المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌133 - باب ما لا يستنجى به - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌109 - بَابُ صِيَانَةِ الْيَمِينِ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ عند البول والاستنجاء

- ‌110 - بَابُ ما رُوِي في النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ: (أَهْرَقْتُ الْمَاءَ) بَدَلَ (أَبُولُ)

- ‌111 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌112 - بَابُ ما رُوِي في الرخصة في ذلك للنساءِ

- ‌113 - بَابُ ترك رَدِّ السَّلَامِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌114 - باب التبوأ للبول

- ‌115 - بَابُ التَّوَقِّي مِنَ الْبَوْلِ

- ‌116 - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ

- ‌117 - باب ما جاء أَنَّ أكثر عذاب القبر من البول

- ‌118 - ما رُوِي أَنَّ الْبَوْلَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ فِي الْقَبْرِ

- ‌119 - ما رُوِي في ضم سعد بن معاذ في قبره من أثر البول

- ‌120 - الاستبراء من الْبَوْلِ

- ‌121 - بَابُ الْوَتْرِ فِي الِاسْتِجْمَارِ

- ‌122 - بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

- ‌123 - بَابُ ما رُوِي في كَيْفِيَّةِ الِاسْتِجْمَارِ

- ‌124 - بَابُ ما رُوِي في الِاسْتِنْجَاءِ بِالتُّرَابِ والأعواد والنواة ونحوها

- ‌125 - باب الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ

- ‌126 - بَابُ وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلاءِ

- ‌127 - بَابُ مَا رُوِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}

- ‌128 - باب ما رُوِي في اتباعهم الحجارة الماءَ

- ‌129 - باب ما رُوِي في الاستنجاء بالماء ثلاثا

- ‌130 - بَابُ ما رُوِي أنَّ إِنْقَاء الدُّبُرِ يَذْهَبُ بِالْبَاسُورِ

- ‌131 - باب ما رُوِي في أَنَّ الاستنجاء بالماء أطهر منه بالحجارة

- ‌132 - باب: ما رُوِي في الاستنجاء من الريح

- ‌133 - بَابُ مَا لَا يُسْتَنْجَى بِهِ

- ‌134 - بَاب: ما رُوِي أنَّ الرَّوْثَ وَالْعَظْمَ لَا يُطَهِّرَانِ

- ‌135 - بَابُ تَنْظِيفِ الْيَدَيْنِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌136 - بَابُ مَنْ بَالَ، وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

الفصل: ‌133 - باب ما لا يستنجى به

‌133 - بَابُ مَا لَا يُسْتَنْجَى بِهِ

883 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةً لِوُضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا، [فَكَانَ لا يَلْتَفِتُ]، فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟ » فَقَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ:«ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ» . فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُـ[ـهَا] إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ (وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ)، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ قَالَ: «هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ - وَنِعْمَ الْجِنُّ -، فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا» .

[الحكم]:

صحيح (خ).

[اللغة]:

أستنفض بها: أي أستنجي بها. (النهاية 5/ 97).

[الفوائد]:

قال ابن حزم: "واتفقوا على أن الاستنجاء بالحجارة وبكل طاهر ما لم يكن طعاما أو رجيعًا أو نجسًا أو جلدًا أو عظما أو فحما أو حممة جائز"(مراتب الإجماع ص 20).

ص: 562

وتعقبه ابن تيمية فقال: "في جواز الاستجمار بغير الأحجار قولان معروفان، هما روايتان عن أحمد: إحداهما: لا يجزئ إِلَّا بالحجر، وهي اختيار أبي بكر ابن المنذر، وأبي بكر عبد العزيز"(نقد مراتب الإجماع ص 288 - 289).

[التخريج]:

[خ 155 "والزيادتان والرواية له"، 3860 "واللفظ له" / طح (1/ 124/ 755، 756) / هق 529 / هقل (2/ 233) / نبغ 43].

[السند]:

قال البخاري (3860): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني جدي، عن أبي هريرة، به.

وقال البخاري (155): حدثنا أحمد بن محمد المكي، قال: حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو المكي، عن جده، عن أبي هريرة، به.

* * *

ص: 563

رواية: "جَعَلَ الرَّوْثَ وَالرِّمَّةَ زَادَ الْجِنِّ":

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الرَّوْثَ وَالرِّمَّةَ زَادَ الْجِنِّ» .

[الحكم]:

إسناد ضعيف بهذا اللفظ.

[اللغة]:

الرُّمَّةُ بالضم: قطعة من الحبل بالية، والرِّمَّةُ بالكسر: العظام البالية. (مختار الصحاح 1/ 267).

والمعنى الثاني هو المقصود في الحديث؛ لورود النهي عن الاستنجاء بالعظم في الأحاديث الأخرى، والله أعلم.

[التخريج]:

[عظ (5/ 1663) "مختصرا"]

[السند]:

قال أبو الشيخ الأصبهاني في (العظمة 5/ 1663): أخبرنا إسحاق بن أحمد الفارسي، حدثنا محمود بن غَيْلَانَ، حدثنا أبو عامر الْعَقَدِيُّ، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، عدا إسحاق بن أحمد الفارسي، فترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام 7/ 142) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ص: 564

رِوَايَةُ: نَهَي:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى [رَسُولُ اللهِ]

(1)

صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثٍ».

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده ضعيف جدًّا، وضعفه العقيلي وابن عدي، وتبعه ابن طاهر.

[التخريج]:

[عق (4/ 119) "واللفظ له" / عد (10/ 189 - 190) / علقط 1547].

[السند]:

رواه العقيلي: عن القاسم بن زكريا.

ورواه ابن عدي: عن موسى بن العباس.

ورواه الدارقطني: عن يحيى بن محمد بن صاعد.

ثلاثتهم عن محمد بن عيسى العطار

(2)

عن نصر بن حماد عن شعبة، عن

(1)

ما بين المعقوفين ليس في طبعة المكتبة العلمية من (ضعفاء العقيلي)، وأثبتناه من (ط التأصيل 4/ 119).

ووقع في نسخة الظاهرية (ق 223/ب)، من الضعفاء: "نهي أن

"، دون قوله: "صلى الله عليه وسلم"؛ أي ليس صريحًا في الرفع، وكذا أثبته محقق (ط دار ابن عباس 6/ 192). وكذا وقع في في (العلل للدارقطني)، و (الكامل)، ولكنه أيضًا محمول على الرفع.

(2)

تحرف في طبعة المكتبة العلمية من (ضعفاء العقيلي) إلى "القطان"، وجاء على الصواب في (ط التأصيل 4/ 119).

ص: 565

فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه نصر بن حماد بن عجلان البجلى، كذبه ابن معين، وقال أبو حاتم والأزدي:"متروك الحديث"، وقال مسلم:"ذاهب الحديث"، وقال النسائي:"ليس بثقة"، وضعفه البخاري وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وغيرهم، انظر:(التهذيب 10/ 426)، وقال ابن حجر:"ضعيف أفرط الأزدى فزعم أنه يضع "(التقريب 7109).

وبه أعل الحديث العقيلي؛ فقال (عقبه): "هذا يُرْوى بغير هذا الإسناد من غير وجه بإسناد أصلح من هذا، وليس له من حديث شعبة أصل، ونصر بن حماد متروك".

وقال ابن عدي أيضًا: "وهذا أيضًا من حديث شعبة غير محفوظ عن فرات، ويُرْوى عن الحسن بن الفرات القزاز عن أبيه، وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن نصر عن شعبة وله غيرها عن شعبة كلها غير محفوظة".

وتبعه ابن طاهر المقدسي في (ذخيرة الحفاظ 5/ 2500).

* * *

ص: 566

رِوَايَةُ: أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَطْنٍ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْتَعِلَ أَحَدُنَا وَهُوَ قَائِمٌ، أَوْ يَسْتَنْجِيَ بِعَظْمٍ، أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَطْنٍ، (أَوْ رَجِيعِ دَابَّةٍ)» .

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده ضعيف؛ ضعفه العقيلي والألباني.

[التخريج]:

[طس 6531 / طش 2794 "والرواية له" / عق (3/ 248) "واللفظ له" / تخ (4/ 75) "تعليقًا" / معر 159 / ضح (2/ 300) / مخلدي (ق 290/ب) / كر (60/ 414)].

[التحقيق]:

رُوِي هذا الحديث من طريقين عن أبي هريرة:

الأول:

أخرجه البخاري في (التاريخ الكبير 4/ 75)، والطبراني في (المعجم الأوسط 6531): عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن معن بن عيسى القزاز.

وأخرجه العقيلي في (الضعفاء 3/ 248) من طريق محمد بن حمير

(1)

.

وعلقه ابن أبي حاتم في (العلل 4/ 339) عن خالد بن نزار.

ثلاثتهم (معن وابن حمير وابن نزار) عن إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن

(1)

تحرف في المطبوع من (الضعفاء للعقيلي - طبعة العلمية) إلى "حميد"، وصوبناه من طبعة الرشد.

ص: 567

الحجاج، عن سلمة بن حبيب

(1)

، عن عروة بن علي السهمي

(2)

، عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ سلمة بن حبيب وعروة بن علي: مجهولان، كما قال الذهبي في (ديوان الضعفاء 2807)، وكذا (الميزان 5609)، وأقره الحافظ في (لسان الميزان 5193).

وبهما أعل الحديث العقيلي؛ فقال في ترجمة عروة بن علي: "مجهول بالنقل، وسلمة بن حبيب أيضًا نحوه"، ثم ساق هذا الحديث، وقال:"وقد رُوِي كراهية الاستنجاء بالعظم والروث بأسانيد أصلح من هذا الإسناد"(الضعفاء 3/ 148).

وأعله بهما أيضًا الألباني في (السلسلة الصحيحة 2/ 340).

وقال البخاري- بعد ذكره لهذا الحديث في ترجمة سلمة بن حبيب-: "ولم يتابع عليه في النعل"(التاريخ الكبير 4/ 75).

[تنبيه]:

ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة عروة بن علي السهمي من (لسان

(1)

تصحف في مطبوع (معجم الطبراني) إلى "خبيب"؛ بالخاء المعجمة، والصحيح ما أثبتناه كما في بقية المصادر، وجاء في (علل ابن أبي حاتم)"سلم بن جنادة"، فلا ندري أهو تحريف أو خطأ من أحد الرواة؟ ، وانظر: التعليق التالي.

(2)

وقع في (علل ابن أبي حاتم)"فروة بن علي السهمي"؛ وعلق أبو حاتم على ذلك؛ فقال: "يقال: عروة بن علي"اهـ، قلنا: هذا الحديث معروف بسلمة بن حبيب عن عروة بن علي، وقد ذكره غير واحد في ترجمتيهما، وأيضا أعله غير واحد بهما.

ص: 568

الميزان 5/ 427) أَنَّ العقيلي ساق له من طريق حجاج بن أرطاة عنه، هذا الحديث.

قلنا: في تمييزه حجاج بابن أرطأة نظر؛ لأنه جاء من طرق أخرى منصوصًا عليه بأنه حجاج بن الحجاج، كما عند البخاري في (التاريخ)، والطبراني في (الأوسط)، وابن أبي حاتم في (العلل).

بل نصّ الحافظ نفسه على ذلك فيما نقله عن الذهبي كما في ترجمة سلمة بن حبيب من (اللسان 4/ 114).

وهو حجاج بن حجاج الباهلي الأحول، وإبراهيم بن طهمان من أروى الناس عنه الحجاج، روى إبراهيم عنه نسخة كبيرة، انظر:(تهذيب التهذيب 2/ 200).

الطريق الثاني:

أخرجه ابن الأعرابي في (معجمه 159) عن محمد بن إسماعيل الترمذي.

وأخرجه الطبراني في (مسند الشاميين 2794) عن الحسن بن جرير الصوري.

وأخرجه الخطيب في (الموضح 2/ 300) من طريق عبيد بن عبد الواحد بن شريك.

وأخرجه المخلدي في (الفوائد ق 290/ب) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه 60/ 414) - من طريق أبي عمران موسى بن سهل.

جميعهم عن أبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي

(1)

عن سعيد بن بشير

(1)

وقع خطأ في هذا الموضع في (معجم ابن الأعرابي)؛ فجاء فيه: "

نا: أبو الجماهر، نا: أبو عبد الرحمن التنوخي- وكان من خيار الناس-، نا سعيد بن بشير

"؛ فأبو الجماهر هو هو أبو عبد الرحمن التنوخي، قال المزي في ترجمته: "محمد بن عثمان التنوخي، أبوالجماهر الدمشقي الكفرسوسي، وأبو الجماهر لقب وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل في نسبه محمد بن عثمان بن عبد الرحمن" (تهذيب الكمال 26/ 97).

قلنا: فكأن ابن الأعرابي أو شيخه أبا إسماعيل الترمذي ذكره معرفًا به ومادحًا له هكذا: "

نا: أبو الجماهر- وهو أبو عبد الرحمن التنوخي، وكان من خيار الناس-، نا سعيد بن بشير

"، فاشتبه ذلك على الناسخ أو المحقق، والله أعلم.

ص: 569

عن عمران بن داور

(1)

، عن سيف بن كريب عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: سعيد بن بشير، وهو ضعيف (التقريب 2276).

الثانية: عمران بن داور القطان، قال فيه الحافظ:"صدوق يهم"(التقريب 5154).

الثالثة: سيف بن كريب، لم نقف له على ترجمة.

وقد ضعف الألباني هذا الإسناد؛ فقال: "وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن بشير ضعيف، ومن فوقه لم أعرفهما"(السلسلة الصحيحة 2/ 340).

ومتن الحديث ثابت صحيح من طرق أخرى؛ فأما النهي عن الانتعال قائمًا: فجاء من حديث عبد الله بن عمر، قال:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا» .

أخرجه ابن ماجه (3644)، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا

(1)

تحرف إلى "داود" في (تاريخ ابن عساكر).

ص: 570

وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.

وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا علي بن محمد.

وفي هذه الطبقة اثنان ممن يروي عنه ابن ماجه وكلاهما يُسمى علي بن محمد وكلاهما يروي عن وكيع.

الأول: علي بن محمد بن إسحاق الطنافسى، وهو ثقة كما في (التقريب 4791).

الثاني: علي بن محمد بن أبي الخصيب، قال فيه الحافظ:"صدوق ربما أخطأ"(التقريب 4792).

ولكن الأشهر هو علي بن محمد الطنافسي الثقة المكثر.

وهذا الحديث صححه المباركفوري في (تحفة الأحوذي 5/ 385).

وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وأنس وابن عباس، وقد صححه الألباني بمجموع طرقه في (السلسلة الصحيحة 2/ 339 - 341).

وسيأتي الكلام على هذا الحديث برواياته وشواهده في أبواب اللباس والزينة، إن شاء الله.

وأما الفقرة الأخيرة في النهي عن الاستنجاء بالروث والعظام؛ فيشهد لها ما تقدم عن أبي هريرة وجابر وغيرهما.

لذلك قال العقيلي (عقب هذا الحديث): "وقد رُوِيَ كراهية الاستنجاء بالعظم والروث بأسانيد أصلح من هذا الإسناد"(الضعفاء 3/ 248).

* * *

ص: 571

884 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ:«هَذَا رِكْسٌ» .

[الحكم]:

صحيح (خ).

[التخريج]:

[خ 156 "واللفظ له" / ت 16 / ن 42 / .......... ].

سبق تخريجه وتحقيقه برواياته في بَاب: "الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 572

885 -

حَدِيثُ سَلْمَانَ:

◼ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ (قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ)[وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ]: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: فَقَالَ: «أَجَلْ؛ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ» .

[الحكم]:

صحيح (م)، دون الزيادة والرواية فلغيره، وهما صحيحتان.

[اللغة]:

قال ابن الأثير:

الخراءة بالكسر والمد: التخلي والقعود للحاجة. قال الخطابي: وأكثر الرواة يفتحون الخاء. وقال الجوهري: «إنها الخراءة بالفتح والمد. يقال خرئ خراءة، مثل كره كراهة» .

ويحتمل أَنْ يكون بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم. (النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 17)

[التخريج]:

[م 262 "واللفظ له" / د 7 / ت 15 / ....... ]

سبق تخريجه وتحقيقه بشواهده في باب: "النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 573

886 -

حَدِيثُ جَابِرٍ:

◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ، أَوْ بِبَعْرٍ» .

[الحكم]:

صحيح (م).

[اللغة]:

قال ابن منظور: "والبَعْرُ والبَعَرُ: رَجِيعُ الخُف والظِّلف مِنَ الإِبل وَالشَّاءِ وَبَقْرِ الْوَحْشِ وَالظِّبَاءِ"(لسان العرب 4/ 71).

[التخريج]:

[م 263 "واللفظ له" / د 38 / حم 14613، 14699، 15123 / عه 652 / عل 2242 / مسن 608 / هق 538]

[السند]:

قال مسلم: حدثنا زهير بن حرب، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا زكريا بن إسحاق، حدثنا أبو الزبير، أنه سمع جابرًا يقول:

فذكره.

ورواه أحمد (14699) - وعنه أبو داود -: عن روح بن عبادة، به.

* * *

ص: 574

رِوَايَةُ: زَجَرَ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ جَابِرًا عَنِ الْعَظْمِ وَالْبَعْرَةِ، وَالتَّمَسُّحِ بِهِمَا من الْخَلَاءِ، فَقَالَ:«زَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ» .

[الحكم]:

صحيح المتن بما سبق، وإسناده ضعيف.

[التخريج]:

[تمام 585]

[السند]:

أخرجه تمام الرازي في (الفوائد) قال: حدثني أبو الحسن علي بن الحسن بن عَلَّانَ الحراني الحافظ، أبنا محمد بن القاسم بن سنان الدقاق، ثنا هارون بن زياد، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن ابن لَهِيعَةَ، عن أبي الزبير، عن جابر، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: ضعف ابن لهيعة، سواء في ذلك رواية العبادلة عنه ورواية غيرهم، كما هو عليه المحققون من أئمة الحديث وجهابذته، كما تقدم تقريره، في باب:"ما رُوِي في أَنَّ بقاء أثر دم الحيض في الثوب لا يضر"، حديث رقم (؟؟؟؟؟).

الثانية: عنعنة الوليد بن مسلم وهو مدلس، وتقدم الكلام عليه أيضًا.

الثالثة: محمد بن القاسم الدقاق، لم نجد له ترجمة.

وهارون بن زياد: هو الحنائي المصيصي، ذكره ابن حبان في (الثقات 9/

ص: 575

242) وقال: "يغرب". وقال الدارقطني: "ليس به بأس"(سؤالات السهمي 413، 458).

وأصل الحديث في صحيح مسلم؛ كما سبق.

* * *

ص: 576

887 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ؛ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ (الْخَلَاءَ)، فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَأَمَرَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِثلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ، وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ» .

[الحكم]:

إسناده حسن، وقال الشافعي:"ثابت"، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن عبد البر، والبغوي، وأبو موسى المديني، وقاضي المارِسْتان، وابن الأثير، والنووي، وابن الملقن، والعيني، والسيوطي، وأحمد شاكر، وحسن إسناده علي القاري، والألباني.

[التخريج]:

[د 8 / ن 40 / كن 44 / جه 316 / حم 7368، 7409 "والرواية له" / حمد 1018 "واللفظ له" / ........... ].

سبق تخريجه وتحقيقه برواياته وشواهده في باب: "النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 577

888 -

حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، بطوله مُتَّصِلًا عنه:

◼ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ، هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ ، قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ ، قَالَ: لَا، وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ، قَالَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ قَالَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ: «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ» . قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ؛ فَقَالَ:«لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعَرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ» . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ» .

[الحكم]:

صحيح (م).

[اللغة]:

قوله "اسْتُطِيرَ": أي ذُهِبَ به سرعة كأن الطَّير حَمَلته (النهاية 3/ 152).

[التخريج]:

[م (450/ 150) "واللفظ له" / د 85 "مختصرًا" / خز 87 / حب 1428، 6568/ بز 1595 / حق (بدر 2/ 350) / سراج 104 / مسن 996 / هق 29، 533 / خطل (2/ 621 - 624، 626 - 627) / بغت (7/ 268) / نبغ 40 / طيل 313 / سلفي (الجزء الخامس والثلاثون 61) / نبلا (14/ 390 - 391)]

ص: 578

[السند]:

قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، عن داود، عن عامر، قال: سألت علقمة

فذكره.

عبد الأعلي: هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى. وداود: هو ابن أبي هند. وعامر: هو الشعبي. وعلقمة: هو ابن قيس بن عبد الله النخعي.

[تنبيه]:

أُعِلّ هذا الحديث بثلاث علل:

الأولى: الإرسال؛ فقوله: «وَسَأَلُوهُ الزَّادَ

» إلى آخر الحديث رُوِيت عن الشعبي مرسلًا.

الثانية: الاضطراب في إسناده ومتنه.

الثالثة: المخالفة لظاهر حديث أبي هريرة الذي تقدم عند البخاري، وفيه أَنَّ العظم والروثة زادٌ وطعامٌ للجن أنفسهم، وليس لدوابهم كما في هذا الحديث. وسيأتي الكلام على هذه العلل بالتفصيل إن شاء الله، في الروايات التالية.

* * *

ص: 579

رِوَايَةٌ: انْتَهَتْ عِنْدَ: وَآثَارِ نِيَرَانِهِمْ:

• 2 - وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْلِهِ: «

وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ»، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.

[الحكم]:

صحيح (م).

[التخريج]:

[م (450/ 151) "واللفظ له" / كن 11735 / حب 6359/ عل 5237 / مش 211 / تخ (2/ 200) / تخأ 857 "مختصرا" / طح (1/ 96، 124) 611، 754 / مسن 997 / خطل (2/ 631 - 632) / حداد 3692 / تميد (در 13/ 343)].

[السند]:

رواه أبو بكر بن أبي شيبة في (مسنده) - وعنه مسلم (والسياق له)، ومن طريقه أبو نعيم في (المستخرج) والخطيب في (فصل المدرج) وغيرهم -، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن داود، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله، به.

* * *

ص: 580

رِوَايَةٌ فَصَلَتْ كَلَامَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمُسْنَدِ، مِنْ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ الْمُرْسَلِ:

• 3 - وَفِي رِوَايَةٍ، إِلَى قَوْلِهِ: «

وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ». قَالَ الشَّعْبِيُّ: «وَسَأَلُوهُ الزَّادَ - وَكَانُوا مِنْ جِنِّ الْجَزِيرَةِ -

» إلى آخر الحديث من قول الشعبي مُفَصلًّا مِن حديث عبد الله.

[الحكم]:

صحيح (م).

[التخريج]:

[م 450 "واللفظ له" / ت 3530 / حم 4149 / عه 655، 4226 / صحم 2314 / سراج 105 / مسن 996 / هق 533 / هقل (2/ 229) / خطل (2/ 627 - 631) / وسيط (4/ 362 - 363) / نبغ 41 / طيل 314].

[السند]:

رواه مسلم والترمذي - والسياق لمسلم -، قال: حدثنيه علي بن حجر السعدي حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود بهذا الإسناد - أي: عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود - إلى قوله: « .. وآثار نيرانهم» .

* * *

ص: 581

رِوَايَةٌ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى النَّهْي عَنِ الاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوَثِ وَالعَظْمِ:

• 4 - وفي رِوَايَةٍ، مُخْتَصَرًا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ، وَلَا بِالْعِظَامِ؛ فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» .

[الحكم]:

متنه صحيح يشهد له ما سبق عن أبي هريرة وغيره، وإسناده معلول؛ وأعله أحمد بن حنبل والترمذي وابن خزيمة والدارقطني والخطيب البغدادي والقاضي عياض والألباني.

[التخريج]:

[ت 71 "واللفظ له" / كن 43 / خز 87 / عه 653، 654 / ش 1661 / بز 1598 / طب (10/ 94/ 10010) / مش 197 / طح (1/ 124) 753 / شا 316 / حكيم (منهيات ص 40) / مسن 996 / طوسي 17 / محلى (1/ 14) / ميمي 164 / خطل (2/ 632 - 634) / بغ 178 / تحقيق 109]

[التحقيق]:

انظر: الكلام عليه فيما يأتي.

* * *

ص: 582

رِوَايَةٌ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ في قِصَّةِ سُؤَالِ الْجِنِّ الزَّادَ:

• 5 - وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: سَأَلَتِ الْجِنُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ لَيْلَةٍ لَقِيَهُمْ فِي بَعْضِ شِعَابِ مَكَّةَ - الزَّادَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَظْمٍ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ - قَدْ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ- أَوْفَرُ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَالْبَعْرُ يَكُونُ عَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ» ، فَقَالوا: إِنَّ بَنِي آدَمَ يُنَجِّسُونَهُ عَلَيْنَا؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: «لَا تَسْتَنْجُوا بِرَوْثِ دَابَّةٍ وَلَا بِعَظْمٍ، إِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» .

[الحكم]:

إسناده معلول، ومعناه صحيح.

[التخريج]:

[طح (1/ 124) 754 "واللفظ له" / هقغ 54، 55 / خطل (2/ 632) / حداد 252].

[التحقيق]:

انظر: الكلام عليه فيما يأتي.

* * *

ص: 583

رِوَايَةُ بِلَفْظِ: لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ:

•6 - وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: «

كُلُّ عَظْمٍ لَمْ

(1)

يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا

».

[الحكم]:

إسناده ضعيف، وضعفه الألباني.

[التخريج]:

[ت 3530 "واللفظ له" / عه 655، 4228 / طي 279 / بز 1594 / ثعلب (2736) / مسن 996 / خطل (2/ 623 - 627)].

[التحقيق]:

مدار هذا الحديث برواياته على داود بن أبي هند عن الشعبي، وقد اختلف عليه على عدة أوجه:

الأول:

أخرجه مسلم (450/ 150)، وابن خزيمة (87) - ومن طريقه أبو نعيم في (المستخرج 996)، والخطيب في (فصل المدرج 2/ 622) -، وابن حبان (6568)، والسراج في (مسنده 104) - ومن طريقه الجورقاني في (الأباطيل 313) - من طرق عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي.

وأخرجه ابن خزيمة (87)، وابن حبان (1428)، والثعلبي في (التفسير

(1)

سقطت "لم" من الطبعة المعتمدة لسنن الترمذي بتحقيق شاكر، وهي ثابتة في جميع طبعات الترمذي الأخرى، كطبعة التاصيل، وط الغرب الإسلامي، وط الرسالة، وط المكنز، وغيرهم، وكذلك في إحدي النسخ الخطية للسنن - المتوفرة عندنا - وهي نسخة الكروخي (ق 220 / أ).

ص: 584

9/ 21 - 22) من طرق عن يحيى بن أبي زائدة.

وأخرجه الطيالسي (279) - ومن طريقه أبو عوانة (4228)، وأبو نعيم (996) -، والبزار (1594) من طرق عن يزيد بن زُرَيْعٍ.

وأخرجه الطيالسي (279) - ومن طريقه أبو عوانة (4228)، والخطيب (2/ 623) - عن وهيب بن خالد.

وأخرجه الخطيب (2/ 621) من طريق علي بن عاصم.

وأخرجه أيضًا (2/ 626) من طريق عدي بن عبد الرحمن الطائي.

جميعهم- عبد الأعلى وابن أبي زائدة وابن زُرَيْعٍ ووهيب وعلي وعدي- عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود، بلفظ الرواية الأولى المطولة.

وقد توبع الجماعة عن داود من عبد الوهاب بن عطاء، غير أَنَّ روايته اقتصرت على قصة سؤال الجن الزاد إلى آخر الحديث، وذلك هو:

الوجه الثاني:

أخرجه الطحاوي في (معاني الآثار (1/ 124) 754) عن علي بن معبد.

وأخرجه البيهقي في (السنن الصغرى 1/ 35 - 36)، والخطيب في (فصل المدرج 2/ 632)، وابن الحداد في (جامع الصحيحين 252) من طرق عن يحيى بن أبي طالب.

كلاهما عن عبد الوهاب بن عطاء عن داود بن أبي هند به، بلفظ الرواية الخامسة.

وقد تابعهم أيضًا حفص بن غياث، إِلَّا أَنَّ روايته اقتصرت على النهي عن

ص: 585

الاستنجاء بالروث والعظام، وهذا هو:

الوجه الثالث:

أخرجه ابن أبي شيبة في (المسند 197) وفي (المصنف 1661)، والترمذي (17) - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق 109) -، والنسائي في (السنن الكبرى 43)، والبزار (1598) والطحاوي في (معاني الآثار (1/ 124) 753)، وغيرهم من طرق عن حفص بن غياث عن داود عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود به، بلفظ الرواية الرابعة.

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، وحفص بن غياث ثقة من رجال الشيخين إِلَّا أَنَّ حفظه تغير قليلًا في الآخر كما قال الحافظ ابن حجر في (التقريب 1430)، وقد توبع كما تقدم، وأما عبد الوهاب بن عطاء فقد قال فيه الحافظ:"صدوق ربما أخطأ، أنكروا عليه حديثًا في العباس، يقال دلسه عن ثور"(التقريب 4262)، غير أنه توبع على القدر الذي رواه أيضًا.

فقد اتفقت روايتهم جميعًا - عدا رواية حفص التي اقتصرت منها على النهي- على آخر الحديث، وهو من قوله: «وسألوه الزاد

» إلى آخره.

وقد أُعِلّ هذا الأخير بالإرسال؛ فقد أُدْرِجَ ذلك في رواية عبد الأعلى ومن تابعه عن داود عن الشعبي به، فرُوِي مسندًا كما تقدم، وإنما كان الشعبي يرويه مرسلًا، وذلك هو:

الوجه الرابع:

أخرجه مسلم (450)، والترمذي (3530) عن علي بن حجر.

وأخرجه السراج في (مسنده 105) - ومن طريقه الجورقاني في (الأباطيل 314) - عن مجاهد بن موسى وزياد بن أيوب.

ص: 586

وأخرجه سعيد بن منصور في (التفسير 2314)، وأحمد في (المسند 4149) - ومن طريقهما الخطيب في (فصل المدرج 2/ 627 - 629) -.

جميعهم عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ.

وأخرجه أحمد (4149) - ومن طريقه الخطيب (2/ 628 - 629) -، والسراج (105) عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة.

وأخرجه أبو عوانة في (المستخرج 655، 4227)، والخطيب في (فصل المدرج 2/ 631) من طريقين عن يزيد بن زُرَيْعٍ.

وأخرجه أبو عوانة (4226) من طريق عبد الوهاب بن عطاء.

وأخرجه أبو نعيم (996)، والخطيب (2/ 630 - 631) من طرق عن بشر بن المفضل.

وأخرجه الواحدي في (التفسير الوسيط 4/ 362) من طريق وهيب بن خالد.

جميعهم- ابن عُلَيَّةَ وابن أبي زائدة وابن زُرَيْعٍ وعبد الوهاب وبشر ووهيب- عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود بلفظ الرواية الثالثة، إلى قوله: «

وآثار نيرانهم»، قال الشعبي: «وَسَأَلُوهُ الزَّادَ

» إلى آخر الحديث.

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أَنَّ آخره من مرسل الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من مسند ابن مسعود.

وقد رجح ذلك بعض أهل العلم:

فسئل الإمام أحمد بن حنبل عن الفقرة الأخيرة في هذا الحديث، هل هي

ص: 587

من قول علقمة عن عبد الله، أم من قول الشعبي؟ ؛ فقال: "أما إسماعيل بن إبراهيم ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة فقالا جميعًا: قال الشعبي، وليس هو في حديث علقمة: «سألوه الزاد، وكانوا من جن الجزيرة

» فذكره"، قال أحمد: "فبلغني أن حفص بن غياث حَدَّثَ به، فجعله في حديث علقمة عن عبد الله؛ فنرى أنه وهم، وهذا أثبت" (مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح 2/ 284).

وقال الترمذي (عقب رواية حفص بن غياث): "وقد روى هذا الحديث إسماعيل بن إبراهيم، وغيره عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن

الحديث بطوله، فقال الشعبي: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن» ، وكأن رواية إسماعيل أصح من رواية حفص بن غياث".

وقال ابن خزيمة: "هذا الحديث ثابت صحيح عن علقمة، عن عبد الله، وإنما اختلف أصحاب داود بن أبي هند في إسناده، فأدرج عبد الأعلى، وابن أبي زائدة حديث الشعبي المرسل، مع حديثه عن علقمة المتصل، وميز بعضهم، فجعل الزيادة عن الشعبي مرسلة"(إتحاف المهرة لابن حجر 10/ 351). وذكر الدارقطني الخلاف السابق على داود بن أبي هند في من أدرج آخر الحديث ممن فصله؛ ثم قال: "والصحيح قول من فَصَلَهُ؛ فَإِنَّهُ من كلام الشعبي مرسلًا"(العلل 5/ 131)، وانظر:(التتبع والإلزامات ص 234). وأَقَرَّه ابن سيد الناس في (النفح الشذي 1/ 221).

قلنا: وقد تعقب النوويُّ إعلالَ الترمذي والدارقطني:

فقال- عقب ذكره لإعلال الترمذي للزيادة الأخيرة -: "لا يُوَافَقُ الترمذي، بل المختار أَنَّ هذه الزيادة متصلة"(المجموع شرح المهذب 2/ 118).

ص: 588

وعقب ابن الملقن على قول النووي؛ فقال: "وقد حكم أيضًا أبو حاتم ابن حبان للطريقة الموصولة بالصحة فَإِنَّهُ أخرجها في (صحيحه) بالطريقة الأولى التي ذكرها مسلم"(البدر المنير 2/ 355).

وقال النووي أيضًا- متعقبا قول الدارقطني: إنه من كلام الشعبي-: "معنى قوله إنه من كلام الشعبي أنه ليس مرويا عن ابن مسعود بهذا الحديث وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إِلَّا بتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم"(شرح مسلم 4/ 170).

وفي قوله نظر؛ لذلك تعقبه الألباني؛ فقال: "قول الشعبي: وسألوه الزاد

، صريح في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا داعي لقول النووي: فالشعبي لا يقول

إلخ. فإن مثل هذا إنما يقال فيما ظاهره الوقف كما لا يخفى" (السلسلة الضعيفة 3/ 136).

وممن أعل الحديث أيضًا بالإرسال الخطيب، فقال: "بعض المتن ليس هو عند الشعبي عن علقمة، وإنما كان يرويه مرسلًا لا يُسْنِدُهُ إلى أحد، وهو من قوله: «وَسَأَلُوهُ الزَّادَ

» إلى آخر الحديث، فَأُدْرِجَ ذلك في رواية علي بن عاصم وعبد الأعلى، وفي رواية وُهَيْبٍ ويزيد، وفي رواية عَدِيِّ بن عبد الرحمن عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى الحديث إسماعيل ابن عُلَيَّةَ ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وبشر بن المفضل عن داود بن أبي هند؛ فبينوه وَفَصَلُوا كلام الشعبي الذي أرسله من حديث عبد الله الْمُسْنَدِ، وكذلك رواه إسحاق بن أبي إسرائيل عن يزيد بن زُرَيْعٍ مميزا مبينا".

وقال أيضًا: "وروى عبد الوهاب بن عطاء عن داود بن أبي هند قصة سؤال الجن الزاد إلى آخر الحديث، وروى حفص بن غياث عن داودَ الفصلَ

ص: 589

الأخير في النهي عن الاستنجاء بالروث والعظام حَسْبُ دون ما قبله، ووصل عبدُ الوهاب بن عطاء وحفص بن غياث جميعًا ما روياه، وأسنداه فأخطئا فيه خطأ فاحشا؛ لأنهما تركا أول الحديث، وهو الْمُسْنَدُ، ورويا ما ليس بمسند، ولو رويا الجميع وأدرجا الإسناد كان أيسر لوهمهما وأقوم بعذرهما" (الفصل للوصل المدرج في النقل 2/ 624 - 627).

وقال القاضي عياض: "قوله: «فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم» ، وما بقي من الحديث من قول الشعبي كذا قال أصحاب داود؛ ابن عُلَيَّةَ وابن زُرَيْعٍ وابن أبي زائدة وابن إدريس، وغيرهم

وقد أسند الكلام كله حفص عن داود وَوَهِمَ" (إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 363 - 364).

وقال الألباني: "قوله: «وسألوه الزاد

إلخ» مدرج في الحديث ليس من مسند ابن مسعود بل هو عن الشعبي قال: وسألوه الزاد إلخ، فهو مرسل" (السلسلة الضعيفة 3/ 134).

الوجه الخامس:

أخرجه ابن أبي شيبة في (مسنده 211) - وعنه مسلم (450/ 151)، ومن طريقه أبو نعيم في (المستخرج 997)، والخطيب في (فصل المدرج 2/ 631 - 632)، وغيرهم- عن عبد الله بن إدريس.

وأخرجه أبو يعلى في (مسنده 5237) - وعنه ابن حبان (6359) - عن أبي خيثمة عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ.

وأخرجه النسائي في (السنن الكبرى 11735)، والطحاوي في (معاني الآثار 1/ 96) من طريقين عن يحيى بن أبي زائدة.

وأخرجه البخاري في (التاريخ الكبير 2/ 200)، وفي (التاريخ الأوسط

ص: 590

857) عن موسى بن هارون عن وهيب بن خالد.

أربعتهم (ابن إدريس وابن عُلَيَّةَ ويحيى ووهيب) عن داود بن أبي هند به، بلفظ الرواية الثانية، والتي اقتصرت على رواية المسند من الحديث فقط؛ فانتهت عند قوله: «

وآثار نيرانهم»، فلو كان ما بعده عند ابن إدريس من مسند ابن مسعود لذكره كما قال الألباني في (السلسلة الضعيفة 3/ 135).

وقد أُعِلّ الحديث بعلة أخرى ألا وهي اضطراب داود بن أبي هند فيه؛ فهو وإن كان ثقة كما تقدم إِلَّا أَنَّ الإمام أحمد وصفه بـ: "كان كثير الإضطراب والخلاف"(التهذيب 3/ 204)، ومما يدل على اضطرابه في هذا الحديث أربعة أمور:

الأمر الأول: تكافؤ الطرق في الخلاف الذي وقع عليه؛ فالذين رووه عنه سياقة واحدة بدون تمييز بين مُسْنَدِهِ ومُرْسَلِهِ ثقاتٌ مع كثرة عددهم، وكذلك الذين رووه عنه مميزين بين المسند فيه وبين المرسل كما تقدم.

الأمر الثاني: مِنَ الذين رووه عنه سياقة واحدة مُسْنَدًا، هُمْ هُمْ الذين رووه عنه مرة أخرى مميزين بين ما رُوِي فيه مسندًا وما رُوِي مرسلًا، كيحيى بن أبي زائدة ويزيد بن زُرَيْعٍ وعبد الوهاب بن عطاء.

[تنبيه]:

ذكر الدارقطني في (العلل 5/ 131) أَنَّ رواية يحيى بن أبي زائدة فيها إدراج قول الشعبي في حديث ابن مسعود المسند، وأما الإمام أحمد فذكر أَنَّ رواية يحيى كرواية ابن عُلَيَّةَ في التفريق بين المسند والمرسل كما سبق قوله في (مسائل ابنه صالح).

وقد صح عن يحيى هذا وذاك كما تقدم، وهذا إِنْ دل على شيء فإنما يدل

ص: 591

على اضطراب داود فيه.

الأمر الثالث: الشكُّ في راوي آخر الحديث - وهو قصة سؤال الجن الزاد - هل هو من حديث ابن مسعود أو هو من كلام الشعبي مرسلًا، هكذا رُوِي عن داود بن أبي هند، وذلك هو:

الوجه السادس:

أخرجه أبو عوانة في (المستخرج 653، 4226) عن محمد بن إسحاق الصاغاني عن عبد الوهاب بن عطاء.

وأخرجه أبو نعيم في (المستخرج 996)، والبيهقي في (السنن الكبرى 530) من طريقين عن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل القاضي عن محمد بن أبي بكر المقدمي عن محمد بن أبي عدي.

كلاهما- عبد الوهاب وابن أبي عدي- عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود

فذكر الحديث إلى قوله: «

وآثار نيرانهم»، فقال داود: "ولا أدري في حديث علقمة أو في حديث عامر، أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة الزاد فقال:

" فذكر الحديث إلى آخره.

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، عدا عبد الوهاب ويوسف بن يعقوب.

فأما عبد الوهاب؛ فهو صدوق ربما أخطأ كما تقدم، إِلَّا أنه متابع من ابن أبي عدي وهو ثقة من رجال الشيخين كما في (التقريب 5697).

وأما يوسف بن يعقوب القاضي؛ فوثقه الخطيب وغيره كما في (تاريخ بغداد 16/ 456).

ص: 592

إِلَّا أَنَّ العلة هي اضطراب داود، وقد حكم عليه الألباني بذلك؛ فقال: "داود شك في كونها من مسند ابن مسعود أو من مرسل الشعبي، كذلك رواه عنه محمد بن أبي عدي وعبد الوهاب بن عطاء- في الرواية الأخرى عنه-، ولا يخفى على الخبير بهذا العلم الشريف أَنَّ هذا الاختلاف إنما يدل على أَنَّ المختلف عليه- وهو داود بن أبي هند- لم يضبط هذا الحديث ولم يحفظه جيدا، ولذلك اضطرب فيه

ولا يمكن أَنْ يكون ذلك من الرواة عنه لأنهم جميعًا ثقات، فكلٌّ روى ما سمع منه، وإذا كان كذلك فالاضطراب دليل على ضعف الحديث كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث؛ لأنه يشعر بأن راويه لم يحفظه" (السلسلة الضعيفة 3/ 135).

الأمر الرابع: اضطرابه أيضًا في متن الحديث، في قوله:«كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ» ، ورواه تارة أخرى بلفظ:«كُلُّ عَظْمٍ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ» ، وذلك هو:

الوجه السابع:

أخرجه الترمذي (3530) عن علي بن حجر عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ.

وأخرجه الطيالسي (279)، وأبو عوانة (655، 4228)، وغيرهما عن وهيب بن خالد ويزيد بن زُرَيْعٍ.

وأخرجه البزار (1594) من طريق يزيد بن زُرَيْعٍ.

وأخرجه الثعلبي (6/ 21 - 22) من طريق يحيى بن أبي زائدة.

وأخرجه أبو عوانة (4226) من طريق عبد الوهاب بن عطاء.

وأخرجه أبو نعيم (996) من طريق محمد بن أبي عدي.

ص: 593

وأخرجه الخطيب (2/ 626 - 627) من طريق عدي بن عبد الرحمن.

جميعهم عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود به، بلفظ «لم يذكر اسم الله عليه» .

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.

وقد رواه داود تارة أخرى بالإثبات، وذلك كما أخرجه مسلم (450/ 150)، وابن خزيمة (87)، وغيرهما من طرق عن عبد الأعلى.

وأخرجه أحمد (4149)، وغيره عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ.

وأخرجه أحمد أيضًا (4149)، وابن خزيمة (87)، وابن حبان (1428) عن يحيى بن أبي زائدة.

وأخرجه الطحاوي (1/ 124)، والخطيب (2/ 632)، وغيرهما من طرق عن عبد الوهاب بن عطاء.

وأخرجه الخطيب (2/ 621، 630) من طريق علي بن عاصم، وبشر بن المفضل.

وأخرجه الواحدي في (الوسيط 6/ 21) عن وهيب بن خالد.

جميعهم عن داود به، بلفظ:«ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ» .

وهذا الاضطراب أيضًا يتحمله داود؛ وذلك لتكافؤ الطرق عنه في الروايتين كما هو ظاهر، وقد حكم الألباني على ذلك أيضًا بالاضطراب؛ فقال:"وهذا الاختلاف على داود في ضبط متن الحديث مما يؤكد ضعفه، وأن داود لم يكن قد حفظه"(السلسلة الضعيفة 3/ 136).

قلنا: فيظهر جليا مما سبق أَنَّ الحديث ضعيف بسبب اضطراب داود بن

ص: 594

أبي هند في إسناده ومتنه، وبهذا حكم عليه الألباني في (الضعيفة 3/ 137).

ولكن يشهد له ما سبق في الصحيح عن أبي هريرة: "أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا، فَقَالَ:«مَنْ هَذَا؟ » فَقَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ:«ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلا بِرَوْثَةٍ»

، فَقُلْتُ: مَا بَالُ العَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ ، قَالَ:«هُمَا مِنْ طَعَامِ الجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ - وَنِعْمَ الجِنُّ -، فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلا بِرَوْثَةٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا» .

وقد اعتبر الألباني أَنَّ حديث ابن مسعود مخالف بظاهره لهذا الحديث، ووجه المخالفة في ظاهره أَنَّ العظم والروثة زادٌ وطعامٌ للجن أنفسهم، وليس شيء من ذلك لدوابهم كما في حديث ابن مسعود.

وجَمَعَ الحافظ ابنُ حجر بين لفظي حديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود؛ فقال: "في حديث ابن مسعود عند مسلم: أنَّ الْبَعْرَ زَادُ دَوَابِّهِمْ، ولا ينافي ذلك حديث الباب؛ لإمكان حمل الطعام فيه على طعام الدواب"(فتح الباري 7/ 173). وقد تعقب الألباني جمع ابن حجر وتوفيقه بين اللفظين بقوله: "لا بأس به لو ثبت حديث ابن مسعود، أما وهو ضعيف كما سبق فلا وجه للتوفيق حينئذٍ، على أَنَّ هذا الحديث قد رُوِي عن ابن مسعود بإسناد آخر بلفظ يغاير بظاهره اللفظ السابق"(السلسلة الضعيفة 3/ 137).

قلنا: أما ما أشار إليه مما رُوِي عن ابن مسعود بإسناد آخر ولفظ مغاير سيأتي في الروايات التالية.

وللحديث شواهد أخرى عن سلمان الفارسي وجابر بن عبد الله وهما عند

ص: 595

مسلم كما سبق، وشاهد آخر عن عبد الله بن عمر وسيأتي.

فلعله من أجل تلك الشواهد صحح الحديث بعض أهل العلم:

فقال الترمذي (عقب حديث 3258): "حديث حسن صحيح".

وسبق أَنَّ الترمذي أعل آخر الحديث بالإرسال، فلعله صححه من أجل شواهده؛ فقد ذكر (عقب حديث 18):"وفي الباب عن أبي هريرة وسلمان وجابر وابن عمر".

وقد صحح الحديث أيضًا الذهبي في (سير أعلام النبلاء 14/ 391)، وحسن إسناده علي القاري في (مرقاة المفاتيح 1/ 382).

[تنبيه]:

هذا الحديث معروف من رواية داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود، إِلَّا أنه رُوِي من طريق آخر عن علقمة، كما أخرجه أبو عوانة في (مستخرجه 654) عن محمد بن إسحاق الصاغاني.

وأخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 10010) عن محمد بن الليث الجوهري.

كلاهما عن يحيى بن طلحة اليربوعي عن حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود، به.

وهذا إسناد منكر؛ فيه يحيى بن طلحة اليربوعي، وهو لين الحديث كما قال الحافظ في (التقريب 7573).

ومع لينه؛ قد خالف الجماعة عن حفص بن غياث؛ وهم:

أبو بكر بن أبي شيبة في (المسند 197) وفي (المصنف 1661).

ص: 596

وهناد بن السري كما عند الترمذي (17)، والنسائي في (السنن الكبرى 43).

وأبو سعيد الأشج كما أخرجه (البزار 1598)، والطوسي (17).

وغيرهم رووه جميعًا عن حفص بن غياث عن داود عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود.

وبذلك تكون رواية اليربوعي منكرة، وقد خطأه فيها محمد بن إسحاق الصاغاني- الراوي عنه عند أبي عوانة-؛ فقال (عقب حديثه):"إنما هو حفص عن داود عن عامر عن علقمة، أخطأ فيه اليربوعي".

* * *

رواية الديلمي: انه أمتك أَنْ يستنجوا:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، انْهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثَةٍ، أَوْ حُمَمَةٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا فِيهَا رِزْقًا، قَالَ: فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ.

[الحكم]:

مختلف فيه؛ فضعفه الدارقطني والبيهقي والمنذري والنووي والمناوي والشوكاني.

وصححه ابن التركماني والسيوطي والألباني، وهو ظاهر كلام الحازمي.

والراجح: أَنَّ إسناده حسن.

[اللغة]:

الحُمَمَة: الفَحْمَة، وجَمْعُها حُمَم. (النهاية 1/ 1052).

ص: 597

[التخريج]:

[د 39 "اللفظ له" / طش 872 / قط 149 "والرواية له" / هق 536 / بغ 180]

[التحقيق]:

مدار هذا الحديث على يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عبد الله بن فيروز الديلمي عن ابن مسعود، وقد رُوِي عن يحيى من طريقين:

الأول:

أخرجه أبو داود (39) - ومن طريقه البيهقي في (السنن الكبرى 531)، والبغوي في (شرح السنة 180) -، قال: حدثنا حيوة بن شريح الحمصي.

وأخرجه الدارقطني من طريق هشام بن عمار.

كلاهما عن إسماعيل بن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عبد الله بن فيروز الديلمي عن عبد الله بن مسعود، به.

وهذا إسناد حسن، إسماعيل بن عياش، "صدوق في روايته عن الشاميين" كما في (التقريب 473)، وهذا من روايته عنهم؛ فيحيى بن أبي عمرو شامي حمصي، وهو "ثقة" كما في (التقريب 7616).

وعبد الله بن فيروز الديلمي: وثقه ابن معين والعجلي وذكره ابن حبان في (الثقات)، انظر (تهذيب التهذيب 5/ 358)، وذكره يعقوب بن سفيان في ثقات التابعين من أهل مصر (المعرفة والتاريخ 2/ 521)، وكذا وثقه ابن القطان الفاسي في (الوهم والإيهام 2/ 50)، ولذا قال الحافظان الذهبي وابن حجر:"ثقة"(الكاشف 2911)، (التقريب 3534).

ص: 598

وقد ثبت سماع يحيى بن أبي عمرو من عبد الله بن فيروز الديلمي في غير ما حديث

(1)

، وجزم بسماعه منه أبو أحمد الحاكم، كما في (تاريخ دمشق 64/ 164).

وأما قول العلائي: "وفي التهذيب أنه روى عن عبد الله بن الديلمي وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، ولم يلقهما"(جامع التحصيل ص 298). فيظهر أنه وهمٌ؛ فليس في (التهذيب)، أنه لم يلقهما، وبهذا تعقبه أبو زرعة العراقي في (تحفة التحصيل ص 345)، لكن أخذه العلائي - فيما يظهر - من قول الذهبي في ترجمة يحيى من (تذهيب التهذيب 10/ 20): "عن عبد الله بن الديلمي، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد مرسلًا،

".

فلعله ظن أَنَّ قوله: "مرسلًا" عائد على ابن الديلمي وعبد الرحمن معا

(2)

، والذي نراه أَنَّ المراد به عبد الرحمن بن خالد وحده، فقد مات قبل أَنْ يولد يحيى بن أبي عمرو بحوالي عشرين سنة، أما ابن الديلمي فقد أدركه يحيى إدراكًا بيِّنًا

(3)

، وقد صرح بالسماع منه في غير ما حديث، كما تقدم آنفًا، ولذا ذكره في شيوخ يحيى كل من ترجم له، دون إشارة لعدم السماع، كالبخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم.

(1)

انظر: (مسند أبي يعلى الموصلي 6825)، و (مستدرك الحاكم 83، و 3670)، و (السنن الكبير للبيهقي 17769)، و (شعب الإيمان 3877)، وغيرها من المصادر.

(2)

وأقبح من ذلك اقتصار الخزرجي في (خلاصة تذهيب التهذيب ص 426) على ذكر ابن الديلمي، دون عبد الرحمن بن خالد! .

(3)

حيث ولد يحيى سنة 63 هـ، على ما ذكر في تاريخه وفاته وعمره، كما في (تاريخ الإسلام 3/ 1012)، وابن الديلمي، ذكره الذهبي في (تاريخه 2/ 962) في (وفيات 81 - 90).

ص: 599

وقد صحح الحديث جماعة من أهل العلم:

فقال ابن التركماني- متعقبا تضعيف الدارقطني والبيهقي -: "ينبغي أَنْ يكون هذا الإسناد صحيحًا؛ فإن عبد الله بن فيروز الديلمي وثقه: ابن معين والعجلي، وروى له صاحب المستدرك وأصحاب السنن الأربعة ويحيى بن أبي عمرو وثقه يعقوب بن سفيان، والحاكم والعجلي وقال ابن حنبل: ثقة ثقة. وروى له صاحب المستدرك وأصحاب السنن الأربعة، وهو حمصي، ورواية ابن عياش عن الشاميين صحيحة، كذا ذكر البيهقي في باب ترك الوضوء من الدم، وحيوة الحمصي أخرج عنه البخاري وأبوداود وروى عنه أيضًا أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة الدمشقي وغيرهم"(الجوهر النقي 1/ 110).

ورمز لصحته السيوطي في (الجامع الصغير 9534).

وقال الألباني: "إسناده صحيح، وصححه ابن التركماني"(صحيح أبي داود 1/ 68)، وانظر:(السلسلة الضعيفة 3/ 140).

وقال الحازمي: "لا يعرف متصلًا إلا من حديث الشاميين، وهو على شرط أبي داود"(البدر المنير 2/ 351).

وأعل الحديث المنذري في (مختصر السنن 1/ 37)، بإسماعيل بن عياش.

وتعقبه الألباني بما بينا من رواية إسماعيل عن أهل بلده، (صحيح أبي داود 1/ 69).

وأعل الحديث أيضًا الدارقطني؛ فقال (عقبه): "إسناد شامي ليس بثابت".

وتبعه البيهقي فقال: "إسناد شامي غير قوي".

ص: 600

وقال النووي: "هذا الحديث ضعيف

رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي، ولم يضعفه أبو داود وضعفه الدارقطني والبيهقي" (المجموع 2/ 116)، و (خلاصة الأحكام 1/ 166).

وقال المناوي - متعقبا تصحيح السيوطي في (الجامع الصغير 9534) -: "رمز المصنف لصحته وليس بِمُسَلّمٍ؛ فقد قال مخرجه الدارقطني: إسناده شامي وليس بثابت"(فيض القدير 6/ 345).

ولم يذكروا جميعًا سبب ضعفه، ولعله للخلاف في حال إسماعيل بن عياش، والذي عليه الأئمة النقاد، أنه إذا روى عن الشاميين فروايته صحيحة مستقيمة، وإن روى عن غيرهم فضعيفة، كذا قال يحيى بن معين، وأحمد، وابن المديني، ودُحَيْم، وعمرو بن علي الفلاس، والبخاري، والنسائي، وغيرهم، انظر:(تهذيب التهذيب 1/ 322 - 325).

وهذا من روايته عن الشاميين.

وقد توبع إسماعيل بن عياش كما في:

الطريق الثاني:

أخرجه الطبراني في (مسند الشاميين 872)، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، ثنا محمد بن مصفى، ثنا بقية، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، به.

ولكن هذا إسناد ضعيف، مُعَلٌّ بعلَّتين:

الأولى: بقية بن الوليد، وهو صدوق إِلَّا أنه يدلس ويسوي كما هو مشهور من حاله، ولم يصرح بالسماع من شيخه وكذا لم يأت به بين شيخه وشيخ شيخه.

ص: 601

الثانية: شيخ الطبراني إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: قال الذهبي: "شيخ للطبراني غير معتمد"(الميزان 1/ 63). وأقره الهيثمي في (مجمع الزوائد 3511).

قلنا: ولفظة "حممة" قد رُوِيت من طريقين آخرين عن ابن مسعود؛

أحدهما: من طريق عُلَيِّ بن رَبَاح عنه، ولكنه لم يسمع من ابن مسعود، كما سيأتي في الرواية التالية.

والثاني: من طريق أبي عثمان بن سنة الخزاعي عنه، إِلَّا أنه ضعيف، وهذه اللفظة منكرة في حديثه كما سيأتي بيان ذلك قريبًا إن شاء الله.

وأيضا لهذه اللفظة شاهدٌ من حديث عبد الله بن الحارث بن جَزْء، ولكن إسناده ضعيف، وسيأتي قريبًا.

* * *

ص: 602

رواية عُلَيِّ بن رَبَاح: النهي عن عظمٍ حائل والبعرة والفحمة:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ وَمَعَهُ عَظْمٌ حَائِلٌ وَبَعْرَةٌ وَفَحْمَةٌ؛ فَقَالَ: «لَا تَسْتَنْجِيَنَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا إِذَا خَرَجْتَ إِلَى الْخَلَاءِ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَيَ بِعَظْمٍ حَائِلٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف، ضعفه الدارقطني والبيهقي، وعبد الحق الإشبيلي.

[الفوائد]:

قال الخطابي: "الحائل: المتغَيِّر من البِلَى، وكلُّ مُتغيِّر اللون حائل يقال: حال لَونُه يَحولُ إذا تَغَيَّر، فإذا أردتَ أنه قد أتى على الشيء حَولٌ كامل قلتَ: قد أَحالَ الشيءُ، ويقال: دارٌ مُحِيلَة إذا لم تُسكَن حولًا، وربما رُدّ إلى الأصل فِقيلَ: أَحولَ فهو مُحِول"(غريب الحديث 1/ 239).

[التخريج]:

[حم 4375 "واللفظ له" / قط 150 "والرواية له ولغيره" / هق 537 / غخطا (1/ 238)]

[السند]:

أخرجه أحمد (4375): عن عَتَّاب وعلي بن إسحاق، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا موسى بن عُلَيِّ بن رَبَاحٍ، قال: سمعت أبي يقول: عن ابن مسعود

فذكره بلفظ الرواية الأولى.

ورواه الدارقطني في (السنن 150): من طريق يونس بن عبد الأعلى،

ص: 603

حدثنا ابن وهب، حدثني موسى بن عُلَيٍّ، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، به بلفظ الرواية الثانية.

ورواه الخطابي من طريق ابن عبد الحكم، ورواه البيهقي من طريق بحر بن نصر، كلاهما عن ابن وهب، به.

فمداره عندهم على موسى بن عُلَيٍّ، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، إِلَّا أنه ضعيف لانقطاعه، قال الدارقطني (عقب الحديث):"عُلَيِّ بن رَبَاح لا يثبت سماعه من ابن مسعود، ولا يصح". وتبعه البيهقي (عقب الحديث)، وعبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 135).

وتعقبه ابن التركماني بأن مسلمًا أنكر في ثبوت الاتصال اشتراط السماع، وادعى اتفاق أهل العلم على أنه يكفي إمكان اللقاء والسماع، وعلي هذا ولد سنة خمس عشرة وكذا ذكر أبو سعيد ابن يونس؛ فسماعه عن ابن مسعود ممكن بلا شك؛ لأن ابن مسعود توفى سنة اثنتين وثلاثين وقيل سنة ثلاث وثلاثين، (الجوهر النقي 1/ 110).

قلنا: وفي تعقبه نظر؛ لأن ما ذكره إنما يصح في الراوي الذي لم يرد في سماعه من شيخه نفيٌ ولا إثبات، وحينئذٍ نرجح السماع بتلك القرينة، أمَّا في رواية عُلَيِّ بن رَبَاح عن ابن مسعود؛ فالراجح عدم السماع؛ وذلك لثلاثة أمور:

الأول: نفي الدارقطني والبيهقي للسماع كما تقدم.

ص: 604

الثاني: لم يَرِد عن أحد من أهل هذا العلم المعتبرين إثبات السماع؛ ولذلك لم يعترض أحدٌ على الدارقطني والبيهقي ممن نقل قولهما - بما اعترض به ابن التركماني -؛ كابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 558)، والذهبي في (المهذب 1/ 119)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 167)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 351 - 352).

الثالث: مما يؤكد استبعاد السماع أيضًا أَنَّ ابن مسعود أقام بالكوفة، وأما عُلَيِّ بن رَبَاح فمصري ولد بالمغرب، وشهد غزوة ذات الصواري مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح - والي مصر آنذاك - سنة أربع وثلاثين، فكأنه لم يخرج من مصر حتى هذا الزمان، وقد توفي ابن مسعود قبل ذلك بالمدينة وقيل بالكوفة وكانت إقامته فيها كما هو معروف؛ لذلك ليس له عنه غير هذا الحديث كما قال الطبراني (عقبه) كما سيأتي في الرواية التالية، وانظر:(تاريخ الإسلام 2/ 297، 3/ 283)، و (تهذيب التهذيب 6/ 28، 7/ 319).

ولذلك لم يجزم الألباني بتصحيح هذا الحديث- بعدما نقل اعتراض ابن التركماني السابق -؛ فقال: "إن كان سمعه من ابن مسعود فهو صحيح"(السلسلة الضعيفة 3/ 140)، وكأنه مال إلى كلام ابن التركماني فقال في (صحيح أبي داود 1/ 69):"سند صحيح على شرط مسلم"!.

وقد صحح إسناده أيضًا أحمد شاكر في (تعليقه على المسند 4/ 233)، وقد سلك مسلك ابن التركماني في إثبات السماع، وهو محجوج أيضًا بما تقدم. والله أعلم.

* * *

ص: 605

وفي رواية مطولة لعُلَيِّ بن رَبَاح:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ مُطَوَّلًا، قَالَ: اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَقَالَ: «إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ خَمْسَةَ عَشَرَ بَنُو إِخْوَةٍ، وَبَنُو عَمٍّ يَأْتُونِي اللَّيْلَةَ، فَأَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ» ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ، فَجَعَلَ لِي خَطًّا ثُمَّ أَجْلَسَنِي فِيهِ، وَقَالَ:«لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ هَذَا» ، فَبِتُّ فِيهِ حَتَّى أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ السَّحَرِ وَفِي يَدِهِ عَظْمٌ حَائِلٌ، وَرَوْثَةٌ، وَحُمَمَةٌ، فَقَالَ:«إِذَا أَتَيْتَ الْخَلَاءَ فَلَا تَسْتَنْجِيَنَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا» قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قُلْتُ: لَأَعْلَمَنَّ حَيْثُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبْتُ فَرَأَيْتُ مَوْضِعَ [مَبْرَكِ] سَبْعِينَ (سِتِّينَ) بَعِيرًا.

[الحكم]:

ضعيف بهذا السياق.

[التخريج]:

[طس 8995 "واللفظ له" / هقل (2/ 231) "والزيادة والرواية له" / مردويه (الفتح 7/ 172)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا المقدام ثنا عبد الله بن صالح حدثني موسى بن عُلَيِّ بن رَبَاح عن أبيه عن عبد الله بن مسعود، به.

قال الطبراني (عقبه): "لم يرو عُلَيِّ بن رَبَاح عن ابن مسعود حديثًا غير هذا".

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الانقطاع بين عُلَيِّ بن رَبَاح وابن مسعود، كما تقدم.

ص: 606

الثانية: عبد الله بن صالح - كاتب الليث -: مختلف في توثيقه، والجمهور على تليينه، وقال فيه الحافظ:"صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة"(التقريب 3388).

وبه أعل هذا الطريق الهيثمي في (المجمع 1039)، والألباني في (الضعيفة 3/ 140)

الثالثة: المقدام بن داود بن عيسى، وهو ضعيف؛ ضعفه النسائي والدارقطني وابن القطان الفاسي، وقال ابن أبي حاتم وابن يونس وغيرهما:"تكلموا فيه" وانظر: (الجرح 8/ 303)، (لسان الميزان 8/ 144 - 145).

وقد توبع متابعة قاصرة؛ فرواه البيهقي في (الدلائل 2/ 231) من طريق روح بن صلاح عن موسى بن على، به.

ولكن روح هذا ضعيف؛ ضعفه ابن عدي والدارقطني، وقال ابن يونس:"رُوِيت عنه مناكير"، وقال ابن ماكولا:"ضعفوه"، ووثقه الحاكم، وذكره ابن حبان في (الثقات)، انظر:(لسان الميزان 3/ 480).

وعزاه ابن حجر في (فتح الباري 7/ 172) لابن مردويه من طريق موسى بن عُلَيِّ بن رَبَاح عن أبيه عن بن مسعود، به.

ولم يظهر سنده إلى موسى بن عُلَيٍّ، ولكن على كل حال هو معلول بالانقطاع، كما تقدم.

* * *

ص: 607

رواية أبي عثمان بن سنة الخزاعي:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدُكُمْ (أَحَدٌ) بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثٍ» .

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده ضعيف.

[التخريج]:

[ن 39 "واللفظ له" / كن 42 / طح (1/ 123) 746 "والرواية له" / كر (67/ 74)]

[السند]:

قال النسائي: أخبرنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ قال أنبأنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي عثمان بن سَنَّةَ الخزاعي عن عبد الله بن مسعود، به.

ورواه الطحاوي عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب، به.

ورواه ابن عساكر من طريقي ابن عبد الحكم وبحر بن نصر- كلاهما- عن ابن وهب، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الصحيح، عدا أبا عثمان بن سنة الخزاعي، فقد ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 408) برواية الزُّهْرِيّ وحده عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وإنما نقل عن أبي زرعة قوله:"لا أعرف اسمه"، وقال الحاكم (عقب حديث 3858):"مجهول"، وقال الذهبي: "أبو عثمان بن سنة الخزاعى، عن ابن مسعود في

ص: 608

ليلة الجن، ما أعرف روى عنه غير الزُّهْرِيّ" (ميزان الاعتدال 4/ 549)، وقال الحافظ: "مقبول" (التقريب 8237)، أي عند المتابعة، وإلا فلين.

* * *

رِوَايَةُ مُطَوَّلَةٌ لِأَبِي عُثْمَانَ بْنِ سَنَّةَ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: «مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ اللَّيْلَةَ أَمْرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ» ، فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ، فَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ انْطَلَقُوا وَطَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ حَتَّى بَقِيت مِنْهُمْ رَهْطٌ، وَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ مَعَ الْفَجْرِ وَانْطَلَقَ فَبَرزَ، ثُمَّ أَتَانِي، فَقَالَ:«مَا فَعَلَ الرَّهْطُ؟» فَقُلْتُ: هُمْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ عَظْمًا وَرَوْثًا فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ زَادًا، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ بِرَوْثٍ.

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياق، وإسناده ضعيف؛ ضعفه الحاكم، وأما النهي عن الاستطابة بالعظم والروث فصحيح كما سبق.

[التخريج]:

[ك 3904 "اللفظ له" / مكة (3/ 392)، (3/ 393) / طبر (21/ 168 - 169) / عظ 1102 / ناسخ 97 "مختصرا" / صحا 6924 / نبص 263 / هقل (2/ 230) / بر (درر ص 59) / كر (67/ 74 - 75) / كما (34/ 67 - 68) / التفسير لابن ماجه (كما 34/ 67 - 68)].

ص: 609

[التحقيق]:

رُوِي هذا الحديث من طريقين عن عبد الله بن مسعود:

الأول:

أخرجه الطبري في (التفسير 21/ 169)، عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب (ابن أخي عبد الله بن وهب).

وأخرجه الفاكهي في (أخبار مكة 2316) عن هارون بن موسى بن طريف.

وأخرجه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 6924)، وابن عساكر في (تاريخه 67/ 74 - 75)، والمزي في (التهذيب 34/ 67 - 68) من طريق حرملة بن يحيى.

ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب.

وأخرجه ابن شاهين في (ناسخه 97) من طريق أبي صفوان عبد الله بن سعيد الأموي.

وأخرجه ابن عبد البر في (الدرر ص 59) من طريق عنبسة بن خالد الأيلي.

وأخرجه الحاكم (3858) - وعنه البيهقي في (الدلائل 2/ 230) -، من طريق الليث بن سعد.

أربعتهم عن يونس بن يزيد الأيلي.

وأخرجه ابن ماجه في (التفسير) كما في (تهذيب الكمال 34/ 67 - 68)، وأبو الشيخ في (العظمة 1102) - وعنه أبو نعيم في (الدلائل 263) -

ص: 610

من طريق عُقَيْلِ بن خالد.

كلاهما (يونس وعُقَيْلٌ) عن ابن شهاب، عن أبي عثمان بن سنة الخزاعي عن عبد الله بن مسعود، به.

وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عثمان بن سنة الخزاعي، وقد سبق بيان حاله.

وبه أعلَّ الحاكمُ هذه الرواية؛ فقال (قبل الحديث): "وقد رُوِي حديث تداوله الأئمة الثقات عن رجل مجهول عن عبد الله بن مسعود أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، حدثناه

"اهـ، ثم ساق هذا الخبر.

الطريق الثاني:

أخرجه الفاكهي (2319)، قال: حدثنا أحمد بن سليمان الصنعاني قال: ثنا زيد بن المبارك قال: ثنا ابن ثور، عن ابن جُرَيْجٍ قال: أخبرني مُخْبِرٌ، عن أبي عُبَيْدَةَ بن عبد الله بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود، بنحوه.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الانقطاع؛ فإن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود، لم يسمع من أبيه كما في (تهذيب التهذيب 5/ 75).

الثانية: إبهام مَن أخبر ابن جُرَيْجٍ.

الثالثة: أحمد بن سليمان الصنعاني، ولم نقف له على ترجمة.

ومع ضعف أسانيد هذه الرواية، مخالفة متنها لما ثبت عن ابن مسعود أنه لم يشهد ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من أصحابه، كما تقدم عند مسلم عن علقمة، قال: أنا سألتُ ابنَ مسعودٍ؛ فقلتُ: هَل شَهِدَ أَحدٌ مِنكم مَعَ

ص: 611

رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ؟ قال: لا.

وقوله في رواية أخرى عند مسلم أيضًا عن عبد الله، قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووددت أني كنت معه.

بل رُوِي أنهم فقدوا النبي صلى الله عليه وسلم لَيْلَتَئِذ، حتى قال ابن مسعود: فَبِتْنا بِشَرِّ لَيلةٍ

الحديث، كما في الرواية الأولى.

لذلك قال ابن حجر: "وقولُ ابن مسعود في هذا الحديث: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أصح مما رواه الزُّهْرِيّ أخبرني أبو عثمان بن (سنة)

(1)

الخزاعي أنه سمع ابن مسعود يقول: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْظُرَ اللَّيْلَةَ أَثَرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ، قَالَ: فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي

الحديث" (فتح الباري 7/ 172).

قلنا: ورغم ضعف إسناده ونكارة متنه، قال الذهبي (عقب الحديث في تلخيص المستدرك):"صحيح عند جماعة".

وقال ابن الملقن: رواه الحاكم في (المستدرك) في أواخر كتاب التفسير باللفظ المذكور وإسناده لا أعلم به بأسا" (البدر المنير 2/ 351).

* * *

(1)

ضبطه ابن حجر في (التقريب): بفتح المهملة وتشديد النون. وتصحف في مطبوع (الفتح) إلى "شيبة".

ص: 612

رِوَايَةُ لِأَبِي عُثْمَانَ فِيهَا زِيَادَةُ: أَوْ حُمَمَةً:

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: "

فَأَخَذَ عَظْمًا أَوْ رَوْثًا أَوْ حُمَمَةً، فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ زَادًا، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ".

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[طبر (21/ 168 - 169)].

[السند]:

قال الطبري في (التفسير): حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أخبرنا أبو زُرْعَةَ وهب الله بن راشد، قال: قال يونس، قال ابن شهاب: أخبرني أبو عثمان بن سَنَّةَ الخزاعي - وكان من أهل الشام - أن ابن مسعود قال:

فذكره بطوله.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: جهالة أبي عثمان بن سنة الخزاعي، كما تقدم.

الثانية: أبو زرعة وهب الله بن راشد، غمزه سعيد بن أبي مريم وغيره، ولم يرضه النسائي، وقال أبو حاتم:"محله الصدق"، وقال ابن حبان في (الثقات):"يخطئ"، (لسان الميزان 8/ 405).

قلنا: وقد أخطأ في ذكر "الحممة" في حديث يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب؛ لأن الثقات من أصحاب يونس، (وهم: عبد الله بن وهب، والليث بن سعد، وأبو صفوان عبد الله بن سعيد الأموي، وعنبسة بن خالد

ص: 613

الأيلي) رَوَوْهُ عن يونس به، وليس فيه ذكر "الحممة"، كما تقدم.

* * *

رِوَايَةُ فِيهَا النَّهْيُ عَنِ الْحَثَّةِ:

•وفي رواية، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:

فَانْطَلَقَ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الَّذِي عِنْدَ حَائِطِ عَوْفٍ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الزُّطِّ، وَكَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَكَاكِيُّ، قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالُوا مَا أَنْتَ، قَالَ:«أَنَا نَبِيٌّ» . فَقَالُوا: فَمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ الشَّجَرَةُ، تَعَالَيْ يَا شَجَرَةُ» . فَجَاءَتْ تَجُرُّ عُرُوقُهَا الْحِجَارَةَ، لَهَا فَقَاقِعٌ حَتَّى انْتَصَبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«عَلَى مَاذَا تَشْهَدِينَ؟» قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:«اذْهَبِي» ، فَرَجِعَتْ كَمَا جَاءَتْ تَجُرُّ عُرُوقَهَا وَلَهَا فَقَاقِعٌ حَتَّى عَادَتْ حَيْثُ كَانَتْ، فَسَأَلُوهُ صلى الله عليه وسلم مَا الزَّادُ؟ فَزَوِّدْهُمُ الْعَظْمَ وَالْحَثَّةَ

(1)

، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَسْتَطِيبَنَّ أَحَدٌ بِعَظْمٍ وَلَا حَثَّةٍ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[مكة (3/ 393)].

(1)

قال محقق (أخبار مكة للفاكهي): "كذا في الأصل ولم أقف على معناها"اهـ، قلنا: وغالب الظن أنها محرفة من لفظة: "حممة"؛ فهي أقرب إلى ذلك، لأنها هي التي جاءت في بعض روايات هذا الحديث كما تقدم، والله أعلم.

ص: 614

[السند]:

قال الفاكهي: حدثنا أحمد بن سليمان الصنعاني قال: ثنا زيد بن المبارك قال: ثنا ابن ثور، عن ابن جُرَيْجٍ قال: وأما مجاهد فقال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الانقطاع بين مجاهد وابن مسعود؛ فإنه لم يسمع منه كما قال أبو زرعة (جامع التحصيل ص 273).

الثانية: عدم تصريح ابن جُرَيْجٍ بالسماع من مجاهد؛ فهو وإن كان ثقة إِلَّا أنه مدلس كما في (التقريب 4193)، بل متكلم في سماعه من مجاهد كما رُوِي عن ابن معين والبرديجي، انظر:(جامع التحصيل ص 229).

الثالثة: شيخ الفاكهي، أحمد بن سليمان، لم نقف له على ترجمة.

* * *

ص: 615

رِوَايَةُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ: زَوَّدَ جِنَّ نَصِيبِينَ، بالرَّوْثِ والْعَظْمِ، ونَهَى عَنِ الاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ قَالَ:«لِيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، وَلَا يَقُومَنَّ مَعِي رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْغِشِّ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ» ، قَالَ: فَقُمْتُ مَعَهُ، وَأَخَذْتُ إِدَاوَةً، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا مَاءً، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ رَأَيْتُ أَسْوِدَةً مُجْتَمِعَةً، قَالَ: فَخَطَّ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطًّا، ثُمَّ قَالَ:«قُمْ هَاهُنَا حَتَّى آتِيَكَ» ، قَالَ: فَقُمْتُ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَرَأَيْتُهُمْ يَتَثَوَّرُونَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَسَمَرَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلًا طَوِيلًا، حَتَّى جَاءَنِي مَعَ الْفَجْرِ، فَقَالَ لِي:«مَا زِلْتَ قَائِمًا يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟» ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَقُلْ لِي:«قُمْ حَتَّى آتِيَكَ؟» قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: «هَلْ مَعَكَ مِنْ وَضُوءٍ؟» ، قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَفَتَحْتُ الْإِدَاوَةَ، فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ الْإِدَاوَةَ، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا مَاءً، فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ» ، قَالَ: ثُمَّ تَوَضَّأَ مِنْهَا، فَلَمَّا قَامَ يُصَلِّي أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ، قَالَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ: فَصَفَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هَؤُلَاءِ جِنُّ نَصِيبِينَ، جَاءُوا يَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ فِي أُمُورٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ سَأَلُونِي الزَّادَ، فَزَوَّدْتُهُمْ» ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَهَلْ عِنْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ تُزَوِّدُهُمْ إِيَّاهُ؟، قَالَ: فَقَالَ: «قَدْ زَوَّدْتُهُمُ الرَّجْعَةَ، وَمَا وَجَدُوا مِنْ رَوْثٍ وَجَدُوهُ شَعِيرًا، وَمَا وَجَدُوهُ مِنْ عَظْمٍ وَجَدُوهُ كَاسِيًا» ، قَالَ: وَعِنْدَ ذَلِكَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَنْ يُسْتَطَابَ بِالرَّوْثِ، وَالْعَظْمِ.

ص: 616

• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، فَلْيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، وَلَا يَقُمْ رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» ، فَقُمْتُ مَعَهُ، وَأَخَذْتُ إِدَاوَةً فِيهَا نَبِيذٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا بَرَزَ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا وَقَالَ لِي:«لَا تَخْرُجْ مِنْهُ؛ فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَتَوَارَى عَنِّي حَتَّى لَمْ أَرَهُ، فَلَمَّا سَطَحَ الْفَجْرُ أَقْبَلَ فَقَالَ لِي:«أَرَاكَ قَائِمًا؟ » فَقُلْتُ: مَا قَعَدْتُ، فَقَالَ:«مَا عَلَيْكَ لَوْ فَعَلْتَ؟ » قُلْتُ: خَشِيتُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ، فَقَالَ:«أَمَا إِنَّكَ لَوْ خَرَجْتَ مِنْهُ لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، هَلْ مَعَكَ وَضُوءٌ؟ » قُلْتُ: لَا، فَقَالَ:«مَا هَذِهِ الْإِدَاوَةُ؟ » قُلْتُ: فِيهَا نَبِيذٌ، قَالَ:«تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ» ، فَتَوَضَّأَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ مِنَ الْجِنِّ فَسَأَلَاهُ الْمَتَاعَ، فَقَالَ:«أَلَمْ آمُرْ لَكُمَا وَلِقَوْمِكُمَا بِمَا يُصْلِحُكُمْ؟ » قَالَا: بَلَى، وَلَكِنْ أَحْبَبْنَا أَنْ يَشْهَدَ بَعْضُنَا مَعَكَ الصَّلَاةَ، قَالَ:«مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ » قَالَا: مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، فَقَالَ:«أَفْلَحَ هَذَانِ، وَأَفْلَحَ قَوْمُهُمَا» ، وَأَمَرَ لَهُمَا بِالرَّوْثِ وَالْعِظَامِ طَعَامًا وَلَحْمًا، وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ.

[الحكم]:

ضعيف باتفاق.

[التخريج]:

[حم 4381 "واللفظ له" / طب (10/ 63/ 9962) "والرواية له"، (10/ 65/ 9966) / هق 27].

[السند]:

أخرجه أحمد - ومن طريقه الطبراني في (الكبير 9966) - قال: حدثنا

ص: 617

يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني أبو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن عبد الله بن مسعود، عن أبي فَزَارَةَ، عن أبي زيد، مولى عمرو بن حريث المخزومي، عن عبد الله بن مسعود، به.

ورواه الطبراني في (المعجم الكبير 9962) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن قيس بن الربيع، عن أبي فزارة العبدي، عن أبي زيد، به.

ورواه البيهقي: من طريق أبي غسان، عن قيس بن الربيع، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف، ومتنه منكر.

فأما سنده: ففيه: أبو زيد مولى عمرو بن حريث، وهو مجهول باتفاق؛ نص على جهالته: البخاري، وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، ولم يرو عنه غير أبي فزارة، بل ولم يرو غير هذا الحديث، الذي استنكروه عليه، ولذا قال ابن عبد البر:"اتفقوا على أَنَّ أبا زيد مجهول، وحديثه منكر"(تهذيب التهذيب 12/ 103).

وأما نكارة متنه: فهو مخالف للثابت عن ابن مسعود؛ أنه لم يكن ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي صحيح مسلم (450) عن علقمة قال: سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: "لا".

وقد تقدم الكلام على هذ الإسناد باستفاضة، مع ذِكْر أقوال العلماء على هذه الرواية، في باب:"التطهر بالنبيذ".

* * *

ص: 618

رِوَايَةُ ابْنِ غَيْلَانَ:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: حُدِّثْتُ أَنَّكَ كُنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ وَفْدِ الْجِنِّ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ؟

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا، وَقَالَ:«لَا تَبْرَحْ مِنْهَا» ، فَذَكَرَ أَنَّ مِثْلَ الْعَجَاجَةِ السَّوْدَاءِ غَشِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذُعِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصُّبْحِ، أَتَانِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَنِمْتَ؟» ، قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ مِرَارًا أَنْ أَسْتَغِيثَ بِالنَّاسِ حَتَّى سَمِعْتُكَ تَقْرَعُهُمْ بِعَصَاكَ، تَقُولُ:«اجْلِسُوا» ، قَالَ:«لَوْ خَرَجْتَ لَمْ آمَنْ أَنْ يَتَخَطَّفَكَ بَعْضُهُمْ» ، ثُمَّ قَالَ:«هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟» قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ رِجَالًا سُودًا مُسْتَثفرِي ثِيَابٍ بِياضٍ، قَالَ:«أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ، سَأَلُونِي الْمَتَاعَ - وَالْمَتَاعُ الزَّادُ -، فَمَتَّعْتُهُمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ أَوْ بَعْرَةٍ أَوْ رَوْثَةٍ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِي ذَلِكَ عَنْهُمْ؟ قَالَ:«إِنَّهُمْ لَا يَجِدُون عَظْمًا إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ لَحْمَهُ يَوْمَ أُكِلَ، وَلَا رَوْثَةً إِلَّا وَجَدُوا فِيهَا حَبَّهَا يَوْمَ أُكِلَتْ، فَلَا يَسْتَنْقِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ بِعَظْمٍ وَلَا بَعْرَةٍ وَلَا رَوْثَةٍ» .

[الحكم]:

منكر بهذا السياق، وإسناده ضعيف؛ وضعفه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، والدارقطني، والبيهقي، والجورقاني، وابن الجوزي، والذهبي، والزيلعي، وابن كثير، والألباني.

[التخريج]:

[طش 2871 / طبر (21/ 167 - 168)"واللفظ له" / حق (مط 3767)"مختصرا" / قط 252 "مختصرا" / نبص (136 طبعة الجامعة الإسلامية)، (كثير 7/ 299 - 300)، (نصب 1/ 144 - 145) / كر (31/

ص: 619

298) "مختصرا" / تحقيق 36 / عيل (كثير - إمام 1/ 180)].

[السند]:

قال الطبري: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي، أنه قال لابن مسعود:

فذكره.

ورواه الإسماعيلي من طريق محمد بن عبيد بن حساب عن محمد بن ثور، به.

ورواه ابن راهويه عن عبد الرزاق عن مَعْمَر، به.

ورواه الدارقطني- ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق) -، من طريق أبي سلام، عن فلان بن غيلان الثقفي، أنه سمع عبد الله بن مسعود، به.

ورواه ابن عساكر من طريق يزيد بن ظبيان التجيبي عن عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي، به.

فمداره عندهم- عدا رواية الطبراني وأبي نعيم- على عبد الله بن عمرو بن غيلان عن ابن مسعود.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي، وهو مجهول كما قال أبو زرعة وأبو حاتم - الرازيان - والدارقطني وغيرهم، وانظر:(لسان الميزان 4/ 536).

وبه أعلوا هذا الحديث:

فقال ابن أبي حاتم: قلتُ لهما - أي لأبيه وأبي زرعة - فإن معاوية بن سلام

ص: 620

يُحدِّثُ عن أخيه عن جدِّه، عن ابن غيلان، عن ابن مسعود .... ؟

قالا: "وهذا أيضًا ليس بشيء؛ ابن غيلان مجهول، ولا يصح في هذا الباب شيء"(علل الحديث 99).

وقال الدارقطني (عقب الحديث): "الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول، قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبد الله بن عمرو بن غيلان".

وقال البيهقي- بعد أَنْ ذكر هذا الطريق ضمن سَرْدِه لطرق حديث ابن مسعود في ليلة الجن-: "ولا يصح شيء من ذلك"، ثم ذكر تضعيف الدارقطني لابن غيلان (السنن الكبرى 1/ 16 - 17)، وانظر:(الخلافيات 1/ 176 - 177).

وقال ابن الجوزي: "فيه ابن غيلان، قال الدارقطني: هو مجهول"(التحقيق 1/ 56).

وقال الذهبي- عقب ذكره لإسناد الدارقطني-: "سنده نظيف، وفلان لا يعرف"(تنقيح التحقيق 1/ 20).

وبه أعله أيضًا الجورقاني في (الأباطيل 1/ 501)، والألباني في (السلسلة الضعيفة 3/ 138).

وقد رُوِي الحديث على وجه آخر؛

أخرجه الطبراني في (مسند الشاميين 2871) - وعنه أبو نعيم في (الدلائل) -، قال: حدثنا محمد بن عبدة المصيصي، ثنا أبو توبة، ثنا معاوية بن سَلَّامٍ، عن زيد بن سَلَّامٍ

(1)

، أنه سمع أبا سَلَّامٍ، يقول: حدثني

(1)

تحرف عند أبي نعيم إلى: (أسلم).

ص: 621

من حدثه عمرو بن غيلان الثقفي، قال: أتيت عبد الله بن مسعود

فذكر الحديث.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: محمد بن عبدة المصيصي، ترجم له ابن عساكر في (تاريخ دمشق 54/ 165)، والذهبي في (تاريخ الإسلام 6/ 813) برواية جماعة عنه، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول الحال.

الثانية: إبهام شيخ أبي سلام، حيث قال:"حدثني من حدثه عمرو بن غيلان".

وبهذه العلة أعله الزيلعي فقال: "وفي سنده رجل لم يُسَمَّ"(نصب الراية 1/ 145).

وقال ابن كثير: "وهذا إسناد غريب جدًّا، ولكن فيه رجل مُبْهَمٌ لم يسم والله أعلم"(تفسير ابن كثير 7/ 300).

وقد تعقب الألباني قول الزيلعي بسبب سقط وقع في المطبوع؛ فقال: "لا يخفى أَنَّ هذا القول غير مستقيم بالنسبة لرواية الطبراني، فلو عزاه للدارقطني ثم ذكره عقبه لأصاب"(السلسلة الضعيفة 3/ 139).

قلنا: بل قول الزيلعي مستقيم لأن في إسناد الطبراني: "حدثني من حدثه عمرو بن غيلان"، وإنما سقطت هذه العبارة من مطبوعة (نصب الراية)، وهي مثبتة في (مسند الشاميين) و (دلائل النبوة - طبعة الجامعة الإسلامية).

ومع ضعف سند هذا الحديث؛ ففي متنه نكارة؛ حيث ذكر أَنَّ ابن مسعود كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، وهذا مخالف لما رواه مسلم (450/ 152) من طريق إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ

ص: 622

رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ.

وما تقدم من طريق الشعبي عن علقمة أنه سأل ابن مسعود عن ذلك؛ فقال: "هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا

".

قال البيهقي- بعد ذكره لحديث ابن غيلان وغيره مما سبق عن ابن مسعود-: "ومما يدل على بطلان جميع ما رُوِي من ذلك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إقراره بأنه لم يكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رواه مسلم في (صحيحه) من حديث علقمة عن عبد الله قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وودت أني كنت معه"(الخلافيات 1/ 177).

* * *

ص: 623

رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «ذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ أَوْدِيَةِ مَكَّةَ، دَخَلَ

»، فَذَكَرَ نحْوَ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَزَادَ فِيهِ: قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَنْ هَؤُلَاءِ؟» قُلْتُ: لَا، هَا اللهِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم:«هَؤُلَاءِ جِنُّ نُصَيْبِينَ أَوِ الْمَوْصِلِ -يَشُكُّ سَعْدٌ- جَاءُوا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا، لَنَا الْحَيَوَانُ وَلَهُمُ الرّمَّةُ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف لانقطاعه.

[اللغة]:

الرّمة: العظام البالية.

[التخريج]:

[مكة (3/ 23)]

[السند]:

رواه الفاكهي في (أخبار مكة) قال: حدثنا الزُّبَيْرُ بن أبي بكر، قال: ثنا أبو ضَمْرَةَ، عن سعد بن إسحاق بن كعب، عن محمد بن كعب القُرَظِيِّ، عن ابن مسعود، به.

[التحقيق]:

إسناده ضعيف، رجاله كلهم ثقات، إلا أنه منقطع، فمحمد بن كعب القرظي، قال فيه يعقوب بن شيبة:"ولد في آخر خلافة علي بن أبي طالب في سنة أربعين، ولم يسمع من العباس، توفي العباس في خلافة عثمان"(تهذيب الكمال 26/ 344).

ص: 624

وعلى هذا فهو منقطع بين القرظي وبين ابن مسعود المتوفي سنة (32، أو 33 هـ)، أي قبل أَنْ يولد القرظي بثماني سنوات! .

ومع ذلك مرّض الحافظ ابن حجر القولَ بعدم السماع، فقال في ترجمة القرظي:"روى عن العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وعمرو بن العاص وأبي ذر وأبي الدرداء، يقال: إن الجميع مرسل"(تهذيب التهذيب 9/ 420، 421).

هكذا بصيغة التمريض، مع أَنَّ ابن حجر نفسه قد اعتمد في (التقريب) قولَ يعقوب، فقال في ترجمة القرظي:"ولد سنة أربعين على الصحيح، ووهم من قال: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال البخاري: إن أباه كان ممن لم ينبت من سبي قريظة، مات محمد سنة عشرين، وقيل قبل ذلك"(التقريب 6257).

فلعله تبع في (التهذيب) ما في أصله وهو (تهذيب الكمال 26/ 341)، حيث ذكره المزي فيه بصيغة التمريض أيضًا، وسبب ذلك أَنَّ الضحاك بن عثمان، روى عن أيوب بن موسى قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: سمعت عبد الله بن مسعود، وساق حديثًا قد خرجه الترمذي (3131)، ثم قال:"هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، سمعت قُتَيْبَة بن سعيد، يقول: بلغني أَنَّ محمد بن كعب القرظي وُلِدَ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم"اهـ.

وقال أبو داود: "سمع من على ومعاوية وعبد الله بن مسعود"(تهذيب التهذيب 9/ 421).

قال العلائي: "وهذا هو الصحيح"! ، واحتج له بحديث الضحاك، وقول

ص: 625

قُتَيْبَة (جامع التحصيل 707)، وتبعه الألباني في (الصحيحة 7/ 974/الحديث رقم: 3327).

قلنا: فأما قول قُتَيْبَة، فقال عنه الذهبي:"هذا قول منقطع، شَاذٌّ"، وقال أيضًا:" لم يصح ذلك"(السير 5/ 65، 67).

وقال ابن حجر: "وما تقدم نقله عن قُتَيْبَة من أنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لا حقيقة له، وإنما الذي ولد في عهده هو أبوه، فقد ذكروا أنه كان من سبي قريظة ممن لم يحتلم ولم ينبت، فخلوا سبيله"(تهذيب التهذيب 9/ 422).

وأما حديث الضحاك، فقد رواه البخاري في ترجمة القرظي، ثم قال: عقبه: "لا أدري حفظه أم لا"(التاريخ الكبير 1/ 216)، وهذا -والله أعلم- تشكيك في السماع المذكور في الحديث، ولذا لم يعتمده البخاري، حيث قال في أول الترجمة:"سمع ابن عباس، وزيد بن أرقم"، فلو كان السماع عنده ثابتا، لكان أولى بالذكر، لتقدم موت ابن مسعود.

والظاهر أَنَّ الوهم فيه من قبل الضحاك بن عثمان، فإنه وإن وثقه ابن معين وغيره، غير أنه متكلم فيه، قال يعقوب بن شيبة:"صدوق في حديثه ضعف"، وليّنه يحيى القطان، وقال أبو زرعة:"ليس بقوي"، وقال أبو حاتم:"يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وقال ابن عبد البر:"كان كثير الخطأ، ليس بحجة"(تهذيب التهذيب 4/ 447).

على أنه قد جاء الحديث عنه من طريق آخر بالعنعنة كما في (شعب الإيمان 1831)، و (الحجة في بيان المحجة 147)، وعلى كلِّ حالٍ فالفارق الكبير بين تاريخ ميلاد القرظي وتاريخ وفاة ابن مسعود، يقطع النزاع، ويؤكد أَنَّ السماع الوارد في حديث الضحاك وهم من أحد رواته.

ص: 626

فإن قيل: هناك اختلاف في تاريخ ميلاد القرظي بناء على اختلافهم في تاريخ وفاته وعمره، فمنهم من قال: مات سنة (108 هـ)، وقيل: مات سنة (117 هـ)، وقيل: سنة (118 هـ)، وقيل: سنة (119 هـ)، وقيل: سنة (120 هـ)، وقيل:(129 هـ). فأما سنه يوم مات، فقيل: مات وعمره (78) سنة، وقيل: مات وعمره ثمانون سنة.

فالجواب: كما قال المعلمي اليماني: "الاختلاف في ذلك في الجملة، لا يبيح إلغاء الجميع جملة، بل يؤخذ بما لا مخالف له، وينظر في المتخالفين، فيؤخذ بأرجحهما، فإن لم يظهر الرجحان، أخذ بما اتفقا عليه"(التنكيل 1/ 176).

وبالنظر في الخلاف المذكور آنفًا، نجد أَنَّ القول بأن القرظي مات سنة (129 هـ)، هو وهم من قائله كما جزم به المزي في (التهذيب 26/ 347)، وأما ما سوى ذلك:

فأبعد ما ذكر من تاريخ وفاته (120)، مع أكثر ما ذكر من عمره يوم مات (80 سنة)، يقتضي أنه ولد سنة (40 هـ) كما رجحه ابن حجر.

وأقرب ما ذكر من تاريخ وفاته (108)، مع أقل ما ذكر من عمره يوم مات (78 سنة)، يقتضي أنه ولد سنة (30 هـ).

وأقرب ما ذكر من تاريخ وفاته (108)، مع أكثر ما ذكر من عمره يوم مات (80 سنة)، يقتضي أنه ولد سنة (28 هـ).

إذن، فهناك اتفاق بين هذه التواريخ على أنه لم يكن موجودًا قبل سنة (28 هـ)، وعلى فرض أَنَّ هذا هو تاريخ ميلاده، فيكون عمره يوم أَنْ مات ابن مسعود أربع أو خمس سنوات! ، فكيف سمع منه؟ ! .

ص: 627

ويؤيد القول بعدم سماع محمد بن كعب من ابن مسعود عدة أمور - سوى ما سبق -:

أولا: أنه قد روى لابن مسعود حديثًا آخر بالواسطة، رواه أحمد (4385) من طريق ابن إسحاق، حدثنا محمد بن كعب القرظي، عمن حدثه عن عبد الله بن مسعود.

ثانيا: أَنَّ يعقوب بن شَيْبَة قد نفى سماعه من العباس، كما أنكر أحمد بن حنبل سماعه من علي بن أبي طالب كما في (العلل 1236).

ووفاة العباس سنة (32 هـ) أو بعدها، ووفاة علي رضي الله عنه سنة (40 هـ)، فعدم سماعه من ابن مسعود الذي مات سنة (32 هـ) أولى.

ثالثا: أَنَّ محمد بن كعب يروي بالواسطة عن عمار بن ياسر (المسند 18321)، وعثمان بن عفان (المسند 528)، ووفاة عمار سنة (37 هـ)، ووفاة عثمان سنة (35 هـ)، وعثمان رضي الله عنه هو الخليفة الثالث، وكان يسكن المدينة كالقرظي، فلو أدركه القرظي، لكان حريصا على أَنْ يروي عنه ولو حديثًا واحدًا بلا واسطة، فلما لم نجد ذلك، دلّ على أنه لم يدركه، وهذا يعني عدم إدراكه لابن مسعود أيضًا.

ولذا قال الذهبي: "وَأَحْسِبُ روايته عن علي وذويه مرسلة"(التاريخ 7/ 251).

وقال أيضًا: "وهو يرسل كثيرًا، ويروي عمن لم يلقهم، فروى عن أبي ذر، وأبي الدرداء، وعلي، والعباس، وابن مسعود، وسلمان، وعمرو بن العاص"(السير 5/ 66).

ولما أخرج الحاكم حديثه عن ابن مسعود رضي الله عنه، في سير النبي صلى الله عليه وسلم إلى

ص: 628

تبوك، وقوله في أبي ذر:"رَحِمَ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ يمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ"، صححه، فتعقبه الذهبي بقوله:"فيه إرسال"(المستدرك مع التلخيص 3/ 51)، وأقره ابن الملقن في (مختصر التلخيص 478).

وقال ابن حجر في ترجمة محمد بن كعب: "وجاءت عنه رواية عن ابن مسعود، واستبعدها ابن عساكر"(الإصابة 8542).

وبقية رجال الإسناد ثقات، الزُّبَيْرُ بن أبي بكر: هو الزبير بن بكار العلامة النسابة، روى له ابن ماجة، وأبو ضَمْرَةَ: هو أنس بن عياض، روى له الجماعة، وسعد: هو ابن إسحاق بن كعب بن عجرة القضاعي، روى له أصحاب السنن.

* * *

ص: 629

رِوَايَةُ: لَكُمُ الرَّجِيعُ:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْهِجْرَةِ إِلَى نَوَاحِي مَكَّةَ فَخَطَّ لِي خَطًّا وَقَالَ: «لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى آتِيَكَ» ، ثُمَّ قَالَ:«لَا يَرُوعَنَّكَ، وَلَا يَهُولَنَّكَ شَيْءٌ تَرَاهُ» ، قَالَ: فَتَقَدَّمَ شَيْئًا ثُمَّ جَلَسَ، فَإِذَا رِجَالٌ سُودٌ كَأَنَّهُمْ رِجَالٌ الزُّطِّ، قَالَ: وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل: {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19]، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ فَأَذُبَّ عَنْهُ بَالِغًا مَا بَلَغْتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ عَهْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَكَثْتُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ شُقَّتَنَا بَعِيدَةٌ وَنَحْنُ مُنْطَلِقُونَ فَزَوِّدْنَا، فَقَالَ:«لَكُمُ الرَّجِيعُ، وَمَا أَتَيْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عَظْمٍ فَلَكُمْ عَلَيْهِ لَحْمًا، وَمَا أَتَيْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الرَّوْثِ فَهُوَ لَكُمْ تَمْرًا» ، فَلَمَّا وَلَّوْا قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: «هَؤُلَاءِ جِنُّ نُصَيْبِينَ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف، وابن مسعود لم يشهد ليلة الجن، وسؤال الجن للزاد قد ثبت في غير هذا السياق.

[التخريج]:

[طب (10/ 66/ 9968)]

[السند]:

رواه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا داهر بن نوح، ثنا أبو همام محمد بن الزِّبْرِقَانِ، عن موسى بن عُبيدة، أخبرني سعيد بن الحارث (بن)

(1)

أبي الْمُعَلَّى، عن عبد الله بن مسعود، به.

(1)

- تحرف في المطبوع إلى: "عَنْ"! ونقله ابن الملقن على الصواب (البدر المنير 2/ 356).

ص: 630

[التحقيق]:

إسناده ضعيف، فيه: مُوسَى بن عُبيدة، وهو الربذي، ضعفه عامة النقاد، واعتمده الحافظ في (التقريب 6989).

وبقية رجاله موثقون، إِلَّا أَنَّ داهر بن نوح الأهوازي قال فيه الدارقطني مرة:"لا بأس به"(سؤالات البرقاني 144)، وقال مرة أخرى:"ليس بقوي في الحديث"، وذَكَره ابن حِبَّان في (الثقات) وقال:"ربما أخطأ"، وقال ابن القطان:"لا يعرف"(اللسان 3003).

وانظر: بقية روايات الحديث.

[تنبيه]:

هذه الرواية علقها ابن سيد الناس في (عيون الأثر 1/ 158)، وعزاها السيوطي في (الخصائص 1/ 231) لأبي نعيم، ولم نجدها في المطبوع من كتابه (الدلائل) ولا غيره.

* * *

ص: 631

889 -

حَدِيثُ أَبِي عُثْمَانَ بْنِ سَنَّةَ الْخُزَاعِيِّ:

◼ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ بْنِ سَنَّةَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوِهِ.

[الحكم]:

صحيح المتن بما تقدم، وإسناده ضعيف.

[التخريج]:

[صمند (إصا 12/ 501 - 502)].

[السند]:

رواه ابن مَنْدَهْ من طريق الربيع بن سليمان، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي عثمان، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد، فيه ثلاث علل:

الأولى، والثانية: أبو عثمان بن سَنَّةَ الخزاعي، وهو تابعي مجهول كما تقدم، وقد عدّه بعضهم في الصحابة بهذه الرواية، وهو قول مرجوح رده ابن أبي عاصم وأبو نعيم وابن الأثير وابن حجر وغيرهم، انظر:(أسد الغابة 6/ 205)، (الإصابة 12/ 502).

فهو مجهول وحديثه مرسل.

الثالثة: المخالفة؛ فقد خولف الربيع بن سليمان؛ خالفه أصحاب ابن وهب - وهم: يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عمرو بن السرح وابن عبد الحكم وبحر بن نصر وحرملة -؛ فَرَوَوْه عن ابن وهب، به موصولًا من مسند ابن مسعود، كما تقدم، وهذا هو المشهور في هذا الحديث.

قال أبو نعيم: "ذكره المتأخر - يعني ابن مَنْدَهْ - من حديث الربيع، عن

ص: 632

ابن وهب منقطعًا من دون ابن مسعود، وقال مرة: عن ابن مسعود، وهو المشهور، ورواه الليث، وغيره، عن يونس" (معرفة الصحابة 5/ 2971). وجزم بإرساله في صدر الترجمة.

* * *

ص: 633

890 -

حَدِيثٌ آخَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:"خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ لَهُ، فَقَالَ: «ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَسْتَنْجِي بِهِ، وَلَا تُقْرِبْنِي حَائِلًا، وَلَا رَجِيعًا»، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَحَنَي، ثُمَّ طَبَّقَ يَدَيْهِ حِينَ رَكَعَ وَجَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ".

• وَفِي رِوَايَةٍ 1، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ أَوِ لِحَاجَةٍ، فَقَالَ:«ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَلَا تَأْتِنِي بِحَائِلٍ وَلَا جُثَّةٍ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ 2، قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْخَلَاءَ، فَقَالَ:«لَا تَأْتِنِي بِحَائِلٍ وَلَا رَجِيعٍ» ، فَأَتَيْتُهُ بِمِدْرَانِ أَوْ ثَلَاثِ مُدَرٍ، فَاسْتَنْجَى بِهِنَّ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ.

[الحكم]:

إسنادُه ضعيفٌ بهذا اللفظ؛ وضعفه البيهقي والإشبيلي ومغلطاي. والنهي عن العظم والرجيع صحيح كما تقدم.

قال الخطابي: "الحائل: المتغَيِّر من البِلَى وكلُّ مُتغيِّر اللّونِ حائِل يقال: حال لَونُه يَحولُ إذا تَغَيَّر فإذا أردتَ أنه قد أَتَى عَلَى الشيء حَولٌ كامِلٌ قلت قد أَحالَ الشيءُ ويقال: دارٌ مُحِيلَة إذا لم تُسكَن حولًا وربما رُدّ إلى الأصل فِقيلَ أَحولَ فهو مُحِول"(غريب الحديث 1/ 239).

[التخريج]:

[حم 4053 "اللفظ له" / ش 1662 / مش 421 / عل 4978، 5184، 5275 / بز 1645 "والرواية الأولى له" / طب 9958، 9959 / منذ 317 / عد (3/ 82) / علقط (2/ 268 - 269)"والرواية الثانية له"

ص: 634

/ هق 532].

[السند]:

رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 1662) و (المسند 421) - ومن طريق أبو يعلى (4978)، والبيهقي -: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان.

وأحمد (4053) عن ابن فضيل.

والبزار (1645)، وأبو يعلى (5184) من طريق جرير بن عبد الحميد.

والطبراني في (الكبير 9959) من طريق جعفر بن الحارث.

وابن المنذر في (الأوسط 317) من طريق يحيى بن أبي بكير. ورواه الطبراني في (الكبير 9958) من طريق معاوية بن عمرو. والدارقطني في (العلل 2/ 269) من طريق شعيب بن أيوب عن حسين بن علي الجعفي، ثلاثتهم: عن زائدة.

كلهم: عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله، به.

ورواه أبو يعلى (5275) عن عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي عن حسين بن علي، عن زائدة، عن ليث، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله، به.

وهذا خطأ من عبد الله بن عمر، فقد خالفه شعيب بن أيوب - كما في (العلل للدارقطني 2/ 269) - فرواه عن حسين بن علي الجعفي عن زائدة، كرواية الجماعة.

ورواه الدارقطني في (العلل 2/ 269) من طريق إبراهيم بن إسحاق

ص: 635

الحربي، حدثنا أبو غسان، حدثنا زُهَير، حدثني ليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، وعبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، به.

فمداره عندهم على ليث بن أبي سليم، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ لأجل ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، قال عنه الحافظ ابن حجر:"صدوق اختلط جدًّا ولم يتميز حديثه فترك"(التقريب 5685).

وبه أعله البيهقي في (السنن الكبرى 1/ 176)، وعبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 135)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 167).

لكن ما تقدم قبله: يشهد لمعناه.

* * *

ص: 636

891 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالَ: ذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا لِحَاجَتِهِ، وَقَالَ:«ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَسْتَنْجِي بِهِ، وَلَا تَقْرَبْنِي حَائِلًا وَلَا رَوَثًا وَلَا رَجِيعًا» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف؛ وضعفه ابن حجر، ومعناه صحيح كما تقدم.

[التخريج]:

[عسكر (صحابة- الإكمال لمغلطاي 7/ 410)].

[السند]:

قال أبو أحمد العسكري: ثنا عمرو بن عثمان (البري)

(1)

ثنا العباس بن محمد ثنا يونس بن محمد ثنا إبراهيم بن طهمان عن رجل عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله بن صفوان، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: عبد الله بن صفوان بن أمية، قال العلائي:"أدرك النبي صلى الله عليه وسلم واختلف في صحبته"(جامع التحصيل ص 213).

قلنا: أثبت ابن حبان صحبته، ثم ذكره مرة أخرى في التابعين، وذكره في التابعين أيضًا ابن سعد وابن خلفون وخليفة بن خياط، وقال ابن حجر:"ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم"(التقريب 3394)، وانظر:(الإكمال لمغلطاي 7/ 410)، (تهذيب التهذيب 5/ 266).

(1)

تحرف في المطبوع إلى: "المزني"،

ص: 637

قلنا: الراجح أنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وإن ولد في زمان النبوة؛ لذلك ذكره الحافظ ابن حجر في القسم الثاني من حرف العين في معرفة من لم يره صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يرد أنه سمع منه صلى الله عليه وآله وسلم لصغره، وانظر:(الإصابة 8/ 5، 19).

الثانية: إبهام الراوي عن عبد الرحمن بن الأسود.

الثالثة: عمرو بن عثمان البري القاضي، ترجم له أبو الشيخ في (طبقات أصبهان 4/ 239) وقال: كثير الحديث، وتابعه أبو نعيم في (أخبار أصبهان 2/ 33)، وترجم له أيضًا الخطيب في (تاريخ بغداد 14/ 141)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وقد خولف في إسناده؛ فرواه الثقات عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، به، كما تقدم.

ورواه الثقات أيضًا عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، بنحوه. وقد تقدم أيضًا.

قال ابن حجر- بعد ذكره لهذا الحديث في ترجمة عبد الله بن صفوان-: "الذي يظهر أنه وقع في تسمية أَبيه خطأ؛ فإن الحديث من هذا الوجه معروف بابن مسعود، أخرجه البخاري وغيره من رواية زهير بن معاوية وشريك وغيرهما عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن أبي مسعود، إِلَّا أنه يحتمل التعدُّد على بُعْدٍ"(الإصابة 6/ 213).

وقال أيضًا: "أخرج له العسكرى حديثين مسندين، لكن إسناد كل منهما فيه نظر"(تهذيب التهذيب 5/ 266).

* * *

ص: 638

892 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَتْهُ وُفُودُ الْجِنِّ مِنَ الْجَزِيرَةِ، فَأَقَامُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ (ما) بَدَا لَهُمْ، فَأَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُزَوِّدَهُمْ، فَقَالَ: ((مَا عِنْدِي مَا أُزَوِّدُكُمْ بِهِ، وَلَكِنِ ادْنُوا لِكُلِّ عَظْمٍ مَرَرْتُمْ بِهِ، فَهُوَ لَكُمْ لَحْمٌ عَرِيضٌ

(1)

، وَكُلُّ رَوْثٍ مَرَرْتُمْ بِهِ فَهُوَ لَكُمْ ثَمَرٌ، فَلِذَلِكَ نَهَى أَنْ يُتَمَسَّحَ بِالْبَعْرِ (بِالرَّوَثِ) وَالرِّمَّةِ)).

[الحكم]:

إسنادُه ضعيفٌ، وضعفه البوصيري.

[اللغة]:

قوله "لحم غريض"؛ أي طري (تاج العروس 18/ 452).

[التخريج]:

[عل (مط 51) "واللفظ له"، (خيرة 459) / آجر (ثمانون 51) "والروايتان له" / نبص (خصائص 2/ 49)].

[السند]:

رواه أبو يعلى الموصلي في (مسنده): عن محمد بن إسحاق المسيبي عن عبد الله بن نافع الصائغ، عن عبد الله بن نافع - مولى ابن عمر -، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، به.

ورواه الآجري في (جزء فيه ثمانون حديثًا): من طريق عبد الله بن حمزة الزبيري، عن عبد الله بن نافع الصائغ، به.

(1)

كذا عند أبي يعلى - كما في (المطالب)، و (الإتحاف) - بالعين المهملة، وجاء عند الآجري (غريض) بالغين المعجمة.

ص: 639

[التحقيق]:

وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير عبد اللَّه بن نافع مولى ابن عمر؛ وهو منكر الحديث كما قال البخاري وأبو حاتم وأبو أحمد الحاكم، وقال النسائي والدارقطني:"متروك"، وضعفه ابن معين وابن سعد وابن عدي وابن حبان، وكذا ابن حجر في (التقريب 3661)، وانظر:(تهذيب التهذيب 6/ 53).

وبه أعل البوصيري الحديثَ في (إتحاف الخيرة 1/ 284).

[تنبيه]:

ذكره السيوطي في (جمع الجوامع 7/ 676) - وتبعه صاحب (كنز العمال 6/ 144) -، وعزاه لأبي يعلى، ولكن قال:"عن ابن مسعود".

وهذا وهمٌ؛ وسببه أنه جاء في بعض نسخ أبي يعلى (عن عبد الله) مهملًا، فظنه ابن مسعود، لاسيما وحديث الجن مشهور بعبد الله بن مسعود، والصواب أنه (ابن عمر)؛ لعدة أمور:

الأول: أنه جاء مميزًا في بعض نسح مسند أبي يعلى، كما نص عليه محققو (المطالب العالية 2/ 194/ حاشية 5).

الثاني: أنه جاء منصوصًا عليه في إسناد الآجري.

الثالث: أن الحديث من طريق نافع مولى ابن عمر، وهو معروف بالرواية عن مولاه عبد الله بن عمر، وليس لنافع رواية عن ابن مسعود؛ بل ولا يدركه، فبين وفاتيهما قريبًا من تسعين سنة، والله أعلم.

وقد ذكره السيوطي في (الخصائص الكبرى 2/ 49) وعزاه لأبي نعيم، من حديث ابن عمر.

* * *

ص: 640

893 -

حَدِيثُ الزُّبَيرِ بنِ العوَّامِ:

◼ عنِ الزُّبَيرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبحِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:«أَيُّكُمْ يَتْبَعُنِي إِلى وَفْدِ الجِنِّ اللَّيْلَةَ» ، فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ؛ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، - قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا - فَمَرَّ بِي يَمْشِي، فَأَخَذَ بِيَدِي فجَعَلْتُ أَمْشِي مَعَهُ حَتَّى خَنَسَتْ عَنَّا جِبَالُ الْمَدِينَةِ كُلُّها، وَأَفْضَيْنا إِلَى أَرْضِ بَرَازٍ، فإِذا رجالٌ طِوالٌ كَأَنَّهم الرِّماحُ، مُسْتَذْفِري ثِيابِهمْ مِنْ بَيْنِ أَرْجُلِهِمْ، فلمَّا رَأَيْتُهُمْ غَشِيَتْنِي رِعْدَةٌ شَديدَةٌ، حَتَّى مَا تُمْسِكُنِي رِجْلايَ مِنَ الْفَرَقِ، فَلَمَّا دَنَوْنا مِنْهُمْ خَطَّ لِي رَسُولُ اللهِ بِإِبْهَامِ رِجْلِهِ فِي الْأَرْضِ خَطًّا، فَقَالَ لِي:«اقْعُدْ فِي وَسَطِهِ» ، فلمَّا جَلَسْتُ ذهَبَ عَنِّي كلُّ شيءٍ كنتُ أَجِدُهُ مِنْ رِيبَةٍ، وَمَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وبَيْنَهمْ فَتلا قُرْآنًا رَفِيعًا حتَّى طَلعَ الفَجْرُ، ثمَّ أَقْبَلَ حتَّى مَرَّ بي، فَقَالَ لي:«الْحَقْ» ، فَجَعَلْتُ أَمْشِي مَعَهُ فَمَضَيْنَا غَيْرَ بَعِيْدٍ، فَقَالَ لِي:«التَفِتْ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى حَيْثُ كَانَ أُولئِكَ مِنْ أَحَدٍ؟ » . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى سَوَادًا كَثِيرًا، فخَفَضَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ إِلَى الأَرْضِ فَنَظَمَ عَظْمًا برَوْثَةٍ، ثمَّ رَمى بِهِ إِليْهِمْ، ثمَّ قالَ:«رَشَدَ أُولئِكَ مِن وَفْدِ قَومٍ؛ هُمْ وَفْدُ نَصِيبِينَ سَأَلُونِي الزَّادَ، فَجَعَلْتُ لَهمْ كُلَّ عَظْمٍ ورَوْثَةٍ» . قَالَ الزُّبَيرُ: «فَلَا يَحِلُّ لَأَحَدٍ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِعَظْمٍ، وَلا رَوْثةٍ أَبَدًا» .

[الحكم]:

منكر بهذا السياق؛ واستغربه ابن كثير، وضعفه ابن حجر.

[اللغة]:

خنست: تأخرت (لسان العرب 6/ 71)

أرض براز: منكشف (لسان 5/ 178).

ص: 641

مستذفري، وقيل مستثفرين: هو أَنْ يدخل الرجل الثوب بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه. (النهاية 1/ 214)

[التخريج]:

[طب (1/ 125/251) "اللفظ له" / طش 1241، 2005، 2924 "مختصرًا" / تفسير جه (كما 23/ 540) / فة (1/ 278) / شا 53 / سعا 1395 "مختصرًا" / حكيم (منهيات ص 42 - 43) / عيل 391 / نبص (139 طبعة الجامعة الإسلامية)، (كثير 7/ 300)، (خصائص 2/ 49) / ضح (251 - 252) / كما (23/ 540 - 541)].

[التحقيق]:

مدار هذا الحديث على قحافة بن ربيعة عن الزبير بن العوام، وقد رُوِي عن قحافة من طريقين:

الأول:

أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 251)، وفي (مسند الشاميين 2924) - ومن طريقه أبو نعيم في (الدلائل 139)، والمزي في (تهذيب الكمال 23/ 540 - 541) - عن أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي.

وأخرجه الخطيب في (الموضح 2/ 251) من طريق عبد الله بن يحيى الغساني.

وأخرجه ابن أبي عاصم في (السنة 1395).

ثلاثتهم- ابن أبي عاصم، وأحمد بن عبد الوهاب، والغساني- عن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي.

ص: 642

وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في (المعرفة والتاريخ 1/ 278) عن عبد السلام بن محمد الحمصي

(1)

.

وأخرجه الحكيم الترمذي في (المنهيات ص 42) من طريق الربيع بن روح.

وأخرجه الإسماعيلي في (المعجم 391) من طريق سليمان بن سلمة.

جميعهم عن بقية بن الوليد- والإسناد لابن أبي عاصم-، حدثني نمير بن يزيد القيني

(2)

، حدثني أبي، حدثني قحافة بن ربيعة، أخبرني الزبير بن العوام، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: قحافة بن ربيعة: قال الحافظ: "مجهول"(التقريب 5524). وقال الذهبي: "لا يعرف، تفرد عنه نمير القيني"(الميزان 3/ 385).

الثانية: نُمَير بن يزيد القَيْني: قال الحافظ: "مجهول"(التقريب 7192).

الثالثة: أبو نمير يزيد القيني: لم نقف على أحد ترجم له غير ابن حبان في (الثقات 5/ 536) برواية ابنه فقط عنه؛ فهو مجهول أيضًا.

(1)

جاء هذا الإسناد في (المعرفة والتاريخ للفسوي) هكذا: "

سمعت قحافة بن ربيعة بن قحافة يحدث عن أبيه أنه سمع الزبير

"، وهو خطأ لأمور: الأول: لم يذكر أحد ممن ترجم لقحافة بن ربيعة أنه يروي عن أبيه. الثاني: لم يذكروا له جَدًّا بل ذكروه ياسمه واسم أبيه فقط، وانظر:(الثقات لابن حبان 5/ 327)، (تهذيب الكمال 23/ 540). الثالث: المعروف في هذا الحديث رواية نمير بن يزيد عن أبيه عن قحافة، وقيل نمير عن قحافة، وذلك كما في بقية مصادر الحديث.

(2)

تحرف عند عند الخطيب في (الموضح) إلى: "يحيى بن يزيد الليثي".

ص: 643

وقد رُوِيَ من طرق أخرى بإسقاطه، كما أخرجه الطبراني في (الشاميين 1241) من طريق عبد الوهاب الحوطي.

وأخرجه ابن ماجه في (التفسير) - كما في (تهذيب الكمال 23/ 540 - 542) - عن عبد الوهاب بن الضحاك.

وأخرجه الشاشي في (مسنده 53) من طريق سليمان بن سلمة.

ثلاثتهم عن بقية بن الوليد- والإسناد للطبراني-، حدثني نمير بن يزيد القيني، عن قحافة بن ربيعة، عن الزبير بن العوام، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه - إضافة إلى ما تقدم من علل - بقية بن الوليد، وهو وإن كان صدوقًا إِلَّا أنه يدلس تدليس التسوية، فإِنْ كان صرَّح بالسماع بينه وبين شيخه، فلم يصرح به بين شيخه وشيخ شيخه، كما في جميع طرقه التي رُوِي فيها الحديث بإسقاط يزيد القيني؛ فلعلّ بقية بن الوليد دلسه فأسقطه، ومما يدل على ذلك أنه لم يسقطه لما صرح بالسماع بين شيخه نمير بن يزيد، وأبيه يزيد كما سبق، والله أعلم.

الطريق الثاني:

أخرجه الطبراني في (الشاميين 2005)، قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى الحضرمي، ثنا محمد بن أيوب بن عافية، ثنا جدي، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي عامر الألهاني، عن قحافة بن ربيعة، قال: سمعت الزبير بن العوام

فذكره مختصرًا.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا فيه علل:

الأولى: جهالة قحافة بن ربيعة كما تقدم.

ص: 644

الثانية: أحمد بن أبي يحيى الحضرمي، ليَّنَه أبو سعيد ابن يونس كما في (لسان الميزان 1/ 691).

الثالثة: محمد بن أيوب بن عافية، لم نقف له على ترجمة.

الرابعة: جده عافية بن أيوب، وهو مختلف فيه؛ فقال أبو زرعة:"ليس به بأس"، وقال ابن عبد الهادي:"لا نعلم أحدًا تكلم فيه"، وقال المنذري:"لم يبلغني فيه ما يوجب تضعيفه"، وقال الذهبي:"ما هو بحجة، وفيه جهالة"(لسان الميزان 4/ 375).

وقد ضعف إسناد هذا الحديث ابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 194)، والصنعاني- إِلَّا أنه قواه بغيره من أحاديث الباب- في (سبل السلام 1/ 119)، والشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 127).

وعلى الرغم من علل إسناده فقد حسنه الهيثمي في (المجمع 1038).

ومع ضعف إسناده ففي متنه نكارة، وذلك لمخالفته لما تقدم في الصحيح عن ابن مسعود أنه لم يحضر أحد منهم ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم.

ولعله من أجل ذلك استغرب ابن كثير هذا الحديث في (التفسير 7/ 300).

لكن النهي عن الاستنجاء بالروث والعظام صحيح؛ يشهد له ما تقدم.

* * *

ص: 645

894 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ جِلْدٍ» .

[الحكم]:

صحيح المتن دون قوله: «أو جلد» فمنكر، وإسناده فضعيفٌ، وضعفه الدارقطني وعبد الحق الإشبيلي وابن القطان والنووي وابن دقيق العيد والزيلعي والعراقي وابن الملقن وابن حجر والعيني.

[التخريج]:

[طح (1/ 123) 748 "واللفظ له" / قط 151 / هق 541].

[السند]:

قال الطحاوي: حدثنا يونس قال: أخبرني ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن موسى بن أبي إسحاق الأنصاري عن عبد الله بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.

ورواه الدارقطني - ومن طريقه البيهقي -: من طريق أبي الطاهر بن السرح وعمرو بن سواد، عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف، فيه علتان:

الأولى: موسى بن أبي إسحاق الأنصاري: ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 7/ 280)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/ 135) ولم يذكرا راويًا عنه سوى عمرو بن الحارث وحده، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 450) على قاعدته في توثيق

ص: 646

المجاهيل؛ ولذا قال ابن القطان الفاسي: "مجهول الحال"، وبه أعل الحديث في (الوهم والإيهام 3/ 307، 5/ 659)، وانظر:(لسان الميزان 8/ 190).

وبه أعله أيضًا: ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 562).

الثانية: عبد الله بن عبد الرحمن: وهو مجهول أيضًا؛ كما قال الدارقطني، وابن القطان، وأَعَلَّا الحديثَ به؛ فقال الدارقطني (عقب الحديث):"هذا إسناد غير ثابت أيضًا؛ [عبد اللَّه بن عبد الرحمن مجهول] "

(1)

.

وقال ابن القطان (عقبه أيضًا): "وعلته هي الجهل بحال موسى بن أبي إسحاق

، وعبد الله بن عبد الرحمن أيضًا مجهول" (بيان الوهم والإيهام 3/ 307 - 308).

وتبعهما على ذلك: ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 562)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 220)، والعراقي في (ذيل ميزان الاعتدال ص 135، 196)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 354)، وابن حجر في (لسان

(1)

ما بين المعقوفين غير موجود في طبعة الرسالة، وهو مثبت في (طبعة دار المعرفة 1/ 56) وغيرها، وقد نَقله عن الدارقطني أيضًا: الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص: 9)، وابن حجر في (لسان الميزان 4/ 513 - 514)، والعيني في (رجال معاني الآثار 2/ 106)، وفي (نخب الأفكار 2/ 515). وكأن قول الدارقطني بتجهيل عبد الله بن عبد الرحمن، لم يقع أيضًا في نسخة ابن القطان، ولذا قال - متعقبا عبد الحق في اقتصاره على قوله:"لا يصح ذكر الجلد" -: "لم يزد على هذا، وإنما تبع في ذلك الدارقطني، فإنه قال: إسناده غير ثابت، ولم يبين موضع علته أيضًا"(بيان الوهم والإيهام 3/ 307).

ص: 647

الميزان 4/ 513 - 514)، والعيني في (نخب الأفكار 2/ 515).

والحديث أيضًا: ضعفه النووي في (الخلاصة 1/ 166).

ولكن يشهد لمتن الحديث ما تقدم، دون لفظة «الجلد» ؛ فلم نقف لها على شاهد، وعليه فهي لفظة منكرة.

ولذا قال عبد الحق الاشبيلي - عقبه -: "لا يصح ذكر الجلد"

(1)

(الأحكام الوسطى 1/ 134).

[تنبيهان]:

الأول: ذكر ابن حبان في (الثقات) في ترجمة موسى بن أبي إسحاق أنه روى عن أبي طوالة، وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن حزم الأنصاري، وهو ثقة من رجال الشيخين كما قال الحافظ في (التقريب 3435)، وذكر في (التهذيب 5/ 297) أنه لا يعرف في المحدثين من يكنى أبا طوالة سواه.

قلنا: وفي قول ابن حبان بأن عبد الله بن عبد الرحمن هو أبو طوالة؛ نظر؛ وذلك لأمور:

أولا: لم يميزه البخاري ولا ابن أبي حاتم بذلك لما ترجموا لموسى بن أبي إسحاق، وذكروه بهذا الحديث وباسمه الذي جاء في أسانيده، وتبعهم على ذلك العراقي في (ذيل الميزان ص 196) والعيني في (رجال معاني الآثار 2/ 106)؛ فكأنه غير معروف عندهم.

(1)

ونسب هذا القول للدارقطني: الزيلعي في (نصب الراية 1/ 220)، وتبعه الحافظ في (التلخيص الحبير 1/ 194)، و (الدراية 1/ 97)، ويظهر أَنَّ ذلك سبق قلم من الزيلعي تبعه عليه الحافظ، وإلا فهذا قول الإشبيلي فحسب، أما قول الدارقطني عقب الحديث، فهو ما نقلناه عنه آنفًا، ونقله عنه كثير من الحفاظ.

ص: 648

ثانيا: حكم عليه الدارقطني بالجهالة كما تقدم، مع توثيقه لأبي طوالة كما في (التهذيب 5/ 297)؛ مما يدل على أَنَّ هذا غير ذاك.

ثالثا: فرق بينهما ابن حجر في (لسان الميزان 4/ 513 - 514)، والعيني في (رجال معاني الآثار 2/ 105 - 106)؛ فأفرد العيني لكل واحد منهما ترجمة، وأما الحافظ ابن حجر فتعقب ابن حبان في الجمع بينهما؛ فقال: "عبد الله بن عبد الرحمن، عن رجل من الصحابة في الاستنجاء

قال الدارقطني: مجهول، وزعم ابن حبان في ترجمة موسى من كتاب (الثقات) أنه أبو طوالة"

(1)

.

الثاني: ذكر الزيلعي أَنَّ ابن القطان الفاسي أعلّ هذا الحديثَ بعلة ثالثة وهي الإرسال؛ فقال: "حديث في النهي عن الاستنجاء بالجلد، أخرجه الدارقطني

، قال ابن القطان في كتابه: وعلته الجهل بحال موسى بن أبي إسحاق، قال: وذكره ابن أبي حاتم ولم يعرف من أمره بشيء فهو عنده مجهول، وعبد الله بن عبد الرحمن أيضًا مجهول، قال: وهو أيضًا مرسل؛ لأنه عمن لم يسم ممن يذكر عن نفسه أنه رأى أو سمع، وإن لم يشهد لأحدهم التابعي الراوي عنه بالصحبة، انتهى كلامه" (نصب الراية 1/ 220).

قلنا: وفيما نقله عن ابن القطان نظر؛ فابن القطان لم يُعَلّ هذا الحديث بالإرسال، وإنما ذكره احتجاجًا به على الإشبيلي الذي ردَّ بعض الأحاديث بالإرسال؛ لأن صحابِيَّها لم يُسَمَّ، وقد تعقبه على ذلك؛ فقال: "قد عدّ علة

(1)

ثم جاء الحافظ في (الدراية في تخريج أحاديث الهداية 1/ 97)؛ ونقض ما غزله هنا، فذكر أَنَّ عبد الله بن عبد الرحمن هو أبو طوالة.

ص: 649

كون الحديث لم يسم صحابيه، بعد أَنْ شهد له التابعي بالصحبة، وهذا ليس بشيء، فإنه يصحح أمثال هذا دائبا، بل يصحح أحاديث رجال يقولون عن أنفسهم: إنهم رأوا أو سمعوا، وإن لم يشهد لأحدهم التابعي الراوي عنه بالصحبة

وإن أردت الوقوف على ما حكم له بالاتصال: مما هو عن صحابي لم يسم، فاعلم أنه ذكر حديث «النهي عن أَنْ يستطيب أحد بعظم، أو ورثة، أو جلد» ، وهو عن عبد الله بن عبد الرحمن عن رجل من بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنه لا يصح، ولم يرمه بالإرسال" (الوهم والإيهام 2/ 594 - 595).

هذا هو كلام ابن القطان بحرفه من كتابه، وليس فيه ما فهمه أو نقله الزيلعي، ومما يؤكد وَهْمُه أيضًا فيما نقل عنه، أَنَّ ابن القطان ذكر هذا الحديث في "بَاب ذكر أَحَادِيث ردّهَا بالانقطاع وَهِي مُتَّصِلَة"(الوهم والإيهام 2/ 569).

وأيضا لما ذكر الحديث في سرده لأحاديث الكتاب على نسق التصنيف لم يذكر سوى العلتين الّتَيْن أعللنا بهما الحديث؛ فقال: "وذكر حديث الاستنجاء بالجلد، ولم يبين علته، وهي الجهل بعبد الله بن عبد الرحمن، والرواي عنه موسى بن أبي إسحاق كذلك"(الوهم والإيهام 5/ 659).

* * *

ص: 650

895 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدٌ بعَظْمٍ، أَوْ رَوْثَةٍ، أَوْ حُمَمَةٍ» .

[الحكم]:

صحيح المتن بما تقدم، وإسناده ضعيفٌ، وضعفه الهيثمي.

[التخريج]:

[بز 3783 / طب (جامع 5/ 144)، (مجمع 1037) / مصر (ص 334)].

[السند]:

قال البزار: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني قال نا أبو الأسود قال أنا ابن لهيعة عن ابن المغيرة - يعني عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن - عن عبد الله بن الحارث بن جَزْءٍ، به.

ورواه ابن عبد الحكم في (فتوح مصر): عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبّار، به.

ورواه الطبراني في (الكبير) - كما في (جامع المسانيد) لابن كثير، و (مجمع الزوائد) -: من طريق ابن لهيعة، به.

[التحقيق]:

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه عبد اللَّه بن لهيعة، وهو ضعيف كما هو مشهور من حاله، وقد تقدم مرارًا.

وبه أعله الهيثمي؛ فقال: "رواه الطبراني في الكبير والبزار، وهذا لفظه، وفيه ابن لهيعة؛ وهو ضعيف"(مجمع الزوائد 1037).

أما متنه فيشهد له ما تقدم في الباب.

* * *

ص: 651

896 -

حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ:

◼ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الِاسْتِطَابَةِ؟ فَقَالَ: «بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ» .

[الحكم]:

صحيح المتن بشواهده، وإسناد ضعيف.

[التخريج]:

[د 41 "واللفظ له" / جه 315 / حم 21861، 2185621872، 21879 / مي 689/ ........ ]

سبق تخريجه وتحقيقه بروياته في باب: "الاستجمار بالحجارة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 652

897 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مَرَّ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ التَّغَوُّطِ؟ «فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَنَكَّبَ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَقْبِلَهَا، وَلا يَسْتَدْبِرَهَا، وَلَا يَسْتَقْبِلَ الرِّيحَ (أَنْ يَسْتَعْلِيَ

(1)

الرِّيحَ)، وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ حَثَيَاتٍ مِنَ تُرَابٍ».

[الحكم]:

إسنادُه ساقط بهذا السياق، وضعفه الدارقطني - وأقره البيهقي، والغساني، وابن دقيق، وابن الملقن -، وابن عدي - وأقره ابن القيسراني -، وعبد الحق الإشبيلي.

والنهي عن استقبال القبلة، والاستنجاء بثلاثة أحجار: ثابت من حديث سلمان وغيره، كما تقدم، أما النهي عن استقبال الريح، والاستنجاء بالأعواد والتراب: فلم يأت من طريق صحيح، فهو منكر.

[التخريج]:

[قط 154 "واللفظ له" / هق 544 "والرواية له ولغيره" / عد (10/ 10) / خلال (أمالي 87)]

سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ، وَاسْتِدْبارِها عِندَ قَضاءِ الحاجَةِ"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

(1)

تحرفت في طبعة دار الفكر من "الكامل" إلى: "يستفلي"، وهي على الصواب في طبعتي:(الرشد، والعلمية).

ص: 653

898 -

حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ:

◼ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ قَالَ: «أَنْتَ رَسُولِي إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، قُلْ [لَهُمْ]: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكُمْ بِثَلَاثٍ: لَا تَحْلِفُوا بِغَيْرِ اللَّهِ (لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ)، وَإِذَا تَخَلَّيْتُمْ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَا تَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ وَلَا بِبَعْرَةٍ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيفٌ جدًّا بهذا التمام، وضعفه أبو محمد الدارمي - وأقره ابن دقيق والمعلمي اليماني -، والهيثمي، والبوصيري، وابن حجر، والألباني. ولفقراته الثلاث شواهد في الصحيح.

[التخريج]:

[حم 15984 "واللفظ له" / مي 682، 690/ ك 5862 "والزيادة والرواية له ولغيره" / ........ ]

سبق تخريجه وتحقيقه بشواهده في باب: "النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 654

899 -

حَدِيثُ الْوَاقِدِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ مُحَمَّد بْن عُمَرَ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: " غَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالطَّائِفِ إِلَى أَنْ رَجَعَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَقَدِمَ مَكَّةَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَكَانَ قَدْ خَرَجَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ وَقَدِمَ عَلَيْهِ الْجِنُّ الْحَجُونَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ النُّبُوَّةِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَبَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ الْجِنُّ.

قَالَ: فَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ النَّفَرُ السَّبْعَةُ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ مِنْ بَطْنِ نَخْلَةَ وهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَالْأَرْدِيبَانُ وَالْأَحْقَبُ جَاءُوا قَوْمَهُمْ مُنْذِرِينَ فَخَرَجُوا وَافِدِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ فَانْتَهَوْا إِلَى الْحَجُونِ فَجَاءَ الْأَحْقَبُ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: إِنَّ قَوْمَنَا قَدْ حَضَرُوا الْحَجُونَ يَلْقَوْنَكَ فَوَاعَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ بِالْحَجُونِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ حَتَّى نَزَلُوا بِأَعْلَى مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لَا يَذْهَبْ مَعِي رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ غِلٍّ عَلَى أَحَدٍ» ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: فَتَنَاوَلْتُ إِدَاوَةً فِيهَا نَبِيذٌ.

قَالَ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ: خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْحَجُونِ خَطَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطًّا ثُمَّ قَالَ: «قِفْ هَاهُنَا حَتَّى أَرْجِعَ وَلَا تَخَفْ» وَمَضَى.

قَالُوا: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى جَبَلِهِمْ حِلَقًا حِلَقًا قَالَ: وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَغَيَّبَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَمْ يَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى

ص: 655

أَسْحَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ قَائِمٌ لَمْ يَجْلِسْ فَقَالَ لَهُ: «مَا زِلْتَ قَائِمًا؟ » . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قُلْتَ لِي: قِفْ هَاهُنَا فَمَا كُنْتُ أَجْلِسُ حَتَّى أَرَاكَ قَالَ: «هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ » قَالَ: رَأَيْتُ أَسْوِدَةً وَأَجْبِلَةً وَسَمِعْتُ لَغَطًا شَدِيدًا قَالَ: «هَؤُلَاءِ جِنُّ نَصِيبِينَ جَاءُوا إِلَيَّ فِي شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ» .

فَلَمَّا بَرَقَ الْفَجْرُ قَالَ: «هَلْ مَعَكَ مِنْ وُضُوءٍ لِلصَّلَاةِ؟ » قَالَ: قُلْتُ: مَعِي إِدَاوَةٌ فِيهَا نَبِيذٌ، قَالَ:«تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ» قَالَ: «اصْبُبْ عَلَيَّ» فَفَعَلْتُ ثُمَّ جَاءَهُ اثْنَانِ مِنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَمْ أَقْضِ حَاجَتَكُمَا؟ » قَالَا: بَلَى وَلَكِنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَكَ مِنَّا مُصَلٍّ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّيَا وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصُّبْحِ تَبَارَكَ الْمُلْكَ وَسُورَةَ الْجِنِّ فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصْغِي بِسَمْعِهِ، فَلَبِثَ سَاعَةً، قَالَ: فَمَا عَلَيَّ مَا سَمِعَا مِنَ الْقُرْآنِ وَسَأَلُونِي الزَّادَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ يَزُودُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«زَوَّدْتُهُمُ الرَّجِيعَ، وَلَا يَجِدُونَ عَظْمًا إِلَّا وَجَدُوهُ عِرْقًا وَلَا رَوْثَةً إِلَّا وَجَدُوهَا تَمْرَةً نَضْرَةً» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُفْسِدُهُ النَّاسُ عَلَيْنَا، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَنْجَى بِالْعَظْمِ وَالرَّجِيعِ.

[الحكم]:

إسناده واهٍ بمرّة.

[التخريج]:

[نبص (ص 365 - 366)].

سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "التطهر بالنبيذ"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 656

900 -

حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:

◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الاسْتِنْجَاءُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ، وَبِالتُّرَابِ إِذَا لَمْ يَجِدْ حِجَارَةً، ولا يُسْتَنْجِى بشَيْءٍ قَدِ اسْتُنْجِيَ بِهِ مَرَّةً» .

[الحكم]:

ضعيف جدًّا، وضعفه ابن عدي، والبيهقي، وابن طاهر القيسراني، والنووي، وابن دقيق.

[التخريج]:

[عد (1/ 464) (2/ 39) "واللفظ له"، (8/ 63) / هق 546، 547]

سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 657

901 -

حَدِيثُ قَتَادَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ وَابْنُ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ دَعَا الْجِنَّ، فَخَطَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ لَهُ:«لَا تَخْرُجْ مِنْهُ» ، ثُمَّ ذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْجِنِّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ:«هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ » قَالَ: سَمِعْتُ لَغَطًا شَدِيدًا، قَالَ:«إِنَّ الْجِنَّ تَدَارَأَتْ فِي قَتِيلٍ قُتِلَ بَيْنَهَا» ؛ فَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ:«كُلُّ عَظْمٍ لَكُمْ عَرْقٌ، وَكُلُّ رَوْثٍ لَكُمْ خَضِرَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُقَذِّرُهَا النَّاسُ عَلَيْنَا، فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَنْجَى بِأَحَدِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْكُوفَةَ رَأَى الزُّطَّ؛ وَهُمْ قَوْمٌ طُوَالٌ سُودٌ، فَأَفْزَعُوهُ، فَقَالَ: أَظَهَرُوا؟ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الزُّطِّ، فَقَالَ: مَا أَشْبَهَهُمْ بِالنَّفَرِ الَّذِينَ صُرِفُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، [يُرِيدُ الْجِنَّ].

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[تعب (2/ 218) "والزيادة له" / طبر (21/ 167) "واللفظ له" / ثعلب (2735)].

[السند]:

رواه عبد الرزاق - ومن طريقه الثعلبي في (التفسير) -، قال: أنا مَعْمَرٌ، عن قتادة، به.

ورواه الطبري، قال: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمَر، به.

ص: 658

[التحقيق]:

هذا إسناده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال؛ فقتادة تابعي صغير، ومراسيله واهية، كما قال يحيى القطان والذهبي، وقد تقدم بيان ذلك في باب:"ما رُوِي في قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} ".

الثانية: مَعْمَر بن راشد؛ وإن كان ثقة إِلَّا أَنَّ في روايته عن قتادة ضعف، قال الدارقطني:"مَعْمَر سيء الحفظ لحديث قتادة والأعمش"(العلل 12/ 221).

وقال يحيى بن معين: "قال مَعْمَر: جلستُ إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ أسانيده"(تاريخ ابن أبي خيثمة - السفر الثالث 1203).

وقال ابن معين أيضًا: "إذا حدثك مَعْمَر عن العراقيين فخَفْه؛ إِلَّا عن الزُّهْرِيِّ، وابن طاووس؛ فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئًا"(تاريخ ابن أبي خيثمة - السفر الثالث 1194).

قلنا: وقتادة بصري.

* * *

ص: 659

902 -

حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ الْمُشْرِكِينَ [عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] قَالُوا لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ: إِنَّا لَنَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ كَيْفَ تَأْتُونَ الْخَلَاءَ [اسْتِهْزَاءً بِهِمْ]، قَالُوا: أَجَلْ. قَالُوا: فَكَيْفَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَالُوا: «يَأْمُرُنَا أَلَّا نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِفُرُوجِنَا، وَلَا نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا، وَلَا بِرَجِيعٍ، وَلَا بِعَظْمٍ، وَأَلَّا نَسْتَنْجِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» .

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده مرسل.

[التخريج]:

[آثار 39 "واللفظ له" / شيباني 38].

سبق تخريجه وتحقيقه برواياته في باب: "النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

* * *

ص: 660

903 -

حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو (السَّيْبَانِيِّ): ((أَنَّ الجِنَّ لَمَّا وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، انْهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِالْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ وَالْحُمَمَةِ

(1)

، فَإِنَّ لَنَا فِيهَا مَنَافِعَ. قَالَ: فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ)).

[الحكم]:

صحيح المتن، وهذا مرسل إسناده ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[ضحة (ق 23/ ب)]

[السند]:

رواه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة في السنن)، قال: حدثني أبو الحسن الشامي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني

(2)

، به.

[التحقيق]:

هذا مرسل، وإسناده واهٍ؛ فيه: أبو الحسن الشامي، وهو إسماعيل بن مسلم السكوني، متروك يضع الحديث (سؤالات البرقاني للدارقطني 4).

وقد رواه الطبراني في (مسند الشاميين 872) من طريق بَقِيَّة عن الأَوْزَاعِيِّ عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْبَانِيِّ عن عبد الله بن الدَّيْلَمِيِّ عن عبد الله بن مسعود، قال: ((قَدِمَ وَفْدُ الجِنِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ

(1)

الحممة: الفحمة، جمع حمم. ينظر:(غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 523)، (النهاية في غريب الحديث 1/ 444).

(2)

كذا في الأصل، بالشين المعجمة، والمشهور بالسين المهملة.

ص: 661

انْهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَنَا فِيهِ رِزْقًا، فَنَهَى أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ)).

ورواه أبو داود (39) من طريق ابن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْبَانِيِّ، عن عبد الله بن الديلمي، عن عبد الله بن مسعود به، وقد سبق.

* * *

ص: 662

904 -

حَدِيثُ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ:

◼ عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا رُوَيْفِعُ! لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي؛ فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيءٌ» .

[الحكم]:

إسنادُه ضعيف.

[اللغة]:

قوله "تقلد وترا": كانوا يَزْعُمون أنّ التَّقَلُّد بالأوتارِ يَرُدُّ العَينَ ويَدْفَع عنهم المَكارِه فَنُهُوا عن ذلك (النهاية 5/ 149).

وأما قوله "عقد لحيته"؛ فقيل: هو معالجتها حتى تتعقد وتتجعد، وقيل: كانوا يعقدونها في الحروب فأمرهم بإرسالها، كانوا يفعلون ذلك تكبرًا وعجبًا. (النهاية 3/ 270)

[الفوائد]:

قال ابن دقيق العيد: (وقوله "من عقد لحيته"، قال صاحب الدلائل في غريب الحديث بعد ما روى الحديث عن موسى بن هارون: "هكذا في الحديث «من عقد لحيته» ، وصوابه والله أعلم: من عقد لحاء؛ من قولك: لحيت الشجر ولحوته إذا قشرته، وكانوا في الجاهلية يعقدون لحاء شجر الحرم، فيقلدونه من أعناقهم فيأمنوا بذلك؛ وهو قول الله عز وجل:{لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام} ؛ أما شعائر الله فحرم الله، وأما الهدي والقلائد فإن العرب كانوا يقلدون من لحاء الشجر- شجر مكة- فيقيم الرجل بمكة حتى إذا انقضت الأشهر الحرم

ص: 663

وأراد أَنْ يرجع إلى أهله قلد نفسه وناقته من لحاء الشجر فيأمن حتى يأتي أهله". وذكر صاحب الدلائل باقي الخبر، وما قاله أشبه بالصواب، لكن لم نره في رواية مما وقفنا عليه، والله عز وجل أعلم) (الإمام 2/ 561).

[التخريج]:

[ن 5111 / كن 9481 / حم 17000 / مش 736 / طح (1/ 123) 752 / مث 2196 / مصر (ص 310) / صبغ 1052 / غخطا (1/ 422) / بغ 2680 / دلائل (إمام 2/ 561) / فر (ملتقطة 1/ ق 87) / أسد (2/ 298)].

[التحقيق]:

انظر: الكلام عليه فيما يأتي.

ص: 664

رِوَايَةُ مُطَوَّلَةٌ:

• وَفِي رِوَايَةٍ مُطَوَّلَةٍ، عَنْ شَيْبَانَ الْقِتْبَانِيِّ، قَالَ: إِنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ مخلدٍ اسْتَعْمَلَ رُوَيْفِعَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى أَسْفَلِ الْأَرْضِ، قَالَ شَيْبَانُ: فَسِرْنَا مَعَهُ مِنْ كُومِ شَرِيكٍ إِلَى عَلْقَمَا، أَوْ مِنْ عَلْقَمَا إِلَى كُومِ شَرِيكٍ - يُرِيدُ عَلْقَامَ -، فَقَالَ رُوَيْفِعٌ: إِنْ كَانَ أَحَدُنَا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَأْخُذُ نِضْوَ أَخِيهِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِمَّا يَغْنَمُ وَلَنَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَطِيرُ لَهُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ وَلِلْآخَرِ الْقَدَحُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا رُوَيْفِعُ! لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا- صلى الله عليه وسلم مِنْهُ بَرِيءٌ» .

[الحكم]:

إسنادُه ضعيف.

[اللغة]:

قوله: "كوم علقام"، ويقال:"كوم علقماء"، هو موضع في أسفل مصر له ذكر في حديث رويفع، وأما "كوم شريك" فهو قرب الإسكندرية. (معجم البلدان 4/ 495).

و"النِضْو": الدابة التي أهْزَلَتْها الأسفارُ، وأذْهَبَت لَحْمَها. (النهاية 1/ 1052).

[التخريج]:

[د 36 "واللفظ له" / حم 16994 - 16996 / طب (5/ 28/ 4491) / مصر (ص 85، 310) / صبغ 1051 / هق 539 / صحا 2704 / كما (12/ 591 - 592)].

ص: 665

[التحقيق]:

انظر: الكلام عليه فيما يأتي.

رِوَايَةٌ: "فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ بَرِئَ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم":

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ شَيْبَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لَا أُخْبَرَنَّ أَنَّ أَحَدًا عَقَدَ وَتْرًا أَوِ اسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَجِيعٍ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ بَرِئَ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[بز 2317]

[التحقيق]:

انظر: الكلام عليه فيما يأتي.

(1)

قال البزار عقبه: "وَقَدْ أُدْخِلَ فِي الْمُسْنَدِ لأَنَّهُ قَالَ: فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد".

ص: 666

رِوَايَةٌ بزيادة: "أَوْ عَقَدَ كَفَّيْهِ فِي الصَّلاةِ":

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَكُنْتُ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّهُ يَطُولُ بِكَ الْعُمْرُ فَأَخْبِرِ النَّاسَ مَنِ اسْتَجْمَرَ بِرَوْثِ دَابَّةٍ، أَوْ عَقَدَ كَفَّيْهِ فِي الصَّلاةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» .

[الحكم]:

إسنادُه ضعيف.

[التخريج]:

[مظفر (ق 249/ب)].

[التحقيق]:

مدار هذا الحديث على عياش بن عباس القتباني، عن شييم بن بيتان، وقد اضطرب فيه على عدة أوجه:

الوجه الأول:

أخرجه النسائي في (المجتبى 5111)، وفي (السنن الكبرى 9481) - ومن طريقه ابن الأثير في (أسد الغابة 2/ 298) -، عن محمد بن سلمة، عن ابن وهب، عن حيوة بن شريح، وذكر آخر قبله

(1)

، كلاهما: عن عياش بن عباس، عن شييم بن بيتان، أنه سمع رويفع بن الحارث يقول

فذكره بلفظ الرواية الأولى.

ورواه الطحاوي في (معاني الآثار 1/ 123) من طريق أصبغ بن الفرج،

(1)

ذكر المزي أَنَّ هذا الآخر هو ابن لهيعة، وأن النسائي قد كنى عنه في مواضع كثيرة ولا يذكره مع ذلك إلا مقرونًا بغيره. (تهذيب الكمال 35/ 88).

ص: 667

عن عبد الله بن وهب، عن حيوة بن شريح، عن عياش، به.

وقد توبع حيوة بن شريح، تابعه: عبد الله بن لهيعة. كذا أخرجه أحمد (16995، 16996)، والبغوي في (معجم الصحابة 1052) من طرق عن ابن لهيعة، به؛ بلفظ الرواية الثانية، عدا رواية البغوي فبلفظ الأولى.

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، عدا ابن لهيعة وشييم بن بيتان:

فأما ابن لهيعة: فهو ضعيف، ولكنه متابع من حيوة؛ كما تقدم.

وأما شييم بن بيتان: فقال عنه البزار: "غير مشهور"(المسند عقب رقم 2316). ولكن وثقه ابن معين، كما في (رواية الدارمي 412) و (الجرح والتعديل 4/ 385)، وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 369)، ووثقه أيضًا عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 4/ 204)، وذكره ابن خلفون في (الثقات)، كما في (إكمال مغلطاي 6/ 314). وقال الحافظان الذهبي وابن حجر:"ثقة"(الكاشف 2322)، و (التقريب 2841).

ولذا جوّد إسناده النووي في (المجموع 1/ 292)، وحسنه في (الإيجاز في شرح سنن أبي داود ص 184). وجوده أيضًا: ابن مفلح في (الآداب الشرعية 3/ 141).

وقال العيني: "إسناده حسن جَيّد، ورجاله ثقات"(نخب الأفكار 2/ 517)، وحسنه علي القاري في (مرقاة المفاتيح 1/ 382).

وفي هذا كله نظر، فلم يسمع شييم هذا الحديث من رويفع - وإن صرح بالتحديث، فهو محض وهم -، بينهما شيبان القتباني، كما في:

ص: 668

الوجه الثاني:

أخرجه ابن أبي شيبة في (المسند 736)

(1)

- وعنه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 2196) - عن معلى بن منصور.

وأخرجه أحمد (17000) عن يحيى بن غيلان.

وأخرجه أبو داود (36) - ومن طريقه الخطابي في (غريب الحديث 1/ 422)، والبيهقي في (السنن الكبرى 534)، والبغوي في (شرح السنة 2680) - عن يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب.

وأخرجه البزار في (مسنده 2317). والبغوي في (الصحابة 1051) - ومن طريقه المزي في (تهذيب الكمال 12/ 591 - 592) -. وأبو نعيم في (الصحابة 2704): من طريق موسى بن هارون والحسن بن سفيان. أربعتهم: عن عبد الأعلى بن حماد

(2)

.

وأخرجه ابن عبد الحكم في (فتوح مصر ص 85، 310) عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار.

وأخرجه الطبراني في (الكبير 4491)، وأبو نعيم في (الصحابة 2704)

(1)

وقع تداخل في إسناد هذا الحديث في (مسند ابن أبي شيبة) مع إسناد الحديث الذي قبله، وقد صوبناه من رواية ابن أبي عاصم- راوي الحديث عن ابن أبي شيبة- في (الأحاد والمثاني)، وكذلك من (الأحكام الكبرى للإشبيلي 1/ 150).

(2)

ورواه أبو منصور الديلمي في (مسند الفردوس)، كما في (الغرائب الملتقطة 1/ ق 87) من طريق سهل بن داود بن ديزويه عن عبد الأعلى بن حماد، إلا أنه سقط من سنده (شيبان)، وهذا إما سقط من الناسخ - وهو الأظهر -، أو يكون وهم من سهل، فقد خالفه جماعة من الحفاظ، بإثباته.

ص: 669

من طريق سعيد بن أبي مريم.

جميعهم: عن المفضل بن فضالة القتباني المصري.

وأخرجه ابن عبد الحكم في (فتوح مصر ص 310)، وأبو الحسين ابن المظفر في (جزء له ق 249/ب) من طريق عبد الله بن عياش بن عباس.

كلاهما (المفضل وابن عياش) عن عياش بن عباس، عن شييم بن بيتان، عن شيبان بن أمية القتباني، عن رويفع بن ثابت، به. بعضهم بلفظ الرواية الأولى، وبعضهم بلفظ الرواية المطولة، إِلَّا البزار فقد انفرد بلفظ الرواية الثالثة.

وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة شيبان بن أمية، ويقال شيبان بن قيس، قال الحافظ:"مجهول"(التقريب 2832).

وأما عبد الله بن عياش: فقال فيه الحافظ: "صدوق يغلط"(التقريب 3522)، ولكن تابعه المفضل بن فضالة، وهو ثقة من رجال الشيخين؛ كما في (التقريب 6858).

وقد توبعا- أي: المفضل وابن عياش- أيضًا على ذكر شيبان القتباني، تابعهما: ابن لهيعة؛ لكنه زاد في إسناده "أبا سالم سفيان بن هانئ الجيشاني" بين شييم وشيبان، كما في:

الوجه الثالث:

أخرجه أحمد (16994) عن يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت به مقتصرًا على الموقوف.

ص: 670

وهذا وهم من ابن لهيعة فهو ضعيف كما تقدم، وقد توبع على ذكر أبي سالم في إسناده؛ لكن خُولف في صاحب الحديث؛ فرُوِي من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، وذلك كما في:

الوجه الرابع:

أخرجه أبو داود (37) عن يزيد بن خالد بن موهب. وابن عبد الحكم في (فتوح مصر ص 85، 310) عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار. كلاهما: عن مفضل بن فضالة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم الجيشاني، أنه سمع عبد الله بن عمرو وهو مرابط حصن بابليون، يُحَدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.

وهذا إسناد رجاله ثقات.

فهذا الوجه مع الوجه الأول والثاني، صحاح إلى عياش بن عباس القتباني، وهو وإِنْ كان ثقة كما في (التقريب 5269)، إِلَّا أَنَّ مثله لا يحتمل هذا الخلاف عليه، وكذا شيخه شييم بن بيتان.

فيترجح الحكم على الحديث بالاضطراب، والله أعلم.

وذهب بعض أهل العلم إلى تصحيح هذه الأوجه جميعًا، فقال ابن مفلح - بعد ذكره هذه الأوجه الثلاثة -:"ومتن هذا الحديث صحيح، وهذه الأسانيد الثلاثة جيدة"(الآداب الشرعية 3/ 141).

وكذا صححها كلها الشيخ الألباني، ولكنه أعلّ الوجه الثاني لجهالة شيبان بن أمية، وصحح الوجهين الآخرين (صحيح أبي داود 1/ 66 - 67).

فكأنهم جعلوه من باب من روى الحديث على أكثر من وجه، أو من روى الحديث عن أكثر من شيخ.

ص: 671

وفي صنيعهما نظر؛ لأن الذي يدخل تحت هذا الباب هو الراوي الثقة واسع الحفظ كثير الرواية كثير الشيوخ كالزُّهْرِيّ وأبي إسحاق السبيعي ونحوهمًا.

قال ابن حجر: "الزُّهْرِيّ صاحب حديث؛ فيكون الحديث عنده عن شيخين، ولا يلزم من ذلك اطراده في كل من اختُلف عليه في شيخه إِلَّا أَنْ يكون مثل الزُّهْرِيّ في كثرة الحديث والشيوخ"(فتح الباري 13/ 15).

وسبقه أبو حاتم الرازي فقال - في حديثٍ اختُلِف فيه على أبي إسحاق السبيعي على أوجه-: "كان أبو إسحاق واسع الحديث؛ يحتمل أَنْ يكون سمع من أبي بصير، وسمع من ابن أبي بصير عن أبي بصير، وسمع من العيزار عن أبي بصير"(العلل لابن أبي حاتم 2/ 150 - 151).

وقال في (الجرح والتعديل 6/ 243): "أبو إسحاق السَّبيعي ثقة

، ويُشبَّه بالزُّهْرِيّ في كثرة الرواية، واتساعِهِ في الرجال".

أما في حديثنا فعياش بن عباس وشيخه شُيَيْم لا يحتملان هذا الخلاف، لاسيما مع نكارة المتن، فالأحاديث السابقة في الباب كلها متفقة على النهي عن الاستنجاء بالعظم والرجيع، دون ذكر براءة النبي صلى الله عليه وسلم ممن يفعل ذلك.

ولذا قال البزار عقبه: "وهذا الحديث قد رَوَى نحو كلامه غَيْرُ واحد، وأما هذا اللفظ فلا يُحْفَظُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد غير رُوَيْفِعٍ، وإسناده حسن غير شيبان فإنه لا نعلم روى عنه غير شُيَيْمِ بن بَيْتَانَ، وعياش بن عباس مشهور"(المسند 6/ 301). هذا والله أعلم.

* * *

ص: 672

905 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو:

◼ عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو - وَهُوَ مُرَابِطٌ حِصْنَ بَابِلْيونَ- يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ- وَأَحَالَ عَلَى حَدِيثِ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ السابق-.

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[د 37 / مصر (ص 85) "والسياق له"، (ص 310)].

[السند]:

قال أبو داود: حدثنا يزيد بن خالد، حدثنا مُفَضَّلٌ، عن عَيَّاشٍ، أن شِيَيْمَ بن بَيْتَانَ، أخبره بهذا الحديث أيضًا، عن أبي سالم الجَيْشَانِيِّ، عن عبد الله بن عمرو، به

ورواه ابن عبد الحكم عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن المفضّل بن فضالة، به.

[التحقيق]:

وهذا إسناد ضعيف؛ لاضطراب سنده، كما قد تقدم بيانه في الحديث السابق.

* * *

ص: 673