الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَغْرِبَ. وَبِالثَّالِثِ: الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَلَهُ مُخَالَفَةُ هَذَا التَّرْتِيبِ إِذَا وَفَّى بِالشَّرْطِ.
أَمَّا إِذَا نَسِيَ صَلَاتَيْنِ مُتَّفِقَتَيْنِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ: يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمُّمٌ، فَيَتَيَمَّمُ عَشْرَ تَيَمُّمَاتٍ. وَعَلَى الصَّحِيحِ: يَكْفِيهِ تَيَمُّمَانِ يُصَلِّي بِكُلِّ وَاحِدٍ الْخَمْسَ، وَلَا يَكْتَفِي بِثَمَانِ صَلَوَاتٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَنْسِيَّيْنِ، صُبْحَيْنِ أَوْ عِشَاءَيْنِ، وَمَا صَلَّاهُمَا إِلَّا مَرَّةً مَرَّةً. أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ، هَلِ الْفَائِتَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، أَمْ مُتَّفِقَتَانِ؟ فَيَلْزَمُهُ الْأَحْوَطُ، وَهُوَ أَنَّهُمَا مُتَّفِقَتَانِ. أَمَّا إِذَا تَرَكَ صَلَاةً مَفْرُوضَةً، أَوْ طَوَافًا مَفْرُوضًا، وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ، فَيَأْتِي بِطَوَافٍ، وَبِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الضَّعِيفِ: بِسِتِّ تَيَمُّمَاتٍ، وَلَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا بِتَيَمُّمٍ، ثُمَّ أَرَادَ إِعَادَتَهَا مَعَ جَمَاعَةٍ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ، جَازَ إِنْ قُلْنَا: الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ. وَكَذَا إِنْ قُلْنَا: الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا عَلَى الصَّحِيحِ، كَالْمَنْسِيَّةِ. وَلَوْ صَلَّى الْفَرْضَ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى وَجْهٍ، يَجِبُ مَعَهُ الْقَضَاءُ، وَأَرَادَ الْقَضَاءَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْفَرْضُ الْأَوَّلُ جَازَ. وَإِنْ قُلْنَا: الثَّانِي أَوْ كِلَاهُمَا فَرْضٌ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ قُلْنَا: أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي إِذَا قُلْنَا: الثَّانِيَةُ فَرْضٌ أَنْ يَجُوزَ، لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَافِلَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِفَرِيضَةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا، فَلَوْ فَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ لِلْفَرْضِ، وَلَا لِلنَّفْلِ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالتَّيَمُّمِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيَكُونُ وَقْتُ الْأُولَى وَقْتًا لِلثَّانِيَةِ. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلظُّهْرِ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ تَيَمَّمَ لِلْعَصْرِ لِيَجْمَعَهَا، فَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ فِعْلِهَا، بَطَلَ الْجَمْعُ وَالتَّيَمُّمُ. وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ
بِتَذَكُّرِهَا. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِمُؤَدَّاةٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَصَلَّاهَا بِهِ فِي آخِرِهِ، جَازَ قَطْعًا. نَصَّ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَفِيهِ وَجْهٌ مَشْهُورٌ فِي (الْحَاوِي) وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إِلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، كَالْمُسْتَحَاضَةِ. وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ ضَحْوَةً، فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى دَخَلَتِ الظُّهْرُ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلظُّهْرِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَائِتَةً، قِيلَ: يَسْتَبِيحُهَا بِهِ قَطْعًا.
وَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ تَعْيِينَ الْفَرِيضَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. فَإِنْ شَرَطْنَاهُ، لَمْ يَصِحَّ غَيْرُ مَا نَوَاهُ.
أَمَّا النَّوَافِلُ: فَمُؤَقَّتَةٌ وَغَيْرُهَا. أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ: فَكَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ، وَصَلَاةِ الْعِيدِ، وَالْكُسُوفِ. وَأَوْقَاتُهَا مَعْرُوفَةٌ. وَوَقْتُ الِاسْتِسْقَاءِ، الِاجْتِمَاعُ لَهَا فِي الصَّحْرَاءِ. وَوَقْتُ الْجِنَازَةِ: انْقِضَاءُ الْغُسْلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمَوْتُ، عَلَى الثَّانِي، فَإِنْ تَيَمَّمَ لِمُؤَقَّتَةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. وَإِنْ تَيَمَّمَ لَهَا فِي وَقْتِهَا، اسْتَبَاحَهَا، وَفِي اسْتِبَاحَةِ الْفَرْضِ، الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ. فَإِنِ اسْتَبَاحَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ فِي وَقْتِ الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ لِفَائِتَةِ ضَحْوَةٍ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤَقَّتَةِ، فَيَتَيَمَّمُ لَهَا كُلَّ وَقْتٍ، إِلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ، فَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ. هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، فِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لِلنَّافِلَةِ وَحْدَهَا صَحِيحٌ. وَفِيهِ الْوَجْهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي.
قُلْتُ: وَلَوْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ لَا سَبَبَ لَهَا قَبْلَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، لَمْ تَبْطُلْ بِدُخُولِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، بَلْ يَسْتَبِيحُهَا بَعْدَهُ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ قَبْلَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ مَسَحَ الْوَجْهَ فِي الْوَقْتِ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ أَخْذَ التُّرَابِ مِنْ وَاجِبَاتِ
التَّيَمُّمِ، فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ شَاكًّا فِي الْوَقْتِ، وَصَادَفَهُ، لَمْ يَصِحَّ. وَكَذَا لَوْ طَلَبَ شَاكًّا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ، لَمْ يَصِحَّ الطَّلَبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: قَضَاءُ الصَّلَاةِ لَعُذْرٍ ضَرْبَانِ: عَامٌّ، وَنَادِرٌ.
فَالْعَامُّ: لَا قَضَاءَ مَعَهُ، كَصَلَاةِ مُسَافِرٍ مُحْدِثٍ، أَوْ جُنُبٍ بِالتَّيَمُّمِ - لِعَدَمِ مَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ. وَفِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ أَوْجُهٌ. الْأَصَحُّ: يَجِبُ التَّيَمُّمُ وَالْقَضَاءُ. وَالثَّانِي: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَقْضِي. وَالثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ.
وَقَصِيرُ السَّفَرِ كَطَوِيلِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَعَهُ قَوْلَانِ - وَكَصَلَاةِ الْمَرِيضِ بِالتَّيَمُّمِ، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ مُضْطَجِعًا، وَالصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ.
وَأَمَّا النَّادِرُ: فَقِسْمَانِ. قِسْمٌ يَدُومُ غَالِبًا، وَقِسْمٌ لَا يَدُومُ. فَمَا يَدُومُ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ، كَالِاسْتِحَاضَةِ، وَسَلَسِ الْبَوْلِ، وَالْمَذْيِ، وَالْجُرْحِ السَّائِلِ، وَاسْتِرْخَاءِ الْمَقْعَدِ، وَدَوَامِ خُرُوجِ الْحَدَثِ، سَوَاءً كَانَ لَهُ بَدَلٌ، أَمْ لَا.
وَمَا لَا يَدُومُ نَوْعَانِ. نَوْعٌ مَعَهُ بَدَلٌ، وَنَوْعٌ لَا بَدَلَ مَعَهُ، فَمَا لَا بَدَلَ مَعَهُ يُوجِبُ الْقَضَاءَ، وَذَلِكَ صُوَرٌ.
مِنْهَا: مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً، وَلَا تُرَابًا. وَفِيهِ أَقْوَالٌ. الْمَشْهُورُ: وُجُوبُ الصَّلَاةِ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ. وَالثَّانِي: تَحْرُمُ الصَّلَاةُ. وَالثَّالِثُ: تُسْتَحَبُّ، وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَيْنِ. وَالرَّابِعُ: تَجِبُ الصَّلَاةُ بِلَا قَضَاءٍ، وَإِذَا قُلْنَا: يُصَلِّي، لَا يَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ، وَلَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ، وَلَا وَطْءُ الْحَائِضِ، وَإِذَا قَدَرَ عَلَى مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ فِي الصَّلَاةِ، بَطَلَتْ.
وَمِنْهَا: الْمَرْبُوطُ عَلَى خَشَبَةٍ، وَمَنْ شُدَّ وَثَاقُهُ بِالْأَرْضِ، يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَيُعِيدُ. وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ. إِنْ صَلَّى مُسْتَقْبَلًا الْقِبْلَةَ، لَمْ يُعِدْ، وَإِلَّا عَادَ. قَالَ: وَكَذَا الْغَرِيقُ يُصَلِّي عَلَى خَشَبَةٍ بِالْإِيمَاءِ. وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ نَحْوَهُ.
وَمِنْهَا: مَنْ عَلَى جُرْحِهِ نَجَاسَةٌ يَخَافُ التَّلَفَ مِنْ غَسْلِهَا، أَوْ حُبِسَ فِي
مَوْضِعٍ وَصَلَّى فِيهِ عَلَى النَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ، فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي الْقَدِيمِ: لَا يَجِبُ إِعَادَةُ صَلَاةٍ وَجَبَتْ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلَّةً.
وَأَمَّا مَا مَعَهُ بَدَلٌ فَصُوَرٌ:
مِنْهَا: الْمُقِيمُ إِذَا تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ، لَإِنَّ فَقْدَ الْمَاءِ فِي الْإِقَامَةِ نَادِرٌ، وَإِنَّمَا لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُسَافِرِ، لَإِنَّ فَقْدَ الْمَاءِ فِيهِ يَعُمُّ. هَذَا هُوَ الضَّابِطُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَلَيْسَ مَخْصُوصًا بِالسَّفَرِ، أَوِ الْإِقَامَةِ، حَتَّى لَوْ أَقَامَ فِي مَفَازَةٍ، أَوْ مَوْضِعٍ يُعْدَمُ فِيهِ الْمَاءُ غَالِبًا، وَطَالَتْ إِقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ، فَلَا إِعَادَةَ. وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً، وَعُدِمَ الْمَاءُ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُ السَّفَرِ بَاقِيًا. وَأَمَّا قَوْلُ الْأَصْحَابِ: الْمُقِيمُ يَقْضِي، وَالْمُسَافِرُ لَا يَقْضِي، فَمُرَادُهُمْ: الْغَالِبُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، وَحَقِيقَتُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَمِنْهَا: التَّيَمُّمُ لِعُذْرٍ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعُضْوِ سَاتِرٌ مِنْ جَبِيرَةٍ، أَوْ لُصُوقٍ، فَلَا إِعَادَةَ. وَإِنْ كَانَ سَاتِرٌ مِنْ جَبِيرَةٍ وَنَحْوِهَا، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
الْأَظْهَرُ: أَنَّهُ إِنْ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ، فَلَا إِعَادَةَ، وَإِلَّا وَجَبَتْ. وَالثَّانِي: لَا يُعِيدُ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ: يُعِيدُ.
وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْخِلَافُ إِذَا لَمْ يَتَيَمَّمْ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: يَجِبُ التَّيَمُّمُ، فَتَيَمَّمَ، فَلَا إِعَادَةَ قَطْعًا. وَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْخِلَافِ مُطْلَقًا. هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْجَبِيرَةُ عَلَى مَحَلِّ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ، أَعَادَ بِلَا خِلَافٍ. وَمِنْهَا: التَّيَمُّمُ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ، وَالْأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ. وَالثَّانِي: لَا. وَالثَّالِثُ: يَجِبُ عَلَى الْحَاضِرِ دُونَ الْمُسَافِرِ.
أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ وَوَجْهٌ. وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يُصَلِّي قَائِمًا وَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَالثَّانِي: يُصَلِّي قَاعِدًا. وَهَلْ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ أَمْ يُومِئُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ. وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ حُبِسَ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ، لَوْ سَجَدَ لَسَجَدَ عَلَى نَجَاسَةٍ. وَفِيمَا لَوْ
وَجَدَ ثَوْبًا طَاهِرًا لَوْ فَرَشَهُ عَلَى النَّجَاسَةِ، لَبَقِيَ عَارِيًا. وَفِيمَا لَوْ وَجَدَ الْعَارِي ثَوْبًا نَجِسًا، هَلْ يُصَلِّي فِيهِ، أَمْ عَارِيًا؟ ثُمَّ إِنْ قُلْنَا: الْعُرْيَانُ لَا يُتِمُّ الْأَرْكَانَ، أَعَادَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِيهِ خِلَافُ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا. وَإِنْ قُلْنَا: يُتِمُّهَا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ. سَوَاءً كَانَ فِي السَّفَرِ أَوِ الْحَضَرِ مِمَّنْ يَعْتَادُ الْعُرْيَ، أَوْ مِمَّنْ لَا يَعْتَادُ الْعُرْيَ. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يَعْتَادُ الْعُرْيَ.
قُلْتُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْمَرِيضُ مَنْ يُحَوِّلُهُ لِلْقِبْلَةِ، لَزِمَهُ الصَّلَاةُ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَقِيلَ: قَوْلَانِ. وَهُوَ شَاذٌّ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ: ثُمَّ مَا حَكَمْنَا مِنَ الْأَعْذَارِ: بِأَنَّهُ دَائِمٌ، وَأَسْقَطْنَا بِهِ الْفَرْضَ فَزَالَ بِسُرْعَةٍ، فَهُوَ كَدَائِمٍ، وَمَا حَكَمْنَا أَنَّهُ لَا يَدُومُ فَدَامَ، فَلَهُ حُكْمُ مَا لَمْ يَدُمْ إِلْحَاقًا لِشَاذِّ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ. ثُمَّ كُلُّ صَلَاةٍ أَوْجَبْنَاهَا فِي الْوَقْتِ، وَأَوْجَبْنَا إِعَادَتَهَا، فَهَلِ الْفَرْضُ الْأُولَى، أَمِ الثَّانِيَةُ، أَمْ كِلَاهُمَا، أَمْ إِحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الثَّانِيَةُ. وَعِنْدَ الْقَفَّالِ وَالْفُورَانِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ: كِلَاهُمَا، وَهُوَ أَفْقَهُ، فَإِنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهِمَا - وَهَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ لَا يُسْتَحَبُّ (فِيهَا) تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَذْهَبِ - وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَفِي الْمُسْتَظْهَرِيِّ: وَجْهَانِ. وَيُتَصَوَّرُ فِي مَرِيضٍ وَجَرِيحٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ تَيَمَّمَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، إِذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَرْضًا ثُمَّ أَرَادَ نَفْلًا، وَيُتَصَوَّرُ فِي مُتَيَمِّمٍ لِعَدَمِ الْمَاءِ إِذَا صَلَّى فَرْضًا وَلَمْ يُفَارِقْ مَوْضِعَهُ، وَلَمْ نُوجِبْ طَلَبًا لِتَحَقُّقِهِ الْعَدَمَ أَوْ لَمْ نُوجِبْهُ ثَانِيًا. وَحُكْمُ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ كَهُوَ فِي الْوُضُوءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، اسْتُحِبَّ مَسْحُ الْعَضُدِ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِرْفَقٌ، اسْتَطْهَرَ حَتَّى يَعْلَمَ. وَلَوْ وَجَدَ الْمُسَافِرُ عَلَى الطَّرِيقِ خَابِيَةَ مَاءٍ مُسَبَّلَةٍ، تَيَمَّمَ، وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهَا، لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُوضَعُ لِلشُّرْبِ. ذَكَرُهُ الْمُتَوَلِّي، وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ. وَلَوْ مُنِعَ مِنَ الْوُضُوءِ إِلَّا مَنْكُوسًا، فَهَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّيَمُّمِ، أَمْ عَلَيْهِ غَسْلُ الْوَجْهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ، حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ.