الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيجب على من رغب في سلوك الصراط المستقيم أن يحذر ما أصاب هؤلاء
مما نبه عليه وأن يأخذ نفسه بكذا وكذا، وأن (ينسحب إيمانه) على كل ذلك
وأن يسلم الأمر لله الذي يَطلب منه الهداية ويتضرع إليه بأن لا يواخذه لما
يثمره الخطأ والنسيان وألا يُحمله ما ليس في وسعه وأن يعفو عنه إلى آخر السؤال.
سورة آل عمران
اتصالها بسورة البقرة والله أعلم من جهات:
إحداها ما تبين في صدر السورة مما هو إحالة على ما ضمن في سورة
البقرة بأسرها.
ثانيها الإشارة في صدر السورة أيضا إلى أن الصراط المستقيم قد بين
شأنه لمن تقدم في كتبهم، وأن هذا (الكتاب) جاء مصدقا لها
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ)
ليبين لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، أن من تقدمهم قد بين لهم "وما
كنا معذبين حتى نبعث رسولا".
والثالثة قصة عيسى عليه السلام، وابتداء أمره من غير أب والاعتبار به
نظير الاعتبار بآدم عليه السلام، ولهذا أشار قوله تعالى: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم (آل عمران: 39) كما اتبعت قصة آدم بذكر بني إسرائيل لوقوففم من تلك القصة. على ما لم تكن العرب تعرفه وأنذروا وحذروا، واتبعت أيضا قصة عيسى عليه السلام بذكر الحواريين وأمر النصارى إلى آية المباهلة حسبما نبسط بعد، ولنبين وجه الانفصال من صدر السورة فأقول مستعينا بالله.
إن قوله سبحانه: نزل عليك الكتاب "بيان لحال الكتاب الذى هو هدى للمتقين ولما بين افتراق الأمم بحسب السابقة إلى أصناف ثلاثة، وذكر من تعنيت بني
إسرائيل وتوقفهم ما تقدم، أخبر تعالى هنا أنه أنزل عليهم التوراة وأنزل بعده
الإنجيل وأن كل ذلك هدى لمن وفق.
ثم أشار قوله تعالى: "إن الله لا يخفى عليه شىء"(آل عمران: 5) إلى
ما تقدم من تفصيل أخبارهم، فكان الكلام في قوة أن لو قيل أتخفى عليه
مرتكبات العباد وهو مصورهم في الأرحام والمطلع عليهم حيث لا يطلع عليهم غيره.
ثم لما بلغ الكلام هنا، كأن قد قيل فكيف طرأ عليهم مع وجود الكتاب
فأخبر تعالى بشأن الكتاب، وأنه محكم ومتشابه وكذا غيره من الكتب والله
أعلم..