الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَلَاثٌ لِلْوَتْرِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَلِكَ. وَالْأَفْضَلُ فِي التَّرَاوِيحِ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: الْأَظْهَرُ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ. وَالثَّانِي: الِانْفِرَادُ أَفْضَلُ. ثُمَّ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالصَّيْدَلَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: الْخِلَافُ فِيمَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ، وَلَا يَخَافُ الْكَسَلَ عَنْهَا، وَلَا تَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِتَخَلُّفِهِ. فَإِنْ فَقَدَ بَعْضَ هَذَا، فَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ قَطْعًا. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ، ثَالِثُهَا: هَذَا الْفَرْقُ. وَيَدْخُلُ وَقْتُ التَّرَاوِيحِ بِالْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ.
فَصْلٌ
التَّطُوُّعَاتُ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِسَبَبٍ، وَلَا وَقْتٍ، لَا حَصْرَ لِأَعْدَادِهَا، وَلَا الرَّكَعَاتِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا. فَإِذَا شَرَعَ فِي تَطَوُّعٍ، وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا، فَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ، وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا. وَلَوْ صَلَّى عَدَدًا لَا يَعْلَمُهُ، ثُمَّ سَلَّمَ، صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي (الْإِمْلَاءِ) . وَلَوْ نَوَى رَكْعَةً، أَوْ عَدَدًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، فَلَهُ ذَلِكَ. وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ غَلَطٌ. ثُمَّ إِذَا نَوَى عَدَدًا، فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ، وَلَهُ أَنْ يَنْقُصَ. فَمَنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَةٍ، فَلَهُ جَعْلُهَا عَشْرًا. أَوْ بِعَشْرٍ، فَلَهُ جَعْلُهَا وَاحِدَةً، بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ. فَلَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ تَغَيُّرِ النِّيَّةِ عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. مِثَالُهُ: نَوَى رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ لِثَالِثَةٍ بِنِيَّةِ الزِّيَادَةِ، جَازَ. وَلَوْ قَامَ قَبْلَهَا عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَإِنْ قَامَ نَاسِيًا، عَادَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ. فَلَوْ بَدَا لَهُ فِي الْقِيَامِ أَنْ يَزِيدَ. فَهَلْ يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ إِلَى الْقُعُودِ ثُمَّ يَقُومُ مِنْهُ، أَمْ لَهُ الْمُضِيُّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ. وَلَوْ زَادَ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا، ثُمَّ نَوَى إِكْمَالَ أَرْبَعٍ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. وَمَا سَهَا بِهِ لَا يُحْسَبُ. وَلَوْ نَوَى أَرْبَعًا، ثُمَّ غَيَّرَ نِيَّتَهُ، وَسَلَّمَ عَنْ رَكْعَتَيْنِ، جَازَ. وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ عَمْدًا،
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَإِنَّ سَلَّمَ سَاهِيًا، أَتَمَّ أَرْبَعًا، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ. فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ السَّلَامِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ ثَانِيًا، فَإِنَّ سَلَامَهُ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ. ثُمَّ إِنْ تَطَوَّعَ بِرَكْعَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّشَهُّدِ. وَإِنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ، فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَشَهُّدٍ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ. وَهَذَا التَّشَهُّدُ رُكْنٌ. وَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، كَمَا فِي الْفَرَائِضِ الرُّبَاعِيَّةِ. فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ وَتْرًا، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّشَهُّدِ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْضًا. وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَجْوِيزَ التَّشَهُّدِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُ الْإِمَامِ، وَالْغَزَالِيُّ. وَفِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ.
قُلْتُ: (الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ) ، مَنْعُهُ، فَإِنَّهُ اخْتِرَاعُ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَا عَهْدَ بِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ. وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالُوا: هُوَ الْأَفْضَلُ، وَإِنْ جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ. وَذَكَرَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ)، وَ (التَّهْذِيبِ) وَجَمَاعَةٌ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى تَشَهُّدَيْنِ بِحَالٍ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ أَكْثَرُ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، إِنْ كَانَ الْعَدَدُ شَفْعًا وَإِنْ كَانَ وَتْرًا، لَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَةٍ. وَالْمَذْهَبُ: جَوَازُ الزِّيَادَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَحَكَى صَاحِبُ (الْبَيَانِ) وَجْهًا: أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ. ثُمَّ إِنْ صَلَّى بِتَشَهُّدٍ، قَرَأَ السُّورَةَ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا، وَإِنْ صَلَّى بِتَشَهُّدَيْنِ، فَهَلْ يَقْرَأُ فِيمَا بَعْدُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْفَرَائِضِ.
وَالْأَفْضَلُ: أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، سَوَاءً كَانَ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ. وَلَوْ نَوَى صَلَاةَ تَطَوُّعٍ، وَلَمْ يَنْوِ رَكْعَةً، وَلَا رَكَعَاتٍ، فَهَلْ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ؟ قَالَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) : فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةً مُطْلَقَةً، هَلْ يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِرَكْعَةٍ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِالْجَوَازِ.