الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الذاريات
لما ذكر سبحانه المواعد الأخراوية في سورة "ق " وعظيم تلك الأحوال
من لدن قوله: "وجاءت سكرة الموت بالحق" إلى آخر السورة"
ثم أتبع سبحانه ذلك بالقسم على صحة وقوعه وصدقه فقال تعالى: "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا" إلى قوله "إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) "
والدين الجزاء أي أنهم سيجازون على ما كان منهم ويوفون قسط أعمالهم "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ""إنما نملي لهم ليزدادوا إثما"،
ولما أقسم تعالى على صدق وعده ووقوع الجزاء أعقب ذلك
بتكذيبهم بالجزاء وازدرائهم فقال: "يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) "
ثم ذكر تعالى حال الفريقين وانتهاء الطريقين إلى قوله: "وفي الأرض آيات للموقنين "
فوبخ تعالى من لم يعمل فكره ولا بسط نظره فيما أودع سبحانه في
العالم من العجائب، وأعقب بذكر إشارات إلى أحوال الأمم وما أعقبهم
تكذيبهم وكل هذا تنبيه لبسط النظر إلى قوله تعالى: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)
ثم آنس نبيه عليه السلام بقوله: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون "(آية: 32)
أي أن هذا دأبهم وعادتهم حتى كأنهم تعاهدوا عليه وألقاه بعضهم
إلى بعض فقال تعالى: "أتواصوا به بل هم قوم طاغون "
أي عجبا لهم في جريهم في التكذيب والعناد في مضمار واحد، ثم قال تعالى:"بل هم قوم طاغون " أي أن علة تكذيبهم هي التي اتحدت فاتحد معلولها، والعلة طغيانهم وإظلام قلوبهم بما سبق " وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا " ثم زاد نبيه عليه السلام أشياء لما ورد على طريقة تخييره عليه الصلاة والسلام في أمرهم من قوله تعالى:"فتول عنهم فما أنت بملوم "(آية: 34)، ثم أشار تعالى بقوله:"وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين "(آية: 35) إلى أن إحراز أجره عليه الصلاة والسلام إنما هو في التذكار والدعاء إلى الله تعالى، ثم ينفع الله بذلك من سبقت له السعادة، (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ)
ثم أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام بأن مكذبيه سينالهم قسط ونصيب مما نال
غيرهم ممن ارتكب مرتكبهم وسلك مسلكهم فقال تعالى: "فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ" إلى آخر السورة.