الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-153 -
كيف استقبلت دمشق
جمال عبد الناصر يوم الوحدة
؟
كانت جرائد مصر ومجلاّتها من القديم تصل إلينا، ومجلاّتنا وجرائدنا لا يكاد يصل شيء منها إليهم. فكنّا نعرف ما دقّ وما جلّ من أخبارهم ولا يعرفون شيئاً من أخبارنا؛ فلا تقوم في مصر وزارة ولا تسقط، ولا يكون حدث من الأحداث، ولا يظهر زعيم من الزعماء، ولم يكن فيها أديب ولا عالِم إلاّ كان عندنا من أخباره الكثير.
وكنّا نعرف عن الملك فؤاد كلّ شيء، ثم عن ابنه فاروق. كانت تتسرّب إلينا أنباء فسوقه وانحرافه، فلما قام عليه الضبّاط ونحّوه وأبعدوه عن مصر طارت بنا الفرحة وعمّتنا البشرى، وكتبت في «الرسالة» (عدد 20 ذي القعدة سنة 1371هـ) مقالة أعلّق فيها على هذا الحدث العظيم، وعلى اليقظة التي كانت يومئذ في إيران حين قام الكاشاني والدكتور مصدَّق على الإنكليز، أثبت بعض المقالة هنا لأنها صارت تاريخاً ولأنني أكتب للقُرّاء ذكريات، فمن حقّهم عليّ أن أروي لهم بعض ما قلت كما أحدّثهم عمّا رأيت وسمعت.
قلت فيها (1):
أكتب هذه الكلمة وأنا مريض في المَصِيف في مضايا. لقد هبط معي الضغط وضَعُف مني الجسم وانقطعتُ عن عمل اليد وعمل الدماغ، ولذلك أخللت بعهدي مع «الرسالة» . وكان العهد أن أكتب للرسالة مرتين في الشهر. ولكن أخبار مصر (ومن قبلها أخبار إيران) تطرد المرض وتُنهِض الجسد، وتهزّ من الحماسة وتُرقص الحجر، فكيف أنام اليوم واليوم عزّت بالإسلام العرب والعجم؟ واليوم استكمل الشرق يقظته إلاّ بقايا في عينيه من الكرى وأقسم ألاّ ينام؟ واليوم أحسّ كل مسلم أن الأمّة التي يكون فيها من زعماء الدين أمثال حسن البنا والكاشاني، ومن زعماء الدنيا محمد نجيب ومصدّق، لم تفقد عزّتها ولم تدفن أمجادها في قبور تاريخها، ثم تسير بلا عزة ولا مجد. بل إن لها من حاضرها أياماً غُرّاً محجّلات لا يضرّ مَن رآها ألاّ يكون رأى مَواضي الأيام.
لقد تتالت علينا الأفراح وتتابعَت البشائر حتى ما تستطيع أن تحتملها أعصابنا. إننا نعدو عَدْواً في طريق الظفر، لا نقدر أن نقف ساعة لنستريح ونلتقط أنفاسنا: في إيران شعب هبّ على الإنكليز هبّة الرجل الواحد، يحمل معه أكفانه ليثبت للدنيا أن الكفن في يد المستميت أمضى من المدفع في يد من يحبّ الحياة ويكره الموت، وأن الرغبة الصادقة في الموت هي أقصر طريق إلى الحياة، وأن الشعب إذا استمات لا تغلبه قوة في الدنيا.
وهل يمكن أن يُباد شعب فلا يبقى له أثر؟ هل تستطيع قوى
(1) انظر مقالة «ثورة مصر» في كتاب «هتاف المجد» (مجاهد).
الشرّ كلها التي حشدها المتمدّنون ليقتلوا بها البشر باسم المدنيّة (التي نسبّح جهلاً بحمدها ونموت في عشقها) أن تُهلك خمسمئة مليون إنسان يستجيبون لصوت إيمانهم، ويغضبون لماضيهم ويعملون لمستقبلهم؟
إن القطّة إن غضبت لأولادها كشّرت عن أنيابها وأبدت عن مخالبها وهجمَت على الذئب، فكيف إن غضب شعب له في الأمجاد ميراث لا يعدله في الدنيا ميراث؟
لقد جاءتنا أخبار مصر، مصر الديّنة الصيّنة التي طالما احتملت الفسوق والعصيان، وسكتت ترجو أن يؤوب الفاسق ويتوب العاصي. مصر العزيزة الحرّة التي صبرَت على الطغيان والفساد، مصر التي بذلت في حرب فلسطين ما لم تبذله دولة عربية، ثم ضربها في ظهرها مِن كبار أبنائها مَن كان شراً عليها وعلى جيشها من أعداء الله والإنسانية، اليهود، حين وضعوا في يد جندها سلاحاً فاسداً ليقاتلوا به عدوّهم فانقلب ناره عليهم.
مصر التي طالما زرتها وأقمت فيها الشهور الطوال، فكنت أشمّ رائحة الفساد كلّما خرجت من إدارة «الرسالة» ومررت بالميدان الكبير، ميدان عابدين. وانتشرَت هذه الرائحة حتى بلغَت جوانب مصر، ثم وصلَت إلى أوربّا وشمّها أصحاب الجرائد هناك بأنوفهم الحسّاسة فنشروها في كل مكان، حتى بلغَت الشام ودخلت فيه كل بيت.
لذلك كانت أخبار الانقلاب الأولى فرحة في كل بيت يتباشر بها الناس، ويفتحون الرادّ ليسمعوها. وأزهد الناس بسماع الأخبار
صار يعانق الرادّ في داره ليسمع إذاعة مصر وغير مصر، فلما أذيع أن فاروقاً (الذي دعاه المنافقون يوماً الملك الصالح) قد أُخرجَ من مصر لم يعُد يستطيع الناس أن يضبطوا من الفرح أعصابهم. ووالله ثم والله الذي لا يحلف به كذباً إلاّ فاسق، لو أُعطيت مبلغاً من المال كبيراً ما فرحت به مثل فرحي بهذا الخبر. ولولا أني مريض وأن ذهني مكدود، لحيّيت هذا اليوم العظيم التحيّة التي تليق به، ولسقت له كلاماً غير هذا الكلام: كلاماً تشبّ له القلوب وتحمى منه أقحاف الرؤوس، وترقص له من الحماسة الأعصاب وتغلي الدماء، ولكني إن عجزت اليوم عن نظم هذا الكلام فلقد قال هؤلاء بفعالهم أكثر منه.
فيا أيها الرجل العظيم، يا محمد نجيب، لقد نُقش اسمك على جوانب القلوب مع أسماء أبطال التاريخ.
وبعد، فهذه عاقبة الفسق والفجور واستغلال أموال الأمّة وسلطانها في إرضاء الشيطان وإرواء الشهوات، فاعتبروا يا من لم تصل إليهم النوبة بعد، فإنها ستنوبكم. إن الله يُمهِل ولا يُهمِل، وينسئ ولا ينسى. فليعتبر بما حلّ بهم سواهم، وليعلموا أن نِعَم الله لا تُحفَظ بالمعصية ولكن بالشكر، وأن الأوطان لا تُحمى باتباع الشهوات وإضاعة الأموال في الترف والملذّات، ولكن بتقوية الجيش وإعداد السلاح وإطاعة الله والعمل على إعلاء كلمته.
(إلى أن قلت): والسلام على روح حسن البنا موقظ الأرواح النائمة في مصر، وعلى الكاشاني وعلى مصدَّق، وعلى البطل النجيب محمد نجيب.
* * *
إني لأتمنى الآن أن لا أكون قد كتبت هذه المقالة، وأحمد الله أن ألهمني أن لا أضع اسمي عليها، وإن عرف الناس يومئذ واعترفت أنا الآن أنها لي.
لقد رأينا بعدها ما جعلَنا نستسهل ما كان قبلها. والسياسة لها ظاهر وباطن، وربما كان ظاهرها غير باطنها، وربما كان ما عرفه الناس عنها يخالف حقيقتها التي كانت عليها: فالخاصّة الذين يصفون أحداثها أو الذين يكونون قريباً منهم يعرفونها حقّ معرفتها، أما العامّة فلا يصل إليهم من خبرها إلاّ ما أراد الخاصة أن يعرفوه عنها. وكم من هزيمة ظنّوها نصراً، وكم طيّب حسبوه خبيثاً وسيّئ صُوّر لهم شيئاً حسناً. وأنا واحد من عامّة الناس، لا أعرف من الأمور إلاّ ما أرادوا أن يعرفه الناس ولا أروي إلاّ ما عرفته، وإن كان لي -بحمد الله- فكر أعلو به عن طبقة العوامّ والرعاع، فأناقش الأمر بمقدار ما يستطيع عقلي مناقشته، فأشكّ في بعض الأمر وأردّ بعضه ظناً، وأرفض بعضه يقيناً لأن الوضع ظاهر فيه والكذب بادٍ عليه.
إن المؤرّخ ينظر إلى الأحداث نظرة شاملة كاملة كمَن يرى المدينة من الطيارة، ففي نظرته سعة وشمول، ولكن ليس فيها دقّة وتفصيل. أمّا الأديب فإنه يصف ما رأى وصفاً مفصّلاً، ولكن ليس شاملاً.
وأنا متّهَم بأني خصم الوحدة، للحديث الذي أذعته غداة الانفصال وتناقلَته الصحف والإذاعات، حتى لقد سمعته أنا مُذاعاً مكرّراً أكثر من سبع مرات. وأنا وأهل بلدي بريئون من هذه التهمة.
أنا من يوم قرأت التاريخ ورأيت كيف كان المسلمون دولة واحدة ثم تفرّقوا دولاً، وكانوا أمّة واحدة فصاروا جمعية أمم، أنا من ذلك اليوم أرى الوحدة أمنيتي الكبرى. لمّا دخل الفرنسيون سوريا وجعلوا منها أربع دول كان مسعانا كلّه لترجع بلداً واحداً، فلما صارت بلداً واحداً كان أملنا أن يكون للعرب وحدة شاملة.
فإذا حقّق الله يوماً هذه الوحدة فلن تقف هِمّتنا عندها، وليس لنا أن نقف عندها، لأن الذي قرّر الوحدة الإسلامية وجعلها هي الرابطة التي لا يكون لنا أن نعدل بها غيرها ولا نعدل عنها إلى غيرها هو الله ربّ العالمين، في كتابه الذي أنزله على خاتم المرسلين. وما قرّره الله وقضاه ليس لبشر أن يُبدي فيه رأياً أو أن تكون له فيه خِيَرة، ومن رفض شرع الله أن يُطبّق على حياة الفرد أو الجماعة وقال لا أريده، فقد كفر بإجماع المسلمين وصار مرتداً تُنفّذ فيه أحكام المرتدّين.
* * *
كان يوم إعلان الوحدة أحد الأيام الغُرّ في حياتي؛ ملأ بالمسرّة قلبي لأنها المحطّة الأولى في طريق الوحدة الإسلامية الكبرى. كنت أشعر بأنني في حلم، ولكن الذي ينهض من المنام تطير من يده الأحلام. أمّا هذا الحلم فقد انقلب إلى حقيقة ماثلة أمامي، أحسّها وأعيش فيها كأنني قد انتقلت إلى الجنّة التي تتحقّق فيها الأماني.
ولكن لمّا شهدت منظر بيعة عبد الناصر رئيساً وتنحّي القوّتلي وعودته رجلاً عادياً، ورأيت كيف عومل، شعرت بشيء
من الأسى. لا لأن المصريين حكموا سوريا، فطالما حكمَت مصرُ الشامَ أياماً طويلة من تاريخنا، وطالما حكمت الشامُ مصرَ وغير مصر قبل ذلك، والمسلمون أمّة واحدة وإخوة في أسرة واحدة، فلا فرق لدينا أن يحكم مصري أو شامي، ولكننا رأينا بوادر جعلَت تبدو لنا، ما كرّهَتنا بالوحدة لذاتها بل لهذه الأعراض التي علقت بها.
لمّا زار عبد الناصر دمشق أول مرة استقبلَته دمشق استقبال الأبطال الفاتحين، واحتشد أهلها حول قصر الضيافة ساهرين منتظرين يرتقبون أن يطلع النهار فيطلع الرئيس عليهم فينظروا إليه:
يجدونَ رؤيتَه التي فازوا بها
…
مِنْ أنعُمِ اللهِ التي لا تُكفَرُ
كانوا يأملون أن يجدوا على يديه الفرج بعد الضيق، يحسبون أنه سيُعيد عليهم عهد أبي عُبَيدة وخالد لمّا دخلا الشام فأنقذا أهلها من ظلم الرومان، وأنه سيدور الزمان حتى يعود كما كان في صدر الإسلام. فتبيّن أنه لم يكن حُكّامنا مثل الرومان ولا كان عبد الناصر كأبي عبيدة وخالد، وأنها لم تمر إلاّ شهور معدودات حتى أذابت شمسُ الواقع التمثالَ الذي صنعناه من ثلج الأماني، حتى طلع نور النهار فمحا ما أبصرناه في أحلام المنام.
قلت لكم إني لم أكُن في موضع مَن يرى الخفايا ويكشف الأسرار، وإنما كنت واحداً من غمار الشعب، وإن كان لي قلم بحمد الله وكان لي لسان وكان لي فكر وجنان. فكنت أسمع خُطَب الرئيس تذاع، وهم على عادتهم على أيام عبد الناصر يحشدون
لسماعها البشر يجمعون المصفقين والهاتفين. وكانوا يدعون المشايخ والقُضاة ووجوه الناس لمواقف الاستقبال والوداع حتى يأخذوا صورهم فينشروها في الجرائد.
أمّا أنا فما استجبت لها، وهربت منها وتمارضت حتى نجوت. وقد عرفتم في هذه الذكريات أني لم أخرج لمّا كنت قاضياً في القلمون في النبك لاستقبال الشيخ تاج، وهو خال زوجتي وشقيق أمها وهو ابن شيخ الشام الشيخ بدر الدين الحسني، ولا لاستقبال شكري القوتلي، وهو زعيمنا أيام النضال وهو قائدنا في العمل للاستقلال. أفأخرج لاستقبال عبد الناصر؟
لقد كنت أستمع إلى خطبه التي يلقيها في مصر وتُذيعها الإذاعات، فأسمع وعوداً حلوة تسرّ وتُرضي ثم تذهب وتمضي بلا وفاء، وأسمع ما فيه تحريف للواقع وتبديل لما نراه ونشاهده. ولكني أشهد -مع ذلك- أنه خطيب. خطيب على عامّية أسلوبه وعلى ركاكة لفظه، خطيب من أعظم الخطباء. وهل الخطيب إلاّ الذي يلعب بألباب السامعين، فيوجّهها حيث يريد ويجعلها تقتنع بما يقول؟ وكذلك كان عبد الناصر. ولكنها كانت تفلت منه كلمات أو يتعمّد تمريرها عرَضاً من غير أن ينتبه الناس إليها ليناقشوها، من ذلك اصطلاح «التحويل الاشتراكي» الذي كان يردّده دائماً ويُعيده فلا يملّ إعادته وترديده.
ولم أكُن أستطيع أن أصل يومئذ إلى إذاعة أذيع منها صوتي ولا جريدة أنشر فيها رأيي، كل ما في طوقي أن أقول لمن حولي: أتدرون ما التحويل الاشتراكي الذي يريده؟ إن عمرو بن العاص
لمّا فتح مصر حوّلها إسلامية باقية على إسلامها إن شاء الله إلى يوم القيامة، لا تعرف غير الإسلام ولا تدعو إلى غيره ولا تقبل دعوة إلى ما يخالفه. فليس التحويل الاشتراكي إلاّ تحويلها عن الإسلام إلى الاشتراكية.
وكنت أقرأ في الصحف أن عبد الناصر كان يحالف الكفار ويخالف المؤمنين في كثير من الأحايين، كما كان يفعل في قبرس (1)، وكان يحارب التضامُن الإسلامي الذي يحقّق أخوّة الإيمان، وأخوّةُ الإيمان قرّرها الله في القرآن. وكان يؤيّد مبادئ تُبعِد أهل الدين وتُدني تيتو ونهرو والشيوعيين والوثنيّين، يتولاّهم والله يقول:{ومَن يَتَولَّهُمْ منكُم فإنّه منهم} .
ثم أدخلوا هذه المبادئ في المدارس، وأرادوا أن ينشأ عليها الصغار وأن يعيش عليها الكبار. جاؤوا بسمّ جديد هو خليط من القومية والشيوعية والتحلّل الذي يسمّونه التقدمية، ممزوجاً مزجاً كيميائياً، فجعلوه مادّة تُدرَس في المدارس. نوّعوا أسماءها فهي تارة «المجتمع العربي» وتارة ما لست الآن أدري، وأدخلوه في المدارس ثم نقلوه إلى مصر أو حاولوا نقله إليها أيام الوحدة.
حتى إنني كنت يوماً في زيارة العالم الجليل والصديق الكريم الشيخ شلتوت، وكان شيخ الأزهر. وهو عالم مفكر عرفته من قديم في مجالس الشيخ عبد المجيد سليم، وكانت لي عليه جرأة ولي معه كلام يجاوز حدود الرسميات إلى الإخوانيات (2)، لا لأنني
(1) هي قبرس لا قبرص.
(2)
الإخوانيات اصطلاح قديم.
أتطاول إلى مقامه، فما أنا من رجاله، ولكن لأنه من تواضُعه يتنازل إلى مقامي.
كنت عنده يوماً في إحدى زياراتي لمصر، فجاءه من يقدّم إليه منهج هذه المادّة ليوافق على تدريسها بالأزهر. فكأنه همّ بالموافقة عليها، فتجرّأت عليه فأمسكت بيده (وكان بها شلل أصابه في آخر حياته) وقلت: أستأذنك وأقبّل يدك، فخبّرني ماذا أنت صانع؟ قال: أوافق على تدريس هذه المادّة. قلت: يا سيدي، هذه بضاعتنا ونحن أعرف بها. إنها سمّ فوقه طبقة من الدّسَم أو غشاء من الحلوى
…
فصرف من كان أمامه وخلا بي حتى شرحت له الأمر.
قلت لكم إن دمشق كلّها خرجت لاستقبال عبد الناصر لمّا قدمها أول مرة. ولا شكّ أن الفرحة بالوحدة كانت غامرة وأنها شملت أهل الشام كلّهم، ولكن هناك أمراً تقتضيني أمانة القلم أن أُعلِنه، هو أنه ليس كل استقبال في الشام علامة حبّ وفرح ولا كلّ جنازة أمارة حزن وأسى. فإن أهل الشام لِمَلَلهم من حياتهم المتشابهة أيامُها، المتكرّرة مشاهدُها، يبالغون في الاهتمام بكل جديد والاحتشاد لكل قادم والازدحام على كل مشهد، حتى لو أن صاحب (سِرْك) أعلن عن مقدم فيل ضخم ما رأى الناس مثله أو غوريللا هائلة لازدحموا على هذا المشهد وتسابقوا إليه.
ولا يقع في وهم أحدكم أني أشبه عبد الناصر أو غيره بالفيل أو الغوريللا. لا، وإنما أبيّن طبيعة فينا أهل الشام. وبقيّة الكلام في الحلقة المقبلة.
* * *