الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: غير صالحة (فشر) أي: فهو شر (تضعونه عن رقابكم) فلا مصلحة لكم في مصاحبتها لأنها بعيدة من الرحمة.
وهذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
53 - باب قَوْلِ الْمَيِّتِ وَهُوَ عَلَى الْجِنَازَةِ: قَدِّمُونِي
(باب قول الميت) الصالح (وهو على الجنازة) أي النعش (قدموني).
1316 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا وُضِعَتِ الْجِنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ. فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ لأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلَاّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإِنْسَانُ لَصَعِقَ» .
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي، قال:(حدّثنا الليث) بن سعد (قال: حدّثنا سعيد) المقبري (عن أبيه) كيسان (أنه سمع أبا سعيد) سعد بن مالك (الخدري رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول):
(إذا وضعت الجنازة) أي: الميت في النعش، وفي حديث أبي هريرة، عند أبي داود الطيالسي: إذا وضع الميت على سريره (فاحتملها) أي: الجنازة (الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة، قالت) حقيقة بلسان القال، بحروف وأصوات يخلقها الله تعالى فيها (قدموني) لثواب عملي الصالح الذي قدمته (وإن كانت غير صالحة) وللحموي والمستملي: وإن كانت غير ذلك (قالت لأهلها) أي: لأجل أهلها إظهارًا لوقوعها في الهلكة: (يا ويلها) لأن كل من وقع في هلكة دعا بالويل (أين يذهبون) بالتحتية في اليونينية (بها)؟ بضمير الغائب، وكان الأصل أن يقول: بي، فعدل عنه كراهية أن يضيف الويل إلى نفسه. نعم، في رواية أبي هريرة المذكورة قالت: يا ويلتاه أين تذهبون بي، فظهر أن ذلك من تصرف الراوي (يسمع صوتها) المنكر (كل شيء) من الحيوان (إلاّ الإنسان، ولو سمع الإنسان) صوتها بالويل المزعج (لصعق) لغشي عليه، أو يموت من شدة هول ذلك. وهذا في غير الصالح،
لأن الصالح من شأنه اللطف والرفق في كلامه، فلا يناسب الصعق من سماع كلامه؛ نعم، يحتمل حصوله من سماع كلام الصالح لكونه غير مألوف.
وقد روى هذا الحديث ابن منده في كتاب الأهوال بلفظ: لو سمعه الإنسان لصعق من المحسن والمسيء، قال في الفتح: فإن كان المراد به المفعول، دل على وجود الصعق عند سماع كلام الصالح أيضًا. وهذا الحديث تقدم قريبًا.
54 - باب مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً عَلَى الْجِنَازَةِ خَلْفَ الإِمَامِ
(باب من صف) الناس (صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام).
1317 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ". [الحديث 1317 - أطرافه في: 1320، 1334، 3877، 3878، 3879].
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) هو: أبو الحسن الأسدي البصري الثقة (عن أبي عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري (عن قتادة) بن دعامة (عن عطاء) هو: ابن أبي رباح (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما:
(أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلّى على النجاشي) ملك الحبشة، وهو بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح، وتكسر نونها، وهو أفصح قاله في القاموس (فكنت في الصف الثاني أو الثالث) لا يقال: لا يلزم من كونه في الصف الثاني أو الثالث، أن يكون ذلك منتهى الصفوف حتى يحصل التطابق بينه وبين الترجمة. لأن الأصل عدم الزيادة. وفي مسلم، عن جابر في هذا الحديث، قال: قمنا فصفنا صفين، فأو: في قوله: أو الثالث شك هل كان هناك صف ثالث أم لا.
وفي حديث مالك بن هبيرة المروي في أبي داود والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه على شرط مسلم: ما من مسلم يموت فيصلّي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب، أي: غفر له. كما رواه الحاكم. كذلك فيستحب في الصلاة على الميت ثلاثة صفوف فأكثر، قال الزركشي: قال بعضهم: والثلاثة بمنزلة الصف الواحد في الأفضلية، وإنما لم يجعل الأول أفضل محافظة على مقصود الشارع من الثلاثة.
55 - باب الصُّفُوفِ عَلَى الْجِنَازَةِ
(باب الصفوف على الجنازة) قال في المصابيح: هذه الترجمة على أصل الصفوف، والترجمة المتقدمة على عددها، وقال الزين بن المنير: أعاد الترجمة لأن الأولى لم يجزم فيها بالزيادة على الصفين.
1318 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "نَعَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا".
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) تصغير زرع، ويزيد من الزيادة قال:(حدّثنا معمر) هو ابن راشد (عن) ابن شهاب (الزهري، عن سعيد) هو: ابن المسيب (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال):
(نعى النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى أصحابه النجاشي ثم تقدم) زاد ابن ماجة، من طريق عبد الأعلى، عن معمر فخرج بأصحابه إلى البقيع، والمراد بالبقيع: بقيع بطحان (فصفوا خلفه، فكبر أربعًا).
فإن
قلت: ليس في هذا الحديث لفظ الجنازة إنما فيه الصلاة على غائب، أو: من في قبر، فلا مطابقة.
وأجيب: بأن المراد من الجنازة: الميت سواء كان مدفونًا أو غير مدفون، وإذا شرع الاصطفاف والجنازة غائبة ففي الحاضرة أولى.
1319 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَفَّهُمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. قُلْتُ: يا أبا عمروٍ مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما".
وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو: ابن إبراهيم الفراهيدي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا الشيباني) بفتح الشين المعجمة، سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (قال: أخبرني) بالإفراد (من شهد النبي صلى الله عليه وسلم) من الصحابة ممن لم يسم، وجهالة الصحابي لا تضر في السند، وسبق في باب: وضوء الصبيان من كتاب الصلاة قبل كتاب الجمعة بلفظ: من مر مع النبي، وللترمذي: حدّثنا الشعبي قال: أخبرني من رأى النبي-صلى الله عليه وسلم:
(أتى) ولأبي الوقت أنه أتى (على قبر منبوذ) بتنوين قبر، موصوف بمنبوذ، بفتح الميم وسكون النون وضم الموحدة ثم ذال معجمة أي: منفرد عن القبور، ولأبي ذر: قبر منبوذ بغير تنوين على إضافة قبر إلى منبوذ أي: به لقيط منبوذ (فصفهم) على القبر (وكبر أربعًا).
قال الشيباني: (قلت) للشعبي (يا أبا عمرو) بفتح العين (من حدثك) بهذا؟ (قال) حدثني (ابن عباس رضي الله عنهما. ووجه مطابقته للترجمة: أن صفهم يدل على صفوف لكثرة الصحابة الملازمين له، عليه الصلاة والسلام، فلا يكون ذلك لا صفًا ولا صفين.
1320 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الْحَبَشِ، فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ وَنَحْنُ صُفُوفٌ". قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ "كُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي".
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد الفراء الرازي الصغير قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) الصنعاني (أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (أخبرهم، قال: أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش) بفتح الحاء المهملة والموحدة، قال في القاموس: الحبش والحبشة محركتين، والأحبش بضم الباء، جنس من السودان، ولأبي ذر، والأصيلي: من الحبش بضم المهملة وسكون الموحدة (فهلم) بفتح الميم، أي: تعالوا (فصلوا عليه).
(قال: فصففنا) بفاءين (فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن صفوف) كذا ثبت في رواية المستملي: ونحن صفوف، وفي الفرع وأصله علامة السقوط على قوله: عليه، وعلى قوله: صفوف للأصيلي، وأبي ذر، وابن عساكر، وزاد أبو الوقت، عن الكشميهني معه، بعد قوله: ونحن.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فصففنا، وقال ابن حجر: إن زيادة المستملي: ونحن صفوف تصحح مقصود الترجمة. اهـ. وحينئذ فعلى رواية غيره لا مطابقة، فالأحسن قول الكرماني: فصففنا كما مر، والواو في قوله: ونحن صفوف، للحال.
(وقال أبو الزبير) بضم الزاي وفتح الموحدة، محمد بن مسلم بن تدرس، بفتح المثناة الفوقية وسكون الدال وضم الراء آخره سين مهملة مما وصله النسائي (عن جابر) قال:(كنت في الصف الثاني) يوم صلّى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي. واستدلّ به على مشروعية الصلاة على الغائب، وبه قال الشافعي رحمه الله، وأحمد، وجمهور السلف. حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه.
قال الشافعي، مما قرأته في سنن البيهقي: إنما الصلاة دعاء للميت، وهو إذا كان ملففًا ميتًا يصلّى عليه، فكيف لا ندعو له غائبًا أو في القبر بذلك الوجه الذي يدعى له به وهو ملفف؟ وأجاب القائلون بالمنع، وهم الحنفية والمالكية، عن قصة النجاشي: بأنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد، فتعينت عليه الصلاة لذلك، أو أنه خاص بالنجاشي لإرادة إشاعة أنه مات مسلمًا، أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته، فليس ذلك لغيره. أو أنه كشف له، صلى الله عليه وسلم، عنه حتى رآه ولم بره المأمومون، ولا خلاف في جوازها وتعقبه ابن دقيق العيد بأنه يحتاج إلى نقل، ولا يثبت بالاحتمال. اهـ.
وقال ابن العربي: قال المالكية: ليس ذلك إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم قلنا: وما عمل به-صلى الله عليه وسلم، تعمل به أمته، يعني: لأن الأصل عدم الخصوصية. قالوا: طويت له الأرض، وأحضرت الجنازة بين يديه، قلنا: إن ربنا لقادر، وإن نبينا لأهل لذلك. ولكن لا تقولوا إلا ما رأيتم، ولا تخترعوا من عند أنفسكم، ولا تحدثوا إلا بالثابتات.