الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبوذر .. (1).
5440 -
عن المغيرةِ بنِ حبيبٍ خَتَنِ مالكِ بنِ دينارٍ قالَ: قلتُ لمالكِ بنِ دينارٍ وكانتْ بالبصرةِ فتنةٌ: لو خرجتَ بِنا إلى بعضِ سواحِلِ البحرِ، فقالَ: ما كنتُ لأفعلَ ذاكَ، سمعتُ الأَحنفَ بنَ قيسٍ يحدِّثُ قالَ: قالَ أبوذرٍّ: أينَ مَسكنُكَ؟ قلتُ: بالبصرةِ، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «تكونُ بلدةٌ أو قريةٌ أو مِصرٌ يقالُ لَها البصرةُ أقومُ الناسِ قبلاً (2) وأكثرُهم مؤذنينَ، يدفعُ اللهُ عنهم ما يَكرهونَ» .
معجم ابن الأعرابي (2112) حدثنا أبوقلابة: حدثنا محمد بن عباد بن عباد المهبلي قال: سمعت صالح المري ينعق به غير مرة قال: حدثني المغيرة بن حبيب .. (3).
الزهد
5441 -
عن أبي إدريسَ الخَولانيِّ، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قالَ: دخلتُ المسجدَ فإذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالسٌ وحدَهُ، فجلستُ إليهِ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّك أَمَرْتني بالصلاةِ، فمَا الصلاةُ؟ قالَ:«خيرٌ موضوعٌ، فاستكثِرْ أو استقِلَّ» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قالَ:«إيمانٌ باللهِ، وجهادٌ في سبيلِهِ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ المؤمنينَ أفضلُ؟ قالَ:«أحسنُهم خُلُقاً» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ المسلمينَ أفضلُ؟ قالَ:«مَن سَلِمَ الناسُ مِن لسانِهِ ويدِهِ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ الهِجرةِ أفضلُ؟ قالَ:«مَن هَجَرَ السيئاتِ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ الصلاةِ أفضلُ؟ قالَ:«طولُ القنوتِ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ
(1)[إسناده ليس بالقوي]. وقال في المجمع (9/ 330): رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
(2)
هكذا في المطبوع، ولعله «قبلة» ، كما عند ابن أبي حاتم في العلل (2/ 435)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (500).
(3)
[حديث منكر]. وهو في المطالب (4193) بنحوه.
الصيامِ أفضلُ؟ قالَ: «فرضٌ مُجزئٌ، وعندَ اللهِ أضعافٌ كثيرةٌ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قالَ:«مَن عُقِرَ جوادُهُ وأُهريقَ دمُهُ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ الرِّقابِ أفضلُ؟ قالَ:«أَغلاها ثمناً وأنفَسُها عندَ أهلِها» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قالَ:«جُهْدٌ مِن مُقِلٍّ، وسِرٌّ إلى فقيرٍ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأيُّما آيةٍ أَنزلَ اللهُ عليكَ أعظمُ؟، قالَ:«آيةُ الكُرسيِّ» ، ثم قالَ:«يا أبا ذرٍّ، ما السماواتُ السبعُ مَع الكرسيِّ إلا كحَلقةٍ مُلقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ، وفضلُ العرشِ على الكُرسيِّ كفضلِ الفَلاةِ على الحَلقةِ» .
قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، كم الأنبياءُ؟ قالَ:«مئةُ ألفٍ وأربعةٌ وعشرونَ ألفاً» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، كم الرُّسُلُ مِن ذلكَ؟ قالَ:«ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشرَ جَمٌّ غَفيرٌ» ، قلتُ: كثيرٌ طيبٌ، قلتُ: مَن كانَ أولَهم؟ قالَ: «آدمُ عليه السلام» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أَنَبيٌّ مُرسلٌ؟ قالَ:«نَعمْ، خلقَهُ اللهُ تَعالى بيدِهِ، ونفخَ فيهِ مِن روحِهِ، وسوَّاه قبلاً» ، ثم قالَ:«يا أبا ذرٍّ، أربعةٌ سُرْيانيُّونَ: آدمُ وشِيثُ وخنوخُ - وهو إدريسُ وهو أولُ مَن خطَّ بقلمٍ - ونوحٌ، وأربعةٌ مِن العربِ: هودٌ وشعيبُ وصالحٌ ونبيُّكَ يا أبا ذرٍّ، وأولُ أنبياءِ بَني إسرائيلَ موسى، وآخرُهم عيسى، وأولُ الرُّسُلِ آدمُ، وآخرُهم محمدٌ صلواتُ اللهِ عليهم أجمعينَ» .
قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ كم كتاب أنزلَ اللهُ عز وجل؟ قالَ: «مئةُ كتابٍ وأربعةُ كتبٍ، أنزلَ اللهُ عز وجل على شيثَ خمسينَ صحيفةً، وعلى خنوخَ ثلاثينَ صحيفةً، وعلى إبراهيمَ عشرَ صحائِفَ، وأُنزلتْ على موسى مِن قَبلِ التوراةِ عشرُ صحائفَ، وأُنزلتْ التوراةُ والإنجيلُ والزَّبورُ والفرقانُ» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما كانت صحفُ إبراهيمَ عليه السلام؟ قالَ: «كانت أَمثالاً كلُّها: أيُّها الملِكِ المسلَّطُ المُبتلى المغرورُ، إنِّي لم أبعثْكَ لِتجمعَ الدُّنيا بعضَها على بعضٍ، ولكنِّي
بعثتُكَ لتردَّ عنِّي دعوةَ المظلومِ، فإنِّي لا أردُّها ولو كانتْ مِن كافرٍ، وكانَ فيها أمثالُ: وعلى العاقلِ أنْ يكونَ لَه أربعُ ساعاتٍ: ساعةٌ يُناجي فيها ربَّه عز وجل، وساعةٌ يحاسِبُ فيها نفسَهُ، وساعةٌ يُفكرُ في صنعِ اللهِ عز وجل، وساعةٌ يَخلو فيها لحاجتِهِ مِن المَطعمِ والمَشربِ، وعلى العاقلِ أَن لا يكونَ ظاعِناً إلا لثلاثٍ: تزوُّداً لمعادٍ، أو مَرَمَّةً لمعاشٍ، أو لذةً في غيرِ مُحرمٍ، وعلى العاقلِ أَن يكونَ بصيراً بزمانِهِ، مُقبلاً على شأنِهِ، حافظاً للسانِهِ، ومَن حسبَ كلامَهُ مِن عملِهِ قلَّ كلامُهُ إلا فيما يَعنيهِ».
قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما كانت صحفُ موسى عليه السلام؟ قالَ:«كانت عِبراً كلُّها، عجبتُ لِمن أيقنَ بالموتِ ثم هو يفرحُ، عجبتُ لِمن أيقنَ بالقَدَرِ ثم هو ينصَبُ، وعجبتُ لِمن رأَى الدُّنيا وتقلُّبَها بأهلِها ثم اطمأنَّ إليها، وعجبتُ لِمن أيقنَ بالحسابِ غداً ثم هو لا يعملُ» ، ثم قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فهل بأَيدينا شيءٌ مِما كانَ في يَدي إبراهيمَ وموسى عليهما السلام مِما أنزلَ اللهُ عز وجل عليكَ؟ قالَ:«نَعمْ، إقرأْ يا أبا ذرٍّ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأعلى: 14 - 16]، إلى آخرِ هذِهِ السورةِ» يَعني أنَّ ذكرَ هذِه الآياتِ {لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} .
قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ أوصِني، قالَ:«أوصيكَ بتَقوى اللهِ فإنَّه رأسُ أمرِكَ» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«عليكَ بتلاوةِ القرآنِ وذكرِ اللهِ عز وجل، فإنَّه ذكرٌ لكَ في السماءِ، ونورٌ لكَ في الأرضِ» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«إياكَ وكثرةَ الضحكِ فإنَّه يُميتُ القلبَ ويَذهبُ بنورِ الوجهِ» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«عليكَ بالجهادِ فإنَّه رهبانيةُ أُمتي» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْ، قالَ: «عليكَ بالصمتِ إلا مِن خيرٍ، فإنَّه مَطردةٌ للشيطانِ وعونٌ لكَ على
أمرِ دينِكَ»، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«انظرْ إلى مَن هو تحتَكَ ولا تنظرْ إلى مَن هو فوقَكَ، فإنَّه أَجدرُ لكَ أَن لا تزدَرِيَ نعمةَ اللهِ عليكَ» ، قلتُ: زدْني، قالَ:«أحببْ المَساكينَ وجالِسْهم، فإنَّه أَجدرُ أَن لا تزدَرِيَ نعمةَ اللهِ عليكَ» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«صلْ قرابَتَكَ وإنْ قَطَعوكَ» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«قُل الحقَّ وإنْ كانَ مُرّاً» ، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«لا تَخَف في اللهِ لومَةَ لائمٍ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ زدْني، قالَ:«يَرُدُّكَ عن الناسِ ما تعرِفُ مِن نفسِكَ، ولا تجدْ عليهم فيما تجدُ فيما تحبُّ، وكفى بكَ عَيباً أَن تعرفَ مِن الناسِ ما تَجهلُ مِن نفسِكَ، أو تجدَ عليهم فيما تحبُّ» .
ثم ضربَ بيدِهِ على صدْري وقالَ: «يا أبا ذرٍّ، لا عقلَ كالتَّدبيرِ، ولا وَرَعَ كالكَفِّ عن محارِمِ اللهِ، ولا حَسَبَ كخُلُقٍ حسنٍ» .
لفظُ الآجُريِّ، وروايةُ الشَّجريِّ مُختصرةٌ على آخرِهِ: أُوصيكَ بتَقوى اللهِ .. .
الأربعين للآجري (40) حدثنا أبوبكر جعفر بن محمد الفريابي إملاء في شهر رجب من سنة سبع وتسعين ومئتين، وأمالي الشجري (1/ 73) أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن أحمد بن ريذة قال: أخبرنا أبوالقاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي المقرئ،
قالا (الفريابي وأحمد بن أنس): حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبي إدريس الخولاني .. (1).
(1)[طرق الحديث لا تخلو من كذاب أو متروك أو ضعيف جداً، مما لا يتيح لها أن تتقوى بكثرتها، ولكن بعض فقراته صحيحة].
وهو في المجمع مختصراً (4/ 216) وقال: رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني وثقه ابن حبان، وضعفه أبوحاتم وأبوزرعة. وانظر الصحيحة (6/ 361 - 362).
قلت: وبعضه في المسند الجامع (12250)(12380) وانظر ما بعده.
5442 -
عن عُبيدِ بنِ عُميرٍ الثقفيِّ، عن أبي ذرٍّ قالَ: دخلتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو في المسجدِ جالسٌ فاغتنمتُ خلوتَهُ فقالَ: «يا أبا ذرٍّ، للمسجدِ تحيَّتُهُ» ، قلتُ وما تَحيَّتُهُ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ:«رَكعتانِ تركَعُهما» ، ثم التفتُّ إليهِ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّك أمَرْتَني بالصلاةِ، فمَا الصلاةُ؟ قالَ:«خيرٌ موضوعٌ، فمَن شاءَ أقلَّ ومَن شاءَ استكثَرَ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قالَ:«الإيمانُ باللهِ، ثم الجهادُ في سبيلِ اللهِ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ المؤمنينَ أكملُ إيماناً؟ قالَ:«أحسنُهم خُلُقاً» ، قلتُ: فأيُّ المؤمنينَ أفضلُ؟ قالَ: «مَن سَلِمَ الناسُ مِن لسانِهِ ويدِهِ» ، قلتُ: أيُّ الهجرةِ أفضلُ؟ قالَ: «مَن هَجَرَ السوءَ» .
قلتُ: فأيُّ الليلِ أفضلُ؟ قالَ: «جوفُ الليلِ الغابِرِ» ، قلتُ: فأيُّ الصلاةِ أفضلُ؟ قالَ: «طولُ القنوتِ» ، قلتُ: فأيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قالَ: «جهدٌ مِن مُقِلٍّ إلى فقيرٍ في سرٍّ» ، قلتُ: فمَا الصومُ قالَ: «فرضٌ مُجزئٌ، وعندَ اللهِ أضعافٌ كثيرةٌ» ، قلتُ: فأيُّ الرقابِ أفضلُ؟ قالَ: «أَغلاها ثمناً وأنفَسُها عندَ أهلِها» ، قلتُ: وأيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قالَ: «مَن عُقِرَ جوادُهُ وأُهريقَ دمُهُ» ، قلتُ: فأيُّ آيةٍ أنزلَها اللهُ عليكَ أفضلُ؟ قالَ: «آيةُ الكرسيِّ» ، ثم قالَ:«يا أبا ذرٍّ، ما السمواتُ السبعُ في الكرسيِّ إلا كحَلقةٍ مُلقاةٍ في أرضِ فلاةٍ، وفضلُ العرشِ على الكرسيِّ كفضلِ الفلاةِ على الحَلقةِ» .
قلتُ: يا رسولَ اللهِ، كم النبيونَ؟ قالَ:«مئةُ ألفٍ وعشرونَ نبياً» ، قلتُ: كم المُرسلونَ؟ قالَ: «ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشرَ جُمٌّ غفيرٌ» ، قلتُ: مَن كانَ أولَ الأنبياءِ؟ قالَ: «آدمُ» ، قلتُ: وكانَ مِن الأَنبياءِ مُرسلاً؟ قال: «نَعمْ، خلقَهُ اللهُ بيدِهِ ونفخَ فيهِ مِن روحِهِ» ، ثم قالَ: «يا أبا ذرٍّ، أربعةٌ مِن الأنبياءِ سُريانيُّونَ: آدمُ وشيثُ وخنوخُ، وهو إدريسُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وهو أولُ مَن خطَّ بالقلمِ، ونوحٌ صلى الله عليه،
وأربعةُ مِن العربِ: هودٌ وصالحٌ وشعيبٌ ونبيُّكم صلى الله عليهم، فأولُ الأنبياءِ آدمُ، وآخرُهم محمدٌ، وأولُ نبيِّ مِن بَني إسرائيلَ مُوسى، وآخرُهم عيسى، وبينَهما ألفُ نبيٍّ».
قلتُ: يا نبيَّ اللهِ، كم أنزلَ اللهُ مِن كتابٍ؟ قالَ:«مئةَ كتابٍ وأربعةَ كتبٍ، أنزلَ اللهُ على شيث خمسينَ صحيفةً سُريانيةً، وعلى إدريسَ ثلاثينَ صحيفةً، وعلى إبراهيمَ عشرينَ، وأنزلَ التوراةَ والإنجيلَ والزَّبورَ والفُرقانَ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما كانت صُحفُ إبراهيمَ؟ قالَ:«كانتْ أمثالاً كلُّها: أيُّها الملِكُ المُبتَلى المغرورُ، إنِّي لم أبعثْكَ إلى الدُّنيا لتجمَعَ الدُّنيا بعضَها إلى بعضٍ، ولكنِّي بعثتُكَ لِتَردَّ عنِّي دعوةَ المَظلومِ فإنِّي لا أردُّها وإنْ كانتْ مِن كافرٍ، وعلى العاقلِ ما لم يكنْ مغلوباً أنْ يكونَ له ثلاثُ ساعاتٍ: ساعةٌ يُناجي فيها ربَّه، وساعةٌ يحاسِبُ فيها نفسَهُ ويَتفكرُ فيما صنعَ اللهُ فيها إليه، وساعةٌ يَخلو فيها لحاجتِهِ مِن الحلالِ، فإنَّ في هذِهِ الساعةِ عَوناً على تلكِ الساعاتِ واستِجمامَ القلوبِ وتقريعاً لَها، وعلى العاقلِ أن يكونَ بصيراً بزمانِهِ، مُقبلاً على شأنِهِ، حافظاً للسانِهِ، فإنَّ مَن حسبَ كلامَهُ مِن عملِهِ أقلَّ مِن الكلامِ فيما لا يَعنيهِ، وعلى العاقلِ أنْ يكونَ طالعاً طالباً لثلاثٍ: مؤنةً لمعاشٍ وتزوُّداً لمعادٍ وتلذُّذاً في غيرِ مُحرمٍ» .
قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما كانت صُحفُ مُوسى؟ قالَ:«كانت عِبراً كلُّها: عجبتُ لِمن أيقنَ بالموتِ كيفَ يفرحُ، ولِمن أيقنَ بالنارِ كيفَ يضحكُ، ولِمن يَرى الدُّنيا وتقلُّبَها بأهلِها ثم يطمئنُّ إليها، ولِمن أيقنَ بالقَدَرِ ثم يَنصَبُ، ولِمن أيقنَ بالحسابِ ثم لا يعملُ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، هل في الدُّنيا مِما أنزلَ اللهُ عليكَ مِما كانَ في صُحفِ إبراهيمَ ومُوسى عليهما السلام؟ قالَ:«نعمْ يا أبا ذرٍّ، اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15] إلى آخرِ السورةِ» .
قلتُ: يا رسولَ اللهِ أوصِني، قالَ «أوصيكَ بتَقوى اللهِ فإنَّه زينٌ لأمرِكَ كلِّه» ، قلتُ: زدْني، قالَ:«عليكَ بتلاوةِ القرآنِ وذكرِ اللهِ كثيراً، فإنَّه ذكرٌ لكَ في السماءِ ونورٌ لكَ في الأرضِ» ، قلتُ: زدْني، قالَ:«إيَّاكَ وكثرةَ الضحكِ فإنَّه يُميتُ القلوبَ ويَذهبُ بنورِ الوجهِ» ، قلتُ: زدْني، قالَ:«عليكَ بطولِ الصمتِ فإنَّه مَطردةٌ للشياطينِ وعونٌ لكَ على أمرِ دُنياكَ» ، قلتُ: زدْني، قالَ:«قُل الحقَّ وإنْ كان مُرّاً» ، قلتُ: زدْني، قالَ:«لا تخفْ في اللهِ لومَةَ لائمٍ» ، قلتُ: زدْني، قالَ:«لِيحجزْكَ عن الناسِ ما تعلمُ مِن نفسِكَ، ولا تجدْ عليهم فيما تأتي» .
ثم قالَ: «كفى بالمرءِ عيباً أنْ يكونَ فيه ثلاثُ خصالٍ: يعرف مِن الناسِ ما يجهلُ مِن نفسِهِ، ويَستحيي لهم مِما هو فيه، ويُؤذي جليسَهُ فيما لا يَعنيهِ» ، ثم قالَ:«يا أبا ذرٍّ، لا عقلَ كالتَّدبيرِ، ولا وَرَعَ كالكفِّ، ولا حَسَبَ كحُسن الخُلُقِ» .
أمالي الشجري (1/ 204 - 205) أخبرنا أبوطاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالرحيم بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبومحمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن العباس بن أيوب قال: حدثنا محمد بن مرزوق بن بكير قال: حدثنا يحيى بن سعيد العبشمي من بني سعد بن تميم قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير .. (1).
5443 -
عن عُبيدِ بنِ عُميرٍ، عن أبي ذرٍّ قالَ: دخلتُ المسجدَ فإذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: «يا أبا ذرٍّ، ألا أوصيكَ بوصيةٍ إنْ أنتَ حفظْتَها ينفعكَ اللهُ تَعالى بِها!» فقلتُ: بلى بأبي أنتَ وأُمي، فقالَ: «جاوِر القبورَ تذكركَ بها لوعيدِ الآخرةِ، فزُرْها بالنهارِ ولا تزرْها بالليلِ، واغسِل الموتَى فإنَّ في مُعالجةِ جسدٍ خاوٍ عظةً، وشيِّع الجنائزَ فإنَّ ذلكَ يحرقُ قلبَكَ ويُحزنكَ، واعلمْ أنَّ أهلَ الحزنِ في أمنِ اللهِ
(1) يحيى بن سعيد قال ابن حبان: يروي عن ابن جريج المقلوبات.
وانظر الصحيحة (6/ 363). وتقدم قبله من وجه آخر.
جلَّ ذِكرُه في علو مِن اللهِ، وجالسِ أهلَ البلاءِ والمساكينَ وكُلْ مَعهم ومَع خادمِكَ لعلَّ اللهَ تبارك وتعالى يرفعْكَ يومَ القيامةِ، والبَس الخشنَ والشقيقَ مِن الثيابِ تَذللاً للهِ تعالى وتواضعاً لعلَّ الفخرَ والعزَّ لا يَجدانِ في قلبِكَ مَساغاً، وتَزينْ أحياناً في عبادةِ اللهِ بزينةٍ حسنةٍ تعطفاً وتكرماً وتجملاً فإنَّ ذلكَ لا يضركَ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى، وعَسى أَن يحدثَ للهِ شكراً»
أمالي الشجري (2/ 296) أخبرنا أبوطاهر عبدالكريم بن عبدالواحد بن محمد الحسناباذي بقراءتي عليه قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان إملاء قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن بهمرد التستري قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن عبيد بن عقيل قال: حدثنا عمرو بن حصين قال: حدثنا ابن علاثة، عن غالب بن عبيدالله الجزري، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير .. (1).
5444 -
عن أبي إدريسَ الخولانيِّ، عن أبي ذرٍّ رضيَ اللهُ تَعالى عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنِّي موصيكَ بوصيةٍ فاحفظْها لعلَّها تنفعُكَ، زُر القبورَ فإنَّها تُذكرُ الآخرةَ» ، قلتُ: بالليلِ؟ قالَ: «لا، بالنهارِ أحياناً، ولازمْ غسلَ المَوتى، فإنَّ في مُعاينةِ جسدٍ خاوٍ موعظةً بليغةً، وصلِّ على الجنائزِ لعلَّ ذلكَ يُحزِنُكَ، فإنَّ الحزينَ في ظلِّ اللهِ مُعرَّضٌ لكلِّ خيرٍ، وجالس المَساكينَ وصلِّ عليهم، وكُلْ مع صاحبِ البلايا إيماناً وتواضعاً، والبَس الخشنَ مِن الثيابِ، وتزيَّنْ لعبادةِ ربِّكَ أحياناً، ولا تُعذبْ شيئاً مِما خلَقَ اللهُ بالنارِ» .
الأمالي المطلقة (ص 113 - 114) أخبرني أبومحمد عبدالله بن محمد بن محمد بن سليمان وأبوعلي محمد بن أحمد بن عبدالعزيز في آخرين مشافهة، عن أبي نصر محمد بن محمد أبي نصر قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا الحافظ أبوالقاسم بن عساكر
(1) عمرو بن حصين العقيلي متروك، ومثله غالب بن عبيدالله الجزري، وفي المطبوع «بن عبدالله الجريري» . وانظر ما بعده.
قال: أخبرنا أبوسهل محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا عبدالرحمن بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن فراس قال: أخبرنا محمد إبراهيم الديبلي قال: حدثنا علي بن زيد الفرائضي قال: حدثنا موسى بن داود قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن رجل، عن أبي مسلم الخولاني .. (1).
هذا حديث غريب .. .. ، والرجل المبهم في الإسناد ما عرفته .. وقد قال أبوحاتم في موسى بن داود: في حديثه اضطراب، ووثقه أحمد وغيره.
وشيخه يعقوب بن إبراهيم لم أره منسوباً، وكأنه المدني الذي ذكره ابن عدي وذكر له حديثاً تفرد عن هشام بن عروة، وأشار إلى أنه مجهول، والله أعلم.
5445 -
عن أبي ذرٍّ قالَ: قالَ لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أبا ذرٍّ، عليكَ بالورعِ تكنْ أعبدَ العابدينَ، أبا ذرٍّ، عليكَ بالقُنوع تكنْ أَشكَرَ الشاكرينَ، وأَقِلَّ مِن الضحكِ فانَّه مَمرضَةُ للقلبِ، وأحسِنْ إلى جارِكَ، فإذا قالَ: قدْ أَحسنتَ فقدْ أَحسنتَ» .
المحامليات (519) - ومن طريقه قاضي المارستان في مشيخته (275) -: حدثنا عبدالله بن أيوب: حدثنا يحيى بن هشام: حدثنا عمرو بن حبال- في المشيخة: بن حيان- بياع القصب، عن سعيد بن جبير، عن أبي ذر .. (2).
5446 -
عن أبي ذرٍّ: أَوصاني خَليلي صلى الله عليه وسلم أنْ أَخشى اللهَ كأنِّي أراهُ، فإِن لم أكنْ أَراهُ فإنَّه يَراني.
الأربعين الصوفية لأبي نعيم (12) حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر: حدثنا أحمد بن جعفر بن نصر: حدثنا أحمد بن الصباح بن أبي سريج: حدثنا عمرو بن مجمع،
(1) الإتحاف (8739/ 7751) باختصار آخره وقال: رواه الحاكم قال الحافظ المنذري: رواته ثقات.
وضعفه الألباني في الضعيفة (3663)(7138).
(2)
[إسناده شديد الضعف .. ثم في الحديث نكارة].
عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن أبي ذر .. (1).
5447 -
عن أبي ذرٍّ قالَ: سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قالَ: «أنْ تُجاهِدَ نفسَكَ وهَواكَ في ذاتِ اللهِ» .
الأربعين الصوفية لأبي نعيم (15) حدثنا أبوبكر بن خلاد: حدثنا أبوالربيع الحسين بن الهيثم: حدثنا هشام بن خالد: حدثنا أبوخليد عتبة بن حماد، عن سعيد، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، عن أبي ذر .. (2).
رواه سويد بن حجير، عن العلاء بن زياد، عن عبدالله بن عمرو بن العاص.
5448 -
عن أبي ذرٍّ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:«يا أبا ذرٍّ، أَترى أنَّ كثرةَ المالِ هو الغِنى؟» قلتُ: نَعم، «وتَرى أنَّ قلَّةَ المالِ هو الفقرُ؟» قلتُ: نَعم يا رسولَ اللهِ، هو الفقرُ، فقالَ:«ليسَ كذلكَ، إنَّما الغِنى غِنى القلبِ، والفقرُ فقرُ القلبِ» .
ثم سأَلَني عن رجلٍ مِن قُريشٍ، قالَ:«هل تعرفُ فلاناً؟» قلتُ: نَعم يا رسولَ اللهِ، قالَ:«وكيفَ تراهُ؟» قلتُ: إذا سأَلَ أُعطيَ، وإذا حضَرَ دخلَ، قالَ: ثم سأَلَني عن رجلٍ مِن أهلِ الصُّفةِ قالَ: «هل تعرفُ فلاناً؟» قلتُ: لا يا رسولَ اللهِ، قالَ: فما زالُ يُجَلِّيهِ ويَنعَتُهُ حتى عرفتُهُ، قلتُ: نَعم يا رسولَ اللهِ، قالَ:«كيفَ تراهُ؟» قلتُ: رجلٌ مسكينٌ مِن أهلِ المسجدِ، قالَ:«فهو خيرٌ مِن طِلاعِ الأرضِ مثلَ الآخَرِ» ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أَفلا يُعطى مِن بعضِ ما يُعطى الآخَرُ؟ قالَ:«إِنْ يُعطى فهو خيرٌ لَه، وإنْ يُصرفْ عنهُ فقدْ أُعطيَ حسنةً» .
الفوائد المعللة لأبي زرعة (70)، ومسند الشاميين (2020) حدثنا بكر بن
(1)[إسناده ضعيف].
(2)
[سعيد بن بشير ضعفه غير واحد .. وثمة علة أخرى فقد قال المزي في ترجمة العلاء: روى عن أبي ذر مرسل، يعني أنه منقطع].
وأورده الألباني في الصحيحة (1496) لشاهده من حديث فضالة.
سهل،
قالا (أبوزرعة وبكر بن سهل): حدثنا عبدالله بن صالح: حدثني معاوية بن صالح، أن عبدالرحمن بن جبير بن نفير حدثه عن أبيه جبير بن نفير، عن أبي ذر .. (1).
5449 -
عن أبي ذرٍّ الغِفاريِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قالَ:«إنَّ الفقيرَ عندَ الغَنيِّ لَفتنةٌ، وإنَّ الضعيفَ عندَ القَويِّ فتنةٌ، وإنَّ المَملوكَ عندَ المَليكِ فتنةٌ، فليتقِ وليُكلِّفْه ما يستطيعُ، فإنْ أمرَهُ أنْ يَعملَ بِما لايستطيعُ فليُعنْهُ عليهِ، فإنْ لم يفعلْ فلا يعذِّبْهُ» .
مصنفات الأصم (139) حدثنا بكر بن سهل الدمياطي: حدثنا شعيب بن يحيى التجيبي، عن ابن لهيعة، عن عبيدالله بن أبي جعفر، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن أبي ذر الغفاري .. (2).
5450 -
عن أبي ذرٍّ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «يا أبا ذرٍّ، تقولُ: كثرةُ المالِ الغِنى؟» قلتُ: نَعم، قالَ:«تقولُ: قلةُ المالِ الفقرُ؟» قلتُ: نَعم، قالَ:«ذلكَ ثلاثاً» ، ثم قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«الغِنى في القلبِ، والفقرُ في القلبِ، مَن كان الغِنى في قلبِهِ فلا يضرُّهُ ما لقيَ في الدُّنيا، ومَن كانَ الفقرُ في قلبِهِ فلا يُغنِهِ ما كثرَ له في الدُّنيا، وإنَّما يضرُّ نفسَهُ شحُّها» .
أمالي الشجري (2/ 204) أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن أحمد بن ريذة قراءة عليه بأصفهان قال: أخبرنا أبوالقاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قراءة عليه سنة أربع وخمسين وثلاثمئة قال: حدثنا علي بن المبارك الصنعاني قال:
(1)[إسناده حسن]. وانظر ما بعده.
وشطره الثاني عند أحمد بنحوه، انظر المسند الجامع (12383).
(2)
إسناده ضعيف. وطرفه الأخير في الصحيح من وجه آخر عن أبي ذر بنحوه، انظر المسند الجامع (12301).