الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعباده المؤمنين من ذكر آلائه ونعمه وتصريفه في مخلوقاته ما يوضح استيلاء قهره وملكه، ويشير إلى عظيم ملكه، كما أعلم في قوله سبحانه:"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ"
فقال سبحانه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)
ثم قال (ولسليمان الريح" إلى قوله "اعملوا آل داود شكرا"، ثم أتبع
ذلك بذكر حال من لم يشكر فذكر قصة سبأ إلى آخرها، ثم وبخ (تعالى) من
عبد غيره معه بعد وضوح الأمر وبيانه فقال: "قل ادعوا الذين زعمتم من
دون الله " (آية: 22) إلى وصفه حالهَم الأخروي ومراجعة متكبريهم
ضعفاءَهم، وضعفاءهم متكبريهم "وأسروا الندامة لما رأوا العذاب "، ثم
التحمت الاآي جارية على ما تقدم من لدن افتتاح السورة إلى ختمها.
سورة فاطر
لما أوضحت سورة سبأ أنه سبحانه مالك السماوات والأرض ومستحق
الحمد في الدنيا والآخرة، أوضحت هذه السورة أن ذلك خلقه كما هو ملكه وأنه الأهل للحمد والمستحق، إذ الكل خلقه وملكه، ولأن السورة الأولى تجردت لتعريف العباد بأن الكل ملكه وخلقه دارت آيها على تعريف عظيم ملكه،
فقد أعطي داود وسليمان عليهما السلام ما هو كالنقطة في البحار
الزاخرة فلان الحديد وانقادت الرياح والوحوش والطير والجن والإنس مذللة
خاضعة (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)
تعالى ربنا عن الظهير والشريك والند، وتقدس ملكه عن أن تحصي العقول أو تحيط به الأفهام، فتجردت سورة سبأ لتعريف العباد بعظيم ملكه سبحانه، وتجردت هذه الأخرى للتعريف بالاختراع والخلق، وشهد لهذا استمرار آي سورة فاطر على هذا الغرض من التعريف وتنبيهها على الابتداءات كقوله تعالى:"جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة.... الآية " وقوله: "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها
…
هل من خالق غير الله يرزقكم " (آية: 2) وقوله: "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا.... الآية " (آية: 8) وقوله: "الله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا
…
الآية " "والله خلقكم من تراب "
"يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ"(آية: 13) ، "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا"
"هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ"(آية: 39)"إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا".
فهذه عدة آيات معرفة بابتداء الخلق والاختراع أو مشيرة، ولم يقع من ذلك
في سورة سبأ آية واحدة، ثم إن سورة سبأ جرت آيها على نهج تعريف الملك والتصرف والاستبداد بذلك والإبداء به، وتأمل افتتاحها وقصة داود وسليمان وقوله سبحانه: "قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة
…
الآيات "
يتضح لك ما ذكرناه وما انجر في السورتين مما ظاهره الخروج