الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأتصدّق بها عليك فقبلها. فقالت عائشة: ما في المرأة تهب نفسها لرجل خير. فقالت أم شريك: هي أنا، فنزلت: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ [الأحزاب: 50] . قال الواقديّ: رأيت من عندنا يقول: إن هذه الآية نزلت في أمّ شريك.
12103- أم شريك:
القرشيّة العامريّة «1» . من بني عامر بن لؤيّ.
نسبها ابن الكلبيّ، فقال: بنت دودان بن عوف بن عمرو بن خالد بن ضباب بن حجير بن معيص بن عامر. وقال غيره: عمرو بن عامر بن رواحة بن حجير. وقال ابن سعد:
اسمها غزية بنت جابر بن حكيم، كان محمد بن عمر يقول: هي من بني معيص بن عامر بن لؤيّ. وكان غيره يقول: هي دوسيّة من الأزد، ثم أسند عن الواقديّ، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: كانت أم شريك من بني عامر بن لؤيّ معيصيّة وهبت نفسها للنّبيّ فلم يقبلها فلم تتزوّج حتى ماتت.
وقال أبو عمر: كانت عند أبي العكر بن سمي بن الحارث الأزديّ ثم الدّوسي، فولدت له شريكا، وقيل: إن اسمها غزيلة، بالتّصغير، ويقال غزيّة بتشديد الياء بدل اللّام، وقيل بفتح أولها. وقال ابن مندة: فاختلف في اسمها فقيل غزيلة. وقال أبو عمر: من زعم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم نكحها قال: كان ذلك بمكّة. انتهى.
وهو عجيب، فإنّ قصّة الواهبة نفسها إنما كانت بالمدينة، وقد جاء من طرق كثيرة أنها كانت وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
وأخرج أبو نعيم، من طريق محمد بن مروان السّديّ- أحد المتروكين، وأبو موسى من طريق إبراهيم بن يونس، عن زياد، عن بعض أصحابه، عن ابن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: ووقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكّة، وهي إحدى نساء قريش ثم إحدى بني عامر بن لؤيّ، وكانت تحت أبي العكر الدّوسي، فأسلمت، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرّا فتدعوهن وترغّبهن في الإسلام حتى ظهر أمرها لأهل مكّة، فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا. ولكنا سنردك إليهم.
قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثا لا يطعموني ولا يسقوني. قالت: فما أتت عليّ ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنزلوا
(1) أسد الغابة ت (7497) ، الاستيعاب ت (3626) ، الثقات 3/ 463، السمط الثمين 143، تقريب التهذيب 2/ 622، تجريد أسماء الصحابة 2/ 325. تهذيب التهذيب 12/ 472، الكاشف 3/ 489، تهذيب الكمال ح 3/ 1704. التاريخ لابن معين 2/ 26، خلاصة تهذيب الكمال 3/ 400، الجرح والتعديل 9/ 464. حلية الأولياء 2/ 66، تلقيح فهوم أهل الأثر 26، 27، 387.
منزلا، وكانوا إذا نزلوا أوثقوني في الشّمس واستظلوا وحبسوا عني الطّعام والشّراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذا أنا بأثر شيء عليّ برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلا ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلا، ثم رفع ثم عاد أيضا، ثم رفع فصنع ذلك مرارا حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي. فلما استيقظوا فإذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه. فقلت: لا، واللَّه ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، وأسلموا بعد ذلك.
وأقبلت إلى النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ووهبت نفسها له بغير مهر، فقبلها ودخل عليها، فلما رأى عليها كبرة طلقها «1» .
وقد تقدّمت هذه القصة عن أم شريك بلفظ آخر من وجه آخر في ترجمة بنت أبي العكر في كنى النّساء، وسنده مرسل، وفيه الواقديّ. وأخرج أبو موسى في الذّيل لها قصّة أخرى مع يهوديّ رافقته إلى المدينة شبيهة بهذه في شربها من الدّلو.
وأخرج أبو موسى أيضا من وجه خر عن الكلبيّ عن أبي صالح، عن ابن عبّاس- شبيهة بالقصّة التي في الخبر المرسل، وحاصله أنه اختلف على الكلبيّ في سياق القصّة، ويتحصل منها- إن كان ذلك محفوظا- أنّ قصّة الدّلو وقعت لأم شريك ثلاث مرات. قال ابن الأثير: استدلّ أبو نعيم بهذه القصّة على أن العامريّة هي الدّوسيّة.
قلت: فعلى هذا يلزم منه أن تكون نسبتها إلى بني عامر، من طريق المجاز، مع أنه يحتمل العكس بأن تكون قرشيّة عامريّة، فتزوّجت في دوس فنسبت إليهم.
وأخرج الحميديّ في مسندة، من رواية مجالد، عن الشّعبيّ، عن فاطمة بنت قيس- أن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: «اعتدّي عند أمّ شريك بنت أبي العكر،
وهذا يخالف ما تقدم أنها زوج أبي العكر، ويمكن الجمع بأن تكون كنية والدها وزوجها اتفقتا أو تصحّفت بنت بالموحدة والنّون من بيت بالموحدة والتّحتانية، وبيت الرجل يطلق على زوجته، فتتفق الرّوايتان.
وقد ذكرت في ترجمة أبي العكر وهم قول أبي عمر في قوله: إن أبا العكر ابنها، وجاء
(1) أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 17 كتاب النكاح باب عرض المرأة نفسها ومسلم في الصحيح 2/ 1040- 1041 عن سهل بن سعد الساعدي كتاب النكاح (16) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم.. (13) حديث رقم (76/ 1425) وأحمد في المسند 3/ 268.
عن أم شريك ثلاثة أحاديث مسندة، ولم تنسب في بعضها، ونسبت في بعضها مع اختلاف من الرّواية في النسبة الأولى،
أخرجه مسلم في الفتن، والترمذيّ في المناقب، من رواية الزّبير، عن جابر، عن أم شريك، قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم «يتفرّق النّاس من الدّجّال» . قالت أم شريك: يا رسول اللَّه، فأين العرب يومئذ؟ قال:«هم قليل» .
وأخرج ابن ماجة من حديث أبي أمامة عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر الدّجال، قال:«ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلّا خرج إليه، ويدعى ذلك اليوم يوم الحلام» «1» .
قالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول اللَّه، فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل، ذكره في حديث طويل.
وهذا يوافق ما
أخرجه الحميديّ، وغيره، من طريق مجالد، عن الشّعبي، عن فاطمة بنت قيس أن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لها:«اعتدّي عند أمّ شريك بنت أبي العكر» «2» ،
وعلى هذا- إن كان محفوظا- فهي الأنصاريّة المتقدّمة، فكأن نسبتها كذلك مجازية أيضا.
الثاني أخرجه الشّيخان من رواية سعيد بن المسيب، عن أم شريك أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرها بقتل الأوزاغ «3» ، ولم تنسب في هذه الرّواية إلا في رواية لأبي عوانة عن سماك.
الثالث أخرجه النّسائيّ، من رواية هشام بن عروة، عن أم شريك- أنها كانت ممن وهبت نفسها للنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ورجاله ثقات ولم ينسبها. وقد أخرجه ابن سعيد، عن عبيد اللَّه بن موسى، عن سنان عن فراس عن الشّعبيّ، قال: المرأة التي عدل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أم شريك الأنصاريّة. وهذا مرسل. رجاله ثقات. ومن طريق شريك القاضي وشعبة، قال شريك عن جابر الجعفي، عن الحكم، عن علي بن الحسين أن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تزوّج أم شريك الدّوسيّة، لفظ شريك. وقال شعبة في روايته: إن المرأة التي وهبت نفسها للنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أم شريك امرأة من الأزد.
(1) أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 38537 وعزاه للطبراني عن أنس.
(2)
أخرجه مسلم 2/ 1114 في كتاب الطلاق باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها حديث رقم 36- 1480.
(3)
أخرجه ابن ماجه في سننه 2/ 1076 في كتاب الصيد باب 12 قتل الوزغ حديث رقم 3228، وأحمد في المسند 6/ 421، 462.