الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
116 - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ
749 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«[إِنَّهُمَا لَـ] 1 يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ» ، ثُمَّ قَالَ:«بَلَى [إِنَّهُ لَكَبِيرٌ] 2، كَانَ أَحَدُهُمَا لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ (البَوْلِ) 1، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ [رَطْبَة] 3، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ (فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ) 2، فَوَضَعَ عَلَى (فَغَرَزَ فِي) 3 كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ:«لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا - أَوْ: إِلَى أَنْ يَيْبَسَا -» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[الفوائد]:
قال الخطابي: "قوله وما يعذبان في كبير معناه أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أَنْ يفعلاه وهو التنزه من البول وترك النميمة ولم يرد أَنَّ المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين وأن الذنب فيهما هين سهل"(معالم السنن 1/ 19).
قال النووي رحمه الله: "روي ثلاث روايات (يَسْتَتِرُ) بتائين مثناتين، وَ (يَسْتَنْزِهُ)
بالزاي والهاء، و (يَسْتَبْرِئُ) بالباء الموحدة والهمزة، وهذه الثالثة في البخاري وغيره وكلها صحيحة ومعناها لا يتجنبه ويتحرز منه والله أعلم" (شرح مسلم 1/ 201).
وقال الحافظ ابن حجر: "قوله (لَا يَسْتَتِرُ) كذا في أكثر الروايات بمثناتين من فوق الأولى مفتوحة والثانية مكسورة، وفي رواية ابن عساكر:(يَسْتَبْرِئُ) بموحدة ساكنة من الاستبراء، ولمسلم وأبي داود في حديث الأعمش:(يَسْتَنْزِهُ) بنون ساكنة بعدها زاي ثم هاء.
فعلى رواية الأكثر، معنى الاستتار: أنه لا يجعل بينه وبين بوله سترة يعني لا يتحفظ منه. فتوافق رواية لا يستنزه؛ لأنها من التنزه وهو الإبعاد، وقد وقع عند أبي نعيم في المستخرج من طريق وكيع عن الأعمش:«كَانَ لَا يَتَوَقَّى» ، وهي مفسرة للمراد، وأجراه بعضهم على ظاهره فقال: معناه لا يستر عورته، وضعف بأن التعذيب لو وقع على كشف العورة لاستقل الكشف بالسببية واطرح اعتبار البول، فيترتب العذاب على الكشف سواء وجد البول أم لا، ولا يخفى ما فيه
…
، وأما رواية الاستبراء فهي أبلغ في التوقي" (فتح الباري 1/ 318).
وقد ثبت حديث الصحيحين: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ عَذَابَ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» من الاستتار. أي لا يجعل بينه وبين بوله ساترا يمنعه عن الملامسة له، أو: لأنه لا يستبرئ، من الاستبراء، أو: لأنه لا يتوقاه، وكلها ألفاظ واردة في الروايات، والكل مفيد لتحريم ملامسة البول وعدم التحرز منه" (سبل السلام 1/ 119 - 120).
وذكر ابن بطال هذه الروايات الثلاث، وذكر أَنَّ عبد الرزاق رواه بلفظ:
(كان لَا يَتَأَذَّى مِنْ بَوْلِهِ)
(1)
، ثم قال:"هذه الروايات كلها معناها متقارب"(شرح صحيح البخاري 1/ 325).
[التخريج]:
[خ 216 "واللفظ له"، 218 "والزيادة الأولى والثالثة، والروايات الثلاث له ولغيره"، 1361، 1378، 6052، 6055 "والزيادة الثانية له" / م 292 / د 20، 21 / ت 71 / كن 29، 2401، 2402، 11725 / حم 1981 / خز 59، 60 / حب 3132 مختصرًا / عه 567، 568 / ش 1313، 12171، 12172 / بز 4846، 4847 / حق (مسند ابن عباس 752 - 754، 871) / طوسي 61 / هق 4194 / هقع 4955، 4956 / هقب 117، 118، 119 / يمند 1071 / تطبر (مسند عمر 900 - 902) / زو 444 / زهن 1213 / وصف 296 / بغ 183 / محلى (1/ 177 - 178) / غافل 215 / مخلدي (ق 286/أ - ق 286/ب)].
[السند]:
قال البخاري (216): حدثنا عثمان، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
كذا رواه منصور، وخالفه الأعمش، فزاد في إسناده طاوسًا:
فأخرج البخاري (218) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن خازم، قال: حدثنا الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، به.
(1)
ولم نقف عليه في المطبوع من المصنف، لأنه من الجزء الساقط في أوله، يسر الله من يقف عليه ويعمل على نشره.
ثم قال: وقال محمد بن المثنى، وحدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، قال: سمعت مجاهدًا مثله: «يستتر من بوله» .
وأخرجه مسلم: عن أبي سعيد الأشج، وأبي كريب محمد بن العلاء، وإسحاق بن إبراهيم: عن وكيع، حدثنا الأعمش، قال: سمعت مجاهدًا، يحدث عن طاوس، عن ابن عباس، به.
[تنبيه]:
اختلف أهل العلم في الترجيح بين رواية الأعمش ومنصور؛
فقال الترمذي: "وروى منصور هذا الحديث، عن مجاهد، عن ابن عباس، ولم يذكر فيه عن طاوس، ورواية الأعمش أصح، وسمعت أبا بكر محمد بن أبان البلخي مستملي وكيع، يقول: سمعت وكيعًا، يقول: الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور"(السنن عقب رقم 71).
وقال في (العلل): "سألت محمدًا عن حديث مجاهد عن طاوس عن ابن عباس
…
فقال: الأعمش يقول عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس، ومنصور يقول عن مجاهد عن ابن عباس ولا يذكر فيه طاوس.
قلت: أيهما أصح؟ قال: حديث الأعمش" (العلل الكبير ص 42).
قلنا: ومع هذا فقد أخرج البخاري في (صحيحه 216) رواية منصور كما سبق، فكأن ترجيحه لرواية الأعمش لا يقتضي أَنَّ رواية منصور مرجوحة، بدليل أنه أخرج الروايتين في "صحيحه".
قال الحافظ: "وإخراجُه - يعني البخاريّ - له على الوجهين يقتضي صحتهما عنده، فيُحمل على أنَّ مُجاهدًا سمعه من طاوس، عن ابن عباس، ثمَّ سمعه من ابن عباسٍ بلا واسطةٍ، أو العكس، ويؤيدُهُ أنَّ في سياقه عن
طاوس زيادة على ما في روايته عن ابن عباسٍ" (الفتح 1/ 317).
قلنا: ولعل ذلك لرواية شعبة له عن الأعمش أيضًا بإسقاط (طاوس)، كما قال مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 228).
كذلك رواه أبو داود الطيالسي في (مسنده 2768) ومن طريقه أبو موسى المديني في (الترغيب) - كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 228) -.
وابن حبان في (صحيحه 3132)، والطبري في (تهذيب الآثار 900 مسند عمر) من طريق ابن أبي عدي.
كلاهما: عن شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
قال مغلطاي: "وفي (حديث الأعمش) عند الإسماعيلي، من طريق شعبة عنه:(ثنا مجاهد)، قال شعبة: وأخبرني منصور مثلَ إسناد سليمان وحديثه. فلم أنكره منه، فهذا الأعمش
رواه كما رواه منصور؛ فظهر بذلك ترجيح حديثه على غيره" (شرح ابن ماجه 1/ 228). ثم مال إلى تصحيح الوجهين، وقد سبقه لذلك فريق من أهل العلم، منهم:
ابن خزيمة حيث روى الطريقين في صحيحه.
وجزم به ابن حبان فقال: "سمع هذا الخبر مجاهد عن ابن عباس وسمعه عن طاوس عن ابن عباس فالطريقان جميعًا محفوظان"(الصحيح عقب رقم 3129).
وقال ابنُ حزمٍ: "وأمَّا روايةُ هذا الخبر مرة عن مجاهد، عن ابن عباسٍ، ومرةً عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباسٍ، فهذا قوةٌ للحديث، ولا يتعلل بهذا إلَّا جاهلٌ أو مكابرٌ للحقائق؛ لأنَّ كليهما إمامٌ، وكلاهما صحب ابن عباس الصحبة الطويلة. فسمعه مجاهد من ابن عباسٍ، وسمعهُ أيضًا من
طاوس، عن ابن عباسٍ، فرواه كذلك" (المحلى 1/ 179).
وأما قول الدارقطني في (التتبع): "وأخرجا جميعًا حديث الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس (في قصة القبرين وأن أحدهما كان يستبرئ من بوله). وقد خالفه منصور فأسقط طاوسًا.
وأخرج البخاري وحده حديث منصور وحده على إسقاطه طاوسًا" (الإلزامات والتتبع 178).
فقد أجاب عنه الحافظ، فقال:"وهذا في التحقيق ليس بعلة؛ لأن مجاهدًا لم يوصف بالتدليس وسماعه من ابن عباس صحيح في جملة من الأحاديث، ومنصور عندهم أتقن من الأعمش مع أَنَّ الأعمش أيضًا من الحفاظ فالحديث كيفما دار دار على ثقة والإسناد كيفما دار كان متصلًا فمثل هذا لا يقدح في صحة الحديث إذا لم يكن راويه مدلسًا وقد أكثر الشيخان من تخريج مثل هذا ولم يستوعب الدارقطني انتقاده والله الموفق"(هدي الساري ص 350).
* * *
رِوَايَةُ: يَسْتَنْزِهُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ بلفظ: « .... وَكَانَ الْآخَرُ لَا يَسْتَنْزِهُ عَنِ الْبَوْلِ أَوْ مِنَ الْبَوْلِ
…
».
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 292 "واللفظ له" / د 20 / ن 31 / حم 1980 / مي 757/ حب 3131/ عب (بطال 1/ 325) / مسن 674، 675 / هق 513، 4194 / هقخ 379 / هقغ 51 / شعب 10588 / حداد 247 / غيب 2439 / زمب (زوائد المروزي 1220، 1221) / جر 848 - 851 / طاهر (تصوف 57، 58) / زاهر (العبدي 97) / لك 2133 / شجر 2961]
[السند]:
قال مسلم: حَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. يعني بالإسناد السابق (عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ).
* * *
رِوَايَةُ: يَسْتَبْرِئُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ بلفظ: «
…
كَانَ لا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ،
…
».
[الحكم]:
رواية صحيحة، وصححها النووي.
[التخريج]:
[خ (رواية ابن عساكر - الفتح 1/ 318)، (شرح مسلم للنووي 1/ 201)
(1)
/ ن 2068، 2069 / ش 12164 "واللفظ له" / جا 131 / منذ 685 / تطبر (مسند عمر 898، 899) / فة (3/ 149) / زهن 360 / مشكل 5190 / مسخ 223، 224، 238 / سمع 251 / شيو 263 / تحقيق (1/ 117) / فوائد ابن صخر (وهم 2/ 136) / جوهري (أربع ق 123/أ)].
[السند]:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 12164) قال: حدثنا وكيع وأبو معاوية، عن الأعمش، قال: سمعت مجاهدا يحدث عن طاووس، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، وكذا رواه غير واحد من طريق وكيع وأبي معاوية عن الأعمش به بهذا اللفظ.
بل وقع كذلك في صحيح البخاري - في رواية ابن عساكر - قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
(1)
وانظر: حاشية طبعة طوق النجاة على الحديث رقم (216، 218).
وقال البخاري: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن خازم، قال: حدثنا الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، به.
وكذا رواه النسائي في (المجتبى 2068) قال: أخبرنا محمد بن قدامة، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
ورواه النسائي (2069) قال: أخبرنا هناد بن السري، في حديثه، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، به.
وهذه الرواية لا تعدو كونها رواية بالمعنى، قال النووي:"روي ثلاث روايات (يَسْتَتِرُ) بتائين مثناتين، و (يَسْتَنْزِهُ) بالزاي والهاء، و (يَسْتَبْرِئُ) بالباء الموحدة والهمزة، وهذه الثالثة في البخاري وغيره، وكلها صحيحة، ومعناها: لا يتجنبه ويتحرز منه والله أعلم"(شرح مسلم 1/ 201).
وقال الحافظ ابن حجر: "قوله (لَا يَسْتَتِرُ) كذا في أكثر الروايات بمثناتين من فوق الأولى مفتوحة والثانية مكسورة، وفي رواية ابن عساكر:(يَسْتَبْرِئُ) بموحدة ساكنة من الاستبراء، ولمسلم وأبي داود في حديث الأعمش:(يَسْتَنْزِهُ) بنون ساكنة بعدها زاي ثم هاء.
فعلى رواية الأكثر، معنى الاستتار: أنه لا يجعل بينه وبين بوله سترة يعني لا يتحفظ منه. فتوافق رواية لا يستنزه لأنها من التنزه وهو الإبعاد
…
، وأما رواية الاستبراء فهي أبلغ في التوقي" (فتح الباري 1/ 318).
* * *
رِوَايَةُ: جَدِيدَيْنِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ زاد: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ جَدِيدَيْنِ
…
».
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوله: "جديدين" فشاذة.
[التخريج]:
[جه 351 / طيل 347].
[السند]:
قال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أَنَّ قوله:"جديدين" غير محفوظ في الحديث.
فقد رواه أبو بكر ابن أبي شيبة في ثلاث مواضع في (مصنفه 1313، 12171، 12172)، بدونها.
وكذا رواه ابن أبي عاصم - كما عند أبي الشيخ في (التوبيخ 206) -، وجعفر بن محمد الفريابي - كما عند الآجري في (الشريعة 850)، وأبي نعيم في (المستخرج 674) -، كلاهما عن ابن أبي شيبة، به.
وكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل في (مسنده 1980).
ومحمد بن المثني عند البخاري في (صحيحه 218).
وإسحاق بن راهويه في (مسنده 752) - ومن طريقه مسلم في (صحيحه 292) -.
وأبو كريب محمد بن العلاء وأبو سعيد الأشج عند مسلم في (صحيحه 292).
وهناد بن السري في (الزهد 1213) - ومن طريقه أبو داود (20)، والترمذي (71)، وغيرهما -.
وقُتَيْبَة عند الترمذي (71)، وكيع.
خامسًا: أَنَّ وكيعًا قد توبع من أبي معاوية الضرير كما عند البخاري في (صحيحه 218)، وغيره، وعبد الواحد بن زياد عند مسلم في (صحيحه 292)، وغيره، وجرير بن عبد الحميد عند البخاري في (صحيحه 1378)، وابن حبان في (صحيحه 3131)، وغيرهما، وكذا رواه شعبة عن الأعمش كما عند ابن حبان في (صحيحه 3132)، وغيره فلم يذكرها ولا من تابعه.
سادسًا: أَنَّ الحديث رواه منصور بن المعتمر من وجه آخر عن مجاهد فلم يذكرها، كما عند البخاري في (صحيحه 216)، وغيره.
فكل هذه قرائن تدل على أنها غير محفوظة في حديث ابن عباس، ويعطي للناقد قوة في أَنَّ ما ينفرد به ابن ماجه لابد من سبره والوقوف عنده لينظر هل وافق غيره أم لا.
نعم قد رُوِيت هذه الزيادة من وجه آخر كما عند الجورقاني في (الأباطيل 347) قال: أخبرنا إسماعيل بن حمد بن عبد الملك النيسابوري، أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن يونس السلمي، ومحمد بن حيويه، ومحمد بن الحسين بن طرخان، قالوا: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا
عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا سليمان الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، به.
غير أن ذكرها في الأباطيل خطأ من أحد النساخ فقد وضع عليها محقق الكتاب ترقيمًا وقال: "من (س)، وقوله: "جديدين" في الأصل مطموس"(الأباطيل 1/ 539 حاشية 1).
فلا ندري إذا كانت في الأصل مطموس لماذا أثبتها، وقد روى الحديث مسلم في (صحيحه 292) عن شيخه أحمد بن يوسف عن المعلى بن أسد بسنده، وليس فيه هذا الزيادة.
وكذا رواه أبو عوانة في (مستخرجه 568) من طريق السلمي، والبيهقي في (الكبير 4139)، و (إثبات عذاب القبر 119) من طريق أبي قلابة، كلاهما عن معلى فلم يذكروها.
أضف إلى ذلك أَنَّ الحافظ قد عزى هذه الزيادة لابن ماجه ولم يذكر غيره، فلو كانت عند غيره لذكرها، فقال في (الفتح 1/ 321): "ففي رواية بن مَاجَهْ: مَرَّ بِقَبْرَيْنِ جَدِيدَيْنِ
…
"، فلو كانت ثابتة عند غيره لأشار إلى ذلك حيث إِنَّ المقام يقتضي ذلك، والله أعلم.
رِوَايَةُ: يَغْتَابُ النَّاسَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَغْتَابُ النَّاسَ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَتَوَقَّى مِنْ بَوْلِهِ» .
[الحكم]:
شاذ بهذا السياق.
[التخريج]:
[تبخ 202]
[السند]:
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في (التوبيخ) قال: أخبرنا ابن أبي عاصم، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، غير أَنَّ الحديث عند ابن أبي شيبة في (مصنفه 1313) عن وكيع، به باللفظ المحفوظ:«أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَترُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» .
وكذا رواه ابن ماجه (351)، وجعفر بن محمد الفريابي - كما عند الآجري في (الشريعة 850)، وأبي نعيم في (المسند المستخرج 674) - كلاهما عن ابن أبي شيبة، به.
فيحتمل أَنَّ ابن أبي عاصم أو أبا الشيخ رواه بالمعنى، سواء في قوله:«لَا يَتَوَقَّى مِنْ بَوْلِهِ» .
أو قوله: «فَكَانَ يَغْتَابُ النَّاسَ» ، وذلك أَنَّ النميمة تتضمن معنى الغيبة،
ولذا بوب البخاري على الحديث في (صحيحه 2/ 99) فقال: "بَابُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ"، ثم أورد الحديث من طريق جرير عن الأعمش بسنده بلفظ:"النميمة".
قال الحافظ: "أَوْرَدَ المُصَنّف حَدِيث ابن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْقَبْرَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ لِلْغِيبَةِ ذِكْرٌ، وَإِنَّمَا وَرَدَ بِلَفْظِ:«النَّمِيمَةِ»
…
، وقيل مراد المصنف أن الغيبة تلازم النميمة؛ لأن النميمة مشتملة على ضربين نقل كلام المغتاب إلى الذي اغتابه والحديث عن المنقول عنه بما لا يريده، قال ابن رشيد: لكن لا يلزم من الوعيد على النميمة ثبوته على الغيبة وحدها؛ لأن مفسدة النميمة أعظم، وإذا لم تساوها لم يصح الإلحاق إذ لا يلزم من التعذيب على الأشد التعذيب على الأخف، لكن يجوز أن يكون ورد على معنى التوقع والحذر فيكون قصد التحذير من المغتاب لئلا يكون له في ذلك نصيب انتهى. وقد وقع في بعض طرق هذا الحديث بلفظ (الْغِيبَةِ) كما بيناه في الطهارة فالظاهر أن البخاري جرى على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث، والله أعلم" (الفتح 3/ 242).
* * *
رِوَايَةُ: لا يَتَّقِي:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «
…
وَالْآخَرُ لَا يَتَّقِي (لَا يَتَوَقَّى) الْبَوْلَ».
[الحكم]:
غير محفوظ بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[حميد 620 / نعيم (خ - الفتح 1/ 318)].
[السند]:
قال (عبد بن حميد): حدثني فهد بن عوف ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا، رجاله ثقات غير فهد بن عوف، قال عنه ابن المديني: كذاب، وتركه مسلم والفلاس، وقال أبو زرعة: اتهم بسرقة حديثين. انظر: (ميزان الاعتدال 6784).
وقد ذكر الحافظ في (الفتح 1/ 318) أنه: "وقع عند أبي نعيم في المستخرج - يعني على البخاري - من طريق وكيع عن الأعمش: «كَانَ لَا يَتَوَقَّى» ".
وقد تقدمت هذه الرواية من طريق ابن أبي عاصم عن ابن أبي شيبة عن وكيع، به. كما في الرواية السابقة عند أبي الشيخ في (التوبيخ).
ولكن الصواب أَنَّ هذه الرواية إنما هي تفسير من وكيع لقوله (لا يستتر) أو (لا يستنزه)، وليست رواية في الحديث؛ كذا رواه البيهقي في (السنن الكبرى 513)، و (المعرفة 3/ 368)، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر
117) - واللفظ للكبرى -: من طريق إبراهيم بن عبد الله العبسي، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، قال: سمعت مجاهدا يحدث عن طاووس، عن ابن عباس، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَنْزِهُ مِنْ بَوْلِهِ» . قَالَ وَكِيعٌ: لا يَتَوَقَّى
…
الحديث.
وصرح بذلك البيهقي في (السنن الصغرى 1/ 56) فقال: "وفي رواية وكيع عن الأعمش: «لَا يَسْتَتِرُ» يَعْنِي: لَا يَتَوَقَّى".اهـ.
فلعل من رواه عنه ظنها من الحديث، أو رواه بالمعنى، على قول الجمهور بجواز الرواية بالمعنى، والله أعلم.
* * *
رِوَايَةُ: لُحُومَ النَّاسِ:
•وفي رواية، بلفظ: «
…
أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ صَاحِبَ نَمِيمَةٍ».
[الحكم]:
شاذ بهذا السياق.
[التخريج]:
[طي 2768 / مديني (ترغيب - مغلطاي 1/ 228)].
[السند]:
أخرجه أبو داود الطيالسي في (مسنده 2768) - ومن طريقه أبو موسى المديني في (الترغيب)، كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 228) - قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، غير أَنَّ الحديث محفوظ بلفظ:"البول والنميمة"، كما تقدم في الصحيحين وغيرهما.
وكذا رواه ابن حبان في (صحيحه 3132)، والطبري في (تهذيب الآثار / مسند عمر 900) من طريق ابن أبي عدي عن شعبة، عن سليمان (الأعمش)، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
وكذا رواه بذكر البول والنميمة، وكيع وأبو معاوية وجرير وغيرهم عن الأعمش به إِلَّا أنهم زادوا في سنده (طاوسًا) بين مجاهد وابن عباس.
وهذا هو المشهور عن الأعمش، خلافًا لمنصور بن المعتمر، حيث رواه عن مجاهد عن ابن عباس بدون ذكر (طاوس)، كما عند البخاري في
(صحيحه 216، 6055)، وغيره.
ولذا قال أبو موسى المديني عقبه: "كذا قال (عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس)، والمحفوظ من حديث الأعمش (عن مجاهد عن طاوس) "(شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 228).
ويظهر أَنَّ الوجهين محفوظان عن مجاهد، كما هو ظاهر صنيع البخاري وابن خزيمة وغيرهما، وقد تقدم تفصيل الكلام في ذلك عند أول روايات هذا الحديث.
[تنبيه]:
قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: "وروى النسائي من حديث أبي رافع بسند ضعيف
…
". عن أبي رافع رضي الله عنه: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ إِذْ سَمِعَ شَيْئًا فِي قَبْرٍ فَقَالَ لِبِلَالٍ ائْتِنِي بِجَرِيدَةٍ خَضْرَاءَ
…
الْحَدِيث» " (فتح الباري 1/ 319).
كذا، ولم نقف عليه في شيء من كتب النسائي، ولا وجدنا الحديث في شيء من الكتب سوى عند الذهبي في (الميزان) حيث أسنده من طريق عبد الله بن جعفر النحوي، حدثنا يعقوب الحافظ، حدثنا أبو الخير عبد المنعم بن بشير، حدثنا أبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان، عن رافع بن أبي رافع، عن أبيه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة إذ سمع شيئًا في قبر، فقال لبلال: ائتني بجريدة خضراء، فكسرها باثنين، وترك نصفها عند رأسه ونصفها عند رجله، فقال له عمر: لم يا رسول الله فعلت هذا به؟ قال: إنه مسه شيء من عذاب القبر، فقال لي: يا محمد، فشفعت إلى ربي أَنْ يخفف عنه إلى أَنْ تجف هاتان الجريدتان.
قال الذهبي: "هذا حديث منكر جدًّا، لا نعلمه رواه غير أبي الخير، ..... قال الختلى: سمعت ابن معين يقول: أتيت عبد المنعم، فأخرج إلى أحاديث أبي مودود نحوا من مائتي حديث كذب. فقلت: يا شيخ، أنت سمعت هذه من أبي مودود؟ قال: نعم.
قلت: اتق الله، فإن هذه كذب. وقمت، ولم أكتب عنه شيئًا" (ميزان الاعتدال 2/ 669).
قلنا: وهذا الحديث ليس فيه ذكر سبب العذاب، وسيأتي بمشيئة الله في أبواب:"عذاب القبر".
* * *
رِوَايَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فِي بَعْضِ حَوَائِطِ الْغَابَةِ، فَإِذَا بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ صَاحِبَيْ هَذَيْنِ الْقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي غَيْرِ كَبِيرٍ،
…
الحديث».
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق.
[التخريج]:
[شجر 2961]
[السند]:
أخرجه الشجري في (الأمالي) قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن
محمد بن عبد الرحيم بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان، قال: حدثنا علي بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن زنبور، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل، عن حبيب بن حسان الكوفي، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ علته: حبيب بن حسان الكوفي وهو حبيب بن أبي الأشرس، وهو حبيب بن أبي هلال، قال أحمد والنسائي:"متروك"، وقال أبُو داود:"ليس حديثه بشيء"، وقال النَّسَائي أيضًا:"ليس بثقة"، وقال أبو أحمد الحاكم:"ذاهب الحديث"، وقال ابن حبان:"منكر الحديث جدًّا، وكان قد عشق نصرانية فقيل إنه تنصر وتزوج بها، فأما اختلافه إلى البيعة من أجلها فصحيح"، انظر:(لسان الميزان 2109).
وقد تقدم الحديث في الصحيحين عن مجاهد، دون قوله (حوائط الغابة)، ودون ذكر التسبيح.
* * *
750 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: كُنَّا نَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَرْنَا عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَامَ فَقُمْنَا مَعَهُ فَجَعَلَ لَوْنُهُ يَتَغَيَّرُ حَتَّى رَعَدَ كُمُّ قَمِيصِهِ، فَقُلْنَا: مَا لَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ؟ » قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «هَذَانَ رَجُلَانِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا عَذَابًا شَدِيدًا فِي ذَنْبٍ هَيِّنٍ» قُلْنَا: مِمَّ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ، وَكَانَ الْآخَرُ يُؤْذِي النَّاسَ بِلِسَانِهِ وَيَمْشِي بَيْنَهُمْ بِالنَّمِيمَةِ» ، فَدَعَا بِجَرِيدَتَيْنِ مِنْ جَرَائِدِ النَّخْلِ فَجَعَلَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، قُلْنَا: وَهَلْ يَنْفَعُهُمَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا دَامَا رَطْبَتَيْنِ» .
[الحكم]:
إسنادُه حسنٌ، وصححه ابن حبان، والألباني.
[الفوائد]:
قال المنذري: " (فِي ذَنْب هَين) يَعْنِي هَين عِنْدهمَا وَفِي ظنهما أَو هَين عَلَيْهِمَا اجتنابه لَا إِنَّه هَين فِي نفس الْأَمر لِأَن النميمة مُحرمَة اتِّفَاقًا"(الترغيب والترهيب 1/ 85).
[التخريج]:
[حب 818]
[السند]:
قال (ابن حبان): أخبرنا أبو عروبة، قال: حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، قال: حدثني زيد بن أبي أُنَيْسَةَ، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث،
عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات، غير المنهال بن عمرو: فـ"صدوق ربما وهم" كما قال ابن حجر في (التقريب 6918).
ومحمد بن وهب بن أبي كريمة: "صدوق"(التقريب 6379).
وقد صححه الألباني في (التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان 2/ 208)، و (صحيح الترغيب والترهيب 163).
[تنبيه]:
عزاه ابن رجب الحنبلي في (أهوال القبور ص 86): للخلال وغيره، من حديثِ أبي هريرةَ، بلفظ:((وأمَّا الآخرُ فكان يهْمِزُ الناسَ بلسَانِه، ويمشِي بينَهُم بالنميمةِ)).
ولم نقف عليه، فهو من المفقود من كتب الخلال.
* * *
رِوَايَةُ: لَا يَتَّقِي مِنَ الْبَوْلِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرَيْنِ، فَأَخَذَ سَعَفَةً أَوْ جَرِيدَةً فَشَقَّهَا فَجَعَلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى أَحَدِ الْقَبْرَيْنِ، وَالشِّقَّةَ الْأُخْرَى عَلَى الْقَبْرِ الْآخَرِ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَرَى [أنه] سُئِلَ عَنْ فَعْلَتِهِ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَجُلٌ كَانَ لَا يَتَّقِي مِنَ الْبَوْلِ، وَامْرَأَةٌ كَانَتْ تَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ، فَانْتَظَرَ بِهِمَا الْعَذَابُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ، قال:«إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ؛ رَجلٌ لا يتطهرُ مِنَ الْبَوْلِ، أو امرأةٌ كانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، فاستنظرتُ لهما الْعَذَابَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق.
[التخريج]:
[هقب 122 "واللفظ له" / كك (4/ 384) "والرواية له"].
[السند]:
أخرجه أبو أحمد الحاكم في (الكنى) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، حَدَّثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وَهب، حَدَّثنا عمي، قال: حَدَّثني عَمْرو - وَهُو ابن الحارث - عن عبد العزيز بن صالح، أَنَّ أبا خنساء، أنه سمع أبا هريرة، به.
وأخرجه البيهقي في (إثبات عذاب القبر) من طريق محمد بن (بكير)
(1)
الحضرمي، ثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد العزيز بن
(1)
في المطبوع: "بكر"، والصواب المثبت، كما في كتب التراجم.
صالح، (أن الحسناء حدثته)، عن أبي هريرة، به.
كذا وقع عند البيهقي، والصواب:(أَنَّ أبا الخَنْساء)، كما عند أبي الحاكم، وكذا ترجم له غير واحد بهذا الحديث، كما سيأتي بيانه في التحقيق
(1)
.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: جهالة حال وعين أبي الخَنْساء راويه عن أبي هريرة؛ فلم يرو عنه سوى عبد العزيز بن صالح، بل ولا يعرف سوى بهذا الحديث، قال أبو زرعة:" لا أعرف أبا الخنساء؛ إِلَّا في هذا الحديث، ولا أعرف اسمه"(الجرح والتعديل 9/ 367). وذكره أبو أحمد الحاكم في الكنى، ولم يزد على أَنْ قال:"حديثه في المصريين"(الكنى 2097). وذكره الذهبي في (الميزان 4/ 521) وقال: "ما حدث عنه سوى عبد العزيز بن صالح"، وبنحوه في (المغني 7440). وأقره الحافظ في (اللسان 8836).
الثانية: عبد العزيز بن صالح، ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 6/ 17)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 5/ 385)، ولم يذكرا فيه جرحًا
(1)
وقد علق عليه محقق ط دار الفرقان قائلًا: "هي حسناء بنت معاوية ويقال خنساء. التهذيب 12/ 409"اهـ. كذا زعم، والذي في التهذيب:"حسناء بنت معاوية بن سليم الصريمية ويقال خنساء روت عن عمها عن النبي صلى الله عليه وسلم النبي في الجنة والشهيد في الجنة روى عنها عوف الأعرابي".اهـ، فلا ندري كيف جزم أنها حسناء بنت معاوية، ولم يشر أحد ممن ترجم لها أَنَّ لها رواية عن أبي هريرة، وقد تنبه لذلك محقق الكتاب (ط مكتبة التراث 1/ 119/ حاشية رقم 164) فقال:"في الأصل الخطي أَنَّ الحسناء حدثته، وهو تحريف".
ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 112)، على قاعدته. وقال الأزدي:"ضعيف مجهول"(لسان الميزان 4814).
وقد انفردا في ذكر أَنَّ المعذب من النميمة امرأة، وكذا تحديد مدة التخفيف إلى يوم القيامة، والمحفوظ في الأحاديث الصحاح المتقدمة في الباب، أنهما رجلان، وبتحديد مدة التخفيف عنهما إلى أَنْ تيبس الجريدة، وليس إلى يوم القيامة.
فالحديث بهذا السياق منكر؛ والله أعلم.
[تنبيه]:
عزاه ابن الملقن في (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 1/ 513) لأبي موسى المديني في (الترغيب) من حديث أبي هريرة بلفظ: «قبرين: رجل لا يتطهر من البول، وامرأة تمشي بالنميمة» .
ولم نقف عليه، فالكتاب مازال في عداد المفقود. والله المستعان.
* * *
رِوَايَةُ: عَذَابَ الْقَبْرِ مِنْ ثَلَاثَةٍ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ مِنْ ثَلَاثَةٍ: مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْبَوْلِ، وَإِيَّاكُمْ وَذَلِكَ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، وأعله البيهقي.
[التخريج]:
[هقب 239]
[السند]:
قال (البيهقي): حدثنا أبو حازم عمر بن أحمد العبادي الحافظ أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن حسنويه الفقيه بهراة ثنا أبو نعيم عبد الرحمن بن محمد بن قريش الهروي ثنا مالك بن وابص الطالقاني ثنا أبو مطيع ثنا مقاتل بن حيان عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: أبو مطيع وهو البلخي: الحكم بن عبد الله بن مسلم صاحب أبي حنيفة، كذبه أبو حاتم، وضعفه ابن معين والبخاري والنسائي، وقال أحمد:"لا ينبغي أَنْ يُرْوى عنه شيئًا"، وقال أبو داود:"تركوا حديثه، وكان جهميًا"، وقال ابن عدي:"هو بين الضعف، عامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال السَّاجِي:"ترك لرأيه واتهم"، انظر:(لسان الميزان 3/ 246).
الثانية: أبو نعيم عبد الرحمن بن محمد بن قريش الهروي، قال عنه الخطيب:"في حديثه غرائب وأفراد ولم أسمع فيه إِلَّا خيرًا" (تاريخ بغداد
11/ 574).
واتهمه السليماني بوضع الحديث (لسان الميزان 5/ 119).
الثالثة: مالك بن وابص الطالقاني لم نجد له ترجمة.
الرابعة: أَنَّ المحفوظ عن قتادة الوقف، أخرجه ابن أبي الدنيا في (الصمت 189، وذم الغيبة 52) قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا ابن عُلَيَّةَ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال:"ذكر لنا أَنَّ عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث من الغيبة، وثلث من البول، وثلث من النميمة".
ورواه البيهقي في (إثبات عذاب القبر 238) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بنحوه ولم يقل فيه ذكر لنا.
وهذه الرواية أصح فإن سعيد بن أبي عروبة من أثبت الناس في قتادة وأحفظهم لحديثه، قاله ابن معين وأبو داود الطيالسي وغيرهما، انظر:(تهذيب الكمال 11/ 9).
ولذا قال البيهقي بعد ذكر الحديث المخرج: "الصحيح رواية ابن أبي عروبة، عن قتادة من قوله، وقد روينا معناه في الأحاديث الثابتة فيما تقدم"(إثبات عذاب القبر 1/ 136).
* * *
751 -
حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي وَرَجُلٌ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِذَا نَحْنُ بِقَبْرَيْنِ أَمَامَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، وَبَلَى، فَأَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِجَرِيدَةٍ» ، فَاسْتَبَقْنَا فَسَبَقْتُهُ فَأَتَيْتُهُ بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا نِصْفَيْنِ، فَأَلْقَى عَلَى ذَا الْقَبْرِ قِطْعَةً، وَعَلَى ذَا الْقَبْرِ قِطْعَةً، وَقَالَ:«إِنَّهُ يُهَوَّنُ عَلَيْهِمَا مَا كَانَتَا رَطْبَتَيْنِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ إِلَّا فِي الْبَوْلِ وَالْغِيبَةِ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّ صاحِبَيِ القَبرَينِ يُعذَّبانِ بِلا كَبِيرٍ: الغَيبَة، والبَول» .
[الحكم]:
صحيح المتن بما تقدم من شواهد، دون لفظة:"والغيبة" فلم تأت من وجه صحيح. وإسناده ضعيف، وضعفه العقيلي، وابن القيسراني، والبوصيري.
[التخريج]:
[جه 353 مختصرًا / حم 20373 "واللفظ له"، 20411 / طي 908 / ش 1317، 12169 / مش (خيرة 449/ 2) / بز 3636 / طس 3747 / تخ (2/ 127) "والرواية له" / قا (3/ 142، 143) / عد (2/ 296) / عق (1/ 240) / مشكل 5191 / هقب 124، 125 / غحر (2/ 610)]
[التحقيق]:
هذا الحديث مداره على الأسود بن شيبان عن بَحْر بن مَرَّارٍ، واختلف عليه في سنده:
فأخرجه أحمد في (المسند 20411)، وابن أبي شيبة في (المصنف
1308، 12043)، وعنه ابن ماجه في (السنن 349) -: عن وكيع.
وأبو داود الطيالسي في (مسنده 908) - ومن طريقه البخاري في (التاريخ الكبير 2/ 127)، والطحاوي في (مشكل الآثار 5191)، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر 124) -.
كلاهما (وكيع والطيالسي): عن الأسود بن شيبان قال: حدثني بحر بن مرار (البكراوي)، عن جده أبي بكرة، قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم، بقبرين
…
الحديث».
ورواية بحر عن أبي بكرة منقطعة، فإنه لم يدركه، كما قال المنذري في (الترغيب والترهيب 259)، وقال المزي لما ذكره روايته عن أبي بكرة:"مرسل"(تهذيب الكمال 4/ 15).
ولذا أعله مغلطاي بالانقطاع بين بحر وجدِّ أبيه، فقال:"إنه لم يسمع منه شيئًا ولا أدركه إنّما يروي عن جدّه عبد الرحمن بن أبي بكرة، كذا ذكره البزار وغيره"(شرح ابن ماجه 1/ 229 - 230).
ولكن خالف أبا داود ووكيعًا جماعة فوصلوه:
فأخرجه أحمد (20373) عن أبي سعيد مولى بني هاشم.
والبخاري في (التاريخ الكبير 2/ 127)، والبزار في (المسند 3636)، والعقيلي في (الضعفاء 1/ 430)، والطبراني في (الأوسط 3747)، وغيرهم: من طريق مسلم بن إبراهيم.
والبخاري في (التاريخ الكبير 2/ 127): من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث.
والحربي في (غريب الحديث 2/ 610)، وابن عدي في (الكامل 2/ 296): من طريق عبد الله بن أبي بكر العتكي.
وحكاه ابن أبي حاتم في (العلل 3/ 575): عن سليمان بن حرب.
خمستهم: (أبو سعيد، ومسلم، وعبد الصمد، والعتكي، وسليمان): عن الأسود بن شيبان، حدثنا بحر بن مرار، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: حدثنا أبو بكرة، به.
كذا موصولًا بذكر عبد الرحمن بن أبي بكرة في السند.
ولا ريب أَنَّ رواية الجماعة أصح، لاسيما وقد زادوا في سنده رجلًا، فهي زيادة يجب قبولها.
ولذا رجح هذا الوجه فريق من أهل العلم:
فقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه وكيع، وأبو داود الطيالسي، عن الأسود بن شيبان، عن بحر بن مرار، عن جده أبي بكرة ..... ، ورواه سليمان بن حرب، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن أبي بكر العتكي، عن الأسود بن شيبان، عن بحر بن مرار، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فسمعت أبي يقول:"هذا أصح من حديث وكيع"(العلل 1099).
وقال الدارقطني: "والصواب: قول من قال: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة"(العلل 1267).
وقال الطبراني: "لَا يُرْوى هذا الحديث عن أبي بَكَرَةَ، إِلَّا من حديث الأسود بن شيبان، ولم يُجَوِّدْهُ عن الأسود بن شيبان، إِلَّا مسلم بن
إبراهيم
(1)
. ورواه أبو داود الطيالسي، عن الأسود بن شيبان، عن بحر بن مَرَّارٍ، عن أبي بَكَرَةَ" (المعجم الأوسط 4/ 113).
وقال البوصيري - عقب ذكره رواية وكيع -: "كذا وقع في مسندي الطيالسي وأبي بكر بن أبي شيبة، وكذا رواه ابن ماجه في سننه عن أبي بكر بن أبي شيبة بالإسناد والمتن. وكذا رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وهو وهم. قال المزي في الأطراف
(2)
: رواه أبو سعد مولى بني هاشم ومسلم بن إبراهيم، عن الأسود بن شيبان، عن بحر بن مرار، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، [عن أبي بكرة، وهو الصواب] " (إتحاف الخيرة 1/ 279)، وبنحوه في (مصباح الزجاجة 1/ 52).
قلنا: وهذا الوجه الموصول رجاله ثقات غير بَحر بن مَرَّار، فمختلف فيه؛ أثنى عليه خيرًا يحيى بن سعيد القطان - في رواية -، ووثقه يحيى بن معين (الجرح والتعديل 2/ 419)، وأحمد بن حنبل، كما في (المؤتلف والمختلف للدارقطني 4/ 2126)، وقال النسائي في رواية:"ليس به بأس"(تهذيب الكمال 4/ 15)، وقال البزار:"بصري معروف"(المسند 9/ 89).
بينما قال يحيى القطان في رواية أخرى: "رأيته قد خلط"(التاريخ الكبير للبخاري 1/ 126)، زاد الذهبي في (الميزان 1/ 298):"فلم أكتب عنه"، وقال علي ابن المديني: سمعت يحيى يقول: أخذت أطراف بحر بن مرار عن عبد الرحمن بن أبي بكرة فسألته عنها فلم يصحح منها شيئا" (الضعفاء للعقيلي 1/ 340)، و (الجرح والتعديل 1/ 241).
(1)
كذا قال، وقد تابع مسلم بن إبراهيم على روايته جماعة، كما تقدم.
(2)
(تحفة الأشراف 11657)، ولكن ما بين المعقوفين سقط من مطبوع التحفة.
وضعفه النسائي في (الضعفاء والمتروكين 83) وزاد: "تغير"، وقال أبو أحمد الحاكم:"ليس بالقوي عندهم"(تهذيب التهذيب 1/ 420)، وقال ابن حبان:"اختلط بأخرة حتى كان لا يدري ما يحدث، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز، تركه يحيى القطان"(المجروحين 1/ 121، 122). وذكره العقيلي في (الضعفاء 1/ 340)، والذهبي في (المغني في الضعفاء 850)، و (ديوان الضعفاء 547)، وانظر:(إكمال تهذيب الكمال 2/ 351).
وخلاصة ما تقدم: أَنَّ بحر بن مرار كان مستقيم الحال حتى تغير واختلط، وعلى ذلك يحمل توثيق من وثقه، أي قبل أَنْ يختلط، ولذا قال ابن خلفون:"كان ثقة قبل أَنْ يختلط"(إكمال تهذيب الكمال 2/ 352).
ولا يقبل من حديث المختلط إِلَّا ما كان قبل اختلاطه، ولكن بحرًا لم يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير، كما قال ابن حبان، فوجب التوقف في حديثه كله، لاسيما أحاديثه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، فقد ضعفها كلها يحيى القطان، كما تقدم.
ولهذا قال العقيلي عقب كلام يحيى هذا: "ومنها
…
" وذكر هذا الحديث، ثم قال: "وليس بمحفوظ من حديث أبي بكرة إلا عن بحر بن مرار هذا، وقد صح من غير هذا الوجه" (الضعفاء 1/ 340).
وذكره أيضًا ابن عدي في ترجمته، ثم قال:"ولبحر بن مرار هذا غير ما ذكرت من الحديث شيء يسير ولا أعرف له حديثًا منكرًا فأذكره ولم أر أحدًا من المتقدمين ممن تكلم في الرجال ضعفه إِلَّا يحيى القطان ذكر أنه كان قد خولط، ومقدار ما له من الحديث لم أر فيه حديثًا منكرًا"(الكامل 2/ 497). وذلك أَنَّ أصل المتون محفوظة، ولهذا قال الذهبي: "ساق له
ابن عدي أحاديث حسنة المتن" (الميزان 1/ 299).
وقال ابن القيسراني: "رواه بحر بن مرار بن عبد الرحمن بن أبي بكرة: عن أبيه، عن جده، وبحر هذا ضعيف"(ذخيرة الحفاظ 2/ 1120).
وبه ضعفه أيضًا مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 229 - 230).
ولذا قال البوصيري: "وهو إسناد فيه مقالٌ"، ثم ذكر الكلام في بحر (إتحاف الخيرة 1/ 279).
* ومع هذا تمسك فريق من أهل العلم بتوثيق من وثق بحرًا، ولم يلتفوا إلى علة الاختلاط، فقووا الحديث:
فقال العراقي: "إسناد جيد"(تخريج أحاديث الإحياء 2/ 818)، وتبعه العيني في (عمدة القاري 3/ 117)، وقال المنذري:"رجاله ثقات"(الترغيب والترهيب 4301)، وقال الهيثمي:"رجاله موثقون"(المجمع 1027)، وقال في موضع آخر:"ورجاله رجال الصحيح غير بحر بن مرار وهو ثقة"! (المجمع 13135).
وقال ابن الملقن: "على شرط الصحيح"(البدر المنير 2/ 347).
وقال ابن حجر: "إسناد صحيح"(فتح الباري 1/ 321).
وقال الألباني: "حسن صحيح"(صحيح ابن ماجه 284)، وقال في (صحيح الترغيب والترهيب 160):"حسن لغيره".
وهو كما قال، فالمتن يشهد له حديث ابن عباس في الصحيحين، وحديث أبي هريرة، ولكن بلفظ:"النميمة"، وليس بلفظ:"الغيبة"، فلم ترد من وجه صحيح خال من الإعلال، لا في حديث ابن عباس، ولا في حديث
غيره، كما تقدم، وكما سيأتي في الباب مفصلا.
[تنبيه]:
تحرف (بحر بن مرار البكراوي) عند البيهقي في (إثبات عذاب القبر 124 ط دار الفرقان) إلى (محمد بن صفوان البكري). وقد رواه من طريق أبي داود الطيالسي، والحديث في مسند الطيالسي على الصواب، وكذا رواه من طريقه على الصواب غير واحد.
وقد جاء على الصواب في (ط مكتبة التراث الإسلامي 137)، وعلق عليه محققوه (حاشية 167): بأنه "وقع في الأصل (بحر بن صفوان البكري)، وصوابه بحر بن مرار البكري، وهو تحريف واقع في النسخ".
* * *
752 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّه رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرَةٍ، فَأَتَى عَلَى قَبْرَيْنِ يُعَذَّبُ صَاحِبَاهُمَا، فَقَالَ:«أَمَا إِنَّهُمَا لَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، [وبَلَى]؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَغْتَابُ النَّاسَ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَتَأَذَّى مِنْ بَوْلِهِ» ، فَدَعَا بِجَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ جَرِيدَتَيْنِ فَكَسَرَهُمَا، ثُمَّ أَمَرَ بِكُلِّ كِسْرَةٍ فَغُرِسَتْ عَلَى قَبْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّهُ سَيُهَوَّنُ مِنْ عَذَابِهِمَا مَا كَانَتَا رَطْبَتَيْنِ - أَوْ مَا لَمْ تَيْبَسَا -» .
• وَفِي رِوَايَةٍ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَتَى عَلَى قَبرَينِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ فِي غَيْرِ كَبِيرٍ الْغِيبَةِ وَالبَولِ» ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمَا قِطعَةً، وَقَالَ:«أَرجُو أَن يُخَفَّفَ عَنهُمَا مَا لَم تَيبَسَا» .
[الحكم]:
صحيح المتن لشواهده، دون قوله (يَغْتَابُ النَّاسَ)، وقد صححه ابن حجر، والبوصيري، وجوّده العراقي، وصححه الألباني لغيره، وهذا إسناد ضعيف، وضعفه النخشبي.
[الفوائد]:
قوله (لَا يَتَأَذَّى مِنْ بَوْلِهِ) أي لا يرى منه أذى فيتوقاه ويتنزه منه، وقد ذكر هذه الرواية ابن بطال مع روايات حديث ابن عباس المشهورة:(لا يستتر) و (لا يستنزه) و (لا يستبرئ)، ثم قال:"هذه الروايات كلها معناها متقارب"(شرح صحيح البخاري 1/ 325).
وقد تصحفت في (المطالب) إلى: "لَا يَتَأَدَّى".
[التخريج]:
[حق (مط 16)، (خيرة 450) / بخ 735 "والزيادة له" / عل 2050 "واللفظ له"، 2055 "والرواية له"، 2066 / صمت 176 / حنائي 117 / غيب 2232 / كما (18/ 130) / مغلطاي (1/ 234) / الآداب لأبي العباس الدغولي (تخريج الإحياء 2/ 818)]
[السند]:
أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" - كما في (المطالب 16) - قال: أخبرنا النضر بن شميل، ثنا أبو العوام الباهلي، عبد العزيز بن الربيع، أنا أبو الزبير، عن جابر، به.
وأخرجه البخاري في (الأدب المفرد 735): عن محمد بن يوسف.
وأَبُو يَعْلَى في (مسنده 2050): عن خَلَّاد بْن أَسْلَمَ.
وابن أبي الدنيا في (الصمت): عن محمد بن علي.
كلهم: عن النضر، أخبرنا أبو العوام عبد العزيز بن الربيع الباهلي - وكان منزله في دار زياد - قال: سمعت أبا الزبير واسمه محمد عن جابر بن عبد الله، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات ألا أَنَّ فيه عنعنة أبي الزبير عن جابر وهو مدلس.
وعبد العزيز بن الربيع الباهلي، وإن وثقه يحيى بن معين، كما في (الجرح والتعديل 5/ 382)، وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 109)، وقال الحافظ:"ثقة"(التقريب 4092).
لكن لم يُروَ له شيء في الكتب الستة، فانفراده بهذا الحديث عن أبي الزبير، غير مطمئن، لاسيما والمحفوظ عن أبي الزبير في هذا الباب، ما أخرجه عبد الرزاق في (مصنفه 6742) - وعنه أحمد في (مسنده 14152)، وغيره -: عن ابن جُرَيْجٍ قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:«دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رِجَالٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» .
ورواه أبو يعلى في (مسنده 2149)، وابن عدي في (الكامل 9/ 74)، وابن أبي داود في (البعث 13)، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر 204)، وغيرهم من طريق سفيان الثوري عن أبي الزبير، به.
وكذا رواه البزار في مسنده - كما في (كشف الأستار 871) -: من طريق موسى بن عقبة عن أبي الزبير بنحوه.
وتابعهم ابن لهيعة، كما عند الشجري في (أماليه 2962).
فخالفت رواية عبد العزيز بن الربيع رواية الثقات عن أبي الزبير، في أمور:
الأول: أَنَّ رواية عبد العزيز سياقها يدل على أنها حدثت في السفر، بينما رواية ابن جُرَيْجٍ سياقها يدل على أنها وقعت في المدينة، وذلك أَنَّ بني النجار من الأنصار.
الثاني: أنه لا يوجد في رواية عبد العزيز ما يدل على كون المعذبين كانوا مسلمين أو كفارًا، وذلك بخلاف رواية ابن جُرَيْجٍ ومن تابعه فقد نصوا فيها على أنهم ماتوا في الجاهلية.
الثالث: أَنَّ عبد العزيز زاد فيه سبب التعذيب، وقصته هذه تتشابه في لفظها
مع حديث ابن عباس المتقدم في الصحيحين، فنخشى أَنْ يكون عبد العزيز اشتبه عليه حديث ابن عباس مع حديث جابر، ولذا قال أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي: "هذا حديث غريب من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعرفه إِلَّا من حديث أبي العوام عبد العزيز بن الربيع البصري
…
، والحديث محفوظ من غير حديث جابر والله أعلم" (الحنائيات 1/ 665) بتصرف يسير.
فإن قيل: قد رُوِي نحوه من حديث جابر أيضًا؛ وهو ما أخرجه مسلم (3012) من طريق عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عن جابر، فذكر حديثًا طويلًا، وفيه: "فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ وَقْفَةً، فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا - ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ:«يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟ » قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:«فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، فَأَقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ» ، قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ، فَانْذَلَقَ لِي، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ فَعَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ:«إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي، أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا، مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ» .
قلنا: فهذه تشهد لرواية عبد العزيز في أصل القصة، وزاد عبد العزيز سبب التعذيب وهو:"الغيبة، وعدم التأذي من البول".
فإذا حملنا روايته على رواية مسلم، تكون زيادته شاذة.
وثمَّ شيء آخر يدل على وهم عبد العزيز بن الربيع في هذا الحديث، وهو
اضطرابه في سنده:
فقد رواه النضر بن شميل عنه عن أبي الزبير عن جابر به، كما تقدم في السند.
وقد توبع النضر على هذا الوجه؛ فقد أخرجه أبو يعلى في (مسنده 2066) قال: حدثنا قاسم بن أبي شيبة، حدثنا أبو داود الطيالسي، عن أبي العوام، به.
ولكن هذه متابعة لا تصح، فإن القاسم وهو ابن محمد بن إبراهيم بن أبي شيبة، قال عنه الخليلي:"ضعفوه وتركوا حديثه"(الإرشاد 2/ 575).
ورواه يحيى بن كثير بن درهم العنبري: عن عبد العزيز بن ربيع عن عطاء بن أبي ربَاح عن جابر، به.
أخرجه أبو يعلى في (مسنده 2055): عن الجراح بن مخلد.
وقوام السنة في (الترغيب والترهيب 2232) من طريق إبراهيم الحربي عن أبي بكر بن نافع.
كلاهما (الجراح وأبو بكر) عن يحيى بن كثير بن درهم، به.
وهذا الوجه ثابت عن يحيى بن كثير بن درهم، فالجراح بن مخلد وهو العجلي، وأبو بكر بن نافع ثقتان، ويحيى بن كثير:"ثقة" من رجال الشيخين (التقريب 7629).
وأما قول إبراهيم الحربي - عقبه -: "قول أبي بكر بن نافع: عن عطاء خطأ، وإنما هو عن أبي الزبير"(الترغيب والترهيب 2232). فمردود لمتابعة الجراح لأبي بكر عليه.
وعبد العزيز ليس من الحفاظ المكثرين الذين يقال فيهم لعل له فيه شيخان قد سمع منهما الحديث عن جابر، والله أعلم.
فهذه قرائن تدل على تخطئة عبد العزيز بن ربيع فيه، وإن كان أصل الحديث محفوظ من حديث ابن عباس وغيره، ولكن بلفظ (النميمة)، وليس (الغيبة).
ولهذا قال الحافظ ابن حجر - عقبه -: "وأخرجه البخاري، ومسلم بغير هذا السياق، صحيح"(المطالب 2/ 102).
وقال العراقي: "أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت وأبو العباس الدغولي في كتاب الآداب بإسناد جيد"(تخريج الإحياء 2/ 818).
وقال البوصيري: "أبو العوام وثقه ابن معين، فالحديث حسن صحيح"(إتحاف الخيرة 1/ 280).
وقال الألباني: "صحيح لغيره"(صحيح الأدب المفرد 564).
وهو كما قال، ولكن كما قدّمنا مرارًا بلفظ:(النميمة)، وليس (الغيبة)، وقد بينا في حديث ابن عباس: أَنَّ (الغيبة) وإن كانت تلازم (النميمة)، إِلَّا أَنَّ مفسدتها أعظم، فلا يصح إلحاقها بها إِلَّا بدليل ثابت.
* * *
رِوَايَةُ: حائطًا لِأُمِّ مَيْسَرَةَ:
•وَفِي رِوَايَةٍ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَائِطًا لِأُمِّ (مبشر)
(1)
، فَإِذَا بِقَبرَينِ فَدَعَا بِجَرِيدَةٍ رَطبَةٍ فَشَقَّهَا ثُمَّ وَضَعَ وَاحِدَةً عَلَى أَحَدِ القَبرَينِ وَالْأُخْرَى عَلَى القَبرِ الْآخَر، ثُمَّ قَالَ:«تُرَفِّهُ عَنْهُمَا حَتَّى تَجِفَّا» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يُعَذَّبَانِ؟ قَالَ: «أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَتَنَزَّهُ مِنَ الْبَوْلِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن دون قوله (حائطا لأم مبشر)، وإسناده منكر.
[التخريج]:
[سط (ص 250) / فقط (أطراف 1852)].
[السند]:
أخرجه بحشل في (تاريخ واسط) قَالَ: حدثنا مُوسَى بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حدثنا (عبيد اللَّهِ)
(2)
بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدثنا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، به.
ورواه الدارقطني في (الأفراد) من طريق أبي إسرائيل المُلَائي عن الأعمش، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد منكر؛ أبو إسرائيل الملائي وهو إسماعيل بن خليفة، الجمهور
(1)
في المطبوع من "تاريخ واسط": "أم ميسرة"، والصواب المثبت، كما سيأتي في التحقيق.
(2)
في المطبوع من "تاريخ واسط": "عبد الله"، والصواب المثبت، كما في كتب التراجم.
على تضعيفه، كما في (تهذيب التهذيب 1/ 294)، ولذا قال الذهبي:"ضعفوه"(ديوان الضعفاء 384)، وقال في (الكاشف 370):"ضُعف"، وأما الحافظ فقال:"صدوق سيء الحفظ"(التقريب 440)، وهي من مراتب الضعف أيضًا.
وذكره الحافظ في المرتبة الخامسة من (طبقات المدلسين 130)، وقد عنعن.
ومع ضعفه فقد خولف في سنده، فالمحفوظ عن الأعمش بهذا المتن: عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس قال: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا،
…
الحديث. كما تقدم في الصحيحين وغيرهما من طريق الثقات الأثبات من أصحاب الأعمش، كأبي معاوية ووكيع وجرير وغيرهم.
ولذا قال الدارقطني - عقبه -: "تفرد به أبو إسرائيل المُلَائي عن الأعمش عنه، والمحفوظ عن الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس"(أطراف الأفراد 1852).
وأما المحفوظ: عن الأعمش عَنْ أَبِي سُفْيَانَ: فعَنْ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا فِي حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ بَنِي النَّجَّارِ، فِيهِ قُبُورٌ مِنْهُمْ، قَدْ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَسَمِعَهُمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ:«اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» . قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ؟ قَالَ:«نَعَمْ، عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ» .
كذا أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 12159)، وإسحاق بن راهويه في (مسنده 2201)، وأحمد (مسنده 27044)"واللفظ له"، وغيرهم: عن
أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر، به.
فهذا هو متن رواية عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وقد جاء فيه اسم (أم مبشر) على الصواب، على أَنَّ ذكرها في الحديث خطأ من أبي سفيان، والصواب ما رواه عبد الرزاق (6742) - وعنه أحمد (14152) -: عن ابن جُرَيْجٍ أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما نخلا لبني النجار
…
بنحوه».
قال الدارقطني: "وأبو الزبير يروي هذا الحديث عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يذكر فيه أم مبشر، وقول أبي الزبير فيه أشبه بالصواب"(العلل 9/ 418).
* * *
رِوَايَةُ: قُبُورِ نِسَاءٍ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بلفظ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ هَلَكَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَمِعَهُمَا يُعَذَّبَانِ فِي الْبَوْلِ وَالنَّمِيمَة» .
[الحكم]:
منكر بذكر "النساء"، وإسناده ضعيف، وضعفه أبو موسى المديني، والهيثمي، وابن حجر، وحكم عليه الألباني بالنكارة.
[التخريج]:
[طس 4628 "واللفظ له" / خطل (2/ 817) "والزيادة له" / مديني (ترغيب - مغلطاي 1/ 233)، (مقدمة الفتح ص 254)، (الفتح 1/ 321) "والرواية له"].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الأوسط) قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن عبد الرحيم البرقي، قال: حدثنا عمرو بن خالد الحراني، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
ورواه الخطيب في (المدرج) من طريق الطبراني عن محمد بن عمرو بن خالد الحراني، عن أبيه، به.
ورواه أبو موسى المديني في (الترغيب والترهيب) - كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي) - من طريق ابن لهيعة، به.
فمداره عندهم: على ابن لهيعة عن أسامة بن زيد عن أبي الزبير، به.
قال الطبراني بإثره: "لم يرو هذا الحديث عن أسامة بن زيد إِلَّا ابن لهيعة".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الله بن لهيعة، كما تقدم مرارًا، لاسيما في غير رواية العبادلة عنه، ففيها تخاليط وكان يتلقن ما ليس في كتبه.
وهذا منها؛ فالمحفوظ عن أبي الزبير في هذا الباب، ما رواه عنه ابن جُرَيْجٍ والثوري وموسى بن عقبة وغيرهم: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رِجَالٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا مِنَ الْقَبْرِ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» .
كذا أخرجه عبد الرزاق في (مصنفه 6742) - وعنه أحمد في (مسنده 14152)، وغيره -: عَنِ ابن جُرَيْجٍ.
وأبو يعلى في (مسنده 2149)، وابن عدي في (الكامل 9/ 74)، وابن أبي داود في (البعث 13)، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر 204)، وغيرهم من طريق سفيان الثوري.
والبزار في مسنده - كما في (كشف الأستار 871) -: من طريق موسى بن عقبة.
ثلاثتهم: عن أبي الزبير، به.
ففي روايتهم أَنَّ القبور كانت لرجال من بني النجار، وليست لنساء، ولم يذكروا في روايتهم أن البول والنميمة هما سبب العذاب.
وكذا رواه أحد العبادلة عن ابن لهيعة؛ فقد رواه الشجري في (الأمالي 2962) بسند صحيح إلى أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ،
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرًا عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ؟
…
فذكر بنحو رواية الجماعة عن أبي الزبير.
فدل على وهمه في رواية عمرو بن خالد عنه في متنه وسنده أيضًا، حيث زاد فيه (أسامة بن زيد)، أو لعله دلسه في رواية المقرئ فهو متهم بالتدليس أيضًا. والله أعلم.
ومع ضعف سند هذه الرواية، حسن متنها الحافظ أبو موسى المديني، واستدل بها في كون المعذبين في حديث ابن عباس المتقدم كانا كافرين، فقال:"هَذَا حديث حسن، وَإِنْ كَانَ إسناده لَيْسَ بِالقَوي؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لَمَا كَانَ لِشَفَاعَتِهِ لهما إِلَى أَنْ ييبسا مَعْنًى، وَلَكِنَّهُ لَمَّا رَآهُمَا يُعَذَّبَانِ لَمْ يَسْتَجِزْ من عَطْفِهِ وَلُطْفِهِ صلى الله عليه وسلم حرمهُمَا مِنْ ذلك، فَشَفَعَ لَهما إلى المدة المذكورة، والله أعلم"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 233)، وبنحوه نقله الحافظ في (فتح الباري 1/ 321).
وتعقبه الحافظ فقال: "واحتج بما رواه من حديث جابر بسند فيه ابن لهيعة
…
، لكن الحديث الذي احتج به أبو موسى ضعيف كما اعترف به، وقد رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم وليس فيه سبب التعذيب فهو من تخليط ابن لهيعة وهو مطابق لحديث جابر الطويل الذي قدمنا أن مسلمًا أخرجه واحتمال كونهما كافرين فيه ظاهر وأما حديث الْبَابِ - يعني حديث ابن عباس - فَالظَّاهِرُ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِهِ أَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ
…
" (الفتح 1/ 321).
وقال الهيثمي: "وفي إسناد الطبراني ابن لهيعة، وفيه كلام"(المجمع 4283).
ولذا قال الشيخ الألباني: "منكر بذكر: (النساء) و (النميمة) "(الضعيفة 6946).
* * *
753 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ نَحْوَ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، قَالَ: فَكَانَ النَّاسُ يَمْشُونَ خَلْفَهُ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ صَوْتَ النِّعَالِ وَقَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، فَجَلَسَ حَتَّى قَدَّمَهُمْ أَمَامَهُ؛ لِئَلَّا يَقَعَ فِي نَفْسِهِ شيءٌ مِنَ الْكِبْرِ، فَلَمَّا مَرَّ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ إِذَا بِقَبْرَيْنِ قَدْ دَفَنُوا فِيهِمَا رَجُلَيْنِ، قَالَ: فَوَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ دَفَنْتُمْ هَهُنَا الْيَوْمَ؟ » قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، قَالَ:«إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ الْآنَ وَيُفْتَنَانِ فِي قَبْرَيْهِمَا» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ ذَاكَ؟ قَالَ: «أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَتَنَزَّهُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، وَأَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا، ثُمَّ جَعَلَهَا عَلَى الْقَبْرَيْنِ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَلِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: «لِيُخَفَّفَ عَنْهُمَا» ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَحَتَّى مَتَى هما يُعَذَّبَانِ؟ قَالَ: «غَيْبٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ» ، قَالَ:«وَلَوْلَا تَمَريجُ قُلُوبِكُمْ أَوْ تَزَيُّدُكُمْ فِي الْحَدِيثِ لَسَمِعْتُمْ مَا أَسْمَعُ» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وضعفه الهيثمي والبوصيري والألباني.
[التخريج]:
[جه 245 مقتصرًا على أوله / حم 22292 "واللفظ له" / طب (8/ 258/ 7869) / شجر 2961 / زهق 298 مقتصرًا على أوله / ترقف 56].
[السند]:
أخرجه أحمد في (مسنده)، قال: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا مُعَانُ بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد، قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يُحَدِّثُ،
عن أبي أُمَامَةَ، به.
ورواه عباسٌ التَّرْقُفِيُّ في (جزء له) - ومن طريقه البيهقي في (الزهد الكبير) -: عن أبي المغيره، به.
ورواه ابن ماجه في (سننه): عن محمد بن يحيى (الذهلي).
ورواه الطبراني في (معجمه) - ومن طريقه الشجري في (أماليه) -: عن أحمد بن عبد الوهاب بن نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ.
كلهم: عن أبي المغيرة (وهو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني)، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: علي بن يزيد، وهو الألهاني، قال عنه الحافظ:"ضعيف"(التقريب 4817). لاسيما روايته عن القاسم، قال يحيى بن معين:"علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعاف كلها"(تهذيب الكمال 21/ 179)، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن علي بن يزيد؟ فقال: "ضعيف الحديث حديثه منكر، فإن كان ما روى علي بن يزيد عن القاسم على الصحة، فيحتاج أَنْ ننظر في أمر علي بن يزيد"(الجرح والتعديل 6/ 209).
وبه ضعفه البوصيري، فقال:"هذا إسناد ضعِيف؛ لضعف رواته، قال ابن معين: علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أُمَامَةَ هي ضعفاء كلها"(مصباح الزجاجة 1/ 36).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبيِر، وفيه علي بن يزيد، وفيه كلام"(المجمع 4292).
وقال في موضع آخر: "رواه أحمد، وفيه علي بن يزيد بن علي الألهاني عن القاسم وكلاهما ضعيف"(المجمع 1029).
قلنا: الراجح أَنَّ القاسم في نفسه: صدوق لا بأس به، وإنما أتت المناكير في روايته من قبل الرواة الضعفاء عنه، كما نص على ذلك ابن معين والبخاري وأبو حاتم وغيرهم
(1)
.
العلة الثانية: معان بن رفاعة السلمي، وهو مختلف فيه، لكن الجمهور على تضعيفه، ولذا قال الحافظ:"لين الحديث كثير الإرسال"(التقريب 6747)، وانظر:(تهذيب التهذيب 374).
والحديث ضعفه الألباني في (ضعيف ابن ماجه 46)، و (ضعيف الترغيب والترهيب 121).
[تنبيه]:
عزاه ابن رجب الحنبلي في (أهوال القبور ص 87): للأثرم. ولم نقف عليه.
* * *
(1)
انظر: ترجمته مفصلة في تحقيقنا لحديث أبي أمامة، في باب:"إعفاء اللحية"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
رِوَايَةُ: لُحُومَ النَّاسِ:
•وفي رواية بلفظ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَقِيعَ الْغَرْقَدِ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرَيْنِ ثَرِيَّيْنِ، فَقَالَ:«أَدَفَنْتُمْ هُنَا فُلَانًا وَفُلَانَةَ؟» أَوْ قَالَ: «فُلَانًا وَفُلَانًا؟» فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:«قَدْ أُقْعِدَ فُلَانٌ الْآنَ يُضْرَبُ» ، ثُمَّ قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ ضُرِبَ ضَرْبَةً مَا بَقِيَ مِنْهُ عُضْوٌ إِلَّا انْقَطَعَ، وَلَقَدْ تَطَايَرَ قَبْرُهُ نَارًا، وَلَقَدْ صَرَخَ صَرْخَةً سَمِعَتْهَا الْخَلَائِقُ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَلَوْلَا تَمْرِيجُ قُلُوبِكُمْ وَتَزَيُّدُكُمْ فِي الْحَدِيثِ لَسَمِعْتُمْ مَا أَسْمَعُ» ، ثُمَّ قَالَ:«الْآنَ يُضْرَبُ هَذَا، الْآنَ يُضْرَبُ هَذَا» ، ثُمَّ قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ ضُرِبَ ضَرْبَةً مَا بَقِيَ مِنْهُ عَظْمٌ إِلَّا انْقَطَعَ، وَلَقَدْ تَطَايَرَ قَبْرُهُ نَارًا، وَلَقَدْ صَرَخَ صَرْخَةً سَمِعَهَا الْخَلَائِقُ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَلَوْلَا تَمْرِيجٌ فِي قُلُوبِكُمْ وَتَزَيُّدُكُمْ فِي الْحَدِيثِ لَسَمِعْتُمْ مَا أَسْمَعُ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا ذَنْبُهُمَا؟، قَالَ:«أَمَّا فُلَانٌ: فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا فُلَانٌ - أَوْ فُلَانَةُ -: فَإِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وضعفه ابن رجب.
[التخريج]:
[طبري (سنة 40)]
[السند]:
أخرجه الطبري في (صريح السنة) قال: حدثنا علي بن سهل الرملي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن عثمان بن أبي العاتكة، [عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن]
(1)
، عن أبي أمامة، به.
(1)
- ما بين المعقوفين سقط من (ط دار الخلفاء)، واستدركناه من (ط دار علم السلف ص 55).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ كسابقه، لأجل علي بن يزيد الألهاني، وقد تقدم الكلام عليه.
والراوي عنه هنا: عثمان بن أبي العاتكة، قال عنه الحافظ:"صدوق، ضعفوه في روايته عن على بن يزيد الألهاني"(التقريب 4483).
والوليد بن مسلم: ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، وقد عنعن.
ولذا ضعف الحديث ابن رجب في (أهوال القبور ص 94).
* * *
754 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ:«إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَثِيرٍ، كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ، وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، فَدَعَا بِجَرِيدٍ رَطْبٍ فَكَسَرَهُ، فَوَضَعَ عَلَى هَذَا، وَعَلَى هَذَا، وَقَالَ:«لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا حَتَّى يَيَبْسَا» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وهذا إسناد خطأ من حديث عائشة، الصواب عن ابن عباس كما في الصحيحين.
[التخريج]:
[طس 6565].
[السند]:
قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي المصري نا علي بن جعفر الأحمر نا عبيدة بن حميد عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة، به.
وقال: "لم يرو هذا الحديث عن منصور إلا عبيدة بن حميد، تفرد به علي بن جعفر الأحمر".
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أَنَّ علي بن جعفر الأحمر - وإن وثقه أبو حاتم، كما في (الجرح والتعديل 6/ 178)، ومُطَيَّن، كما في (تاريخ بغداد 13/ 289)، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 468) - قد خولف فيه ممن هو أوثق منه؛ فقد رواه البخاري في (صحيحه 6055): عن محمد بن سلام
البيكندي، قال: أخبَرَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ المَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ:«يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ، كَانَ أَحَدُهُمَا: لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَكَانَ الآخَرُ: يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا بِكِسْرَتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ، فَجَعَلَ كِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، وَكِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، فَقَالَ:«لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» .
ومحمد بن سلام البيكندي شيخ البخاري: "ثقة ثبت" كما في (التقريب 5945). فلا ريب أَنَّ رواية ابن سلام هذه أرجح، لاسيما وقد توبع عبيدة على هذا الوجه، فقد أخرجه البخاري (216، 1378) من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور، به.
أما قول الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله موثقون إِلَّا شيخ الطبراني محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي المصري فإني لم أعرفه"(المجمع 1023).
فغريب، فإن محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي هذا من رجال (التهذيب)، روى عنه النسائي في السنن، وقال عنه ابن يونس:"كان ثقة ثبتًا"(تهذيب الكمال 24/ 346)، ووثقه الدارقطني (تاريخ بغداد 5/ 95)، وقال الذهبي: "الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، الثِّقَة
…
، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْث" (سير أعلام النبلاء 14/ 138، 139)، وقال الحافظ: "ثقة ثبت" (التقريب 5709).
* * *
755 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ يَوْمًا بَيْنَ قُبُورٍ وَمَعَهُ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ وَوَضَعَ وَاحِدَةً عَلَى قَبْرٍ وَالْأُخْرَى عَلَى قَبْرٍ آخَرَ، ثُمَّ مَضَى، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: «أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ يُعَذَّبُ بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ لَا يَتَّقِي الْبَوْلَ، وَلَنْ يُعَذَّبَا مَا دَامَتْ هَذِهِ رَطْبَةً» .
[الحكم]:
صحيح المتن بما تقدم، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[طب (13/ 226/ 13955) / طس 4394]
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير)، و (الأوسط) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز، قال: حدثنا غسان بن الربيع، قال: حدثنا جعفر بن ميسرة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، به.
وقال: "لا يُرْوى هذا الحديث عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد"(الأوسط).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه جعفر بن ميسرة، قال عنه البخاري:"ضعيف منكر الحديث"، وقال أبو حاتم:"منكر الحديث جدًّا"، وقال أبو زرعة:"ليس بقوي"، وقال السَّاجِي:"ضعيف"(لسان الميزان 1924).
وبه ضعفه الهيثمي فقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه جعفر بن ميسرة وهو منكر الحديث"(المجمع 1031).
* * *
756 -
حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ:
◼ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى مَقَابِرَ فَسَمِعْتُ ضَغْطَةً فِي قَبْرٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ ضَغْطَةً فِي قَبْرٍ، قَالَ:«وَسَمِعْتَ يَا يَعْلَى؟ ! » ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ فِي يَسِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ» ، قُلْتُ: وَمَا هُوَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «كَانَ رَجُلًا فَتَّانًا يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ وَكَانَ لَا يَتَنَزَّهُ عَنِ الْبَوْلِ، قُمْ يَا يَعْلَى إِلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ فَأْتِنِي مِنْهَا بِجَرِيدَةٍ» ، فَجِئْتُهُ بِهَا فَشَقَّهَا بِاثْنَتَيْنِ فَقَالَ:«اغْرِسْ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَالْأُخْرَى عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يُرَفَّهَ أَوْ يُخَفَّفَ عَنْهُ مَا لَمْ يَيْبَسْ هَاتَانِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[هقل (7/ 42)]
[السند]:
قال البيهقي في (دلائل النبوة): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا علي بن حمشاذ العدل إملاء، حدثنا عبد الله بن موسى بن أبي عثمان، حدثنا سهل بن زنجلة الرازي، حدثنا الصباح بن محارب، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، عن أبيه، قال: مررنا
…
الحديث.
كذا في المطبوع من الدلائل، والصواب:(عن أبيه، عن جده)؛ فقد بوب البيهقي عليه بقوله: "باب ما جاء في سماع يعلى بن مرة ضغطة في قبر"، أي أن القصة وقعت ليعلي بن مرة وليس لابنه عبد الله، يدل عليه ذكر " يعلى " في السياق حيث قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وَسَمِعْتَ يَا يَعْلَى؟ ! » .
وقد عزاه للبيهقي في (دلائله) عن يعلى بن مرة: ابن الملقن في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 4/ 395)، والسيوطي في (شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور ص 162)، و (الخصائص الكبرى 2/ 149). فتأكد ما ذكرنا والله الموفق.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: عمر بن عبد اللَّه بن يعلى، ضعفه أحمد، وابن معين، وأبوحاتم؛ وزاد:"منكر الحديث"، وقال أبو زرعة:"ليس بقوي أسال الله السلامة"(الجرح والتعديل 6/ 118). وقال البخاري: "يتكلمون فيه"(التاريخ الكبير 2/ 113). وقال ابن حبان: "مُنكر الرِّوَايَة عَن أَبِيه وَكَانَ جرير يَحْكِي عَن زَائِدَة أَنه رَآهُ يشرب الْخمر"، إلى أَنْ قال:"وروى عمر بن عبد الله بن يعلى نُسْخَة أَكْثَرهَا مَقْلُوبَة عَن أَبِيه عَن جده"(المجروحين 2/ 65).
والثانية: أبوه عبد الله بن يعلى، قال عنه البخاري:"فيه نظر" نقله عنه العقيلي في (الضعفاء 2/ 434)، وابن عدي في (الكامل 7/ 14) وأقراه. وقال ابن حبان:"لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد؛ لكثرة المناكير في روايته، على أَنَّ ابنه واهٍ أيضًا، فلست أدري البلية فيها منه أو من أبيه"(المجروحين 1/ 519). وقال الذهبي: "ضعفه غير وَاحِد"(المغني 1/ 364)، و (الميزان 2/ 528).
[تنبيه]:
عزاه السيوطي في (جمع الجوامع 3/ 68)، وتبعه صاحب (كنز العمال 9/ 348) لـ "طب عن يعلى بن مرة"، ولم نقف عليه، ولا ذكره الهيثمي في (المجمع). فالله أعلم.
* * *
757 -
حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:
◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا (يَتَنزَّهُ)
(1)
عَنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ».
[الحكم]:
ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[كر (36/ 201)]
[السند]:
أخرجه ابن عساكر في (تاريخه) قال: أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسن، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد بصور في ذي الحجة سنة خمس وسبعين وأربعمائة، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز السراج، أنا أبو بكر محمد بن الحسين (السبيعي)
(2)
، نا المنذر بن محمد القابوسي، نا أبي، أنا يحيى بن محمد (الشجري)
(3)
، نا عبد الله بن
(1)
في المطبوع: "ينثر"، والتصويب من (مختصر تاريخ دمشق 15/ 111)، و (جمع الجوامع 18/ 277)، و (كنز العمال 27289).
(2)
في المطبوع: "السبعي"، والصواب المثبت، كما في (تاريخ الإسلام 9/ 504)، وقد جاء على الصواب في حديث آخر بهذا الإسناد، عند ابن عساكر في (معجمه 1/ 580).
(3)
في المطبوع: "السِّجْزِيُّ"، والصواب المثبت كما في كتب التراجم، وانظر: التحقيق، وقد جاء على الصواب في حديث آخر بهذا الإسناد، عند ابن عساكر في (معجمه 1/ 580).
محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علل:
الأولى: يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ المدني الشجري، قال عنه الحافظ:"ضعيف وكان ضريرًا يتلقن"(التقريب 7637).
الثانية: المنذر بن محمد بن المنذر القابوسي، قال الدارقطني:"متروك"(سؤالات الحاكم له 234)، وكذا حكاه ابن المواق عن البرقاني عن الدارقطني (اللسان 7915)، وأما الذهبي فقال:"قال الدارقطني: مجهول"(ميزان الاعتدال 4/ 182).
الثالثة: محمد بن المنذر القابوسي والد المنذر: لم نجد له ترجمة، والظاهر أنه مجهول، فلم نجد في الرواة عنه غير ابنه المتروك.
ومحمد بن الحسين السبيعي، لم نقف له على ترجمة، إِلَّا أَنَّ ابن العديم ذكره في أثناء بعض التراجم ووصفه بالحافظ، انظر:(تاريخ حلب 5/ 2180، 2315، 9/ 3956)، بل ذكر في موضع آخر ما يدل على أنه كان صاحب تصانيف، حيث قال في ترجمة أحد الرواة:"ذكره أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي في معجم شيوخه"(تاريخ حلب 6/ 2781).
[تنبيه]:
وقع في مطبوع (كنز العمال 27289) عزوه لـ"ك"، كذا وتعني الحاكم في المستدرك، والحديث ليس في المستدرك، فلعلها مصحفة من (كر) رمز تاريخ دمشق.
* * *
758 -
حَدِيثُ طَاوُسٍ مُرْسَلًا:
◼عَنْ طَاوُسٍ، وَعَنْ قَتَادَةَ، أَيْضًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرَيْنِ، وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ فَحَادَتْ بِهِ، فَقَالَ:«حَادَتْ وَحُقَّ لَهَا، إِنَّ صَاحِبَيْ هَذَيْنِ الْقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ مِنْ غَيْرِ كَبِيرٍ وَبَلَاءٍ، أَمَّا هَذَا - لِأَحَدِهِمَا -: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا هَذَا: فَكَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ» ، ثُمَّ كَسَرَ جَرِيدَةً مِنْ نَخْلٍ فَغَرَسَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَنْفَعُهُمَا هَذَا؟ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا دَامَا رَطْبَيْنَ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف لإرساله.
[التخريج]:
[عب 6861 "واللفظ له"، 6863]
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق (6861): عَنْ مَعْمَرٍ، [عن أيوب]
(1)
، عَنْ طاوس، وعن قتادة أيضا، به.
وأخرجه عبد الرزاق (عقب رقم 6863): عن ابن عيينة، عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، نحوه.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه مرسل، فطاوس وقتادة من التابعين.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من طبعة المكتب الاسلامي (6753)، ومثبت في طبعة التأصيل، وهو الصواب كما في (النسخة الخطية 2/ ق 180).
وقد تقدم الحديث في الصحيحين موصولًا عن طاوس عن ابن عباس، ولكن بلفظ (النميمة)، ودون قصة البغلة.
رِوَايَةُ: لَا يَحْتَفِظِ الْبَوْلَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ طَاوسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبُ صَاحِبَاهُمَا، فَقَالَ:«أَلَا إِنَّ هَذَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ؛ كَانَ أَحَدُهُمَا يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ، وَكَانَ الآخَرُ لَا يَحْتَفِظِ الْبَوْلَ» ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ رَطِبَةٍ، فَشَقَّهَا فَلْقَتَيْنِ، ثُمَّ وَضَعَ عَلَى قَبْرِ ذَا فَلْقَةً، وَعَلَى قَبْرِ ذَا فَلْقَةً، ثُمَّ قَالَ:«لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا دَامَتَا رَطْبَتَيْنِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف لإرساله.
[التخريج]:
[وصف 295]
[السند]:
أخرجه عبد الملك بن حبيب في (وصف الفردوس) قال: حدثني محمد بن سلام، عن حماد بن زيد، عن عمر بن دينار، عن طاوس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه مرسل، كسابقه.
* * *
759 -
حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ:
◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ: أَنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَشَكَى ذَلِكَ جَيرَانُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «خُذُوا كَرَبَتَيْنِ وَاجْعَلُوهُمَا فِي قُبُورِهِمَا يُرَفَّهُ عَنْهُمَا الْعَذَابُ مَا لَمْ يَيْبَسَا» ، قَالَ: فَسُئِلَ فِيمَا عُذِّبَا، قَالَ:«فِي النَّمِيمَةِ وَالْبَوْلِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف لإرساله.
[اللغة]:
قوله «كَرَبَتَيْنِ» : كَرَبُ النخل - بالتحريك -: أصل السَّعَف. وقيل: ما يبقى من أصوله في النخلة بعد القطع كالمَراقِي. (النهاية 4/ 161). وقيل: أصول السَّعَفِ الغلاظ العِراضُ التي تيبس فتصير مثل الكتف، واحدتها كَرَبةٌ. (لسان العرب 1/ 713).
[التخريج]:
[هقب 237]
[السند]:
قال البيهقي في (إثبات عذاب القبر): أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الْمُفَسِّرِ رحمه الله، ببغداد، أنا أحمد بن سلمان النِّجَادُ قال: قُرِئَ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع، أنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، عن أبي مَعْشَرٍ، عن إبراهيم يعني النخعي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه مرسل، فإبراهيم النخعي من صغار التابعين.
وأبو معشر: هو زياد بن كُلَيْب، ثقة من رجال مسلم.
* * *
760 -
حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ:
◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ قَالا: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:«إِنَّ فِيهَا لَقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ بِأَمْرٍ يَسِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ كَانَ لا يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً فَكَسَرَهَا وَوَضَعَهَا عَلَيْهِمَا قَالَ:«لَعَلَّهُ أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف لإرساله.
[التخريج]:
[زهن 359]
[السند]:
هناد بن السري في (الزهد): حدثنا أبو زُبَيْدٍ، عن حُصَيْنٍ، عن إبراهيم، ومجاهد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه مرسل، فإبراهيم النخعي ومجاهد من التابعين.
وأبو زبيد: هو عبثر بن القاسم، وحصين: هو ابن عبد الرحمن، وهما ثقتان من رجال الشيخين.
* * *
761 -
حَدِيثُ ابْنِ طَاوُسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ:«هَذَا قَبْرُ فُلَانٍ، وَهَذَا قَبْرُ فُلَانٍ، وَهُمَا يُعَذَّبَانِ فِي غَيْرِ كَبِيرٍ وَبَلَى، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَتَأَذَّى بِبَوْلِهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَهْمِزُ النَّاسَ» ، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَكَسَرَهَا، فَوَضَعَ عَلَى هَذَا وَاحِدَةً وَعَلَى هَذَا وَاحِدَةً، وَقَالَ:«عَسَى أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا الْعَذَابُ مَا دَامَا رَطْبَتَيْنِ، أَوْ رَطْبَيْنِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف لإعضاله.
[التخريج]:
[عب 6862]
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق: عن ابن عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينار، عن ابن طاوس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه معضل، فابن طاوس من أتباع التابعين.
وهذا الإسناد فيه مثال لرواية الأكابر عن الأصاغر، فإن عمرو بن دينار أكبر من ابن طاوس.
* * *
762 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ لِبَنِي النَّجَّارِ يُعَذَّبَانِ بِالنَّمِيمَةِ وَالْبَوْلِ، فَأَخَذَ سَعَفَةً، فَشَقَّهَا، فَوَضَعَ عَلَى هَذَا الْقَبْرِ شِقًّا وَعَلَى هَذَا الْقَبْرِ شِقًّا، وَقَالَ:«لَا يَزَالُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا دَامَتَا رَطْبَتَيْنِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف، وضعفه الهيثمي.
[التخريج]:
[طس 7680 "واللفظ له" / هقب 127 / مغلطاي (1/ 231)].
[السند]:
رواه الطبراني في (الأوسط) قال: حدثنا محمد بن موسى الْإِصْطَخْرِيُّ، نا أبو أسامة عبد الله بن أسامة، ثنا عبيد بن عبد الرحمن الْبَزَّازُ، نا عيسى بن طهمان، عن أنس بن مالك، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه محمد بن موسى الإصطخري، ضعفه الدارقطني في (السنن عقب رقم 2019)، وأقره البيهقي في (الكبرى عقب رقم 7494)، وابن القطان في (بيان الوهم 3/ 213). وقال فيه الحافظ:"شيخ مجهول، روى عن شعيب بن عمران العسكري خبرًا موضوعًا"(اللسان 7/ 541)، وانظر:(إرشاد القاصي والداني 1018).
ومع ضعفه، قد خولف فيه:
فقد رواه البيهقي في (إثبات عذاب القبر 127): من طريق أبي العباس
محمد بن يعقوب الأصم، عن (أبي أسامة)
(1)
الكلبي، عن عبيد بن الصباح، عن عيسى بن طهمان، به.
وأبو العباس الأصم كان إمام عصره بلا مدافعة كما قال الحاكم (تاريخ الإسلام 7/ 842) وقال الذهبي في (تذكرة الحفاظ 3/ 52): "الإمام المفيد الثقة محدث المشرق".
لكن هذه الرواية إسنادها أيضًا ضعيف، فعبيد بن الصباح، ضعفه أبو حاتم، وأورده العقيلي في الضعفاء، انظر:(لسان الميزان 5/ 353).
فإن قيل: قد توبع أبو أسامة الكلبي على الوجه الأول؛ حيث رواه البيهقي في (إثبات عذاب القبر 127)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 231): من طريق عثمان بن أحمد بن السماك، عن الحسين بن حميد بن الربيع، عن عبيد بن عبد الرحمن، عن عيسى بن طهمان، به؟ .
قلنا: هذه المتابعة واهية لا تساوي فلسًا، فالحسين بن حميد بن الربيع وهو الخزاز، كذبه مطين. وأقره ابن عدي فقال:"والحسين متهم عندي كما قال مطين"، (اللسان 2501).
ثم إن عبيد بن عبد الرحمن هذا - على فرض صحة ذكره - سئل عنه أبو حاتم، فقال: "لا أعرفه والحديث الذي رواه كذب
(2)
" (الجرح والتعديل 5/ 410).
وبه ضعفه الهيثمي، فقال: "رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه عبيد
(1)
تحرف في طبعتي (إثبات عذاب القبر) إلى (أبي أمامة)، والصواب المثبت، كما في كتب التراجم، وبقية مصادر التخريج.
(2)
يعني حديث:
بن عبد الرحمن، وهو ضعيف" (المجمع 1030).
كذا قال ولم نجده في المسند، ولا ذكره ابن حجر في أطرافه ولا في أطراف العشرة، والله أعلم.
* * *
رِوَايَةُ: مِنَ الغِيبَةِ:
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وضعفه ابن القيسراني، والهيثمي.
[التخريج]:
[طس 1054 لم يذكر الغيبة / عد (4/ 339) "واللفظ له ولغيره"، / شعب 10589 / هقب 128 مقتصرًا على أوله / غيب 2233 لم يذكر النميمة].
[السند]:
أخرجه ابن عدي في (الكامل) قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الحراني، قال: حدثنا أبو جعفر النفيلي، قال: حدثنا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن أنس، به.
ومداره على أبي جعفر النفيلي، عن خليد بن دعلج، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد منكر؛ فيه علتان:
الأولى: خليد بن دعلج، وهو "ضعيف" كما في (التقريب 1740)، بل وقال ابن معين:"ليس بشيء"، وقال النسائي:"ليس بثقة"، وقال الدارقطني:"متروك"(تهذيب التهذيب 3/ 158).
وبه أعله ابن القيسراني فقال: "رواه خليد بن دعلج الجزري: عن قتادة، عن أنس. وخليد متروك الحديث"(ذخيرة الحفاظ 2/ 877).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه خليد بن دعلج ضعفوه إِلَّا أَنَّ أبا حاتم قال: صالح وليس بالمتين، وقال ابن عدي: عامة ما رواه تابعه عليه غيره"(المجمع 1025).
وقال في موطن آخر: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه خليد بن دعلج وهو متروك"(المجمع 13136).
العلة الثانية: المخالفة: فالمحفوظ عن قتادة: ما رواه سعيد ابن أبي عروبة عنه أنه قال: "ذُكِرَ لنا أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ: ثُلُثٌ مِنَ الغيبة، وثلثٌ من البول، وثلثٌ من النميمة".
أخرجه ابن أبي الدنيا في (الصمت 189) قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا ابن عُلَيَّةَ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، به.
ورواه البيهقي في (إثبات عذاب القبر 238) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، بنحوه ولم يقل فيه:"ذُكِرَ لَنَا".
وهذه الرواية أصح الروايات عن قتادة، فإن سعيد بن أبي عروبة من أثبت الناس في قتادة وأحفظهم لحديثه، قاله ابن معين وأبو داود الطيالسي وغيرهما، انظر:(تهذيب الكمال 11/ 9).
ولهذا قال البيهقي: "الصحيح رواية ابن أبي عروبة، عن قتادة من قوله"(إثبات عذاب القبر 1/ 136).
* * *
رِوَايَةُ: فِتْنَةُ الْقَبْرِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَن أَنَس، قَال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم:«فِتْنَةُ الْقَبْرِ مِنْ ثَلاثٍ: فِتْنَةٌ مِنَ الْغَيْبَةِ، وَفِتْنَةٌ مِنَ النَّمِيمَةِ، وَفِتْنَةٌ مِنَ الْبَوْلِ» .
[الحكم]:
منكر، وضعفه ابن عدي وابن القيسراني وابن رجب.
[التخريج]:
[عد (6/ 379) "واللفظ له" / تجر (ص 478)]
[السند]:
أخرجه ابن عدي في (الكامل) قال: حدثنا أحمد بن عامر بن عبد الله، حدثنا كثير بن عبيد، حدثنا بقية، عن عبد الله بن مُحَرَّرٍ، عن قتادة، عن أنس، به.
ورواه السهمي في (تاريخ جرجان) من طريق نصير بن كثير الكشي الجرجاني عن بقية به
(1)
.
(1)
إلا أنه وقع في المطبوع من "تاريخ جرجان" هكذا: [عن بقية عبد الله بن محمد بن قتادة]. فسقطت أداة التحمل بين بقية وعبد الله، وتحرف محرر إلى محمد، وتحرفت أداة التحمل (عن) إلى (بن) بين عبد الله بن محرر وقتادة. والله المستعان.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: عبد الله بن محرر، متروك (التقريب 3573).
والحديث ذكره ابن عدي في ترجمته، مع جملة من حديثه عن قتادة عن أنس، ثم قال:"وهذه الأحاديث عن ابن محرر عن قتادة عن أنس التي أمليتها عامتها لا يتابع عليه"، وذكر له جملة أخرى عن قتادة وغيره، ثم قال:"وهذه الأحاديث لابن محرر عامتها غير محفوظات وله غير ما أمليت أحاديث يرويه عنه الثقات ورواياته عن من يرويه غير محفوظة"(الكامل 6/ 380، 383).
وتبعه ابن القيسراني فقال: "رواه عبد الله بن محرر عن قتادة، عن أنس. وعبد الله متروك الحديث"(ذخيرة الحفاظ 3/ 1621).
الثانية: المخالفة، فقد خالف سعيدُ بن أبي عروبة عبدَ الله بن محرر، فرواه عن قتادة قال:"ذكر لنا أَنَّ عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث من الغيبة، وثلث من البول، وثلث من النميمة". وقد تقدم تخريجه في الراوية السابقة.
ولذا قال ابن رجب: "وخرج أيضًا - أي ابن عدي - بإسناده فيه ضعف عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فتنة القبر من ثلاث
…
»، ولكن روى عبد الوهاب الخفاف عن سعيد عن قتادة قال: «كان يقال عذاب القبر من ثلاثة
…
». خرجه الخلال وهذا أصح" (أهوال القبور ص 89).
* * *
763 -
حَدِيثٌ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قال: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرٍ، فَنَفَرَتْ بَغْلَتُهُ الشَّهْبَاءُ، فَأَخَذَ الْقَوْمُ بِلِجَامِهَا، فَقَالَ:«خَلُّوا عَنْهَا؛ فَإِنَّ صَاحِبَ الْقَبْرِ يُعَذَّبُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ» .
[الحكم]:
إسناده ساقط.
[التخريج]:
[هقب 129 / ضيا (6/ 202/ 2218) "واللفظ له"].
[السند]:
قال الضياء في (المختارة): أخبرتنا الْحُرَّةُ زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بنيسابور، أن أبا الحسن علي بن جامع بن علي القاضي أخبرهم قراءة عليه، أبنا أبو سهل عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن أحمد الدَّشْتِيُّ، ثنا الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن مَحْمَشٍ الزِّيَادِيُّ، أبنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا محمد بن يزيد، ثنا عمر بن عبد الله بن رَزِينٍ، ثنا سفيان بن حسين، عن شَيْبَةَ بن مُساوِرٍ، عن أنس بن مالك، به.
ورواه البيهقي في (إثبات عذاب القبر) قال: حدثنا أبو طاهر الفقيه، أبنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا محمد بن يزيد، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث.
كذا في مطبوعه بإسقاط بقية سنده، وهو سقط ظاهر، وقد عزاه السيوطي للبيهقي فقال:"عن شيبة بن مساور عن أنس" انظر: (جمع الجوامع 19/
233)، (كنز العمال 27199).
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه محمد بن يزيد وهو ابن عبد الله السلمي النيسابوري، قال الدارقطني:"كَانَ يضع الحَدِيث على الثِّقَات"(تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان ص 277). وقال الخطيب: "متروك الحديث"(تاريخ بغداد 3/ 103).
وشذَّ ابن حبان كعادته، فذكره في (الثقات 9/ 145) وقال:"روى عنه أهل بلده وكانت فيه دعابة".
وفيه أيضًا: انقطاع بين شيبة بن مساور وأنس، فإن شيبة من أتباع التابعين، كذا ذكره ابن حبان في هذه الطبقة من (ثقاته 6/ 445)، نعم له رواية عن ابن عباس، لكن قال الحافظ:"هو من أتباع التابعين وروايته عن ابن عباس مرسلة"(التعجيل 461).
* * *
764 -
حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابنِ حَسَنَةَ:
◼ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابنِ حَسَنَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنتُ أَنَا وَعَمرُو بنُ العَاصِ جَالِسَينِ، فَخَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ دَرَقَةٌ، أَو شِبْهُهَا، فَاستَتَرَ بِهَا، ثُمَّ بَالَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقُلنَا: تَبُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا تَبُولُ المَرأَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا، فَقَالَ:«أَوَ مَا عَلِمتُم مَا أَصَابَ صَاحِبَ بَنِي إسرَائِيلَ، كَانَ الرَّجُلُ مِنهُم إذَا أَصَابَهُ الشَّيءُ مِنَ البَولِ قَرَضَهُ بِالمِقرَاضِ (قَطَعُوا مَا أَصَابَهُ البَولُ مِنهُم)، فَنَهَاهُم عَن ذَلِكَ، فَعُذِّبَ فِي قَبرِهِ» .
[الحكم]:
صحيحٌ، وصحَّحه ابن المنذر، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والنووي، والذهبي، ومغلطاي، وابن حجر، والألباني.
[اللغة]:
الدَّرَقَةُ - بِفَتْحَتَيْنِ -: الحَجَفة وهي تُرْس من جلود ليس فيه خشب ولا عَقَب. والجمع دَرَقٌ وأَدراق ودِراق (لسان العرب 10/ 95).
[الفوائد]:
قال بدر الدين العيني: "قوله: "فَخَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ دَرَقَةٌ، أَو شِبْهُهَا، فَاستَتَرَ بِهَا" إنما استتر بها لئلَّا يطلع أحد إلى عورته، وهذا تعليم منه لأمته، وليكون أيضًا حاجزًا بينه وبين القبْلة، وإنما قالا: " كما تبول المرأة " لاستتاره عليه السلام بالدرقة كما تستتر المرأة، ولم يقولا هذا القول بطريق الاستهزاء والاستخفاف؛ لأن الصحابة أبرياء من هذا الأمر، وإنما وقع منهما هذا الكلام من غير قصد، أو وقع بطريق التعجب، أو بطريق الاستفسار عن هذا الفعل، فلذلك أجاب عليه السلام بقْوله: " ألم تعلموا ما لقي صاحبُ بني إسرائيل؟ " (شرح أبي داود للعيني 1/ 88 - 89).
[التخريج]:
[د 22 "والرواية له" / ن 30 / كن 28 / جه 350 / حم 17758، 17760 / حب 3130/ ك 670، 671 / ش 1312، 12165 واللفظ له / عل 932/ حمد 906 / مش 738 / مث 2588 / جا 132 / منذ 281 مختصرا، 684 / مشكل 5206، 5207 / هق 495، 514 / هقع 836 / هقب 130 / صبغ 2676 / قا (2/ 172) / صحا 4582 / عد (7/ 236، 237) / تجر (ص 492) / أسد (3/ 433) /كما (17/ 68) / فة (1/ 284) / عابس 9 / حرملة (هقع 837)].
[السند]:
أخرجه أبو داود قال: حدثنا مسدد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة، به.
ورواه ابن أبي شيبة في (مصنفه 1312)، - وعنه ابن ماجه -، وأحمد (17758) قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، به.
ورواه ابن أبي شيبة (12165)، وأحمد (17760) قالا: حدثنا وكيع، عن الأعمش، به.
ومداره عند الجميع على الأعمش، عن زيد بن وهب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، عدا صحابي الحديث عبد الرحمن بن حسنة وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن مطيع، وحسنة هي أمه.
ولذا قال ابن المنذر تحت باب (ذكر اختلاف أهل العلم في البول قائما):
"
…
في هذا الباب ثلاثة أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خبران ثابتان
…
" وذكر منهما هذا الحديث (الأوسط 1/ 456).
وأخرجه ابن حبان في صحيحه.
وذكر هذا الإسناد الدارقطني فيما يلزم البخاري ومسلم إخراجه (الإلزامات 3/ 93).
وقال الحاكم: "حديث صحيح الإسناد ومن شرط الشيخين إلى أَنْ يبلغ تفرد زيد بن وهب بالرواية عن عبد الرحمن بن حسنة ولم يخرجاه بهذا اللفظ"(المستدرك).
وتعقبه الذهبي مصرحًا بأنه على شرطهما فقال: "رواه عدة عن الأعمش وهو على شرطهما"(التلخيص 1/ 184).
وكذا تعقبه مغلطاي فقال: "وفيما قاله نظر، بل هو على شرطهما، ولا نظر إلى تفرد زيد؛ لأنهما رويا عن جماعة لم يرو عن أحدهم إلَّا شخص واحد، وهذا مما وهم عليهما فيه، وقد بيّنا ذلك في أوهامه في كتاب علوم الحديث"(شرح سنن ابن ماجه 1/ 226).
وصحَّحه النووي في (الخلاصة 1/ 158).
وقال الحافظ: "هو حديث صحيح؛ صحَّحه الدارقطني، وغيره"(الفتح 1/ 328).
وصححه الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 50) على شرط الشيخين.
* * *
765 -
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:
◼ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ جَالِسَيْنِ إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ كَالدَّرَقَةِ فَجَلَسَ يَبُولُ وَاسْتَكَنَ بِهِ فَقُلْنَا بَيْنَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَلَمَّا فَرَغَ أَتَانَا فَقَالَ: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا أَصَابَ أَحَدُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْبَوْلِ قَصَّهُ بِمِقْرَاضَيْنِ فَنَهَاهُمْ صَاحِبُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وهذا إسنادٌ منكر بذكر ابن مسعود، الصواب: عن عبد الرحمن بن حسنة كما تقدم.
[التخريج]:
[عد (7/ 236، 237)].
[السند]:
قال ابن عدي في (الكامل): ثنا العباس بن محمد بن العباس والقاسم بن مهدي قالا ثنا عمرو بن سواد أخبرنا ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن سليمان بن مهران، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا، رجاله ثقات غير عبيد الله بن زحر، فمختلف فيه والأكثر على ضعفه، انظر:(تهذيب الكمال 19/ 36 - 38)، وقال الحافظ:"صدوق يخطئ"(التقريب 4290).
وقد أخطأ هنا فرواه بهذا السند من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
وخالفه جمع من الثقات كوكيع وأبي معاوية الضرير وأبي عوانة وغيرهم فرووه عن الأعمش عن زيد، عن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه كما في الحديث السابق، وهو المحفوظ.
ولذا ذكر هذا الحديث ابن عدي في مناكير عبيد الله بن زحر، ونقل عن عمرو بن سواد (راويه عن ابن وهب): "بلغني أَنَّ هذا الحديث إنما يرويه العراقيون عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال: كنت أنا وعمرو بن العاص
…
فذكروا مثله" (الكامل 7/ 237). وأقره.
* * *
766 -
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ:
◼ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، قَالَ: بَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا فَقُلْنَا: تَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ الشَّيْءَ مِنْ أَحَدِهِمِ الْبَولُ قَرَضَهُ، فَنَهَاهُمْ صَاحَبُهُمْ فَهُوَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده خطأ من مسند عمرو بن العاص، الصواب: عن عبد الرحمن بن حسنة.
[التخريج]:
[عب (كبير 21/ 744)، (كنز 26378، 27198 "واللفظ له")
(1)
/ فقط (أطراف 4246)].
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" - كما في (جمع الجوامع) و (كنز العمال)، ومن طريقه الدارقطني في (الأفراد) -: عن ابن عُيَيْنَةَ، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة، عن عمرو بن العاص، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، غير أَنَّ عبد الرزاق قد شذَّ فيه وجعله من مسند عمرو بن العاص، والصحيح أنه من مسند عبد الرحمن بن حسنة، وأن عمرًا كان حاضرًا القصة مع عبد الرحمن فحسب، كذا رواه الحميدي في (مسنده 906)، والشافعي - كما في (معرفة السنن والآثار 837) -:
(1)
والحديث من الجزء الساقط من مطبوع المصنف.
عن سفيان بن عيينة، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة، قال: «انطلقت أنا وعمرو بن العاص، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث».
وكذا رواه أبو معاوية، ووكيع، وزائدة بن قدامة، وعبد الواحد بن زياد، ويعلى بن عبيد، وعبيد الله بن موسى، وغيرهم، كما تقدم.
ولذا قال الدارقطني - مشيرا إلى نكارة هذا الرواية -: "لم يقل عن عبد الرحمن عن عمرو غير عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الأعمش عن زيد بن وهب عنه"(الأفراد 2/ 104).
* * *
767 -
حَدِيثُ مَيْمُونَةَ:
◼ عَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَيْمُونَةُ تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِن عَذَابِ القَبرِ» ، قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّهُ لَحَقٌّ؟ قالَ: «نَعَم يا مَيمونَةُ، إِنَّ مِنْ أَشَدِّ العَذابِ يَومَ القيامَة: الغيبَةُ والبَولُ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: «نَعَمْ يَا مَيْمُونَةُ، وَإِنَّ مِنْ أَشَدِّ عَذَابِ الْقَبْرِ يَا مَيْمُونَةُ: الْغِيبَةَ، وَالْبَوْلَ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف بهذا السياق، وضعفه مغلطاي.
[التخريج]:
[سعد (10/ 289) "واللفظ له" / شعب 6305 "والرواية له" / هقب 210]
[السند]:
أخرجه ابن سعد في (الطبقات) قال: أخبرنا موسى بن مسعود، حدثنا عكرمة بن عمار، عن طارق بن القاسم بن عبد الرحمن، عن ميمونة مولاة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، به.
ورواه البيهقي في (الشعب) من طريق عمر بن حفص السمرقندي. وفي (إثبات عذاب القبر) من طريق محمد بن غالب. كلاهما: عن أبي حذيفة موسى بن مسعود، به. بلفظ الرواية
(1)
.
(1)
إلا أَنَّ محقق شعب الإيمان ط الرشد، تصرف في السند فجعله:"طارق بن عبد الرحمن بن القاسم"، والمثبت لديه في النسخ:"طارق بن القاسم بن عبد الرحمن". وكذا أثبته محقق ط دار الكتب العلمية (6731).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه موسى بن مسعود النهدي، قال عنه الحافظ:"صدوق سيء الحفظ وكان يصحف"(التقريب 7010).
وقد قلب اسم شيخ عكرمة بن عمار، فقال (طارق بن القاسم بن عبد الرحمن)، والصواب أنه (طارق بن عبد الرحمن بن القاسم)، هذا المعروف في شيوخ عكرمة، كما في سنن أبي داود ومسند أحمد وغيرهما من المصادر، وهكذا ذكره المزي في شيوخ عكرمة بن عمار.
وكذا ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 4/ 353) فقال: "طارق بن عبد الرحمن بن القاسم القرشي، عن ميمونة، روى عنه عكرمة بن عمار"، وكذا قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 4/ 486).
وقال مغلطاي: "وحديث ميمونة راويه ليس بثقة
…
، ذكره ابن مَنْدَهْ" (شرح سنن ابن ماجه 1/ 231).
ولا ندري هل رواه ابن مَنْدَهْ من نفس هذا الطريق، أم عنده من طريق آخر؟ .
[تنبيه]:
وعزاه ابن رجب في (أهوال القبور ص 89) للأثرم والخلال. وعزاه السيوطي في (شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور ص 162) لابن أبي الدُّنْيَا.
ولم نقف عليهم.
* * *
768 -
حَدِيثُ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ:
◼ عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَرْبَعَةٌ يُؤْذُونَ أَهْلَ النَّارِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْأَذَى، يَسْعَوْنَ بَيْنَ الْجَحِيمِ وَالْحَمِيمِ، يَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ قَدْ آذَوْنَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى، قَالَ: فَرَجُلٌ مُغْلَقٌ عَلَيْهِ تَابُوتٌ مِنْ جَمْرٍ، وَرَجُلٌ يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ، وَرَجُلٌ يَسِيلُ فُوهُ قَيْحًا وَدَمًا، وَرَجُلٌ يَأْكُلُ لَحْمَهُ.
قَالَ: فَيُقَالُ لِصَاحِبِ التَّابُوتِ مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ مَاتَ وَفِي عُنُقِهِ أَمْوَالُ النَّاسِ لَمْ يَجِدْ لَهَا فَضْلًا (قَضَاءً) 1 أَوْ قَالَ وَفَاءً.
ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ لَا يُبَالِي أَيْنَ أَصَابَ الْبَوْلُ مِنْهُ، ثُمَّ لَا يَغْسِلُهُ.
ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَسِيلُ فُوهُ قَيْحًا وَدَمًا: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَنْظُرُ (يَعْمِدُ) 2 إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ قَذِعَةٍ خَبِيثَةٍ يَسْتَلِذُّهَا وَيَسْتَلِذُّ الرَّفَثَ.
ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَأْكُلُ لَحْمَهُ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ [بِالْغِيبَةِ]، وَيَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ».
[الحكم]:
مرسل إسنادُه ضعيفٌ جدًّا، وضعفه المنذري، والألباني. وقال ابن حجر:"مرسل".
[التخريج]:
[طب (7/ 372 / 7226)"والرواية الأولى له" / زمبن 328 واللفظ له / زهن 1218 / زسد 40 / طبري (سُنة 37) / حل (5/ 167 - 168)
"والرواية الثانية له" / صمت 186 "والزيادة له"، 323 مختصرًا / نار 229 / أسد (2/ 635)]
[السند]:
أخرجه عبد الله بن المبارك في (الزهد - زوائد نعيم بن حماد) قال: أنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني ثعلبة بن مسلم، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن ماتع الأشجعي، به.
ومداره عند الجميع على إسماعيل بن عياش، عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن ماتع، به.
وقال أبو نعيم الأصبهاني: "لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا شفي بهذا الإسناد، تفرد به إسماعيل بن عياش"(حلية الأولياء 5/ 168).
[التحقيق]:
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: الإرسال؛ فشفي بن ماتع، مختلف في صحبته، قاله الطبراني في (المعجم الكبير)، وأبو نعيم في (حلية الأولياء)، و (معرفة الصحابة 3/ 1491)، وكذا ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته (جامع التحصيل ص 196).
والراجح عدم صحبته، قال العلائي:"والذي قاله ابن يونس والجماعة أنه تابعي وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل وقد مات سنة خمس ومائة بعد أبي الطفيل وذلك مما يحقق كونه تابعيا"(جامع التحصيل ص 196).
ولذا ذكره ابن حجر في الطبقة الرابعة من "الإصابة"، وقد ذكر في المقدمة أنه يذكر في هذه الطبقة ما وقع ذكره في الكتب المؤلفة في
الصحابة على سبيل الوهم والخطأ، وقال: "مشهور في التابعين. ذكره ابن شاهين والطبراني وغيرهما لحديث أرسله فأخرجوا من طريق ثعلبة بن مسلم، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن ماتع أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى الحديث
…
"، ثم قال: "وجزم بأنه تابعي وأن حديثه مرسل: البخاري وابن حبان وأبو حاتم الرازي وغيرهم" (الإصابة 5/ 207 - 208).
وقال في التقريب: "أرسل حديثًا فذكره بعضهم في الصحابة خطأ"(التقريب 2813).
وقال ابن ناصر الدين الدمشقي: "تابعي مشهور عن أبي هريرة وغيره وقيل: له صحبة والأول أرجح"(توضيح المشتبه 5/ 352).
الثانية: ثعلبة بن مسلم الخثعمي، روى عنه جماعة، وترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 2/ 175)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 464)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 157)، على قاعدته. ولذا ليّن توثيقه الذهبي فقال:"وثق"(الكاشف 712). وذكره في (المغني في الضعفاء 1056) وقال: "عن كعب وعنه إسماعيل بن عياش بخبر منكر في السواك والشوارب"، وبنحوه في (الميزان 1/ 371). وقال ابن عبد الهادي:"ليس بذاك المشهور"(المحرر 1/ 676).
وقال الحافظ: "مستور"(التقريب 846).
الثالثة: أيوب بن بشير العجلي الشامي، ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 242)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 6/ 58) كعادته، وقال الذهبي:"مجهول" (الميزان 1063 مع
1064)، (المغني 802)، وقال ابن كثير:"لا أعرفه، ولا أعرف فيه جرحًا فهو مجهول عندي"(جامع المسانيد 4/ 251).
ومع هذا قال الحافظ: "صدوق"(التقريب 603). فلعله اشتبه عليه بأيوب بن بشير الأنصاري. وإلا فقد أقر الحافظ في (لسان الميزان 9/ 264) الذهبيَّ في الحكم عليه بالجهالة. وهذا هو المعتمد، فلم يوثقه معتبر، وانفرد بالرواية عنه ثعلبة بن مسلم وفيه جهالة أيضًا، فكيف يكون صدوقًا؟!.
ولذا قال المنذري: "إسناده لين"(الترهيب 1/ 142).
وضعفه الألباني في (ضعيف الترغيب والترهيب 122، 1133، 1684).
وقال الهيثمي: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَهُوَ هَكَذَا فِي الْأَصْلِ الْمَسْمُوعِ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ"(المجمع 1032).
[تنبيه]:
وقع الحديث عند الخرائطي في مساوئ الأخلاق في موضعين (66، 194)، ولكن سقط منه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لم نذكره في مصادر التخريج.
* * *
769 -
حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ:
◼ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبَوْلِ؟ فَقَالَ: «إِذَا مَسَّكُمْ شَيْءٌ فَاغْسِلُوهُ؛ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ مِنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ» .
[الحكم]:
إسنادُه ساقط، وضعفه الهيثمي.
[التخريج]:
[بز 2688].
[السند]:
قال البزار: حدثنا خالد بن يوسف بن خالد، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثني عمر بن إسحاق بن يسار، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده، به.
ثم قال: "وهذا الحديث لا نعلمه يُرْوى عن عبادة إِلَّا من هذا الوجه، ولا نعلم أَنَّ عمر بن إسحاق أسند عن عبادة بن الوليد إِلَّا هذا الحديث"
(1)
.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ يوسف بن خالد هذا كذاب وضاع هالك، وقد تقدمت ترجمته أثناء تحقيق حديث الحضرمي، في باب "النهي عن استقبال القبلة
(1)
قال الحافظ ابن كثير: "كذا رأيت في النسخة عن عمر بن إسحاق، ولعله محمد بن إسحاق بن يسار: صاحب المغازي، وإنما يصحف على كاتب، فالله أعلم"(جامع المسانيد 4/ 593). قلنا: كذا قال، والصواب أنه عمر، وهو أخو محمد بن إسحاق، وانظر: ترجمته في التحقيق.
عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ). وقد قال عنه الحافظ: "تركوه وكذبه ابن معين" (التقريب 7862).
وبه ضعف الحديث الهيثمي فقال: "رواه البزار وفه يوسف بن خالد السمتي ونسب إلى الكذب"(المجمع 1028).
وابنه خالد بن يوسف: قال عنه الدارقطني: "تكلموا فيه"(سؤالات السلمي 430)، وقال ابن حبان:"يعتبر حديثه من غير روايته عنه"، أي عن أبيه (الثقات 8/ 226)، وقال الذهبي:"ضعيف، وأما أبوه فهالك"(الميزان 1/ 648).
وعمر بن إسحاق بن يسار: سئل أحمد عنه تكرارًا فسكت (العلل لعبد الله بن أحمد 4423)، وقال الدارقطني:" ليس بقوي"(من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن من الضعفاء والمتروكين والمجهولين لابن زريق 259)، و (الميزان 6054).
وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 167) على قاعدته.
ومع شدة ضعفه، قال ابن حجر:"إسناد حسن"! (التلخيص 1/ 188)، وكأنه ذهول منه رحمه الله، لاسيما وقد ذكره في (مختصر زوائد البزار 147) أَنَّ الهيثمي أعل الحديث بيوسف وقال:"كذاب". وأقره.
وقال البدر العيني في (شرح البخاري 3/ 117) - مقلدًا -: "بسند لا بأس به".
قلنا: وأي بأس أعظم من سند فيه كذاب.
* * *
770 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَتْ: إِنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ، فَقُلْتُ: كَذَبْتِ، فَقَالَتْ: بَلَى، إِنَّا لَنَقْرِضُ مِنْهُ الْجِلْدَ وَالثَّوْبَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاةِ وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ:«مَا هَذَا؟ » ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَتْ، فَقَالَ:«صَدَقَتْ» ، فَمَا صَلَّى بَعْدَ يَوْمِئِذٍ صَلَاةً إِلَّا قَالَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ:«رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ أَعِذْنِي مِنْ حَرِّ النَّارِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيفٌ بهذا السياق، وضعفه الألباني. وأصله في الصحيحين بغير هذا السياق وبدون دون ذكر البول والدعاء.
[التخريج]:
[ن 1361 "واللفظ له" / كن 1361، 10076 / حم 24324 / ش 1316 ولم يذكر الدعاء / سي 138 / سحم 1410 / هقت 129 مقتصرًا على الدعاء / هقب 181 مقتصرًا على الدعاء أيضًا].
[السند]:
أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه)، وأحمد في (مسنده): عن يعلى بن عبيد، عن قدامة بن عبد الله العامري، عن جسرة، قالت: حدثتني عائشة، قالت:
…
الحديث.
وأخرجه النسائي: عن أحمد بن سليمان، عن يعلى، به.
ومداره عند الجميع: على يعلي عن قدامة بن عبد الله العامري، عن جسرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: قدامة بن عبد الله العامري، ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 7/ 149)، ومسلم في (الكنى والأسماء 1106)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 7/ 128)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا، بينما ذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 340)، على قاعدته في توثيق المجاهيل.
ولذا لم يعتد به الحافظ ابن حجر فقال: "مقبول"(التقريب 5527). أي إذا توبع وإلا فلين، ولم يتابع.
الثانية: جسرة بنت دجاجة، قال عنها البخاري:"عندها عجائب"(التاريخ الكبير 2/ 67 رقم 1710). وقال الدارقطني: "يعتبر بحديثها، إِلَّا أَنْ يحدث عنها من يترك"(سؤالات البرقاني 69). وقال البيهقي: "فيها نظر"(السنن الكبير عقب رقم 11633).
وقال عبد الحق الاشبيلي: "ليست بالمشهورة"(الأحكام الوسطى 2/ 62).
ومع ذلك قال العجلي: "كوفية، تابعية، ثقة"(معرفة الثقات وغيرهم 2326)، وذكرها ابن حبان في (الثقات 4/ 121)، غير أن أبا العباس البناني، نقل عن ابن حبان أنه قال في حقها:"عندها عجائب"(ميزان الاعتدال 1/ 399، والبدر المنير 2/ 561).
وقال ابن حجر: "مقبولة"(التقريب 8551) يعني ذلك عند المتابعة وإلا فلا.
ولم تتابع، بل خولفت في متن الحديث - مما يدل على ضعفها -، فقد أخرجه البخاري (1372، 6366)"واللفظ له"، ومسلم (586) من طريق
مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَقَالَ:«نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ» قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ صَلَّى صَلاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.
وهذا ليس فيه تقييد العذاب بالبول، ولا الدعاء الوارد في رواية جسرة: «اللهم رب جبريل
…
إلى آخره».
ولذا قال الشيخ الألباني: "وهذا الحديث في الصحيح دون قول اليهودية: «إن عذاب القبر من البول»، وقوله: «صدقت». فهذا يدل على ضعف جسرة، وصحة حكم البخاري على أحاديثها"(الإرواء 1/ 312).
[تنبيه]:
تحرفت (جسرة) في مطبوعتي (إثبات عذاب القبر للبيهقي) إلى: "عمرة".
* * *
771 -
حَدِيثُ مَيْمُونَةَ:
◼ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَفْتِنَا يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّ عَذَابُ الْقَبْرِ؟ قَالَ: «مِنْ أَثَرِ الْبَوْلِ، فَمَنْ أَصَابَهُ بَوْلٌ فَلْيَغْسِلْهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً، فَلْيَمْسَحْهُ بِتُرَابٍ طَيِّبٍ» .
[الحكم]:
إسنادُه ضعيفٌ جدًّا، وضعفه الهيثمي، والألباني.
[التخريج]:
[طب (25/ 37 - 38/ 68) "واللفظ له" / مث 3449 / حكيم 284، 1254، 1328 / صمند (أسد 7/ 267) / صحا 7842 / كر (69/ 41 - 42) / أسد (7/ 267)]
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا أحمد بن النضر العسكري، ثنا إسحاق بن زريق الراسبي، ثنا عثمان بن عبد الرحمن، عن عبد الحميد بن يزيد، عن آمنة بنت عمر بن عبد العزيز، عن ميمونة بنت سعد، أنها قالت:
…
الحديث.
ورواه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني) - ومن طريقه أبو نعيم في (معرفة الصحابة)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق)، وابن الأثير في (أسد الغابة) - قال: حدثنا علي بن ميمون، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، به.
مداره عند الجميع على عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي به
(1)
.
(1)
إلا أنه وقع في مطبوع "الآحاد والمثاني": "أمية بنت عمرة"، وهو خطأ، وصوابه:"آمنة بنت عمر"، كما في بقية المصادر، لاسيما ابن عساكر، حيث ترجم لها، وقد رواه أبو نعيم، وابن عساكر، وابن الأثير من طريق ابن أبي عاصم، على الصواب، كما في السند.
[التحقيق]:
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، قال ابن حجر:"صدوق أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب وقد وثقه ابن معين"(التقريب 4494).
الثانية: عبد الحميد بن يزيد وهو الخشني؛ كما ذكر ابن عساكر في ترجمة آمنة، ولم نقف له علي ترجمة، ولكن قال الشوكاني:"مجهول كما قال العراقي"(نيل الأوطار 3/ 138).
وقد ذكر الألباني في (الصحيحة 6/ 1160) أنه عبد الحميد بن سلمة بن يزيد الأنصاري، ويقال له:(عبد الحميد بن يزيد)، ولم نجد ما يشهد لذلك. وعلي كل هو مجهولٌ أيضًا كما في (التقريب 3763).
الثالثة: آمنة بنت عمر بن عبد العزيز؛ ترجم لها ابن عساكر في (تاريخ دمشق) فقال: "آمنة ويقال أمينة بنت عمر بن عبد العزيز
…
، حدثت عن ميمونة بنت سعد، روى عنها عبد الحميد بن يزيد الخشني
…
ثم أسند لها حديثنا هذا، وقال:"هذا حديث من نسخة رواها إسحاق بن زريق الرسعني عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن عبد الحميد بن يزيد الخشني عن آمنة بنت عمر بن عبد العزيز عن ميمونة بنت سعد"، وذكر شيئًا من أحوالها ولم ينسبها لجرح ولا تعديل، (تاريخ دمشق 69/ 41 - 43).
فهي مجهولة، فلم يرو عنها سوى عبد الحميد بن يزيد هذا، وقد تقدم أنه
مجهول.
وثم علة أخرى، ذكرها الشيخ الألباني فقال:"وما أظن أَنَّ لها رواية أو لقاء مع أحد الأصحاب، فإن أباها عمر رضي الله عنه لم يذكروا له رواية عنهم إِلَّا عن أنس لتأخر وفاته رضي الله عنه وعن سائر الصحابة، ففي السند انقطاع أيضًا"(السلسلة الصحيحة 6/ 1160).
والحديث ضعفه الهيثمي فقال: "رواه الطبراني في الكبير، وإسناده ما بين ضعيف ومجهول"(مجمع الزوائد 1035).
وضعفه الألباني في (ضعيف الجامع 3695).
ومع هذا رمز لحسنه السيوطي في (الجامع الصغير 5409)، كذا في المطبوع، ولكن قال الصنعاني في (التنوير 7/ 221):"رمز المصنف لضعفه في نسخة قوبلت على خطه".
وذكر المناوي في (فيض القدير 4/ 309) أنه رمز لصحته. وتبعه في (التيسير 2/ 129) فقال: "إسْنَاده صَحِيح"!!.
ولعل ما ذكره الصنعاني أقرب للصواب، لموافقته لحال الحديث. والله أعلم.
* * *
772 -
حَدِيثٌ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: خَرَجْتُ مَرَّةً لِسَفَرٍ فَمَرَرْتُ بِقَبْرٍ مِنْ قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ يَتَأَجَّجُ نَارًا، فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، اسْقِنِي، قَالَ: فَقُلْتُ: عَرَفَنِي فَدَعَانِي بِاسْمِي، أَوْ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ. إِذْ خَرَجَ عَلَى أَثَرِهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَبْرِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْقِهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، ثُمَّ أَخَذَ السِّلْسِلَةَ فَاجْتَذَبَهُ وَأَدْخَلَهُ الْقَبْرَ، قَالَ: ثُمَّ أَضَافَنِيَ اللَّيْلَ إِلَى بَيْتِ عَجُوزٍ، إِلَى جَانِبِ بَيْتِهَا قَبْرٌ، فَسَمِعْتُ مِنَ الْقَبْرِ صَوْتًا يَقُولُ: بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ؟ شَنٌّ وَمَا شَنٌّ؟ . فَقُلْتُ لِلْعَجُوزِ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: كَانَ هَذَا زَوْجًا لِي، وَكَانَ إِذَا بَالَ لَمْ يَتَّقِ الْبَوْلَ، وَكُنْتُ أَقُولُ لَهُ: وَيْحَكَ إِنَّ الْجَمَلَ إِذَا بَالَ تَفَاجَّ، فَكَانَ يَأْبَى، فَهُوَ يُنَادِي مُنْذُ يَوْمِ مَاتَ: بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ.
قُلْتُ: فَمَا الشَّنُّ؟ قَالَتْ: جَاءَهُ رَجُلٌ عَطْشَانُ فَقَالَ: اسْقِنِي، فَقَالَ: دُونَكَ الشَّنُّ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَخَرَّ الرَّجُلُ مَيِّتًا، فَهُوَ يُنَادِي مُنْذُ يَوْمِ مَاتَ: شَنٌّ وَمَا شَنٌّ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتُهُ، «فَنَهَى أَنْ يُسَافَرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضعفه ابن عبد البر، وابن رجب.
[التخريج]:
[عاش 33 / تمهيد (20/ 9) / خلا (أهوال القبور ص 110)
(1)
/ الرَّوْضَة لابن البراء
(2)
(أهوال القبور ص 110)]
(1)
كذا عزاه ابن رجب لكتاب السنة للخلال، وكذا عزاه له السيوطي في (شرح الصدور ص 164)، ولم نقف عليه في المطبوع منه.
(2)
هو محمد بن أحمد بن الْبَراء أبو الحسن العبدي القاضي، وكتاب "الرَّوْضَة فِي الزّهْد"، ذكره ابن خير الإشبيلي في (فهرسته 565).
[السند]:
أخرجه ابن أَبِي الدُّنْيَا في كتاب (من عاش بعد الموت 33) - ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد 20/ 9) - قَالَ: حدثنا عبد الرحمن
(1)
بن صالح العتكي، قال: حدثنا خالد بن حيان أبو يزيد الرقي، عن كلثوم بن جوشن القشيري، عن يحيى المدني
(2)
، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه كلثوم بن جوشن وهو "ضعيف" كما في (التقريب 5655).
ويحيى المدني هذا أو المديني، لم نعرفه.
وقال ابن عبد البر بإثره: "هذا الحديث ليس له إسناد، ورواته مجهولون ولم نورده للاحتجاج به، ولكن للاعتبار، وما لم يكن فيه حكم فقد تسامح الناس في روايته عن الضعفاء، والله المستعان"(التمهيد 20/ 10).
وذكره ابن رجب من طريق خالد بن حيان به، ثم قال:"خرجه ابن البراء في كتاب الروضة والخلال في كتاب السنة وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت، ويحيى المديني غير معروف"(أهوال القبور ص 110).
* * *
(1)
في التمهيد (ط المغرب، وط هجر 23/ 295): "عبيد الله"، وهو خطأ، الصواب:"عبد الرحمن". فهو المعروف في شيوخ ابن أبي الدنيا، أما عبيد الله هذا فلم نجد له ترجمة.
(2)
في التمهيد (ط المغرب): "المديني"، وكذا ذكره ابن رجب في (أهوال القبور ص 110)، ولكن جاء في التمهيد (ط هجر 23/ 295):"المدني". فالله أعلم.
773 -
حَدِيثُ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَكِّيِّ:
◼ عَنْ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي قَبْرِهِ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّمِيْمَةِ، وَالْغِيْبَةِ، وَالْبَوْلِ» .
[الحكم]:
مرسل ضعيف.
[التخريج]:
[وصف 294]
[السند]:
أخرجه عبد الملك بن حبيب في (وصف الفردوس) قال: حدثني الأوسي، عن الرحال محمد بن عبد الرحمن، عن أبي حسين المكي، به.
كذا في المطبوع، ولعل الصواب:(الأويسي) بدل (الأوسي)، وهو عبد العزيز الأويسى مشهور في شيوخ عبد الملك.
(عن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن) بدل (الرحال
…
)، فهو المعروف أيضًا في شيوخ عبد العزيز الأويسي.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات على ما استظهرنا صوابه؛ غير أبي حسين المكي هذا فلم نعرفه، ولكنه على كل حال ليس بصحابي، فإن ابن أبي الرجال من أتباع التابعين، فالحديث مرسل مع جهالة أبي حسين هذا.
مع الكلام في عبد الملك بن حبيب نفسه، فهو مشهور بالضعف.
* * *