الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للأعشى ميمون من قصيدة يمدح بها قيس بن معد يكرب.
وقوله: ترانا: بضم النون من الرؤية بمعنى الظنّ. ونجفى: بضم النون من الجفوة، أي: نعامل بها. [الخزانة ج 4/ 447 والمرزوقي 1240، 1515].
516 - تقول هلكنا إن هلكت وإنّما
…
على الله أرزاق العباد كما زعم
قال السيوطي: فإن كانت (زعم) بمعنى «كفل» تعدت إلى واحد، والمصدر الزعامة، وأنشد البيت، والبيت لعمرو بن شأس. [الخزانة ج 9/ 131، والهمع ج 1/ 149].
517 - ومكن الضبّاب طعام العريب
…
ولا تشتهيه نفوس العجم
ومكن الضبّاب: المكن: بفتح وسكون، بيض الضبة، وقد أراد به هنا البيض مجردا والضّباب: جمع ضب، وهو حيوان تأكله العرب، ويعيّر به بنو تميم، قال الشاعر:
إذا ما تميميّ أتاك مفاخرا
…
فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضبّ
والشاهد: عريب. في تصغير العرب. ومن حقّ الاسم الثلاثي المؤنث بلا تاء عند تصغيره أن تزاد له تاء، للدلالة على المراد منه، والدليل على أن العرب مؤنث في المعنى قولهم: عرب بائدة وعاربة، ومستعربة، فيصفونه بالمؤنث. ويوجّه هنا، بأنه أراد الجيل من الناس. [شرح المفصل ج 4/ 127، واللسان (مكن).
518 - إلى المرء قيس أطيل السّرى
…
وآخذ من كلّ حيّ عصم
البيت للأعشي ميمون من قصيدة مدح بها قيس بن معد يكرب: ومطلعها:
أتهجر غانية أتلم
…
أم الحبل واه بها منجذم
أم الصّبر أحجى فإنّ امرأ
…
سينفعه علمه إن علم
ثم يصف الطريق، والناقة التي أوصلته إلى الممدوح فيقول:
ويهماء تعزف جنّاتها
…
مناهلها آجنات سدم
قطعت برسامة جسرة
…
عذافرة كالفنيق القطم
واليهماء - بالياء في أولها - الفلاة التي لا يهتدى إلى الطريق فيها، يصوّت فيها الجن ومناهلها فاسدة، ومدّفنة، وناقته رسامة: تؤثر في الطريق بمشيها، وهي جسرة قوية وفيها
نشاط مثل الفحل الهائج في وقت الضرّاب، ثم يقول: ذكرا فوائد الناقة:
تفرّج للمرء من همّه
…
ويشفى عليها الفؤاد السّقم
ثم يذكر البيت الشاهد:
وقوله إلى المرء: ال: في المرء لاستغراق خصائص الأفراد نحو زيد الرجل أي:
الكامل في هذه الصفة. وقيس: بدل من المرء. والسّرى: يكون أول الليل وأوسطه وآخره.
وقوله: وآخذ: معطوف على أطيل السرى، وعصم: جمع عصام، يعني عهدا يبلغ به ويعزّ به أو عصم: جمع عصمة: بكسر العين، وهو الحبل والسبب مثل قوله تعالى وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [الممتحنة: 10] وإنما كان يأخذ من كل قبيلة عهدا إلى قبيلة أخرى، لأن له في كل حيّ أعداء، ممن هجاهم أو ممن يكره ممدوحه، فيخشى القتل، فيأخذ عهدا، ليصل سالما إلى ممدوحه. وهذا من الخيوط الدقيقة التي تربط أجزاء القصائد القديمة، من غزل، ووصف طريق، ووصف ناقة، ووصف معاناة الطريق وإن شئت قلت: هي كالمقدمة الموسيقية التي تهيج وتشوق إلى سماع الإنشاد، فليست مبتوتة الصلة بما بعدها كما يزعم الجهلة الذين يقرؤن الشعر القديم، وينعقون وراء كل ناعق.
ومحل الشاهد في البيت: أن الشاعر وقف على المنصوب المنون بالسكون، ولم يبدل تنوينه ألفا. وكان القياس أن يقول: عصما: لأنه مفعول (آخذ) ولكن وقف عليه كما يوقف على المرفوع والمجرور. هذا: وفي القصيدة، صور إنسانية صادقة، تأخذ بمجامع قلب الغريب عن أبنائه، وتحثه إلى شدّ الرحال للعودة إليهم، لتغذيتهم بالحنان الأبويّ الذي لا يغني عنه مال الدنيا، يضعه تحت أقدامهم. فاستمع إلى أبياته التالية، وعش هذه التجربة:
تقول ابنتي حين جدّ الرحيل
…
أرانا سواء ومن قد يتم
فيا أبتا لا تزل عندنا
…
فإنا نخاف بأن نخترم
فلا رمت يا أبتا عندنا
…
فإنا بخير إذا لم ترم
ترانا إذا أضمرتك البلا
…
د نجفى ويقطع منا الرّحم
[الخزانة ج 4/ 446، والخصائص ج 2/ 97 وشرح المفصل ج 9/ 70، وديوان الأعشى].