المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخبر عن دولة الأشراف السعديين من آل زيدان وذكر أوليتهم وتحقيق نسبهم - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٥

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة السعدية

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السعديين من آل زَيْدَانَ وَذكر أوليتهم وَتَحْقِيق نسبهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد الْقَائِم بِأَمْر الله وبيعته وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌أَخْبَار الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم فِي الْجِهَاد وَمَا هيأ الله لَهُ من النَّصْر فِيهِ

- ‌عقد الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج رَحِمهم الله تَعَالَى

- ‌انْتِقَال الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم إِلَى أفغال من بِلَاد حاحة ووفاته بهَا رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْأَعْرَج ابْن الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم رحمه الله

- ‌دُخُول السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌نقل الشَّيْخ الْجُزُولِيّ رضي الله عنه من مدفنه بآفغال إِلَى مراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌مَجِيء السُّلْطَان أبي عبد الله الوطاسي إِلَى مراكش وحصاره للسُّلْطَان الْأَعْرَج بهَا ثمَّ إقلاعه عَنْهَا

- ‌خبر آسفي والثغور

- ‌حُدُوث النفرة بَين الْأَخَوَيْنِ السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج ووزيره أبي عبد الله الشَّيْخ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌أَمر زَيْدَانَ ابْن السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس وَمَا كَانَ مِنْهُ

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الْمهْدي الْمَعْرُوف بالشيخ ابْن الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم بِأَمْر الله

- ‌فتح حصن فونتي وآسفي وآزمور وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌بِنَاء حصن آكادير

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ على مراكش وتجديد الْبيعَة لَهُ بهَا

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ لِحَرْب بني وطاس واستيلاؤه على مكناسة وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك

- ‌حِصَار السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ حَضْرَة فاس ومقتل الشَّيْخ عبد الْوَاحِد الوانشريسي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ على فاس وَقَبضه على الوطاسيين وتغريبهم إِلَى مراكش

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌امتحان السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ أَرْبَاب الزوايا والمنتسبين وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وفادة الإِمَام أبي عبد الله الخروبي من جَانب دولة التّرْك فِي شَأْن قسم الْبِلَاد وتحديدها

- ‌قدوم أبي حسون الوطاسي بِجَيْش التراك واستيلاؤه على فاس ونفيه الشَّيْخ عَنْهَا

- ‌عود السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌مقتل الفقيهين أبي مُحَمَّد الزقاق وَأبي عَليّ حرزوز وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌تَرْتِيب السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ أَمر دولته وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وضع الوظيف الْمُسَمّى فِي لِسَان الْعَامَّة بالنائبة

- ‌مراسلة السُّلْطَان سُلَيْمَان العثماني للسُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌قدوم طَائِفَة التّرْك من عِنْد السُّلْطَان سُلَيْمَان العثماني واغتيالهم للسُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي مُحَمَّد عبد الله الْغَالِب بِاللَّه ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ رحمه الله

- ‌مَجِيء حسن بن خير الدّين التركي إِلَى فاس ورجوعه مُنْهَزِمًا عَنْهَا

- ‌بِنَاء جَامع المواسين بِحَضْرَة مراكش وَالْبركَة الْمُتَّصِلَة بِهِ والمارستان وَغير ذَلِك

- ‌فتح مَدِينَة شفشاون وانقراض أَمر بني رَاشد مِنْهَا

- ‌حِصَار البريجة الْمُسَمَّاة الْيَوْم بالجديدة

- ‌وفادة السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه على الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُوسَى السملالي رضي الله عنه

- ‌اسْتِيلَاء النَّصَارَى على حجر باديس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌فتْنَة الْفَقِيه أَبُو عبد الله الأندلسي ومقتله

- ‌ظُهُور بِدعَة الشراقة من الطَّائِفَة اليوسفية وَمَا قيل فيهم

- ‌احتيال النَّصَارَى بمكيدة البارود بِجَامِع الْمَنْصُور من مراكش وَمَا وقى الله تَعَالَى من شَرها

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي مُحَمَّد عبد الله الْغَالِب بِاللَّه رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد المتَوَكل على الله ابْن السُّلْطَان عبد الله الْغَالِب بِاللَّه رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك المعتصم بِاللَّه ابْن مُحَمَّد الشَّيْخ وأولية أمره ومآله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك بن الشَّيْخ السَّعْدِيّ بعسكر التّرْك واستيلاؤه على الْمغرب

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك المعتصم بِاللَّه على حَضْرَة فاس وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي مَرْوَان إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار ابْن أَخِيه إِلَى السوس وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌اسْتِخْلَاف السُّلْطَان أبي مَرْوَان لِأَخِيهِ أبي الْعَبَّاس أَحْمد على فاس وأعمالها

- ‌ظُهُور أبي عبد الله المتَوَكل بالسوس ومجيئه إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌الْغَزْوَة الْكُبْرَى بوادي المخازن من بِلَاد الهبط وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي مَرْوَان وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْمَنْصُور بِاللَّه السَّعْدِيّ الْمَعْرُوف بالذهبي وأوليته ونشأته

- ‌عقد الْمَنْصُور ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَدْعُو الْمَأْمُون

- ‌ثورة دَاوُد بن عبد الْمُؤمن بن مُحَمَّد الشَّيْخ وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حُدُوث النفرة بَين الْمَنْصُور وَالسُّلْطَان مُرَاد العثماني وتلافي الْمَنْصُور لذَلِك

- ‌إِيقَاع الْمَنْصُور بعرب الْخَلْط وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسْتِيلَاء الْمَنْصُور على بِلَاد الصَّحرَاء تيكورارين وتوات وَغَيرهمَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب برنو إِلَى الْمَنْصُور بِحَضْرَة فاس وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من بيعَته لَهُ والتزام طَاعَته

- ‌بعث الْمَنْصُور وَرَسُوله بالدعوة إِلَى آل سكية وَكَيْفِيَّة ذَلِك

- ‌مفاوضات الْمَنْصُور الْمَلأ من أَصْحَابه فِي غَزْو آل سكية وَمَا دَار بَينهم فِي ذَلِك

- ‌استجازة الْمَنْصُور لعلماء مصر رضي الله عنهم وتلمذه لَهُم

- ‌تَجْدِيد الْمَنْصُور ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ الْمَأْمُون وَمَا وَقع فِي ذَلِك

- ‌ثورة الْحَاج قرقوش بِبِلَاد غمارة ومقتله

- ‌بِنَاء الْمَسْجِد الْجَامِع بِبَاب دكالة من حَضْرَة مراكش حرسها الله

- ‌بعث الْمَنْصُور ببيلة الرخام إِلَى جَامع الْقرَوِيين من فاس حرسها الله

- ‌غَزْو السودَان وَفتح مَدِينَة كاغو ومقتل سلطانها إِسْحَاق سكية رحمه الله

- ‌وَفَاة أم الْمَنْصُور الْحرَّة مسعودة الوزكيتية رَحمهَا الله

- ‌نكبة الْفَقِيه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بَابا السوداني وعشيرته من آل آقيت وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌تَتِمَّة

- ‌بِنَاء قصر البديع بِحَضْرَة مراكش مرسها الله

- ‌ثورة النَّاصِر ابْن السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه بِبِلَاد الرِّيف ومقتله

- ‌ذكر سيرة الْمَنْصُور فِي تَرْتِيب جيوشه وحالات أَسْفَاره

- ‌انْتِقَاض ولي الْعَهْد مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَأْمُون على أَبِيه الْمَنْصُور وَمَا آل إِلَيْهِ أمره فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة الْمَنْصُور رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمَنْصُور وَبَعض سيرته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْمَعَالِي زَيْدَانَ بن أَحْمد الْمَنْصُور رَحمَه الله تَعَالَى

الفصل: ‌الخبر عن دولة الأشراف السعديين من آل زيدان وذكر أوليتهم وتحقيق نسبهم

‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

‌الدولة السعدية

‌الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السعديين من آل زَيْدَانَ وَذكر أوليتهم وَتَحْقِيق نسبهم

اعْلَم أَن هَؤُلَاءِ السعديين كَانُوا يَقُولُونَ إِن أصل سلفهم من يَنْبع النّخل من أَرض الْحجاز وَأَنَّهُمْ أَشْرَاف من ولد مُحَمَّد النَّفس الزكية رضي الله عنه وَإِلَيْهِ كَانُوا يرفعون نسبهم وَيَقُولُونَ فِي أول مُلُوكهمْ الْقَائِم بِأَمْر الله مثلا هُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مخلوف بن زَيْدَانَ بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله بن أبي مُحَمَّد بن عَرَفَة بن الْحسن بن أبي بكر بن عَليّ بن حسن بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن قَاسم ابْن مُحَمَّد النَّفس الزكية ابْن عبد الله الْكَامِل بن حسن الْمثنى بن الْحسن السبط ابْن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم فهم بَنو عَم السَّادة العلويين أَشْرَاف سجلماسة يَجْتَمعُونَ مَعَهم فِي مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم الْمَذْكُور فِي النّسَب

قَالُوا وَالسَّبَب فِي قدوم سلفهم من الْحجاز إِلَى الْمغرب أَن أهل درعة كَانَت لَا تصلح ثمارهم وتعتريها العاهات كثيرا فَقيل لَهُم لَو أتيتم بشريف إِلَى بِلَادكُمْ كَمَا أَتَى أهل سجلماسة لصلحت ثماركم كَمَا صلحت ثمارهم وَقد كَانَ أهل سجلماسة جاؤوا بالمولى الْحسن بن قَاسم بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم من أَرض يَنْبع فِي قصَّة ظريفة تَأتي فِي محلهَا إِن شَاءَ الله قَالُوا فَأتى أهل درعة بالمولى زَيْدَانَ بن أَحْمد مضاهاة لأهل سجلماسة فَعَادَت عَلَيْهِم بركته

وَاعْلَم أَن هَذَا النّسَب الشريف المسرود آنِفا فِيهِ كَمَا قَالَ اليفرني بتر

ص: 3

بَين قَاسم وَمُحَمّد النَّفس الزكية فَإِنَّهُ لَا يعرف فِي أَوْلَاد النَّفس الزكية من اسْمه قَاسم وَإِنَّمَا هُوَ قَاسم بن مُحَمَّد بن عبد الله الأشتر بن مُحَمَّد النَّفس الزكية وَلَعَلَّه سقط عَن ذُهُول من النَّاسِخ وَقيل الصَّوَاب إِنَّه قَاسم بن حسن بن مُحَمَّد بن عبد الله الأشتر بن مُحَمَّد النَّفس الزكية

وَاعْلَم أَيْضا أَن مَا زَعمه هَؤُلَاءِ السعديون من انتسابهم لهَذَا الْبَيْت الْكَرِيم هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد الكافة وتلقاه فضلاء عصرهم بِالْقبُولِ وأثبتوه فِي تقريضاتهم ومؤلفاتهم الْمَوْضُوعَة فِي أخبارهم وَمن النَّاس من يطعن فِي ذَلِك وَنَقله بَعضهم عَن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْمقري صَاحب نفح الطّيب وَأَنه صحّح أَنهم من بني سعد بن بكر بن هوَازن الَّذين مِنْهُم حليمة السعدية ظئر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهَذَا النَّقْل ضَعِيف لِأَن الشَّيْخ الْمقري صرح فِي نفح الطّيب بشرف هَؤُلَاءِ السَّادة فِي غير مَوضِع وَهُوَ من آخر مَا ألف

وَمِمَّنْ طعن فِي نسبهم الْمولى مُحَمَّد فتحا بن الشريف السجلماسي أول مُلُوك السَّادة العلويين صرح بذلك فِي بعض الرسائل الَّتِي كَانَت تَدور بَينه وَبَين الشَّيْخ ابْن زَيْدَانَ مِنْهُم قَالَ فِيهَا وَقد اعتمدنا فِي ذَلِك يَعْنِي فِي عدم شرفهم على مَا نَقله الثِّقَات المؤرخون لأخبار النَّاس من عُلَمَاء مراكش وتلمسان وفاس وَلَقَد أمعن الْكل التَّأَمُّل بِالذكر والفكر فَمَا وجدوكم إِلَّا من بني سعد بن بكر اه

ويحكى شَائِعا عَن الْفَقِيه الْوَرع الْمولى أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن طَاهِر السجلماسي وَكَانَ من أهل الصّلاح وَالدّين أَنه كَانَ ذَات يَوْم جَالِسا مَعَ الْمَنْصُور السَّعْدِيّ فِي بعض قصوره من حَضْرَة مراكش وهما مجتمعان على خوان طَعَام فَقَالَ الْمَنْصُور للشَّيْخ أبي مُحَمَّد أَيْن اجْتَمَعنَا يَا فَقِيه يَعْنِي فِي النّسَب فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد على هَذَا الخوان ويروى فِي هَذَا المشور فأسرها الْمَنْصُور فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُ إِلَى أَن احتال عَلَيْهِ بِمَا كَانَ السَّبَب فِي إِتْلَاف مهجته فَكَانَ الْمَنْصُور بعد ذَلِك يَدْعُو الشَّيْخ أَبَا مُحَمَّد فيجلسه على الرخام فِي زمَان كلب الْبرد وهيجانه من غير حَائِل وَقد اتخذ الْمَنْصُور فِيمَا زَعَمُوا لبدة صوف دَاخل سراويله لَا يحس مَعهَا بالبرد فَإِذا

ص: 4

رَآهُ أَبُو مُحَمَّد جَالِسا مَعَه تجلد واستحيى أَن يقوم عَن السُّلْطَان ويتركه ويستمران على المذاكرة فِي مسَائِل الْعلم فعل ذَلِك بِهِ أَيَّامًا حَتَّى سكنته عِلّة الْبرد فَلم يزل أَبُو مُحَمَّد يشتكي من ذَلِك إِلَى أَن قَضَت عَلَيْهِ

وَأنكر هَذَا صَاحب نشر المثاني ورده بتأخر وَفَاة ابْن طَاهِر عَن وَفَاة الْمَنْصُور بِأَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ سنة

وَجَوَاب أبي مُحَمَّد هَذَا من النَّوْع الْبَيَانِي الْمُسَمّى بتلقي المخاطر بِغَيْر مَا يترقب على مَا هُوَ مَعْرُوف فِي كتب الْفَنّ وَإِنَّمَا سَأَلَهُ الْمَنْصُور لما مر من أَن السعديين يَزْعمُونَ أَن جدهم قدم من يَنْبع أَيْضا كَمَا قدم جد العلويين والعلويون يُنكرُونَ ذَلِك كل الْإِنْكَار وَيَقُولُونَ إِنَّهُم لم يجتمعوا مَعَهم فِي قبيل وَلَا دبير

قَالَ اليفرني لَكِن صحّح لنا غير وَاحِد من أشياخنا أَن الشَّيْخ ابْن طَاهِر رَجَعَ عَن ذَلِك الْإِنْكَار وَأَن الْمَنْصُور أطلعه بعد ذَلِك على ظهير فِيهِ خطّ الإِمَام ابْن عرفه وَشَيْخه ابْن عبد السَّلَام بِثُبُوت نسبهم فاطمأنت نفس ابْن طَاهِر لذَلِك فَكَانَ يُصَرح بِصِحَّة نسبهم بعد ذَلِك ويزجر من يطعن فِيهِ اه

قلت وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب إِذْ مُسْتَند من يطعن فِي نسبهم عدم وضوحه وَلَا يلْزم من عدم وضوحه عدم ثُبُوته فِي نفس الْأَمر وَإِلَّا فيبعد أَن يكون هَؤُلَاءِ المنكرون قد اطلعوا على أَحْوَال عَمُود نسبهم وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْآبَاء والأجداد من لدن مبدئه إِلَى منتهاه مَعَ طول الْمدَّة وتناسخ الأجيال فالتنقير عَن ذَلِك عسير جدا وَلذَا وكل الشَّارِع أَمر الْأَنْسَاب إِلَى أَهلهَا وجعلهم مُصدقين فِيهَا إِذْ لَا تعرف غَالِبا إِلَّا من قبلهم فَهَؤُلَاءِ السَّادة الزيدانيون لَو فَرضنَا أَنهم مَا كَانُوا ملوكا وَلَا بلغُوا من الشُّهْرَة إِلَى حَيْثُ بلغُوا ثمَّ ادعوا هَذَا النّسَب الْكَرِيم فَلَا سَبِيل لأحد أَن يدفعهم عَنهُ إِلَّا بقاطع وَلَا قَاطع كَمَا علمت نعم الْحِكَايَة المسوقة فِي سَبَب دُخُولهمْ إِلَى الْمغرب يظْهر عَلَيْهَا أثر الصَّنْعَة وَالله أعلم بحقائق الْأُمُور

وَأما تسميتهم بالسعديين فقد قَالَ اليفرني إِن هَذِه النِّسْبَة لم تكن لَهُم

ص: 5