المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَنْدُوبِهَا، كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، فَطَهُورٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌بَابُ الْمَاءِ الطَّاهِرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَيْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي قَاعِدَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ

- ‌فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَحَلِّهِ

- ‌فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَكَيْفِيَّتِهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌفِي النَّوَافِلِ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي أَوْقَاتِ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصِّفَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْإِمَامِ

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌بَابُ أَحَدِهِمَا نَافِذًا إِلَى الْآخَرِ. وَإِلَّا، فَلَا يُعَدَّانِ مَسْجِدًا وَاحِدًا. وَإِذَا حَصَلَ هَذَا الشَّرْطُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَابُ بَيْنَهُمَا مَفْتُوحًا، أَوْ مَرْدُودًا مُغْلَقًا، أَوْ غَيْرَ مُغْلَقٍ. وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: إِنْ كَانَ مُغْلَقًا، لَمْ يَجُزِ الِاقْتِدَاءُ. وَوَجْهٌ مِثْلُهُ فِيمَا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى السَّطْحِ، وَبَابُ الْمَرْقَى مُغْلَقًا. وَلَوْ كَانَا فِي مَسْجِدَيْنِ، يَحُولُ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، أَوْ طَرِيقٌ، أَوْ حَائِطُ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ بَابٍ نَافِذٍ مِنْ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ، فَهُوَ كَمَا إِذَا وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي مَسْجِدٍ، وَالْآخَرُ فِي مِلْكٍ. وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ نَهْرٌ، فَإِنْ حُفِرَ النَّهْرُ بَعْدَ الْمَسْجِدِ، فَهُوَ مَسْجِدٌ فَلَا يَضُرُّ، وَإِنْ حُفِرَ قَبْلَ مَصِيرِهِ مَسْجِدًا، فَهُمَا مَسْجِدَانِ غَيْرُ مُتَّصِلَيْنِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ كَانَ فِي جِوَارِ الْمَسْجِدِ مَسْجِدٌ آخَرُ مُنْفَرِدٌ بِإِمَامٍ، وَمُؤَذِّنٍ، وَجَمَاعَةٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَعَ الْآخَرِ حُكْمُ الْمِلْكِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَسْجِدِ. وَهَذَا كَالضَّابِطِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدَيْنِ. فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَغَايُرَ الْحُكْمِ، إِذَا انْفَرَدَ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ كَانَ بَابُ أَحَدِهِمَا نَافِذًا إِلَى الْآخَرِ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌فَصْلٌ فِي انْتِهَاءِ السَّفَرِ الَّذِي يَقْطَعُ التَّرَخُّصَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَنْدُوبِهَا، كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، فَطَهُورٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ:

أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَنْدُوبِهَا، كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، فَطَهُورٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ.

‌بَابٌ

الِاجْتِهَادُ فِي الْمَاءِ الْمُشْتَبَهِ

إِذَا اشْتَبَهَ إِنَاءَانِ: طَاهِرٌ، وَنَجِسٌ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. الصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا إِلَّا بِالِاجْتِهَادِ، وَظُهُورِ عَلَامَةٍ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتَهُ، وَنَجَاسَةَ الْمَتْرُوكِ. وَالثَّانِي: يَكْفِي ظَنُّ الطَّهَارَةِ بِلَا عَلَامَةٍ. وَالثَّالِثُ: يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا بِلَا اجْتِهَادٍ وَلَا ظَنٍّ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ نَجَاسَةَ أَحَدِهِمَا بِمُشَاهَدَتِهَا، أَوْ ظَنِّهَا بِإِخْبَارِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ مِنْ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، أَوِ امْرَأَةٍ. وَفِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُمَيِّزِ، وَيُقْبَلُ الْأَعْمَى بِلَا خِلَافٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلَمَ مِنْ حَالِ الْمُخْبِرِ أَنَّهُ لَا يُخْبِرُ عَنْ حَقِيقَةٍ، وَسَوَاءٌ أَخْبَرَهُ بِنَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ، أَمْ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ اشْتَبَهَ، فَيَجْتَهِدُ فِي الْجَمِيعِ. وَلَوِ انْصَبَّ أَحَدُهُمَا، أَوْ صَبَّهُ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يَجْتَهِدُ فِي الْبَاقِي. وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ، بَلْ يَتَيَمَّمُ. وَالثَّالِثُ: يَسْتَعْمِلُهُ بِلَا اجْتِهَادٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ - أَوِ الْكَثِيرِينَ -: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ، بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ وَإِنْ لَمْ يَرُقْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 35

وَلِلِاجْتِهَادِ شُرُوطٌ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ مَجَالٌ، كَالْأَوَانِي، وَالثِّيَابِ. أَمَّا إِذَا اخْتَلَطَ بَعْضُ مَحَارِمِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ أَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ، فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِالِاجْتِهَادِ.

الثَّانِي: أَنْ يَتَأَيَّدَ الِاجْتِهَادُ بِاسْتِصْحَابِ الطَّهَارَةِ. فَلَوِ اشْتَبَهَ مَاءٌ بِبَوْلٍ، أَوْ بِمَاءِ وَرْدٍ، أَوْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ، أَوْ لَبَنُ بَقَرٍ بِلَبَنِ أَتَانٍ. لَمْ يَجْتَهِدْ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ يَتَيَمَّمُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ. وَفِي مَسْأَلَةِ مَاءِ الْوَرْدِ يَتَوَضَّأُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَرَّةً. وَقِيلَ: يَجْتَهِدُ. وَلَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِ عَلَامَةٍ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ.

الثَّالِثُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَنِ الْيَقِينِ، فَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْهُ، جَازَ الِاجْتِهَادُ عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَجُوزُ فِي الْمُشْتَبَهَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَالِثٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ، أَوْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ أَوِ اشْتَبَهَ ثَوْبَانِ وَمَعَهُ ثَالِثٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ، أَوْ قُلَّتَانِ: طَاهِرَةٌ، وَنَجِسَةٌ، وَأَمْكَنَ خَلْطُهُمَا بِلَا تَغَيُّرٍ، أَوِ اشْتَبَهَ مَاءٌ مُطْلَقٌ بِمُسْتَعْمَلٍ، أَوْ بِمَاءِ وَرْدٍ، قُلْنَا: يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ.

الرَّابِعُ: أَنْ تَظْهَرَ عَلَامَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ اشْتِرَاطُ الْعَلَامَةِ، فَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ، تَيَمَّمَ بَعْدَ إِرَاقَةِ الْمَاءَيْنِ، أَوْ صَبِّ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ ; وَجَبَتْ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا الْأَعْمَى، فَيَجْتَهِدُ عَلَى الْأَظْهَرِ. فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ، قَلَّدَ عَلَى الْأَصَحِّ.

قُلْتُ: فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقَلِّدُ، أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ، فَوَجْهَانِ. الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَيُصَلِّي، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ. وَالثَّانِي: يُخَمِّنُ وَيَتَوَضَّأُ عَلَى أَكْثَرِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ: وَيُعِيدُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 36

فَرْعٌ

إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طَهَارَةُ إِنَاءٍ، اسْتُحِبَّ أَنْ يُرِيقَ الْآخَرَ، فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ، فَحَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، لَمْ يَجِبِ الِاجْتِهَادُ لِلظُّهْرِ. فَلَوِ اجْتَهَدَ فَظَنَّ طَهَارَةَ الْبَاقِي، فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ، وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ، وَلَا يَتَيَمَّمُ فَيَغْسِلُ جَمِيعَ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، وَعَلَى هَذَا لَا يُعِيدُ وَاحِدَةً مِنَ الصَّلَاتَيْنِ. وَعَلَى الْمَنْصُوصِ: لَا يُعِيدُ الْأُولَى، وَلَا الثَّانِيَةَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. أَمَّا إِذَا بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ يَكْفِي طَهَارَتَهُ، فَهُوَ كَمَا إِذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ. وَإِذَا صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي لَا يَكْفِي، فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ، كَانَ كَالْكَافِي، وَإِلَّا كَانَ كَمَا إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْأَوَّلِ شَيْءٌ. وَلَوْ صَبَّ الْمَاءَ الْبَاقِيَ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِ، أَوِ الْبَاقِيَ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ.

فَرْعٌ

الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَتَيَقَّنُ نَجَاسَتَهُ وَلَا طَهَارَتَهُ، وَالْغَالِبُ فِي مِثْلِهِ النَّجَاسَةُ، فِيهِ قَوْلَانِ، لِتَعَارُضِ الْأَصْلِ. وَالظَّاهِرُ: أَظْهَرُهُمَا: الطَّهَارَةُ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ، فَمِنْ ذَلِكَ ثِيَابُ مُدْمِنِي الْخَمْرِ وَأَوَانِيهِمْ، وَثِيَابُ الْقَصَّابِينَ، وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا يَتَوَقُّونَ النَّجَاسَةَ وَطِينَ الشَّوَارِعِ حَيْثُ لَا يَسْتَيْقِنُ، وَمَقْبَرَةٌ شَكَّ فِي نَبْشِهَا، وَأَوَانِي الْكُفَّارِ الْمُتَدَيِّنِينَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ كَالْمَجُوسِ، وَثِيَابُ الْمُنْهَمِكِينَ فِي الْخَمْرِ، وَالتَّلَوُّثُ بِالْخِنْزِيرِ مِنَ الْيَهُودِ

ص: 37

وَالنَّصَارَى - وَلَا يَلْحَقُ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى - فَإِنْ أَلْحَقْنَا غَلَبَةَ الظَّنِّ بِالْيَقِينِ، وَاشْتَبَهَ إِنَاءٌ طَاهِرٌ بِإِنَاءٍ الْغَالِبُ فِي مِثْلِهِ النَّجَاسَةُ، اجْتَهَدَ فِيهِمَا. وَإِنْ رَجَّحْنَا الْأَصْلَ ; فَهُمَا طَاهِرَانِ، وَرُبَّمَا أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ النَّجَاسَةُ، لَكِنْ لَهُ شَرْطٌ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ غَلَبَةُ الظَّنِّ مُسْتَنِدَةً إِلَى كَوْنِ الْغَالِبِ فِي مِثْلِهِ النَّجَاسَةَ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، لَمْ يَلْزَمْ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ، حَتَّى لَوْ رَأَى ظَبْيَهُ تَبُولُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْهُ، فَجَاءَهُ، فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، وَشَكَّ ; هَلْ تَغَيَّرَ بِالْبَوْلِ، أَمْ بِغَيْرِهِ؟ ، فَهُوَ نَجِسٌ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، وَالْأَصْحَابُ رحمهم الله.

قُلْتُ: الْجُمْهُورُ حَكَمُوا بِالنَّجَاسَةِ مُطْلَقًا، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إِنْ كَانَ عَهِدَهُ عَنْ قُرْبٍ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، فَهُوَ النَّجِسُ. وَإِنْ لَمْ يَعْهَدْهُ أَصْلًا، أَوْ طَالَ عَهْدُهُ، فَهُوَ طَاهِرٌ، لِاحْتِمَالِ التَّغَيُّرِ بِطُولِ الْمُكْثِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّافِعِيَّ اخْتَصَرَ هَذَا الْبَابَ جِدًّا، وَتَرْكَ أَكْثَرَ مَسَائِلِهِ. وَأَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أُشِيرُ إِلَى مُعْظَمِ مَا تَرَكَهُ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِي الْمُشْتَبَهَيْنِ مِنَ الطَّعَامَيْنِ، وَالدُّهْنَيْنِ، وَنَحْوِهِمَا، فِي الْجِنْسِ، وَالْجِنْسَيْنِ، كَلَبَنٍ وَخَلٍّ تَنَجَّسَ أَحَدُهُمَا، وَثَوْبٍ وَتُرَابٍ، وَطَعَامٍ وَمَاءٍ، وَلَنَا وَجْهٌ مُنْكَرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْجِنْسَيْنِ. حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَلَّطَهُ، وَلَوِ اشْتَبَهَ لَبَنَانِ وَمَعَهُ ثَالِثٌ مُتَيَقَّنُ الطَّهَارَةِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا إِلَى شُرْبِهِ، جَازَ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا، وَإِنِ اضْطُرَّ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَاءَيْنِ وَمَعَهُ ثَالِثٌ. وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِنَجَاسَةِ أَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ بِعَيْنِهِ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ، عَمِلَ بِهِ، وَلَمْ يَجُزِ الِاجْتِهَادُ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ إِنَاءَانِ، فَقَالَ عَدْلٌ: وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَقَالَ آخَرُ: فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا، حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، لِاحْتِمَالِ الْوُلُوغِ فِي وَقْتَيْنِ، فَإِنْ عَيَّنَا وَقْتًا بِعَيْنِهِ، عَمِلَ بِقَوْلِ أَوْثَقِهِمَا عِنْدَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. فَإِنِ اسْتَوَيَا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْقِطُ خَبَرَهُمَا، وَتَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِمَا، وَفِيهِ طُرُقٌ لِلْأَصْحَابِ،

ص: 38

وَتَفْرِيعَاتٌ طَوِيلَةٌ أَوْضَحْتُهَا فِي شَرْحَيِ (الْمُهَذَّبِ) وَ (التَّنْبِيهِ) وَلَوْ قَالَ عَدْلٌ: وَلَغَ فِي هَذَا الْإِنَاءِ، هَذَا الْكَلْبُ فِي وَقْتِ كَذَا، فَقَالَ آخَرُ: كَانَ هَذَا الْكَلْبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِبَلَدٍ آخَرَ، فَالْأَصَحُّ طَهَارَةُ الْإِنَاءِ، لِلتَّعَارُضِ، وَالثَّانِي: النَّجَاسَةُ لِاشْتِبَاهِ الْكِلَابِ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَلْبُ رَأَسَهُ فِي الْإِنَاءِ، وَأَخْرَجَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وُلُوغَهُ، فَإِنْ كَانَ فَمُهُ يَابِسًا، فَالْمَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا، فَالْأَصَحُّ: الطَّهَارَةُ لِلْأَصْلِ. وَالثَّانِي: النَّجَاسَةُ، لِلظَّاهِرِ. وَإِذَا تَوَضَّأَ بِالْمَظْنُونِ طَهَارَتُهُ، ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ كَانَ نَجِسًا، أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ، لَزِمَهُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَغَسْلُ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ مِنْ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ. وَيَكْفِيهِ الْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ جَمِيعًا إِذَا نَوَى الْحَدَثَ، عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، خِلَافَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلَتَيْنِ. وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ فِي (الْوَسِيطِ) وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ إِعَادَةُ هَذِهِ الصَّلَاةِ، كَنَظِيرِهِ مِنَ الْقِبْلَةِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ بِأَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ، وَصَلَّى، وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَبَانَ أَنِّ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ هُوَ الطَّاهِرُ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَطْعًا، وَلَا وُضُوءُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِتَلَاعُبِهِ، وَكَنَظِيرِهِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ. وَلَوِ اشْتَبَهَ الْإِنَاءَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ، فَظَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ طَهَارَةَ إِنَاءٍ بِاجْتِهَادِهِ، لَمْ يَقْتَدِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ. فَلَوْ كَانَتِ الْآنِيَةُ ثَلَاثَةً، نَجِسٌ وَطَاهِرَانِ، فَاجْتَهَدَ فِيهَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ، وَتَوَضَّأَ كُلٌّ بِإِنَاءٍ، وَأَمَّهُمَا وَاحِدٌ فِي الصُّبْحِ، وَآخَرُ فِي الظُّهْرِ، وَآخَرُ فِي الْعَصْرِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.

ص: 39

الصَّحِيحُ الْأَشْهَرُ: قَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ: يَصِحُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ الَّتِي أَمَّ فِيهَا. وَالِاقْتِدَاءُ الْأَوَّلُ، وَيَتَعَيَّنُ الثَّانِي لِلْبُطْلَانِ. وَالثَّانِي: قَوْلُ ابْنِ الْقَاصِّ: لَا يَصِحُّ لَهُ إِلَّا الَّتِي أَمَّ فِيهَا. وَالثَّالِثُ: قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: تَصِحُّ الَّتِي أَمَّ فِيهَا. وَالِاقْتِدَاءُ الْأَوَّلُ إِنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ. فَإِنِ اقْتَدَى ثَانِيًا، بَطَلَا جَمِيعًا. وَإِنْ زَادَتِ الْآنِيَةُ وَالْمُجْتَهِدُونَ، أَوْ سَمِعَ مِنَ الرِّجَالِ صَوْتَ حَدَثٍ، فَتَنَاكَرُوهُ، فَحُكْمُ كُلِّهِ خَارِجٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ كُلَّ هَذَا بِأَمْثِلَتِهِ وَأَدِلَّتِهِ فِي شَرْحَيِ (الْمُهَذَّبِ) وَ (التَّنْبِيهِ) .

وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ (صِفَةِ الْأَئِمَّةِ) وَهَذَا الْمَوْضِعُ أَنْسَبُ. وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ مُلْقَاةً، فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسٌ وَمُسْلِمُونَ، فَنَجِسَةٌ، فَإِنْ تَمَحَّضَ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي خِرْقَةٍ، أَوْ مِكْتَلٍ، فَطَاهِرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُلْقَاةً مَكْشُوفَةً، فَنَجِسَةٌ. وَلَوِ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ، أَوْ إِنَاءُ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ، فَلَهُ أَخْذُ بَعْضِهَا بِالِاجْتِهَادِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْتَهِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي (الْبَحْرِ) أَصَحُّهُمَا إِلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ. وَالثَّانِي: إِلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرٌ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِهِ ابْتِدَاءً، مَنَعَ الْجَوَازَ. وَلَوْ كَانَ لَهُ دِنَّانِ فِيهِمَا مَائِعٌ، فَاغْتَرَفَ مِنْهُمَا فِي إِنَاءٍ، فَرَأَى فِيهِ فَأْرَةً لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّهِمَا هِيَ، تَحَرَّى، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ اغْتَرَفَ بِمِغْرَفَتَيْنِ، فَالْآخَرُ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ بِمِغْرَفَةٍ، فَإِنْ ظَهَرَ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْفَأْرَةَ فِي الثَّانِي، فَالْأَوَّلُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَإِلَّا، فَهُمَا نَجِسَانِ. وَقَدْ أَكْثَرْتُ الزِّيَادَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، فَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقَايَا حَذَفْتُهَا كَرَاهَةَ كَثْرَةِ الْإِطَالَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 40