الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في صفة الصلاة، وعن جابر عند مسلم، وعن علي عند أحمد، وعن أبي هريرة عند النسائي، وعن ابن عمر عند البزار، وعن أم سفيان عند الطبراني، وفي رواياتهم زيادة رواها الحفاظ الثقات فالأخذ بها أولى من إلغائها.
وقد وردت الزيادة في ذلك من طرق أخرى، فعند مسلم، من وجه آخر عن عائشة، وآخر عن جابر: أن في كل ركعة ثلاث ركوعات. وعنده من وجه آخر، عن ابن عباس: أن في كل ركعة أربع ركوعات، ولأبي داود من حديث أبي بن كعب، والبزار من حديث علي: أن في كل ركعة خمس ركوعات. ولا يخلو إسناد منها عن علة:
ونقل ابن القيم عن الشافعي، وأحمد والبخاري: أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطًا من بعض الرواة، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم، وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح. قاله في فتح الباري.
3 - باب النِّدَاءِ بِالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فِي الْكُسُوفِ
(باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف) بنصب: الصلاة جامعة، على الحكاية فيهما، أي: بهذا اللفظ.
وحروف الجر لا يظهر عملها في باب الحكاية، ومعمولها محذوف، تقديره: باب النداء بقوله: الصلاة جامعة. ونصب الصلاة في الأصل على الإغراء، وجامعة على الحال. ويجوز رفع الصلاة على الابتداء، وجامعة على الخبر، أي: الصلاة تجمع الناس في المسجد الجامع. ويجوز أن تكون الصلاة ذات جماعة، أي: تصلّى جماعة لا منفردة، كسنن الرواتب فالإسناد مجازي: كنهر جار، وطريق سائر.
1045 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَاّمِ بْنِ أَبِي سَلَاّمٍ الْحَبَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُودِيَ: إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ". [الحديث 1045 - طرفه في: 1051].
وبالسند قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبوي ذر، والوقت: حدّثني (إسحاق) غير منسوب، فقال الجياني: هو ابن منصور الكوسج، وقال أبو نعيم: هو ابن راهويه (قال أخبرنا يحيى بن صالح) الوحاظي، بضم الواو، والحاء المهملة نسبة إلى: وحاظ، بطن من حمير، وهو حمصي من شيوخ البخاري، وربما أخرج عنه بالواسطة كما هنا (قال: حدّثنا معاوية بن سلام بن أبي سلام) بفتح السين وتشديد اللام فيهما (الحبشي) بفتح الحاء المهملة والموحدة وكسر الشين المعجمة، نسبة إلى بلاد الحبشة، أو: حي من حمير، ونسب إلى الأصيلي ضبطها هنا: بضم الحاء وسكون الموحدة كعجم: بفتحتين، وعجم: بضم العين وسكون الجيم. قال الحافظ ابن حجر: وهو وهم، (الدمشقي، قال: أخبرنا يحيي بن أبي كثير) بالمثلثة (قال أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، عن عبد الله بن عمرو) هو: ابن العاصي رضي الله عنهما، قال: لما كسفت الشمس) بفتح الكاف والسين (على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نودي) بضم أوله مبنيًا للمفعول، وفي الصحيحين من حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مناديًا فنادى (إن الصلاة جامعة) بفتح الهمزة وتخفيف النون، وهي المفسرة.
وفي رواية: إن الصلاة، بكسر الهمزة وتشديد النون والخبر محذوف تقديره: إن الصلاة ذات جماعة حاضرة، ويروى: برفع جامعة، على أنه الخبر، وهو الذي في الفرع وأصله، وللكشميهني: نودي بالصلاة جامعة، وفيه ما تقدم في لفظ الترجمة، وجوز بعضهم في الصلاة جامعة النصب فيهما، والرفع فيهما، ورفع الأول ونصب الثاني، والعكس.
وظاهر الحديث أنس ذلك كان قبل اجتماع الناس، وليس فيه: أنه بعد اجتماعهم نودي بالصلاة جامعة، حتى يكون ذلك بمنزلة الإقامة التي يعقبها الفرض. ومن ثم لم يعول في الاستدلال على أنه لا يؤذن لها، وأنه يقال فيها: الصلاة جامعة، إلا على ما أرسله الزهري. قال في الأم: ولا أذان لكسوف، ولا لعيد، ولا لصلاة غير مكتوبة. وإن أمر الإمام من يفتتح الصلاة جامعة، أحببت
ذلك له، فإن الزهري يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن في صلاة العيدين أن يقول: الصلاة جامعة.
وفي حديث الباب رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث بالجمع والإفراد والإخبار بالإفراد والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: الكسوف: ومسلم في: الصلاة، وكذا النسائي.
4 - باب خُطْبَةِ الإِمَامِ فِي الْكُسُوفِ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
(باب خطبة الإمام في الكسوف).
(وقالت عائشة وأسماء) بنتا أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم:(خطب النبي، صلى الله عليه وسلم)، في الكسوف. وحديث عائشة سبق موصولاً في باب: الصدقة في الكسوف، وحديث أسماء يأتي،
إن شاء الله تعالى بعد أحد عشر بابًا.
1046 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح. وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: "خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَكَبَّرَ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ. ثُمَّ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ". وَكَانَ يُحَدِّثُ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كَانَ يُحَدِّثُ يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: إِنَّ أَخَاكَ يَوْمَ خَسَفَتْ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ، قَالَ: أَجَلْ، لأَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ.
وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو: يحيى بن عبد الله بن بكير، بضم الموحدة وفتح الكاف، المصري. وللأصيلي: حدّثنا ابن بكير (قال: حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد المصري (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف، الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري. (ح) للتحويل.
(وحدّثني) بالإفراد (أحمد بن صالح) أبو جعفر البصري، عرف بابن الطبراني (قال: حدّثني عنبسة) بفتح العين والموحدة بينهما نون ساكنة والسين مهملة، ابن خالد بن يزيد الأيلي (قال: حدّثنا
يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (قال: حدّثني) بالإفراد (عروة) بن الزبير (عن عائشة زوج النبى، صلى الله عليه وسلم، قالت):
(خسفت الشمس) بفتح الخاء والسين (في حياة النبي، صلى الله عليه وسلم، فخرج) من الحجرة (إلى المسجد) لا الصحراء لخوف الفوت بالانجلاء، والمبادرة إلى الصلاة مشروعة (فصف) بالفاء، ولابن عساكر: وصف (الناس وراءه) برفع الناس، فاعل: صف (فكبر) تكبيرة الإحرام (فاقترأ) بالفاء فيهما (رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قراءة طويلة) في قيامه نحوًا من سورة البقرة بعد الفاتحة، والتعوذ، ولأبي داود: قالت: فقام فحزرت قراءته، فرأيت أنه قرأ سورة البقرة (ثم كبر، فركع ركوعًا طويلاً) مسبحًا فيه قدر مائة آية من البقرة (ثم قال):
(سمع الله لمن حمده) ربنا ولك الحمد.
(فقام) من الركوع (ولم يسجد، وقرأ قراءة طويلة) في قيامه (هي أدنى من القراءة الأولى) نحوًا من سورة: آل عمران بعد قراءة الفاتحة والتعوذ، ولأبي داود: قالت فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة آل عمران (ثم كبر، وركع ركوعًا طويلاً وهو) بالواو، ولأبي ذر في نسخة، وأبي الوقت: بإسقاطها (أدنى من الركوع الأول) مسبحًا فيه قدر ثمانين آية (ثم قال):
(سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) كذا ثبتت: ربنا ولك الحمد، هنا دون الأولى.
ولأبي داود: فاقترأ قراءة طويلة، ثم كبر، فركع ركوعًا طويلاً، ثم رفع رأسه، فقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم قام فاقترأ قراءة طويلة، هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر، فركع ركوعًا طويلاً، هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد
…
الحديث (ثم سجد) مسبحًا قدر مائة آية (ثم قال) أي: فعل (في الركعة الآخرة) بمد الهمزة من غير ياء بعد الخاء (مثل ذلك) أي: مثل ما فعل في الركعة الأولى. لكن القراءة في أولهما: كالنساء، وفي ثانيهما: كالمائدة. وهذا نص الشافعي في البويطي.
قال السبكي: وقد ثبت بالإخبار تقدير القيام الأول بنحو البقرة، وتطويله على الثاني والثالث، ثم الثالث على الرابع. وأما نقص الثالث عن الثاني، أو زيادته عليه فلم يرد فيه شيء فيما أعلم، فلأجله لا يعد في ذكر سورة النساء فيه وآل عمران في الثاني. نعم، إذا قلنا بزيادة ركوع ثالث فيكون أقصر من الثاني كما ورد في الخبر. اهـ.
والتسبيح في أولها قدر سبعين، والرابع خمسين. قال الأذرعي: وظاهر كلامهم استحباب هذه الإطالة، وإن لم يرض بها المأمومون، وقد يفرق بينهما وبين المكتوبة بالندرة، أو: أن يقال: لا يطيل بغير رضا المحصورين، لعموم حديث:"إذا صلّى أحدكم بالناس فليخفف". وتحمل إطالته صلى الله عليه وسلم على أنه علم رضا أصحابه، أو أن ذلك مغتفر لبيان تعليم الأكمل بالفعل.
(فاستكمل) عليه الصلاة والسلام (أربع ركعات في) ركعتين و (أربع سجدات) وسمي الزائد ركوعًا باعتبار المعنى اللغوي، وإن كانت الركعة الشرعية إنما هي الكاملة: قيامًا وركوعًا وسجودًا.
(وانجلت الشمس) بنون قبل الجيم، أي: صفت (قبل أن ينصرف) من صلاته.
(ثم قام) أي خطيبًا (فأثنى على الله بما هو أهله) وهذا موضع الترجمة.
ولم يقع التصريح في هذا الحديث بالخطبة. نعم، صرح بها في حديث عائشة من رواية هشام المعلق هنا، الموصول قبل بباب، وأورد المؤلّف حديثها هذا من طريق ابن شهاب ليبين أن الحديث واحد، وأن الثناء المذكور في طريق ابن شهاب هذه كان في الخطبة:
واختلف فيها فيه. فقال الشافعي: يستحب أن يخطب لها بعد الصلاة