الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَاة الْمَنْصُور رحمه الله
كَانَ الْمَنْصُور رحمه الله بعد فَرَاغه من قَضِيَّة ابْنه الْمَأْمُون قد عزم على الرُّجُوع إِلَى مراكش فَلَمَّا بلغه ظُهُور الوباء بِتِلْكَ النَّاحِيَة تربص إِلَى أَن دخلت سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَألف فانتشر الوباء فِي بِلَاد الغرب أَيْضا فَكَانَ مصاب الْمَنْصُور بِهِ على مَا نذكرهُ
قَالَ صَاحب الأصليت وَهُوَ الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله السجلماسي الْمَعْرُوف بِأبي محلي كُنَّا نسْمع أَن السُّلْطَان الْمَنْصُور إِذا خرج من مراكش قَاصِدا مَدِينَة فاس لَا يرجع إِلَى مراكش وذاع هَذَا الْخَبَر فِي النَّاس قبل نُزُوله فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك ثمَّ لَا أَدْرِي من أَيْن للنَّاس بذلك هَل أنطقهم الله بِهِ أَو عَن علم تلقوهُ عَن أربابه وَكَأَنَّهُ الْأَشْبَه وَالله أعلم قَالَ وَمن هَذَا مَا ذكره بَعضهم أَيْضا لَكِن بعد الْوُقُوع وَالنُّزُول أَن دُخُول رايات أبي الْعَبَّاس الْمَنْصُور فِي حَيَاته للسودان واستيلاءه على سلطانها سكية فِي دَار إمارته كاغو مَعَ تنبكتو وأعمالها كل ذَلِك من أَمَارَات خُرُوج الإِمَام الْمهْدي الفاطمي وَكَذَلِكَ الوباء الْمُنْتَشِر فِي هَذِه الأعوام وَكَثْرَة الْهَرج والغلاء فِي سَائِر الْبِلَاد حَتَّى الْآن وَبَقِي من إمارات خُرُوجه فِيمَا نسْمع فتح وهران إِمَّا على يَده أَو بِإِذْنِهِ فِيمَا يَقُوله من لَا علم عِنْده بِحَقِيقَة الْأَمر اه
وَكَانَ ابْتِدَاء مرض الْمَنْصُور بمحلته خَارج فاس الْجَدِيد قرب سَيِّدي عميرَة يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشر ربيع النَّبَوِيّ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَألف وَدخل إِلَى دَاره بِالْمَدِينَةِ الْبَيْضَاء عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم واحتل بهَا بعد الْغُرُوب وَتُوفِّي هُنَالك لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الموَالِي لتاريخه وَدفن بِإِزَاءِ مَقْصُورَة الْجَامِع الْأَعْظَم هُنَالك ضحوة يَوْم الِاثْنَيْنِ الْمَذْكُور وَحضر جنَازَته وَلَده زَيْدَانَ وَقدم للصَّلَاة مفتي فاس وخطيب جَامع الْقرَوِيين بهَا الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاسم الْقصار
قَالَ اليفرني كَانَت وَفَاة الْمَنْصُور بالوباء وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد
الله بن يَعْقُوب السملالي فِي شَرحه لجامع شَامِل بهْرَام كَانَ بالمغرب وباء استطال بِهِ من سنة سبع إِلَى سنة سِتّ عشرَة وَألف وَعم سهل الْمغرب وجبله حَتَّى أفنى أَكثر الْخلق وَمَات بِهِ جمع من الْأَعْيَان وَبِه مَاتَ السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْمَنْصُور رحمه الله وَنَحْوه ذكره صَاحب الْفَوَائِد وَغَيره قَالَ اليفرني وَبِه تعلم مَا شاع على الْأَلْسِنَة من أَن الْمَنْصُور سمه وَلَده زَيْدَانَ بِإِشَارَة من أمه الشبانية فِي باكور أَوَائِل ظُهُوره وَقطع عَنهُ الْأَطِبَّاء إِلَى أَن هلك وَأَن الْمَنْصُور لما أحس بذلك قَالَ استعجلتها يَا زَيْدَانَ لَا هُنَاكَ الله بهَا أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ قَالُوا وبسبب ذَلِك لم تنصر لزيدان راية فَإِنَّهُ انهزم فِي زهاء سبع وَعشْرين معركة كُله كذب لَا أصل لَهُ لِأَن الْمَنْصُور طعن بالوباء وَلم يذكر أحد مِمَّن يوثق بِهِ مَا شاع على أَلْسِنَة الْعَامَّة وأضرابهم من الطّلبَة اه ثمَّ نقل الْمَنْصُور رحمه الله بعد دَفنه إِلَى مراكش فَدفن بهَا فِي قُبُور الْأَشْرَاف قبلي جَامع الْمَنْصُور من القصبة وقبره هُنَالك شهير عَلَيْهِ بِنَاء حفيل وَمِمَّا نقش على رخامة قَبره هَذِه الأبيات
(هَذَا ضريح من غَدَتْ
…
بِهِ الْمَعَالِي تفتخر)
(أَحْمد مَنْصُور اللوا
…
لكل مجد مبتكر)
(يَا رَحْمَة الله اسرعي
…
بِكُل نعمى تستمر)
(وباكري الرمس بِمَاء
…
من رِضَاهُ منهمر)
(وطيبي ثراه من
…
ندى كذكره الْعطر)
(وَافق تَارِيخ الْوَفَاة
…
دون تفنيد ذكر)
(مقْعد صدق دَاره
…
عِنْد مليك مقتدر)