الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسون كَمَا مر فَلَمَّا غلب الْمهْدي على الْمغرب وَصفا لَهُ أمره خلعهم من الجندية ووظف عَلَيْهِم الْخراج ومحا اسمهم من ديوَان الْخدمَة وَنقل أعيانهم إِلَى مراكش واتخذهم رهائن عِنْده وَلم يزل الْأَمر على ذَلِك إِلَى أَيَّام الْمَنْصُور فَرَأى جلادهم يَوْم وَادي المخازن وَحسن بلائهم فَاخْتَارَ النّصْف مِنْهُم ورده إِلَى الجندية وَأبقى نصفهم الآخر فِي غمار الرّعية ونقلهم إِلَى آزغار فاستوطنوه حينا من الدَّهْر ثمَّ عاثوا فِي الْبِلَاد وَأَكْثرُوا فِيهَا الْفساد ومدوا أَيْديهم إِلَى أَوْلَاد مُطَاع فنهبوهم وضايقوا بني حسن فكثرت الشكاية بهم إِلَى الْمَنْصُور فَضرب عَلَيْهِم سبعين ألفا غَرَامَة فَلم يزدادوا إِلَّا عتوا وَشدَّة فَأرْسل إِلَيْهِم ليبعثوا طَائِفَة مِنْهُم إِلَى تيكورارين فامتنعوا من ذَلِك فَحِينَئِذٍ بعث إِلَيْهِم الْقَائِد مُوسَى بن أبي جمدي الْعمريّ فَانْتزع مِنْهُم الْخَيل وأبقاهم رجالة ثمَّ حكم السَّيْف فِي رقابهم واستأصل جمهورهم فَمن ثمَّ خضدت شوكتهم ولانت للغامز قناتهم
اسْتِيلَاء الْمَنْصُور على بِلَاد الصَّحرَاء تيكورارين وتوات وَغَيرهمَا
لما اسْتَقر الْمَنْصُور بمراكش مرجعه من فاس وَأمن من هجوم التّرْك على الْمغرب طمحت نَفسه إِلَى التغلب على بِلَاد تيكورارين وتوات من أَرض الصَّحرَاء وَمَا انضاف إِلَى ذَلِك من الْقرى والمداشر إِذْ كَانَ أهل تِلْكَ الْبِلَاد قد انكفت عَنْهُم أَيدي الْمُلُوك وَلم تسسهم الدول مُنْذُ أزمان وَلَا قادهم سُلْطَان قاهر إِلَى مَا يُرَاد مِنْهُم فسنح للمنصور أَن يجمع بهم الْكَلِمَة ويردهم إِلَى أَمر الله فَبعث إِلَيْهِم الْقَائِد أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن بركَة والقائد أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الْحداد الْعمريّ المعقلي فِي جَيش كثيف فَقطعُوا إِلَيْهِم القفر من مراكش وانتهوا إِلَيْهِم على سبعين مرحلة مِنْهَا فتقدموا إِلَيْهِم أَولا بِالدُّعَاءِ للطاعة والأعذار والأنذار فامتنعوا فنازلوهم وقاتلوهم وطالت الْحَرْب بَينهم ياما ثمَّ كَانَ الظُّهُور لجيش الْمَنْصُور فأوقعوا بهم وأثخنوا فيهم إِلَى أَن أذعنوا للطاعة وصاروا فِي حزب الْجَمَاعَة وأنهى خبر الْفَتْح إِلَى الْمَنْصُور
فسر بذلك سُرُورًا عَظِيما وَقَالَ الشُّعَرَاء فِي ذَلِك وَعم الْفَرح بِلَاد الْمغرب وَكَانَ ذَلِك سنة تسعين وَتِسْعمِائَة وَبعد هَذَا تشوفت نفس الْمَنْصُور إِلَى الِاسْتِيلَاء على بِلَاد السودَان فَكَانَ من أمرهَا مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
اعْلَم أَن هَؤُلَاءِ السودَان هم من نسل حام بن نوح عليه السلام بِاتِّفَاق النسابين والمؤرخين ويجاور البربر بِأَرْض الْمغرب مِنْهُم أُمَم كَثِيرَة من أعظمها أهل مملكة غانة وهم المتصلون بالبحر الْمُحِيط من جِهَة الغرب على مصب النّيل السوداني فِيهِ وتتصل بهم من جِهَة الشرق أمة أُخْرَى تعرف بصوصو بصادين أَو سينين مهملتين مضمومتين ثمَّ بعْدهَا أمة أُخْرَى يُقَال لَهَا مَالِي ثمَّ بعْدهَا أمة أُخْرَى تسمى كوكو وَيُقَال كاغو ثمَّ بعْدهَا أمة أُخْرَى تعرف بتكرور وَيُقَال لَهُم أَيْضا سغاي ثمَّ بعْدهَا أمة أُخْرَى تدعى كانم وهم أهل مملكة برنو الْمُجَاورَة لإفريقية من جِهَة قبلتها ثمَّ بعْدهَا أَرض النّوبَة الْمُجَاورَة لبلاد مصر وَهَكَذَا إِلَى آخر الشرق أُمَم لَا يحصيهم إِلَّا خالقهم
فَأَما أهل مملكة غانة فقد كَانُوا فِي صدر الْإِسْلَام من أعظم أُمَم السودَان أَسْلمُوا قَدِيما وَكَانَ لَهُم ملك ضخم وَكَانَت حَاضِرَة ملكهم هِيَ غانة وَهِي مدينتان على ضفتي النّيل السوداني من أعظم مدن الْعَالم وأكثرها عمرانا ذكرهَا صَاحب نزهة المشتاق وَصَاحب المسالك والممالك وَغَيرهمَا
وَقَالَ الْفَقِيه الأديب أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْمُؤمن الْقَيْسِي الشريشي فِي شرح المقامات الحريرية مَا نَصه غانة بلد من بِلَاد السودَان وإليها يَنْتَهِي التُّجَّار يَعْنِي من الْمغرب والمدخل إِلَيْهَا من سجلماسة وَمن سجلماسة إِلَيْهَا ذَهَابًا مسيرَة ثَلَاثَة أشهر وَمن غانة إِلَى سجلماسة إيابا مسيرَة شهر وَنصف وَدون ذَلِك وَسبب ذَلِك أَن الرفاق تتجهز إِلَيْهَا من سجلماسة بالأمتعة والأثقال فتباع فِي غانة بالتبر فَمن سَافر إِلَيْهَا بِثَلَاثِينَ حملا يرجع مِنْهَا بِثَلَاثَة أحمال أَو بحملين وَاحِد لركوبه وثان للْمَاء بِسَبَب الْمَفَازَة الَّتِي فِي طريقها
حَدثنِي غير وَاحِد من تجارها أَنهم يقطعون الْمَفَازَة فِي سِتَّة عشر يَوْمًا لَا يرَوْنَ فِيهَا مَاء إِلَّا على ظُهُور الْإِبِل فأثمان أحمال الثَّلَاثِينَ جملا يجْتَمع فِيهَا من التبر مَا يَجْعَل فِي مزود وَاحِد فيطوون المراحل للخفة قَالَ وغانة بلد مملكة السودَان وانتشر الْإِسْلَام فِي أَهلهَا وَبهَا مدارس للْعلم وَبهَا من تجار الْمغرب كثير يدْخلُونَ للتِّجَارَة فيصيبون الخصب والأمن وَكَثْرَة المتاجر فيشترون بهَا خدما للتسري ويقيمون بهَا عِنْد أميرها فِي غَايَة الْكَرَامَة وَالْإِمَاء فِيهَا قد جعل الله فِيهِنَّ من الْخِصَال الْكَرِيمَة فِي خَلقهنَّ وخلقهن فَوق المُرَاد من ملاسة الْأَبدَان وتفتق السوَاد وَحسن الْعَينَيْنِ واعتدال الأنوف وَبَيَاض الْأَسْنَان وَطيب الروائح اه
وَقَالَ ابْن خلدون كَانَ فِي غانة فِيمَا يُقَال ملك ودولة لقوم من العلويين يعْرفُونَ ببني صَالح
وَقَالَ صَاحب نزهة المشتاق أَنه صَالح بن عبد الله بن حسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم قَالَ وَلَا يعرف صَالح هَذَا فِي ولد عبد الله بن حسن وَقد ذهبت هَذِه الدولة لهَذَا الْعَهْد اه
ثمَّ أَن أهل غانة ضعف ملكهم وتلاشى أَمرهم فِي الْمِائَة الْخَامِسَة واستفحل أَمر الملثمين المجاورين لَهُم من جِهَة الشمَال مِمَّا يَلِي البربر وزحف إِلَيْهِم الْأَمِير أَبُو بكر بن عمر اللمتوني فاتح الْمغرب ومستخلف يُوسُف بن تاشفين عَلَيْهِ حَسْبَمَا مر ذَلِك فِي أخبارهم فَلَمَّا رَجَعَ الْأَمِير أَبُو بكر إِلَى الصَّحرَاء غزا بِلَاد السودَان وَفتح مِنْهَا مسيرَة ثَلَاثَة أشهر وَاقْتضى مِنْهُم الأتاوات وَحمل الْكثير مِنْهُم مِمَّن لم يكن أسلم قبل ذَلِك على الْإِسْلَام فدا نوابه ثمَّ اضمحل ملك أهل غانة بِالْكُلِّيَّةِ وتغلب عَلَيْهِم أهل مملكة صوصو المجاورون لَهُم واستعبدوهم وصيروهم فِي جُمْلَتهمْ ثمَّ إِن أهل مَالِي كَثُرُوا أُمَم السودَان فِي نواحيهم تِلْكَ واستطالوا على الْأُمَم المجاورين لَهُم فغلبوا على صوصو وملكوا مَا كَانَ بِأَيْدِيهِم وبأيدي أهل غانة ثمَّ افتتحوا بِلَاد كوكو وأضافوها إِلَى ملكهم وَصَارَت دولة مَالِي مُتَّصِلَة فِيمَا بَين غانة فِي الغرب وَأَرْض التكرور فِي الشرق واعتز سلطانهم وهابتهم أُمَم السودَان وَمن
هَذِه الدولة كَانَ السُّلْطَان منسا مُوسَى بن أبي بكر وَأَخُوهُ منسا سُلَيْمَان اللَّذَان كَانَ بَينهمَا وَبَين السُّلْطَان أبي الْحسن المريني من المهاداة والمواصلة مَا تقدم ذكره وَكَانَ مَعَ السُّلْطَان منسا مُوسَى الْمَذْكُور الأديب الشَّاعِر أَبُو إِسْحَاق الطوبجن الأندلسي الَّذِي بنى لَهُ الْقبَّة المربعة العجيبة الصَّنْعَة البديعة النقش والتخريم الَّتِي أجَازه عَلَيْهَا بِاثْنَيْ عشر ألف مِثْقَال من التبر وَغير ذَلِك مِمَّا مر ذكره فِي أَخْبَار الدولة المرينية وَكَانَ مِنْهَا أَيْضا السُّلْطَان ماري زاطة الَّذِي هادى السُّلْطَان أَبَا سَالم المريني وَأغْرب عَلَيْهِ بالزرافة حَسْبَمَا تقدم قَالُوا وَكَانَ هَذَا السُّلْطَان مُسْرِفًا مبذرا بِحَيْثُ أفسد ملكهم وأتلف ذخيرتهم وَكَاد أَمر سلطانهم يخْتل حَتَّى لقد انْتهى الْحَال بِهِ فِي سرفه وتبذيره أَن بَاعَ حجر الذَّهَب الَّذِي كَانَ من الذَّخَائِر الموروثة عِنْدهم وَهُوَ حجر يزن عشْرين قِنْطَارًا من الذَّهَب الْعين مَنْقُولًا من الْمَعْدن كَذَلِك من غير علاج وَلَا تصفية بالنَّار فَكَانُوا يرونه من أنفس الذَّخَائِر وأكبر الغرائب لندور مثله فِي الْمَعْدن فعرضه منسا زاطة على تجار مصر المترددين إِلَى بَلَده فاشتروه مِنْهُ بأبخس ثمن ثمَّ أَصَابَته عِلّة النّوم وَهُوَ مرض يطْرق أهل ذَلِك الإقليم كثيرا وخصوصا الرؤساء مِنْهُم بِحَيْثُ يعتاده غشي النّوم عَامَّة زَمَانه حَتَّى لَا يكَاد يفِيق وَلَا يَسْتَيْقِظ إِلَّا فِي الْقَلِيل من الْأَوْقَات ويضر بِصَاحِبِهِ غَايَة ويتصل سقمه إِلَى أَن يهْلك ودامت هَذِه الْعلَّة بِهَذَا السُّلْطَان سنتَيْن ثمَّ هلك مِنْهَا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة ثمَّ توارث بنوه الْملك من بعده فَكَانُوا فِي تراجع وانتقاص إِلَى أَن انقرض أَمرهم شَأْن غَيرهم من الدول وَظَهَرت دولة آل سكية من أهل مملكة كوكو وَيُقَال كاغو
قَالَ الإِمَام التكروري فِي كِتَابه نصيحة أهل السودَان إِن آل سكية أصلهم من صنهاجة وملكوا كثيرا من بِلَاد السودَان وَأول مُلُوكهمْ الْحَاج مُحَمَّد سكية بِضَم السِّين وَسُكُون الْكَاف بعْدهَا يَاء مَفْتُوحَة ثمَّ هَاء تَأْنِيث وَكَانَ الْحَاج مُحَمَّد الْمَذْكُور رَحل فِي أَوَاخِر الْمِائَة التَّاسِعَة إِلَى مصر والحجاز
بِقصد حج بَيت الله الْحَرَام وزيارة قبر نبيه صلى الله عليه وسلم فلقي بِمصْر الْخَلِيفَة العباسي إِذْ كَانَ رسم الْخلَافَة العباسة لَا زَالَ قَائِما بهَا يَوْمئِذٍ حَتَّى محاه السُّلْطَان سليم العثماني أَيَّام تغلبه على مصر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة فَلَمَّا اجْتمع الْحَاج مُحَمَّد سكية بالخليفة الْمَذْكُور طلب مِنْهُ أَن يَأْذَن لَهُ فِي إِمَارَة بِلَاد السودَان وَأَن يكون خَلِيفَته هُنَاكَ ففوض إِلَيْهِ الْخَلِيفَة العباسي النّظر فِي أَمر ذَلِك الإقليم وَجعله نَائِبه على من وَرَاءه من الْمُسلمين فَرجع الْحَاج مُحَمَّد سكية إِلَى بِلَاده وَقد بنى أَمر رياسته على قَوَاعِد الشَّرِيعَة وَجرى على منهاج أهل السّنة وَلَقي بِمصْر أَيْضا الإِمَام شيخ الْإِسْلَام حَافظ الْحفاظ جلال الدّين السُّيُوطِيّ فَأخذ عَنهُ عقائده وَتعلم مِنْهُ الْحَلَال وَالْحرَام وَسمع عَلَيْهِ جملا من آدَاب الشَّرِيعَة وأحكامها وانتفع بوصاياه ومواعظه فَرجع إِلَى السودَان وَنصر السّنة وأحيى طَرِيق الْعدْل وَجرى على منهاج الْخَلِيفَة العباسي فِي مَقْعَده وملبسه وَسَائِر أُمُوره وَمَال إِلَى السِّيرَة الْعَرَبيَّة وَعدل عَن سيرة الْعَجم فصلحت الْأَحْوَال وَبرئ جَسَد الرشاد من الدَّاء العضال وَكَانَ الْحَاج مُحَمَّد الْمَذْكُور سهل الْحجاب رَقِيق الْقلب خافض الْجنَاح شَدِيد التَّعْظِيم لأئمة الدّين محبا للْعُلَمَاء مكرما لَهُم يفسح لَهُم فِي الْمجْلس ويوسع عَلَيْهِم فِي الْعَطاء وَلم يكن فِي أَيَّامه كلهَا بؤس وَلَا بَأْس بل كَانَت رَعيته فِي خفض عَيْش وَأمن سرب وَفرض عَلَيْهِم شَيْئا خَفِيفا من المغارم وظفه عَلَيْهِم وَزعم أَنه مَا فعل ذَلِك حَتَّى اسْتَشَارَ الإِمَام السُّيُوطِيّ شَيْخه وَلم يزل على سيرته الْمَذْكُورَة إِلَى أَن اخترمته الْمنية فَقَامَ بِالْأَمر بعده وَلَده دَاوُد بن مُحَمَّد فَأحْسن مَا شَاءَ وَتبع طَريقَة أَبِيه إِلَى أَن لحق بربه وَمضى لسبيله فَقَامَ بِالْأَمر بعده وَلَده إِسْحَاق بن دَاوُد فَعدل عَن بعض سيرة أَبِيه وَلم يكن فِي أمره بالذميم وَاسْتمرّ حَاله على الانتظام إِلَى أَن غزته جيوش الْمَنْصُور فنقضت ملكه وَنَثَرت سلكه وانقرض عَلَيْهِ أَمر آل سكية بعد أَن كَانَ تَحت طاعتهم مسيرَة سِتَّة أشهر من بِلَاد السودَان وَسَنذكر كَيْفيَّة ذَلِك
وَأما مملكة التكرور وكانم فَقَالَ ابْن خلكان مَا نَصه كانم بِكَسْر النُّون جنس من السودَان وهم بَنو عَم تكرور وكل وَاحِدَة من هَاتين القبيلتين لَا تنْسب إِلَى أَب وَلَا أم وَإِنَّمَا كانم اسْم بَلْدَة بنواحي غانة فَسُمي هَذَا الْجِنْس
باسم هَذِه الْبَلدة وتكرور اسْم للْأَرْض الَّتِي هم فِيهَا وَسمي جنسهم باسم أَرضهم اه
قلت وَكَانَ من كانم الأديب أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الكانمي الْأسود الشَّاعِر وَهُوَ الَّذِي دخل على يَعْقُوب الْمَنْصُور الموحدي فأنشده
(أَزَال حجابه عني وعيني
…
ترَاهُ من المهابة فِي حجاب)
(وقربني تفضله وَلَكِن
…
بَعدت مهابة عِنْد اقترابي)
وَأهل كانم هم أهل مملكة برنو الْمُجَاورَة لإفريقية من جِهَة قبلتها كَمَا قُلْنَا وَكَانَت لَهُم مَعَ الدولة الحفصية فِي الْمِائَة السَّابِعَة وَمَا بعْدهَا مهاداة ومواصلة كَمَا كَانَ لأهل مَالِي مَعَ بني مرين
قلت وَمن أهل برنو الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أَبُو مُحَمَّد عبد الله البرنوي شيخ الْوَلِيّ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أبي فَارس عبد الْعَزِيز الدّباغ الْمَوْضُوع فِي مناقبه كتاب الذَّهَب الإبريز
واتصل أَمر أهل برنو على الانتظام إِلَى أَن كَانَ من أَمرهم مَعَ الْمَنْصُور مَا نذكرهُ وكل هَؤُلَاءِ الْأُمَم كَانُوا على دين الْإِسْلَام قَدِيما كَمَا رَأَيْت وَكَانَ فيهم الْعلمَاء والصلحاء والأدباء وَالشعرَاء كَمَا عَلمته آنِفا وتعلمه فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بَابا السوداني فِي تَقْيِيده الْمُسَمّى بمعراج الصعُود أَن أهل السودَان أَسْلمُوا طَوْعًا بِلَا اسْتِيلَاء أحد عَلَيْهِم كَأَهل كنوا وكنتي وبرنو وسغاي مَا سمعنَا قطّ أَن أحدا استولى عَلَيْهِم قبل إسْلَامهمْ وَمِنْهُم من هم قدماء الْإِسْلَام كَأَهل مَالِي أَسْلمُوا فِي الْقرن الْخَامِس أَو قربه وكأهل برنو وسغاي اه وَقد علمت أَن أهل غانة تقدم إسْلَامهمْ على هَذَا التَّارِيخ وَالله تَعَالَى أعلم ولنرجع إِلَى مَا كُنَّا بصدده من أَخْبَار الْمَنْصُور فَنَقُول