المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الغزوة الكبرى بوادي المخازن من بلاد الهبط والسبب فيها - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٥

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة السعدية

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السعديين من آل زَيْدَانَ وَذكر أوليتهم وَتَحْقِيق نسبهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد الْقَائِم بِأَمْر الله وبيعته وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌أَخْبَار الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم فِي الْجِهَاد وَمَا هيأ الله لَهُ من النَّصْر فِيهِ

- ‌عقد الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج رَحِمهم الله تَعَالَى

- ‌انْتِقَال الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم إِلَى أفغال من بِلَاد حاحة ووفاته بهَا رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْأَعْرَج ابْن الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم رحمه الله

- ‌دُخُول السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌نقل الشَّيْخ الْجُزُولِيّ رضي الله عنه من مدفنه بآفغال إِلَى مراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌مَجِيء السُّلْطَان أبي عبد الله الوطاسي إِلَى مراكش وحصاره للسُّلْطَان الْأَعْرَج بهَا ثمَّ إقلاعه عَنْهَا

- ‌خبر آسفي والثغور

- ‌حُدُوث النفرة بَين الْأَخَوَيْنِ السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج ووزيره أبي عبد الله الشَّيْخ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌أَمر زَيْدَانَ ابْن السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس وَمَا كَانَ مِنْهُ

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الْمهْدي الْمَعْرُوف بالشيخ ابْن الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم بِأَمْر الله

- ‌فتح حصن فونتي وآسفي وآزمور وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌بِنَاء حصن آكادير

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ على مراكش وتجديد الْبيعَة لَهُ بهَا

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ لِحَرْب بني وطاس واستيلاؤه على مكناسة وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك

- ‌حِصَار السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ حَضْرَة فاس ومقتل الشَّيْخ عبد الْوَاحِد الوانشريسي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ على فاس وَقَبضه على الوطاسيين وتغريبهم إِلَى مراكش

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌امتحان السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ أَرْبَاب الزوايا والمنتسبين وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وفادة الإِمَام أبي عبد الله الخروبي من جَانب دولة التّرْك فِي شَأْن قسم الْبِلَاد وتحديدها

- ‌قدوم أبي حسون الوطاسي بِجَيْش التراك واستيلاؤه على فاس ونفيه الشَّيْخ عَنْهَا

- ‌عود السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌مقتل الفقيهين أبي مُحَمَّد الزقاق وَأبي عَليّ حرزوز وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌تَرْتِيب السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ أَمر دولته وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وضع الوظيف الْمُسَمّى فِي لِسَان الْعَامَّة بالنائبة

- ‌مراسلة السُّلْطَان سُلَيْمَان العثماني للسُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌قدوم طَائِفَة التّرْك من عِنْد السُّلْطَان سُلَيْمَان العثماني واغتيالهم للسُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي مُحَمَّد عبد الله الْغَالِب بِاللَّه ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ رحمه الله

- ‌مَجِيء حسن بن خير الدّين التركي إِلَى فاس ورجوعه مُنْهَزِمًا عَنْهَا

- ‌بِنَاء جَامع المواسين بِحَضْرَة مراكش وَالْبركَة الْمُتَّصِلَة بِهِ والمارستان وَغير ذَلِك

- ‌فتح مَدِينَة شفشاون وانقراض أَمر بني رَاشد مِنْهَا

- ‌حِصَار البريجة الْمُسَمَّاة الْيَوْم بالجديدة

- ‌وفادة السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه على الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُوسَى السملالي رضي الله عنه

- ‌اسْتِيلَاء النَّصَارَى على حجر باديس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌فتْنَة الْفَقِيه أَبُو عبد الله الأندلسي ومقتله

- ‌ظُهُور بِدعَة الشراقة من الطَّائِفَة اليوسفية وَمَا قيل فيهم

- ‌احتيال النَّصَارَى بمكيدة البارود بِجَامِع الْمَنْصُور من مراكش وَمَا وقى الله تَعَالَى من شَرها

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي مُحَمَّد عبد الله الْغَالِب بِاللَّه رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد المتَوَكل على الله ابْن السُّلْطَان عبد الله الْغَالِب بِاللَّه رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك المعتصم بِاللَّه ابْن مُحَمَّد الشَّيْخ وأولية أمره ومآله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك بن الشَّيْخ السَّعْدِيّ بعسكر التّرْك واستيلاؤه على الْمغرب

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك المعتصم بِاللَّه على حَضْرَة فاس وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي مَرْوَان إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار ابْن أَخِيه إِلَى السوس وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌اسْتِخْلَاف السُّلْطَان أبي مَرْوَان لِأَخِيهِ أبي الْعَبَّاس أَحْمد على فاس وأعمالها

- ‌ظُهُور أبي عبد الله المتَوَكل بالسوس ومجيئه إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌الْغَزْوَة الْكُبْرَى بوادي المخازن من بِلَاد الهبط وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي مَرْوَان وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْمَنْصُور بِاللَّه السَّعْدِيّ الْمَعْرُوف بالذهبي وأوليته ونشأته

- ‌عقد الْمَنْصُور ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَدْعُو الْمَأْمُون

- ‌ثورة دَاوُد بن عبد الْمُؤمن بن مُحَمَّد الشَّيْخ وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حُدُوث النفرة بَين الْمَنْصُور وَالسُّلْطَان مُرَاد العثماني وتلافي الْمَنْصُور لذَلِك

- ‌إِيقَاع الْمَنْصُور بعرب الْخَلْط وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسْتِيلَاء الْمَنْصُور على بِلَاد الصَّحرَاء تيكورارين وتوات وَغَيرهمَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب برنو إِلَى الْمَنْصُور بِحَضْرَة فاس وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من بيعَته لَهُ والتزام طَاعَته

- ‌بعث الْمَنْصُور وَرَسُوله بالدعوة إِلَى آل سكية وَكَيْفِيَّة ذَلِك

- ‌مفاوضات الْمَنْصُور الْمَلأ من أَصْحَابه فِي غَزْو آل سكية وَمَا دَار بَينهم فِي ذَلِك

- ‌استجازة الْمَنْصُور لعلماء مصر رضي الله عنهم وتلمذه لَهُم

- ‌تَجْدِيد الْمَنْصُور ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ الْمَأْمُون وَمَا وَقع فِي ذَلِك

- ‌ثورة الْحَاج قرقوش بِبِلَاد غمارة ومقتله

- ‌بِنَاء الْمَسْجِد الْجَامِع بِبَاب دكالة من حَضْرَة مراكش حرسها الله

- ‌بعث الْمَنْصُور ببيلة الرخام إِلَى جَامع الْقرَوِيين من فاس حرسها الله

- ‌غَزْو السودَان وَفتح مَدِينَة كاغو ومقتل سلطانها إِسْحَاق سكية رحمه الله

- ‌وَفَاة أم الْمَنْصُور الْحرَّة مسعودة الوزكيتية رَحمهَا الله

- ‌نكبة الْفَقِيه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بَابا السوداني وعشيرته من آل آقيت وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌تَتِمَّة

- ‌بِنَاء قصر البديع بِحَضْرَة مراكش مرسها الله

- ‌ثورة النَّاصِر ابْن السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه بِبِلَاد الرِّيف ومقتله

- ‌ذكر سيرة الْمَنْصُور فِي تَرْتِيب جيوشه وحالات أَسْفَاره

- ‌انْتِقَاض ولي الْعَهْد مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَأْمُون على أَبِيه الْمَنْصُور وَمَا آل إِلَيْهِ أمره فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة الْمَنْصُور رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمَنْصُور وَبَعض سيرته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْمَعَالِي زَيْدَانَ بن أَحْمد الْمَنْصُور رَحمَه الله تَعَالَى

الفصل: ‌الغزوة الكبرى بوادي المخازن من بلاد الهبط والسبب فيها

قبل الْكتاب بِثَلَاث حَتَّى تسنى لَهُ من جَانب السُّلْطَان الْمَذْكُور مَا كَانَ سَببا فِي استيلائهما على الْمغرب وستسمع فِي أَخْبَار دولته من أنباء سعاداته مَا تقف بِهِ على حَقِيقَة الْحَال إِن شَاءَ الله وَأما أَمر المتَوَكل فَإِنَّهُ بعد توالي الهزائم عَلَيْهِ فر إِلَى جبل درن وتوغل فِي قننه ثمَّ فر مِنْهُ إِلَى باديس فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ ذهب إِلَى سبتة ثمَّ دخل طنجة مستصرخا بعظيم البرتغال وَالله تَعَالَى لَا يهمل من حُقُوق عباده وزن المثقال

‌الْغَزْوَة الْكُبْرَى بوادي المخازن من بِلَاد الهبط وَالسَّبَب فِيهَا

كَانَ من خبر هَذِه الْغَزْوَة أَن السُّلْطَان المخلوع أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله السَّعْدِيّ لما دخل طنجة قصد طاغية البرتغال واسْمه سبستيان بِكَسْر السِّين وَفتح الْبَاء وَالسِّين وَسُكُون التَّاء الْقَرِيبَة من الطَّاء وَهُوَ طاغيتهم الْأَعْظَم وَلَيْسَ قَائِد الْجَيْش فَقَط على مَا هُوَ الْمُحَقق فِي تواريخهم وتطارح عَلَيْهِ وشكا إِلَيْهِ مَا ناله من عَمه أبي مَرْوَان المعتصم بِاللَّه وَطلب مِنْهُ الْإِعَانَة عَلَيْهِ كي يسترجع ملكه وينتزع مِنْهُ حَقه فأشكاه الطاغية ولبى دَعوته وصادف مِنْهُ شَرها إِلَى تملك سواحل الْمغرب وأمصاره فَشرط عَلَيْهِ أَن يكون لِلنَّصَارَى سَائِر السواحل وَله هُوَ مَا وَرَاء ذَلِك فَقبل أَبُو عبد الله ذَلِك وَالْتَزَمَهُ وللحين جمع الطاغية جموعه واستوعب كبراء جَيْشه ووجوه دولته وعزم على الْخُرُوج إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام

وَمن الْمُتَوَاتر فِي تواريخ الإفرنج أَن كبار دولته حذروه عَاقِبَة هَذَا الْخُرُوج ونهوه عَن التَّغْرِير ببيضة البرتغال وتوريطها فِي بِلَاد الْمغرب وقبائله فَصم عَن سَماع قَوْلهم ولج فِي رَأْيه وَملك الطمع قلبه وأبى إِلَّا الْخُرُوج فأسعفوه وَخرج من طنجة فِي جَيش قَالَ ابْن القَاضِي فِي الْمُنْتَقى الْمَقْصُور عدده مائَة ألف وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا وَقَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ الفاسي فِي مرْآة المحاسن يُقَال إِن مجموعهم كَانَ مائَة ألف وَعشْرين ألفا وَأَقل مَا قيل فِي عَددهمْ ثَمَانُون ألف مقَاتل وَكَانَ مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله نَحْو الثلاثمائة من أَصْحَابه قَالَ بَعضهم وَكَانَ عدد الأنفاض الَّتِي يجرونها مِائَتَيْنِ

ص: 69

وقصدوا هَلَاك الْمغرب وحصد الْمُسلمين وإدارة رحى الهوان على الدّين فَعظم ذَلِك على النَّاس وامتلأت صُدُورهمْ رعْبًا وَقُلُوبهمْ كربا وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر واتقدت بهَا نيران الهواجر وَكَانَ مُحَمَّد بن عبد الله الْمَذْكُور قد كتب عِنْد خُرُوجه بِجَيْش البرتغال إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام رِسَالَة بعث بهَا إِلَى أَعْيَان الْمغرب من علمائه وأشرافه وَذَوي رَأْيه يغمض عَلَيْهِم بهَا فِي نكث بيعَته ونقضها ومبايعة عَمه من غير مُوجب شَرْعِي وَقَالَ لَهُم مَا استصرخت بالنصارى حَتَّى عدمت النُّصْرَة من الْمُسلمين وَقد قَالَ الْعلمَاء أَنه يجوز للْإنْسَان أَن يَسْتَعِين على من غصبه حَقه بِكُل مَا أمكنه وتهددهم فِيهَا وأبرق وأرعد وَقَالَ فَإِن لم تَفعلُوا فأذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله وسمى النَّصَارَى أهل العدوة واستنكف من تسميتهم نَصَارَى فَأَجَابَهُ عُلَمَاء الْإِسْلَام رضوَان الله عَلَيْهِم عَن رسَالَته تِلْكَ برسالة دامغة لجيش أباطيلة وفاضحة لركيك تَأْوِيله وَهَذَا نَص جَوَاب تِلْكَ الرسَالَة حرفا حرفا الْحَمد الله كَمَا يجب لجلاله وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم والرضى عَن آله وَأَصْحَابه الَّذين هجروا دين الْكفْر فَمَا نصروه وَلَا استنصروا بِهِ حَتَّى أسس الله دين الْإِسْلَام بِشُرُوط صِحَّته وكماله

وَبعد فَهَذَا جَوَاب من كَافَّة الشرفاء وَالْعُلَمَاء والصلحاء والأجناد من أهل الْمغرب وفقهم الله لمولانا مُحَمَّد ابْن مَوْلَانَا عبد الله السَّعْدِيّ عَن كِتَابه الَّذِي استدعاهم فِيهِ لحكم الْكتاب وَالسّنة وَاسْتدلَّ بحججه الْوَاهِيَة المنكبة عَن الصَّوَاب قائلين لَهُ عَن أول حجَّة صدر بهَا الْخطاب لَو رجعت على نَفسك اللوم والعتاب لعَلِمت أَنَّك المحجوج والمصاب فقولك خلعنا بيعتك الَّتِي التزمناها وطوقناها أعناقنا وعقدناها فَلَا وَالله مَا كَانَ ذَلِك منا عَن هوى مُتبع وَلَا على سَبِيل خَارج عَن طَرِيق الشَّرْع مُبْتَدع وَإِنَّمَا ذَلِك منا على مَنْهَج الشَّرْع وَطَرِيقه وعَلى سَبِيل الْحق وتحقيقه وسنشرح لَك ذَلِك ونبينه ونسطره لَك بالأدلة الشَّرْعِيَّة الَّتِي ترقيه وتزينه نعم كنت سُلْطَانا بِمَا عقد لَك والدك من الْبيعَة وَترك لَك من الْأَمْوَال وَالْعدَد والحصون مِمَّا لم يتهيأ مثله لأحد من أسلافكم الْكِرَام رضوَان الله عَلَيْهِم فجاهدوا بِمَا حصل لَهُم من ذَلِك فِي الله حق جهاده حَتَّى استخلصوا من أَيدي الْكفَّار رِقَاب عباد الله وحصون بِلَاده

ص: 70

وأسسوا لدين الله قَوَاعِد وأركانا وملكوا من الْمغرب بلادا مُعْتَبرَة وأوطانا فَلَمَّا وصل ذَلِك إِلَيْك أَلْقَت إِلَيْك الْعباد أعنتها وملكتك أزمتها غير مبدلين وَلَا مغيرين وَلَا باغين وَلَا منكرين إِلَى أَن قَامَ عَلَيْك عمك بحجته الَّتِي لَا يمكنك جَحدهَا حَسْبَمَا ثَبت كَمَا يجب عقدهَا فَخرجت مبادرا لَهُ بدفعها ولقيته بهَا وَأَنت وَاسِطَة عقدهَا وحامل راية عهدها وعمك فِي فِئَة لَا يخْطر على بَال عَاقل أَن يُقَابل جندا من جنودك أَو يدافع مَا تَحت لِوَاء من ألويتك وبنودك فَمَا هُوَ إِلَّا أَن جرى الْقِتَال وَحضر النزال رجعت على عقبك هَارِبا هروب مطرود بقصاص وجنودك تناديك ولات حِين مناص فَتركت عددك ومحلتك بِكُل مَا فِيهَا وخلفتها لعدوك ينهبها ويسبيها وهربت عَن مَدِينَة فاس المحروسة وسكانها يُنَادُونَك لمن تركتنا وَإِلَى من تكلنا فَلم تلْتَفت إِلَيْهِم وَأسْلمت بِلَادهمْ على مَا فِيهَا من خَزَائِن الْأَمْوَال وَالْعدَد الوافرة وَالرِّجَال والأسوار المرتفعة الْمَانِعَة وَالْمَدينَة الْمَشْهُورَة الجامعة فَأصْبح أَهلهَا وَالْيَد العادية من المفسدين تُرِيدُ أَن تمتد إِلَى الْحَرِيم وَالْأَوْلَاد والطارف والتلاد وَلَا دَافع عَن الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين إِلَّا الله تَعَالَى الَّذِي قَالَ فِي مثلهم {وَمن أصدق من الله قيلا} {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} فَمَا أمكنهم بعد هروبك عَنْهُم وإسلامك لَهُم فوضى مهملين إِلَّا النّظر فِي أَمرهم وإعمال الْفِكر فِي التَّدْبِير على أنفسهم فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذا بعمك بجُنُوده على بَاب مدينتهم قَائِما بحجته سالكا فِي ذَلِك سَبِيل أَبِيه رحمه الله ومحجته حَسْبَمَا تقرر ذَلِك عنْدكُمْ وَظهر وَلم يخف عَنْكُم مِنْهُ عين وَلَا أثر إِذْ كَانَ مَوْلَانَا مُحَمَّد الْجد الْأَكْبَر عهد لأولاده مَوْلَانَا أَحْمد ومولانا مُحَمَّد الشَّيْخ وإخوانهم لَا يتَوَلَّى الْخلَافَة مِنْهُم وَلَا من أَوْلَادهم إِلَّا الْأَكْبَر فالأكبر فالتزموا ذَلِك إِلَى أَن كبر أَوْلَادهم فَطلب جدك من عمك الْوَفَاء بذلك فَامْتنعَ فقاتله على ذَلِك حَتَّى تمّ لَهُ الْأَمر وانتظم فعهد لوالدك الَّذِي كَانَ أكبر أَوْلَاده فَلم ينازعه أحد فِي ذَلِك إِلَى أَن ألْقى والدك رحمه الله ذَلِك وعهد إِلَيْك فَلم ينازعكم أحد فَأبى الله إِلَّا الْحق فَأعْطى ملكه لعمك الَّذِي هُوَ أكبركم بعد أَبِيك فَإِن سلمت هَذَا فَأَي حجَّة تدلي بهَا وَأي طَرِيق

ص: 71

تعتمد عَلَيْهَا وَإِن أنْكرت هَذَا فَلَا أثر لخلافة أَبِيك من قبلك وَلَا لجدك من قبله لثبوتها لعمكم مَوْلَانَا أَحْمد إِذْ لَا حجَّة حِينَئِذٍ لجدك فِي الْقيام على عمك فخلافته صَحِيحَة لبيعة جدك لَهُ فَلم يبْق إِلَّا التغلب الَّذِي تدلي بِهِ فِي مَسْأَلَة عمك وَفِي قِيَامه عَلَيْك فَإِن كنت تُرِيدُ أَن تسْقط حجَّته بالتغلب عَلَيْك فحجتك أبين فِي السُّقُوط لعدم ثُبُوت الْخلَافَة لمن عقدهَا لَك إِذْ الْمَعْدُوم شرعا كَالْمَعْدُومِ حسا فَلم يبْق بَيْنكُم إِلَّا وَالْملك بعد أبي ليلى لمن غلبا فيلزمك على هَذَا أَن تثبت مَا عقده مَوْلَانَا الْجد رَحْمَة الله وَعَلِيهِ فالخلافة لعمك الْقَائِم عَلَيْك إِذْ هُوَ أكبركم فِي هَذَا التَّارِيخ

فَإِن قلت إِن مَا عقده الْجد غير صَحِيح قُلْنَا فقد ذكر الإِمَام الْمَاوَرْدِيّ رحمه الله وَرَضي عَنهُ فِي كتاب الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة لَهُ فِي بَاب عقد الْخلَافَة أَن عبد الْملك بن مَرْوَان رتبها فِي الْأَكْبَر فالأكبر من بنيه فَلم ينازعه أحد فِي ذَلِك

فَإِن قلت فعل عبد الْملك لَيْسَ بِحجَّة قُلْنَا سكُوت الْعلمَاء على ذَلِك وهم مَا هم فِي زَمَانه هُوَ الْحجَّة إِذْ لَا يُمكن أَن يسكتوا على بَاطِل وَإِقْرَار أهل الْعَصْر الْوَاحِد على مَسْأَلَة من الْمسَائِل واتفاقهم عَلَيْهَا يقوم مقَام الْإِجْمَاع الَّذِي هُوَ حجَّة الله فِي أرضه وَكَانَ أَيْضا من محفوظات عُلَمَاء فاس المحروسة مَا خرجه مُسلم رضي الله عنه فِي صَحِيحه فِي كتاب الْإِمَارَة مَا نَصه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (يرفع لكل غادر لِوَاء يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَأسه يُقَال هَذِه غدرة فلَان ابْن فلَان أَلا وَلَا غادر أعظم غدرا من أَمِير عَامَّة) قَالَ القَاضِي أَبُو الْفضل عِيَاض رحمه الله فِي كتاب إِكْمَال الْمعلم على شرح فَوَائِد مُسلم يَعْنِي لم يحطهم وَلم ينصح لَهُم وَلم يَفِ بِالْعقدِ الَّذِي تقلده من أَمرهم وَفِي الْبَاب نَفسه عَنهُ صلى الله عليه وسلم مَا نَصه (مَا من أَمِير استرعاه الله رعية ثمَّ لم ينصح لَهُم إِلَّا لم يرح رَائِحَة الْجنَّة وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة خَمْسمِائَة عَام) وَفِي الْإِكْمَال نَفسه قَالَ القَاضِي وَالَّذِي عَلَيْهِ النَّاس إِن الْقَوْم إِذا بقوا فوضى مهملين لَا إِمَام لَهُم فَلهم أَن يتفقوا على إِمَام يبايعونه ويستخلفونه عَلَيْهِم ينصف بَعضهم من بعض وَيُقِيم لَهُم الْحُدُود

ص: 72

فَلَمَّا أسلمتهم وأضحوا بِغَيْر إِمَام وعمك يُدْلِي بحجته الَّتِي ذكرنَا لَك مَعَ مَا حفظوه من كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَلَام السّلف الصَّالح وَأَيِسُوا من رجوعك إِلَيْهِم وبقوا فوضى مهملين لم يسعهم إِلَّا الرُّجُوع إِلَى مَا عَلَيْهِ النَّاس رضوَان الله عَلَيْهِم فاتفقوا على أَن يبايعوا عمك لما ذكرنَا لَك من الْحجَج الَّتِي لَا يسعك جَحدهَا إِلَّا على وَجه المكابرة فاطمأن النَّاس وَسَكنُوا وانفتحت السبل وأقيمت الْحُدُود وَارْتَفَعت الْيَد العادية

فَإِن قلت كَانَ يجب على أهل فاس أَن يقاتلوا على الْبيعَة الَّتِي التزموها لَك قُلْنَا إِنَّمَا يلْزمهُم الْقِتَال أَن لَو أَقمت بَين أظهرهم فَيكون قِتَالهمْ على وَجه شَرْعِي لِأَن الْقِتَال على الْحُدُود الشَّرْعِيَّة إِنَّمَا يكون بعد نصب إِمَام يصدر النَّاس عَن رَأْيه وَلَا يمكنك أَيْضا جَحدهَا إيه ثمَّ وصلت إِلَى مراكش الغراء الَّتِي تجبى إِلَيْهَا الْأَمْوَال من الْبَوَادِي والأمصار وتشد إِلَيْهَا الرّحال من سَائِر الأقطار فلقيك أَهلهَا بالترحاب وَالسُّرُور وأنواع الْفَرح والحبور فَوجدت خزائنها تتدرج ملئا من كل شَيْء فَأَما أسوارها ورحابها فَهِيَ كَمَا قيل تربة الْوَلِيّ ومدرج الْحلِيّ وحضرة الْملك الأولي والبرج النير الْجَلِيّ فحللتها وتمكنت من أموالها وخزائنها ووافقك أَهلهَا فَمَا نكثوا وَلَا غدروا وَلَا خَرجُوا عَلَيْك فِي سلطانك وَلَا أَنْكَرُوا فطلبت أَيْضا قتال عمك وجندت جُنُودا لَا يجمعها ديوَان حَافظ وَلَا يعهدها لِسَان لافظ فَخرجت إِلَيْهِ تجر أَعِنَّة الْخَيل وَرَاءَك كالسيول وَالرُّمَاة قد مَلَأت الهضاب والتلول فَمَا كَانَ من حَدِيثك إِلَّا أَن وَقع الْقِتَال وَحضر النزال بادرت هَارِبا محكما للْعَادَة تَارِكًا للرؤساء من أجنادك والقادة فَحلت بهم الخطوب والرزايا واختطفتهم أَيدي المنايا فَتركت أَيْضا محلتك بِمَا فِيهَا من حريمك وأموالك وعدتك ثمَّ أسرعت هَارِبا إِلَى مراكش فَمَا صدك عَنْهَا أحد من أَهلهَا وَلَا قَالَ لَك أحد لست ببعلها فعملوا على الْقِتَال مَعَك والتمنع بأسوارها الحصينة والحصار دَاخل الْمَدِينَة فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل غدرتهم وغادرت بناتك وأخواتك وعماتك ونساءك وَخرجت عَنْهُم من القصبة وتركتهم لَا بواب عَلَيْهِم وَلَا حارس وَلَا راجل وَلَا فَارس فيالها من مُصِيبَة مَا أعظمها وَمن داهية مَا أعضلها وَلَوْلَا

ص: 73

فضل الله ولطفه ووعده بتطهير أهل الْبَيْت لامتدت إِلَيْهِم أَيدي السفلة من الفسقة فَأَي حجَّة تبقى لَك بعد هَذَا وَأي كَلَام لَك بَين الرِّجَال يَا هَذَا ثمَّ جَاءَك عمك أَيْضا بِمَا سلف من الْحجَج فَوجدَ أَهلهَا فِي لطف الله سُبْحَانَهُ وهم يَحْرُسُونَ أَوْلَادهم وديارهم من الْيَد العادية فأنقذهم الله بِهِ أَيْضا فَبَايعُوا عمك بِمَا سلف من الْحجَج واطمأنوا وَسَكنُوا ثمَّ هربت للجبل عِنْد صَاحبه فصرتما فِي نهب أَمْوَال الرّعية وَسَفك دِمَائِهِمْ وَأكْثر مَا صفا لَك من ذَلِك أهل الذِّمَّة المصغرون بِحكم الْقُرْآن الداخلون تَحت عهد سيد الثقلَيْن فِي الْأَمْن والأمان فَأَنت وهم فِي استيلائك عَلَيْهِم وظلمك إيَّاهُمَا كَمَا قيل

(إِن هُوَ مستوليا على أحد

إِلَّا على أَضْعَف المجانين)

وَلم تبال بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنا خصيم من ظلم ذِمِّيا يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ خربَتْ العامر وأفسدت مَا شيدت الأسلاف لِلْإِسْلَامِ من المآثر فَلَمَّا رأى أهل السوس الْأَقْصَى ذَلِك أيقنوا أَنَّك إِنَّمَا قصدت خراب الْإِسْلَام وَأَهله فنكب عَنْك أهل الدّين وَالْعلم مِنْهُم وَبقيت كَمَا قيل فِي خلف كَجلْد الأجرب

فَإِن قلت إِن أُولَئِكَ الْخلف لم يبايعوا عمك فتنقض بهم مَا قَرَّرْنَاهُ قُلْنَا لم يطعن فِي خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الْحسن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه من تخلف عَنْهَا من أهل الشَّام وَفِيهِمْ من قد علمت من النَّاس وَالْإِجْمَاع على صِحَة بيعَته وَسمي من تخلف عَنْهَا بَاغِيا لقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم لعمَّار تقتلك الفئة الباغية فَقتله أَصْحَاب مُعَاوِيَة رضي الله عنه والْحَدِيث من أَعْلَام نبوته صلى الله عليه وسلم وَالْقَاعِدَة أَن مَا اجْتمع عَلَيْهِ من يعْتَبر من أهل الْعَصْر الْوَاحِد هُوَ الْمعول عَلَيْهِ وَلَا يعد خلاف من خَالفه خلافًا وَهَذَا كُله بِالنّظرِ إِلَى مَا كَانَ من حَدِيثك قبل التحزب مَعَ عَدو الدّين وَالْأَخْذ

ص: 74

فِي التَّخْلِيط الْعَظِيم على الْمُسلمين فَإنَّك اتّفقت مَعَهم على دُخُول آصيلا وأعطيتهم بِلَاد الْإِسْلَام فيالله وَيَا لرَسُوله لهَذِهِ الْمُصِيبَة الَّتِي أحدثتها وعَلى الْمُسلمين فتقتها وَلَكِن الله تَعَالَى لَك وَلَهُم بالمرصاد ثمَّ لم تتمالك أَن ألقيت بِنَفْسِك إِلَيْهِم ورضيت بجوارهم وموالاتهم كَأَنَّك مَا طرق سَمعك قَول الله سُبْحَانَهُ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم} قَالَ أَبُو حَيَّان رحمه الله أَي لَا تنصروهم وَلَا تستنصروا بهم وَفِي كتاب الْقَضَاء من نَوَازِل الإِمَام الْبُرْزُليّ رحمه الله أَن أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين اللمتوني رحمه الله استفتى عُلَمَاء زَمَانه رضي الله عنهم وهم مَا هم فِي استنصار ابْن عباد الأندلسي بِالْكِتَابَةِ إِلَى الإفرنج على أَن يعينوه على الْمُسلمين فَأَجَابَهُ جلهم رضي الله عنهم بردته وكفره فَتَأمل هَذَا مَعَ قضيتك تجدها أحروية مُنَاسبَة لقضية ابْن عباد فِي عقدهَا ابْتِدَاء وَأَنه مَتى طَرَأَ الْكفْر وَجب الْعَزْل وناهيك بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْكُم بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة وَبِمَا أفتى الْعلمَاء رضوَان الله عَلَيْهِم بردة من استنصر بالنصارى على الْمُسلمين فَهُوَ نَص جلي فِي وجوب خلعك وَسُقُوط بيعتك فَلم يبْق لَك إِلَّا مُنَازعَة الْحق سُبْحَانَهُ فِي حكمه {وَمن يُشَاقق الله وَرَسُوله فَإِن الله شَدِيد الْعقَاب}

وَأما قَوْلك فِي النَّصَارَى فَإنَّك رجعت إِلَى أهل العدوة واستعظمت أَن تسميهم بالنصارى فَفِيهِ المقت الَّذِي لَا يخفى وقولك رجعت إِلَيْهِم حِين عدمت النُّصْرَة من الْمُسلمين فَفِيهِ محظوران يحضر عِنْدهمَا غضب الرب جل جلاله أَحدهمَا كونك اعتقدت أَن الْمُسلمين كلهم على ضلال وَأَن الْحق لم يبْق من يقوم بِهِ إِلَّا النَّصَارَى وَالْعِيَاذ بِاللَّه وَالثَّانِي أَنَّك استعنت بالكفار على الْمُسلمين وَفِي الحَدِيث أَن رجلا من الْمُشْركين مِمَّن عرف بالنجدة والشجاعة جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهُ بحرة الْوَبرَة مَوضِع على نَحْو أَرْبَعَة أَمْيَال من الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّد جِئْت لأنصرك فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن كنت تؤمن بِاللَّه وَرَسُوله فَقَالَ لَا أفعل فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم إِنِّي لَا أستعين بمشرك وَمَا سمعته من قَول الْعلمَاء رضي الله عنهم فِي

ص: 75

الِاسْتِعَانَة بهم إِنَّمَا هُوَ على الْمُشْركين بِأَن نجعلهم خدمَة لأزبال الدَّوَابّ لَا مقاتلة فَأَما الِاسْتِعَانَة بهم على الْمُسلمين فَلَا يخْطر إِلَّا على بَال من قلبه وَرَاء لِسَانه وَقد قيل قَدِيما لِسَان الْعَاقِل من وَرَاء قلبه وَفِي قَوْلك يجوز للْإنْسَان أَن يَسْتَعِين على من غصبه حَقه بِكُل مَا أمكنه وَجعلت قَوْلك هَذَا قَضِيَّة أنتجت لَك دَلِيلا على جَوَاز الِاسْتِعَانَة بالكفار على الْمُسلمين وَفِي ذَلِك مصادمة لِلْقُرْآنِ والْحَدِيث وَهُوَ عين الْكفْر أَيْضا وَالْعِيَاذ بِاللَّه

وقولك فَإِن لم تَفعلُوا فأذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله إيه أَنْت مَعَ الله وَرَسُوله أَو مَعَ حزبه فَتَأمل مَا قلت فِي الحَدِيث يتَكَلَّم أحدكُم بِالْكَلِمَةِ تهوي بِهِ فِي النَّار سبعين خَرِيفًا

وَلما سَمِعت جنود الله وأنصاره وحماة دينه من الْعَرَب والعجم قَوْلك هَذَا حملتهم الْغيرَة الإسلامية وَالْحمية الإيمانية وتجدد لَهُم نور الْإِيمَان وأشرق عَلَيْهِم شُعَاع الإيقان فَمن قَائِل يَقُول لَا دين إِلَّا دين مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَمن قَائِل يَقُول سَتَرَوْنَ مَا أصنع عِنْد اللِّقَاء وَمن قَائِل يَقُول {وليعلمن الله الَّذين آمنُوا وليعلمن الْمُنَافِقين} وَمن قَائِل يَقُول إِنَّمَا قصد التشفي بِالْمُسْلِمين إِذْ لَو كَانَ يطْلب الصّلاح لما صدرت مِنْهُ هَذِه الْأَفْعَال القبيحة إِلَى غير ذَلِك فجزاهم الله عَن الْإِسْلَام خيرا وَرَضي عَنْهُم وَبَارك فيهم فَللَّه دِرْهَم من رجال وفرسان وأبطال وشجعان فَلَو لم يكن مِنْهُم إِلَّا مَا غير قُلُوبهم على الدّين لَكَانَ كَافِيا فِي صِحَة إِيمَانهم وعظيم إيقانهم فقد بلغ نور غضبهم لله سُبْحَانَهُ سَاق الْعَرْش وَالْحب فِي الله والبغض فِي الله من قَوَاعِد الْإِيمَان

وقولك أَيْضا متبرئا من حول الله وقوته فَإِن لم تَفعلُوا فالسيف فَهُوَ كَلَام هذيان يدل على حَمَاقَة قَائِله فَقَط أنبأ سَيْفك هَذَا وَأَنت مَعَ الْمُسلمين فِي أَربع وَعشْرين معركة لم تثبت لَك فِيهَا راية ثمَّ زَالَ نبوه الْآن بالكفار فَهَذِهِ أضحوكة فتأملها

وَأما مَا نسبته لإِمَام دَار الْهِجْرَة فكفاك عَجزا إِن لم تعين لنا نصا جليا نعتمد عَلَيْهِ فِيمَا تحتج بِهِ إِلَّا أَنَّك كثرت بِهِ سَواد القرطاس مغربا بِذكرِهِ لَا معربا بنصه

ص: 76

وَمَا نسبته للحنفية من أكل الْميتَة عِنْد الضَّرُورَة وتسويغ الغصة بِخَمْر فَهُوَ مَا نَص عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّة فِي مختصراتهم الَّتِي ألفوها للصبيان فعدولك عَن ذَلِك إِلَى الْحَنَفِيَّة إِمَّا قُصُور وَإِمَّا إِلْغَاء لمَذْهَب مَالك رضي الله عنه وَهُوَ النَّجْم الثاقب

وَأما قَوْلك أَنْتُم أهل بغي وعناد فَلَا نسلم لَك ذَلِك إِلَّا لَو أَقمت بَين أظهرنَا وقاتلت مَعنا حَتَّى ترى أنسلمك أم لَا فَأَما إِذا هربت عَنَّا وَتَرَكتنَا فالحجة عَلَيْك لَا علينا على انك فِي كتابك تفسق الْكل بذلك وتكفره وَقد قَالَ الْعلمَاء رضي الله عنهم من يَقُول بتكفير الْعَامَّة فَهُوَ أولى بالتكفير وَذَلِكَ معزو لزعيم الْعلمَاء القَاضِي أبي الْوَلِيد بن رشد وَالْقَاضِي أبي الْفضل عِيَاض وَكَيف لَا تنظر لقضايا تلمسان وتونس وَغَيرهمَا من سَائِر الْبلدَانِ وَكَيف وَقع لأمرائهم المستنصرين بالكفار على الْمُسلمين هَل حصلوا على شَيْء مِمَّا قصدوه أَو بلغُوا شَيْئا مِمَّا أَملوهُ على أَن أَكثر الْعلمَاء حكمُوا بردتهم ففاتتهم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْعِيَاذ بِاللَّه

وَقد افتخرت فِي كتابك بجموع الرّوم وقيامهم مَعَك وعولت على بُلُوغ الْملك بحشودهم وأنى لَك هَذَا مَعَ قَول الله تَعَالَى {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} {ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ} وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم (لن تغلب هَذِه الْأمة وَلَو اجْتمع عَلَيْهَا من الْكفَّار مَا بَين لابات الدُّنْيَا) وَعنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ سيقاتل آخر هَذِه الْأمة الدَّجَّال وَعنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ (سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَلا يُهْلِكهُمْ بِسنة عَامَّة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَلا يَغْلِبهُمْ عدوهم الْكَافِر فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَلا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا) وَالْكل عَلَيْك وَإِيَّاك نعني

وَمَا ذكرته عَن عمك فَاعْلَم أَنه لما بلغه خبرك واستنصارك بالكفار عقد ألويته المنصورة بِاللَّه فِي وسط جَامع الْمَنْصُور بعد أَن ختم عَلَيْهَا أهل الله من حَملَة الْقُرْآن مائَة ختمة وصحيح البُخَارِيّ وضجوا عِنْد ذَلِك بالتهليل

ص: 77

وَالتَّكْبِير وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالدُّعَاء لَهُ وللأسلام بالنصر والتمكين وَالْفَتْح الشامخ الْمُبين فَلَو سَمِعت ذَلِك لعَلِمت وتحققت أَن أَبْوَاب السَّمَاء انفتحت لذَلِك وَقضى مَا هُنَالك وبلغه كتابك الَّذِي كَانَ هَذَا جوبا عَنهُ وَهُوَ بوسط تامسنا مَعَه من جنود الله وأنصاره وحماة دينه مَا يَجْعَل الله فِيهِ الْبركَة وَلَوْلَا أَن الشَّرْع الْعَزِيز أَمر بتعظيم جنود الْإِسْلَام والمباهاة بهَا والافتخار بكثرتها لما قَررنَا لكم أمرهَا إِذْ لَا اعْتِمَاد لَهُ أيده الله عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ هم لَا اعْتِمَاد لَهُم إِلَّا على حول الله وقوته وَنَصره وتأييده وَالنَّاس على دين الْملك وَقد قَاتَلت وَأَنت فِي وسط الْمُسلمين فِي بضع عشرَة معركة لم تنصر لَك فِيهَا راية فَأَي نحس وشؤم حلا بديار الرّوم فَإِن جلبتهم فَالله لَك وَلَهُم بالمرصاد ارْجع إِلَى الله أَيهَا الْمِسْكِين وَتب إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يقبل التَّوْبَة عَن عباده فِي كل وَقت وَحين ودع عَنْك كَلَام من لَا ينهضك حَاله وَلَا يدلك على الله مقاله وَهَذِه نصيحة إِن قبلتها وموعظة إِن وفقت إِلَيْهَا وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَهُوَ نعم الْمولى وَنعم النصير وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل وَالسَّلَام انْتَهَت الرسَالَة

وَكَانَ خُرُوج مُحَمَّد بن عبد الله بِجَيْش البرتغال وفصوله بِهِ من طنجة فِي ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة قَالَ فِي الْمرْآة إِنَّهُم لما خَرجُوا إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام ضربوا محلاتهم بالفحص على أقل من مسيرَة يَوْم من مَدِينَة الْقصر وَكَانَت آصيلا قد تصيرت إِلَيْهِم قبل ذَلِك بأشهر يَعْنِي بعد فرارهم عَنْهَا أَيَّام السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ كَمَا تقدم فعاين أهل الْقصر الهلكة لقرب الْعَدو مِنْهُم وقوته الَّتِي لَا طَاقَة لَهُم بهَا وَفَشَا النِّفَاق لأجل السُّلْطَان مُحَمَّد بن عبد الله الَّذِي مَعَهم وَلأَجل بعد صريخ الْمُسلمين فَإِن السُّلْطَان أَبَا مَرْوَان المعتصم بِاللَّه كَانَ إِذْ ذَاك بمراكش فاستبطؤوا وُصُول الْخَبَر إِلَيْهِ ثمَّ مَجِيئه بعد ذَلِك فَلم يبْق لَهُم تَدْبِير إِلَّا الْفِرَار والتحصن بالجبال وَغَيرهَا فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو المحاسن يُوسُف الفاسي رحمه الله وَكَانَ إِذْ ذَاك بِالْقصرِ لرجل من أَصْحَابه نَاد فِي النَّاس أَن الزموا بِلَادكُمْ ودوركم فَإِن عَظِيم

ص: 78

النَّصَارَى مسجون حَيْثُ هُوَ حَتَّى يَجِيء السُّلْطَان من مراكش وَإِن النَّصَارَى غنيمَة للْمُسلمين وَمن شَاءَ فليعط خمسين أُوقِيَّة فِي النَّصْرَانِي يُشِير إِلَى مبلغ قيمَة النَّصْرَانِي فِي الْغَنِيمَة فَمَا انْتقل النَّصَارَى من مكانهم ذَلِك أَكثر من شهر حَتَّى قدم السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان وَكَانَ مَرِيضا اه

وَقَالَ فِي النزهة إِن النَّصَارَى لما برزوا من طنجة شنوا الْغَارة على السواحل فَأعْلم أَهلهَا السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان وَكَانَ بمراكش وَشَكوا إِلَيْهِ كلب الْعَدو عَلَيْهِم فَكتب السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان من مراكش إِلَى الطاغية إِن سطوتك قد ظَهرت فِي خُرُوجك من أَرْضك وجوازك العدوة فَإِن ثَبت إِلَى أَن نقدم عَلَيْك فَأَنت نَصْرَانِيّ حَقِيقِيّ شُجَاع وَإِلَّا فَأَنت كلب ابْن كلب فَلَمَّا بلغه الْكتاب غضب وَاسْتَشَارَ أَصْحَابه هَل نُقِيم حَتَّى يلْحق بِنَا من خلفنا من أَصْحَابنَا فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بن عبد الله الرَّأْي أَن نتقدم ونملك تطاوين والعرايش وَالْقصر ونجمع مَا فِيهَا من الْعدة ونتقوى بِمَا فِيهَا من الذَّخَائِر فأعجب ذَلِك الرَّأْي أهل الدِّيوَان وَلم يعجب الطاغية وَكتب السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان لِأَخِيهِ أبي الْعَبَّاس أَحْمد وَكَانَ نَائِبه على فاس وأعمالها أَن يخرج بجيوش فاس وأحوازها ويتهيأ لِلْقِتَالِ ثمَّ كتب إِلَيْهِ أَيْضا فِي شَأْن مُؤنَة الْجَيْش كتابا يَقُول فِيهِ من عبد الله المعتصم بِاللَّه الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي مَرْوَان عبد الْملك بن أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ الشريف الحسني أيد الله أمره وأعز نَصره إِلَى أخينا الْأَعَز الأنجب بَابا أَحْمد ابْن مَوْلَانَا الْوَالِد حرس الله كريم إخائه سَلام كريم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته أما بعد فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم من محلتنا السعيدة بتامسنا وَلَا زَائِد بِحَمْد الله إِلَّا الْخَيْر والعافية وَالنعَم الضافية هَذَا وَإنَّهُ سَاعَة وُصُوله إِلَيْكُم تخرجُونَ من الخدام لعمالة مكناسة وقبيلة آزمور وَأَوْلَاد جلول من يفْرض عَلَيْهِم علف محلتنا المنصورة ومؤنتها وَيَأْمُرهُمْ بِرَفْعِهِ وإبلاغه إِلَى مَدِينَة سلا وَقدر ذَلِك صَحْفَة شعير وَعِشْرُونَ مدا من الْقَمْح لكل نائبة وَصَاع من سمن وكبش لكل أَربع نَوَائِب ووكد عَلَيْهِم رعاك الله أَن يعتنوا بذلك وبإيصاله إِلَى الْمَكَان الْمَذْكُور من غير عطلة وَهَذَا مَا وَجب بِهِ الْإِعْلَام إِلَيْكُم وَالله يرعاكم بمنه وَالسَّلَام اه

ص: 79

ثمَّ كتب السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان للطاغية ثَانِيَة وَذَلِكَ بعد مَا وصل إِلَى الْقصر إِنِّي رحلت إِلَيْك سِتّ عشرَة مرحلة أما ترحل إِلَى وَاحِدَة فَرَحل الطاغية من مَوضِع يُقَال لَهُ تاهدارت وَنزل على وَادي المخازن بمقربة من قصر كتامة وَكَانَ ذَلِك من السُّلْطَان أبي مَرْوَان مكيدة ثمَّ إِن الطاغية تقدم بجيوشه وَعبر جسر الْوَادي وَنزل من هَذِه العدوة فَأمر السُّلْطَان بالقنطرة أَن تهدم وَوجه إِلَيْهَا كَتِيبَة من الْخَيل فهدموها وَكَانَ الْوَادي لَا مشرع لَهُ سوى القنطرة ثمَّ زحف السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان إِلَى الْعَدو بجيوش الْمُسلمين وخيل الله المسومة وانضاف إِلَيْهِ من المتطوعة كل من رغب فِي الْأجر وطمع فِي الشَّهَادَة وَأَقْبل النَّاس سرَاعًا من الْآفَاق وابتدروا حُضُور هَذَا المشهد الْجَلِيل فَكَانَ مِمَّن حَضَره من الْأَعْيَان الشَّيْخ أَبُو المحاسن يُوسُف الفاسي وَغَيره

قَالَ فِي الْمرْآة كَانَ الشَّيْخ أَبُو المحاسن فِي ذَلِك الْيَوْم فِي أحد الجناحين وَأَظنهُ الميسرة من عَسْكَر الْمُسلمين فِي مُقَابلَة النَّصَارَى دمرهم الله قَالَ فَوَقع فِي ذَلِك الْجنَاح انكسار تزحزح بِهِ الْمُسلمُونَ عَن مَصَافهمْ وحملت عَلَيْهِم النَّصَارَى دمرهم الله فَثَبت الشَّيْخ وَثَبت من كَانَ مَعَه إِلَى أَن منح الله الْمُسلمين النَّصْر وركبوا أكتاف الْعَدو يقتلُون وَيَأْسِرُونَ وَالشَّيْخ لم يتزلزل وَلم يلْتَفت مُنْذُ توجه إِلَى قِتَالهمْ حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم اه

وَلما الْتَقت الفئتان وزحف النَّاس بَعضهم إِلَى بعض وَحمى الْوَطِيس واسود الجو بنقع الْجِيَاد ودخان المدافع وَقَامَت الْحَرْب على سَاق توفّي السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان رحمه الله عِنْد الصدمة الأولى وَكَانَ مَرِيضا يُقَاد بِهِ فِي محفة فَكَانَ من قَضَاء الله السَّابِق ولطفه السابغ أَنه لم يطلع على وَفَاته أحد إِلَّا حَاجِبه مَوْلَاهُ رضوَان العلج فَإِنَّهُ كتم مَوته وَصَارَ يخْتَلف إِلَى الأجناد وَيَقُول السُّلْطَان يَأْمر فلَانا أَن يذهب إِلَى مَوضِع كَذَا وَفُلَانًا أَن يلْزم الرَّايَة وَفُلَانًا يتَقَدَّم وَفُلَانًا يتَأَخَّر

وَقَالَ شَارِح الزهرة لما توفّي السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان لم يظْهر الَّذِي كَانَ سائس المحفة مَوته فَصَارَ يقدم دَوَاب المحفة نَحْو الْعَدو وَيَقُول للجند السُّلْطَان يَأْمُركُمْ بالتقدم إِلَيْهِم وَعلم أَيْضا بِمَوْتِهِ أَخُوهُ وخليفته أَبُو

ص: 80

الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ فكتمها وَلم يزل الْحَال على ذَلِك وَالنَّاس فِي المناضلة والمقاتلة ومعانقة القواضب والاصطلاء بِنَار الطعان واحتساء كؤس الْحمام إِلَى أَن هبت على الْمُسلمين ريح النَّصْر وساعدهم الْقدر وأثمرت أَغْصَان رماحهم زهر الظفر فولى الْمُشْركُونَ الأدبار ودارت عَلَيْهِم دَائِرَة الْبَوَار وحكمت السيوف فِي رِقَاب الْكفَّار فَفرُّوا ولات حِين فرار وَقتل الطاغية سبستيان عَظِيم البرتغال غريقا فِي الْوَادي وَقصد النَّصَارَى القنطرة فَلم يَجدوا إِلَّا آثارها فخشعت نُفُوسهم وتهافتوا فِي النَّهر تهافت الْفراش على النَّار فَكَانَ ذَلِك من أكبر الْأَسْبَاب فِي استئصالهم وَأعظم الحبائل فِي اقتناصهم وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا عدد نزر وشرذمة قَليلَة

وَقَالَ فِي الْمُنْتَقى الْمَقْصُور كَانَت هَذِه الْغَزْوَة من الْغَزَوَات الْعَظِيمَة الوقائع الشهيرة حضرها جم غفير من أهل الله تَعَالَى حَتَّى إِنَّهَا أشبه شَيْء بغزوة بدر حَدثنَا شَيخنَا أَبُو رَاشد يَعْقُوب البدري عَمَّن يَثِق بِهِ أَن الرجل من حاضري ذَلِك المعترك كَانَ يستبق إِلَى النَّصْرَانِي لينتهز فِيهِ الفرصة فَمَا يصله حَتَّى يجده مَيتا اه

وَبحث فِي الْقَتْلَى عَن مُحَمَّد بن عبد الله المستصرخ بهم والقائد لَهُم إِلَى مصَارِعهمْ فَوجدَ غريقا فِي وَادي المخازن وَذَلِكَ أَنه لما رأى الْهَزِيمَة فر ناجيا بِنَفسِهِ واضطر إِلَى عبور النَّهر فتورط فِي غَدِير مِنْهُ وغرق فَمَاتَ فاستخرجه الغواصون وسلخ وَحشِي جلده تبنا وطيف بِهِ فِي مراكش وَغَيرهَا من الْبِلَاد

وَمِمَّنْ وجد صَرِيعًا فِي الْقَتْلَى يَوْمئِذٍ الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَسْكَر السريفي الشفشاوني صَاحب الدوحة فَإِنَّهُ كَانَ هرب مَعَ المسلوخ وَكَانَ من بطانته فَدخل مَعَه بِلَاد الْعَدو فَوجدَ بَين جيف النَّصَارَى قَتِيلا وَتكلم النَّاس فِي أمره حَتَّى قيل إِنَّه وجد على شِمَاله مستدبر الْقبْلَة وَفِيه يَقُول الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن الإِمَام الشهير أبي مُحَمَّد عبد الله الهبطي رحمه الله فِي منظومته الَّتِي نظم فِيهَا أَصْحَاب أَبِيه معتذرا عَن ابْن عَسْكَر الْمَذْكُور ومشيرا إِلَى توهين مَا قيل فِيهِ

(وَمِنْهُم الشَّيْخ الَّذِي لَا يُنكر

مُحَمَّد أَخُو الدهاء عَسْكَر)

ص: 81

(وَإِن يكن أَتَى بذنب ظَاهر

فعرضه من الشكوك طَاهِر)

(رَأَيْته فِي النّوم ذَا بشاره

وهيئة حَسَنَة وشارة)

وَكَانَ التقاء الجمعين يَوْم الِاثْنَيْنِ منسلخ جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَيُوَافِقهُ من التَّارِيخ المسيحي الْيَوْم الرَّابِع من أغشت سنة ثَمَان وَسبعين وَخمْس عشرَة مائَة

قَالَ فِي الْمُنْتَقى وَكَانَ مِقْدَار زمَان الْمُقَاتلَة خمْسا وَأَرْبَعين دَرَجَة وَقيل اثْنَتَيْنِ وَخمسين على مَا حَدثنِي بِهِ بعض الميقاتيين

وَقَالَ فِي الْمرْآة وَحصل الْمُسلمُونَ على غنيمَة لم يكن قطّ مثلهَا بالمغرب إِذْ لم يتَقَدَّم لِلنَّصَارَى خُرُوج بِهِ على هَذِه الصُّورَة إِلَّا أَن الْغَنِيمَة لم تقسم وَإِنَّمَا انتهبها النَّاس كَمَا اتّفق لَهُم بِحَسب الْقُوَّة وَالْبخْت الدنيوي وَكَانَ النَّاس يتوقعون مغبتها لاختلاط الْأَمْوَال بالحرام فَظهر ذَلِك من غلاء وَغَيره وَكُنَّا نسْمع أَن الْبركَة رفعت من الْأَمْوَال من يَوْمئِذٍ

وَقد حضر الشَّيْخ أَبُو المحاسن هَذِه الْغَزْوَة وأبلى فِيهَا بلَاء حسنا وتورع عَن الْغَنِيمَة فَلم يتلبس مِنْهَا بِشَيْء وَبَلغت قيمَة النَّصْرَانِي مَا ذكره الشَّيْخ وَكَانَ سَبَب عدم ضبط الْغَنِيمَة وَقسمهَا على الْوَجْه الْمَشْرُوع موت السُّلْطَان أبي مَرْوَان قبل هزيمَة النَّصَارَى وَكَانَ مَرِيضا فاشتغل أَخُوهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بِجمع الْكَلِمَة وَلم يهتبل بِأَمْر الْغَنِيمَة فتم لَهُ مَا قصد

وَقد سَاق منويل فِي تَارِيخه خبر هَذِه الْوَقْعَة مساقا حسنا فَقَالَ لما استولى عبد الْملك السَّعْدِيّ الْمَدْعُو عِنْد أهل الْمغرب بمولاي مُلُوك على ملك الْمغرب وطرد ابْن أَخِيه مولَايَ مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالأكحل يَعْنِي المسلوخ ذهب أَولا إِلَى إصبانيا وتطارح على طاغية الإصبنيول فيليب الثَّانِي فِي أَن يُعينهُ على استرجاع ملكه فَامْتنعَ ثمَّ دخل أشبونة وتطارح على طاغية البرتغال سبستيان فَأَجَابَهُ وَذهب إِلَى خَاله طاغية الإصبنيول فيليب الْمَذْكُور آنِفا وَطلب مِنْهُ الْإِعَانَة على مَا هُوَ بصدده فوعده بِأَن يُعْطِيهِ من المراكب والعساكر مَا يملك بِهِ العرائش لِأَنَّهُ كَانَ يرى أَنَّهَا تعدل سَائِر

ص: 82

مراسي الْمغرب ثمَّ أمده بِعشْرين ألفا من عَسْكَر الإصبنيول وَكَانَ سبستيان قد سَاق مَعَه اثْنَي عشر ألفا من البرتغال وَثَلَاثَة آلَاف من الطليان وَمثلهَا من الألمان وَمن متطوعة الإصبنيول وَغَيرهم عددا كثيرا وَبعث إِلَيْهِ البابا صَاحب رومة بأَرْبعَة آلَاف أُخْرَى وبألف وَخَمْسمِائة من الْخَيل واثني عشر مدفعا وَجمع سبستيان نَحْو ألف مركب وَجَاء إِلَى قادس

وَلما عزم على اقتحام بِلَاد الْمغرب تشفعت إِلَيْهِ جدته وأرباب دولته وشيوخ دينه فِي الرُّجُوع فَصم عَنْهُم وَكَذَلِكَ خَاله فيليب حذره عَاقِبَة التوغل فِي أَرض الْمغرب فَصم على ذَلِك كُله وَجَاء إِلَى قادس وَمِنْهَا خرج إِلَى طنجة

وَكَانَ مُحَمَّد بن عبد الله المسلوخ ينتظره هُنَالك فَاجْتمع بِهِ وزحفوا إِلَى بِلَاد الْمغرب وزحف إِلَيْهِم السُّلْطَان عبد الْملك فِي عَسَاكِر الْمُسلمين وَكَانُوا أَرْبَعِينَ ألفا وَزِيَادَة ومدافعهم أَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ مدفعا وقواد الْجَيْش أَبُو عَليّ القوري وَالْحُسَيْن العلج الجنوي وَمُحَمّد أَبُو طيبَة وَعلي بن مُوسَى وَأَخُوهُ أَحْمد بن مُوسَى الَّذِي كَانَ عَاملا على العرائش فجَاء فِي جمعه إِلَى السُّلْطَان عبد الْملك وانضم إِلَيْهِ وَلما تقَارب الجيشان جمع السُّلْطَان عبد الْملك النَّاس وخطبهم ثمَّ استدعى النَّصَارَى إِلَى الْقِتَال وَنصب لَهُم علامته فأحجموا وَكَانَ قصدهم المطاولة وَقصد السُّلْطَان عبد الْملك المناجزة وَذَلِكَ لِأَن مُحَمَّد المسلوخ قد دس إِلَيْهِ من سمه

قَالَ منويل وَلما أحس عبد الْملك بذلك وَأَنه لَا محَالة هَالك بذل نَفسه لِلْقِتَالِ ليَمُوت فِي الْجِهَاد وَكَانَ المسلوخ يتربص كي يهْلك عَمه قبل اللِّقَاء فَتَقَع الْفِتْنَة فِي عَسْكَر الْمُسلمين لَكِن جَيش النَّصَارَى لم تكن لَهُم مُؤنَة يطاولون بهَا فألجأهم ذَلِك إِلَى المناجزة وَلما انتشبت الْحَرْب هلك عبد الْملك للحين

قَالَ منويل وَكَانَ أَمر هَذَا الرجل عجبا فِي الحزم والشجاعة حَتَّى أَنه لما مَاتَ مَاتَ وَهُوَ وَاضع سبابته على فَمه كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى جَيْشه أَن يسكتوا عَن الْخَوْض فِي وَفَاته حَتَّى يتم أَمرهم وَلَا يضطربوا وَكَذَلِكَ كَانَ فَإِنَّهُم كتموا مَوته فانتصروا وظفروا بالنصارى ظفرا لَا كفاء لَهُ فَكَانُوا يذبحونهم مثل

ص: 83

الكباش ودهش النَّصَارَى وتكبكبت جموعهم وتراكمت أمتعتهم وصناديقهم وخيلهم وسلاحهم بِلَا تَرْتِيب وَزَادَهُمْ دهشا أَن بعض طوابيرهم كَانَ يُنَادي صَاحب صفارته وراءكم وراءكم قطعكم الْعَدو ووقدت النَّار فِي بارود النَّصَارَى فنفط وانهزموا إِلَى وَادي المخازن فتهافت جلهم فِيهِ فهلكوا وَالْبَاقِي أسره الْمُسلمُونَ

وَزعم أَن سبستيان هلك تَحْتَهُ فِي ذَلِك الْيَوْم أَرْبَعَة أَفْرَاس وَكَانَ شَابًّا حَدثا وَقَالَ لأَصْحَابه إِن تروني تروني أمامكم وَإِن لم تروني فَأَنا فِي وسط الْعَدو أقَاتل عَنْكُم قَالَ وأبدأ وَأعَاد فِي ذَلِك الْيَوْم إِلَى أَن خر قَتِيلا وَبَقِي مَذْكُورا عِنْد البرتغال يسمرون بأخباره وَذكره شعراء الأوربا فِي أشعارهم وَلَا زَالُوا يذكرُونَهُ إِلَى الْآن

وَخَلفه فِي ملكه الطاغية الريكي البرتغالي فَهُوَ الَّذِي ولي بعده وافتدى جنَازَته من الْمُسلمين ونقلها إِلَى سبتة فَبَقيت هُنَالك إِلَى أَن هلك الطاغية الريكي وَتَوَلَّى على البرتغال طاغية الإصبنيول فيليب الثَّانِي فَصَارَ ملك الدولتين مَعًا وَهُوَ خَال سبستيان أَخُو أمه فَنقل جنَازَته من سبتة إِلَى أشبونة ثمَّ أرخ منويل الْوَقْعَة بالتاريخ الْعَرَبِيّ والعجمي مُوَافقا لما مر فَهَذَا مَا ذكره فِي هَذِه الْوَقْعَة

قَالَ فِي النزهة توفّي السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن الشَّيْخ فِي زَوَال الْيَوْم الْمَذْكُور وَبَايع النَّاس أَخَاهُ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد الْمَنْصُور بِاللَّه كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله

قَالَ فِي درة الحجال فَانْظُر لحكمة الله الْوَاحِد القهار أهلك ثَلَاثَة مُلُوك يَوْم وَاحِد وهم أَبُو مَرْوَان الشَّيْخ وَولد أَخِيه مُحَمَّد بن عبد الله المسلوخ والطاغية سبستيان وَأقَام وَاحِدًا وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس الْمَنْصُور اه

قلت وَفِي إهلاك الثَّلَاثَة وَإِقَامَة الْوَاحِد إِشَارَة وَاضِحَة لإهلاك دين التَّثْلِيث وَنصر دين التَّوْحِيد فِي ذَلِك الْيَوْم وَالله تَعَالَى أعلم

وَلما بلغت الْهَزِيمَة إِلَى الطاغية الْأَعْظَم أَعنِي الْقَائِم بِالْأَمر بعد سبستيان لِأَن التَّحْقِيق أَنه كَانَ الْأَعْظَم يَوْمئِذٍ لما مر بعث إِلَى الْمَنْصُور بعد استقلاله

ص: 84

بِالْملكِ وَعوده إِلَى فاس كَمَا سَيَأْتِي يلْتَمس مِنْهُ الْفِدَاء فِيمَن بَقِي بِيَدِهِ من الْأُسَارَى فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَحصل لَهُ بِسَبَبِهِ أَمْوَال طائلة وَذكر بَعضهم أَن الْأُسَارَى لما ذَهَبُوا إِلَى بِلَادهمْ قَالَ الطاغية لم لم تَأْخُذُوا تطاوين والعرائش وَالْقصر قبل أَن يصل ملكهم فَقَالُوا لَهُ امْتنع من ذَلِك الْأَمِير الَّذِي كَانَ علينا فَأمر بهم فأحرقوا جَمِيعًا

مضحكة قَالَ فِي النزهة ذكر بَعضهم أَن النَّصَارَى لما وَقعت عَلَيْهِم الكائنة الْمَذْكُورَة وفنى من فنى مِنْهُم وَرَأى أساقفتهم قلَّة عَددهمْ وخلاء بِلَادهمْ لِكَثْرَة من مَاتَ مِنْهُم أباحوا للعامة فَاحِشَة الزِّنَى ليكْثر التناسل ويخلف مَا هلك مِنْهُم وَرَأَوا ذَلِك من نصْرَة دينهم وتقويم أود ملتهم أخزاهم الله اه

وَقد وقفت على تَارِيخ لبَعض مؤرخي الفرنج الإنجليزيين من أهل جَزِيرَة مالطة فرأيته قد ألم بِخَبَر هَذِه الْوَقْعَة وَصرح بِأَنَّهَا كَانَت سَبَب هَلَاك البرتغال وتلاشي دولتهم وَبطلَان كرْسِي سلطنتهم حَتَّى استضافهم إِلَيْهِ طاغية الإصبنيول بعد نَحْو سنتَيْن وصيرهم من جملَة رَعيته وَمن فُصُول كَلَامه بعد أَن ذكر أَن أَكثر البرتغال قتلوا فِي ذَلِك الْيَوْم مَا نَصه وَكَانَت يَعْنِي الْوَقْعَة الْمَذْكُورَة وقْعَة هائلة وَيَوْما مشؤوما وَبِالْجُمْلَةِ فقد قتل فِي ذَلِك الْيَوْم سَائِر أَشْرَاف البرتكيسيين وَلم يتَخَلَّف مِنْهُم أحد فَلَمَّا بَطل كرْسِي سلطنتهم قَامَ وقتئذ فيليبس الثَّانِي ملك إصبانيا وَتزَوج ملكتهم وَحكم على الْبِلَاد كلهَا اه كَلَامه إِلَّا أَنه ذكر أَن السَّبَب فِي استغاثة السُّلْطَان مُحَمَّد بن عبد الله بالبرتغال هُوَ تغلب الإصبنيوليين على مَمْلَكَته وانتزاعها من يَده وَهُوَ كذب أَو غلط وَلَعَلَّه تصحف عَلَيْهِ لفظ الإصطنبوليين بالإصبنيوليين إِذْ قد تقدم أَن السُّلْطَان أَبَا مَرْوَان إِنَّمَا استولى على الْمغرب بِجَيْش التّرْك المنفذ من قبل السُّلْطَان سليم العثماني وَالله أعلم

وَقد ألم بِهَذِهِ الْوَقْعَة أَيْضا لويز مَارِيَة فِي كِتَابه الْمَوْضُوع فِي أَخْبَار الجديدة لكنه لم يبسطها على عَادَته فِي السُّكُوت عَن مَا يكون من الظُّهُور فِي جَانب الْمُسلمين وإشاعة مَا يكون من ذَلِك فِي جَانب النَّصَارَى بل

ص: 85