الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالزِّيَادَة فِيهِ وَمَعَ ذَلِك فقد قَالَ فِي وصفهَا كلَاما هَذِه تَرْجَمته وَقد كَانَ مخبوءا لنا فِي مُسْتَقْبل الْأَعْصَار الْعَصْر الَّذِي لَو وَصفته كَمَا وَصفه غَيْرِي من المؤرخين لَقلت هُوَ الْعَصْر النحس الْبَالِغ فِي النحوسة الَّذِي انْتَهَت فِيهِ مُدَّة الصولة وَالظفر والنجاح وَانْقَضَت فِيهِ أَيَّام الْعِنَايَة من البرتغال وانطفأ مصباحهم بَين الْأَجْنَاس وَزَالَ رونقهم وَذَهَبت النخوة وَالْقُوَّة مِنْهُم وَخَلفهَا الفشل وَانْقطع الرَّجَاء واضمحل إبان الْغنى وَالرِّبْح وَذَلِكَ هُوَ الْعَصْر الَّذِي هلك فِيهِ سبستيان فِي الْقصر الْكَبِير من بِلَاد الْمغرب اه فَهَذَا كَلَام هَذَا البرتغالي قد تحفظت عَلَيْهِ وَأديت تَرْجَمته كَمَا هِيَ ليعتبر بِهِ من يقف عَلَيْهِ وَالْحق مَا شهِدت بِهِ الْأَعْدَاء
وَلما تمت للسُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الْمَنْصُور الْبيعَة بوادي المخازن طَالبه الْجَيْش بأرزاقهم واستنجزوا أعطياتهم حَسْبَمَا جرت بِهِ عَادَة من قبله مَعَهم فطالبهم هُوَ بِخمْس الْغَنِيمَة لأَنهم جعلوها نهبى وَلم يقتسموها على الْوَجْه الشَّرْعِيّ كَمَا سبق فصعب استخراجها مِنْهُم لعدم التَّعْيِين وجرأة النَّاس على الْغلُول فسامحهم فِيهَا وسامحوه فِي عطائهم
ثمَّ أَمر الْمَنْصُور بتوجيه كتب البشارات إِلَى الْآفَاق بِهَذَا الْفَتْح الْمُبين فَكتب إِلَى صَاحب الْقُسْطَنْطِينِيَّة الْعُظْمَى وَإِلَى سَائِر ممالك الْإِسْلَام المجاورين للمغرب يعرفهُمْ بِمَا أنعم الله بِهِ من إِظْهَار الدّين وهلاك عَبدة الصَّلِيب واستئصال شوكتهم ورد كيدهم فِي نحرهم فوردت عَلَيْهِ الأرسال من سَائِر الأقطار مهنئين لَهُ بِمَا فتح الله على يَده حَسْبَمَا نذكرهُ بعد إِن شَاءَ الله
بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي مَرْوَان وَسيرَته
قَالَ ابْن القَاضِي كَانَ سَبَب وَفَاة السُّلْطَان أبي مَرْوَان رحمه الله أَنه سقِِي سما وَذَلِكَ أَن قَائِد التّرْك الَّذين كَانُوا مَعَه واسْمه رَمَضَان العلج بعث إِلَى بعض قواده أَن يتلقاه بكعك مَسْمُوم هَدِيَّة للسُّلْطَان الْمَذْكُور وَقت مرورهم عَلَيْهِ وَقصد بذلك قَتله وَذَلِكَ بعد أَخذه بِهِ مَدِينَة فاس ليثبت لَهُم الْملك بهَا فَلم يكمل الله مُرَادهم لما شهدوه من عَظِيم جَيش الْمغرب فَهَذَا كَانَ سَبَب فِي مَوته رحمه الله اه وَلما توفّي حمل إِلَى مراكش فقبر بهَا وَكَانَت مُدَّة
خِلَافَته أَربع سِنِين وَمن حجابه الْقَائِد رضوَان العلج وَكتابه مُحَمَّد بن عِيسَى وَمُحَمّد بن عمر الشاوي وقضاته قُضَاة ولد أَخِيه
وَكَانَ يتزيا بزِي التّرْك وَيجْرِي مجراهم فِي كثير من شؤونه وَكَانَ يتهم بالميل إِلَى الْأَحْدَاث وَرُبمَا كَانَ يظْهر ذَلِك وَكَانَ أَخُوهُ أَبُو الْعَبَّاس الْمَنْصُور خَلِيفَته على فاس كَمَا مر وَكَانَت لَهُ فِيهِ محبَّة تَامَّة وَكَانَ يظْهر أَنه ولي عَهده ويرشحه لذَلِك كثيرا حَسْبَمَا أفصحت عَنهُ رسائله الَّتِي كَانَ يبْعَث بهَا إِلَيْهِ
ولنذكر مَا كَانَ فِي هَذِه الْمدَّة من الْأَحْدَاث
فَفِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ الوباء بالمغرب كَمَا قدمنَا
وَفِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة نزل مطر غزير بمراكش حَتَّى امْتَلَأت مِنْهُ الْآبَار وتهدمت الدّور وَصَارَ النَّاس يؤرخون بعام الْآبَار
وَفِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة توفّي الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن ساسي من أَوْلَاد أبي السبَاع وَدفن بزاويته على ضفة وَادي تانسيفت من أَعمال مراكش وقبره مزارة مَشْهُورَة وَعَلِيهِ بِنَاء حفيل
وَفِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة توفّي الشَّيْخ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد عبد الله ابْن مُحَمَّد الصنهاجي الطنجي الْمَعْرُوف بالهبطي وَكَانَت وَفَاته فِي ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة وَكَانَ رحمه الله من أهل الْوَرع وَالدّين والاتباع للسّنة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَمن فَوَائده مَا حَكَاهُ عَنهُ فِي الدوحة قَالَ سَأَلت شَيخنَا الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عبد الله الهبطي عَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني وَكَانَ من أَصْحَابه فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي مَا لسَائِر الْمَشَايِخ من أَصْحَاب الشَّيْخ الغزواني كَأبي الْحجَّاج التليدي وَأبي الْبَقَاء اليالصوتي وَأبي الْحسن عَليّ بن عُثْمَان وَغَيرهم يصرحون بقبطانية الشَّيْخ وينسبونك أَنْت إِلَى التَّقْصِير فِي حَقه حَيْثُ لم تقل بِمَا يَقُولُونَهُ فَقَالَ لي رضي الله عنه قد علمت معنى الشَّهَادَة فِي الشَّرْع مَا هِيَ فَقلت نعم فَقَالَ لي كَيفَ لي أَن أشهد لأحد بمقام معِين وَأَنا لم أسلكه وَلم أتحققه وَلم يكْشف لي عَنهُ فَإِن فعلت فقد شهِدت شَهَادَة الزُّور فَقلت لَهُ وَأي شَهَادَة تشهد فِي الشَّيْخ
فَقَالَ لي أشهد أَنه من العارفين بِاللَّه تَعَالَى وَأَنه كَانَ يُجيب بِالْحَال أَكثر مِمَّا يُجيب بالمقال انْتهى قلت وَهَذَا شَأْن أهل الدّين والورع المحتاطين لدينهم لَا يقدمُونَ على أَمر وَلَا يتفوهون بِهِ حَتَّى يَكُونُوا مِنْهُ على بَصِيرَة وتجد كثيرا مِمَّن عقله وَرَاء لِسَانه يتقولون على الله فِي غيبه ويخبطون خبط العشواء وينسبون المقامات وَالْأَحْوَال لمن لَيْسَ مِنْهَا فِي قبيل وَلَا دبير نسْأَل الله تَعَالَى أَن يلهمنا رشدنا بمنه
وَفِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّامِن وَالْعِشْرين من رَمَضَان مِنْهَا كسفت الشَّمْس الْكُسُوف الْكُلِّي الْعَظِيم
وَفِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ بالمغرب وباء عَظِيم كسا سهله وجباله وأفنى كماته وأبطاله واتصل أمره إِلَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ بعْدهَا
وَفِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَتِسْعمِائَة توفّي الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُوسَى الْجُزُولِيّ ثمَّ السملالي الشهير بِبِلَاد السوس أَخذ عَن الشَّيْخ أبي فَارس عبد الْعَزِيز التباع وَالشَّيْخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يُوسُف الرَّاشِدِي ثمَّ الملياني
وَفِي سنة سِتّ وَسبعين وَتِسْعمِائَة لَيْلَة عبد الْأَضْحَى مِنْهَا توفّي الشَّيْخ أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن عياد الصنهاجي ثمَّ الْفَرَجِيِّ الدكالي الْمَعْرُوف بالمجذوب الْوَلِيّ الْمَشْهُور دَفِين مكناسة الزَّيْتُون كَانَ مأوى سلفه بِمَدِينَة تيط قرب آزمور ثمَّ رَحل هُوَ ووالده إِلَى مكناسة فَمَاتَ بهَا
وَفِي سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة بعد صَلَاة الْجُمُعَة من أول يَوْم من الْمحرم مِنْهَا زلزلت الأَرْض زلزالا شَدِيدا وفزع النَّاس لذَلِك وَفِي هَذِه السّنة فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين من ربيع الأول مِنْهَا توفّي الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن حُسَيْن من شرفاء بني آمغار دَفِين تامصلوحت وَقد تقدم مَا جرى بَينه وَبَين السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه
وَفِي سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَذَلِكَ أَوَاخِر شَوَّال مِنْهَا الْمُوَافق لأواسط مارس العجمي حدث بالمغرب جَراد كثير وَفِي أَيَّام السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه ظهر نجم لم يكن معهودا ثمَّ ظَهرت فِي أَيَّام ابْنه مُحَمَّد بن عبد الله أَعْلَام حمر فِي الجو من النَّاحِيَة الشرقية تبعتها فِي الأَرْض أجناد التّرْك الَّتِي