الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ
الِاسْتِنْجَاءُ
الِاسْتِنْجَاءُ وَاجِبٌ. وَلِقَضَاءِ الْحَاجَةِ آدَابٌ. مِنْهَا: أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ عَنِ الْعُيُونِ بِشَجَرَةٍ، أَوْ بَقِيَّةِ جِدَارٍ، وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ كَانَ فِي بِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ، كَفَى، وَلَوْ جَلَسَ فِي وَسَطِ عَرْصَةِ دَارٍ وَاسِعَةٍ، أَوْ بُسْتَانٍ، فَلْيَسْتُرْ بِقَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ، وَلْيَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا. وَلَوْ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَتَسَتَّرَ بِهَا، أَوْ جَلَسَ فِي وَهْدَةٍ، أَوْ نَهْرٍ، أَوْ أَرْخَى ذَيْلَهُ، حَصَلَ الْغَرَضُ. وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الشَّمْسَ، وَلَا الْقَمَرَ بِفَرْجِهِ، لَا فِي الصَّحْرَاءِ وَلَا فِي الْبُنْيَانِ. وَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ.
قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَجْتَنِبُ الِاسْتِدْبَارَ أَيْضًا. وَالْجُمْهُورُ: اقْتَصَرُوا عَلَى النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِقْبَالِ. وَمِنْهَا: إِنْ كَانَ فِي بِنَاءٍ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاتِرٌ، فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرَهَا. فَإِنْ كَانَ فِي صَحْرَاءَ وَلَمْ يَسْتَتِرْ بِشَيْءٍ، حَرُمَ اسْتِقْبَالُهَا وَاسْتِدْبَارُهَا، وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ. وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَتَخَلَّى فِي مُتَحَدَّثِ النَّاسِ، وَأَنْ لَا يَبُولَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الْكَثِيرِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْقَلِيلِ أَشَدُّ، وَفِي اللَّيْلِ أَشَدُّ. وَأَنْ لَا يَبُولَ فِي ثُقْبٍ، وَأَنْ لَا يَجْلِسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ لِغَائِطٍ، وَلَا بَوْلٍ، وَلَا يَبُولَ فِي مَهَبِّ رِيحٍ. وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي جُلُوسِهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَأَنْ يُعِدَّ أَحْجَارَ الِاسْتِنْجَاءِ عِنْدَهُ قَبْلَ جُلُوسِهِ، وَأَنْ لَا يَسْتَنْجِيَ بِالْمَاءِ، مَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ ; بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ يَسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ، لَمْ يَنْتَقِلْ.
قُلْتُ: هَذَا فِي غَيْرِ الْأَخْلِيَةِ الْمُتَّخَذَةِ لِذَلِكَ. أَمَّا الْأَخْلِيَةُ، فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْهَا لِلْمَشَقَّةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَنَالُهُ رَشَاشٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنْ لَا يَسْتَصْحِبَ مَا فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ سبحانه وتعالى، أَوْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، كَخَاتَمٍ وَدِرْهَمٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْأَدَبُ بِالْبُنْيَانِ، بَلْ يَعُمُّ الصَّحْرَاءَ عَلَى الصَّحِيحِ. فَلَوْ غَفَلَ عَنْ نَزْعِ الْخَاتَمِ حَتَّى اشْتَغَلَ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، ضَمَّ كَفَّهُ عَلَيْهِ. وَأَنْ يُقَدِّمَ فِي الدُّخُولِ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَفِي الْخُرُوجِ الْيُمْنَى، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْأَدَبِ، الصَّحْرَاءُ وَالْبُنْيَانُ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيُقَدِّمُ الْيُسْرَى إِذَا بَلَغَ مَقْعَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي انْصِرَافِهِ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْبُنْيَانِ. وَأَنْ يَسْتَبْرِئَ بِتَنَحْنُحٍ، وَنَتْرِ ذَكَرِهِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ، وَيُكْرَهُ حَشْوُ الْإِحْلِيلِ بِقُطْنٍ وَنَحْوِهِ.
قُلْتُ: يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَاسْتِدْبَارُهُ، بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، وَلَا يَحْرُمُ، وَلَا يُكْرَهُ الْجِمَاعُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَلَا مُسْتَدْبِرَهَا، لَا فِي بِنَاءٍ وَلَا فِي صَحْرَاءَ عِنْدَنَا. وَاسْتِصْحَابُ مَا عَلَيْهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخَلَاءِ مَكْرُوهٌ، لَا حَرَامٌ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ:(بَاسِمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ) . وَيَقُولُ إِذَا خَرَجَ: (غُفْرَانَكَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) . وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْبُنْيَانُ وَالصَّحْرَاءُ، وَلَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الْأَرْضِ، وَيُسْبِلُهُ عَلَيْهِ إِذَا قَامَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى، أَوْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ قَبْلَ خُرُوجِهِ، إِلَّا لِضَرُورَةٍ. فَإِنْ عَطَسَ حَمَدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ، وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ، وَكَذَا يَفْعَلُ فِي حَالِ الْجِمَاعِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْعُدَ عَنِ النَّاسِ، وَأَنْ يَبُولَ فِي مَكَانٍ لَيِّنٍ لَا يَرْتَدُّ عَلَيْهِ فِيهِ بَوْلُهُ. وَيُكْرَهُ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَعِنْدَ الْقُبُورِ، وَيَحْرُمُ الْبَوْلُ عَلَى الْقَبْرِ. وَفِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْخَلَاءَ حَافِيًا. وَلَا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَأَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَا إِلَى فَرْجِهِ، وَلَا إِلَى السَّمَاءِ، وَلَا يَعْبَثَ بِيَدِهِ، وَلَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْإِنَاءِ، وَيُكْرَهُ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ، وَيُكْرَهُ إِطَالَةُ الْقُعُودِ عَلَى الْخَلَاءِ.