الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي سُلَيم لا يعلم له سماع من سمراء بنت نهيك، بل لم يعاصرها، وإنما سمع منها أبو بلج الصغير واسمه جارية بن بلج، وهو مجهول، وقد حسن بعضهم هذه القصة بسبب حصول اشتباه بين أبي بلج يحيى بن سُليم، ويقال ابن أبي سليم، وبين أبي بلج جارية بن بلج، فظنوا أن الأول هو الثاني، وليس كذلك كما سبق. فالقصة ضعيفة من جهة سندها.
وأيضاً يرد عليهم بما قاله فضل إلهي: «لم يرد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ولاها على حسبة السوق غاية ما في الأمر أنها كانت تقوم بالاحتساب في السوق، وقيام أحد بذلك في السوق، لا يدل على تعيينه والياً على حسبة السوق» (1).
وأيضاً على فرض صحتها فالمرأة المذكورة كبيرة السن، ودعاة الاختلاط يبحثون عن الشابات، ويبحثون عمن تقبل الاختلاط، لا عمن تأتي لتحارب منكرات الاختلاط وغيرها، فلو كانت هذه المرأة حية لأدبت بسوطها أصحاب الاختلاط؛ لأنهم يتاجرون بالنساء، ويتخذونهن متعة رخيصة.
الشبهة الثامنة والعشرون: قولهم: إن عمر رضي الله عنه استعمل الشفاء
على السوق، فقد روى ابن أبي عاصم (2) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر رضي الله عنه،استعمل الشفاء على السوق، ولا يعلم امرأة استعملها غير هذه.
(1) في كتابه مسؤولية النساء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ص 136.
(2)
في الآحاد والمثاني، 6/ 4، برقم 3179.
هذه القصة فيها علل: الأولى: ضعف ابن لهيعة. الثانية: الإرسال؛ لأن يزيد بن أبي حبيب لم يدرك عمر. وقد ضعفها العلماء، قال أبوبكر بن العربي المالكي:«وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَدَّمَ امْرَأَةً عَلَى حِسْبَةِ السُّوقِ، وَلَمْ يَصِحَّ; فَلَا تَلْتَفِتُوا إلَيْهِ; فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ دَسَائِسِ الْمُبْتَدِعَةِ فِي الْأَحَادِيثِ» (1).
والقصة أخرجها مالك، وعبد الرزاق، والبيهقي في الشعب بلفظ:«إن عمر مر على الشفاء، وكان بيتها بين المسجد والسوق» (2). وليس فيها أنه استعملها على السوق، وهي بهذا اللفظ صحيحة. وأخرجها عبد الرزاق مرة أخرى مرسلة، وفيها: «أن الشفاء بنت
عبد اللَّه جاءت إلى عمر»، وليس فيها أن عمر استعملها.
فالذي يتحرر مما سبق أن ذكر استعمال عمر لها، لا أساس له من الصحة؛ للعلل الواردة في القصة، ولطعن أهل العلم فيها؛ ولأن الرواية الصحيحة بدونها. وأيضاً نسبة القصة إلى عمر تخالف الحال الذي كان عليه عمر من غيرته على أعراض النساء؛ فهو الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يحجب نساءه، فوافق اللَّه عمر؛ فأنزل آية الحجاب. وأيضاً منع عمر النساء أن يختلطن بالرجال في موارد المياه، وفي الطواف، وغير ذلك، كما سبق ذكره (3).
(1) أحكام القرآن، 6/ 212.
(2)
الموطأ، برقم 317، وعبد الرزاق، 1/ 526، والبيهقي في الشعب، برقم 2617.
(3)
انظر: الاختلاط أصل الشر، ص 176 - 183 بتصرف.