الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحال أهل التوفيق تحكيم المحكم، وحال أهل الزيغ المتشابه والتعلق به، وهذا بيان قوله:"يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا (البقرة: 26) وكل هذا بيان لكون الكتاب العزيز أعظم فرقا وأوضح بيانا، إذ قد أوضح أحوال المختلفين، ومن أين أتي عليهم مع وجود الكتب، وفي أثناء ذلك تنبيه العباد على عجزهم، وعدم استبدادهم لئلا يغتر الغافل فيقول مع هذا البيان ووضوح الأمر لا طريق إلى تنكب الصراط، فنهوا حين علموا الدعاء من قوله "وإياك نستعين ".
ثم كرر تنبيههم لشدة الحاجة ليذكر هذا أبداً ففيه معظم البيان، ومنه ينشأ
الشرك الأكبر، إذ اعتقاد الاستبداد بالأفعال إخراج لنصف الموجودات عن يد بارئها "والله خلقكم وما تعملون " (الصافات: 96) ، فمن التنبيه "إن الذين كفروا" (البقرة: 6) ومنه "يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا"(البقرة: 26) ومنه "آمن الرسول" إلى خاتمتها) .
هذا من جلى التنبيه ومحكمه، ومما يرجع إليه ويحرز معناه بعد اعتباره
(وإلهكم إله واحد) وقوله: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم "
(البقرة: 255) ، فمن رأى الفعل أو بعضه لغيره تعالى حقيقة فقد قال بإلهية
غيره، ثم حذروا أشد التحذير لما بين لهم فقال تعالى: "إن الذين كفروا بآيات
الله لهم عذاب شديد. (آل عمران: 4) ثم ارتبطت الآيات إلى آخرها.
سورة النساء
لما تضمنت سورة البقرة ابتداء الخلق وإيجاد آدم عليه السلام من غير أب
ولا أم، وأعقبت بسورة آل عمران لتضمنها - مع ما ذكر في صدرها أمر عيسى عليه السلام
وأنه كمثل آدم في (عدم) الافتقار إلى أب، وعلم الموقنون من ذلك أنه
تعالى لو شاء لكانت سنة فيمن بعد آدم عليه السلام، (فكان سائر الحيوان لا
يتوقف على أبوين، أو كان يكون) عيسى عليه السلام لا يتوقف إلا على أم
فقط، أعلم سبحانه أن من عدا المذكورين عليهم السلام من ذرية آدم سبيلهم سبيل الأبوين فقال تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً".
ثم أعلم تعالى بكيفية النكاح المجعول سببا في التناسل وما يتعلق به،
وبين حكم الأرحام والمواريث، وتضمنت السورة ابتداء الأمر وانهاءه فاعلمنا
بكيفية الناكح، وصورة الاعتصام واحترام بعضنا لبعض كيفية تناول الإصلاح فيما بين الزوجين عند التشاجر والشقاق، وبين لنا ما ينكح وما لا ينكح وما أبيح من العدد، وحكم من لم يجد الطول وما يتعلق بهذا إلى المواريث، فصل ذلك كله، إلا الطلاق لأن أحكامه قد تقدمت، ولأن بناء هذه السورة على التواصل والائتلاف ورعي حقوق ذوي الأرحام) وحفظ ذلك كله إلى حالة الموت