الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها شىء من مسبباتها إلا بحسب سنة الله، وإنما الفعل له سبحانه لا لسبب وإلى هذا أشار قوله تعالى لزكريا عليه السلام "وقد خلقتك من قبل
ولم تكن شيئا" (آية: 9) ثم أتبع سبحانه بشارة زكريا بيحيى بإتيانه الحكم صبيا ثم بذكر مريم وابنها عليهما السلام وتعلقت الآي بعد إلى انقضاء السورة.
سورة طه
لما ذكر سبحانه قصة إبراهيم وما منحه وأعطاه وقصص الأنبياء بعده بما
خصهم به، وأعقب ذلك بقوله تعالى:"أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ"(مريم: 58) وكان ظاهر هذا الكلام تخصيص هؤلاء بهذه المناصب العالية والدرجات المنيفة الجليلة لا سيما وقد أتبع ذلك بقوله (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)
كان هذا مظنة إشفاق وخوف فأتبعه تعالى بملاطفة نبيه (محمد) صلى الله عليه وسلم -
ملاطفة المحبوب المقرب المجتبى فقال: "ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"
وأيضا فقد ختمت سورة مريم بقوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)
بعد قوله: (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)
وقد رأى عليه السلام من تأخر قريش عن الإسلام ولردها ما أوجب
إشفاقه وخوفه عليهم ولا شك أنه عليه السلام يحزنه تأخر إيمانهم ولذلك قيل له: فلا تحزن عليهم ".
فكأنه، عليه الصلاة والسلام ظن أنه يستصعب المقصود من
استجابتهم أو ينقطع الرجاء من إنابتهم فيطول العناء والمشقة فبشره سبحانه
بقوله: "ما أنزلنا عليه القرآن لتشقى"
فلا عليك من لدد هؤلاء وتوقفهم فسيستجيب من انطوى على الخشية إذا ذكر وحرك إلى النظر في آيات الله كما قيل له في موضع آخر "فلا يحزنك قولهم "(آية: يس 76) .
ثم أتبع (سبحانه) ذلك تعريفا وتأنيسا بقوله: "الرحمن على العرش
استوى" (آية: 5) إلى أول قصص موسى عليه السلام فأعلم
سبحانه أن الكل خلقه وملكه وتحت قهره وقبضته لا يشذ شىء عن ملكه، فإذا شاء هداية لم من وفقه لم يصعب أمره، ثم أتبع ذلك بقصة موسى عليه السلام وما كان منه في إلقائه صغيرا في اليم، وما جرى بعد ذلك من عجيب الصنع وهلاك فرعون وظهور بني إسرائيل، وكل هذا مما يؤكد القصد المتقدم، وهذا الوجه الثاني أولى من الأول والله أعلم.