الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن سخبرة الأسدي الكوفي (قال: سألنا خبابًا) بفتح الخاء وتشديد الموحدة الأولى ابن الأرت، بالمثناة الفوقية بعد الراء، رضي الله عنه (أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم) كان يقرأ فيهما (قلنا) بنون الجمع، وللحموي والمستملي: قلت (بأي شيء كنتم تعرفون؟ قال) ولأبي ذر: تعرفون ذلك؟ قال: (باضطراب لحيته) بكسر اللام ومثناة فوقية بعد التحتية، وللأصيلي لحييه بفتح اللام ومثناتين تحتيتين.
فإن قلت إن اضطراب لحيته الشريفة المستدل به على قراءته يحصل مثله أيضًا بالذكر والدعاء أيضًا، فما وجه تعيين القراءة دونهما؟
أجيب بأنها تعينت بقرينة: والظاهر أنهم نظروه بالجهرية لأن ذلك المحل منها هو محل القراءة لا الذكر والدعاء، وإذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة: كان يسمعنا الآية أحيانًا قوي الاستدلال.
97 - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْعَصْرِ
(باب القراءة في) صلاة (العصر).
761 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: "قُلْتُ لِخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ بِأَىِّ شَىْءٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قِرَاءَتَهُ؟ قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ".
وبالسند قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي، بكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية وفتح الكاف وسكون النون (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر) عبد الله بن سخبرة (قال: قلت) وللكشميهني والأصيلي: قلنا (لخباب بن الأرت) بفتح الهمزة والراء وتشديد المثناة الفوقة (أكان النبي-صلى الله عليه وسلم) بهمزة الاستفهام على سبيل الاستخبار (يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم) كان يقرأ فيهما (قال: قلت: بأي شيء كنتم تعلمون) أي تعرفون، لأنه متعدٍّ لمفعول (قراءته) عليه الصلاة والسلام؟ (قال): أي خباب (باضطراب لحيته) الكريمة، وفي اليونينية رقم على قوله: قال نعم، علامة السقوط لابن عساكر.
762 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَانًا".
وبه قال: (حدّثنا المكي) بالتعريف، ولأبي ذر والأصيلي: مكي (بن إبراهيم) بن بشير بن فرقد التيمي الحنظلي البلخي (عن هشام) الدستوائي (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة (عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) أبي قتادة الحرث بن ربعي (قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين) الأوليين (من الظهر والعصر) أي من كلٍّ منهما (بفاتحة الكتاب وسورة سورة) بالخفض عطفًا على سابقه، وبالتكرير لأنه موزع على الركعات، يعني يقرأ في كل ركعة من ركعتيهما سورة بعد الفاتحة، (ويسمعنا الآية أحيانًا).
98 - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ
(باب القراءة في) صلاة (المغرب).
763 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} فَقَالَتْ: يَا بُنَىَّ، وَاللَّهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ". [الحديث 763 - طرفه في: 4429].
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أبي الأصبحي (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله) بالتصغير (بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن) أمه (أم الفضل) لبابة بنت الحرث، زوج العباس، أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (سمعته وهو) أي ابن عباس (يقرأ {والمرسلات عرفًا}) والجملة حالية، وفيه التفات من الحاضر إلى الغائب، لأن القياس أن يقول: سمعتني وأنا أقرأ {والمرسلات عرفًا} (فقالت: يا بني) بضم الموحدة مصغرًا (والله لقد) ولأبي ذر والأصيلي: يا بني لقد (ذكرتني) بتشديد الكاف شيئًا نسيته (بقراءتك) وفي نسخة: بقرآنك بضم القاف وبالنون (هذه السورة) منصوب بقوله: بقراءة عند البصريين، أو بذكرتني عند الكوفيين، (إنها) أي السورة (لآخر ما سمعت) بحذف ضمير المفعول، ولابن عساكر: ما سمعته (من رسول الله صلى الله عليه وسلم) حال كونه (يقرأ بها في) صلاة (المغرب) أي في بيته كما رواه النسائي.
وأمّا ما في حديث عائشة أنها الظهر، فكانت في المسجد.
وأجيب عن قول أم الفضل عند الترمذي: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه، بالحمل على أنه خرج إليهم من المكان الذي كان راقدًا فيه إلى الحاضرين في البيت، فصلّى بهم فيه.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي، ومسلم في الصلاة، وكذا أبو داود وابن ماجة.
764 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: "قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارٍ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِطُولى الطُّولَيَيْنِ".
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني (أبو عاصم) النبيل (عن ابن جريج) عبد الملك (عن ابن أبي مليكة) بضم الميم وفتح اللام زهير بن عبد الله المكي الأحول (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (عن مروان بن الحكم) المدني الأموي (قال:
قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار) بتنوين العوض عن المضاف إليه، أي بقصار المفصل، وللكشميهني: بقصار المفصل، ولأبي ذر: يعني المفصل، وهو استفهام على سبيل الإنكار، وكان مروان حينئذٍ أميرًا على المدينة من قبل معاوية، وللنسائي بقصار السور (وقد سمعت) بضم التاء، وفي بعضها بفتحها (النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولى الطوليين؟) أي بأطول السورتين الطويلتين، وطولى تأنيث أطول، والطوليين بمثناتين تحتيتين تثنية طولى، وهذه رواية الأكثر، وعزاها في الفرع لأبي الوقت والأصيلي، وفي رواية كريمة: بطول الطوليين، بضم الطاء وسكون الواو وباللام فقط.
ووجهه البرماوي كالكرماني بأنه أطلق المصدر، وأراد الوصف. أي كان يقرأ بمقدار طول الطوليين اللتين هما البقرة والنساء أو الأعراف.
وتعقبه في فتح الباري بأنه يلزم منه أن يكون قرأ بقدر السورتين، وليس هو المراد، ولم يقع تفسير السورتين في رواية البخاري.
وفي رواية أبي الأسود، عن عروة، عن زيد بن ثابت، عند النسائي بأطول الطوليين: المص، ولأبي داود: فقلت وما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف. لكن بيَّن النسائي في رواية له أن التفسير من قول عروة، وزاد أبو داود قال: يعني ابن جريح، وسألت أنا اين أبي مليكة فقال لي من قبل نفسه: المائدة والأعراف، وعند الجوزقي مثله، إلاّ أنه قال: الأنعام بدل المائدة، وعند الطبراني وأبي نعيم في مستخرجه بدل الأنعام، يونس.
وفي تفسير الأخرى ثلاثة أقوال المحفوظ فيها: الأنعام، ولم يرد البقرة. وإلا لقال: طولى الطول. فدلّ على أنه أراد الأطول من بعد البقرة وذلك هو الأعراف، وتعقب بأن النساء هي الأطول بعدها.
وأجيب بأن عدد آيات الأعراف أكثر من عدد النساء وغيرها من السبع بعد البقرة، وإن كان كلمات النساء تزيد على كلمات الأعراف.
وقد جنح ابن المنير إلى أن تسمية الأعراف والأنعام بالطوليين، إنما هو لعرف فيهما، لا أنهما أطول من غيرهما، وجمع ابن المنير بين الآثار المختلفة في إطالة القراءة في المغرب وتخفيفها، بأن تحمل الإطالة على الندرة تنبيهًا على المشروعية، ويحمل التخفيف على العادة تنبيهًا على الأولى، قال: ولذلك قال في الإطالة: سمعته يقرأ، وفي التخفيف كان يقرأ انتهى.
وتعقبه في فتح الباري بأنه غفل عمّا في رواية البيهقي من طريق أبي عاصم شيخ المؤلّف فيه بلفظ: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ، ومثله في رواية حجاج بن محمد عن ابن جريج عند الإسماعيلي.
واستنبط من الحديث امتداد وقت المغرب إلى غيبوبة الشفق الأحمر، واستشكل بأنه إذا قرأ الأعراف يدخل وقت العشاء قبل الفراغ.
وأجيب بجوابين.
أحدهما: أنه لا يمتنع إذا أوقع ركعة في الوقت، وتعقب بأن إخراج بعض الصلاة عن الوقت ممنوع، ولو أجزأت فلا يحمل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم على ذلك.
الثاني: أنه يحتمل أنه أراد بالسورة بعضها. وليس الحديث نصًّا في أنه أتم السورة كذا.
قاله البرماوي والأبي، وفيه نظر، لأنه لو كان قرأ بشيء منها يكون قدر سورة من قصار المفصل لما كان لإنكار زيد معنى.
وروى حديث زيد هشام بن عروة عن أبيه، عنه كما عند ابن خزيمة، أنه قال لمروان: إنك تخفف القراءة في الركعتين من المغرب، فوالله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بسورة الأعراف في الركعتين جميعًا.
وما ذكره البرماوي من اشتراط إيقاع الركعة في الوقت هو الذي عليه الأسنوي والأذرعي وابن المقري.
وتعقب بإطلاق الشيخين الرافعي والنووي، كغيرهما عدم العصيان، ولم يقيداه بما إذا أتى بركعة في الوقت.
وكذا أجاب البغوي في فتاويه بالإطلاق، وجعل التقييد بالإتيان بركعة احتمالاً، فليعتمد الإطلاق. وظاهر كلام الخادم اعتماده، انتهى.
والمستحب القراءة في المغرب بقصار المفصل، وهو مذهب أبي حنيفة، وصاحبيه، ومالك، وأحمد، وإسحاق. ويؤيده حديث رافع السابق، في المواقيت: إنهم كانوا ينتضلون بعد صلاة المغرب. فإنه يدل على تخفيف القراءة فيها.
وعند ابن ماجة بسند صحيح، عن ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب {قل يا أيها الكافرون}