الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريضاً لهن لمخالطة الرجال، أفتمنع الشريعة المرأة من القتال، وهو عبادة؛ لأنه مظنة الاختلاط بالرجال، وتجيز لها الاختلاط بالرجال في أماكن العمل والتعليم؟! حاشا للَّه.
الدليل الثامن عشر: حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه
-، قَالَ:«خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا نِسْوَةٌ جُلُوسٌ، فَقَالَ: «مَا يُجْلِسُكُنَّ؟» قُلْنَ: نَنْتَظِرُ الْجَنَازَةَ، قَالَ:«هَلْ تَغْسِلْنَ؟» ، قُلْنَ: لَا، قَالَ:«هَلْ تَحْمِلْنَ؟» قُلْنَ: لَا، قَالَ:«هَلْ تُدْلِينَ فِيمَنْ يُدْلِي؟» قُلْنَ: لَا، قَالَ:«فَارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» (1).
قال العيني: «قوله: «خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
…
»؛ لأن الرجال أقوى لذلك، والنساء ضعيفات، ومظنة للانكشاف غالباً، خصوصاً إذا باشرن الحمل؛ ولأنهن إذا حملنها مع وجود الرجال لوقع اختلاطهن بالرجال، وهو محل الفتنة ومظنة الفساد» (2).
الدليل التاسع عشر: حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها
- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» ، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ:{وَالطُّورِ* وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} (3)» (4).
(1) ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في اتباع الجنائز، برقم 1578، مصنف ابن أبي شيبة،
5/ 252، برقم 25789، والبيهقي 4/ 77، والبزار، 2/ 249، وبنحوه عبد الرزاق، 3/ 456، برقم 6298، ولأبي يعلى، 7/ 109، وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه، برقم 344.
(2)
عمدة القاري، للعيني، 8/ 111.
(3)
سورة الطور، الآيتان: 1 - 2.
(4)
البخاري، كتاب الحج، باب طواف النساء بالحج مع الرجال، برقم 1514.
فقد أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون طوافها من وراء الناس غير مخالطة للرجال، والأمر يفيد الوجوب، وإذا ثبت ذلك في الطواف ثبت في غيره لعدم الفارق، ويبينه تبويب البخاري؛ حيث بوب عليه بقوله:«باب طواف النساء مع الرجال» .
قال الحافظ ابن حجر الشافعي رحمه الله في شرحه: «قَوله: «باب طَواف النِّساء مَعَ الرِّجال» أَي هَل يَختَلِطنَ بِهِم أَو يَطُفنَ مَعَهُم عَلَى حِدَة بِغَيرِ اختِلاط أَو يَنفَرِدنَ؟» (1).
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: «إِنَّمَا أَمَرَهَا صلى الله عليه وسلم بِالطَّوَافِ مِنْ وَرَاء النَّاس لِشَيْئَيْنِ:
أَحَدهمَا: أَنَّ سُنَّة النِّسَاء التَّبَاعُد عَنِ الرِّجَال فِي الطَّوَاف.
وَالثَّانِي: أَنَّ قُرْبهَا يُخَاف مِنْهُ تَأَذِّي النَّاس بِدَابَّتِهَا» (2).
وقال البدر العيني الحنفي في شرحه لهذا الحديث: «وإنما أمرها بالطواف من وراء الناس لأن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف ولأن قربها يخاف منه تأذي الناس بدابتها» (3).
وقال ابن بطال المالكي في شرحه: «كذلك ينبغي أن تخرج النساء إلى حواشي الطرق، وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث طواف
(1) صحيح البخاري، 1/ 177.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 9/ 20.
(3)
عمدة القاري، 9/ 262.
النساء بالبيت من وراء الرجال لعلة التزاحم والتناطح، قال غيره: طواف النساء من وراء الرجال هي السنة؛ لأن الطواف صلاة، ومن سنة النساء في الصلاة أن يكن خلف الرجال، فكذلك الطواف» (1).
وقال السندي في حاشية النسائي: «ففيه أن الاحتراز عن طواف النساء مع الرجال مهما أمكن أحسن، حيث أجاز لها في حال إقامة الصلاة التي هي حالة اشتغال الرجال بالصلاة، لا في حال طواف الرجال، واللَّه تعالى أعلم» (2).
وقال الباجي المالكي في شرح الموطأ: «(مسألة): وأما طواف النساء من وراء الرجال فهو للحديث الذي ذكرناه «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» ، ولم يكن لأجل البعير، فقد طاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بعيره يستلم الركن بمحجنه، وذلك يدل على اتصاله بالبيت» (3).
وعلل الزرقاني المالكي في شرح الموطأ أمرها بالطواف من وراء الناس بقوله: «لأن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف» (4).
وقال القاضي عياض المالكي: «وكونها من وراء الناس؛ لأن ذلك سنة طواف النساء مع الرجال؛ لئلا يختلطن بهم» (5).
(1) شرح ابن بطال لصحيح البخاري، 2/ 112.
(2)
5/ 223.
(3)
المنتقى، 2/ 372.
(4)
2/ 415.
(5)
إكمال المعلم، 4/ 182.
وأمرها بالطواف من وراء الناس ووقتَ صلاتهم مع أنّ الأصل أن الاقتراب من الكعبة حال الطواف أفضل من الابتعاد (1) يدلُّ على أنّ مصلحة البُعدُ عن الاختلاط بالرجال قدرَ الإمكان أهم وأولى، والقاعدة الشرعية تقديم أعظم المصلحتين على أدناهما.
ويوضح هذا الحديث ويقويه ماجاء في صحيح البخاري:
عن ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ. قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الرِّجَالِ!. قُلْتُ: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟. قَالَ: إِي لَعَمْرِي لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ!. قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ وَأَبَتْ. يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ» (2).
قال ابن حجر في شرحه: «قَوْله: (وَقَدْ طَافَ نِسَاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الرِّجَال) أَيْ غَيْر مُخْتَلِطَات بِهِنَّ» (3)، وقال: «قَوْله: (حَجْرَة) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا رَاءٍ أَيْ نَاحِيَة، قَالَ الْقَزَّاز: هُوَ مَأْخُوذ
(1) نص على أفضلية القرب من الكعبة جماعة من الفقهاء، بل قال النووي في المجموع،
8/ 39: «يستحب القرب من الكعبة بلا خلاف» .
(2)
البخاري، كتاب الحج، باب طواف النساء مع الرجال، برقم 1539.
(3)
فتح الباري، 3/ 480.