الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
الْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنَ الْإِتْمَامِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَعَلَى الثَّانِي: الْإِتْمَامُ. وَفِي وَجْهٍ: هُمَا سَوَاءٌ. وَاسْتَثْنَى الْأَصْحَابُ صُوَرًا مِنَ الْخِلَافِ.
مِنْهَا: إِذَا كَانَ السَّفَرُ دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ قَطْعًا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَجِدَ مِنْ نَفْسِهِ كَرَاهَةَ الْقَصْرِ، فَيَكَادُ يَكُونُ رَغْبَةً عَنِ السُّنَّةِ، فَالْقَصْرُ لِهَذَا أَفْضَلُ قَطْعًا، بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْإِتْمَامُ إِلَى أَنْ تَزُولَ تِلْكَ الْكَرَاهَةُ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ الرُّخَصِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
وَمِنْهَا: الْمَلَّاحُ الَّذِي يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ، وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ فِي سَفِينَةٍ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ الْإِتْمَامُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي (الْأُمِّ) . وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنَ الْخِلَافِ، فَإِنَّ أَحْمَدَ، لَا يُجَوِّزُ لَهُ الْقَصْرُ.
قُلْتُ: وَمِنْهَا مَا حَكَاهُ صَاحِبُ (الْبَيَانِ) عَنْ صَاحِبِ (الْفُرُوعِ) : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ لَا وَطَنَ لَهُ، وَعَادَتُهُ السَّيْرُ أَبَدًا فَلَهُ الْقَصْرُ، وَلَكِنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاعْلَمْ: أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ لِمَنْ أَطَاقَهُ أَفْضَلُ مِنَ الْإِفْطَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
قُلْتُ: وَتَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ، فَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةً مِنَ التَّابِعِينَ لَا يُجَوِّزُونَهُ. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ: الْغَزَالِيُّ وَصَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) . قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي (الْبَسِيطِ) :
لَا خِلَافَ أَنَّ تَرْكَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِذَا جَمَعَ كَانَتِ الصَّلَاتَانِ أَدَاءً، سَوَاءً جَمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَوِ الثَّانِيَةِ. وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ فِي (الْوَسِيطِ) وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْمُؤَخَّرَةَ تَكُونُ قَضَاءً.
وَغَسْلُ الرِّجْلِ أَفْضَلُ مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ، إِلَّا إِذَا تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنِ السُّنَّةِ، أَوْ شَكَّ فِي جَوَازِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْكِتَابِ، لَوْ نَوَى الْكَافِرُ أَوِ الصَّبِيُّ السَّفَرَ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَبَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَلَهُمَا الْقَصْرُ فِي بَقِيَّتِهِ. وَلَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَأَحَدُهُمَا يَعْتَقِدُ انْقِطَاعَ الْقَصْرِ بِهَا، كَالشَّافِعِيِّ، وَالْآخَرُ لَا يَعْتَقِدُهُ كَالْحَنَفِيِّ، كُرِهَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالثَّانِي. فَإِنِ اقْتَدَى صَحَّ. فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ قَامَ الْمَأْمُومُ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ. وَلَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْبَلَدِ لِلْخَوْفِ وَلَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي الْخَوْفِ إِلَى رَكْعَةٍ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي (مُسْلِمٍ) :(فُرِضَتِ الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً) مَعْنَاهُ: رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ، وَيَنْفَرِدُ الْمَأْمُومُ بِأُخْرَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.