الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الدلالة في هذا الحديث: أن اختلاط المرأة بالرجال غير المحارم داعٍ إلى الإفساد لهما عن طريق الشيطان، فمن يأمن على نفسه من هذا العدو وهو الذي تسبب في إخراج الأبوين من الجنة، فلا نجاة من إفساد هذا العدو إلا بترك الاختلاط.
الدليل الثلاثون: حديث معقل بن يسار رضي الله عنه
-: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ» (1).
وهذا الحديث فيه تحريم مصافحة الأجنبية، وهو متضمّن لتحريم الاختلاط بهن؛ لأن المصافحة لا تقع منهما إلا بعد حصول الاختلاط بينهما.
الدليل الحادي والثلاثون: حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا -يعني تصفها- كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا» (2).
فالزوجة منهية عن وصف المرأة الأجنبية لزوجها كأنه ينظر إليها، لأنه ينفتن بها قلبه، ويزهِّده في زوجته من حيث لا تَشعر، ويتشوَّف للموصوفة، ويتمنى رؤيتها، فكيف يستقيم مثل هذا النهي للمرأة أن تصف، ويؤذن لزوجها أن يجالس المرأة الموصوفة ويخالطها في العمل
(1) رواه الروياني في مسنده، 3/ 466، برقم 1270، والطبراني في الكبير، 20/ 221، برقم 486، وصححه العلامة الأ لباني في السلسلة الصحيحة، برقم 226.
(2)
البخاري، برقم 524، وتقدم تخريجه.
أو الدراسة مخالطة مستديمة (1).
فخلاصة هذه الأحاديث وأمثالها: أنها تدل عل تحريم اختلاط النساء بالرجال لغير ضرورة. ودلالتها إما ظاهرة وإما متضمنة. وهذا التضمن يجري في الحكم على الظاهر؛ لاتفاق ما تضمنته مع الأدلة الظاهرة، ومع الأدلة المتنوعة الآتية؛ ولموافقتها للضوابط الشرعية والقواعد المرعية المتعلقة بصيانة المرأة المسلمة والمحافظة عليها.
فالذين أجازوا اختلاط النساء بالرجال محجوجون بهذه الأحاديث وبغيرها من الأدلة القويمة، فأين يذهبون إن لم يقبلوها ويذعنوا لها، ويثبتوا على العمل بها؟! فلا شك ولا ريب أن من كان متحريّاً للحق باحثاً عنه راغباً فيه، أنه سيفرح بهذه الأحاديث وبأقوال أهل العلم المعتبرين فيه، وأما من كان متبعاً لهواه؛ فإنه سيعاند هذه الأحاديث وأمثالها بكل ما أوتي ويقيم الدنيا ولا يقعدها! وهذا الصنف نخوفه باللَّه الذي قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه، يقلبها كيف شاء، فنخاف عليه من زيغ القلب؛ فليتق اللَّه وليخش أن يصيبه قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (2)، ونعلمه أن الحق باق ومنصور بنصر اللَّه، وأن الباطل مضمحل وزائل بإذن اللَّه، فلأن يكون المسلم ذَنَباً في الحق، خير له من أن يكون رأساً في الباطل، يدعو إلى تبرج
(1) انظر: الاختلاط للطريفي، ص 28.
(2)
سورة الأنفال، الآية:24.