الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرؤية الواقعة على التجارة أو اللهو.
والترديد للدلالة على أن منهم من انفض لمجرد سماع الطبل ورؤيته.
وقد استشكل الأصيلي حديث الباب، مع وصفه تعالى الصحابة بأنهم {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] وأجاب باحتمال أن يكون هذا الحديث قبل نزول الآية.
قال في فتح الباري: وهذا الذي يتعين المسير إليه مع أنه ليس في آية النور، التصريح بنزولها في الصحابة، وعلى تقدير ذلك، فلم يكن تقدّم لهم نهي عن ذلك، فلما نزلت آية الجمعة وفهموا منها ذمّ ذلك اجتنبوه، فوصفوا بما في آية النور. اهـ.
ورواة الحديث ما بين: بغدادي وكوفي وواسطي، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في البيوع، والتفسير، ومسلم في الصلاة، والترمذي في التفسير، وكذا النسائي فيه وفي الصلاة.
39 - باب الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَهَا
(باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها) قدم البعد على القبل خلافًا لعادته لورود الحديث في البعد صريحًا دون القبل.
937 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ. وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ". [الحديث 937 - أطرافه في: 1165، 1172، 1180].
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ولابن عساكر: عن ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يصلّي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلّي بعد الجمعة حتى ينصرف) من المسجد إلى بيته (فيصلّي) فيه (ركعتين) لأنه لو صلاهما في المسجد ربما يتوهم أنهما اللتان حذفتا.
وصلاة النفل في الخلوة أفضل، ولم يذكر شيئًا في الصلاة قبلها، والظاهر أنه قاسها على الظهر.
وأقوى ما يستدل به في مشروعيتها، عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير، مرفوعًا:"ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان".
وأما احتجاج النووي في الخلاصة على إثباتها بما في بعض طرق حديث الباب، عند أبي داود وابن حبّان، من طريق أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلّي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. فتعقب بأن قوله: كان يفعل ذلك، عائد على قوله: ويصلّي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
ويدل له رواية الليث، عن نافع، عن عبد الله: أنه كان إذا صلّى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته. ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك. رواه مسلم.
وأما قوله: كان يطيل الصلاة قبل الجمعة، فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعًا، لأنه صلى الله عليه وسلم: كان يخرج إذا زالت الشمس، فيشتغل بالخطبة، ثم بصلاة الجمعة، وإن كان المراد قبل دخول الوقت، فذاك مطلق نافلة، لا صلاة راتبة، فلا حجة فيه لسُنّة الجمعة التي قبلها، بل هو تنفل مطلق، قاله في الفتح.
وينبغي أن يفصل بين الصلاة التي بعد الجمعة وبينها، ولو بنحو كلام أو تحول، لأن معاوية أنكر على من صلّى سُنّة الجمعة في مقامها، وقال له: إذا صليت الجمعة فلا تصلّها بصلاة حتى تخرج؛ أو تتكلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نخرج أو نتكلم، رواه مسلم.
وقال أبو يوسف: يصلّي بعدها ستًّا، وقال أبو حنيفة ومحمد: أربعًا كالتي قبلها، له: أنه عليه الصلاة والسلام، كان يصلّي بعد الجمعة أربعًا، ثم يصلّي ركعتين إذا أراد الانصراف، ولهما، قوله عليه الصلاة والسلام، من شهد منكم الجمعة فليصل أربعًا قبلها، وبعدها أربعًا. رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي، وهو ضعيف عند البخاري وغيره.
وقال المالكية: لا يصلّي بعدها في المسجد، لأنه صلى الله عليه وسلم، كان ينصرف بعد الجمعة، ولم يركع في المسجد.
وقال صاحب تنقيح المقنع، من الحنابلة: ولا سُنّة لجمعة قبلها نصًّا، وما بعدها في كلامه.
وحديث الباب أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة.
40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}
(باب قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة} أي: فرغتم من صلاة الجمعة ({فانتشروا في الأرض}) للتكسب والتصرف في حوائجكم ({وابتغوا من فضل الله})[لجمعة: 10]. أي: رزقه، أو تعليم العلم.
والأمر في الموضعين للإباحة بعد الحظر، وقول: إنه للوجوب في حق من يقدر على الكسب قول شاذ، ووهم من زعم أن الصارف للأمر عن الوجوب، هنا، كونه
ورد بعد الحظر، لأن ذلك لا يستلزم عدم الوجوب، بل الإجماع هو الدال على أن الأمر المذكور للإباحة.
والذي يترجح أن في قوله: انتشروا، وابتغوا، إشارة إلى استدراك ما فاتكم من الذي انفضضتم إليه، فلينحل إلى أنها قضية شرطية، أي: من وقع له في حال خطبة الجمعة وصلاتها، زمان يحصل فيه ما يحتاج إليه في أمر دنياه ومعاشه، فلا يقطع العبادة لأجله، بل يفرغ منها، ويذهب حينئذ ليحصل حاجته.
وقيل: هو في حق من لا شيء عنده ذلك اليوم، فأمره بالطلب، بأي صورة اتفقت، ليفرح عياله ذلك اليوم لأنه يوم عيد.
وعن بعض السلف: من باع أو اشترى بعد الجمعة بارك الله له سبعين مرة. وفي حديث أنس مرفوعًا: {وابتغوا من فضل الله} ليس لطلب دنياكم، وإنما هو عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في الله.
938 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ: "كَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ تَجْعَلُ عَلَى أَرْبِعَاءَ فِي مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقًا، فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ ثُمَّ تَجْعَلُ عَلَيْهِ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ تَطْحَنُهَا فَتَكُونُ أُصُولُ السِّلْقِ عَرْقَهُ. وَكُنَّا نَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَتُقَرِّبُ ذَلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْنَا فَنَلْعَقُهُ، وَكُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذَلِكَ". [الحديث 938 - أطرافه في: 939، 941، 2349، 5403، 6248، 6279].
وبالسند قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبوي ذر، والوقت: حدّثني، (سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي، مولاهم، البصري (قال: حدّثنا أبو غسان) بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المثقلة، محمد بن مطر المدني، (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) بالحاء والزاي، سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) هو ابن مالك الأنصاري الساعدي، وسقط في رواية
غير أبي ذر: ابن سعد (قال: كانت فينا امرأة) لم يعرف اسمها (تجعل) بالجيم والعين، ولأبي ذر، والأصيلي، عن الكشميهني: تحقل، بالحاء المهملة والقاف المكسورة، وزاد في اليونينية: وبالفاء، أي: تزرع (على أربعاء) بكسر الموحدة، جدول أو ساقية صغيرة تجري إلى النخل، أو النهر الصغير لسقي الزرع (في مزرعة لها) بفتح الراء، وحكي تثليثها (سلقًا) بكسر المهملة وسكون اللام، منصوب على المفعولية، لتجعل أو تحقل، على الروايتين، ولأبي ذر، وعزاها القاضي عياض للأصيلي، كما في اليونينية: سلق بالرفع.
وهو يرد على العيني وغيره، حيث زعم أن الرواية لم تجيء بالرفع بل بالخصب قطعًا، ووجهها عياض كما في الفرع، بأن يكون مفعولاً لم يسم فاعله لتجعل أو تحقل، بضم الأول مبنيًّا للمفعول، أو أن الكلام تم بقوله: في مزرعة، ثم استأنف لها فيكون: سلق، مبتدأ خبره لها مقدم.
(فكانت) أي المرأة (إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق، فتجعله في قدر، ثم تجعل عليه قبضة من شعير) حال كونها (تطحنها) بفتح الحاء المهملة، من الطحن، والأبي ذر، عن المستملي: تطبخها بالموحدة والخاء المعجمة، من الطبخ.
والقبضة، بفتح القاف والضاد المعجمة، بينهما موحدة ساكنة، كما في الفرع، ويجوز الضم أو هو الراجح، قال الجوهري: بالضم، ما قبضت عليه من شيء، يقال: أعطاه قبضة من سويق أو تمر، أو كفًا منه. وربما جاء بالفتح.
(فتكون أصول السلق عرفه) بفتح العين وسكون الراء المهملتين بعدها قاف ثم هاء ضمير اللحم الذي على العظم، أي: أصول السلق عوض اللحم، وللكشميهني، كما في الفتح: غرفة بفتح الغين المعجمة وكسر الراء وبعد القاف هاء تأنيث، يعني: أن السلق يغرق في المرق لشدة نضجه، ولأبي الوقت، والأصيلي: غرفه بالغين المعجمة المفتوحة والراء الساكنة وبالفاء، أي: مرقه الذي يغرف. قال الزركشي: وليس بشيء.
(وكنا ننصرف من صلاة الجمعة، فنسلم عليها فتقرب ذلك الطعام إلينا، فنلعقه) بفتح العين المهملة (وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك).
مطابقة الحديث للترجمة من حيث أنهم: كانوا بعد انصرافهم من الجمعة يبتغون ما كانت تلك المرأة تهيئه من أصول السلق، وهو يدل على قناعة الصحابة وعدم حرصهم على الدنيا، رضي الله عنهم.
ورواة هذا الحديث مدنيون، ما عدا شيخ المؤلّف البصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول.
939 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ بِهَذَا وَقَالَ: "مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَاّ بَعْدَ الْجُمُعَةِ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميمين القعنبي (قال: حدّثنا ابن أبي حازم) هو عبد العزيز بن أبي حازم، بالحاء المهملة والزاي المعجمة، سلمة بن دينار المدني، (عن أبيه عن سهل) هو ابن سعد الأنصاري (بهذا) أي: بهذا الحديث السابق، فأبو غسان وابن أبي حازم عن أبي حازم.
(وقال) عبد العزيز، زيادة على رواية أبي غسان:(ما كنا نقيل) بفتح النون، أي: نستريح نصف النهار (ولا نتغدى) بالغين المعجمة والدال المهملة، أي: نأكل أوّل النهار (إلا بعد) صلاة (الجمعة).
وتمسك به الإمام أحمد، لجواز صلاة