنده من حديث الوليد بن مسلم، به كما في (الإمام 2/ 552).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى إلا عطاء بن السائب، ولا عن عطاء إلا روح بن جناح، تفرد به: الوليد بن مسلم".
[التحقيق]:
هذا إسناده ضعيف جدًّا، فيه ثلاث علل:
الأولى: روح بن جناح، قال ابن حجر:"ضعيف، اتهمه ابن حبان"(التقريب 1961).
قلنا: واتهمه ابن الجوزي أيضًا (الموضوعات 1/ 147)، وانظر:(الميزان 2/ 57).
وفي ترجمته روى ابن عدي هذا الحديث، ثم قال فيه:"ربما أخطأ في الأسانيد، ويأتي بمتون لا يأتي بها غيره، وهو ممن يكتب حديثه" (الكامل
4/ 552)
أي: يكتب حديثه للاعتبار، فلعله يتابع، وهو هنا لم يتابع عليه، بل تفرد به، قال أبو نعيم:"غريب، تفرد به الوليد عن روح"(الحلية 4/ 354).
وقال ابن طاهر: "رواه روح بن جناح .. ، وروح هذا أنكر عليه غير حديث، وهو ضعيف"(ذخيرة الحفاظ 3035).
وقال الهيثمي: "فيه روح بن جناح، وهو ضعيف"(المجمع 1052).
الثانية: عطاء بن السائب؛ كان قد اختلط، وفي ترجمته روى ابن عدي هذا الحديث، ثم قال فيه:"اختلط في آخر عمره، فمن سمع منه قديما مثل الثوري وشعبة، فحديثه مستقيم، ومن سمع منه بعد الاختلاط، فأحاديثه فيها بعض النكرة"(الكامل 8/ 514).
قلنا: وروح ليس ممن سمع منه قديما قبل اختلاطه، انظر:(تهذيب التهذيب 7/ 207).
الثالثة: الانقطاع؛ فابن أبي ليلى وُلِد لست بَقَيْنَ من خلافة عمر، فلم يسمع منه، وقد جزم بذلك شعبة وابن معين وأحمد وأبو حاتم وغيرهم، ولذا قال الخليلي:"الحفاظ لا يثبتون سماعه من عمر"(تهذيب التهذيب 6/ 262)، (تحفة التحصيل /ص 204، 205).
وعليه، فقوله في هذا الحديث:"رأيتُ عمرَ"، خطأ إما من روح أو من عطاء، وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد، فقد ذكر الخلَّال عن مُهَنّأ أنه ذكر لأحمد أَنَّ عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عمر بن الخطاب بال، الحديث
…
، فقال أحمد: "ليس بصحيح، قال شعبة: قال الحكم: إنما كان لعبدالرحمن بن أبي ليلى حين قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ست سنين أو
سبع سنين"اهـ، نقله ابن دقيق في (الإمام 2/ 552)، وأقره.
وكذلك أقره مغلطاي في (شرح ابن ماجه)، وزاد فقال:"شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال: كان لعمر مكان يبول فيه، لم يذكر: رأيت عمر"(شرح ابن ماجه 1/ 253).
ويشير بذلك إلى ما رواه البغوي في (مسند ابن الجعد 142)، وابن المنذر في (الأوسط 298) من طريق شعبة عن الحكم، عن ابن أبي ليلى قال:«كَانَ لِعُمَرَ مَكَانٌ قَدِ اعْتَادَهُ يَبُولُ فِيهِ، فَكَانَ لَهُ كَوَّةٌ فِي الحَائِطِ، فِيهَا عَظْمٌ (! ) أَوْ حَجَرٌ، فَكَانَ [إِذَا بَالَ] يَمْسَحُ بِهِ إِحْلِيلَهُ (ذَكَرَهُ) [ثَلَاثًا]، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، وَلَا يَمَسُّهُ مَاءٌ» .
ورواه عبد الرزاق عن عبد الله بن كثير عن شعبة عن الحكم عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: "كان عمر يبول ثم يمسح ذكره بحجر أو بغيره، فإذا توضأ لم يمس ذكره بالماء"، عزاه السيوطي في (جمع الجوامع 15/ 808) لمصنف عبدالرزاق، ونقله ابن كثير بسنده في (مسند الفاروق 29)، ثم قال:"هذا أثر جيد الإسناد، مع أَنَّ فيه انقطاعًا على قول، والله أعلم "(1/ 136).
وهو مع انقطاعه موقوف، فلم يرفعه، ولا ذكر سماعًا من عمر كما في رواية عطاء! .
وقد ثبت هذا الموقوف عن عمر من وجه آخر:
فرواه ابن أبي شيبة في (المصنف 590) قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن يَسَارِ بن نُمَيْرٍ، قَالَ:«كَانَ عُمَرُ إِذَا بَالَ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَائِطٍ، أَوْ بِحَجَرٍ وَلَمْ يُمِسَّهُ مَاءً» .
ورواه عَبَّاسٌ التَّرْقُفِيّ في جزء له (116) -ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 545) والسياق له - عن يحيى بن يعلى، حدثنا أبي، عن غيلان، عن أبي إسحاق، عن مولى عمر يسار بن نمير، قال:" كَانَ عُمَرُ إِذَا بَالَ قَالَ: نَاوِلْنِي شَيْئًا أَسْتَنْجِي بِهِ قَالَ: فَأُنَاوِلُهُ العُودَ وَالحَجَرَ، أَوْ يَأْتِي حَائِطًا يَمْسَحُ بِهِ أَوْ يمسه الأَرْضَ، وَلَمْ يَكُنْ يَغْسِلُهُ".
قال البيهقي عقبه: "وهذا أصح ما رُوِي في هذا الباب وأعلاه".
قلنا: سنده صحيح لو سلم من عنعنة أبي إسحاق السبيعي، وهو كذلك:
فقد رواه ابن المنذر في (الأوسط 297) من طريق حجاج عن شعبة
(1)
، قال: أخبرني أبو إسحاق، قال: سمعت يسار بن نمير، قال:«رَأَيْتُ عُمَرَ بَالَ ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا فَمَسَحَ بِهِ ذَكَرَهُ» .
وعليه، فالمحفوظ في حديث الباب الوقف، والله أعلم.
* * *
(1)
- تحرف في طبعة دار طيبة (298) إلى: "شعيب"، والمثبت من طبعة دار الفلاح، وهو الصواب.
824 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بَالَ الرَّجُلُ وَمَسَحَ ذَكَرَهُ بِالْجِدَارِ (بالتراب) ثَلَاثًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف معلول، أعله ابن يونس وأبو موسى المديني، وقال الجورقاني:"هذا حديث باطل".
[التخريج]:
[يونس (مغلطاي 1/ 171) والرواية له / مديني (نزهة ص 82) "واللفظ له" / طيل 341]
[السند]:
رواه ابن يونس في تاريخه كما في (شرح ابن ماجه 1/ 171) - ومن طريقه أبو موسى المديني في (نزهة الحفاظ ص 82)
(1)
، والجورقاني في (الأباطيل 341) - قال: حدثنا العباس بن محمد البصري
(2)
، قال: حدثنا
(1)
في المطبوع منه سقط ظاهر، فهو عنده من رواية ابن مَنْدَهْ "محمد بن إسحاق الحافظ قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن يونس". وأحمد بن يونس هو والد صاحب التاريخ وكنيته أبو الحسن، فأما ابن يونس صاحب التاريخ والذي يروي عنه ابن مَنْدَهْ فهو "أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس"، وهكذا جاء في الأباطيل للجورقاني، وهو عنده من رواية ابن مَنْدَهْ أيضًا، غير أنه تحرفت فيه نسبة ابن يونس وهي "الصدفي" إلى: "الصيرفي"! .
(2)
تحرفت في (النزهة/ طبعة مؤسسة الكتب الثقافية) إلى: "النضري"، وجاءت على الصواب في (طبعة دار الكتب العلمية - المسماة بفوائد ابن مَنْدَهْ -/ 2328)، وفي الأباطيل.
سلمة بن شبيب، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هُبَيْرَةَ عن عبد الله بن مُعْتِبٍ عن عبد الله بن عمرو
(1)
، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف معلول، فيه علتان:
الأولى: عبد الله بن لهيعة؛ العمل على تضعيف حديثه كما تقدم مرار.
ولذا قال الجورقاني: "هذا حديث باطل، (لمكان)
(2)
عبد الله بن لهيعة، فإن يحيى بن معين، قال: هو ضعيف الحديث، وقال أحمد بن حنبل: فهو متروك الحديث" (الأباطيل والمناكير/ 341).
والظاهر أَنَّ ابن لهيعة قد أخطأ في سنده، كما تراه في:
العلة الثانية: الإعلال بالإرسال، فقد قال ابن يونس -عقب الحديث عند أبي موسى-:"الصواب مرسل"، وأقره أبو موسى المديني، (نزهة الحفاظ ص 82 - 83).
ولم نقف على هذا الوجه المرسل، ولكن ابن يونس إمام كبير في هذا الشأن، فقوله عمدة ما لم يقم الدليل على خلافه.
هذا، وقد نقل مغلطاي عن ابن يونس أنه قال -عقب الحديث أيضًا-:
(1)
في المطبوع من (شرح ابن ماجه): "عبد الله بن عمر"، وهو تحريف، كما تحرف فيه "هبيرة" إلى:"زهرة"! ، وجاءتا على الصواب في (النزهة)، و (الأباطيل)، ويؤيده ما ذكر أعلاه في ترجمة ابن معتب.
(2)
- في المطبوع: "لما كَانَ"، ولعل المثبت هو الصواب.
"الصحيح من هذا موقوف على ابن عمر"(شرح ابن ماجه 1/ 171).
كذا في المطبوع: "ابن عمر"، فهل هو محرف من "ابن عمرو"؟ كما تحرف في السند آنفًا! ، وحينئذ فهو مشكل، فعند أبي موسى قال ابن يونس:"الصواب مرسل"، وعند مغلطاي قال:"الصحيح من هذا موقوف"، فهل أعله ابن يونس بالإرسال؟ أم أعله بالوقف؟ ! .
قلنا: الأقرب أَنَّ عبارته عند مغلطاي ليست محرفة
(1)
، ومراده أَنَّ هذا المعنى أو هذا الباب لا يصح فيه حديث مرفوع، وإنما يصح فيه أثر موقوف على ابن عمر، وحينئذ يستقيم القولان، فكل قد قاله ابن يونس، أعل الحديث المرفوع بالإرسال، وأشار إلى الثابت في هذا الباب، وهو أثر ابن عمر الموقوف.
وقد روى ابن أبي شيبة في (المصنف 1788) عن وكيع، عن ابن أبي ذئب عن مولى لابن أزهر، قال:"شَكَوْتُ إلَى ابْنِ عُمَرَ الْبَوْلَ، فَقَالَ: إذَا تَوَضَّات فَانْضَحْ، وَالْهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ".
ورواه ابن المنذر في (الأوسط 156) من طريق يحيى القطان، عن ابن أبي ذئب، قال: حدثني مولى ابن أَزْهَرَ، قال: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: يَخْرُجُ مِنِّي الْبَوْلُ؟ قال: "انْضَحْهُ، قُلْتُ: يَخْرُجُ مِنِّي الْبَوْلُ، قَالَ: انْضَحْهُ وَدَعْهُ".
فالظاهر أَنَّ هذا هو ما عناه ابن يونس بقوله: "الصحيح من هذا موقوف على ابن عمر"، وقد تعقبه مغلطاي، فقال:"وهو في جامع عبد الرزاق مسندًا"(شرح ابن ماجه 1/ 171).
(1)
- ولعل هذا هو السبب في تحريف الموضع الأول، حيث ظن الناسخ أَنَّ صاحب الموقوف هو نفسه صاحب المرفوع.
قلنا: لم نجد في هذا المعنى عند عبدالرزاق شيئًا مسندًا، وإنما روى في (بَاب قَطْرِ الْبَوْلِ) عن حُمَيْدِ بن هلال، أن حذيفة بن اليمان قال:"إِذَا تَوَضَّاتُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنِّي شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنِّي لَا أَعُدُّهُ بِهَذِهِ - أَوْ قَالَ: مِثْلَ هَذِهِ - وَوَضَعَ رِيقَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ"(المصنف 591).
وعليه، فقد أخطأ ابن لهيعة في وصله لهذا الحديث، وليس في السند من يمكن الحمل عليه سواه، فأما بقية رجاله، فـ:
* العباس بن محمد البصري، الحافظ، الناقد، أبو الفضل الفزاري المصري، قال ابن يونس:"أَكْثَرتُ عنه، وكان يُعْرَفُ بالبصري، ما رأيت أحدًا قط أثبت منه"(السير 14/ 229).
* وسلمة بن شَبِيْبٍ: ثقة من رجال مسلم، وهو إمام، حافظ، أيضًا (السير 12/ 256).
* أبو عبد الرحمن المقرئ: هو عبد الله بن يزيد، أحد العبادلة، ثقة روى له الجماعة، وهو أيضًا إمام، حافظ حجة (السير 10/ 166).
* عبد الله بن هُبَيْرَةَ المصري، ثقة من رجال مسلم.
* عبد الله بن مُعْتِبٍ -ويقال: مُعَتِّب-: هو المرادي، صاحب أخبار الملاحم، شهد فتح مصر، وكان جليسًا لعبد الله بن عمرو بن العاص، روى عنه أبو قبيل، وعبد الله بن هبيرة وعبد الله بن مرة، والأقمر الخولاني وغيرهم، قاله ابن يونس، ونقله عنه ابن ماكولا في (الإكمال 7/ 217)، وترجمه ابن ناصر الدين في (التوضيح 8/ 241)، وابن حجر في (التبصير 4/ 1309)، وقالا:"صاحب أخبار وملاحم، روى عنه أبو قبيل والمصريون".
فمجالسته لابن عمرو، مع رواية هذا الجمع عنه تشعر بصدقه، والله أعلم.
وقد ترجم الذهبي في (الميزان 2/ 507) لـ"عبد الله بن معتب عن أبي هريرة، قال الأزدي: ليس بذاك"، ولم يزد عليه الحافظ في (اللسان 4471، 3/ 365)، وهذا غير صاحبنا، لاسيما وقد سمي في (بغية الطلب 1/ 383):"عبد الله بن مغيث مولى الزبير".
وعلى أية حال، فلا يصح بداهة حمل الخطأ في وصل المرسل على ابن معتب، إذ هو صاحب المرسل الذي وُصِل خطأ!.
* * *
825 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَن أَنَس رضي الله عنه، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الاسْتِنْجَاءُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ، وَبِالتُّرَابِ إِذَا لَمْ يَجِدْ حِجَارَةً، ولا يُسْتَنْجِى بشَيْءٍ قَدِ اسْتُنْجِيَ بِهِ مَرَّةً» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعفه ابن عدي، والبيهقي، وابن طاهر القيسراني، والنووي، وابن دقيق.
[التخريج]:
[عد (1/ 464 - 2/ 39) "واللفظ له"، (8/ 63) / هق 546، 547]
سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ".
* * *
826 -
حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، أَوْ أَبِي الدَّرْدَاءِ:
◼ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَوْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهما:«أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَالَ إِلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ أَخَذَ نَوَاةً فَوَضَعَهَا عَلَى ذَكَرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ» .
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعفه مغلطاي.
[التخريج]:
[متشابه (1/ 72، 73)]
[السند]:
رواه الخطيب (تلخيص المتشابه 1/ 72، 73) قال: أنا أحمد بن عبد الواحد بن محمد الدمشقي، بها، أخبرنا جَدِّي أبو بكر بن أحمد بن عثمان السلمي، أخبرنا عبد العزيز بن قيس بن حفص المصري، نا إبراهيم بن مرزوق، ثنا أبو عاصم، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن زياد، عن أبي الشعثاء، عن أبي ذَرٍّ، أو أبي الدرداء، به.
[التحقيق]:
إسناده ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: سعيد بن زياد، ترجم له الخطيب في (تلخيص المتشابه 1/ 72)، ولم يذكر فيه سوى قوله:"حدث عن أبي الشعثاء، روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي"، وفي تعيينه لابن إسحاق هذا نظر كما سيأتي، وقد فرق الخطيب بين سعيد هذا وبين سعيد الذي يروي عنه سعيد بن أبي هلال، وعلى هذا فلم نجد من ترجم له غيره، فهو لا يعرف، وإن كان هو الذي يروي عنه ابن أبي هلال فهو مجهول أيضًا (التقريب 2309).
الثانية: محمد بن إسحاق الراوي عن سعيد، زعم الخطيب كما مر أنه هو ابن إسحاق بن يسار المطلبي، ووهم في ذلك، فقد ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 1/ 40)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 7/ 194)، وابن حبان في (الثقات 9/ 49)، وفرقوا بينه وبين ابن يسار الإمام المطلبي صاحب المغازي، وقال أبو حاتم الرازي في الراوي عن سعيد، صاحب هذا الحديث:"هو مجهول"، وتبعه ابن الجوزي في (الضعفاء 2879)، والذهبي في (المغني 5276)، و (الديوان 3592)، و (الميزان 3/ 476)، وبهذا تعقب ابن قُطْلُوْبَغَا على ابن حبان في كتابه (الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة 9446).
الثالثة: الانقطاع، إن كان أبو الشعثاء: هو جابر بن زيد، وهو ما يقتضيه صنيع ابن حبان في (الثقات 9/ 49)، ويؤيده أنَّ الذي يُعْرَفُ عند إطلاق هذه الكنية: أبو الشعثاء جابر بن زيد، وجابر بن زيد لا يعرف له سماع من أبي ذر ولا من أبي الدرداء، بل ولا يعرف له رواية عن واحد منهما.
وبقية رجال الإسناد ثقات إلا أن عبد العزيز بن قيس المصري قال فيه ابن يونس: "كان ثقة، ولكن لم يكن من أهل المعرفة بالحديث"(تاريخ ابن يونس 861).
والحديث ضعف سنده الحافظ مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 171).
* * *