الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
فِي النِّيَّةِ:
يَجِبُ مُقَارَنَتُهَا التَّكْبِيرَ، وَفِي كَيْفِيَّةِ الْمُقَارَنَةِ، وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ أَنْ يَبْتَدِئَ النِّيَّةَ بِالْقَلْبِ، مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ بِاللِّسَانِ، وَيَفْرَغُ مِنْهَا، مَعَ فَرَاغِهِ مِنْهُ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يُجِبْ هَذَا، بَلْ لَا يَجُوزُ لِئَلَّا يَخْلُوَ أَوَّلُ التَّكْبِيرِ عَنْ تَمَامِ النِّيَّةِ.
فَعَلَى هَذَا قِيلَ: يَجِبُ أَنْ تُقَدَّمَ النِّيَّةُ عَلَى التَّكْبِيرِ، وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ لَا يَجِبُ ذَلِكَ، بَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْمُقَارَنَةِ، وَسَوَاءٌ قَدَّمَ أَمْ لَمْ يُقَدِّمْ، يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ إِلَى انْقِضَاءِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجِبُ.
وَالنِّيَّةُ: هِيَ الْقَصْدُ فَيَحْضُرُ الْمُصَلِّي فِي ذِهْنِهِ ذَاتَ الصَّلَاةِ، وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ مِنْ صِفَاتِهَا كَالظُّهْرِيَّةِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. ثُمَّ يَقْصِدُ هَذِهِ الْعُلُومَ، قَصْدًا مُقَارِنًا لِأَوَّلِ التَّكْبِيرِ.
وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَاقِضٍ لَهَا، وَلَوْ نَوَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، الْخُرُوجَ مِنْهَا، بَطَلَتْ. وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي أَنْ يَخْرُجَ أَوْ يَسْتَمِرَّ بَطَلَتْ، وَالْمُرَادُ بِالتَّرَدُّدِ: أَنْ يَطْرَأَ شَكٌّ مُنَاقِضٌ لِلْجَزْمِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَجْرِي فِي الْفِكْرِ، أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ، كَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوَسُ، وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَلَا مُبَالَاةَ بِذَلِكَ، قَالَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
وَلَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى الْخُرُوجَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ بِشَيْءٍ يُوجَدُ فِي صَلَاتِهِ قَطْعًا، بَطَلَتْ فِي الْحَالِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَى الشَّاذِّ لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ، بَلْ لَوْ رَفَضَ هَذَا التَّرَدُّدَ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إِلَى الْغَايَةِ الْمَنَوِيَّةِ، صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ بِدُخُولِ شَخْصٍ وَنَحْوِهِ، مِمَّا يُحْتَمَلُ حُصُولُهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمُهُ، بَطَلَتْ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ هَكَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَا خِلَافٍ، وَكَمَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الْخُرُوجَ
مِنَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ فِي الْحَالِ قَطْعًا.
وَالثَّانِي: لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ، وَهَلْ تَبْطُلُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ إِذَا وُجِدَتْ وَهُوَ ذَاهِلٌ عَنِ التَّعْلِيقِ؟ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا، وَأَصَحُّهُمَا وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ تَبْطُلُ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَيَظْهَرُ عَلَى هَذَا، أَنْ يُقَالَ: تَبَيَّنَ بِالصِّفَةِ بُطْلَانُهَا مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ. أَمَّا إِذَا وُجِدَتْ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلتَّعْلِيقِ، فَتَبْطُلُ قَطْعًا.
وَلَوْ نَوَى فَرِيضَةً، أَوْ سُنَّةً رَاتِبَةً، ثُمَّ نَوَى فِيهَا فَرِيضَةً أُخْرَى أَوْ رَاتِبَةً، بَطَلَتِ الَّتِي كَانَ فِيهَا، وَلَمْ تَحْصُلِ الْمَنْوِيَّةُ، وَفِي بَقَاءِ أَصْلِ الصَّلَاةِ نَافِلَةً قَوْلَانِ نَذْكُرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوْ تَرَدَّدَ الصَّائِمُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ صَوْمِهِ، أَوْ عَلَّقَةُ عَلَى دُخُولِ شَخْصٍ وَنَحْوِهِ، لَمْ يُبْطِلْ عَلَى الْمَذْهَبِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجَمَاهِيرُ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ.
وَلَوْ جَزَمَ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْهُ، لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْأَصَحِّ، كَالْحَجِّ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ قَطْعًا.
وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ، هَلْ أَتَى بِكَمَالِ النِّيَّةِ، أَمْ تَرَكَهَا، أَوْ تَرَكَ بَعْضَ شُرُوطِهَا؟ نُظِرَ، إِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ أَتَى بِكَمَالِهَا قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا عَلَى الشَّكِّ وَقَصْرِ الزَّمَانِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ عَلَى الْأَصَحِّ لِانْقِطَاعِ نَظْمِهَا.
وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ أَتَى عَلَى الشَّكِّ بِرُكْنٍ فِعْلِيٍّ، كَالرُّكُوعِ، أَوِ السُّجُودِ، بَطَلَتْ، وَإِنْ أَتَى بِقَوْلِيٍّ، كَالْقِرَاءَةِ، وَالتَّشَهُّدِ، بَطَلَتْ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ.
قُلْتُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ شَكَّ، هَلْ نَوَى ظُهْرًا، أَوْ عَصْرًا؟ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ تَيَقَّنَهَا، فَعَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ.
فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ.
أَمَّا الْفَرِيضَةُ، فَيَجِبُ فِيهَا قَصْدُ أَمْرَيْنِ بِلَا خِلَافٍ.
أَحَدُهُمَا: فِعْلُ الصَّلَاةِ، لِتَمْتَازَ عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ، وَلَا يَكْفِي إِحْضَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ بِالْبَالِ، غَافِلًا عَنِ الْفِعْلِ.
وَالثَّانِي: تَعْيِينُ الصَّلَاةِ الْمَأْتِيِّ بِهَا، وَلَا تُجْزِئُهُ نِيَّةُ فَرِيضَةِ الْوَقْتِ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ، أَوِ الْعَصْرِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ الَّتِي يَتَذَكَّرُهَا تُشَارِكُهَا فِي كَوْنِهَا فَرِيضَةَ الْوَقْتِ.
وَلَا تَصِحُّ الظُّهْرُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ الصَّوَابِ.
وَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الظُّهْرِ، وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ الْمَقْصُورَةِ إِنْ قُلْنَا إِنَّهَا صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا، وَإِنْ قُلْنَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ صَحَّتْ.
وَاخْتَلَفُوا فِي اعْتِبَارِ أُمُورٍ سِوَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ. أَحَدُهَا: الْفَرْضِيَّةُ، وَهُوَ شَرْطٌ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، سَوَاءٌ كَانَ النَّاوِي بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الصَّلَاةُ قَضَاءً أَمْ أَدَاءً.
الثَّانِي: الْإِضَافَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ أَوْ فَرِيضَةُ اللَّهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. الثَّالِثُ: الْقَضَاءُ وَالْأَدَاءُ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ تَصِحُّ أَدَاءً بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسِهِ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ فِي الْأَدَاءِ، وَنِيَّةِ الْقَضَاءِ فِي الْقَضَاءِ ظَاهِرٌ. أَمَّا الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الْأَدَاءِ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسِهِ، فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ جَرَتْ هَذِهِ النِّيَّةُ عَلَى لِسَانِهِ أَوْ فِي قَلْبِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ حَقِيقَةَ مَعْنَاهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ قَطْعًا، وَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ مَعْنَاهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَطْعًا لِتَلَاعُبِهِ.
قُلْتُ: مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِقَوْلِهِمْ: يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسِهِ مَنْ
نَوَى ذَلِكَ جَاهِلَ الْوَقْتِ لِغَيْمٍ وَنَحْوِهِ، وَالْإِلْزَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ حُكْمُهُ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ مُرَادَهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرَّابِعُ: التَّعَرُّضُ لِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ. الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ، وَهُوَ غَلَطٌ. لَكِنْ لَوْ نَوَى الظُّهْرَ ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسَةً لَمْ تَنْعَقِدْ، وَأَمَّا النَّافِلَةُ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا لَهَا وَقْتٌ أَوْ سَبَبٌ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ، وَالتَّعْيِينِ. فَيَنْوِي صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ أَوِ الْخُسُوفِ أَوْ عِيدِ الْفِطْرِ أَوِ النَّحْرِ أَوِ الضُّحَى، وَغَيْرِهَا، وَفِي الرَّوَاتِبِ يُعَيَّنُ بِالْإِضَافَةِ. فَيَقُولُ: سُنَّةُ الْفَجْرِ، أَوْ رَاتِبَةُ الظُّهْرِ، أَوْ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يَكْفِي فِيمَا عَدَا رَكْعَتِيِ الْفَجْرِ مِنَ الرَّوَاتِبِ، نِيَّةُ أَصْلِ الصَّلَاةِ، لِتَأَكُّدِ رَكْعَتِيِ الْفَجْرِ، فَأُلْحِقَتْ بِالْفَرَائِضِ.
وَأَمَّا الْوَتْرُ، فَيَنْوِي سُنَّةَ الْوَتْرِ، وَلَا يُضِيفُهَا إِلَى الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ. فَإِنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، نَوَى بِالْجَمِيعِ الْوَتْرَ، كَمَا يَنْوِي فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ التَّرَاوِيحِ، وَفِي وَجْهٍ: يَنْوِي بِمَا قَبْلَ الْوَاحِدَةِ صَلَاةَ اللَّيْلِ، وَفِي وَجْهٍ: يَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْوَتْرِ، وَفِي وَجْهٍ: مُقَدِّمَةَ الْوَتْرِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَوْجُهُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، دُونَ الِاشْتِرَاطِ، وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ النَّفْلِيَّةِ فِي هَذَا الضَّرْبِ وَالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِضَافَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْفَرِيضَةِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ. فَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ التَّعَرُّضِ لِلنَّفْلِيَّةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مُقْتَضَى اشْتِرَاطِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ، اشْتِرَاطُ النَّفْلِيَّةِ هُنَا.
قُلْتُ: الصَّوَابُ، الْجَزْمُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّفْلِيَّةِ فِي الضَّرْبَيْنِ، وَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِرَاطِ فِي الْأَوَّلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ:
النِّيَّةُ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْقَلْبِ، وَلَا يَكْفِي فِيهَا نُطْقُ اللِّسَانِ مَعَ غَفْلَةِ الْقَلْبِ، وَلَا يُشْتَرَطُ وَلَا يَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ الْقَلْبَ. كَمَنْ قَصَدَ بِقَلْبِهِ الظُّهْرَ، وَجَرَى لِسَانُهُ بِالْعَصْرِ انْعَقَدَ ظُهْرُهُ، وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ نُطْقُ اللِّسَانِ وَهُوَ غَلَطٌ. وَلَوْ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِقَوْلِهِ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، بِالْقَلْبِ، أَوْ بِاللِّسَانِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ، وَوُقُوعَ الْفِعْلِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ قَصَدَ الشَّكَّ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ.
فَرْعٌ:
مَنْ أَتَى بِمَا يُنَافِي الْفَرِيضَةَ، دُونَ النَّفْلِيَّةِ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهَا، وَبَطَلَ فَرْضُهُ، هَلْ تَبْقَى صَلَاتُهُ نَافِلَةً، أَمْ تَبْطُلُ؟ قَوْلَانِ. اخْتَلَفَ فِي الْأَصَحِّ مِنْهُمَا الْأَصْحَابُ بِحَسَبِ الصُّوَرِ:
فَمِنْهَا: إِذَا تَحَرَّمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، فَالْأَظْهَرُ: الْبُطْلَانُ. وَإِنْ جَهِلَ فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهَا نَافِلَةً.
وَمِثْلُهُ: لَوْ وَجَدَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ رَاكِعًا، فَأَتَى بِبَعْضِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الرُّكُوعِ، لَا يَنْعَقِدُ الْفَرْضُ. فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ، فَالْأَظْهَرُ: الْبُطْلَانُ، وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ: انْعِقَادُهَا نَفْلًا. وَمِنْهَا: لَوْ أَحْرَمَ بِفَرِيضَةٍ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ، فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيُدْرِكَهَا، فَالْأَظْهَرُ: صِحَّتُهَا نَفْلًا. وَمِنْهَا: لَوْ وَجَدَ الْمُصَلِّي قَاعِدًا خِفَّةً فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَقُمْ، أَوْ أَحْرَمَ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِالْفَرْضِ قَاعِدًا، أَوْ قَلَبَ الْمُصَلِّي فَرْضَهُ نَفْلًا بِلَا سَبَبٍ، فَالْأَظْهَرُ الْبُطْلَانُ فِي الثَّلَاثَةِ.