الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم". فمنعهم من التجميع في المسجد إشفاقًا عليهم من اشتراطه، وأمن مع إذنه في المواظبة على ذلك في بيوتهم من افتراضه عليهم، أو يكون المخوف افتراض قيام الليل على الكفاية لا على الأعيان. فلا يكون ذلك زائدًا على الخمس.
أو يكون الخوف افتراض قيام رمضان خاصة، كما سبق: أن ذلك كان في رمضان.
وعلى هذا يرتفع الإشكال، لأن قيام رمضان لا يتكرر كل يوم في السنة، فلا يكون ذلك قدرًا زائدًا على الخمس. اهـ.
6 - باب قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ. وَالْفُطُورُ: الشُّقُوقُ. انْفَطَرَتْ: انْشَقَّتْ.
(باب قيام النبي، صلى الله عليه وسلم) زاد الحموي في نسخة، والمستملي، والكشميهني، والأصيلي: الليل.
وسقط عند أبي الوقت وابن عساكر (حتى ترم قدماه) بفتح المثناة الفوقية، وكسر الراء من الورم.
وسقط ذلك أي: حتى ترم قدماه من رواية أبوي ذر، والوقت، والأصيلي.
وللكشميهني في نسخة، والحموي والمستملي: باب قيام الليل للنبي صلى الله عليه وسلم.
(وقالت عائشة رضي الله عنها مما وصله في سورة الفتح من التفسير (حتى) وللكشميهني كان يقوم، ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي: قام حتى (تفطر قدماه) بحذف إحدى التاءين وتشديد الطاء وفتح الراء، بصيغة المضارع.
وللأصيلي: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تتفطر قدماه، بمثناتين فوقيتين على الأصل وفتح الراء.
(والفطور: الشقوق) كما فسره به أبو عبيدة في المجاز: (انفطرت: انشقت). كذا فسره الضحاك، فيما رواه ابن أبي حاتم عنه موصولاً.
1130 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: "إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيَقُومُ -لِيُصَلِّيَ- حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ -أَوْ سَاقَاهُ- فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا"؟ [الحديث 1130 - طرفاه في: 4836، 6471].
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون السين المهملة، ابن كدام العامري الهلالي (عن زياد) بكسر الزاي وتخفيف الياء ابن علاقة الثعلبي (قال: سمعت المغيرة) بن شعبة رضي الله عنه، يقول):
(إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم ليصلّي) بكسر همزة إن وتخفيف النون، وحذف ضمير الشأن تقديره: إنه كان، وبفتح لام ليقوم للتأكيد، وكسر لام ليصلّي.
ولكريمة: ليقوم يصلّي، بحذف لام، يصلّي، وللأربعة: أو ليصلّي، مع فتح اللام على الشك ..
(حتى ترم قدماه) بكسر الراء وتخفيف الميم منصوبة بلفظ المضارع، ويجوز رفعها (-أو ساقاه-) شك من الراوي، وفي رواية خلاد بن يحيى: حتى ترم، أو تنتفخ قدماه (فيقال له:) {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]. وفي حديث عائشة: لِم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك؟ (فيقول):
(أفلا) الفاء مسبب عن محذوف، أي: أأترك قيامي وتهجدي لما غفر لي فلا (أكون عبدًا شكورًا) يعني: غفران الله لي سبب لأن أقوم وأتهجد شكرًا له. فكيف أتركه؟ كأن المعنى: ألا أشكره، وقد أنعم عليّ وخصني بخير الدارين.
فإن الشكور من أبنية المبالغة يستدعي نعمة خطيرة، وتخصيص العبد بالذكر مشعر بغاية الإكرام والقرب من الله تعالى، ومن ثم وصفه به في مقام الإسراء، ولأن العبودية تقتضي صحة النسبة، وليست إلاّ بالعبادة، والعبادة عين الشكر، وفيه أخذ الإنسان على نفسه بالشّدة في العبادة، وإن أضر ذلك ببدنه.
لكن، ينبغي تقييد ذلك بماذا لم يفض إلى الملال، لأن حالة النبي، صلى الله عليه وسلم كانت أكمل الأحوال، فكان لا يمل من العبادة، وإن أضر ذلك ببدنه، بل صح أنه قال:"وجعلت قرة عيني في الصلاة" رواه النسائي.
فأما غيره، عليه الصلاة والسلام، فإذا خشي الملل ينبغي له أن لا يكدّ نفسه حتى يمل. نعم الأخذ بالشدة أفضل لأنه إذا كان هذا فعل المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف من جهل حاله وأثقلت ظهره الأوزار، ولا يأمن عذاب النار؟
ورواة هذا الحديث كوفيون، وهو من الرباعيات، وفيه التحديث والعنعنة والسماع والقول، وأخرجه أيضًا في: الرقاق والتفسير، ومسلم في: أواخر الكتاب، والترمذي: في الصلاة، وكذا النسائي وابن ماجة.
7 - باب مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ
(باب من نام عند السحر) بفتحتين قبيل الصبح، وللكشميهني والأصيلي: عند السحور: بفتح السين وضم الحاء. ما يتسحر به، ولا يكون إلا قبيل الصبح أيضًا.
1131 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السلام وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» . [الحديث 1131 - أطرافه في: 1152، 1153، 1974، 1975، 1976، 1977، 1978، 1979، 1980، 3418، 3419، 3420، 5052، 5053، 5054، 5199، 6134، 6277].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثنا عمرو بن دينار أن عمرو بن أوس) بفتح الهمزة وسكون الواو، الثقفي الطائفي التابعي الكبير، وليس بصحابي، نعم، أبوه صحابي وعمرو في الموضعين بالواو (أخبره أن عبد الله
بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، أخبره أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال له) أي: لابن عمرو:
(أحب الصلاة) أي: أكثر ما يكون محبوبًا (إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام) أي: أحب، بمعنى محبوبًا (إلى الله، صيام) وفي رواية: وأحب الصوم إلى الله صوم (داود).
واستعمال: أحب، بمعنى: محبوب قليل، لأن الأكثر في أفعل التفضيل أن يكون بمعنى الفاعل، ونسبة المحبة فيهما إلى الله تعالى على معنى إرادة الخير لفاعلهما.
(وكان) داود، عليه الصلاة والسلام، (ينام نصف الليل ويقوم ثلثه) في الوقت الذي ينادي فيه الرب تعالى: هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ (وينام سدسه) ليستريح من نصب القيام في بقية الليل.
وإنما كان هذا أحب إلى الله تعالى، لأنه أخذ بالرفق على النفوس التي يخشى منها السآمة التي هي سبب إلى ترك العبادة، والله تعالى يحب أن يوالي فضله، ويديم إحسانه، قاله الكرماني.
وإنما كان ذلك أرفق، لأن النوم بعد القيام يريح البدن، ويذهب ضرر السهر، وذبول الجسم، بخلاف السهر إلى الصباح، وفيه من المصلحة أيضًا استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال، ولأنه أقرب إلى عدم الرياء، لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون، سليم القوى، فهو أقرب إلى أن يخفى عمله الماضي على من يراه، أشار إليه ابن دقيق العيد.
(ويصوم يومًا ويفطر يومًا) وقال ابن المنير: كان داود عليه الصلاة والسلام يقسم ليله ونهاره لحق ربه وحق نفسه، فأما الليل فاستقام له ذلك في كل ليلة، وأما النهار فلما تعذر عليه أن يجزئه بالصيام لأنه لا يتبعض، جعل عوضًا من ذلك أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، فيتنزل ذلك منزلة التجزئة في شخص اليوم.
ورواة هذا الحديث مكيُّون إلاّ شيخ المؤلّف فمدني، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث والإخبار، وأخرجه أيضًا في: أحاديث الأنبياء. ومسلم في: الصوم، وكذا أبو داود وابن ماجة والنسائي فيه، وفي الصلاة أيضًا.
1132 -
حَدَّثَنِي عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَشْعَثَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ "سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتِ: الدَّائِمُ قُلْتُ: مَتَى كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ".
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَشْعَثِ قَالَ: "إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ قَامَ فَصَلَّى". [الحديث 1132 - طرفاه في: 6461، 6462].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر، والوقت، والأصيلي: حدّثنا (عبدان) هو: لقب عبد الله (قال: أخبرني) بالإفراد (أبي) عثمان بن جبلة، بفتح الجيم والموحدة الأزدي العتكي (عن شعبة) بن الحجاج (عن أشعث) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة آخره مثلثة (قال: سمعت أبي) أبا الشعثاء، سليم بن أسود المحاربي (قال: سمعت مسروقًا) هو: ابن الأجدع (قال):
(سألت عائشة رضي الله عنها: أي العمل كان أحب إلى النبي) ولأبي ذر، والأصيلي: إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم؟ قالت) هو (الدائم) الذي يستمر عليه عامله، والمراد بالدوام العرفي لا شمول الأزمنة، لأنه متعذر.
قال مسروق: (قلت) لعائشة (متى كان يقوم) عليه الصلاة والسلام؟.
(قالت: يقوم) فيصلّي، ولأبي ذر، قالت: كان يقوم (إذا سمع الصارخ) وهو الديك لأنه يكثر الصياح في الليل.
قال ابن ناصر: وأول ما يصيح نصف الليل غالبًا، وهذا موافق لقول ابن عباس: نصف الليل، أو قبله بقليل أو بعده بقليل.
وقال ابن بطال: يصرخ عند ثلث الليل.
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجة عن زيد بن خالد الجهني: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة". وإسناده جيد. وفي لفظ: فإنه يدعو إلى الصلاة.
وليس المراد أن يقول بصراخه حقيقة الصلاة، بل العادة جرت أنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر وعند الزوال، فطرة فطره الله عليها، فيذكر الناس بصراخه الصلاة.
وفي معجم الطبراني، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:"إن لله ديكًا أبيض، جناحاه مُوشيان بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ، جناح بالمشرق وجناح بالمغرب، رأسه تحت العرش، وقوائمه في الهواء، يؤذن في كل سحر، فيسمع تلك الصيحة أهل السماوات والأرضين إلا الثقلين: الجن والإنس، فعند ذلك تجيبه ديوك الأرض، فإذا دنا يوم القيامة قال الله تعالى: ضم جناحيك وغض صوتك، فيعلم أهل السماوات والأرض إلاّ الثقلين أن الساعة قد اقتربت".
وعند الطبراني، والبيهقي في الشعب، عن محمد بن المنكدر، عن جابر: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "إن لله ديكًا، رجلاه في التخوم، وعنقه تحت العرش مطوية، فإذا كان هنية من الليل صاح: