الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَحَلَ وَجَالَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بن إِسْمَاعِيْلَ، وَمُعَلَّى بنِ أَسَدَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ بنُ شَبَّةَ النُّمَيْرِيُّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثِقَةٌ (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مَوْصُوَفاً بِالدِّينِ وَالسِّتْرِ (2) .
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
45 - ابْنُ سَحْنُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلَامِ التَّنُوخِيُّ *
فَقِيْهُ المَغْرِبِ، مُحَمَّدٌ أَبُو عَبْدِ اللهِ، ابْنُ فَقِيْهِ المَغْرِبِ عَبْدِ السَّلَامِ سَحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ التَّنُوخِيُّ، القَيْرَوَانِيُّ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ.
تَفَقَّهَ بِأَبِيهِ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِ.
وَكَانَ مُحَدِّثاً بَصِيْراً بِالآثَارِ، وَاسِعَ العِلْمِ، مُتَحَرِّياً مُتْقِناً، عَلَاّمَةً، كَبِيْرَ القَدْرِ، وَكَانَ يُنَاظِرُ أَبَاهُ.
وَقِيْلَ لِعِيْسَى بنِ مِسْكِيْنٍ: مَنْ خَيْرُ مَنْ رَأَيْتَ فِي الغِلْمَةِ؟
قَالَ: ابْنُ سَحْنُوْنَ.
(1) ما قاله ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ": 8 / 120 - 121: " كتبت عنه مع أبي ببغداد، وهو صدوق ".
(2)
تاريخ بغداد: 3 / 394.
(*) رياض النفوس: 1 / 345 - 60؟، عبر المؤلف: 2 / 31، الوافي بالوفيات: 3 / 86، لسان الميزان: 5 / 259، شذرات الذهب: 2 / 150.
قُلْتُ: لَهُ مُصَنَّفٌ كَبِيْرٌ فِي فنُوْنٍ مِنَ العِلْمِ، وَلَهُ كِتَابُ:(السِّيَرِ) ، عِشْرُوْنَ مُجَلَّداً، وَكِتَابُ:(التَّارِيْخِ (1)) ، وَمُصَنَّفٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَالعِرَاقِيِّيْنَ.
وَقِيْلَ: لَمَّا مَاتَ ضُرِبَتِ الخِيَامُ حَوْلَ قَبْرِهِ، فَأَقَامُوا شَهْراً، وَأُقِيْمَتْ هُنَاكَ أَسْوَاقُ الطَّعَامِ، وَرَثَتْهُ الشُّعَرَاءُ، وَتَأَسَّفُوا عَلَيْهِ (2) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
ثمَّ رَأَيْتُ لَهُ تَرْجَمَةً طَوِيْلَةً، فِي (تَارِيْخِ (3)) أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَالِكِيِّ (4)، قَالَ: قَالَ أَبُو العَرَبِ:
كَانَ ابْنُ سَحْنُوْنَ إِمَاماً ثِقَةً، عَالِماً بِالفِقْهِ (5) ، عَالِماً بِالآثَارِ، لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ أَحَدٌ أَجْمَعَ لِفُنُوْنِ العِلْمِ مِنْهُ، أَلَّفَ فِي جَمِيْعِ ذَلِكَ كُتُباً كَثِيْرَةً، نَحْو مائَتَي كِتَابٍ، فِي العُلُوْمِ وَالمَغَازِي وَالتَّوَارِيْخِ.
وَكَانَ أَبُوْهُ يَقُوْلُ: مَا أُشَبِّهُهُ إِلَاّ بأَشْهَبَ.
وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ غَيْرُ حَلْقَةِ أَبِيْهِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَمائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَمُوْسَى بنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ يَحْيَى المَدَنِيِّ.
وَارتِحَالُهُ إِلَى المَشْرِقِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلَاثِيْنَ، فَلَقِيَ أَبَا المُصْعَبِ الزُّهْرِيَّ، وَيَعْقُوْبَ بنَ كَاسِبٍ.
(1) قال الصفدي عنه في " الوافي ": 3 / 86: " وهو ستة أجزاء ".
(2)
انظر بعض ما قيل فيه في " رياض النفوس ": 1 / 356.
(3)
انظر: رياض النفوس: 1 / 345 - 360. والملاحظ أن الذهبي قد نقل هذه الترجمة مختصرة هنا، فراجع " الرياض " إن شئت.
(4)
هو مؤرخ من أهل القيروان، كانت وفاته سنة 453، وتاريخه هو:" رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم وعبادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم ". وقد طبع الجزء الأول منه في مصر عام (1951 م) بتحقيق حسين مؤنس.
(5)
في " الرياض ": 1 / 345: كان " عالما بالمذهب، مذهب أهل المدينة ".
وَقِيْلَ: إِنَّ المُزَنِيَّ - صَاحِبَ الشَّافِعِيِّ - أَتَاهُ، فَلَمَّا خَرَجَ، قِيْلَ لَهُ: كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟
فَقَالَ: لَمْ أَرَ أَعْلَمَ مِنْهُ، وَلَا أَحَدَّ ذِهْناً - عَلَى حَدَاثَةِ سِنِّهِ (1) -.
وَأَلَّف كِتَابَ: (الإِمَامَةِ)، فَقِيْلَ: كَتَبُوْهُ وَنفَّذُوْهُ إِلَى المُتَوَكِّلِ.
وَكَانَ ذَا تَعَبُّدٍ وَتَوَاضُعٍ وَرِبَاطٍ، وَصَدْعٍ بِالْحَقِّ.
ونَاظَرَ (2) شَيْخاً مُعْتَزِلِيّاً، فَقَالَ: يَا شَيْخُ! المَخْلُوْقُ يَذِلُّ لِخَالِقِهِ؟ فَسَكَتَ، فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ بِالذِّلَّةِ عَلَى القُرْآنِ، فَقَدْ خَالَفْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى:{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيْزٌ} . [فُصِّلَتْ: 41]
وَسُئِلَ ابْنُ عَبْدُوْسٍ عَنِ الإِيْمَانِ: أَمَخْلُوْقٌ هُوَ، أَوْ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ؟ فَلَمْ
(1) انظر: رياض النفوس: 1 / 346. والزيادة منه.
(2)
ذكر صاحب " رياض النفوس " المناظرة 1 / 350 - 351، ونصها: " وحضر محمد ابن سحنون يوما عند علي بن حميد الوزير، وكان علي يبغيه، وكان يجل محمدا ويعظمه ويكبره، وكان في مجلسه جماعة ممن يحسنون المناظرة، وأحضر معهم شيخا قدم من المشرق، يقال له: أبو سليمان النحوي، صاحب الكسائي الصغير، وكان يقول بخلق القرآن، ويذهب إلى الاعتزال، فقال علي بن حميد الوزير لمحمد: يا أبا عبد الله! إن هذا الشيخ وصل إلينا من المشرق، وقد تناظر معه هؤلاء، فناظره أنت.
فقال محمد: تقول أيها الشيخ أو تسمع؟ فقال له الشيخ: قل يا بني.
فقال محمد: أرأيت كل مخلوق هل يذل لخالقه؟ فسكت الشيخ، ولم يحر جوابا، ومضى وقت طويل، وانحصر، ولم يأت بشيء.
فقال له محمد: كم سنة اتت عليك أيها الشيخ؟ فقال له: ثمانون سنة.
فقال ابن سحنون للوزير ابن حميد: قد اختلف أهل العلم في الصلاة على الميت بعد سنة من يوم موته، فقال بعضهم: يصلى عليه، وأجمعوا أنه إذا جاوز السنة لا يصلى عليه.
وهذا الشيخ له ثمانون سنة ميت في عداد الموتى، فقد سقطت الصلاة عليه بإجماع. ثم قام. فسر بذلك علي بن حميد وأهل المجلس.
فسئل ابن سحنون: أن يبين لهم معنى سؤاله هذا.
فقال: إن قال: إن كل مخلوق يذل لخالقه، فقد كفر، لأنه جعل القرآن ذليلا، لأنه يذهب إلى أنه مخلوق، وقد قال الله عزوجل:(وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) وإن قال: إنه لا يذل، فقد رجع إلى مذهب أهل السنة، لأنه لا يذهب في هذه الحالة إلى أنه مخلوق الذي هو صفة من صفاته ".