الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الدولة السعدية
الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السعديين من آل زَيْدَانَ وَذكر أوليتهم وَتَحْقِيق نسبهم
اعْلَم أَن هَؤُلَاءِ السعديين كَانُوا يَقُولُونَ إِن أصل سلفهم من يَنْبع النّخل من أَرض الْحجاز وَأَنَّهُمْ أَشْرَاف من ولد مُحَمَّد النَّفس الزكية رضي الله عنه وَإِلَيْهِ كَانُوا يرفعون نسبهم وَيَقُولُونَ فِي أول مُلُوكهمْ الْقَائِم بِأَمْر الله مثلا هُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مخلوف بن زَيْدَانَ بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله بن أبي مُحَمَّد بن عَرَفَة بن الْحسن بن أبي بكر بن عَليّ بن حسن بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن قَاسم ابْن مُحَمَّد النَّفس الزكية ابْن عبد الله الْكَامِل بن حسن الْمثنى بن الْحسن السبط ابْن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم فهم بَنو عَم السَّادة العلويين أَشْرَاف سجلماسة يَجْتَمعُونَ مَعَهم فِي مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم الْمَذْكُور فِي النّسَب
قَالُوا وَالسَّبَب فِي قدوم سلفهم من الْحجاز إِلَى الْمغرب أَن أهل درعة كَانَت لَا تصلح ثمارهم وتعتريها العاهات كثيرا فَقيل لَهُم لَو أتيتم بشريف إِلَى بِلَادكُمْ كَمَا أَتَى أهل سجلماسة لصلحت ثماركم كَمَا صلحت ثمارهم وَقد كَانَ أهل سجلماسة جاؤوا بالمولى الْحسن بن قَاسم بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم من أَرض يَنْبع فِي قصَّة ظريفة تَأتي فِي محلهَا إِن شَاءَ الله قَالُوا فَأتى أهل درعة بالمولى زَيْدَانَ بن أَحْمد مضاهاة لأهل سجلماسة فَعَادَت عَلَيْهِم بركته
وَاعْلَم أَن هَذَا النّسَب الشريف المسرود آنِفا فِيهِ كَمَا قَالَ اليفرني بتر
بَين قَاسم وَمُحَمّد النَّفس الزكية فَإِنَّهُ لَا يعرف فِي أَوْلَاد النَّفس الزكية من اسْمه قَاسم وَإِنَّمَا هُوَ قَاسم بن مُحَمَّد بن عبد الله الأشتر بن مُحَمَّد النَّفس الزكية وَلَعَلَّه سقط عَن ذُهُول من النَّاسِخ وَقيل الصَّوَاب إِنَّه قَاسم بن حسن بن مُحَمَّد بن عبد الله الأشتر بن مُحَمَّد النَّفس الزكية
وَاعْلَم أَيْضا أَن مَا زَعمه هَؤُلَاءِ السعديون من انتسابهم لهَذَا الْبَيْت الْكَرِيم هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد الكافة وتلقاه فضلاء عصرهم بِالْقبُولِ وأثبتوه فِي تقريضاتهم ومؤلفاتهم الْمَوْضُوعَة فِي أخبارهم وَمن النَّاس من يطعن فِي ذَلِك وَنَقله بَعضهم عَن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْمقري صَاحب نفح الطّيب وَأَنه صحّح أَنهم من بني سعد بن بكر بن هوَازن الَّذين مِنْهُم حليمة السعدية ظئر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهَذَا النَّقْل ضَعِيف لِأَن الشَّيْخ الْمقري صرح فِي نفح الطّيب بشرف هَؤُلَاءِ السَّادة فِي غير مَوضِع وَهُوَ من آخر مَا ألف
وَمِمَّنْ طعن فِي نسبهم الْمولى مُحَمَّد فتحا بن الشريف السجلماسي أول مُلُوك السَّادة العلويين صرح بذلك فِي بعض الرسائل الَّتِي كَانَت تَدور بَينه وَبَين الشَّيْخ ابْن زَيْدَانَ مِنْهُم قَالَ فِيهَا وَقد اعتمدنا فِي ذَلِك يَعْنِي فِي عدم شرفهم على مَا نَقله الثِّقَات المؤرخون لأخبار النَّاس من عُلَمَاء مراكش وتلمسان وفاس وَلَقَد أمعن الْكل التَّأَمُّل بِالذكر والفكر فَمَا وجدوكم إِلَّا من بني سعد بن بكر اه
ويحكى شَائِعا عَن الْفَقِيه الْوَرع الْمولى أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن طَاهِر السجلماسي وَكَانَ من أهل الصّلاح وَالدّين أَنه كَانَ ذَات يَوْم جَالِسا مَعَ الْمَنْصُور السَّعْدِيّ فِي بعض قصوره من حَضْرَة مراكش وهما مجتمعان على خوان طَعَام فَقَالَ الْمَنْصُور للشَّيْخ أبي مُحَمَّد أَيْن اجْتَمَعنَا يَا فَقِيه يَعْنِي فِي النّسَب فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد على هَذَا الخوان ويروى فِي هَذَا المشور فأسرها الْمَنْصُور فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُ إِلَى أَن احتال عَلَيْهِ بِمَا كَانَ السَّبَب فِي إِتْلَاف مهجته فَكَانَ الْمَنْصُور بعد ذَلِك يَدْعُو الشَّيْخ أَبَا مُحَمَّد فيجلسه على الرخام فِي زمَان كلب الْبرد وهيجانه من غير حَائِل وَقد اتخذ الْمَنْصُور فِيمَا زَعَمُوا لبدة صوف دَاخل سراويله لَا يحس مَعهَا بالبرد فَإِذا
رَآهُ أَبُو مُحَمَّد جَالِسا مَعَه تجلد واستحيى أَن يقوم عَن السُّلْطَان ويتركه ويستمران على المذاكرة فِي مسَائِل الْعلم فعل ذَلِك بِهِ أَيَّامًا حَتَّى سكنته عِلّة الْبرد فَلم يزل أَبُو مُحَمَّد يشتكي من ذَلِك إِلَى أَن قَضَت عَلَيْهِ
وَأنكر هَذَا صَاحب نشر المثاني ورده بتأخر وَفَاة ابْن طَاهِر عَن وَفَاة الْمَنْصُور بِأَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ سنة
وَجَوَاب أبي مُحَمَّد هَذَا من النَّوْع الْبَيَانِي الْمُسَمّى بتلقي المخاطر بِغَيْر مَا يترقب على مَا هُوَ مَعْرُوف فِي كتب الْفَنّ وَإِنَّمَا سَأَلَهُ الْمَنْصُور لما مر من أَن السعديين يَزْعمُونَ أَن جدهم قدم من يَنْبع أَيْضا كَمَا قدم جد العلويين والعلويون يُنكرُونَ ذَلِك كل الْإِنْكَار وَيَقُولُونَ إِنَّهُم لم يجتمعوا مَعَهم فِي قبيل وَلَا دبير
قَالَ اليفرني لَكِن صحّح لنا غير وَاحِد من أشياخنا أَن الشَّيْخ ابْن طَاهِر رَجَعَ عَن ذَلِك الْإِنْكَار وَأَن الْمَنْصُور أطلعه بعد ذَلِك على ظهير فِيهِ خطّ الإِمَام ابْن عرفه وَشَيْخه ابْن عبد السَّلَام بِثُبُوت نسبهم فاطمأنت نفس ابْن طَاهِر لذَلِك فَكَانَ يُصَرح بِصِحَّة نسبهم بعد ذَلِك ويزجر من يطعن فِيهِ اه
قلت وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب إِذْ مُسْتَند من يطعن فِي نسبهم عدم وضوحه وَلَا يلْزم من عدم وضوحه عدم ثُبُوته فِي نفس الْأَمر وَإِلَّا فيبعد أَن يكون هَؤُلَاءِ المنكرون قد اطلعوا على أَحْوَال عَمُود نسبهم وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْآبَاء والأجداد من لدن مبدئه إِلَى منتهاه مَعَ طول الْمدَّة وتناسخ الأجيال فالتنقير عَن ذَلِك عسير جدا وَلذَا وكل الشَّارِع أَمر الْأَنْسَاب إِلَى أَهلهَا وجعلهم مُصدقين فِيهَا إِذْ لَا تعرف غَالِبا إِلَّا من قبلهم فَهَؤُلَاءِ السَّادة الزيدانيون لَو فَرضنَا أَنهم مَا كَانُوا ملوكا وَلَا بلغُوا من الشُّهْرَة إِلَى حَيْثُ بلغُوا ثمَّ ادعوا هَذَا النّسَب الْكَرِيم فَلَا سَبِيل لأحد أَن يدفعهم عَنهُ إِلَّا بقاطع وَلَا قَاطع كَمَا علمت نعم الْحِكَايَة المسوقة فِي سَبَب دُخُولهمْ إِلَى الْمغرب يظْهر عَلَيْهَا أثر الصَّنْعَة وَالله أعلم بحقائق الْأُمُور
وَأما تسميتهم بالسعديين فقد قَالَ اليفرني إِن هَذِه النِّسْبَة لم تكن لَهُم