الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بذلك عند الموت، إذا كان حكم الإيمان بالاستصحاب.
وذكر قول وهب أيضًا تفسيرًا لكون مجرد النطق لا يكفي، ولو كان عند الخاتمة، حتى يكون هناك عمل، خلافًا للمرجئة، وكأنه يقول: لا تعتقد الاكتفاء بالشهادة، وإن قارنت الخاتمة، ولا تعتقد الاحتياج إليها قطعًا إذا تقدمت حكمًا، والله أعلم.
ورواة حديث الباب كلهم كوفيون، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وفيه: التحديث
والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في: التفسير، والإيمان، والنذور، ومسلم في: الإيمان، والنسائي في: التفسير:
2 - باب الأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ
(باب الأمر باتباع الجنائز).
1239 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قال حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ. وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ". [الحديث 1239 - أطرافه في: 2445، 5175، 5635، 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6235، 6654].
وبالسند قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي (قال: حدّثنا شعبة) ابن الحجاج (عن الأشعث) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح المهملة ثم مثلثة، ابن أبي الشعثاء المحاربي (قال: سمعت معاوية بن سويد بن مقرن) بميم مضمومة فقاف مفتوحة فراء مشددة مكسورة (عن البراء) بتخفيف الراء، وللأصيلي، وابن عساكر، وأبي الوقت: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال):
(أمرنا النبي) ولأبي ذر: رسول الله (صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا باتباع الجنائز) وهو فرض كفاية، وظاهر قوله: اتباع الجنائز أنه بالمشي خلفها، وهو أفضل عند الحنفية.
والأفضل عند الشافعية المشي أمامها لحديث أبي داود وغيره بإسناد صحيح. عن ابن عمر، قال: رأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر يمشون أمان الجنازة، ولأنه شفيع، وحق الشفيع أن يتقدم.
وأما حديث: امشوا خلف الجنازة، فضعيف.
وأجابوا عن حديث الباب: بأن الاتباع محمول على الأخذ في طريقها، والسعي لأجلها، كما يقال: الجيش يتبع السلطان، أي: يتوخى موافقته، وإن تقدم كثير منهم في المشي والركوب.
وعند المالكية ثلاثة أقوال: التقدم، والتأخر، وتقدم الماشي وتأخر الراكب. وأما النساء فيتأخرن بلا خلاف.
(وعيادة المريض) أي: زيارته، مسلم أو ذمي، قريب للعائد أو جار له، وفاء بصلة الرحم وحق الجوار، وهي فضيلة لها ثواب، إلا أن لا يكون للمريض متعهد فتعهده لازم.
وفي مسلم، عن ثوبان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مخرفة الجنة حتى يرجع. وأراد بالمخرفة: البستان، يعني يستوجب الجنة ومخارفها.
وفي البخاري، عن أنس قال: كان غلام يهودي يخدم النبي، صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي-صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه، وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار.
قال في المجموع: وسواء الرمد وغيره، وسواء الصديق والعدوّ ومن يعرفه ومن لا يعرفه، لعموم الأخبار.
قال: والظاهر أن المعاهد والمستأمن كالذمي.
قال: وفي استحباب عيادة أهل البدع المنكرة، وأهل الفجور، والمكوس، إذا لم تكن قرابة، ولا جوار، ولا رجاء توبة، نظر. فإنا مأمورون بمهاجرتهم. ولتكن العبادة غبًا فلا يواصل كل يوم إلا أن يكون مغلوبًا، ومحل ذلك في غير القريب والصديق ونحوهما ممن يستأنس به المريض، أو يتبرك به، أو يشق عليه عدم رؤيته كل يوم. أما هؤلاء فيواصلونها ما لم ينهوا أو يعلموا كراهته لذلك.
وقول الغزالي: إنما يعاد بعد ثلاث، لخبر ورد فيه، ردّ بأنه موضوع، ويدعو له وينصرف، ويستحب أن يقول في دعائه: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك. سبع مرات رواه الترمذي، وحسنه. ويخفف المكث عنده، بل تكره إطالته لما فيه من إضجاره، ومنعه من بعض تصرفاته.
(وإجابة الداعي) إلى وليمة النكاح، وهي لازمة إذا لم يكن ثمة ما يتضرر به في الدين، من الملاهي، ومفارش الحرير، ونحوهما.
(ونصر المظلوم) مسلمًا كان أو ذميًا بالقول أو بالفعل.
(وإبرار القسم) بقتحات وكسر همزة إبرار: إفعال من البرّ، خلاف الحنث. ويروى: المقسم، بضم الميم وسكون القاف وكسر السين، أي: تصديق من أقسم عليك، وهو أن يفعل ما سأله الملتمس، وأقسم عليه أن يفعله.
يقال: برّ وأبرّ القسم إذا صدقه، وقيل: المراد من المقسم الحالف، ويكون المعنى: أنه لو حلف أحد على أمر مستقبل وأنت تقدر على تصديق
يمينه، كما لو أقسم يفارقك حتى تفعل كذا وكذا، وأنت تستطيع فعله، كيلا تحنث يمينه، وهو خاص فيما يجعل من مكارم الأخلاق، فإن ترتب على تركه مصلحة فلا، ولذا قال، عليه الصلاة والسلام، لأبي بكر في قصة تعبير الرؤيا:"لا تقسم". حين قال: أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني بالذي أصبت.
(ورد السلام) وهو فرض كفاية عند مالك والشافعي، فإن انفرد المسلم عليه تعين عليه.
(وتشميت العاطس) إذا حمد الله، بالشين المعجمة والمهملة في: تشميت، والمعجمة أعلاهما مشتق من الشوامت وهي القوائم، كأنه دعا بالثبات على طاعة الله، فيقول: يرحمك الله، وهو سنة على الكفاية.
(ونهانا عن آنية الفضة) وفي رواية: عن سبع: آنية الفضة، بالجر بدل من سبع وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، -أي: آنية الفضة، وهي حرام على العموم للسرف والخيلاء.
(و) عن (خاتم الذهب) وهو حرام أيضًا (و) عن (الحرير) وهو حرام على الرجال دون النساء كسابقه، فإطلاق النهي مع كونهن يباح لهن بعضها، دخله التخصيص بدليل آخر، كحديث:"هذان، أي: الذهب والحرير- حرام على ذكور أمتي، حل لإناثها".
(و) عن (الديباج) الثياب المتخذة من الإبريسم (و) عن (القسي) بقاف مفتوحة فسين مهملة مشددة مكسورة، وفسرت في كتاب اللباس: بأنها ثياب يؤتى بها من الشام أو مصر، مضلعة، فيها حرير أمثال الأترج، أو كتان مخلوط بحرير وقيل من القز، وهو رديء الحرير (و) عن (الإستبرق) بكسر الهمزة غليظ الديباج.
وسقط من هذا الحديث الخصلة السابعة، وهي: ركوب المياثر، بالمثلثة. وقد ذكرها في: الأشربة واللباس، وهي الوطاء يكون على السرج من حرير أو صوف أو غيره، لكن الحرمة متعلقة بالحرير، كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
وذكر الثلاثة بعد الحرير من باب ذكر الخاص بعد العام اهتمامًا بحكمها، أو دفعًا لتوهم أن اختصاصها باسم يخرجها عن حكم العام، أو أن العرف فرق أسماءها لاختلاف مسمياتها، فربما توهم متوهم أنها غير الحرير.
فإن قلت: قد تعمل من غير الحرير مما يحل، فما وجه النهي؟.
أجيب: بأن النهي قد يكون للكراهة، كما أن المأمورات بعضها للوجوب وبعضها للندب. وإطلاق النهي فيها استعمال للفظ في حقيقته ومجازه، وهو جائز عند الشافعي، ومن يمنع ذلك يجعله لقدر مشترك بينهما مجازًا. ويسمى بعموم المجاز.
فإن قيل: كيف يقول الشافعي ذلك مع أن شرط المجاز أن يكون معه قرينة تصرفه عن الحقيقة؟.
قيل: المراد قرينة تقتضي إرادة المجاز أو أن يصرف عن الحقيقة أوّلاً، وقد جوّزوا في الكناية نحو: الرماد، إرادة المعنى الأصلي مع إرادة لازمه، فكذا المجاز.
ورواة الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه: التحديث والسماع والقول، وأخرجه أيضًا في: المظالم واللباس والطب والنذور والنكاح والاستئذان والأشربة.
ومسلم في: الأطعمة، والترمذي في الاستئذان واللباس، والنسائي في الجنائز والإيمان والنذور والزينة، وابن ماجة في: الكفارات واللباس.
1240 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ".
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَرَوَاهُ سَلَامَةُ عَنْ عُقَيْلٍ.
وبه قال: (حدّثنا محمد) هو الذهلي، كما قال الكلاباذي قال:(حدّثنا عمرو بن أبي سلمة) بفتح اللام التنيسي (عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو، (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن شهاب) الزهري (قال أخبرني) بالإفراد أيضًا (سعيد بن المسيب) بفتح المثناة التحتية المشدّدة (أن أبا هريرة، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول):
(حق المسلم على المسلم خمس) يعم وجوب العين، والكفاية، والندب:(رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة) بفتح الدال (وتشميت العاطس)، إذا حمد، ويستوي في هذه الخمس جميع المسلمين: برّهم وفاجرهم، وعطف المندوب على الواجب سائغ إن دل عليه القرينة، كما يقال: صم رمضان وستًا من شوّال، وزاد مسلم، في رواية سادسة: وإذا استنصحك فانصح له.
(تابعه) أي: تابع عمرو بن أبي سلمة (عبد الرزاق) بن همام (قال: أخبرنا معمر) هو: ابن راشد، وهذه المتابعة ذكرها مسلم.
(ورواه سلامة) بتخفيف اللام، ولأبي ذر: سلامة بن روح، بفتح الراء ابن خالد (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف: ابن خالد، وهو عم سلامة السابق.