الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْقَدِيم وَلَا وَقعت بهَا تحليتهم فِي ظهائرهم وَلَا فِي سجلاتهم وصدور رسائلهم بل كَانُوا لَا يقبلُونَ ذَلِك وَلَا يجترئ أحد على مواجهتهم بِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يصفهم بذلك من يقْدَح فِي نسبهم ويطعن فِي شرفهم وَيَزْعُم أَنهم من بني سعد بن بكر كَمَا قُلْنَا وَكثير من الْعَامَّة وإخوانهم من الطّلبَة يَعْتَقِدُونَ أَنهم إِنَّمَا سموا بذلك لِأَن النَّاس سعدوا بهم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا معنى لَهُ اه
قلت وَإِنَّمَا نصفهم نَحن بذلك لأَنهم اشتهروا عِنْد الْخَاصَّة والعامة بِهِ فَصَارَ كَالْعلمِ الصّرْف المرتجل مَعَ أَنه لَا مَحْذُور بعد تَحْقِيق النّسَب وَثُبُوت الشّرف وَالله تَعَالَى يلهمنا الصَّوَاب بمنه وفضله
الْخَبَر عَن دولة الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد الْقَائِم بِأَمْر الله وبيعته وَالسَّبَب فِيهَا
قَالَ ابْن القَاضِي درة السلوك لم يزل أسلاف السعديين مقيمين بدرعة إِلَى أَن نَشأ مِنْهُم أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْقَائِم بِأَمْر الله فَنَشَأَ على عفاف وَصَلَاح وَحج الْبَيْت الْحَرَام وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَلَقي جمَاعَة من الْعلمَاء الْأَعْلَام والصلحاء الْعِظَام فِي وفادته على الْحَرَمَيْنِ الشريفين أَخْبرنِي بعض الْفُضَلَاء أَنه لَقِي رجلا صَالحا بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة على ساكنها أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام فَأَشَارَ لَهُ بِمَا يكون مِنْهُ وَمن ولديه وَكَانَ قد رأى رُؤْيا وَهِي أَن أسدين خرجا من إحليله فتبعهما النَّاس إِلَى أَن دخلا صومعة ووقف هُوَ ببابها فعبرت لَهُ رُؤْيَاهُ بِأَنَّهُ سَيكون لِوَلَدَيْهِ شَأْن وإنهما يملكَانِ النَّاس ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمغرب وَهُوَ معلن بالدعوة فَيَقُول فِي كل محفل إِن ولديه سيملكان الْمغرب وسيكون لَهما شَأْن من غير تردد مِنْهُ ثِقَة بِخَبَر الرجل الصَّالح وبرؤياه الْمَذْكُورَة فَمَا زَالَ إِلَى أَن قَامَ سنة خمس عشرَة وَتِسْعمِائَة اه
وَقَالَ صَاحب زهرَة الشماريخ مَا صورته إِن سَبَب قيام أبي عبد الله الْقَائِم أَن أهل السوس أحَاط بهم الْعَدو الْكَافِر وَنزل بجوانبهم من كل جِهَة حَتَّى أظلم الجو واستحكمت شَوْكَة البرتغال وَبَقِي الْمُسلمُونَ فِي أَمر مريج لعدم أَمِير تَجْتَمِع عَلَيْهِ كلمة الْإِسْلَام لِأَن بني وطاس فشلت ريحهم يَوْمئِذٍ
فِي بِلَاد السوس وَإِنَّمَا كَانَ لَهُم الْملك فِي حواضر الْمغرب وَلم يكن لَهُم مِنْهُ بالسوس إِلَّا الِاسْم مَعَ مَا كَانُوا فِيهِ من قتال الْعَدو بطنجة وآصيلا وَحجر بادس وَغَيرهَا من ثغور بِلَاد الهبط فَلَمَّا رأى قبائل السوس مَا دهمهم من تفاقم الْأَحْوَال وَكَثْرَة الْأَهْوَال وطمع الْعَدو فِي بِلَادهمْ ذَهَبُوا إِلَى الشَّيْخ الصَّالح أبي عبد الله مُحَمَّد بن مبارك الأقاوي نِسْبَة إِلَى آقة من بِلَاد السوس فَذكرُوا لَهُ مَا هم فِيهِ من افْتِرَاق الْكَلِمَة وانتشار الْجَمَاعَة وكلب الْعَدو على مباكرتهم بِالْقِتَالِ ومراوحتهم وطلبوا مِنْهُ أَن يعقدوا لَهُ الْبيعَة وتجتمع كلمتهم عَلَيْهِ فَامْتنعَ من ذَلِك وَقَالَ إِن رجلا من الْأَشْرَاف بتاجمدارت من درعة يَقُول إِنَّه سَيكون لَهُ ولولديه شَأْن فَلَو بعثتم إِلَيْهِ وبايعتموه كَانَ أنسب بكم وأليق بمقصودكم فبعثوا إِلَيْهِ وَكَانَ من أمره مَا كَانَ
وَقَالَ اليفرني رَأَيْت بِخَط الْفَقِيه الْعَلامَة أبي زيد عبد الرَّحْمَن ابْن شيخ الْجَمَاعَة أبي مُحَمَّد عبد الْقَادِر الفاسي مَا صورته ذكر لنا الْوَالِد عَن سَيِّدي أَحْمد بن عَليّ السُّوسِي البوسعيدي أَن ابْتِدَاء دولة الشرفاء بالسوس أَن بعض السَّادة وَهُوَ سَيِّدي بَرَكَات توَسط فِي فدَاء بعض الْأُسَارَى وَأَرَادَ أَن يكون مَعَ النَّصَارَى اتِّفَاق على أَن لَا يحبسوا أَسِيرًا فَكَلَّمَهُمْ فِي ذَلِك فَقَالُوا لَهُ حَتَّى يكون لكم أَمِير فَإِن ملككم قد ذهب واضمحل قَالَ ثمَّ إِن بعض أهل السوس سَارُوا إِلَى قَبيلَة جسيمة يكتالون الطَّعَام فَأَخَذتهم جسيمة وأكلوا مَتَاعهمْ وبضاعتهم فَذَهَبُوا إِلَى شيخهم وَكَانَ ذَا حزم وتدبير فَرد عَلَيْهِم كل مَا ضَاعَ لَهُم حَتَّى لم يبْق لَهُم شَيْء فَلَمَّا رجعُوا إِلَى بِلَادهمْ قَالُوا إِن هَذَا الشَّيْخ الرئيس هُوَ الَّذِي يَلِيق أَن نُبَايِعهُ فَاجْتمعُوا وأتوه وطلبوا مِنْهُ أَن يرأسهم فَامْتنعَ واحتاط لدينِهِ وَاعْتذر بتشويش هَذَا الْأَمر للدّين ودلهم على رجل شرِيف كَانَ مُؤذنًا بدرعة فَقَالَ لَهُم إِن كَانَ وَلَا بُد فاقصدوا الشريف الْفُلَانِيّ
فَإِنَّهُ يذكر أَن ولديه يملكَانِ الْمغرب فقصدوه وَحَمَلُوهُ إِلَى بِلَادهمْ وَبَايَعُوهُ وفرضوا لَهُ من الْمُؤْنَة مَا يَكْفِيهِ وَأَوْلَاده وَبَقِي هُنَالك فِي نحر الْعَدو
ويروى أَنه لما بَايعه أهل السوس وَرَأى قلَّة مَا بِيَدِهِ مَعَ أَن الْملك لَا يقوم إِلَّا بِالْمَالِ احتال بِأَن أَمر أهل السوس أَن يأتوه ببيضة لكل كانون فَاجْتمع لَهُ من ذَلِك آلَاف من الْبيض لَا تحصى لِأَن النَّاس استهونوا أَمر الْبَيْضَة فَلَمَّا اجْتمع عِنْده الْبيض أَمر أَن كل من أَتَى ببيضة يَأْتِي بدلهَا بدرهم فَفَعَلُوا فَاجْتمع لَهُ من ذَلِك مَال وافر فَأصْلح بِهِ شَأْنه وقوى بِهِ جَيْشه وَكَانَت تِلْكَ أول نائبة فرضت فِي دولة السعديين وَالله أعلم
وَقَالَ ابْن القَاضِي إِن الْأَمِير أَبَا عبد الله الْقَائِم لما اجْتمع بالشيخ ابْن مبارك بِبَلَدِهِ آفَة وَذَلِكَ سنة خمس عشرَة وَتِسْعمِائَة على مَا مر فاوضه فِي شَأْنه ثمَّ عَاد إِلَى مقره من درعة ثمَّ فِي سنة سِتّ عشرَة بعْدهَا بعث إِلَيْهِ فُقَهَاء الصامدة وشيوخ الْقَبَائِل وَدعوهُ إِلَى تَوليته عَلَيْهِم وَتَسْلِيم الْأَمر إِلَيْهِ فلبى دعوتهم وَجَاء إِلَى قَرْيَة يُقَال لَهَا تيدسي قرب تارودانت فَبَايعهُ النَّاس بهَا وَأَصْبحُوا مَعَه بقلوب متفقة وَأَهْوَاء على الْجِهَاد مجتمعة اه
وَقد سَاق منويل أولية هَذِه الدولة مساقا غَرِيبا وَلَا يَخْلُو عَن فَائِدَة فلنذكر مِنْهُ مَا يقرب إِلَى الصِّحَّة وَيكون كالشرح لما مضى أَو يَأْتِي من أَخْبَار هَذِه الدولة قَالَ
لما كَانَ السُّلْطَان أَبُو عبد الله الوطاسي يَعْنِي البرتغالي أَمِيرا بفاس ظهر فِي درعة رجل شرِيف يَعْنِي أَبَا عبد الله مُحَمَّدًا الْقَائِم بِأَمْر الله قَالَ وَكَانَ هَذَا
الشريف من قراء الْقُرْآن وَمن أهل الْعلم وَالدّين والفقر والخمول وَلم يكن من بَيت الرياسة وَكَانَ لَهُ اطلَاع على تواريخ قطره وعوائد جيله وأخلاقهم وطبائعهم وَرَأى مَا وصل إِلَيْهِ ملك الْمغرب من الانحطاط والضعف وتيقن أَنه لَا يصعب عَلَيْهِ تنَاوله فأعمل فِي ذَلِك فكره ومكره وَصَارَ يحض النَّاس على الْقيام بِأُمُور دينهم والامتعاض لَهَا وَكَانَ قد بعث ثَلَاثَة من أَوْلَاده وهم عبد الْكَبِير وَأحمد وَمُحَمّد إِلَى الْحجاز بِقصد الْحَج وَكَانَت لَهُم فصاحة ورجاحة وَمَعْرِفَة بإدارة الْكَلَام فَظهر لَهُم ناموس فِي تِلْكَ الْبِلَاد وأحبهم النَّاس لَا سِيمَا أَحْمد وَمُحَمّد وَلما رجعا من مَكَّة أَقَامَا بفاس وَهِي يَوْمئِذٍ دَار الْملك وترتب أَحْمد فِي مجْلِس بالقرويين لتدريس الْعلم فاكتسب بذلك جاها وتقرب مُحَمَّد إِلَى السُّلْطَان حَتَّى صَار مؤدبا لأولاده وبقيا على ذَلِك مُدَّة وهما فِي ذَلِك كُله يتحببان إِلَى النَّاس ويسعيان فِي مَذَاهِب الشُّهْرَة والبرتغال فِي أثْنَاء ذَلِك ملح على الثغور واستلابها من أَهلهَا وَلم تكن تقوم للْمُسلمين مَعَه راية فَدَعَا ذَلِك الْأَخَوَيْنِ أَحْمد ومحمدا إِلَى أَن ندبا السُّلْطَان وَهُوَ أَبُو عبد الله البرتغالي إِلَى المناداة فِي النَّاس بِالْجِهَادِ إِظْهَارًا للنصح وهما يسران حسوا فِي ارتغاء وقصدهما تَفْرِقَة الْكَلِمَة على السُّلْطَان لَا غير فاغتر السُّلْطَان بنصحهما وَقَالَ لَهما لَا أحد أولى مِنْكُمَا بِالْقيامِ بِهَذِهِ الْوَظِيفَة فأجاباه إِلَى ذَلِك عَن توفر دَاعِيَة وَكَمَال رَغْبَة فأرسلهما يناديان ويستنفران النَّاس فِي نواحي الْمغرب إِلَى الْجِهَاد ويحضان النَّاس عَلَيْهِ ويخطبان بذلك فِي المحافل ويعظان وتتبعا الحواضر والبوادي وتقريا الْأَحْيَاء والمداشر والقرى إِلَى أَن وصلا إِلَى درعة حَيْثُ أَبوهُمَا وأخوهما عبد الْكَبِير فاجتمعا بهما وذاكراهما فِي أَمرهمَا وأنهما قد أشرفا على المُرَاد وكادا يلجان الْملك من بَابه لِأَن أهل تِلْكَ الْبِلَاد كَانُوا سَامِعين لَهُم من قبل الْيَوْم فَكيف بهم الْيَوْم فَحِينَئِذٍ أَخذ الْأَب وَأَوْلَاده فِي نشر معايب الدولة للعامة ويقررون ذَلِك بفصاحتهم ووجاهتهم وَمَا أوتوه من الْقبُول وعضدهم على ذَلِك شُيُوخ الْبَلَد وتبعهم النَّاس واجتمعوا عَلَيْهِم من كل جِهَة وَصَارَ حَالهم ينموا شَيْئا فَشَيْئًا إِلَى أَن استبدوا على السُّلْطَان وَلم يرجِعوا إِلَيْهِ بعد
وَقَالَ فِي نشر المثاني كَانَ السَّبَب فِي قيام الشرفاء الزيدانيين واستبدادهم بِملك الْمغرب أَن الْحَرْب نشبت بَين النَّصَارَى وَأهل السوس ودامت وَكَانَ بَنو وطاس يمدون أهل السوس بِالْمَالِ وَالْعدَد فاتفق أَن خرج الشريفان مُحَمَّد الشَّيْخ وَأَخُوهُ أَحْمد الْأَعْرَج للْجِهَاد مَعَ أهل السوس فَظهر مكانهما فِي الْجِهَاد فَلَمَّا وَفْدًا على الوطاسي تلقاهما بالرحب وَأَقْبل عَلَيْهِمَا لأجل قيامهما بِالْجِهَادِ وأعطاهما عدَّة وخيولا كَثِيرَة فَرَجَعَا إِلَى جهادهما ثمَّ عادا إِلَيْهِ مرّة أُخْرَى فَأَعْطَاهُمَا مثل ذَلِك وَكَانَت لَهما وقائع فِي النَّصَارَى ونكاية وَظُهُور وصارا يكتبان إِلَى الْقَبَائِل فيساعدونهما على ذَلِك حَتَّى اجْتمعت عَلَيْهِم جموع عديدة فَحِينَئِذٍ خلعا طَاعَة الوطاسي ودعوا لأنفسهما اه
قَالَ منويل وَكَانَ أَكثر شهرة أَمرهم بالسوس الْأَقْصَى ودرعة وأعمالهما وصاروا يرفعون إِلَيْهِم زكواتهم وأعشارهم ثمَّ بايعوهم ونهض هَؤُلَاءِ الْأَشْرَاف إِلَى تارودانت فاستولوا عَلَيْهَا وَحَصَّنُوهَا ثمَّ زحفوا إِلَى آكادير لِحَرْب البرتغال فقاتلوه مُدَّة وَلم يفتح لَهُم وَكَانُوا يشيعون أَنهم لَا قصد لَهُم إِلَّا فِي الْجِهَاد ومحاربة عَدو الدّين وَمن هُوَ سلم لَهُ من الْمُسلمين إِذْ لم يتأت لَهُم إِذْ ذَاك التَّصْرِيح بخلع السُّلْطَان
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة تجاوزوا جبل درن إِلَى بِلَاد حاحة والشياظمة ثمَّ دخلُوا بسيطة عَبدة وَكَانَ بآسفي رجل تنصر اسْمه يحيى بن تافوت احتمى بالبرتغال من السُّلْطَان وَكَانَ مَعْرُوفا بالشجاعة واتصل خَبره بطاغية البرتغال منويل فولاه على النَّصَارَى وعَلى أَتْبَاعه من الْمُسلمين تأليفا لَهُ
وَلما زحف الْأَشْرَاف إِلَى بِلَاد عَبدة كَانَ بَينهم وَبَين يحيى الْمَذْكُور ونصاراه معركتان شديدتان كَانَ الظُّهُور فيهمَا ليحيى لَكِن أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْأَعْرَج تدارك أمره فَوْرًا وَجمع عسكرا آخر وخطبهم ووعظهم وزحف إِلَى يحيى الْمَذْكُور ففضه وفض نصاراه إِلَى أَن انجحروا بآسفي وأغلقوه عَلَيْهِم وأتيح لِأَحْمَد عَلَيْهِم مَا لم يتَقَدَّم لغيره فيهم فبذلك تأتى لَهُ أَن يتَنَاوَل ملك الْمغرب
وَلما اتَّصل خبر هَذَا الظُّهُور لَهُ بالسلطان الوطاسي لم يُعجبهُ ذَلِك وَظهر لَهُ أَن مَا كَانَ أَحْمد وَأَخُوهُ يحاولانه من أَمر الْجِهَاد لم يكن ظَاهره كباطنه وحقق لَهُ ذَلِك مَا فَعَلُوهُ من تحصين تارودانت مَعَ مَا كَانَ لأبيهم من نُفُوذ الْكَلِمَة بالسوس
وَكَانَ فِي هَذَا التَّارِيخ بمراكش وأعمالها عَامل اسْمه نَاصِر بوشتنوف وَكَانَ مستبدا على الوطاسي ويبذل لَهُ شَيْئا تافها يتقيه بِهِ وَلما مر بِهِ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَاف فِي أول أَمرهم داعين إِلَى الْجِهَاد أحسن إِلَيْهِم غَايَة وَلما أوقعوا وقْعَة آسفي أبرموا أَمرهم مَعَ نَاصِر أبي شتنوف وأظهروا لَهُ الْمحبَّة والموالاة وطلبوا مِنْهُ أَن يظاهرهم على جِهَاد الْعَدو وَأَن يَكُونُوا يدا وَاحِدَة وجندا وَاحِدًا عَلَيْهِ فأسعفهم وَقدمُوا مراكش فَدَخَلُوهَا مرّة ثَانِيَة وَأحسن إِلَيْهِم وَبعد أَيَّام خَرجُوا بِهِ للصَّيْد فَسَموهُ فِي خبز صَغِير يُسمى القريشلات فَهَلَك للحين وَصفا للأشراف مراكش وأعمالها إِذا كَانَ أَهلهَا قد أحبوهم وشرهوا إِلَيْهِم وَلما تمّ لَهُم أَمر درعة والسوس ومراكش تسمى أَحْمد باسم الْأَمِير واستخلف أَخَاهُ مُحَمَّدًا الشَّيْخ
وَلما اتَّصل الْخَبَر بالوطاسي وَأَنَّهُمْ استولوا على مراكش أقلقه ذَلِك وَمن مكر أَحْمد أَنه بعث إِلَيْهِ يَقُول مَا أَنا إِلَّا وَاحِد من أعمالك وَمَا كَانَ يُعْطِيهِ أهل هَذِه الْبِلَاد أبذله لَك مضاعفا وَمَعَ ذَلِك لم يطمئن إِلَيْهِ ثمَّ هلك الوطاسي وَولي مَكَانَهُ ابْنه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد وانقسمت مملكة الْمغرب فَصَارَت فاس للوطاسي ومراكش وأعمالها لأبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج وتارودانت والسوس ودرعة لمُحَمد الشَّيْخ وَأما عبد الْكَبِير فَإِنَّهُ كَانَ اسْتشْهد قبل هَذَا فِي حَرْب البرتغال قرب آسفي
وَلما رأى أَبُو الْعَبَّاس الوطاسي استفحال أَمر الْأَشْرَاف وَأَنَّهُمْ أَمْسكُوا عَنهُ مَا وعدوا بِأَدَائِهِ لِأَبِيهِ عزم على حربهم فَجمع عسكرا عَظِيما وزحف إِلَى مراكش فتحصن أَحْمد الْأَعْرَج بهَا وَقدم عَلَيْهِ أَخُوهُ فَظَاهره على عدوه وَفِي أثْنَاء حصاره الوطاسي لمراكش اتَّصل بِهِ الْخَبَر بِأَن أهل فاس قد قَامُوا عَلَيْهِ وَبَايَعُوا بعض إخْوَته فَرجع إِلَى فاس وَقبض على أَخِيه الثائر عَلَيْهِ ثمَّ كرّ إِلَى