الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صوت) امرأة (صائحة فقال):
(من هذه) المرأة الصائحة؟ (فقالوا: ابنة عمرو) فاطمة (-أو أخت عمرو-) شك من سفيان، فإن كانت بنت عمرو، وتكون أخت المقتول عمة جابر، وإن كانت أخت عمرو، تكون عمة المقتول، وهو عبد الله (قال) عليه الصلاة والسلام:
(فلم تبكي؟) بكسر اللام وفتح الميم استفهام عن غائبة (أو لا تبكي) شك من الراوي. هل استفهم أو نهى (فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها) وللحموي والمستملي: تظل بأجنحتها (حتى رفع) فلا ينبغي أن يبكى عليه مع حصول هذه المنزلة، بل يفرح له بما صار إليه.
ومطابقة هذا الحديث للترجمة السابقة في قوله، عليه الصلاة والسلام، لما سمع صوت المرأة الصائحة: من هذه؟ لأنه إنكار في نفس الأمر وإن لم يصرح به.
36 - باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ
هذا (باب) بالتنوين (ليس منا من شق الجيوب).
1294 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» . [الحديث 1294 - أطرافه في: 1297، 1298، 3519].
وبالسند قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين، قال:(حدّثنا سفيان) النووي، قال:(حدّثنا زبيد) بزاي مضمومة وموحدة مفتوحة، ابن الحرث بن عبد الكريم، (اليامي) بمثناة تحتية وبميم مخففة، من بني يام، وللحموي والمستملي، وعزاها في الفتح، والعمدة للكشميهني: الأيامي، بزيادة همزة في أوله (عن إبراهيم) النخعي (عن مسروق) هو: ابن الأجدع (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(ليس منا) أي: من أهل سنتنا، ولا من المهتدين بهدينا، وليس المراد خروجه عن الدين، لأن المعاصي لا يكفر بها عند أهل السنة. نعم، يكفر باعتقاد حلها، وعن سفيان: أنه كره الخوض في تأويله، وقال: ينبغي أن يمسك عنه ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر (من لطم الخدود) كبقية الوجوه، والخدود: جمع خدّ.
قال في العمدة: وإنما جمع وإن كان ليس للإنسان إلا خدّان. فقط باْعتبار إرادة الجمع، فيكون من مقابلة الجمع بالجمع، وإما على حد قوله تعالى:{وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130] وقول العرب: شابت مفارقه، وليس إلا مفرق واحد.
(وشق الجيوب) بضم الجيم جمع جيب من جابه أي قطعه. قال تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9] وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس للبسه، وفي رواية: من الكم، بل كاف كما في اليونينية (ودعا بدعوى) أهل (الجاهلية). وهي زمان الفترة قبل الإسلام، بأن قال في بكائه ما يقولون، مما لا يجوز شرعًا كـ: واجبلاه، واعضداه.
وخص الجيب بالذكر في الترجمة، دون أخويه، تنبيهًا على أن النفي الذي حاصله التبري يقع بكل واحد من الثلاثة، ولا يشترط فيه وقوعها معًا، ويؤيده رواية لمسلم بلفظ: أو شق الجيوب، أو دعا
…
الخ. ولأن شق الجيب أشدّها قبحًا مع ما فيه من خسارة المال في غير وجه.
ويستفاد من قوله، في حديث أبي موسى الآتي، إن شاء الله تعالى، بعد باب: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفسير النهي هنا به. وأصل البراءة الانفصال من الشيء، فكأنه توعده بأنه لا يدخله في شفاعته، مثلاً. وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره، وكأن السبب في ذلك ما تضمنه من عدم الرضا بالقضاء، فإن وقع التصريح باستحلاله مع العلم بتحريم التسخط مثلاً بما وقع، فلا مانع من حمل النفي على الإخراج من الدين، قاله في الفتح.
ورواة هذا الحديث كوفيون، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث والعنعنة
والقول، وأخرجه أيضًا في: مناقب قريش، والجنائز ومسلم في: الإيمان، والترمذي في الجنائز، وكذا النسائي وابن ماجة.
37 - باب رَثَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ ابْنَ خَوْلَةَ
هذا (باب) بالتنوين (رثى النبي صلى الله عليه وسلم) بفتح الراء مع القصر بلفظ الماضي، ورفع النبي على الفاعلية، ولأبي ذر، والأصيلي: باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم، بإضافة باب لتاليه، وكسر راء رثاء، وتخفيف المثلثة، والمد وخفض تاليه بالإضافة (سعد بن خولة) بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو، نصب على المفعولية.
والمراد هنا: توجعه عليه الصلاة والسلام وتحزنه على سعد، لكونه مات بمكة بعد الهجرة منها، لا مدح الميت وذكر محاسنه، الباعث على تهييج الحزن، وتجديد اللوعة، إذ الأول مباح، بخلاف الثاني فإنه منهي عنه. وقد أطلق الجوهري الرثاء على عد محاسن الميت مع البكاء، وعلى نظم الشعر فيه. والأوجه حمل النهي على ما فيه تهييج الحزن، كما مر، أو على ما يظهر فيه تبرم، أو على فعله مع الاجتماع
له، أو على الإكثار منه دون ما عدا ذلك، فما زال كثير من الصحابة وغيرهم من العلماء يفعلونه، وقد قالت فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم:
ماذا على من شم تربة أحمد
…
أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها
…
صبت على الأيام عدن لياليا
1295 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَاّ بِنْتٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِي؟ قَالَ: لَا. فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: لَا. ثُمَّ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلْثُ كَبِيرٌ -أَوْ كَثِيرٌ- إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَاّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً صَالِحًا إِلَاّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ. يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ".
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي، قال:(أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه) سعد رضي الله عنه، قال):
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعودني) بالدال المهملة (عام حجة الوداع) سنة عشر من الهجرة (من وجع) اسم لكل مرض (اشتدّ بي) أي: قوي علي (فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع) الغاية (وأنا ذو مال ولا يرثني) من الولد (إلا بنت) كذا كتب في اليونينية بالتاء المثناة الفوقية المجرورة لا بالهاء.
قيل: هي عائشة، وقيل: إنها أم الحكم الكبرى. قيل: ما كانت له عصبة، وقيل، معناه: لا يرثني من أصحاب الفروض سواها، وقيل: من النساء. وهذا قاله قبل أن يولد له المذكور، (أفأتصدق بثلثي مالي؟) بهمزة الاستفهام على الاستخبار. (قال) عليه الصلاة والسلام:
(لا) تتصدق بالثلثين (فقلت): أتصدق (بالشطر) أي: بالنصف وللحموي والمستملي: فالشطر، بالفاء والرفع بالابتداء والخبر محذوف، تقديره: فالشطر أتصدق به، وقيده الزمحشري في الفائق، بالنصب بفعل مضمر أي: أوجب الشطر، وقال السهيلي في أماليه: الخفض فيه أظهر من النصب، لأن النصب بإضمار أفعل، والخفض معطوف على قوله: بثلثي مالي: (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(لا) تتصدق بالشطر، (ثم قال) عليه الصلاة والسلام:(الثلث) بالرفع، فاعل فعل محذوف، أي: يكفيك الثلث، أو خبر مبتدأ محذوف أي: المشروع الثلث، أو مبتدأ حذف خبره، أي: الثلث كاف. والنصب على الإغراء، أو بفعل مضمر أي: أعط الثلث (والثلث كبير) بالموحدة مبتدأ وخبر - (أو) قال: (كثير) - بالمثلثة (إنك أن تذر) بالذال المعجمة وفتح الهمزة في اليونينية: تترك (ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة) فقراء (يتكففون الناس) يطلبون الصدقة من أكف الناس، أو يسألونهم بأكفهم. و: أن تذر، بفتح الهمزة على أنها مصدرية، فهي وصلتها في محل رفع على الابتداء، والخبر: خير، وبالكسر على أنها شرطية.
والأصل كما قاله ابن مالك: إن تركت ورثتك أغنياء فخير، أي: فهو خير لك، فحذف الجواب كقوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] أي: فالوصية على ما خرجه الأخفش، ثم عطف على قوله: إنك أن تذر
…
ما هو علة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلث.
فقال: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله) أي: ذاته (إلا أجرت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (بها) أي: بتلك النفقة (حتى ما تجعل) أي: الذي تجعله (فى في امرأتك) وقول الزركشي، كابن بطال: تجعل، برفع اللام و: ما كافة كفت حتى عن عملها.
تعقبه صاحب مصابيح الجامع فقال: ليس كذلك، إذ لا معنى للتركيب حينئذ إن تأملت، بل اسم موصول، وحتى: عاطفة أي: إلا أجرت بتلك النفقة التي تبتغي بها وجه الله، حتى بالشيء الذي تجعله في فم امرأتك.
ثم أورد على نفسه سؤالاً، فقال: فإن قلت: يشترط في حتى العاطفة على المجرور أن يعاد الخافض؟
وأجاب: بأن ابن مالك قيده بأن لا تتعين: حتى، للعطف نحو: عجبت من القوم حتى بنيهم. قال ابن هشام: يريد أن الموضع الذي يصح أن تحل: إلى، فيه محل: حتى، العاطفة فهي محتملة للجارة، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجار عند قصد العطف، نحو: اعتكفت في الشهر حتى في آخره بخلاف المثال، وما في الحديث.
ثم أورد سؤالاً آخر، فقال: فإن قلت: لا يعطف على الضمير المخفوض، إلا بإعادة الخافض؟
وأجاب: بأن المختار عند ابن مالك، وغيره خلافه، وهو المذهب الكوفي لكثرة شواهده نظمًا ونثرًا، على أنه لو جعل العطف على المنصوب المتقدم، أي: لن تنفق نفقة حتى الشيء الذي تجعله في في امرأتك إلا أجرت. لاستقام. ولم يرد شيء