الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال):
يا أبا بكر (دعهما) أي الجاريتين، ولابن عساكر: دعها، أي عائشة، وزاد في رواية هشام:"يا أبا بكر إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا". فعرفه عليه الصلاة والسلام الحال مقرونًا ببيان الحكمة بأنه يوم عيد، أي يوم سرور شرعي. فلا ينكر فيه مثل هذا، كما لا ينكر في الأعراس.
قالت عائشة: (فلما غفل) أبو بكر، بفتح الفاء (غمزتهما فخرجتا) بفاء العطف ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي، عن الحموي والمستملي: خرجتا بدون الفاء. بدل أو استئناف.
950 -
وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا قَالَ:«تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ» ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ: «دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» . حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: «حَسْبُكِ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ «فَاذْهَبِي» .
(و) قالت عائشة: (كان) ذلك (يوم عيد)، وهذا حديث آخر، وقد جمعه مع السابق بعض الرواة، وأفردهما آخرون. (يلعب السودان)، ولأبي ذر: يلعب فيه السودان، وللزهري: والحبشة يلعبون في المسجد (بالدرق والحراب، فإما سألت النبي) ولأبي ذر عن المستملي: فإما سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم،وإما قال):
(أتشتهين تنظرين) أي: النظر إلى لعب السودان؟
(قلت: نعم) أشتهي، (فأقامني وراءه) حال كوني (خدي على خده) متلاصقين (وهو) عليه الصلاة والسلام (يقول) للسودان، آذنًا لهم ومنشطًا.
(دونكم) بالنصب على الظرف بمعنى الإغراء، أي: الزموا هذا اللعب (يا بني أرفدة) بفتح الهمزة وإسكان الراء وكسر الفاء، وقد تفتح وبالدال المهملة، وهو جدّ الحبشة الأكبر. وزاد الزهري عن عروة: فزجرهم عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمنا بني أرفدة".
(حتى إذا مللت) بكسر اللام الأولى (قال):
(حسبك)؟ أي: يكفيك هذا القدر؟ بحذف همزة الاستفهام المقدرة. كذا قاله البرماوي وغيره كالزركشي، وتعقبه في المصابيح: بأنه لا داعي إليه، مع أن في جوازه كلامًا، اهـ.
يشير إلى ما نقله في حاشيته، رحمه الله تعالى، على المغني، من تصريح بعضهم بأن حذفها عند أمن اللبس من الضرورات.
وللنسائي، من رواية يزيد بن رومان:"أما شبعت؟ أما شبعت"؟ قالت: فجعلت أقول لا. لأنظر منزلتي عنده.
وله من رواية أبي سلمة عنها، قلت:"يا رسول الله لا تعجل. فقام لي، ثم قال: حسبك؟ قلت: لا تعجل"، قالت: وما بي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني منه.
(قلت: نعم) حسبي (قال)(فاذهبي).
فإن قلت: قولها: نعم، يقتضي فهمها الاستفهام، أجاب في المصابيح: بأنه ممنوع، لأن: نعم تأتي لتصديق المخبر، ولا مانع من جعلها هنا كذلك.
واستدلّ به على جواز اللعب بالسلاح على طريق التدريب للحرب، والتنشيط له، ولم يرد المؤلّف الاستدلال على أن حمل الحراب والدرق من سنن العيد، كما فهمه ابن بطال، وإنما مراده الاستدلال على أن العيد يغتفر فيه من اللهو واللعب ما لا يغتفر في غيره، فهو استدلال على إباحة ذلك، لا على ذنبه.
فإن قلت: قد اتفق على أن نظر المرأة إلى وجه الأجنبي حرام بالاتفاق، إذا كان بشهوة وبغيرها على الأصح، فكيف أقرّ النبي، صلى الله عليه وسلم عائشة على رؤيتها للحبشة؟
أجيب: بأنها ما كانت تنظر إلى لعبهم بحِرابهم، لا إلى وجوههم وأبدانهم.
(باب) سنيّة (الدعاء في العيد) كذا زاده هنا أبو ذر في روايته عن الحموي، ومطابقته لحديث البراء الآتي إن شاء الله تعالى في قوله: يخطب، فإن الخطبة تشتمل على الدعاء كغيره.
وقد روى ابن عدي من حديث واثلة أنه: لقي النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد، فقال: تقبل الله منّا ومنك، فقال: نعم، تقبل الله منّا ومنك.
لكن في إسناده محمد بن إبراهيم الشامي، وهو ضعيف، وقد تفرد به مرفوعًا وخولف فيه، فروى البيهقي من حديث عبادة بن الصامت أنه: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:(ذاك فعل أهل الكتابين) وإسناده ضعيف أيضًا.
لكن في المحامليات بإسناد حسن، عن جبير بن نفير، أن أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، كانوا إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منّا ومنك.
وقد ضرب في اليونينية على قوله: الدعاء في العيد، وهو ساقط في رواية ابن عساكر. وقال ابن رشيد: أراه تصحيفًا، وكأنه كان فيه: اللعب في العيد، أي فيناسب حديث عائشة الثاني من حديثي الباب.
3 - باب سُنَّةِ الْعِيدَيْنِ لأَهْلِ الإِسْلَامِ
وللأكثرين، وعزاه في الفرع لرواية أبي ذر، عن الكشميهني والمستملي، (باب سُنّة العيدين لأهل الإسلام) وعليه اقتصر الإسماعيلي في المستخرج وأبو نعيم.
وقيد
بأهل الإسلام إشارة إلى أن سُنّة أهل الإسلام في العيد خلاف ما يفعله غير أهل الإسلام في أعيادهم.
951 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَقَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا» . [الحديث 951 - أطرافه في: 955، 965، 968، 976، 983، 5545، 5556، 5557، 5560، 5563، 6673].
وبالسند قال: (حدَّثنا حجاج) هو: ابن منهال السلمي البصري (قال: حدَّثنا شعبة) ابن الحجاج (قال: أخبرني) بالإفراد (زبيد) بضم الزاي وفتح الموحدة، ابن الحرث اليامي الكوفي (قال: سمعت الشعبي) بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة، عامر بن شراحيل (عن البراء) بن عازب، رضي الله عنه، (قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم) حال كونه (يخطب فقال):
(إن أول ما نبدأ به من) ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي، في (يومنا هذا) يوم عيد النحر (أن نصلي) صلاة العيد.
أي أوّل ما يكون الابتداء به في هذا اليوم الصلاة التي بدأنا بها، فعبّر بالمستقبل عن الماضي.
وفي رواية محمد بن طلحة، عن زبيد، الآتية إن شاء الله تعالى في هذا الحديث بعينه، خرج عليه الصلاة والسلام يوم أضحى، إلى البقيع، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه الشريف وقال:"إن أوّل نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع فننحر".
وأوّل عيد صلاّه النبي صلى الله عليه وسلم، عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة.
وقد اختلف في حكم صلاة العيد بعد إجماع الأمة على مشروعيتها.
فقال أبو حنيفة، رحمه الله: واجبة على الأعيان.
وقال المالكية والشافعية: سُنّة مؤكدة.
وقال أحمد وجماعة: فرض على الكفاية.
واستدل الأوّلون بمواظبته عليه الصلاة والسلام عليها من غير ترك.
واستدلّ إلا المالكية والشافعية بحديث الأعرابي في الصحيحين: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا إلاّ أن تطوّع". وحديث: "خمس صلوات كتبهنّ الله في اليوم والليلة". وحملوا ما نقله المزني عن الشافعي: أن من وجب عليه الجمعة وجب عليه حضور العيدين، على التأكيد، فلا إثم ولا قتال بتركها.
واستدلّ الحنابلة بقوله تعالى: {فصل لربك وانحر} وهو يدل على الوجوب.
وحديث الأعرابي يدل على: أنها لا تجب على كل أحد، فتعين أن تكون فرضًا على الكفاية.
وأجيب: بأنا لا نسلّم أن المراد بقوله: فصلّ صلاة العيد، سلّمنا ذلك، لكن ظاهره يقتضي وجوب النحر، وأنتم لا تقولون به، سلّمنا أن المراد من النحر ما هو أعمّ، لكن وجوبه خاصّ به، فيختص وجوب صلاة العيد به، سلّمنا الكل، وهو أن الأمر الأوّل غير خاصّ به، والأمر الثاني خاصّ. لكن لا نسلّم أن الأمر للوجوب. فنحمله على الندب جمعًا بينه وبين الأحاديث الأُخَر، سلّمنا جميع ذلك، لكن صيغة: صلِّ، خاصة به، فإن حملت عليه وأمتّه وجب إدخال الجميع، فلما دلّ الدليل على إخراج بعضهم؛ كما زعمتم، كان ذلك قادحًا في القياس، قاله البساطي.
(ثم نرجع) بالنصب عطفًا على نصلي، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: نحن نرجع (فننحر) بالنصب (فمن فعل) بأن ابتداء بالصلاة، ثم رجع فنحر (فقد أصاب سُنّتنا).
قال الزين بن المنير، فيه إشعار بأن صلاة ذلك اليوم هي الأمر المهم، وإن ما سواها من الخطبة والنحر وغير ذلك من أعمال البرّ يوم العيد، فبطريق التبع، وهذا القدر مشترك بين العيدين، وبذلك تحصل المناسبة بين الحديث والترجمة من حيث أنه قال فيها: العيدين، بالتثنية، مع أنه لا يتعلق إلا بعيد النحر.
ورواة الحديث، الأوّل: بصري، والثاني: واسطي، والثالث والرابع: كوفيان، وأخرجه المؤلّف في العيدين أيضًا، وفي الأضاحي، والإيمان والنذور، ومسلم في الذبائح، وأبو داود في الأضاحي، وكذا الترمذي. وأخرجه النسائي في الصلاة، والأضاحي.
952 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: [دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا»].
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) الهباري القرشي الكوفي (قال: حدّثنا أبو أسامة) بضم الهمزة، حماد بن أسامة (عن هشام) هو: ابن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل) عليّ (أبو بكر) رضي الله عنه (وعندي جاريتان من جواري الأنصار) إحداهما: لحسان بن ثابت، أو كلاهما لعبد الله بن سلام، واسم إحداهما: حمامة كما مر، ويحتمل أن تكون الثانية اسمها: زينب، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في النكاح، (تغنيان) ولمسلم في رواية هشام أيضًا: بدف، وللنسائي: بدفين، ويقال له أيضًا: الكربال، بكسر الكاف، وهو الذي لا جلاجل فيه، فإن كانت فيه فهو المزهر، (بما) ولأبوي ذر والوقت، عن الكشميهني: مما بميمين