الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالعرائش وإغفالك لَهُ مَعَ مَا يترادف عَلَيْك فِي كل سَاعَة من تلقائه من استدعاء مَا دعت الْحَاجة إِلَيْهِ من المؤونة والبارود والرصاص الَّذِي لَا يَسْتَقِيم لَهُم أَمر فِي مقاومة الْعَدو دون ذَلِك وَجعلت تقَابل خطابهم بالإهمال وَعدم المبالاة والآن سَاعَة يرد عَلَيْك كتَابنَا هَذَا قبل وَضعه من يدك ابْعَثْ إِلَيْهِم مُؤنَة عشرَة أَيَّام بَيْنَمَا نصل إِن شَاءَ الله فَيَقَع التَّدْبِير فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ زَائِدا على ذَلِك مَعَ مَا عنْدكُمْ هُنَالك من البارود والرصاص من غير عطلة وَلَا تراخ بِحَيْثُ لَا نقبل مِنْك عذرا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الَّتِي لَا تحْتَاج إِلَى الإهمال وَلَا بُد وَلَا بُد فقد بلغنَا أَن صَاحب النَّصَارَى بِقرب آصيلا فِي خمس عشرَة مائَة من النَّصَارَى وتمنيت أَن لَو حركتك الهمة للاقتحام عَلَيْهِ فِي مَكَانَهُ بِجَيْش يكسوه أردية الصغار وَيرجع سَاعَة رُؤْيَته إِلَى عَادَته من الذل والفرار فانتبه من الْغَفْلَة وَافْتَحْ عين الانتباه واليقظة فَإِن السَّاعَة لَا تَقْتَضِي إِلَّا الحزم والتشمير عَن ساعد الِاجْتِهَاد والعزم وَالسَّلَام اه
ظُهُور أبي عبد الله المتَوَكل بالسوس ومجيئه إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا
كَانَ أَبُو عبد الله المتَوَكل بعد فراره من مراكش يجول فِي جبال السوس ويتنقل فِي قبائلها وأحيائها إِلَى أَن اجْتمعت عَلَيْهِ طَائِفَة من الصعاليك وتأشب عَلَيْهِ مَا يشبه أَن يكون جَيْشًا فاستهوتهم مِنْهُ الأضاليل وقادهم قَود الْملك الضليل وَجَاء بهم إِلَى مراكش فَسمع بِهِ السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان فَخرج للقائه فخالفه المتَوَكل وسلك طَرِيقا غير طَرِيقه وفجا غير فجه وَقصد مراكش فَدَخلَهَا بِاتِّفَاق أَهلهَا ونصروه وَكَتَبُوا لَهُ الْبيعَة إِلَّا أَنه لم يتَمَكَّن من القصبة
لِأَن السُّلْطَان أَبَا مَرْوَان كَانَ قد ترك بهَا أُخْته السِّت مَرْيَم فِي نَحْو ثَلَاثَة آلَاف من الرُّمَاة فَتَحَصَّنُوا بهَا وَبلغ الْخَبَر أَبَا مَرْوَان باستيلاء المتَوَكل على مراكش فَرجع عوده على بدئه إِلَى أَن وافى الحضرة فحاصره بهَا وَكتب إِلَى أَخِيه أَحْمد الْخَلِيفَة على فاس أَن يَأْتِيهِ بِجَيْش مِنْهَا فَأَتَاهُ بِهِ أَحْمد مسرعا
وَمَا انْتهى إِلَى مراكش اجْتمع بالوزير أبي فَارس الوزكيتي فَقَالَ لَهُ أوقفت على الرَّأْي أول الفكرة آخر الْعَمَل فَبَانَت لِأَحْمَد نصيحته وَزَالَ مَا كَانَ يختلج بصدره عَلَيْهِ
وَلما جَاءَ أَحْمد بِجَيْش فاس أسلم المتَوَكل شيعته من أهل مراكش وفر إِلَى السوس فَبَقيَ أهل مراكش متمادين على الْحصار إِلَى أَن اتّفق السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان مَعَ أَعْيَان جراوة فأدخلوه من بعض الأسوار والأنقاب وَلما فر المتَوَكل إِلَى السوس تبعه أَحْمد الْمَنْصُور فَكَانَت بَينهمَا هُنَالك حروب عَظِيمَة أتاح الله فِيهَا النَّصْر للمنصور مِنْهَا وقْعَة تينزرت الَّتِي أنْشدهُ فِيهَا وزيره الْكَاتِب أَبُو الْحسن عَليّ بن مَنْصُور الشيظمي الْبَيْتَيْنِ اللَّذين قالهما فِيهِ الْكَاتِب أَبُو عبد الله بن عِيسَى وهما
(هُوَ الْغَيْث وَالْبَحْر الغطمطم فِي الندى
…
وَلَيْث إِذا جد الطعان هصور)
(يفوق السِّهَام عزمه وانبعاثه
…
وَيقصر عَنهُ فِي الثَّبَات ثبير)
فَأَجَابَهُ أَحْمد الْمَنْصُور ببيتي أبي فراس الحمداني وهما
(وَنحن أنَاس لَا توَسط عندنَا
…
لنا الصَّدْر دون الْعَالمين أَو الْقَبْر)
(تهون علينا فِي الْمَعَالِي نفوسنا
…
وَمن خطب الْحَسْنَاء لم يغله الْمهْر)
وَمِنْهَا الْوَقْعَة الَّتِي بعْدهَا بأساطين الْمَنْصُور وَهُوَ فِي نَحْو ثَلَاثَة آلَاف والمتوكل فِي نَحْو سِتِّينَ ألفا وَمَعَ ذَلِك هَزَمه الْمَنْصُور
قلت كَانَ أَحْمد الْمَنْصُور هَذَا مجدودا محظوظا مسعودا بِحَيْثُ أربت سعادته على شجاعته وَمَا كَانَ أَخُوهُ عبد الْملك يسري إِلَّا فِي ضوء طلعته ويمن نقيبته فَلِذَا كَانَ يقدمهُ فِي الحروب ويستكفي بِهِ فِي نَوَازِل الخطوب وَمن سعادته مَا اتّفق لَهُ فِي ذَهَابه إِلَى العثماني بِخَبَر الْفَتْح وتقدمه