الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمِيعًا، وَلَوْ أَتَى بِالرُّكُوعِ الْوَاجِبِ، فَعَرَضَتْ عِلَّةٌ مَنَعَتْهُ الِانْتِصَابَ، سَجَدَ مِنْ رُكُوعِهِ، وَسَقَطَ الِاعْتِدَالُ، لِتَعَذُّرِهِ. فَلَوْ زَالَتِ الْعِلَّةُ قَبْلَ بُلُوغِ جَبْهَتِهِ لِلْأَرْضِ وَجَبَ أَنْ يَرْتَفِعَ وَيَنْتَصِبَ قَائِمًا وَيَعْتَدِلَ، ثُمَّ يَسْجُدَ، وَإِنْ زَالَتْ بَعْدَ وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الِاعْتِدَالِ، بَلْ سَقَطَ عَنْهُ، فَإِنْ خَالَفَ، فَعَادَ إِلَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ سُجُودِهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَعُودُ إِلَى السُّجُودِ.
قَالَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) : وَلَوْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فِي النَّافِلَةِ، فَفِي صِحَّتِهَا وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى صَلَاتِهَا مُضْطَجِعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي الْقُنُوتِ.
وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الصُّبْحِ، وَكَذَلِكَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الْوَتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَفْظُهُ:(اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فَيَمُنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِّي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي، وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكَتْ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ) هَذَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ: (وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ) قَبْلَ (تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ) وَبَعْدَهُ: (فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ) .
قُلْتُ: قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ، وَالْبَنْدَنِيجِيُّ، وَآخَرُونَ: مُسْتَحَبَّةٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى تَغْلِيطِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، فِي إِنْكَارِ (لَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ) وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ كَانَ إِمَامًا لَمْ يَخُصَّ نَفْسَهُ، بَلْ يَذَكُرْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَهَلْ تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ؟ وَجْهَانِ:
الْأَصَحُّ: تُسَنُّ، وَهَلْ تَتَعَيَّنُ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ فِي الْقُنُوتِ؟ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَتَعَيَّنُ، كَكَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجَمَاهِيرُ: لَا تَتَعَيَّنُ.
وَعَلَى هَذَا، لَوْ قَنَتَ بِمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، كَانَ حَسَنًا، وَحُكِيَ وَجْهٌ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ، وَهَذَا غَرِيبٌ، وَغَلَطٌ. أَمَّا غَيْرُ الصُّبْحِ مِنَ الْفَرَائِضِ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ إِنْ نَزَلَ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ، كَالْوَبَاءِ وَالْقَحْطِ، قَنَتُوا، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّانِي: يَقْنُتُونَ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: لَا يَقْنُتُونَ مُطْلَقًا.
ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الْكَلَامَ وَالْخِلَافَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ، إِنَّمَا هُوَ فِي الْجَوَازِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْعُرُ إِيرَادَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ، اسْتِحْبَابُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) وَنَقَلَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي (الْإِمْلَاءِ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، هَلْ يَجْهَرُ بِالْقُنُوتِ؟ وَجْهَانِ:
أَصَحُّهُمَا: الْجَهْرُ، وَالثَّانِي: لَا، كَالتَّشَهُّدِ، وَالدَّعَوَاتِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُسِرُّ بِهِ قَطْعًا. ذَكَرَهُ الْبَغَوَيُّ. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ، قَنَتَ، وَإِنْ قُلْنَا: يَجْهَرُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُؤْمِنُ، وَلَا يَقْنُتُ.
وَالثَّانِي: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ التَّأْمِينِ وَالْقُنُوتِ. فَعَلَى الْأَصَحِّ: هَلْ يُؤَمِّنُ فِي الْجَمِيعِ؟ وَجْهَانِ:
الْأَصَحُّ، يُؤَمِّنُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ دُعَاءٌ، وَأَمَّا الثَّنَاءُ، فَيُشَارِكُهُ فِيهِ، أَوْ يَسْكُتُ.
وَالثَّانِي: يُؤَمِّنُ فِي الْجَمِيعِ. فَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُ الْإِمَامَ لِبُعْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَقُلْنَا: لَوْ سَمِعَ لَأَمَّنَ، فَهُنَا وَجْهَانِ: