الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغسل والوضوء من المخضب والخشب والحجارة والصلاة والطب والمغازي والهبة والخمس وذكر استئذان أزواجه، ومسلم والنسائي وابن ماجة.
40 - باب الرُّخْصَةِ فِي الْمَطَرِ وَالْعِلَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ
(باب الرخصة) للرجل (في المطر) أي عند نزوله ليلاً أو نهارًاً (و) عند (العلة) المانعة له من الحضور كالمرض والخوف من ظالم والريح العاصف بالليل دون النهار والوحل الشديد (أن يصلّي في رحله) أي في منزله ومأواه وذكر العلة من عطف العامّ على الخاصّ لأنها أعمّ من أن تكون بالمطر أو غيره مما ذكرته.
666 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ: "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ -فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ- ثُمَّ قَالَ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ -إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ- يَقُولُ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ".
وبالسند قال (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا (مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (أن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (أذن) وللأصيلي: عن ابن عمر أنه أذن (بالصلاة في ليلة ذات برد) بسكون الراء (وريح ثم قال: ألا صلوا في الرحال. ثم قال: إن رسول الله -صلّى اله عليه وسلم- كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد) بسكون الراء (ومطر يقول:)(ألا صلّوا في الرحال). والمراد البرد الشديد والحر، كالبرد بجمع المشقّة. وسواء كان ذلك المطر ليلاً أو نهارًا، وخصّوا الريح العاصف، وبالليل لعظم مشقتها فيه دون النهار، وقاس ابن عمر الريح على المطر بجامع المشقّة العامة، والصلاة في الرحال أعم من أن تكون جماعة، أو منفردًا، لكنها مظنة الانفراد.
والمقصود الأصلي في الجماعة إيقاعها في المسجد.
667 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ: "أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهْوَ أَعْمَى، وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ، وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى. فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ؟ فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
وبه قال (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن محمود بن الربيع) بفتح الراء (الأنصاري، أن عتبان) بكسر العين
المهملة وسكون المثناة الفوقية وبالموحدة، (ابن مالك) هو ابن عمرو بن العجلاني الأنصاري الخزرجي السالمي (كان يؤمّ قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنها) أي القصة (تكون الظلمة والسيل) سيل الماء. وكان تامة اكتفت بمرفوعها عن الخبر (وأنا رجل ضرير البصر) أي ناقصه، قال ابن عبد البر: كان ضرير البصر ثم عمي، ويؤيده قوله في الرواية الأخرى: وفي بصري بعض الشيء، ويقال للناقص: ضرير البصر، فإذا عمي أطلق عليه ضرير من غير تقييد بالبصر، وذكر الثلاثة: الظلمة، والسيل، ونقص البصر، وإن كان كل قدر منها كافيًا في العذر عن ترك الجماعة ليبين كثرة موانعه، وأنه حريص على الجماعة، (فصلّي يا رسول الله في بيتي مكانًا) نصب على الظرفية وإن كان محدودًا لتوغله في الإبهام، فأشبه خلف ونحوها، أو على نزع الخافض (أتخذه) بالجزم لوقوعه في جواب الأمر، أي إن تصل فيه أتخذه وبالرفع، والجملة في محل نصب صفة لمكانًا، أو مستأنفة لا محل لها (مصلّى) بضم الميم. أي: موضعًا للصلاة، (فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال):
(أين تحب أن أصلي) من بيتك؟ (فأشار) عتبان له عليه الصلاة والسلام (إلى مكان) معين (من البيت، فصلّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وساق المؤلّف هذا الحديث مساق الاحتجاج به على سقوط الجماعة للعذر، لكن قد يقال إنما يدل على الرخصة في ترك الجماعة في المسجد لا على تركها مطلقًا، نعم يؤخذ من قوله: فصل يا رسول الله في بيتي مكانًا أتخذه مصلّى صحة صلاة المنفرد، إذ لو لم تصح لبيّن عليه الصلاة والسلام له ذلك بأن يقول له مثلاً: لا تصح لك في مصلاك هذا صلاة حتى تجتمع فيه مع غيرك. وفي الحديث من الفوائد جواز إمامة الأعمى، واتخاذ موضع معين من البيت مسجدًا.
41 - باب هَلْ يُصَلِّي الإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ؟ وَهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَطَرِ
؟
هذا (باب) بالتنوين (هل يصلّي الإمام بمن حضر) من أصحاب الأعذار المرخصة للتخلّف عن الجماعة؟ (وهل يخطب) الخطيب (يوم الجمعة في المطر) إذا حضر، وهم أيضًا ويصلّي بهم الجمعة؟ نعم يصلّي ويخطب من غير كراهة في ذلك. وحينئذ فالأمر بالصلاة في الرحال للإباحة لا للندب.
668 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ ذِي رَدْغٍ، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ لَمَّا بَلَغَ "حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ" قَالَ قُلِ: الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا، فَقَالَ: كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا، إِنَّ هَذَا فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي -يَعْنِي النَّبِيَّ-صلى الله عليه وسلم-إِنَّهَا عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ.
وَعَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:"كَرِهْتُ أَنْ أُؤَثِّمَكُمْ، فَتَجِيئُونَ تَدُوسُونَ الطِّينَ إِلَى رُكَبِكُمْ".
وبالسند قال (حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) البصري وللأصيلي: ابن عبد الوهاب الحجبي، بفتح الحاء المهملة والجيم وكسر الموحدة نسبة لحجابة الكعبة الشريفة (قال: حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم الأزدي الجهضمي البصري (قال: حدّثنا عبد الحميد) بن دينار الثقة (صاحب الزيادي، قال: سمعت عبد الله بن الحرث) بالمثلثة ابن
نوفل بن الحرث بن عبد المطلب المدني، له رؤية ولأبيه ولجدّه صحبة (قال: خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ) بفتح الراء وسكون الدال المهملتين آخره غين معجمة، أي ذي وحل، وفي رواية: رزغ بالزاي بدل الدال (فأمر المؤذن لما بلغ: حيّ على الصلاة.
قال: قل: الصلاة) بالرفع في الفرع وأصله أي الصلاة رخصة (في الرحال) وبالنصب أي الزموها (فنظر بعضهم إلى بعض كأنهم) وللأربعة: فكأنهم (أنكروا) ذلك (فقال) ابن عباس لهم: (كأنكم أنكرتم هذا) الذي فعلته؟ (إن هذا فعله) بفتحات، وللحموي والكشميهني: بكسر الفاء وسكون العين (من هو خير مني، يعني النبي) ولأبوي ذر والوقت رسول الله (صلى الله عليه وسلم، إنها) أي الجمعة (عزمة) بفتح العين وسكون الزاي متحتمة (وإني كرهت) مع كونها عزمة (أن أحرجكم) بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم، أي كرهت أن أؤثمكم وأضيق عليكم، وللأصيلي: كرهت أن أخرجكم، بالخاء المعجمة بدل الحاء المهملة.
(وعن حماد) بالعطف على قوله حدّثنا حماد بن زيد، وليس بمعلق، وقد أخرجه في باب: الكلام في الأذان. عن مسدد عن حماد عن أيوب وعبد الحميد وعاصم (عن عاصم) الأحول (عن عبد الله بن الحرث) المذكور (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (نحوه) أي نحو الحديث المذكور بمعظم لفظه وجميع معناه (غير أنه قال: كرهت أن أؤثمكم) بهمزة مضمومة ثم أخرى مفتوحة وتشديد المثلثة، من التأثيم من باب التفعيل. أو أوثمكم: مضارع آثمه بالمد أوقعه، في الإثم من الإيثام، من باب الأفعال، بدل أن أحرجكم، وزاد قوله (فتجيئون) بالنون أي: فأنتم تجيئون.
فيقطع عن سابقه، أو منصوب عطفًا على سابقه، على لغة من يرفع الفعل، بعد أن قاله الزركشي، وتعقبه في المصابيح بأن إهمال أن قليل، والقطع كثير مقيس. فلا داعي للعدول عنه إلى الثاني، ولأبي ذر عن الكشميهني: فتجيئوا بحذف النون عطفًا على ما قبله (تدوسون) أي وأنتم تطؤون (الطين إلى ركبكم).
669 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَقَالَ: جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ السَّقْفُ -وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ- فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ". [الحديث 669 - أطرافه في: 813، 836، 2016، 2018، 2027، 2036، 2040].
وبه قال (حدّثنا مسلم) ولغير أبوي ذر والوقت وابن عساكر: مسلم بن إبراهيم أي الأزدي البصري (قال: حدّثنا هشام) الدستوائي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (قال: سألت أبا سعيد) سعد بن مالك (الخدري) رضي الله عنه أي عن ليلة القدر كما بيّنه في الاعتكاف (فقال: جاءت سحابة فمطرت حتى سال السقف) أي سال الماء الذي أصاب سقف المسجد، كسال الوادي من باب ذكر المحل وإرادة الحال (وكان) السقف (من جريد النخل) وهو القضيب الذي جرّد عنه خوصه (فأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته) الشريفة.
ورواة هذا الحديث ما بين بصري وأهوازي ويماني ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والسؤال والقول، وأخرجه أيضًا في الاعتكاف وفي الصلاة في موضعين. وفي الصوم. وأبو داود في الصلاة، والنسائي في الاعتكاف، وابن ماجة في الصوم.
670 -
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: "قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ -وَكَانَ رَجُلاً ضَخْمًا- فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا، وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ صَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ لأَنَسٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ صَلَاّهَا إِلَاّ يَوْمَئِذٍ". [الحديث 670 - طرفاه في: 1179، 6080].
وبه قال (حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدّثنا أنس بن سيرين) أخو محمد بن سيرين (قال: سمعت أنسًا) رضي الله عنه، وللأصيلي: أنس بن مالك (يقول: قال رجل من الأنصار) لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والرجل، قيل: هو عتبان بن مالك أو بعض عمومة أنس، وقد يقال إن عتبان عمّ أنس مجازًا لكونهما من الخزرج، لكن كلٌّ منهما من بطن:(إني لا أستطيع الصلاة معك) أي في الجماعة في المسجد، وزاد عبد الحميد عن أنس، وإني أحب أن تأكل في بيتي وتصلي. (وكان رجلاً ضخمًا) سمينًا وأشار به إلى علة تخلفه (فصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا.
فدعاه إلى منزله، فبسط) بفتحات (له حصيرًا ونضح طرف الحصير) تطهيرًا أو تليينًا لها (فصلّى) بالفاء، ولغير الأربعة: صلّى (عليه) أي: على الحصير، زاد عبد الحميد وصلينا معه (ركعتين، فقال رجل من آل الجارود:) بالجيم وضم الراء وبعد الواو مهملة، ويحتمل أنه عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، كما عند ابني ماجة وحبّان،