الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟
…
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ» (1).
فهذا النص صريح أن هذا كان لما «قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة» ، يعني قبل فرض الفرائض حتى الصلوات والحج والصيام، وقبل فرض الحجاب بخمس سنين، وبين ذلك ابن بطال رحمه الله قال:«وكان ذلك قبل نزول الحجاب» (2).
والقلب حينما يبحث عن شبهة يُعمى عما بين عينيه من الحق، ومن أغمض عينيه عن نص أمامه في ذات الخبر، فهل سيبحث عن جمع أدلة الباب، وتحري الحق فيها ليسلم له دينه؟!
الشبهة الرابعة: استدلالهم بما جاء عن عائشة رضي الله عنها
- أنها قالت: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ
…
» (3) الحديث.
فقد قال الحافظ البيهقي بعد إخراج الحديث: «وكان ذلك قبل نزول الحجاب» (4).
وقال الحافظ ابن رجب: «هذا كان قبل نزول الحجاب» (5).
(1) البخاري، كتاب فضائل المدينة، باب حدثنا مسدد، برقم 3926.
(2)
شرح صحيح البخاري لابن بطال، 4/ 560.
(3)
البخاري، كتاب العيدين، باب الحراب والدرق يوم العيد، برقم 929.
(4)
الآداب للبيهقي، 207.
(5)
فتح الباري، لابن رجب، 6/ 73.
وقال القاضي عياض مبيناً أنها قبل فرض الحجاب كما في «المعلم» مثل هذه القصة لعائشة، وهي حينئذ - واللَّه أعلم - بقرب ابتنائه بها، وفي سن من لم يُكلَّف» (1)، وقد تزوجت وعمرها تسع سنين، يعني قبل فرض الحجاب ببضع سنين.
ثم إن العرب تُغلِّب إطلاق لفظ «الجارية» على الأمة غير الحرة، أو على الحرة غير البالغة، فإذا بلغت تسمى امرأة، ولهذا قالت عائشة:«إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة» (2).
ويبين أنهما إماء، ويوضحه قوله في رواية أخرى:«وعندي جاريتان من جواري الأنصار» (3) يعني من إمائهم، وكان الضرب والغناء من خصائص الموالي، قال الخطابي:«والعرب تثبت مآثرها بالشعر، فترويها أولادها وعبيدها فيكثر إنشادهم لها» (4).
وهي من دون البلوغ كما هو معروف، قال القرطبي في «المفهم»:«الجارية في النساء كالغلام في الرجال، وهما يقالان على من دون البلوغ منهما» (5).
(1) المعلم شرح صحيح مسلم، 3/ 168.
(2)
الترمذي، كتاب النكاح، باب إكراه اليتيمة على التزويج، برقم 1109، البيهقي، 1/ 319، والديلمي في الفردوس، 1/ 317، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم 1834.
(3)
مسلم، كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في العيدين، 892.
(4)
غريب الحديث، 1/ 655.
(5)
المفهم لما أشكل من صحيح مسلم، للقرطبي، 8/ 10.