الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُؤَمَّلِ يَقُوْلُ: كُنَّا نَقُوْل: مَا بَقِيَ فِي الدُّنْيَا مَدِيْنَةٌ لَمْ يَدْخُلْهَا الفَضْلُ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، إِلَاّ الأَنْدَلُسَ.
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ القَاسِمِ العَتَكِيَّ، سَمِعْتُ الفَضْلَ الشَّعْرَانِيَّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ يَقُوْلُ:
مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَاّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ: كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَتَوَلَّى الَانتَخَابَ عَلَى الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ مَسْعُوْدٌ السِّجْزِيُّ: سَأَلْتُ الحَاكِمَ عَن الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، لَمْ يُطْعَنْ فِي حَدِيْثِهِ بِحُجَّةٍ (1) .
وَأَمَّا الحُسَيْنُ القَبَّانِيُّ فَرَمَاهُ بِالكَذِبِ، فَبَالَغَ.
148 - الدَّارِمِيُّ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ خَالِدِ بنِ سَعِيْدٍ *
الإِمَامُ، العَلَاّمَةُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، شَيْخُ تِلْكَ الدِّيَارِ، أَبُو سَعِيْدٍ التَّمِيْمِيُّ، الدَّارِمِيُّ، السِّجِسْتَانِيُّ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) الكَبِيْرِ وَالتَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: قَبْلَ المائَتَيْنِ بِيَسِيْرٍ، وَطَوَّفَ الأَقَالِيْمَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ.
وَسَمِعَ: أَبَا اليَمَانِ، وَيَحْيَى بنَ صَالِحٍ الوُحَاظِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 627.
(*) الجرح والتعديل: 6 / 153، طبقات الحنابلة: 1 / 221، تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 49 أ - 50 أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 621 - 622، عبر المؤلف: 2 / 64، طبقات السبكي: 2 / 305 - 306، البداية والنهاية: 11 / 69، طبقات الحفاظ: 274، شذرات الذهب: 2 / 176.
مَرْيَمَ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدَ الغَفَّارِ بنَ دَاوُدَ الحَرَّانِيَّ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَأَبَا سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيَّ، وَنُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ صَالِحٍ؛ كَاتِبَ اللَّيْثِ، وَمُحَمَّدَ بنَ كَثِيْرٍ، وَمُسَدَّدَ بنَ مُسَرْهَدٍ، وَأَبَا تَوْبَةَ الحَلَبِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ رَجَاءٍ الغُدَانِيّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَفَرْوَةَ بنَ المَغْرَاء، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَسَهْلَ بنَ بَكَّارٍ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المِنْهَالِ، وَالهَيْثَمَ بنَ خَارِجَةَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً، بِالحَرَمَيْنِ وَالشَّامِ، وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ وَبِلَادِ العَجَمِ.
وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي (الرَدِّ عَلَى بِشْرٍ المرِّيْسِيِّ (1)) وَكِتَاباً فِي (الرَدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ) رَوَيْنَاهُمَا.
وَأَخَذَ عِلْمَ الحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَيَحْيَى وَأَحْمَدَ، وَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ، وَكَانَ لَهِجاً بِالسُّنَّةِ، بَصِيْراً بِالمُنَاظَرَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّرَّامُ (2) ، وَمُؤَمَّلُ بنُ الحُسَيْنِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ،
(1) رد فيه على بشر بن غياث المريسي، وهو من أصحاب الرأي.
درس الفقه على أبي يوسف، واتجه اهتمامه إلى الاشتغال بالكلام، وغلا في القول بخلق القرآن.
وكتابه هذا يعد من أجل الكتب المصنفة في بابها وأنفعها، إلا أنه اشتمل على الفاظ منكرة أطلقها على الله، كالجسم، والحركة، والمكان، والحيز، (ص: 379 وما بعدها) .
دعاه إليها عنف الرد، وشدة الحرص على إثبات صفات الله وأسمائه التي كان يبالغ بشر المريسي في نفيها، وكان الاجدر به أن لا يتفوه بها، وينهج منهج السلف في الاقتصار على إثبات ما ورد في كتاب الله والسنة الصحيحة في باب الصفات.
قال الامام الذهبي في هذا الكتاب: فيه بحوث عجيبة مع المريسي يبالغ فيها في الاثبات، والسكوت عنها أشبه بمنهج السلف في القديم والحديث.
(2)
الصرام: بفتح الصاد والراء المشددة: نسبة إلى بيع الصرم: وهو الذي تنعل به الخفاف. (اللباب) .
وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ يَاسِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَرَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْس الطَّرَائِفِيُّ (1) ، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ الفَقِيْهُ، وَحَامِدُ الرَّفَّاء، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ يَعْقُوْبُ القَرَّابُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ أَهْلِ هَرَاةَ، وَأَهْلِ نَيْسَابُوْرَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ العَبَّاسِ الضَّبِّيَّ، سَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ يَعْقُوْبَ بنَ إِسْحَاقَ القَرَّابَ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْنَا مِثْلَ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ، وَلَا رَأَى عُثْمَانُ مِثْلَ نَفْسِهِ، أَخَذَ الأَدَبَ عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، وَالفِقْهَ عَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ البُوَيْطِيِّ، وَالحَدِيْثَ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، وَابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَتَقَدَّمَ فِي هَذِهِ العُلُوْمِ رحمه الله (2) -.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الأَعْمَشِيُّ: مَا رَأَيْتُ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ، وَيَعْقُوْبَ الفَسَوِيِّ (3) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهْلٍ: قُلْتُ: لأَبِي الفَضْلِ القَرَّابِ:
هَلْ رَأَيْتَ أَفْضَلَ مِنْ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ؟
فَأَطْرَقَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَقَدْ كُنَّا فِي مَجْلِسِ الدَّارِمِيِّ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَمَرَّ بِهِ الأَمِيْرُ عَمْرُو بنُ اللَّيْثِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكُم، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ
…
وَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَدِّ السَّلَامِ (4) .
قَالَ ابْنُ عَبْدُوْسٍ الطَّرَائِفِيُّ: لَمَّا أَرَدْتُ الخُرُوْجَ إِلَى عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ -
(1) الطرائفي: نسبة إلى بيع الطرائف وشرائها، وهي: الاشياء الحسنة المتخذة من الخشب. (اللباب) .
(2)
تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 49 ب.
(3)
تذكرة الحفاظ: 2 / 622.
(4)
انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 49 ب.
يَعْنِي إِلَى هَرَاةَ- أَتَيْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ، فَدَخَلْتُ هَرَاةَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَوْصَلْتُهُ الكِتَابَ، فَقَرَأَهُ وَرَحَّبَ بِي، وَسَأَلَ عَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ قَالَ: يَا فَتَى! مَتَى قَدِمْتَ؟
قُلْتُ: غَداً.
قَالَ: يَا بُنَي! فَارْجِع اليَوْمَ، فَإِنَّكَ لَمْ تَقْدَمْ بَعْدُ، حَتَّى تَقْدَمَ غَداً (1) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْهَرُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ يَقُوْلُ: أَتَانِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ السِّجْزِيُّ، وَكَانَ قَدْ كَتَبَ عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَجَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ إِنَّهُم! يَجِيْؤُونِي، فَيَسْأَلُوْنِي أَنْ أُحَدِّثَهُم، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ لَا يَسَعَنِي رَدُّهُم.
قُلْتُ: وَلِمَ؟
قَالَ: لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (مِنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ، فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ (2)) .
فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عِلْمٍ تعْلَمُهُ، وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُهُ (3) .
قَالَ يَعْقُوْبُ القَرَّابُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيَّ يَقُوْلُ: قَدْ نَوَيْتُ أَنْ لَا أُحَدِّثَ عَنْ أَحَدٍ أَجَابَ إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ.
قَالَ: فَتُوُفِّي قَبْلَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: مَنْ أَجَابَ تَقِيَّةً، فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ، وَتَرْكُ حَدِيْثِهِ لَا يَنْبَغِي.
قُلْتُ: كَانَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ جِذعاً فِي أَعْيُنِ المُبْتَدِعَةِ، وَهُوَ الَّذِي قَامَ
(1) في: تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 50؟: " قال: يا بني فارجع إليهم، فإنك تقدم غدا، فسودت، ثم قال لي: لا تخجل يا بني، فإني أقمت في بلدكم سنتين، فكان مشايخكم إذ ذاك يحتملون عني مثل هذا ".
(2)
حديث صحيح أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2 / 263 و305 و344 و353 و495، وأبو داود (3658) في العلم: باب كراهية منع العلم، والترمذي (2651) في
العلم: باب ما جاء في كتمان العلم، وابن ماجه (261) و (266) وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (95) وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو، صححه ابن حبان (96) والحاكم 1 / 102، ووافقه الذهبي.
(3)
تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 50؟.
عَلَى مُحَمَّدِ بنِ كَرَّامٍ (1) وَطَرَدَهُ عَنْ هَرَاةَ فِيْمَا قِيْلَ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: مَنْ لَمْ يَجْمَعَ حَدِيْثَ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَمَالِكٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، فَهُوَ مُفْلِسٌ فِي الحَدِيْثِ - يُرِيْدُ أَنَّهُ مَا بَلَغَ دَرَجَةَ الحُفَّاظِ -.
وَبِلَا رَيْبٍ، أَنَّ مَنْ جَمَعَ عِلْمَ هَؤُلَاءِ الخَمْسَةِ، وَأَحَاطَ بِسَائِرِ حَدِيْثِهِم، وَكَتَبَهُ عَالِياً وَنَازِلاً، وَفِهِمَ عِلَلَهُ، فَقَدْ أَحَاطَ بِشَطْرِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، بَلْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ عُدِمَ فِي زَمَانِنَا مَنْ يَنْهَضُ بِهَذَا، وَبِبَعْضِهِ، فَنَسْأَلُ اللهَ المَغْفِرَةَ.
وَأَيْضاً فَلَو أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَتَتَبَّعَ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ وَحْدَهُ، وَيَكْتُبَهُ بِأَسَانِيْدَ نَفْسِهِ عَلَى طُوْلِهَا، وَيُبَيِّنَ صَحِيْحِهِ مِنْ سَقِيْمِهِ، لكَانَ يَجِيْءُ (مُسَنَدُهُ) فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ، وإِنَّمَا شَأْنُ المُحَدِّثِ اليَوْمَ الاعْتِنَاءُ بِالدَّوَاوِيْن السِّتَّةِ، وَ (مُسْنَدِ) أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَ (سُنَنِ) البَيْهَقِيِّ، وَضَبْطُ مُتُوْنِهَا وَأَسَانِيْدِهَا، ثُمَّ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ حَتَّى يَتَّقِي رَبَّهُ، وَيَدِيْنُ بِالحَدِيْثِ، فَعَلَى عِلْمِ الحَدِيْثِ وَعُلَمَائِهِ لِيَبْكِ مَنْ كَانَ بَاكِياً، فَقَدْ عَادَ الإِسْلَامُ المَحْضُ غَرِيْباً كَمَا بَدَأَ (2) ، فَلْيَسْعَ امْرُؤٌ فِي فَكَاكِ رَقْبَتِهِ مِنَ النَّارِ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَةَ إِلَاّ بِاللهِ.
ثُمَّ العِلْمُ لَيْسَ هُوَ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، وَلَكِنَّهُ نُوْرٌ يَقْذِفُهُ اللهُ فِي القَلْبِ، وَشَرْطُهُ الَاتِّبَاعُ، وَالفِرَارُ مِنَ الهَوَى وَالَابْتَدَاعِ، وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكُم لِطَاعَتِهِ.
قَالَ المُحَدِّثُ يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ بنِ زِيَادٍ الهَرَوِيُّ، صَاحِبُ ابْنِ مَعِيْنٍ:
(1) انظر: الصفحة: (298)، ت:2. من هذا الجزء.
(2)
قال هذا الامام الذهبي وكان في عصره من أعلام الحديث وحفاظه ونقاده من أمثال المزي والبرزالي وابن تيمية وابن عبد الهادي وغيرهم، فماذا عساه أن يقول لو أنه بعث في زماننا هذا الذي ندر أن تجد فيه من يعنى بالحديث أو يدريه ويحفظ أسانيده ومتونه، ويميز بين صحيحه وسقيمه، فكان من جراء ذلك انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة، في الكتب والمجلات ودورانها على ألسنة الكثير من الخطباء والوعاظ، والعوام.
رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَائِلاً يَقُوْلُ: إِنَّ عُثْمَانَ -يَعْنِي: الدَّارِمِيَّ- لَذُو حَظٍّ عَظِيْمٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّرُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ وَسَأَلْتُهُ عَنْ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ؟
فَقَالَ: ذَاكَ رُزِقَ حُسْنَ التَّصْنِيْفِ.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ الجَارُوْدِيُّ: كَانَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ إِمَاماً يُقْتَدَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّرَّامُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: لَا نكَيِّفُ هَذِهِ الصِّفَات، وَلَا نُكِّذِبُ بِهَا، وَلَا نُفَسِّرُهَا.
وَبَلَغَنَا عَنْ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ كَبِيْرٌ يَحْسُدُهُ: مَاذَا أَنْتَ لَوْلَا العِلْمُ؟
فَقَالَ لَهُ: أَرَدْتَ شَيْناً فَصَارَ زَيْناً.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ (1) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو (2) الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ جِبْرِيْلَ أَمَلُّوهُ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاشِقِيُّ هَروِيّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ بَدَا لَكُم مُوْسَى فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُم عَنْ سَوَاءِ السَّبِيْلِ، وَلَوْ كَانَ حَيّاً ثُمَّ أَدْرَكَ نُبُوَّتِي لَاتَّبَعَنِي)(3) .
(1) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (85)، ت: 2 عن " مشيخة " المؤلف.
(2)
زيادة لا بد منها.
(3)
أخرجه أحمد 3 / 338 و387، والدارمي 1 / 115 والبزار (124) من طرق عن مجالد بهذا الإسناد، ومجالد ضعيف كما قال الامام الذهبي، لكن الحديث يتقوى بشواهده، منها حديث عبد الله بن شداد عند أحمد 3 / 470، 471، وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف، =
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، وَمُجَالِدٌ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ.
وَمِنْ كَلَامِ عُثْمَانَ رحمه الله فِي كِتَابِ (النَّقْضِ) لَهُ:
اتفَقَتِ الكَلِمَةُ مِنَ المُسْلِمِيْنَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ.
قُلْتُ: أَوْضَحُ شَيْءٍ فِي هَذَا البَابِ قَوْلُهُ عز وجل:
{الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتوَى} [طه: 5] فَلْيُمَرَّ كَمَا جَاءَ، كَمَا هُوَ مَعْلُوْمٌ مِنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ، وَيُنَهَى الشَّخْصُ عَنِ المُرَاقَبَةِ وَالجِدَالِ، وَتَأْوِيْلَاتِ المُعْتَزِلَةِ* {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُوْلَ} [آلُ عِمْرَانَ: 53] .
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
مَا خَاضَ فِي هَذَا البَابِ أَحَدٌ مِمَّنْ يُذْكَرُ إِلَاّ سَقَطَ، فَذَكَرَ الكَرَابِيسِيّ فَسَقَطَ حَتَّى لَا يُذْكَرَ، وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ حَافِظٌ بَصِيْرٌ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ وَالمَشَايِخُ بِالبَصْرَةِ يُكْرِمُوْنَهُ، وَكَانَ صَاحِبِي وَرَفِيْقِي -يَعْنِي: فَتَكَلَّم فِيْهِ- فَسَقَطَ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ صَاحِبٍ (1) الشَّاشِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ عَنْ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ؟
فَقَالَ: مِنْهُ تَعَلَّمْنَا الحَدِيْثَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وهَكَذَا أَرَّخَهُ إِسْحَاقُ القَرَّابُ وَغَيْرُهُ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ عَنْ
= وحديث عمر عند أبي يعلى وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وحديث عقبة بن عامر عند الروياني في " مسنده ".
9 / 50 / 2 وفيه ابن لهيعة، وحديث أبي الدرداء عند الطبراني في " الكبير " انظر " مجمع الزوائد " 1 / 173، 174.
(1)
قال السمعاني: 7 / 245 " وأبو علي الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي، أحد الرحالين إلى خراسان والجبال والعراق والحجاز والشام. كثير السماع
…
وكان ثقة، وتوفي بالشاش سنة (314) وقد تحرف في المطبوع من " اللباب " إلى " حاجب " بدل " صاحب ".