الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكونه جميعًا لغير عاقل، وحكمه أيضًا مخالف لجموع السلامة في جواز إعرابه: كمسلمين، وبالحركات على النون، وكونه منوّنًا وغير منوّن، منصرفًا وغير منصرف.
(وأن النبي صلى الله عليه وسلم) قال في الفتح: هذا حديث آخر، وهو عند المؤلّف بالإسناد المذكور، وكأنه سمعه هكذا فأورده كما سمعه، (قال):
(غفار) بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء، أبو قبيلة من كنانة (غفر الله لها وأسلم) بالهمزة واللام المفتوحتين، قبيلة من خزاعة (سالمها الله) تعالى، من: المسالمة. وهي ترك الحرب، أو بمعنى: سلمها.
وهل هو إنشاء دعاء أو خبر؟ رأيان. وعلى كل وجه، ففيه جناس الاشتقاق. وإنما خص القبيلتين بالدعاء لأن غفار أسلموا قديمًا، وأسلم سالموه عليه الصلاة والسلام.
(قال ابن أبي الزناد) عبد الرحمن (عن أبيه) أبي الزناد: (هذا) الدعاء (كله) كان (في) صلاة (الصبح). والحديث سبق في باب: يهوي بالتكبير حين يسجد.
1007 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ: اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ. فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ وَالْجِيَفَ، وَيَنْظُرَ أَحَدُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى الدُّخَانَ مِنَ الْجُوعِ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ -إِلَى قَوْلِهِ- عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} فَالْبَطْشَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ مَضَتِ الدُّخَانُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَآيَةُ الرُّومِ". [الحديث 1007 - أطرافه في: 1020، 4693، 4767، 4774، 4809، 4820، 4821، 4822، 4823، 4824، 4825].
وبه قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، أخو أبي بكر بن أبي شيبة (قال: حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو: ابن المعتمر الكوفي (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح العطار الهمداني الكوفي (عن مسروق) هو: ابن الأجدع الهمداني (قال: كنا عند عبد الله) ابن
مسعود، رضي الله عنه (فقال: وإن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما رأى من الناس) أي: قريش (إدبارًا) عن الإسلام (قال):
(اللهم) ابعث، أو سلط عليهم (سبعًا) من السنين. ولغير أبوي ذر، والوقت، والأصيلي: سبع، بالرفع. خبر مبتدأ محذوف، أي: مطلوبي منك فيهم سبع (كسبع يوسف) التي أصابهم فيها القحط.
(فأخذتهم) أي: قريشًا (سنة) أي قحط وجدب (حصت) بالحاء والصاد المشددة الممهملتين، أي: استأصلت وأذهبت (كل شيء) من النبات (حتى أكلوا)، ولأبي ذر، والأصيلي عن الكشميهني: حتى أكلنا (الجلود والميتة والجيف) بكسر الجيم وفتح المثناة التحتية، جثة الميت إذا أراح، فهو أخص من مطلق الميتة لأنها ما لم تذك (وينظر أحدهم) بالهاء ونصب الفعل بحتى، أو برفعه على الاستئناف. والأول أظهر، والثاني في نسخة أبي ذر، وأبي الوقت، كما نبه عليه في اليونينية. ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي: وينظر يحدكم (إلى السماء فيرى الدخان من الجوع) لأن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان من ضعف بصره.
(فأتاه) عليه الصلاة والسلام (أبو سفيان) صخر بن حرب (فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإن قومك) ذوي رحمك (قد هلكوا) أي: من الجدب والجوع بدعائك (فادع الله لهم). لم يقع في هذا السياق التصريح بأنه دعا لهم.
نعم، وقع ذلك في سورة الدخان، ولفظه: فاستسقى لهم فسقوا (قال الله تعالى {فارتقب}) أي: انتظر يا محمد عذابهم ({يوم تأتي السماء بدخان مبين -إلى قوله- عائدون})[الدخان: 10 - 15] أي إلى الكفر. ولأبي ذر، والأصيلي: إنكم عائدون ({يوم نبطش البطشة الكبرى}) زاد الأصيلي: {إنّا منتقمون} [الدخان: 16].
(فالبطشة) بالفاء، ولأبي ذر، والأصيلي: والبطشة (يوم بدر) لأنهم ما التجؤوا إليه عليه الصلاة والسلام، وقالوا: ادع الله أن يكشف عنّا فنؤمن لك، فدعا وكشف، ولم يؤمنوا انتقم الله منهم يوم بدر. وعن الحسن: البطشة الكبرى يوم القيامة.
قال ابن مسعود: (وقد) ولأبوي ذر، والوقت، وابن عساكر: فقد (مضت الدخان) وهو الجوع (والبطشة، واللزام) بكسر اللام وبالزاي القتل (وآية) أول سورة (الروم).
قإن قلت: ما وجه إدخال هذه الترجمة في الاستسقاء؟.
أجيب: بأنه للتنبيه على أنه كما شرع الدعاء بالاستسقاء للمؤمنين، كذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين، لأن فيه إضعافهم، وهو نفع للمسلمين. فقد ظهر من ثمرة ذلك التجاؤهم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، ليدعو لهم برفعه القحط.
ورواه هذا الحديث كلهم كوفيون إلا جريرًا فرازي، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في الاستسقاء أيضًا، وفي التفسير، ومسلم في: التوبة، والترمذي والنسائي في: التفسير.
3 - باب سُؤَالِ النَّاسِ الإِمَامَ الاِسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا
(باب سؤال الناس) المسلمين وغيرهم (الإمام الاستسقاء إذا قحطوا) بفتح القاف والحاء مبنيًا للفاعل.
يقال قحط المطر قحوطًا إذا احتبس
المسلمين فيكون من باب القلب لأن المحتبس المطر لا الناس، أو يقال: إذا كان محتبسًا عنهم، فهم محبوسون عنه.
وحكى الفراء قحط بالكسر، وللأصيلي، وأبي ذر: قحطوا، بضم القاف وكسر الحاء مبنيًّا للمفعول. وقد سمع قحط القوم.
وسؤال مصدر مضاف لفاعله، والإمام مفعوله، وتاليه نصب على نزع الخافض، أي: عن الاستسقاء. يقال: سألته الشيء، وعن الشيء.
1008 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ
…
ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ
[الحديث 1008 - طرفه في: 1009].
وبالسند قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بإسكان الميم، ابن بحر الباهلي البصري الصيرفي (قال: حدّثنا أبو قتيبة) بضم القاف وفتح التاء الفوقية، سلم، بفتح السين وسكون اللام، الخراساني البصري (قال: حدّثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه) عبد الله (قال:)
(سمعت ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما (يتمثل بشعر أبي طالب) أي: ينشده. زاد ابن عساكر فقال.
(وأبيض) أعربه ابن هشام في مغنيه مجرورًا بالفتحة، برب: مضمرة.
وتعقبه البدر الدماميني في حاشيته عليه، ومصابيحه، فقال في آخرهما: وليس كذلك، وفي أوّلهما: والظاهر أنه منصوب عطفًا على: سيدًا المنصوب في البيت قبله، وهو قوله:
وما ترك قوم لا أبا لك سيدًا
…
يحوط الذمارِ غير ذرب مواكل
قال: وهو من عطف الصفات التي موصوفها واحد، ويجوز الرفع، وهو في اليونينية أيضًا: خبر مبتدأ محذوف. هو أبيض (يستسقى الغمام) بضم المثناة التحتية وفتح القاف، مبنيًا للمفعول: أي يستسقي الناس الغمام (بوجهه) الكريم (ثمال اليتامى) أي: بإفضاله، أو يطعمهم عند الشدة، أو عمادهم، أو ملجؤهم، أو مغيثهم. وهو بكسر المثلثة والنصب أو الرفع، صفة لأبيض، كقوله (عصمة) أي: مانع (للأرامل) يمنعهم مما يضرهم.
وفي غير اليونينية: ثمال وعصمة، بالجر فيهما مع الوجهين الآخرين، صفة لأبيض على تقدير جره برب، وفيه ما مر. والأرامل: جمع أرملة، وهي الفقيرة التي لا زوج لها، والأرمل: الرجل الذي لا زوج له. قال:
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها
…
فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر؟
نعم، استعماله في الرجل مجاز لأنه لو أوصى للأرامل خص النساء دون الرجال.
واستشكل إدخال هذا الحديث في هذه الترجمة، إذ ليس فيه أن أحدًا سأله أن يستسقي بهم.
وأجاب ابن رشيد: باحتمال أن يكون أراد بالترجمة الاستدلال بطريق الأولى، لأنهم إذا كانوا يسألون الله به فيسقيهم، فأحرى أن يقدموه للسؤال. اهـ.
قال في الفتح وهو حسن.
1009 -
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ: "رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِي، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ".
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ
…
ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلأَرَامِلِ
وَهْوَ قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ.
(وقال عمر بن حمزة) بضم العين وفتح الميم في الأول، وبالحاء المهملة والزاي في الثاني، ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، مما وصله أحمد وابن ماجة قال:(حدّثنا) عمي (سالم، عن أبيه) عبد الله بن عمر، قال:
(ربما ذكرت قول الشاعر -وأنا أنظر-) جملة حالية (إلى وجه النبي، صلى الله عليه وسلم)، حال كونه (يستسقي) زاد ابن ماجة: على المنبر (فما ينزل) عنه (حتى يجيش كل ميزاب) بفتح المثناة التحتية وكسر الجيم، من يجيش، وآخره شين معجمة من: جاش يجيش إذا هاج، وهو كناية عن كثرة المطر.
والميزاب ما يسيل منه الماء من موضع عال، ولأبي ذر، والأصيلي عن الحموي، والكشميهني: لك ميزاب، بتقديم اللام على الكاف. قال الحافظ ابن حجر: وهو تصحيف.
(وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وهو قول أبي طالب).
ومطابقة هذا التعليق للترجمة من قوله: يستسقي، ولم يكن استسقاؤه عليه الصلاة والسلام إلا عن سؤال.
والظاهر أن طريق ابن عمر الأولى مختصرة من هذه المعلقة المصرحة بمباشرته عليه الصلاة والسلام للاستسقاء بنفسه الشريفة.
وأصرح من ذلك رواية البيهقي في دلائله، عن أنس، قال، جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا صبي يغط. فقام عليه الصلاة والسلام يجر رداءه.
حتى صعد المنبر، فقال:"اللهم أسقنا .. الحديث" وفيه، ثم قال، عليه الصلاة والسلام:"لو كان أبو طالب حيًا لقرّت عيناه". من ينشدنا قوله؟ فقام عليّ فقال: يا رسول الله! كأنك أردت قوله: