الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: حدثنا أبوالحسن أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا شهاب بن خراش، عن سفيان الثوري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة .. (1).
القيامة
6212 -
عن أبي هريرةَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ما طَرفَ صاحبُ الصُّورِ منذُ وكِّلَ به مُستعداً نحوَ العرشِ مَخافةَ أَن يُؤمرَ بالصيحةِ قَبلَ أَن يرتَدَّ إليه طرفُه، كأنَّ عَيناهُ كوكَبان دُرِّيانِ» .
أحاديث ابن معين رواية الشيباني (14) حدثنا يحيى بن معين: حدثنا الفزاري مروان: حدثنا عبيدالله بن عبدالله الأصم، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة .. (2).
6213 -
عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ، وعن عطيةَ، عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كيفَ - أَنْعَمُ أو قالَ: كيفَ أنتُم، شكَّ أبوطالبٍ - وصاحبُ الصُّورِ قد التقَمَ القَرْنَ بفيهِ وأَصغى سمعَهُ وحَنى جبينَه يَنتظرُ متى يُؤمرُ أَن يَنفخَ فينَفخ» ، فَقالوا: يا رسولَ اللهِ كيفَ نقولُ؟ قالَ: «قُولوا: حسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ، على اللهِ توكَّلنا» .
أمالي ابن بشران (1048) وأخبرنا دعلج: حدثنا موسى بن هارون: حدثنا أبوطالب عبدالجبار بن عاصم النسائي: حدثني موسى بن أعين الحراني، عن الأعمش .. (3).
6214 -
عن أبي هريرةَ قالَ: حدَّثنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو في طائفةٍ فقالَ: «إنَّ اللهَ عز وجل لمَّا فرغَ مِن خلقِ السماواتِ والأرضِ خلقَ الصُّورَ، فأَعطاهُ إسرافيلَ،
(1) هشام بن عمار صدوق كبر فصار يتلقن، وشهاب بن خراش صدوق يخطئ.
(2)
أورده الألباني في الصحيحة (1078).
(3)
حديث أبي سعيد عند الترمذي وأحمد، انظر المسند الجامع (4737).
فهو واضِعُه على فيهِ شاخِصاً بصرُه إلى العرشِ يَنتظرُ مَتى يُؤمرُ»، قلتُ: يا رسولَ اللهِ وما الصُّورُ؟ قالَ: «القَرْنُ» ، قلتُ: كيفَ هو؟ قالَ: «عظيمٌ، والذي بَعثني بالحقِّ إنَّ عظمَ دارةٍ فيه كعَرضِ السماواتِ والأرضِ، يَنفخُ فيهِ ثلاثَ نفخاتٍ، النفخةُ الأُولى نفخةُ الفَزعِ، والثانيةُ نفخةُ الصَّعقِ، والثالثةُ نَفخةُ القيامِ لربِّ العالَمينَ، يأمرُ اللهُ عز وجل إسرافيلَ بالنفخةِ الأُولى فيقولُ: انفخْ [نفخةَ الفَزعِ]، فيَنفخُ نفخةَ الفزعِ، فيَفزعُ أهلُ السماواتِ والأرضِ إلا مَن شاءَ اللهُ، فيأمُرُه فيُديمُها ويُطيلُها ولا يَفترُ، وهي التي يقولُ اللهُ عز وجل:{وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: 15].
فيُسَيِّرُ اللهَ عز وجل الجبالَ سَيرَ السحابِ، فتكونُ سراباً، ثم تَرتجُّ الأرضُ بأهلِها رجَّاً، فتكونُ كالسفينةِ المُوبَقةِ في البحرِ، تَضربُها الأمواجُ تكفأُ بأهلِها كالقنديلِ المعلَّقِ بالعرشِ تُرجحُه الرياحُ، وهي التي يقولُ اللهُ:{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} [النازعات: 6 - 9]، فيَميدُ الناسُ على ظهرِها، وتذهَلُ المراضِعُ، وتَضعُ الحوامِلُ، ويَشيبُ الوِلدانُ، وتَطيرُ الشياطينُ هاربةً مِن الفزعِ حتى تأتيَ الأقطارَ فتأتِيَها الملائكةُ فتضربَ وجوهَها وتَرجعَ، ويُولِّي الناسُ مُدبِرينَ، ما لَهم مِن اللهِ مِن عاصمٍ، يُنادي بعضُهم بعضاً، وهو الذي يقولُ:{يَوْمَ التَّنَادِ} [غافر: 32]، فبَينا هم على ذلكَ إذ تصدَّعت الأرضُ تصدُّعَينِ مِن قطرٍ إلى قطرٍ، فرأَوا أمراً عظيماً لم يَروا مثلَه، وأخذَهم لذلكَ مِن الكَربِ والهَولِ ما اللهُ به عليمٌ، ثم تُطوى السماءُ فإذا هي كالمُهلِ، ثم انشقَّت السماءُ فانتثَرَت نجومُها، وخسفتْ شمسُها وقمرُها».
قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الأمواتُ لا يعلَمون بشيءٍ مِن ذلكَ» .
قال أبوهريرةَ: يا رسولَ اللهِ مَن استَثنى اللهُ عز وجل حينَ يقولُ: {فَفَزِعَ
مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل: 87]، قالَ:«أولئكَ الشهداءُ، إنَّما يصلُ الفزعُ إلى الأحياءِ، وهم أحياءٌ عندَ ربِّهم يُرزَقونَ، فوقَاهم اللهُ فزعَ ذلكَ اليومِ وأَمَّنهم مِنه، وهو عذابُ اللهِ يبعثُه على شِرارِ خلقِهِ، وهو الذي يقولُ اللهُ عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1،2]، فيَكونونَ في ذلكَ البلاءِ ما شاءَ اللهُ إلا أنَّه يطولُ» .
«ثم يأمُرُ إسرافيلَ بنفخةِ الصَّعقِ، فيُصعقُ أهلُ السماواتِ والأرضِ إلا مَن شاءَ اللهُ، فإذا هم قد خَمدوا جاءَ مَلكُ الموتِ إلى الجبارِ عز وجل، فيقولُ: يا ربِّ قد ماتَ أهلُ السماواتِ والأرضِ إلا مَن شِئتَ، فيقولُ اللهُ عز وجل، وهو أعلمُ بمَن بقيَ: فمَن بقيَ؟ فيقولُ: يا ربِّ بقيتَ أنتَ الحي الذي لا يَموتُ، وبَقيتْ حَملةُ عرشِكَ، وبقيَ جبريلُ وميكائيلُ، وبقيتُ أَنا، فيقولُ اللهُ عز وجل: لِيمتْ جبريلُ وميكائيلُ، فيُنطِق اللهُ العرشَ فيقولُ: يا ربِّ يموتُ جبريلُ وميكائيلُ؟ فيقولُ اللهُ: اسكتْ، فإنِّي كتبتُ الموتَ على كلِّ مَن كانَ تحتَ عَرشي، فيَموتانِ، فيجيءُ ملَكُ الموتِ إلى الجبارِ، فيقولُ: أي ربِّ، قد ماتَ جبريلُ وميكائيلُ، فيقولُ اللهُ عز وجل وهو أعلمُ: فمَن بقيَ؟ فيقولُ: بقيتَ أنتَ الحي الذي لا يموتُ، وبَقيتْ حملةُ عرشِكَ، وبقيتُ أَنا، فيقولُ اللهُ عز وجل: فليمَتْ حملةُ عَرشي، فيَموتونَ، فيأمُرُ اللهُ عز وجل العرشَ فيَقبضُ الصُّورَ مِن إسرافيلَ، ثم يَأتي ملَكُ الموتِ عليه السلام إلى الجبارِ فيقولُ: يا ربِّ قد ماتَ حملةُ عرشِكَ، فيقولُ اللهُ عز وجل، وهو أعلمُ بمن بقيَ: فمَن بقيَ؟ فيقولُ: يا ربِّ، بقيتَ أنتَ الحي الذي لا يموتُ، وبقيتُ أَنا، فيقولُ اللهُ عز وجل: أنتَ مِن خَلْقي خلقتُكَ لِما رأيتَ فمُتْ، فيَموتُ.
فإذا لم يبقَ إلا اللهُ الواحدُ القهارُ الأحدُ الفردُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ كانَ آخراً كما كانَ أولاً، طَوى السماواتِ والأرضَ طيَّ السجلِ للكتابِ، ثم دَحاهما، ثم تلقَّفَهما ثلاثَ مراتٍ، ثم يقولُ: أنا الجبارُ أنا الجبارُ ثلاثاً، ثم هتفَ بصوتِهِ: لِمَن المُلكُ اليومَ؟ لِمَن المُلكُ اليومَ؟ ثلاثَ مراتٍ، فلا يُجيبُه أحدٌ ثم يقولُ لنفسِهِ:{لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16]، يقولُ:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48]، فيبَسُطُها ويَسطَحُها، ثم يمدُّها مدَّ الأَديمِ العُكاظي {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: 107]، ثم يَزْجُرُ اللهُ الخلقَ زجرةً واحدةً فإذا هم في مثلِ هذا المُبدلةِ في مثلِ ما كانوا فيها مِن الأولِ، مَن كَان في بطنِها كانَ في بطنِها، ومَن كانَ على ظهرِها كانَ على ظهرِها، ثم ينزلُ عليهم ماء مِن تحتِ العرشِ، ثم يأمرُ اللهُ عز وجل السماءَ أَن تُمطرَ فتُمطرَ أربعينَ يوماً، حتى يَكونَ الماءُ فوقَهم اثني عشرَ ذراعاً، ثم يأمرُ اللهُ عز وجل الأجسادَ أَن تَنبتَ، فتَنبتَ كنباتِ الطَّراثيثِ أو كنباتِ البقلِ، حتى إذا تكاملَتْ أجسادُهم، فكانَت كما كانَت قالَ اللهُ عز وجل: ليَحيى حملةُ عَرشي، فيَحيونَ، ويأمرُ اللهُ عز وجل إسرافيلَ فيأخُذُ الصورَ، فيضعُه على فيهِ، ثم يقولُ: ليَحي جبريلُ وميكائيلُ، فيَحييانِ، ثم يَدعو اللهُ عز وجل الأرواحَ فيُؤتي بها، توهجُ أرواحُ المؤمنينَ نوراً، وأرواحُ الآخَرينَ ظُلمةً، فيَقبضُها جميعاً، ثم يُلقيها في الصُّورِ».
«ثم يأمرُ إسرافيلَ أَن يَنفخَ نفخةَ البعثِ، فتخرجُ الأرواحُ كأنَّها النحلُ، قد ملأَت ما بينَ السماءِ والأرضِ، فيقولُ اللهُ تعالى: وعزَّتي وجَلالي لَيَرجعنَّ كلُّ رُوحٍ إلى جسدِهِ، فتدخلُ الأرواحُ في الأرضِ إلى الأجسادِ، فتدخلُ في الخَياشيمِ، ثم تَمشي في الأجسادِ كما يَمشي السمُّ في اللَّديغِ، ثم تنشقُّ الأرضُ عنهم، وأَنا أولُ مَن تَنشقُّ الأرضُ عنه، فتَخرجونَ مِنها سِراعاً إلى ربِّكم تَنسِلونَ {مُهْطِعِينَ إِلَى
الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [القمر: 8]، حفاةً عراةً غُرلاً، ثم يَقفونَ موقفاً واحداً، مقدارُهُ سبعونَ عاماً، لا ينظرُ إليكم ولا يَقضي بينَكم، فَتَبكونَ حتى تَنقطعَ الدموعُ، ثم تَدمعونَ دماً، وتَعرقونَ حتى يبلغَ ذلكَ مِنكم أَن يُلجِمَكم أو يَبلغَ الأذقانَ، فتضجُّونَ وتَقولونَ: مَن يشفعُ لنا إلى ربِّنا فيَقضي بينَنا؟ فيقولونَ: مَن أحقُّ بذلكَ مِن أَبيكم آدمَ عليه السلام خلقَهُ اللهُ بيدِهِ، ونفخَ فيه مِن رُوحِهِ، وكلَّمه قبُلاً، فيأتُونَ آدمَ فيَطلبونَ ذلكَ إليه، فيأْبى ويقولُ: ما أَنا بصاحبِ ذلكَ، فيَستنصرونَ الأنبياءَ نبياً نبياً، كلَّما جاؤُوا نَبياً أبَى عليهم».
قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «حتى يَأتوني فأنطلقَ حتى آتيَ الفَحْصَ، فأخِرَّ ساجداً» .
قالَ أبوهريرةَ: يا رسولَ اللهِ ما الفَحْصُ؟ قالَ: «قُدَّامُ العرشِ، حتى يَبعثَ اللهُ عز وجل إليَّ مَلكاً فيأخُذ بعَضدي فيرفعُني فيقولُ لي: يا محمدُ، فأقولُ: نَعم لبَّيكَ يا ربِّ، فيقولُ اللهُ عز وجل: ما شأنُكَ؟ وهو أعلمُ، فأقولُ: يا ربِّ وعدَّتني الشفاعةَ، فشفِّعْني في خلقِكَ فاقضي بينَهم، فيقولُ اللهُ عز وجل: قد شفَّعتُك، أنا آتِيكم أَقضي بينَكم» .
قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فأرجعُ فأقفُ مع الناسِ، فبينَما نحنُ وُقوفٌ إذ سمعْنا حساً مِن السماءِ شديداً فهالَنا، فنزلَ أهلُ السماءِ الدُّنيا بمثلِ مَن في الأرضِ مِن الجنِّ والإنسِ، حتى إذا دَنوا مِن الأرضِ أشرقَت الأرضُ بنورِ ربِّهم، وأَخَذوا مصافَّهم، قُلنا لهم: أَفيكم ربُّنا؟ قَالوا: لا، وهو آتٍ، ثم يَنزلونَ على قدرِ ذلكَ مِن التَّضعيفِ، حتى ينزلَ الجبارُ تبارك وتعالى في ظُلَلٍ مِن الغَمامِ والملائكةُ، ويحملُ عرشَه يومَئذٍ ثمانيةٌ، وهم اليومَ أربعةٌ، أقدامُهم على تُخومِ الأرضِ السُّفلى، والسماواتُ إلى حُجَزِهم، والعرشُ على مناكِبِهم، لهم زَجلٌ مِن تسبيحِهم، يقولونَ: سبحانَ ذي القوةِ والجَبروتِ، سبحانَ ذي المُلكِ والمَلكوتِ، سبحانَ الحيِّ
الذي لا يموتُ، سبحانَ الذي يُميتُ الخلائقَ ولا يَموتُ، سُبوحٌ قُدوسٌ، قدوسٌ قدوسٌ، سبحانَ ربِّنا الأَعلى ربِّ الملائكةِ والروحِ، سبحانَ الأَعلى الذي يُميتُ الخلائقَ ولا يَموتُ».
«فيضعُ اللهُ كرسيَّه حيثُ شاءَ مِن أرضِهِ، ثم يهتفُ بصوتِه فيقولُ: يا معشرَ الجنِّ والإنسِ إنِّي قد أَنصتُّ لكم منذُ خلقتُكم إلى يومِكم هذا، أسمعُ قولَكم، وأُبصرُ أعمالَكم، وصُحفُكم تقرأُ عليكم، فمَن وجدَ خيراً فلْيَحمد اللهَ، ومَن وجَد غيرَ ذلكَ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ثم يأمرُ اللهُ عز وجل جهنمَ فيَخرجُ مِنها عُنقٌ ساطعٌ، ثم يقولُ:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [يس: 60 - 63]، {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: 59]، فيَميزُ اللهُ الناسَ وتَجثو الأُممُ، يقولُ:{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28]، فيَقضي اللهُ عز وجل بينَ خلقِه إلا الثَّقلينِ الجنَّ والإنسَ، فيقَضي بينَ الوحوشِ والبهائمِ، حتى إنَّه ليَقضي للجَمَّاء مِن ذواتِ القَرنِ، فإذا فرغَ اللهُ مِن ذلكَ لم تبقَ تبعةٌ عندَ واحدةٍ لأُخرى قالَ اللهُ عز وجل لها: كُوني تراباً، فعندَ ذلكَ يقولُ الكافرُ:{يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40].
ثم يَقضي اللهُ بينَ العبادِ، فكانَ (1) أولُ ما يَقضي فيه الدماءُ، ويأْتي كلُّ قتيلٍ في سبيلِ اللهِ، ويأمرُ اللهُ عز وجل كلَّ مَن قُتلَ فيَحملُ رأسَه تَشخُبُ أوداجُه، فيقولُ: يا ربِّ فيم قَتَلني هذا؟ فيقولُ - وهو أعلمُ -: فيم قَتلتَهم؟ فيقولُ: قتلتُهم لِتكونَ العزةُ لَكَ، فيقولُ اللهُ عز وجل له: صدقْتَ، فيُجعلُ وجهُه مثلُ نورِ الشمسِ، ثم
(1) من هنا إلى قوله: إن شاء عذبه وإن شاء رحمه، رواية الغيلانيات الأولى.
تمرُّ به الملائكةُ إلى الجنةِ، ويأْتي كلُّ مَن قُتلَ على غيرِ ذلكَ فيَحملُ رأسَه تشخُبُ أوداجُه، فيقولُ: يا ربِّ فيم قَتلَني هذا؟ فيقولُ - وهو أعلمُ -: لم قتلْتَهم؟ فيقولُ: يا ربِّ قتلتُهم لِتكونَ العزةُ لي، فيقولُ: تَعستَ، ثم لا تَبقى نفسٌ قتَلَها إلا قُتلَ بها ولا مظلمةٌ ظَلَمها إلا أُخذَ بها، وكانَ في مشيئةِ اللهِ عز وجل، إنْ شاءَ عذَّبه، وإنْ شاءَ رحمَه، ثم (1) يَقضي اللهُ عز وجل بينَ مَن شاءَ بقيَ مِن خلقِه، حتى لا تَبقى مظلمةٌ لأحدٍ عندَ أحدٍ إلا أُخذَ بها للمظلومِ مِن الظالمِ، حتى إنَّه ليُكلِّفَ شائِبَ اللبنِ بالماءِ ثم يَبيعُه أَن يُخلصَ اللبنَ مِن الماءِ.
فإذا فرغَ اللهُ عز وجل مِن ذلكَ نَادى مُنادٍ يُسمعُ الخلائِقَ كلَّهم: ألا لِيلحقْ كلُّ قومٍ بآلهتِهم وما كانوا يَعبدونَ مِن دونِ اللهِ، فلا يَبقى أحدٌ عبدَ مِن دونِ اللهِ إلا مُثلتْ له آلهتُهُ بينَ يديهِ، ويُجعلُ يومَئذٍ ملَكٌ مِن الملائكةِ على صورةِ عُزيرٍ، ويُجعلُ ملَكٌ مِن الملائكةِ على صورةِ عيسى، ثم يَتبعُ هذا اليهودُ، وهذا النَّصارى، ثم قادَتْهم آلهتُهم إلى النارِ، وهو الذي يقولُ:{لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99].
فإذا لم يَبقَ إلا المؤمنونَ فيهم المُنافقونَ جاءَهم اللهُ عز وجل فيما شاءَ مِن هيأتِهِ فقالَ: يا أيُّها الناسُ، ذهبَ الناسُ فالحقَوا بآلهتِكم وما كنتُم تَعبدونَ، فيقولونَ: واللهِ ما لنَا إلهٌ إلا اللهُ عز وجل، وما كُنا نعبدُ غيرَهُ، فينصرفُ عنهم وهو اللهُ الذي يأْتيهم، فيمكثُ ما شاءَ اللهُ أَن يمكثَ، ثم يأْتيهم فيقولُ: يا أيُّها الناسُ ذهبَ الناسُ، فالْحقوا بآلهتِكم وما كنتمُ تَعبدونَ، فيَقولونَ: واللهِ ما لنَا إلهٌ إلا اللهُ، وما كُنا نعبدُ غيرَهُ، فَيكشفُ لهم عن ساقِهِ، ويتجلَّى لهم مِن عظمتِهِ ما يَعرِفونَ أنَّه ربُّهم، فيَخِرونَ للأَذقانِ سُجداً على وجوهِهم، ويخرُّ كلُّ منافقٍ على قَفاهُ، ويجعلُ
(1) من هنا إلى نهاية هذه الفقرة رواية الغيلانيات الثانية.
اللهُ أصلابَهم كصَياصِي البقرِ، ثم يأذنُ اللهُ تبارك وتعالى لهم، فيَرفَعون.
ويُضربُ الصراطُ بينَ ظَهراني جهنمَ كحَدِّ الشَّفرةِ، أو كحدِّ السيفِ، عليه كَلاليبُ وخَطاطيفُ وحَسَكٌ كحَسَكِ السَّعدانِ، دونَه جسرٌ دَحْضٌ مَزلةٌ، فيمرُّون كطرفِ العَينِ، أو كلمحِ البصرِ، أو كمَرِّ الريحِ، أو كجيادِ الخيلِ، أو كجيادِ الرِّكابِ، أو كجيادِ الرجالِ، فناجٍ سالمٌ، وناجٍ مَخدوشٌ، ومَكدوشٌ على وجهِهِ في جهنمَ.
فإذا أَفضى أهلُ الجنةِ إلى الجنةِ، قَالوا: مَن يَشفعُ لنا إلى ربِّنا فندخلُ الجنةَ؟ فيَقولونَ: مَن أحقُّ بذلكَ مِن أَبيكم آدمَ صلى الله عليه وسلم؟ خلقَه اللهُ عز وجل بيدِهِ، ونفخَ فيه مِن روحِهِ، وكلَّمه قُبلاً، فيأْتونَ آدمَ فيَطلبونَ ذلكَ إليه، فيَذكرُ ذنباً ويقولُ: ما أَنا بصاحبِ ذلكَ، ولكنْ عليكم بنوحٍ، فإنَّه أولُ رُسلِ اللهِ، فيُؤتى نوحٌ، فيُطلبُ ذلكَ إليهِ، فيذكرُ ذنباً ويقولُ: ما أنا بصاحبِ ذلكَ، ويقولُ: عليكم بإبراهيمَ، فإنَّ اللهَ عز وجل اتخذَه خليلاً، فَيأتونَ فيُؤتى إبراهيمُ، فيُطلبُ ذلكَ إليه، فيذكرُ ذنباً ويقولُ: ما أَنا بصاحبِ ذلكَ، ويقولُ: عليكم بموسى، فإنَّ اللهَ عز وجل قرَّبه نجياً، وكلَّمه وأنزلَ عليه التوراةَ، فيُؤتى موسى صلى الله عليه وسلم، فيُطلبُ ذلكَ إليه، فيذكرُ ذنباً ويقولُ: لستُ بصاحبِ ذلكَ، ولكنْ عليكم بروحِ اللهِ وكلمتِهِ عيسى بنِ مريمَ عليه السلام، فيُؤتى عيسى بنُ مريمَ، فيُطلبُ ذلكَ إليه، فيقولُ: ما أَنا بصاحبِكم، ولكنْ عليكم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم».
قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فيأْتونَني، ولي عندَ ربِّي ثلاثُ شفاعاتٍ وَعَدنيهن، فأنطلقُ إلى الجنةِ، فآخذُ بحلقةِ البابِ، فأَستفتحُ فيُفتحُ لي، فأُحَيَّا ويُرحَّبُّ بي، فإذا دخلتُ الجنةَ ونظرتُ إلى ربِّي خَررتُ ساجداً، فيأذنُ اللهُ عز وجل لي مِن حمدِهِ وتَمجيدِهِ بشيءٍ ما أَذنَ به لأحدٍ مِن خلقِهِ، ثم يقولُ اللهُ عز وجل: ارفعْ يا محمدُ، اشفعْ تُشفَّع، وَسَلْ تُعطَه، فإذا رفعتُ رأْسي يقولُ اللهُ عز وجل وهو أعلمُ -:
ما شأنُكَ؟ فأقولُ: يا ربِّ وَعَدتني الشفاعةَ، فشفِّعْني في أهلِ الجنةِ فيَدخلون الجنةَ، فيقولُ اللهُ عز وجل: قد شفعتُكُ وقد أَذنتُ لهم في دخولِ الجنةِ».
كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «والذي بَعَثني بالحقِّ، ما أَنتم في الدُّنيا بأعرفَ بأزواجِكم ومَساكِنِكم مِن أهلِ الجنةِ بأزواجِهم ومساكِنِهم، فيدخلُ كلُّ رجلٍ واحدٍ مِنهم على ثِنتينِ وسَبعينَ زوجةً مِما يُنشئُ اللهُ عز وجل وثِنتينِ آدمِيَّتينِ مِن ولدِ آدمَ، لهما فضلٌ على مَن أنشأَ اللهُ بعبادَتِهما في الدُّنيا، فيَدخلُ على الأُولى في غرفةٍ مِن ياقوتةٍ على سريرٍ من ذهبٍ مُكللٍ باللؤلؤِ، عليها سَبعونَ زوجاً مِن سُندسٍ وإستبرقٍ، ثم إنَّه يضعُ يدَه بينَ كَتفيها، ثم ينظرُ إلى يدِه مِن صدرِها وراءَ ثيابِها وجلدِها ولحمِها، وإنَّه لَينظرُ إلى مُخِّ ساقَيها كما يَنظرُ أحدُكم إلى السلكِ في قَصبةِ الياقوتِ، كبدُها له مِرآةٌ، كبدُه لها مِرآةٌ، فينَما هو عندَها لا يَملُّها ولا تَملُّه، ولا يأْتيها مِن مرةٍ إلا وجدَها عذراءَ، ما يفترُ ذَكَرُه وما يَشتكي قُبُلُها، فبينَما هو كذلكَ إذ نُودوا: إنَّا قد عرفْنا أنَّك لا تَملُّ ولا تُمَلُّ، إلا أنَّه لا منيَّ ولا منيَّة، إلا أنَّ لكَ أزواجاً غيرَها، فيخرجُ فيأْتيهن واحدةً واحدةً، كلمَّا جاءَ واحدةً قالتْ له: واللهِ ما أَرى في الجنةِ شيئاً أحسنَ مِنكَ ولا في الجنةِ شيءٌ أحبُّ إليَّ مِنكَ.
وإذا وقَع أهلُ النارِ في النارِ، وقعَ فيها خلقٌ مِن خلقِ ربِّكَ أَوْبَقَتهم أعمالُهم، فمِنهم مَن تأخذُ النارُ قدَميهِ لا تُجاوزُ ذلكَ، ومِنهم مَن تأخُذُه إلى نصفِ ساقِهِ، ومِنهم مَن تأخُذُه إلى رُكبتيهِ، ومِنهم مَن تأخُذُه إلى حِقويهِ، ومِنهم مَن تأخذُ جسَدَه كلَّه إلا وجهَه، حرَّمَ الله صُورتَه عليها».
قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فأقولُ: يا ربِّ شفِّعني في مَن وقعَ في النارِ، فيقولُ اللهُ عز وجل: أخرِجوا مَن عرفتُم، فيخرجُ أولئكَ حتى لا يَبقى مِنهم أحدٌ، ثم يأذنُ في الشفاعةِ، فلا يَبقى نبيٌّ ولا شهيدٌ إلا شفعَ، فيقولُ اللهُ عز وجل: أخرِجوا مَن
وجدتُم في قلبِهِ زِنةَ الدِّينارِ إيماناً، فيخرجُ أولئكَ حتى لا يَبقى مِنهم أحدٌ، ثم يشفعُ اللهُ فيقولُ: أخرِجوا مَن وجدتُم في قلبِهِ إيماناً ثلُثي دينارٍ، نصفَ دينارٍ، ثم يقولُ: ثلثَ دينارٍ، ثم يقولُ: ربعَ دينارٍ، ثم يقولُ: قيراطٌ، ثم يقولُ: حبةٌ مِن خردلٍ، فيخرجُ أولئكَ حتى لا يَبقى مِنهم أحدٌ، وحتى لا يَبقى في النارِ مَن عملَ للهِ خيراً قطُّ، ولا يَبقى أحدٌ له شفاعةٌ إلا شفعَ، حتى إنَّ إبليسَ يَتَطاولُ مِما يَرى مِن رحمةِ الله عز وجل رجاءَ أَن يُشفعَ له.
ثم يقولُ: بقيتُ وأَنا أَرحمُ الرَّاحمينَ، فيُدخلُ يدَه في جهنَم، فيُخرجُ مِنها ما لا يُحصيهِ غيرُه كأنَّهم حممٌ، فيُلقونَ في نهرٍ يُقالُ له نهرُ الحَيوانِ، فيَنبتونَ كما تَنبتُ في حَميلِ السيلِ، فما يَلي الشمسَ مِنها أُخيضرُ، وما يَلي الظلَّ مِنها أُصيفرُ، فيَنبتونَ كنباتِ الطَّراثيثِ، حتى يَكونوا مثلَ الدُّرِّ، مكتوبٌ في رقابِهم: الجُهنَّميون عتقاءُ الرحمنِ، يعرفُهم أهلُ الجنةِ بذلكَ الكتابِ، ما عَمِلوا خيراً قطُّ، فيَمكثونَ في الجنةِ ما شاءَ اللهُ، وذلكَ الكتابُ في رقابِهم، ثم يَقولونَ: امحُ عنَّا هذا الكتابَ، فيَمحوا اللهُ عز وجل عنهم».
لفظُ الطبرانيِّ، وروايةُ ابنِ المُقرئ مختصرةٌ إلى قولِهِ: إنَّ أعظمَ دارةٍ فيه كعرضِ السماواتِ والأرضِ .. .. الحديث بطولِهِ.
وروايتي الغيلانياتِ مختصرةٌ.
1 -
الأحاديث الطوال للطبراني (36) حدثنا أحمد بن الحسن النحوي الأبلي، والغيلانيات (1111) حدثنا أبوقلابة عبدالملك بن محمد الرقاشيـ في سنة ست وسبعين ومئتين، و (1126) حدثنا أبوقلابة ومحمد بن يونس،
قالوا (أحمد بن الحسن وأبوقلابة ومحمد بن يونس): حدثنا أبوعاصم الضحاك بن مخلد النبيل،
2 -
معجم ابن المقرئ (1108) حدثنا عبدالقاهر بن محمد بن هورويه أبوالحسن المقرئ: حدثنا أبويعقوب إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي: حدثنا مكي بن إبراهيم،
قالا (أبوعاصم ومكي):حدثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن زياد - وفي رواية ابن المقرئ: محمد بن يزيد بن أبي زياد -،
في رواية الطبراني: عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة. .. .
وفي الغيلانيات: عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة .. .
وعند ابن المقرئ: عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة .. (1).
6215 -
عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6]: «مِقدارُ نصفِ يومٍ، يكونُ ذلكَ اليومُ على المؤمنِ كتَدَلي الشمسِ للغُروبِ» .
فوائد تمام (930) حدثنا أبوبكر يحيى بن عبدالله بن الحارث العبدري: حدثنا أبوعبدالله محمد بن إبراهيم بن زياد بن مهران الرازي: حدثنا محمد بن مهران الجمال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة .. (2).
(1) نسبه في المطالب (3013)، والإتحاف (262/ 234)(8661/ 7679) لإسحاق وأبي يعلى مطولاً ومختصراً، وضعفه الحافظ والبوصيري.
وقال الحافظ أيضاً في الفتح (11/ 368): ومداره على إسماعيل بن رافع، واضطرب في سنده مع ضعفه، فرواه عن محمد بن كعب القرظي تارة بلا واسطة، وتارة بواسطة رجل مبهم، ومحمد عن أبي هريرة تارة بلا واسطة، وتارة بواسطة رجل من الأنصار مبهم أيضاً.
وضعف الألباني إسناده في تخريج العقيدة الطحاوية (ص 232).
(2)
الروض البسام (1366): إسناده تالف. ونسبه في الإتحاف (8715/ 7729)، والمجمع (10/ 337) لأبي يعلى بنحوه.
6216 -
عن أبي عبيدةَ وقيسِ بنِ سكنٍ قَالا: قالَ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ وهو يُحدثُ عمرَ يقولُ له: يا كعبُ، ألا تَسمعُ ما يقولُ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ: إذا حُشرَ الناسُ يومَ القيامةِ قَاموا على أقدامِهم أربعينَ عاماً، شاخصةً أبصارُهم إلى السماءِ لا يُكلِّمُهم بشيءٍ، والشمسُ على رُؤوسِهم حتى يُلجِمَهم العرقُ، ثم يُنادي منادٍ مِن السماءِ: يا أيُّها الناسُ، أليسَ عدل مِن ربِّكم الذي خلَقَكم وهو ربُّكم ورَزَقكم ثم تولَّيتُم غيرَهُ أَن يُولِّيَ كلَّ رجلٍ مِنكم ما تولَّى؟ قالَ: فيَقولونَ: بَلى، قالَ: ثم يُنادي مُنادٍ من السماءِ: يا أيُّها الناسُ، وذكرَ الحديثَ.
قالَ أبوعوانَة: وحدَّثني الأعمشُ قالَ: وحدَّثني أبوصالحٍ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«حتى إنَّ أحدَهم لَيلتفتُ فيُكشفُ عن ساقٍ، قالَ: فيَخرونَ سُجداً، وقد قالَ: وتُدمجُ أصلابُ المُنافقينَ حتى تكونَ عظماً واحداً كأنَّها صَياصي البقرِ، قالَ: فيُقالُ لهم: ارفَعوا رؤوسَكم إلى نورِكم بقدرِ أعمالِكم، قالَ: فتَرفعُ طائفةٌ مِنهم رؤوسَهم إلى أمثالِ الجبالِ مِن النورِ، يمرُّونَ على الصراطِ المستقيمِ كطَرفِ العينِ، ثم يَرفعُ آخَرونَ رؤوسَهم إلى أمثالِ الصورِ على الصراطِ كمثلِ الريحِ، ثم يَرفعُ آخَرونَ رؤوسَهم على نورٍ دونَ ذلكَ، فيَشتَدُّون شداً، ثم يرفعُ آخَرونَ رؤوسَهم دونَ ذلكَ، فيَمشونَ مشياً، حتى يَبقى آخرُ الناسِ رجلٌ على أُنملةِ رجلِهِ مثلُ طرفِ السراجِ، فيخرُّ مرةً ويَستقيمُ أُخرى وتُصيبُه النارُ فتسفعُ مِنه، حتى يخرجَ فيقولَ: ما أُعطيَ أحدٌ مثلَما أُعطيتُ، ولا يَدري مِما نَجا فيقولُ: غيرَ أنِّي وجدتُ سفعاً وأنِّي نجوتُ مِنها» .
قالَ الأعمشُ: وحدَّثني مجاهدٌ، عن عُبيدِ بنِ عُميرٍ قالَ: الصراطُ مثلُ حرفِ السيفِ، دَحضٌ مَزَلةٌ يَتكفأُ، والملائكةُ والأنبياءُ قيامٌ يقولونَ: ربِّ سَلِّمْ سَلِّمْ،
والملائكةُ يَتخطَّفون بالكَلاليبِ.
قالَ: ثم رجعَ إلى حديثِ عبدِاللهِ بنِ مسعودٍ قالَ: فاستقبَلَه بابٌ فينفتحُ، فيَرى شيئاً ما لم تَرَ عيناهُ مثلَه قطُّ ولا يَسمعُ به مِن الشجرِ والأنهارِ والسُّرر المُتناصِفَةِ، فيقولُ: يا ربِّ أدخِلْني هذا، قالَ: فيُقالُ له: إنْ أنتَ دخلتَه لعلَّكَ أَن تسأَلَ غيرَه، فيقولُ: وعزَّتكَ لا أسألُكَ غيرَه، فيدخلُ، فَبينا هو مُعجبٌ بمكانِهِ لا يَرى أحداً أُعطيَ مثلَما أُعطيَ إذ فُتحَ له بابٌ آخرُ، فإذا قد تحاقَرَ في عينهِ ما هو فيه، فيقولُ: يا ربِّ أدخِلْني هذا، فيقالُ له: أليسَ قد حلفتَ أَن لا تسأَلَ غيرَه؟ فيقولُ: لا وعزَّتكَ لا أسألُكَ غيرَه، فيدخلُ، فبينَما هو مُعجبٌ فيه لا يَرى أنَّ أحداً أُعطيَ مثلَما أُعطيَ، قالَ: فيُفتحُ له بابٌ آخرُ، فيَقولُ: يا ربِّ أدخِلْني هذا، فيُقالُ: ألم تحلفْ أَن لا تَسأَلَ غيرَه؟ فيقالُ: أرأيتَ إن أدخلتُكَ تسأَلُ غيرَه؟ فيقولُ: لا وعزَّتكَ لا أسأَلُ غيرَه، قالَ: فيدخلُ، فبينَما هو مُعجبٌ بمكانِهِ ما يَرى أنَّ أحداً أُعطيَ مثلَ ما أُعطيَ فيُفتحُ بابٌ آخرُ رابعٌ، قالَ: فيرَى شيئاً فيتحاقرُ في عينهِ كلُّ ما هو فيه، فيقولُ: يا ربِّ أدخِلْني هذا، فيقولُ: أو لم تحلفْ أَن لا تسأَلَ غيرَه؟ قالَ: فيقولُ: لا وعزَّتكَ لا أسأَلُ غيرَه.
فيدخلُ فيه، فتَستقبلُه خضراءُ لها سبعونَ باباً، في كلٍّ أزواجٌ وسُررٌ وأبوابٌ ومناصفُ، قالَ: فيقعدُ مع زوجتِهِ على السَّريرِ عليها سبعونَ حُلةً ألوانُها شتَّى، يَرى مُخَّ ساقِها مِن وراءِ سَبعينَ حُلةً، فيلمسُ بيدِهِ على كبدِها ويتناولُ الكأسَ، فيُقالُ له: قد ازددتَ منذُ ناوَلْتني الكأسَ حُسناً سبعينَ ضِعفاً، قالَ: ويقولُ لها: قد ازددتِ في عَيني حُسناً سَبعينَ ضعفاً، قالَ: فبينا هو كذلكَ لا يَرى أنَّ أحداً أُعطيَ مثلَ ما أُعطيَ إذ أقبلَ إليه رجلٌ عليهِ مِن النورِ ما لا يعلمُه إلا اللهُ، فإذا رآهُ أخذَ يسجدُ له، فيقولُ له: ما شأنُكَ؟ فيقولُ: أليسَ أنتَ ربِّي ذو الجَلالِ؟ فيقولُ:
إنَّما أَنا قَهرمانٌ لكَ على قصورٍ مَفاتيحُها بيدي لم يفتحْها أحدٌ منذُ أُغلقتْ، وأنا في ألفِ قَهرمانٍ، كلُّ قَهرمانٍ على قصرٍ مِن أَدناها إلى أَقصاها مسيرةُ ألفِ سنةٍ يَرى أَقصى مُلكَه، يَعني كما يَرى أَدناهُ.
الغيلانيات (1104) حدثنا محمد بن يونس القرشي: حدثنا يحيى بن حماد: حدثنا الوضاح أبوعوانة: حدثنا سليمان بن مهران الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة وقيس بن سكن .. (1).
6217 -
عن أبي هريرةَ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إذا كانَ يومُ القيامةِ يقولُ اللهُ تعالى: أينَ الجبَّارون والمُتكبرونَ؟ فيأتُونَ فيَقومونَ قُدامَ ربِّهم» ، فقالَ ابنُ عباسٍ: يا رسولَ اللهِ كم يَقفونَ؟ قالَ: «يَقفونَ مثلَ الدُّنيا مرَّتينِ، ثم يقولُ: أينَ أصحابُ الخيرِ والمعروفِ واليَقينِ والرحمةِ؟ فيَقومونَ شاخِصينَ إلى ربِّهم، فيقولُ اللهُ لهم: ادخُلوا الجنةَ برَحمتي، ادخُلوها بسلامٍ آمِنينَ» .
معجم الإسماعيلي (226) حدثنا جميع بن الموصلي أبوالحسين المتوكل من حفظه منكر الحديث: حدثنا عبدالله بن عبدالصمد بن أبي خداش، عن قاسم الجرمي، عن سفيان، عن سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .. (2).
6218 -
عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سألتُ اللهَ عز وجل الشفاعةَ لأُمتي فقالَ لي: لكَ سَبعونَ ألفاً يَدخلونَ الجنةَ بغيرِ حسابٍ، فقلتُ: يا
(1) محمد بن يونس الكديمي متهم بسرقة الحديث.
والحديث في المطالب (4539)، والإتحاف (8668/ 7684) من طريق الأعمش وجعله كله من قول ابن مسعود، ثم قال الحافظ: هذا إسناد صحيح متصل رجاله ثقات.
قلت: وقد روي عن ابن مسعود مرفوعاً مطولاً، انظر المجمع (10/ 340 - 342).
وحديث أبي هريرة معناه في المسند الجامع (15265)(15268).
(2)
[ضعيف الإسناد من هذا الوجه].
ربِّ زِدْني، فقالَ: فإنَّ لكَ هَكذا، فحَثا بينَ يديهِ وعن يمينِهِ وعن شمالِهِ»، فقالَ أبوبكرٍ رضي الله عنه: حسبُنا يا رسولَ اللهِ، فقالَ عمرُ رضي الله عنه: دَع رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكثرُ لنا كما أكثرَ اللهُ تَعالى لنا، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«صدقَ أبوبكرٍ» .
وهذا لفظُ حديثِ أبي معاويةَ.
الجعديات (2950) حدثنا زياد بن أيوب: حدثنا أبومعاوية: حدثنا إسحاق بن أبي فروة، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة .. .
(2951)
وحدثنا عاصم: حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة .. (1).
6219 -
عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصراطَ بينَ ظَهرانَي جهنمَ دَحْضٌ مَزلةٌ، والأنبياءُ عليه يَقولونَ: سَلِّمْ سَلِّمْ، والناسُ كلمحِ البرقِ، وكطَرفِ العينِ، وكأَجاويدِ الخيلِ والبغالِ والرِّكابِ، وشدٍّ على الأقدامِ، فناجٍ مُسلَّمٌ ومخدوشٌ ومرسلٌ ومطروحٌ فيها، ولها سبعةُ أبوابٍ، لكلِّ بابٍ مِنهم جزءٌ مقسومٌ» .
مسند الشاميين (618) حدثنا محمد بن أبي زرعة الدمشقي: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد: حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر: حدثني أبوسعيد قال: سمعت أبا هريرة يقول .. (2).
(1) قال الألباني في الصحيحة (1879): عن هذا الإسناد: وهذا إسناد جيد على شرط البخاري.
وفي الصحيح من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعاً: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب، انظر المسند الجامع (14799).
(2)
[حديث صحيح، وله شواهد كثيرة].
ولأبي هريرة حديث في الصراط غير هذا، انظر المسند الجامع (15261)(15266).