الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ يُكْرِمُهُ مَنْ أَدْرَكْتُ، كَأَبِي حَمْزَةَ، وَسَعْدٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَالجُنَيْدِ، وَابْنِ الخَلَنْجِيِّ، وَيُحِبُّوْنَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ، فَمَا أَغْلَقَ بَاباً، وَلَا ادَّخَرَ شَيْئاً عَنْ أَصْحَابِهِ، وَحَضَرْنَا لَيْلَةَ عُرْسِهِ (1) وَمَعَنَا الجُنَيْدُ، وَرُوَيْمٌ، وَمَعَنَا قَارِئ يَقُوْلُ قَصَائِدَ فِي الزُّهْدِ، فَمَا زَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَامَّةَ لَيْلِهِ فِي النَّحِيْبِ وَالحَرَكَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَحَجَّ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَمَاتَ بِمَكَّةَ بَعْدَ ذَهَابِ الوَفْدِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أَمِيْرُ مَكَّةَ.
قَالَ الخُلْدِيُّ: قَالَ لِي أَبُو أَحْمَدَ القَلَانِسِيُّ:
فَرَّقَ رَجُلٌ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً عَلَى الفُقَرَاءِ، فَقَالَ لِي سَمنُوْنَ: أَمَا تَرَى مَا أَنْفَقَ هَذَا، وَمَا قَدْ عَمِلَهُ؟ وَنَحْنُ لَا نَرْجعُ إِلَى شَيْءٍ نُنْفِقُهُ، فَامضِ بِنَا إِلَى مَوْضِعٍ.
فَذَهَبْنَا إِلَى المَدَائِنَ، فَصَلَّيْنَا أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ رَكْعَةٍ (2) .
102 - صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ *
مَرَّ مَعَ آبَائِهِ (3) .
وَهُوَ: الأَمِيْرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ بنِ هِشَامِ ابنِ الدَّاخِلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ ابنِ الخَلِيْفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
مِنْ خِيَارِ مُلُوْكِ المَرْوَانِيَّةِ.
كَانَ ذَا فَضْلٍ وَدِيَانَةٍ، وَعِلْمٍ وَفَصَاحَةٍ، وَإِقدَامٍ وَشَجَاعَةٍ، وَعَقْلٍ وَسِيَاسَةٍ.
(1) انظر قصة زواجه في " تاريخ بغداد ": 13 / 115.
(2)
انظر الخبر في: " تاريخ بغداد ": 13 / 115. والزيادة منه.
(*) الكامل لابن الأثير: 7 / 424، البيان المغرب: 2 / 141 - 169، عبر المؤلف: 2 / 52، الوافي بالوفيات: 3 / 224 - 225، البداية والنهاية: 11 / 51 - 52، شذرات الذهب: 2 / 164 - 165.
(3)
في الجزء الثامن من المطبوع من " سير أعلام النبلاء ".
بُوْيِعَ بَعْدَ أَبِيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِيْنَ وَمائَتَيْن عَلَى مَدَائِنِ الأَنْدَلُسِ.
وَكَانَ كَثِيْرَ الغَزْوِ وَالتَّوَغُّلِ فِي بِلَادِ الرُّوْمِ، يَبْقَى فِي الغَزْوَةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، قَتْلاً وَسَبْياً.
قَالَ الحَافِظُ بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ: مَا رَأَيْتُ وَلَا عَلِمْتُ أَحَداً مِنَ المُلُوْكِ أَبلَغَ لَفْظاً مِنَ الأَمِيْرِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَلَا أَفْصَحَ وَلَا أَعْقَلَ مِنْهُ.
قَالَ سِبْطُ ابْنُ الجَوْزِيِّ: هُوَ صَاحِبُ وَقْعَةِ سَلِيْط (1) ، وَهِيَ مَلْحَمَةٌ عُظْمَى، يُقَال: إِنَّهُ قُتِلَ فِيْهَا ثَلَاثُ مائَة أَلْفِ كَافِرٍ، وَهَذَا شَيْءٌ مَا سُمِعَ بِمِثْلِهِ قَطُّ، وَمَدَحَتْهُ الشُّعَرَاءُ (2) .
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ؛ المُنْذِرُ (3) ، فَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ.
(1) جاء في " البيان المغرب ": 2 / 168 - 169، حول وقعة وادي سليط: " قال أبو عمر السالمي: كانت أولى غزواته إلى بلد العدو، وحشد لها، وجند، وصوب كيف شاء وقد ألفى العدو وقد ضاق بخيله الفضاء الواسع، والمكان الداني والشاسع، وهو متأهب للقائه، متوجه إلى تلقائه.
فخامر الأمير محمدا الجزع، وشابه الروع والفزع، وظن أن لا منجاة من الكفار، وأن المسلمين هناك طعم الشفار.
فرأى من الحزم الاوكد، والنظر الاحمد الارشد الرجوع عن تلك الحركة، لقوله تعالى:(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)[سورة البقرة: 195] .
فقام رجل، فقال: أيها الأمير: قال الله تبارك وتعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم
…
) [آل عمران: 173] .
فقال له الأمير محمد: والله ما حذرت نفسي، إلا أنه لا رأي لمن لا يطاع، ولست أستطيع أن أجاهد وحدي: فقال له العتبي: والله ما أراه قذف بها على لسانه إلا ملك، فاستخر الله في ليلك هذا وفي يومك.
فأراه الله في مقابلة العدو الرشاد والهمة والتوفيق والسداد، فندب الناس إلى لقاء أعداء الله ونصر دينه، وأن يكون كل على أحسن ظنه من الظفر ويقينه.
فما انعقدت راياتهم، وتأكدت على المقارعة نياتهم، قدم عليهم الأمير محمد ابنه المنذر إذ كان مشهورا بالبأس، محبوبا في الناس.
فسار المسلمون إلى أن التقى الجمعان، والتف الفريقان، فأعقب الله لاوليائه ظفرا ونصرا، وجعل بعد عسر يسرا ".
(2)
انظر بعض ما قيل فيه، في " البيان المغرب ": 2 / 166 وما بعدها.
(3)
أخباره في " البيان المغرب ": 2 / 170 - 181.