الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعاً: فتاوى شيخ الإسلام في عصره عبد العزيز بن عبد الله بن باز::
1 - الاختلاط في الدراسة
الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وبعد:
فقد اطلعت على ما كتبه بعض الكتاب في جريدة الجزيرة بعددها رقم 3754، وتاريخ 15/ 4/ 1403 هـ الذي اقترح فيه اختلاط الذكور والإناث في الدراسة بالمرحلة الابتدائية، ولما يترتب على اقتراحه من عواقب وخيمة رأيت التنبيه على ذلك فأقول: إن الاختلاط وسيلة لشر كثير، وفساد كبير، لا يجوز فعله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» (1)، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع؛ لأن قرب أحدهما من الآخر في سن العاشرة وما بعدها، وسيلة لوقوع الفاحشة بسبب اختلاط البنين والبنات، ولا شك أن اجتماعهم في المرحلة الابتدائية كل يوم وسيلة لذلك، كما أنه وسيلة للاختلاط فيما بعد ذلك من المراحل، وبكل حال فاختلاط البنين والبنات في المراحل الابتدائية منكر لا يجوز فعله؛ لما يترتب عليه من أنواع الشرور، وقد جاءت الشريعة
(1) مسند الإمام أحمد، 11/ 369، برقم 6756، وبنحوه أبو داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم 495، الدارقطني، 1/ 231، في سنن البيهقي، 2/ 229، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 2/ 7.
الكاملة بوجوب سد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي، وقد دل على ذلك دلائل كثيرة من الآيات والأحاديث، ولولا ما في ذلك من الإطالة لذكرت كثيراً منها، وقد ذكر العلامة ابن القيم: في كتابه «إعلام الموقعين» منها تسعة وتسعين دليلاً، ونصيحتي للكاتب وغيره ألا يقترحوا ما يفتح على المسلمين أبواب شر قد أغلقت. نسأل اللَّه للجميع الهداية والتوفيق.
ويكفي العاقل ما جرى في الدول التي أباحت الاختلاط من الفساد الكبير بسبب الاختلاط، وأما ما يتعلق بالحاجة إلى معرفة الخاطب مخطوبته فقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يشفي بقوله صلى الله عليه وسلم:«إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا، فَلْيَفْعَلْ» (1)، فيشرع له أن ينظر إليها بدون خلوة قبل عقد النكاح إذا تيسر ذلك؛ فإن لم يتيسر بعث من يثق به من النساء للنظر إليها، ثم إخباره بخلقها وخُلُقها، وقد درج المسلمون على هذا في القرون الماضية، وما ضرهم ذلك، بل حصل لهم من النظر إلى المخطوبة أو وصف الخاطبة لها ما يكفي، والنادر خلاف ذلك لا حكم له. واللَّه المسؤول أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم
(1) مسند الإمام أحمد، 22/ 440، برقم 14586، وأبو داود، كتاب النكاح، باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها، برقم 2084، وابن أبي شيبة، 4/ 21، برقم 17389، والحاكم، 2/ 166، في سنن البيهقي، 2/ 229، وصححه الألباني سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 99.