المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البديعة المعنوية (6) : تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدها - البلاغة العربية - جـ ٢

[عبد الرحمن حبنكة الميداني]

فهرس الكتاب

- ‌علم المعاني" الباب الخامس: الإِيجاز الإِطناب والمساواة

- ‌الفصل الأول: نِسَبُ الكثافة بين الألفاظ والمعاني وملاءمتها لمقتضيات الأحوال

- ‌الفصل الثاني: المساواة بين الألفاظ والمعاني

- ‌الفصل الثالث: الإيجاز

- ‌الفصل الرابع: الإِطناب

- ‌علم البيان" مقدمة عامّة

- ‌مقدمة عامّة

- ‌(1) الباعث والنشأة والتسمية

- ‌(2) تعريفات

- ‌(3) الدلالات الوضعية اللفظية

- ‌علم البيان" الفصل الأول: الكناية والتعريض

- ‌المقولة الأولى: الكناية

- ‌المقولة الثانية: التعريض

- ‌علم البيان" الفصل الثاني: التشبيه والتمثيل

- ‌المقدمة في التعريفات

- ‌المقولة الأولى: التشبيه

- ‌علم البيان" الفصل الثالث: المجاز

- ‌المقدمة

- ‌المقولة الأولى: الاستعارة

- ‌المقولة الثانية: المجاز المرسل

- ‌علم البيان" الفصل الرابع: نظرات تحليلية إلى استخدام الأشباه والنظائر والمجاز في التعبيرات الأدبيّة

- ‌علم البيان" الفصل الخامس: منهج البيان القرآني في التنويع والتكامل وفي حكاية الأقوال والأحداث والقصص

- ‌مقدمة

- ‌المقولة الأولى: منهج البيان القرآني في التنويع والتكامل

- ‌المقولة الثانية: منهج البيان القرآني في حكاية الأقوال والأحداث والقصص

- ‌علم البديع" المقدمة

- ‌(1) البواعث

- ‌(2) تعريفات

- ‌(3) واضع علم البديع

- ‌علم البديع" الفصل الأول: البدائع المشتملة على محسنات جمالية معنوية

- ‌البديعة المعنوية (1) : التورية

- ‌البديعة المعنوية (2) : الطباق

- ‌البديعة المعنوية (3) : مراعاة النظير

- ‌البديعة المعنوية (4) : الإِرصاد

- ‌البديعة المعنوية (5) : حُسْنُ التعليل

- ‌البديعة المعنوية (6) : تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدّها

- ‌البديعة المعنوية (7) : تجاهل العارف

- ‌البديعة المعنوية (8) : الهزل الذي يرادُ به الجدّ

- ‌البديعة المعنوية (9) : القول الدّال على المعنى وضدّه ويعبَّر عنه بالتوجيه - وبالإِيهام

- ‌البديعة المعنوية (10) : الاستخدام

- ‌البديعة المعنوية (11) : ذكر المتعدّدات مع ذكر ما يتعلّق بكلّ واحد منها

- ‌البديعة المعنوية (12) : بدائع متجانسة حول أحوال روابط المعاني

- ‌البديعة المعنوية (13) الإِدماج

- ‌البديعة المعنوية (14) : الاستتباع

- ‌البديعة المعنوية (15) : التجريد

- ‌البديعة المعنوية (16) : المزاوجة

- ‌البديعة المعنوية (17) : المشاكلة

- ‌البديعة المعنوية (18) : العكس المعنوي ويسمّى: التبديل

- ‌البديعة المعنوية (19) : الرّجوع

- ‌البديعة المعنوية (20) : المذهب الكلامي

- ‌البديعة المعنوية (21) : المُبَالغة

- ‌البديعة المعنوية (22) : حول التتابع في المفردات والجمل

- ‌البديعة المعنوية (23) : المراوغة: بالمواربة، أو مجاراة ظاهر القول

- ‌البديعة المعنوية (24) : النزاهة

- ‌البديعة المعنوية (25) : نفي الشيء بصيغةٍ تشعر بإثباته، أو نفي الشيء بإيجابه

- ‌البديعة المعنوية (26) : الافتنان

- ‌البديعة المعنوية (27) : حُسْن المراجعة

- ‌البديعة المعنوية (28) : التنكيت

- ‌البديعة المعنوية (29) : الإِرداف

- ‌البديعة المعنوية (30) : الإِبداع

- ‌علم البديع" الفصل الثاني: البدائع المشتملة على محسنات جمالية لفظية

- ‌البديعة اللفظية (1) : "الجناس

- ‌البديعة اللفظية (2) : "السّجْع

- ‌البديعة اللفظية (3) : "الموازنة

- ‌البديعة اللفظية (4) : "ردّ العجز على الصدر

- ‌البديعة اللفظية (5) : "الانسجام

- ‌البديعة اللفظية (6) : ائتلاف اللّفظ مع اللفظ وائتلاف المعنى مع المعنى

- ‌البديعة اللفظية (7) : "التعانق

- ‌البديعة اللفظية (8) : "التفويت

- ‌البديعة اللفظية (9) : "التشريع

- ‌البديعة اللفظية (10) : "لزوم مالا يلزم

- ‌البديعة اللفظية (11) : "القلْب" أو "العكس اللّفظي

- ‌البديعة اللفظية (12) : "الاقتباس

- ‌علم البديع" الفصل الثالث: ملاحق

- ‌المقولة الأولى: السرقات الشعرية وتوافق القرائح

- ‌المقولة الثانية: توجيه العناية في صناعة الكلام الأدبي

- ‌المقولة الثالثة: إعداد كلام أدبيّ في موضوع ما

- ‌خاتمة الكتاب

الفصل: ‌البديعة المعنوية (6) : تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدها

‌البديعة المعنوية (6) : تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدّها

تَأْكيد الْفِكْرة بما يُشْبِهُ تقرير ضدّها وهي المُسَمّاة: تأكيد المدح بما يشبه الذّم وعكسه والعنوان الذي وضعته أولى

تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدّها: هي أن يأتي المتكلّم بكلام يتضمَّنُ مَدْحاً، أو ذمّاً، إو إثباتَ صفةٍ أو حَدَثٍ، أو نَفْيَ صِفَةٍ، أو حدث، ويُتْبعَهُ بكلَامٍ يَبْدَؤُه بما يُشْعِرُ باستثناءٍ أو استدراكٍ على كلامه السابق فإذا به يأتي بما يتضَمَّنُ تأكيد كلامه السابق.

وهذا فنٌّ بديع في الكلام له حركة في النفس تَشْبِهُ الْجَزْرَ فالمدَّ السّريع الأقوى من الْجَزْرَ.

أمثلة:

المثال الأول: قول الله عز وجل في سورة (الواقعة/ 56 مصحف/ 46 نزول) بشأن الجنة وما فيها من نعيم لأهلها:

{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً * إِلَاّ قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً} [الآيات: 25 - 26] .

إنّ الاستثناء بعبارة {إِلَاّ قِيلاً} يُشْعِرُ بأنّ نفي اللَّغو والتأثيم السابق سيأتي إثباتُ بعضِ ما هو ضدّه، فإذا بالمستثنى يوكِّد الفكرة السابقة، وهي أنّهم لا يَسمَعُونَ فيها لَغْواً ولَا تأثِيماً، لأنَّ عبارات السلام التي يسْمَعُها أهْلُ الجنّة ليست من اللّغو ولا من التأثيم، الّذي هو الشتيمة بارتكاب الإِثم، بل هي تكريم ودعاء وتحيَّة.

ص: 392

المثال الثاني: قول الله عز وجل في سورة (طه/ 20 مصحف/ 45 نزول) خطاباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم:

{طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى * إِلَاّ تَذْكِرَةً لِّمَن يخشى} [الآيات: 1 - 3] .

جملة: {مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى} أي: ما أنزلْنَا عَلَيْك القرآن لتُتْعِبَ قلْبَكَ ونفْسَك بتَحَمُّل أعباء تحويل الناس من الكفر إلى الإِيمان، بل لتبلّغهم وتذكّرهم، وتريح قلبك ونَفْسَك بأنَّك أدّيْتَ واجبك.

وجاءت بعدها كلمة [إلَاّ] تشعر بأنّه سَيَليها مستثنىً يُحمِّلُه تكليفاً فيه بعض شقاءٍ له، فإذا بالمستثنى يتضمّن تأكيد الفكرة التي جاءت في الجملة السابقة لأداة الاستثناء.

المثال الثالث: قول الله عز وجل في سورة (القيامة/ 75 مصحف/ 31 نزول) بشأن الكافر المَسُوق إلى عذاب ربّه:

{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صلى * ولاكن كَذَّبَ وتولى} [الآيات: 31 - 32] .

قد تُشْعر كلمة [لَكِنْ] في الوهلة الأولى بأنّه فعل شيئاً من الخير استدراكاً على كونه كذّب بالرسول ولم يُصَلِّ للَّهِ عز وجل، فإذا بالمستَدْرَكِ به يتضَمَّن تأكيد ما جاء قبلَه، فقد كذّب الرّسول وكذّب بما جاء به، وتولَّى مُدْبراً فلم يُصَلِّ ولم يَعْبُدْ ربَّه بعبادةٍ ما.

المثال الرابع: قول النابعة الذّبياني:

وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ

بِهِنَّ فُلُولٌ من قرَاعِ الْكَتَائِبِ

فُلُول: جَمْعُ "فَلّ" وهو ثَلْمٌ يُصِيبُ حدّ السّيف من الضرب الشَّدِيدِ به.

مِنْ قراع الكتائب: القِرَاع: التقاتل ضرباً بالسّيوف والرماح، والكتائب: الجيوش المحاربة.

ص: 393

إنّ تثلُّم سيوفهم من قراع الكتائب يتضمّن مدحاً لهم بالشجاعة والإِقدام، فهو ليس من العيوب، بل هو من المناقب، فَذِكره على أنّه هو العيب الوحيد لهم يؤكّد الثناء عليهم أبلغ تأكيد.

المثال الخامس: قول "بديع الزمان الهمذاني" يمدح "خلف بن أحمد السجستاني":

هُوَ الْبَدْرُ إلَا أنَّهُ البَحْرُ زاخِراً

سِوَى أنَّه الضِّرْغامُ لكنَّهُ الوَبْلُ

زاخراً: ممتلئاً طامياً. الضرغام: الأسد. الوَبْل: المطر الشديد.

فقد أكدّ المدح بأسلوب يُوهِمُ عند البدء به أنّه يريد أن يذكر له عيباً بعد أن شبّهه بالبدر.

المثال السادس: قول النابغة الجعدي في المديح:

فَتَى كَمُلَتْ أَخْلاقُهُ غيْرَ أَنَّهُ

جَوَادٌ فَمَا يُبْقي مِنَ المَالِ بَاقِيَا

المثال السابع: قول ابن الرومي في المديح:

لَيسَ بِهِ عَيْبٌ سِوَى أنّه

لا تَقَعُ الْعَيْنُ عَلَى مِثْلِهِ

المثال الثامن: رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال:

"أَنَا أفْصَحُ الّعَرَب، بَيْدَ أنِّي من قُرَيشٍ".

فكونُه من قريش يؤكّد أنّه صلوات الله عليه أفصح العرب.

المثال التاسع: قول المعرّي:

تُعَدُّ ذُنُوبي عِنْدَ قَوْمٍ كَثِيرةً

وَلَا ذَنْبَ لِي إلَاّ العُلَا والفَضَائِلُ

المثال العاشر: قول صفي الدّين الحلّي:

لَا عَيْبَ فِيهِمْ سِوَى أنَّ النَّزِيلَ بِهِمْ

يَسْلُو عَنْ الأَهْلِ والأَوْطَانِ والْحَشَمِ

ص: 394

حَشَمُ الرَّجُل: خاصَّتُه الّذين يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه ويدخل فيهم الأهل والعبيد والْجِيرَة.

المثال الحادي عشر: قول الله عز وجل في سورة (التوبة/ 9 مصحف/ 13 نزول) بشأن المنافقين:

{

وَمَا نقموا إِلَاّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ

} [الآية: 74] .

من شأن الإِغناء أن يكون سبب حُبّهم والباعث على طاعتهم، لا أن يكون سبب نقمتهم، فجاء ما بعد الاستثناء مؤكِّداً عدَمَ وجود سبب لنقمتهم.

المثال الثاني عشر: قول الله عز وجل في سورة (الحج/ 22 مصحف/ 103 نزول) :

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الذين أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَاّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا الله

} [الآيات: 29 - 30] .

جاءَ ما بَعْدَ الاستثناء مؤكّداً أَنَّهم أُخْرِجوا من ديارِهِم بغَيْرِ حَقٍّ، لأنّ قولَهُم:{رَبُّنَا الله} لا يُعطي الكافرين أيَّ حَقٍّ في إِخراجِهم من دِيارِهم.

المثال الثالث عشر: جاء في مادة (نمل) من لسان العرب، قول الشاعر:

وَلَا عَيْبَ فينَا غَيْرُ نَسْلٍ لِمَعْشَرٍ

كِرَامٍ وأَنَّا لَا نَخُطُّ عَلَى النَّمْلِ

أي: لسنا بمجوس ننكح الأخوات، قال أبو العبّاس: وأنشدنا ابْنُ الأعرابي هذا البيت، وفسَّره: أنَّا كِرامٌ ولَا نَأْتِي بُيُوتَ النَّمْلِ في الجدْب لِنَحْفِرَ على مَا جَمَعَ لنأكُلَه.

المثال الرابع عشر: قول الشاعر في مدح بني أُمَيَّة:

مَا نَقَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَاّ

أنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غَضِبُوا

وَأَنَّهُمْ سَادَةُ الْمُلُوكِ وَلَا

يَصْلُحُ إلَاّ عَلَيْهِمُ الْعَرَبُ

***

ص: 395