الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة التحقيق والدراسة
الحمد لله الذي أحسن كل شئ خلقه، وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم جعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويتناصروا، وبطونا وفصائل ليتآلفوا ويتظاهروا، فتارة يتناسبون بالآباء والأجداد، وطورًا بالصناعات والبلاد، ذلك من فضل الله والله ذو الفضل العظيم.
والصلاة والسلام على رسوله محمد سيد العرب والعجم، المرسل إلى كافة الأمم، وعلى آله وصحبه وسلم (1).
أما بعد: فإن معرفة الأنساب من أعظم النعم التي أكرم الله تعالى بها عباده، لأن تَشَعُّبَ الأنساب على افتراق القبائل والطوائف أحد الأسباب الممهِّدة لحصول الائتلاف، وكذلك اختلاف الألسنة والصور وتباين الألوان والفِطَر على ما قال تعالى: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ
(1) من مقدمة ابن الأثير على «اللباب» : (1/ 7).
وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم:22](1).
ولأهمية هذا العلم توجَّهَت عناية العلماء لإفراده بالجمع والتصنيف، فكان كتاب «الأنساب» لأبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني من أعظم وأوسع وأشمل ما صُنِّفَ في هذا الباب، حتى قال ابن الأثير في وصفه (2):«فلو قال قائل أن هذا تصنيف لم يسبق إليه لكان صادقاً، ولو زعم أنه استقصى الأنساب لكان بالحق ناطقاً» .
إلا أن ابن الأثير رحمه الله حين أمعن النظر في كتاب أبي سعد رأى أنه قد أطال واستقصى حتى خرج – في نظره- عن حد الأنساب وصار بالتواريخ أشبه، ووقف فيه على أوهام، فشرع حينها في اختصار الكتاب والتنبيه على ما فيه من غلط وسهو (3)، فكان كتابه «اللباب في تهذيب الأنساب» .
ثم جاء بعدهما الحافظ السيوطي فاختصر كتاب ابن الأثير وأورد زيادات كثيرة عليه في كتابه «لب اللباب في تحرير الأنساب» .
(1) من مقدمة السمعاني على «الأنساب» : (1/ 403).
(2)
«اللباب» : (1/ 8).
(3)
المصدر السابق.
إلى أن جاء الحافظ أحمد بن أحمد العجمي فصنف ذيلا على كتاب السيوطي، فزاد عليه زيادات كثيرة نُقَدِّمُهَا اليوم للقراء الكرام لأوَّل مرة، محققة منقحة؛ لتكتمل سلسلة الذيول على كتاب السمعاني، وقد لمستُ أهمية هذا الكتاب وأنا أعمل على تحقيق كتاب «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» حيث كانت تمر بي بعض الأنساب فلا أجدها إلا فيه، فقوي العزم على إخراجه ليستفيد منه الباحثون ويعم به النفع.