الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبق الحديث في باب: السجود على الثوب في شدة الحر في أوائل كتاب الصلاة.
10 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ
(باب ما يجوز من العمل في الصلاة) غير ما تقدم.
1209 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كُنْتُ أَمُدُّ رِجْلِي فِي قِبْلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَرَفَعْتُهَا، فَإِذَا قَامَ مَدَدْتُهَا".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب القعنبي الحارثي قال: (حدّثنا مالك) إمام الأئمة، ابن أنس الأصبحي (عن أبي النضر) سالم بن أبي أمية المدني (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (عن عائشة رضي الله عنها قالت):
(كنت أمدّ رجلي) بكسر اللام (في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يصلّي، فإذا سجد غمزني) يحتمل أن يكون من غير مماسة، بل بحائل من ثوب ونحوه (فرفعتها، فإذا قام مددتها) ولأبي الوقت، والأصيلي، عن الكشميهني: أمد رجلي، ورفعتهما، ومددتهما بالتثنية في الثلاثة.
ومطابقة الترجمة للحديث من حيث أن الغمز عمل يسير لا تبطل به الصلاة.
1210 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه "عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَىَّ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ عَلَىَّ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَذَعَتُّهُ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ عليه السلام {رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا". ثُمَّ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ فَذَعَتُّهُ بِالذَّالِ أَيْ خَنَقْتُهُ. وَفَدَعَّتُّهُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ {يَوْمَ يُدَعُّونَ} أَىْ يُدْفَعُونَ. وَالصَّوَابُ فَدَعَتُّهُ، إِلَاّ أَنَّهُ كَذَا قَالَ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ.
وبه قال: (حدّثنا محمود) هو: ابن غيلان، قال:(حدّثنا شبابة) بمعجمة وموحدتين، الأولى
مخففة بينهما ألف، ابن سوار المدائني الخراساني الأصل، قال:(حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن زياد) بكسر الزاي وتخفيف المثناة التحتية، الجمحي، أبي الحرث المدني، نزيل البصرة (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلّى صلاة قال) ولأبوي ذر، والوقت، فقال:
(إن الشيطان عرض لي) في صفة هرّ.
وفي رواية شعبة السابقة، من وجه آخر في باب: ربط الغريم في المسجد، إن عفريتًا من الجن تفلت علّي، فظاهره أن المراد بالشيطان في هذه الراوية غير إبليس كبير الشياطين.
(فشد) بالشين المعجمة أي: حمل (عليّ) حال كونه (يقطع الصلاة علّي) ولغير الحموي، والمستملي: ليقطع بلام التعليل.
فإن قلت: قد ثبت أن الشيطان يفر من ظل عمر، وأنه يسلك في غير فجه، ففراره من النبي صلى الله عليه وسلم أولى، فكيف شدّ عليه، عليه الصلاة والسلام، وأراد قطع صلاته، عليه الصلاة والسلام.
أجيب: بأنه ليس المراد حقيقة الفرار، بل بيان قوة عمر، رضي الله عنه، وصلابته على قهر الشيطان. وقد وقع التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم، قهره وطرده ما قال.
(فأمكنني الله منه) لكونه شخصًا في صورة يمكن أخذه معها، وهي صورة الهر، (فذعته) بالذال المعجمة والعين المهملة المفتوحتين والمثناة الفوقية المشددة، فعل ماض للمتكلم وحده، والفاء عاطفة أي: غمزته غمزًا شديدًا. وعند ابن أبي شيبة: بالدال المهملة، أي: دفعته دفعًا شديدًا (ولقد هممت أن أوثقه) أي: قصدت ربطه (إلى سارية) من سواري المسجد (حتى تصبحوا فتنظروا إليه) وللحموي والمستملي: أو تنظروا إليه، بالشك (فذكرت قول) أخي (سليمان عليه السلام {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] (فرده الله) حال كونه (خاسئًا) مطرودًا مبعدًا متحيرًا.
زاد في رواية كريمة عن الكشميهني هنا: (ثم قال النضر بن شميل: فذعته، بالذال) المعجمة وتخفيفها (أي: خنقته و) أما (فدعته) بالدال والعين المشددة المهملتين مع تشديد المثناة فـ (من قول الله تعالى {يَوْمَ يُدَعُّونَ) إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13]. (أي يدفعون والصواب فدعته) بالمهملة وتخفيف العين (إلا أنه) يعني شعبة (كذا قال بتشديد العين والتاء).
وهذه الزيادة ساقطة عند أبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر.
ومطابقة الحديث للترجمة من قوله: فدعته على معنى: دفعته من حيث كونه عملاً يسيرًا.
واستنبط منه: أن العمل اليسير غير مبطل للصلاة كما مر.
11 - باب إِذَا انْفَلَتَتِ الدَّابَّةُ فِي الصَّلَاةِ
.
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنْ أُخِذَ ثَوْبُهُ يَتْبَعُ السَّارِقَ وَيَدَعُ الصَّلَاةَ.
هذا (باب) بالتنوين (إذا انفلتت الدابة) وصاحبها (في الصلاة) ماذا يفعل؟ (وقال قتادة) مما وصله عبد الرزاق عن عمر عنه بمعناه: (إن أخذ ثوبه) بضم الهمزة أي: المصلي (يتبع السارق ويدع الصلاة) أي: يتركها. والعين مضمومة أو مكسورة.
وزاد عبد الرزاق: فيرى صبيًّا على بئر فيتخوف أن يسقط فيها، قال: ينصرف له أي: وجوبًا.
ومذهب الشافعية: أن من أخذ ماله ظلمًا وهو في الصلاة يصلّي صلاة شدة الخوف. وكذا في كل مباح: كهرب من حريق وسيل، وسبع لا معدل عنه، وغريم له عند إعساره وخوف حبسه بأن لم يصدقه غريمه، وهو المدائن في إعساره، وهو عاجز عن بينة الإعسار.
1211 -
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: "كُنَّا بِالأَهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى جُرُفِ نَهَرٍ إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ، وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا -قَالَ شُعْبَةُ: هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ- فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ، وَإِنِّي غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَثَمَانَ، وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّي أَنْ كُنْتُ أَنْ أُرَاجِعَ مَعَ دَابَّتِي أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا فَيَشُقَّ عَلَىَّ". [الحديث 1211 - طرفه في: 6127].
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن
أبي أياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدّثنا الأزرق بن قيس) بفتح الهمزة وسكون الزاي، الحارثي البصري (قال):
(كنا بالأهواز) بفتح الهمزة وسكون الهاء وبالزاي، سبع كور بين البصرة وفارس، لكل كورة منها اسم، ويجمعها: الأهواز. ولا ينفرد واحد منها بهوز، قاله صاحب العين، وغيره. (نقاتل الحرورية) بمهملات، أي: الخوارج لأنهم اجتمعوا بحروراء، قرية من قرى الكوفة وبها كان التحكيم، وكان الذي يقاتلهم إذ ذاك هو المهلب بن أبي صفرة. كما في رواية عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عند الإسماعيلي (فبينا أنا) مبتدأ خبره (على جرف نهر) بضم الجيم والراء بعدها فاء، وقد تسكن الراء. مكان أكله السيل، وللكشميهني: حرف نهر، بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الراء، أي: جانبه، واسم النهر: دجيل، بالجيم مصغرًا (إذا رجل) وللمستملي، والحموي، وعزاها العيني كابن حجر للكشميهني، بدل المستملي: إذ جاء رجل (يصلّي) العصر (وإذا لجام دابته) فرسه (بيده، فجعلت الدابة تنازعه، وجعل يتبعها).
قد أجمعوا على أن المشي الكثير المتوالي في الصلاة المكتوبة يبطلها، فيحمل حديث أبي برزة على القليل، وفي رواية عمرو بن مرزوق ما يؤيد ذلك فإنه قال: فأخذها، ثم رجع القهقرى. فإن في رجوعه القهقرى ما يشعر بأن مشيه إلى قصدها ما كان كثيرًا، فهو عمل يسير، ومشي قليل، ليس فيه استدبار القبلة؛ فلا يضر.
(قال شعبة) بن الحجاج (هو) أي: الرجل المصلي المتنازع (أبو برزة) نضلة بن عبيد (الأسلمي) نزيل البصرة (فجعل رجل) مجهول (من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ) يدعو عليه ويسبه، وفي رواية حماد: انظروا إلى هذا الشيخ، ترك صلاته من أجل فرس.
وزاد عمرو بن مرزوق في آخره قال: فقلت للرجل: ما أرى الله إلا مخزيك، شتمت رجلاً من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (فلما انصرف الشيخ) أبو برزة من صلاته (قال إني سمعت قولكم) الذي قلتموه آنفًا، (وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات، أو سبع غزوات، أو ثمان) بغير ياء ولا تنوين، وللحموي والمستملي: ثماني، بياء مفتوحة من غير تنوين.
وخرجه ابن مالك في شرح التسهيل على أن الأصل ثماني غزوات، فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله وحسن الحذف دلالة المتقدم، أو أن الإضافة غير مقصودة، وترك تنوينه لمشابهة جواري لفظًا وهو ظاهر معنى لدلالته على جمع، أو يكون في اللفظ ثمانيًا بالنصب والتنوين، إلا أنه كتب على اللغة الربيعية، فإنهم يقفون على المنون المنصوب بالسكون، فلا يحتاج الكاتب على لغتهم إلى ألف. اهـ.
وتعقب الأخير في المصابيح: بأن التخريج إنما هو لقوله؛ ثماني، بلا تنوين. وقد صرح هو بذلك في التوضيح، فلا وجه حينئذ للوجه الثالث، وللكشميهني: أو ثمانيًا.
وفي رواية عمرو بن مرزوق الجزم بسبع غزوات من غير شك.
(وشهدت تيسيره) أي: تسهيله على أمته في الصلاة وغيرها، وأشار به إلى الرد على من شدد عليه في أن يترك دابته تذهب، ولا يقطع صلاته، ولا يجوز أن يفعله أبو برزة من رأيه دون أن يشاهده من النبي صلى الله عليه وسلم (وإني) بكسر الهمزة وتشديد النون والياء اسمها (إن كنت) بكسر الهمزة، شرطية، والتاء اسم كان (أن أراجع) بضم الهمزة وفتح الراء ثم ألف، وللحموي، والمستملي، والأصيلي، وابن عساكر: أرجع، بفتح الهمزة وسكون الراء (مع دابتي) وأن بفتح الهمزة مصدرّية بتقدير لام العلة قبلها، أي: إن كنت لأن أراجع، وخبر كان (أحب إليَّ من أن أدعها) أي: أتركها (ترجع إلى مألفها) بفتح اللام الذي ألفته واعتادته.
وهذه الجملة الشرطية سدت مسد خبر إن في إني، وفي بعض الأصول بفتح همزة أن كنت، على المصدرية، ولام العلة محذوفة، والضمير المرفوع في: كنت، اسمها، وأن أرجع، بفتح الهمزة بتأويل مصدر مرفوع بالابتداء خبره: أحب إليَّ، والجملة اسمية خبر كان. وعلى هذا فخبر إن في إني، محذوف لدلالة الحال عليه، أي: وإني إن فعلت ما رأيتموه من اتباع الفرس لأجل كون رجوعها أحب إليّ من تركها. (فيشق عليّ) بنصب