المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وصول هدية صاحب برنو إلى المنصور بحضرة فاس وما نشأ عن ذلك من بيعته له والتزام طاعته - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٥

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة السعدية

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَشْرَاف السعديين من آل زَيْدَانَ وَذكر أوليتهم وَتَحْقِيق نسبهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد الْقَائِم بِأَمْر الله وبيعته وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌أَخْبَار الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم فِي الْجِهَاد وَمَا هيأ الله لَهُ من النَّصْر فِيهِ

- ‌عقد الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج رَحِمهم الله تَعَالَى

- ‌انْتِقَال الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم إِلَى أفغال من بِلَاد حاحة ووفاته بهَا رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْأَعْرَج ابْن الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم رحمه الله

- ‌دُخُول السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌نقل الشَّيْخ الْجُزُولِيّ رضي الله عنه من مدفنه بآفغال إِلَى مراكش وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌مَجِيء السُّلْطَان أبي عبد الله الوطاسي إِلَى مراكش وحصاره للسُّلْطَان الْأَعْرَج بهَا ثمَّ إقلاعه عَنْهَا

- ‌خبر آسفي والثغور

- ‌حُدُوث النفرة بَين الْأَخَوَيْنِ السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الْأَعْرَج ووزيره أبي عبد الله الشَّيْخ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌أَمر زَيْدَانَ ابْن السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس وَمَا كَانَ مِنْهُ

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الْمهْدي الْمَعْرُوف بالشيخ ابْن الْأَمِير أبي عبد الله الْقَائِم بِأَمْر الله

- ‌فتح حصن فونتي وآسفي وآزمور وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌بِنَاء حصن آكادير

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ على مراكش وتجديد الْبيعَة لَهُ بهَا

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ لِحَرْب بني وطاس واستيلاؤه على مكناسة وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك

- ‌حِصَار السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ حَضْرَة فاس ومقتل الشَّيْخ عبد الْوَاحِد الوانشريسي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ على فاس وَقَبضه على الوطاسيين وتغريبهم إِلَى مراكش

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌امتحان السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ أَرْبَاب الزوايا والمنتسبين وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وفادة الإِمَام أبي عبد الله الخروبي من جَانب دولة التّرْك فِي شَأْن قسم الْبِلَاد وتحديدها

- ‌قدوم أبي حسون الوطاسي بِجَيْش التراك واستيلاؤه على فاس ونفيه الشَّيْخ عَنْهَا

- ‌عود السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌مقتل الفقيهين أبي مُحَمَّد الزقاق وَأبي عَليّ حرزوز وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌تَرْتِيب السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ أَمر دولته وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وضع الوظيف الْمُسَمّى فِي لِسَان الْعَامَّة بالنائبة

- ‌مراسلة السُّلْطَان سُلَيْمَان العثماني للسُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌قدوم طَائِفَة التّرْك من عِنْد السُّلْطَان سُلَيْمَان العثماني واغتيالهم للسُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي مُحَمَّد عبد الله الْغَالِب بِاللَّه ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ رحمه الله

- ‌مَجِيء حسن بن خير الدّين التركي إِلَى فاس ورجوعه مُنْهَزِمًا عَنْهَا

- ‌بِنَاء جَامع المواسين بِحَضْرَة مراكش وَالْبركَة الْمُتَّصِلَة بِهِ والمارستان وَغير ذَلِك

- ‌فتح مَدِينَة شفشاون وانقراض أَمر بني رَاشد مِنْهَا

- ‌حِصَار البريجة الْمُسَمَّاة الْيَوْم بالجديدة

- ‌وفادة السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه على الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُوسَى السملالي رضي الله عنه

- ‌اسْتِيلَاء النَّصَارَى على حجر باديس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌فتْنَة الْفَقِيه أَبُو عبد الله الأندلسي ومقتله

- ‌ظُهُور بِدعَة الشراقة من الطَّائِفَة اليوسفية وَمَا قيل فيهم

- ‌احتيال النَّصَارَى بمكيدة البارود بِجَامِع الْمَنْصُور من مراكش وَمَا وقى الله تَعَالَى من شَرها

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي مُحَمَّد عبد الله الْغَالِب بِاللَّه رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد المتَوَكل على الله ابْن السُّلْطَان عبد الله الْغَالِب بِاللَّه رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك المعتصم بِاللَّه ابْن مُحَمَّد الشَّيْخ وأولية أمره ومآله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك بن الشَّيْخ السَّعْدِيّ بعسكر التّرْك واستيلاؤه على الْمغرب

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان أبي مَرْوَان عبد الْملك المعتصم بِاللَّه على حَضْرَة فاس وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي مَرْوَان إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار ابْن أَخِيه إِلَى السوس وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌اسْتِخْلَاف السُّلْطَان أبي مَرْوَان لِأَخِيهِ أبي الْعَبَّاس أَحْمد على فاس وأعمالها

- ‌ظُهُور أبي عبد الله المتَوَكل بالسوس ومجيئه إِلَى مراكش واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌الْغَزْوَة الْكُبْرَى بوادي المخازن من بِلَاد الهبط وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي مَرْوَان وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْمَنْصُور بِاللَّه السَّعْدِيّ الْمَعْرُوف بالذهبي وأوليته ونشأته

- ‌عقد الْمَنْصُور ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَدْعُو الْمَأْمُون

- ‌ثورة دَاوُد بن عبد الْمُؤمن بن مُحَمَّد الشَّيْخ وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حُدُوث النفرة بَين الْمَنْصُور وَالسُّلْطَان مُرَاد العثماني وتلافي الْمَنْصُور لذَلِك

- ‌إِيقَاع الْمَنْصُور بعرب الْخَلْط وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسْتِيلَاء الْمَنْصُور على بِلَاد الصَّحرَاء تيكورارين وتوات وَغَيرهمَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب برنو إِلَى الْمَنْصُور بِحَضْرَة فاس وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من بيعَته لَهُ والتزام طَاعَته

- ‌بعث الْمَنْصُور وَرَسُوله بالدعوة إِلَى آل سكية وَكَيْفِيَّة ذَلِك

- ‌مفاوضات الْمَنْصُور الْمَلأ من أَصْحَابه فِي غَزْو آل سكية وَمَا دَار بَينهم فِي ذَلِك

- ‌استجازة الْمَنْصُور لعلماء مصر رضي الله عنهم وتلمذه لَهُم

- ‌تَجْدِيد الْمَنْصُور ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ الْمَأْمُون وَمَا وَقع فِي ذَلِك

- ‌ثورة الْحَاج قرقوش بِبِلَاد غمارة ومقتله

- ‌بِنَاء الْمَسْجِد الْجَامِع بِبَاب دكالة من حَضْرَة مراكش حرسها الله

- ‌بعث الْمَنْصُور ببيلة الرخام إِلَى جَامع الْقرَوِيين من فاس حرسها الله

- ‌غَزْو السودَان وَفتح مَدِينَة كاغو ومقتل سلطانها إِسْحَاق سكية رحمه الله

- ‌وَفَاة أم الْمَنْصُور الْحرَّة مسعودة الوزكيتية رَحمهَا الله

- ‌نكبة الْفَقِيه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بَابا السوداني وعشيرته من آل آقيت وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌تَتِمَّة

- ‌بِنَاء قصر البديع بِحَضْرَة مراكش مرسها الله

- ‌ثورة النَّاصِر ابْن السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه بِبِلَاد الرِّيف ومقتله

- ‌ذكر سيرة الْمَنْصُور فِي تَرْتِيب جيوشه وحالات أَسْفَاره

- ‌انْتِقَاض ولي الْعَهْد مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَأْمُون على أَبِيه الْمَنْصُور وَمَا آل إِلَيْهِ أمره فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة الْمَنْصُور رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار الْمَنْصُور وَبَعض سيرته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْمَعَالِي زَيْدَانَ بن أَحْمد الْمَنْصُور رَحمَه الله تَعَالَى

الفصل: ‌وصول هدية صاحب برنو إلى المنصور بحضرة فاس وما نشأ عن ذلك من بيعته له والتزام طاعته

‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب برنو إِلَى الْمَنْصُور بِحَضْرَة فاس وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من بيعَته لَهُ والتزام طَاعَته

كَانَ الْمَنْصُور رحمه الله مسعودا محظوظا كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ سَابِقًا وَكَانَ من سعادته مَا هيأ الله لَهُ من مهاداة صَاحب مملكة برنو ومخاطبته لَهُ حَتَّى كَانَ ذَلِك سَببا فِي مبايعته لَهُ وَالدُّخُول فِي طَاعَته وَكَانَ من خبر ذَلِك مَا حَكَاهُ فِي مناهل الصَّفَا قَالَ وَفِي سنة تسعين وَتِسْعمِائَة ورد على الْمَنْصُور الْخَبَر وَهُوَ بِمَدِينَة فاس بقدوم رَسُول صَاحب مملكة برنو من مُلُوك السودَان وجلب فِي هديته مَا جرت عَادَتهم أَن يجلبوه من فتيَان العبيد وَالْإِمَاء وَكسَاء السودَان وطرفه وَكَانَ من ذَلِك عدد كثير يناهز المئين فَوَافى الْمَنْصُور بعسكره على رَأس المَاء من ساحة فاس وَكَانَ يَوْم ملاقاته يَوْمًا مشهودا حسنا وأبهة وجلالة جلس نَصره الله تَعَالَى بالقبتين التوأمين المضروبتين أَمَام السياج الْمُحِيط بقبابه وَهُوَ آفراك واستوقف الموَالِي والمماليك سماطين من التوأمين إِلَى الْقبَّة الْعَرَبيَّة ثمَّ مِنْهَا إِلَى فسطاط الْجُلُوس الْمَعْلُوم بالديوان ثمَّ مِنْهُ إِلَى بَاب المعسكر القبلي وأتى بالرسول يخترق السماطين حَتَّى نزل بالديوان وَكَانَ الْمَلأ من أكَابِر الدولة وصدور المملكة جُلُوسًا وكرسي المملكة وسرير الْخلَافَة مَنْصُوبًا بِهِ والمهابة قد أخرست الألسن وأخشعت الْقُلُوب والأبصار فَجَلَسَ الرَّسُول هُنَالك مَلِيًّا ثمَّ توجه بِهِ على سَبِيل الترقي إِلَى الْقبَّة الْعَرَبيَّة فَجَلَسَ بهَا ثمَّ جَاءَ الْإِذْن الْكَرِيم بإيصاله إِلَى مقرّ أَمِير الْمُؤمنِينَ بالتوأمتين فَوقف بَين يَدَيْهِ وتشرف بِالنّظرِ إِلَى طلعته السعيدة فَأدى الرسَالَة وَقضى فرض التهنئة وَسنة الْهَدِيَّة وأعرب عَن مَقَاصِد مرسله واعترف للمملكة الْعَظِيمَة بِحَقِّهَا وَأظْهر من الخضوع والتملق والاستكانة والخدمة والطواعية مَا أوصاه بِهِ مرسله ثمَّ توجه بِهِ إِلَى معسكر ولي الْعَهْد وتاج الْإِسْلَام وكافل الْأمة بعد وَالِده الْمولى الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ الْمَأْمُون بِاللَّه وَكَانَ لصق معسكر أَمِير الْمُؤمنِينَ بِرَأْس المَاء فَأَشْرَف الرَّسُول على دنيا أُخْرَى وأبهة مدهشة ومحلة هائلة فَوقف موقف الْحيرَة واستدرج إِلَى أَن وصل لقباب ولي الْعَهْد ومضاربه وَكَانَ قد قعد لَهُ

ص: 104

بفسطاط جُلُوسه أفخم قعُود وَلما استؤذن عَلَيْهِ ووقف بَين يَدَيْهِ هَنأ وحيى وفدى وَانْصَرف عَنهُ إِلَى مَحل نُزُوله بالقصبة من فاس وأدر عَلَيْهِ من الإنعام وَالْإِكْرَام مَا لم يكن لَهُ فِي حِسَاب

وَكَانَ من أغراض الرسَالَة الَّتِي أنفذه بهَا سُلْطَانه طلب المدد من أَمِير الْمُؤمنِينَ بالعساكر والأجناد وعدة البنادق ومدافع النَّار لمجاهدة من يليهم بقاصية السودَان من الْكفَّار وَكَانَ هَذَا الرَّسُول قد وَفد قبل على سُلْطَان التّرْك بالإصطنبول السُّلْطَان مُرَاد العثماني يطْلب مِنْهُ المدد لجهاز كفار السودَان فأخفق سَعْيه وَلم يحصل على طائل فوجهه فِي هَذِه النّوبَة إِلَى ملك الْمغرب يطْلب مِنْهُ المدد وَلما قرئَ كِتَابه على أَمِير الْمُؤمنِينَ اتّفق أَن وَقع بَينه وَبَين كَلَام الرَّسُول اخْتِلَاف بَين وتباين وَاضح فَكَانَ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب خلاف مَا دلّ عَلَيْهِ كَلَام الرَّسُول جر إِلَيْهِم ذَلِك توغلهم فِي الْجَهْل والغباوة وَعدم من يحسن الْإِعْرَاب عَن مقاصدهم من فرسَان الْإِنْشَاء وَالْكِتَابَة لطموس معالم الْعُلُوم عِنْدهم على الْجُمْلَة وقارن ذَلِك مَا كَانَ من تَوْجِيه أَمِير الْمُؤمنِينَ عساكره لتدويخ قطري توات وتيكورارين وأمل أَن يجعلهما ركابا لبلاد السودَان والاستيلاء على ممالكها الَّتِي وَجه إِلَيْهَا عساكره بعد ذَلِك فبلغت مملكة مَالِي عَظِيم السودَان إِلَى أَن وَردت من نيلها على مَائه مرحلة من ثغور الْمغرب فاغتنم الْمَنْصُور لذَلِك اخْتِلَاف الرَّسُول والرسالة وَبنى عَلَيْهِ مَا اعْتد بِهِ على صَاحب برنو وَرجع الرَّسُول إِلَى مرسله بعد مكافأته وتوجيه هَدِيَّة من عتاق الْخَيل وأشرافها بكسي من ملابس الْخلَافَة وَأَسْبَاب أخر وَلما بلغ الرَّسُول وَألقى المعذرة إِلَى سُلْطَانه اسْتَأْنف الْهَدِيَّة وأعرب إِذْ ذَاك عَن مُرَاده ورد الرَّسُول ثَانِيَة إِلَى بَاب أَمِير الْمُؤمنِينَ فوافاه بِحَضْرَتِهِ وَدَار خِلَافَته من مراكش فأزال اللّبْس وَبَين الْغَرَض وَصرح بِالْمَقْصُودِ فَلَمَّا تحقق الْمَنْصُور بِقَصْدِهِ صدع لَهُ بِالْحَقِّ وَالدُّعَاء إِلَى الَّتِي هِيَ أقوم وطالبهم بالبيعة لَهُ وَالدُّخُول فِي دَعوته النَّبَوِيَّة الَّتِي أوجب الله عَلَيْهِم وعَلى جَمِيع الْعباد فِي أقطار الْبِلَاد الانقياد إِلَيْهَا وَقرر لَهُم بِلِسَان السّنة النَّاطِق وَالْكتاب الْمنزل على جده الصَّادِق أَن الْجِهَاد الَّذِي ينتحلونه ويظهرون الْميل إِلَيْهِ وَالرَّغْبَة فِيهِ لَا يتم لَهُم

ص: 105

فَرْضه وَلَا يكْتب لَهُم علمه مَا لم يستندوا فِي أَمرهم إِلَى إِذن من إِمَام الْجَمَاعَة الَّذِي اخْتصَّ الله أَمِير الْمُؤمنِينَ بوصفه إِذْ هُوَ الكافل لهَذِهِ الْأمة ووارث تراث النُّبُوَّة وقيضه الله لحماية بَيْضَة الْإِسْلَام وَخَصه بالشرف الْقرشِي الَّذِي هُوَ شَرط فِي الْخلَافَة بِإِجْمَاع من عُلَمَاء الْإِسْلَام وأئمة السّنة الْأَعْلَام وألزمهم الْقيام فِي أقطارهم بدعوته ومجاهدة أعدائهم الْكفَّار بكلمته وعلق لَهُم أيده الله الْإِمْدَاد على الْبيعَة وَالْوَفَاء بِهَذَا الشَّرْط فَالْتَزمهُ بالرسول وَزعم أَيْضا عَن سُلْطَانه بِالْقبُولِ والإجابة وَطلب من السُّلْطَان نُسْخَة يتَوَجَّه بهَا من صُورَة الْبيعَة إِذْ لَيْسَ ببلدهم من يحسن الْإِنْشَاء ويوفي الْغَرَض لِئَلَّا يَخْلُو بِشَيْء من الشُّرُوط الَّتِي شارطتهم عَلَيْهَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فأنشأها كَاتب الدولة أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز الفشتالي وَنَصهَا الْحَمد الله الَّذِي أَعلَى لكلمة الْحق منارا يسامي فِي مطالعها النُّجُوم وأزاح بهَا عَن شمس الْهِدَايَة المنيرة غياهب الغباوة المدلهمة وسحائب الغواية المركوم وَحي على الْفَلاح بهَا دَاعِي التَّوْفِيق الَّذِي نشر للنجاح كِتَابه الموقوت واستنجز للسعادة أجلهَا الْمَعْلُوم وَشرف هَذَا الْمَوْجُود والعالم الْمَوْجُود بالخلافة النَّبَوِيَّة والإمامة الحسنية العلوية الَّتِي صرفت الْوُجُوه إِلَى قبلتها الْمَشْرُوعَة واستبان الْحق بتبلج الصَّباح فِي مبايعتها والانقياد لدعوتها المسموعة وَنسخ بدولتها الغراء دوَل الحيف الَّتِي هِيَ بِسيف النُّبُوَّة المصلت مقطوعه وبلسان السّنة مدفوعه وقوض بهَا مباني الادعاء الَّتِي هِيَ على غير أساس الشَّرْع الصَّحِيح مدفوعه وَفرق بكلمتها الْمَجْمُوعَة على التَّوْحِيد فرق التَّثْلِيث الَّتِي هِيَ على مشاقة الله وَرَسُوله تَابِعَة ومتبوعة وخلع بظهورها على أعطاف الحنيفية السمحة رِدَاء الْعِزّ الفضفاض واستل بتأييدها للدّين المحمدي سيف الأنفة والامتعاض وَأَشَارَ للأعادي من بأسها المروع بِلِسَان الْحَيَّة النضناض وفجر للْمُؤْمِنين ينبوع رحمتها الْجَارِي على حصا عدلها الرضراض ومهد بسيوفها المنتضاة الْآفَاق والأقطار تمهيدا أَزَال عَن حكمه الِاعْتِرَاض وجلا بأنوارها المتألقة سدف الْجَهَالَة الَّتِي ادلهم جوها وغيم وأسعد الْوُجُود بيمنها الَّذِي لبث فِي أكناف مجدها وخيم وَقضى لهاب بتراحم الأَرْض وَمن عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله إِلَى عِيسَى ابْن مَرْيَم وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 106

الَّذِي تعاضدت الْبَرَاهِين القاطعة على صدق رسَالَته البارعة ونهج الدّين القويم طَريقَة الْحق المثلى ومادته الشارعة وسوغ لمن آمن بِهِ مناهل الْهدى النميرة الزلَال وموارده العذبة ومشارعه نَبِي الرَّحْمَة وشفيع الْأمة وعَلى آله وَأَصْحَابه الْكِرَام أَئِمَّة الْهدى ومصابيح الظلام وَالدُّعَاء لمولانا الإِمَام الْعلوِي الْهمام أَمِير الْمُؤمنِينَ ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ نجل سيد الْمُرْسلين وَخَاتم النَّبِيين وسليل الْوَصِيّ والسبطين وَبعد فَإِنَّهُ لما أذن الله فِي ليل الْجَهَالَة أَن ينجاب وَفِي شمس الْحق الوهاجة أَن يرْتَفع عَنْهَا الْحجاب وَفِي الْعِزّ الْخلق الجلباب أَن يعود إِلَى الشَّبَاب وَفِي النجاح والاستقامة أَن يفتح لَهما الْبَاب وَفِي الْإِمَارَة أَن تستند إِلَى السّنة وَالْكتاب وتتعلق من الشَّرْع بِأَسْبَاب تدارك الله سُبْحَانَهُ الْوُجُود وأعز الْعَالم الْمَوْجُود واستطارت الْأَنْوَار المضيئة للأغوار والنجود بِطُلُوع شمس الْخلَافَة النَّبَوِيَّة والإمامة الهاشمية العلوية فَفَاضَتْ على أَدِيم البسيطة أنوارها وارتفع إِلَى حَيْثُ السها والفرقدين منارها وتبلج بالأصباح نَهَارهَا ولاحت فِي سَمَاء الْمجد بدورها وأقمارها وكادت تنهب نُجُوم السَّمَاء أتباعها وأنصارها وانتشرت فِي الْآفَاق والأقطار على الْبعد والقرب آثارها وهزت عطف الزَّمَان انتشاء مناقبها وأخبارها وفاض ببركتها على أكناف الْمَعْمُور يمها الزاخر وتيارها خلَافَة ينتمي إِلَى النُّبُوَّة عنصرها وتستنبط من رِسَالَة الْوَحْي أسطرها ويناط بعروتها الوثقى خنصرها وإمامة عَليّ وَليهَا وَالله نصيرها والسبط بدرها الَّذِي حَيَّاهُ منبرها وسريرها وَالْحَمْد لله الَّذِي اصْطفى من هَذِه الدوحة النَّبَوِيَّة الشماء والشجرة الطّيبَة الهاشمية الَّتِي أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء إِمَامًا ألْقى الله لَهُ فِي الْقُلُوب حبا جميلا وَمولى جعله الله على مرضاته سُبْحَانَهُ عَلامَة ودليلا وَخَلِيفَة استرعاه فَكَانَ بِحسن الرَّعْي لخلقه وعباده كَفِيلا وانتضى من بأسه وبسالته لحماية حمى الشَّرِيعَة حساما صقيلا مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَخَلِيفَة الله فِي الْأَرْضين وسليل خَاتم النَّبِيين ووارث الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ المفترضة طَاعَته على الْخلق أَجْمَعِينَ والممنون بإمامته المقدسة على الْعَالمين بَحر الندى والباس وعصمة الله للنَّاس أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه مَوْلَانَا أَبَا الْعَبَّاس صلى الله عليه وسلم صلوَات الله عَلَيْهِ وعَلى آله الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَالْأَئِمَّة

ص: 107

الطيبين الطاهرين وَطيب بِأَنْفَاسِ الْمَغْفِرَة لحودهم أَجْمَعِينَ إِمَام تهتز لذكره أعطاف المنابر وتتقلد من شرِيف دَعوته أبهى من نَفِيس الْجَوَاهِر وتستضيء الْبِلَاد بإكليل شرفه الزَّاهِر وتسكن الْعباد تَحت ظلّ رَحمته الوارف الوافر أبقى الله أَيَّامه الغر بَقَاء يصحب النَّصْر دَوَامه وخلد لَهُ ولأعقابه هَذَا الْأَمر الْكَرِيم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَلما طلعت أيده الله على هَذِه الأصقاع الزنجية طلائع إِمَامَته النَّبَوِيَّة وخلافته ولاحت فِي سمائها شهب مناقبه المنيفة الدَّالَّة على فخامة شرفه وأنافته وتليت لمجده الْآيَات الْبَينَات الَّتِي تشهد لَهُ بتراث الرسَالَة وتقضي لَهُ على الْإِسْلَام وعَلى الْأَنَام بِحكم الْوَلَاء وَالْكَفَالَة وأوضح الله سُبْحَانَهُ للنَّاس من اعْتِقَاد وجوب طَاعَته والاقتداء بإمامته والانقياد لدعوته وتقليد بيعَته مَا جَاءَ بِهِ كِتَابه الْحَكِيم ووردت بِهِ سنة نبيه الْكَرِيم كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم (لَا تزَال الْخلَافَة فِي قُرَيْش مَا بَقِي مِنْهُم اثْنَان) وكما ورد فِي صَحِيح الْخَبَر (إِن الْخلَافَة فِي قُرَيْش وَالْقَضَاء فِي الْأَنْصَار وَفِي الْحَبَشَة الْأَذَان) وَيدل على هَذَا تعاضد الْخَبَر والعيان فَلَا ناكر أَن لَيْسَ فِي الْمَعْمُور على هَذَا الشَّرْط غَيره أيده الله من ثَان فَنَهَضَ بِدَلِيل الشَّرْع أَنه إِمَام الْجَمَاعَة حَقًا المستوفي شُرُوطهَا وَالْوَارِث للخلافة النَّبَوِيَّة والحريص على بَيْضَة الْإِسْلَام أَن يحوطها وَأَن الْقَائِم بِهَذَا الْأَمر على الْإِطْلَاق غَيره دعِي ومحاوله دون إِذْنه الْمَشْرُوع بدعي فَتعين لذَلِك أَن الرُّجُوع إِلَى الْحق فَرِيضَة واستبان بِمَا تقرر وَعلم أَن إِمَارَة لَا تلاقي فِي الشُّرُوع محلهَا الْمَشْرُوع منبوذة مرفوضة وعروتها لذَلِك مفصومة ومنقوضة فَانْتدبَ لهَذِهِ الْآثَار صَحِيح الْأَخْبَار وَصرف إِلَى رضى الله الْعِنَايَة ووقف من الشَّرَائِع الْمَشْرُوعَة حَيْثُ مَرْكَز الرَّايَة ومنتهى الغية الرئيس أَبُو الْعَلَاء إِدْرِيس أكْرمه الله انتداب من وقفت بِهِ مَطِيَّة التَّوْفِيق على حَضْرَة الْإِخْلَاص والتصديق وَأخذت بزمامه السَّعَادَة إِلَى حَيْثُ الْفَوْز بِرِضا الله ورضا رَسُوله حقيق والتأييد صَاحب ورفيق وَروض الآمال أنيق وَرَاح الرَّاحَة والاطمئنان عَتيق إِلَى تقلد إِمَام بيعَة الْجَمَاعَة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه زَاده الله تقديسا وتشريفا الَّتِي تؤسس إِن شَاءَ الله على تقوى من الله ورضوان وَتشهد عقدهَا الْكَرِيم مَلَائِكَة الرَّحْمَن وآثر أسعده الله أَن يُؤَدِّي

ص: 108

فَرضهَا الْمَعْدُود من فروض الْأَعْيَان وَحكمهَا الَّذِي توجه بِهِ خطاب الشَّرْع الْعَام إِلَى القاصي والدان وينشر سنتها الْمَشْرُوعَة فِي صقعه وَمَا يَلِيهِ من الأصقاع وَالْبِقَاع بالسودان تقلدا يستضيء إِن شَاءَ الله بأنواره ويستشرف بِهِ للعز المكين على مناره ويخمد بِهِ للْجَهْل جذوة ناره وتنتظم بِهِ فِي اتِّبَاع الْحق زمر أنصاره ويجتلي بِهِ صُورَة إنسانه ويستوجب من الله عوارف صنعه وإحسانه ويرهف بِهِ لِلْعَدو على العزمات حد سَيْفه وسنانه ويقرع بِهِ لرضا الله بَاب الْقبُول ويتضاعف لَهُ ببركته الْعَمَل المقبول ويستنشق بمشهد عقده الْكَرِيم نواسم النُّبُوَّة وَيعود لَهُ بِهِ الزَّمَان للشباب والفتوة وَيرْفَع بِهِ منار الْإِمَارَة على قَوَاعِد الشَّرْع الْوَثِيقَة ويعدل بِهِ فِي كل الْأَحْوَال عَن الْمجَاز إِلَى الْحَقِيقَة وتتسنى لَهُ بِهِ وَهِي الْمَقْصد الْأَسْنَى والخاتمة الْحسنى الأسوة الْحَسَنَة بإمامي بني الْعَبَّاس السفاح والمنصور وَيحيى سنتهما الَّتِي نقلهَا ثِقَات الْأَعْلَام والصدور فِي مبايعتهما الإِمَام الْخَلِيفَة الْمهْدي الْأَكْبَر سليل سيد الْمُرْسلين وجد مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي رأى إِمَام دَار الْهِجْرَة أَنه بتراث الْخلَافَة النَّبَوِيَّة أولى وأحق وَفِي منصب الْإِمَامَة على شَرطهَا أعرق وبسريرها ومنبرها أليق فتأكد للمنتدب أكْرمه الله بِهَذِهِ الْآثَار الشَّرِيفَة والمناقب المنيفة الْعَزْم وَالْقَصْد وأنجز لَهُ فِيمَا أَرَادَهُ صَادِق الْوَعْد وساعد نِيَّته الصَّالِحَة فِيهِ السعد فَبَايعهُ أَعلَى الله يَده على الْأَمْن وَالْأَمَانَة والعفاف والديانة وَالْعدْل الَّذِي يشيد للمجد أَرْكَانه مبايعة شايعه على عقدهَا الْكَرِيم أكْرمه الله أَتْبَاعه وجموعه وأشياعه بِحكم الْوِفَاق والاتفاق والمواثيق الشَّدِيدَة الوثاق وبجميع الْأَيْمَان الصادقة الْأَيْمَان أعْطوا بهَا صَفْقَة أَيْديهم وَرفع بهَا العقيرة مناديهم عارفين أَن يَد الله فِيهَا فَوق أَيْديهم وأمضوها على السّمع وَالطَّاعَة والانتظام فِي سلك الْجَمَاعَة إِمْضَاء يدينون بِهِ فِي السِّرّ والجهر واليسر والعسر والرخاء والشدة والأزمان المشتدة والتزموا شُرُوطهَا طَوْعًا واستوعبوها جِنْسا ونوعا بنيات مِنْهُم خَالِصَة صَادِقَة وعدة من الله لَهُم بِالْخَيرِ سَابِقَة وسعادة بِالْحُسْنَى لاحقة أبرموا عقدهَا وأحكموا وعدها وعهدها على حكم الْكتاب وَالسّنة وَالْجَمَاعَة وَالْأَخْذ بسنتها أعقابا من أعقاب وأحقابا أثر أحقاب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

ص: 109

واقتراب السَّاعَة لَا يلْحق عقدهَا الْكَرِيم فسخ وَلَا يعقبه بحول الله نسخ وَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ نقض وَلَا نكث وَلَا يشوبه بشوائب الشُّبُهَات بحث وَأجْمع على هَذَا أسعده الله بالمواثيق المستفيضة والأيمان اللَّازِمَة الْمُغَلَّظَة هُوَ وَأَتْبَاعه إِجْمَاعًا شَرْعِيًّا وحتموه على أنفسهم حتما مقضيا واعتقده اعتقادا أبديا وعرضوا على الْتِزَامه بمشهد عقده الْمُبَارك أفرادا وأزواجا وحدانا وأفواجا وَأشْهدُوا على الْوَفَاء بِهِ بأيمانهم الصادقة البرور ومواثيقهم المثلجة للصدور قائلين بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْملك القدوس الْعَلِيم بالخفيات والخبير بالآجال والوفيات وبجميع الرُّسُل الْكِرَام والأنبياء وملائكة الرَّحْمَن فِي الأَرْض وَالسَّمَاء وعَلى أَنهم إِن حادوا عَن هَذَا السَّبِيل وانقادوا لدعاء دَاعِي التَّغْيِير والتبديل أَو انحرفوا عَن هَذَا الْمِنْهَاج وسنته فهم برَاء من حول الله وقوته وَمن دينه وعصمته ومستوجبون لعذابه وغضبه وَسخطه ونقمته وبعداء من رَحمته وَمن شَفَاعَة نبيه الْكَرِيم يَوْم الْقِيَامَة لأمته وَأَنَّهُمْ خالعون لربقة الْإِسْلَام وخارجون عَن سنة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أعْلنُوا بِهَذَا إعلانا تعضده النَّجْوَى وأدوه بِشُرُوطِهِ الْجَارِيَة على مَذَاهِب الْفَتْوَى وَأَحْكَامه اللَّازِمَة لكلمة التَّقْوَى استرضاء لله وللخلافة النَّبَوِيَّة والإمامة العلوية ورياضة للنفوس على بيعتها الْمُبَارَكَة الميمونة النقيبة وَاسْتِيفَاء لشروطها وأقسامها الْوَاجِبَة والمستحبة والمندوبة مستسلمين إِلَى الله بالقلوب الخاشعة ومتضرعين إِلَى بَابه الْكَرِيم بالأدعية النافعة فِي أَن يعرفهُمْ خير هَذَا العقد الْكَرِيم والعهد الصميم بَدَأَ وختاما وَأَن يمنحهم بركته الَّتِي تصحبهم حَالا ودواما لَا رب غَيره وَلَا خير إِلَّا خَيره أشهد على نَفسه بِمَا فِيهِ وعَلى رَعيته الرئيس أَبُو الْعَلَاء إِدْرِيس أسعده الله وأكرمه وبتاريخ الْمحرم الْحَرَام من عَام تسعين وَتِسْعمِائَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة انْتهى

وَلما كتبت هَذِه الْبيعَة دفعت للرسول وَأكْرم وكافأه أَمِير الْمُؤمنِينَ على هَدِيَّة سُلْطَانه وَتوجه إِلَى بِلَاده بِجَوَاب مرسله وَلم يلبث أَن رجعه سُلْطَانه ثَالِثَة وَوجه مَعَه هَدِيَّة ورسالة وخاض القفر إِلَى دَار الْخلَافَة فوصل إِلَى بِلَاد تيكورارين وَهُنَاكَ اعترضته منيته فاعتل وَهلك فأشخص أولو الْأَمر

ص: 110